ذكرت ان بعض علماء الشيعة صنفوا في فضل بغداد (1)، ولا يخفى عليك ان بغداد بناها العباسيون فهل اصبح دور شيعتها اهم من دور شيعة البصرة حتى تكون في طي النسيان من قبل العلماء ؟ واني لا اجد تفسيراً لهذا الاهمال الا تدخل الايادي الاموية في ذلك وتقليص دور الشيعة وحصره في الكوفة فقط للتقليل من دور الشيعة وانتشاره في العالم . ولا يخفى التنافس الكوفي للبصرة فيلاحظ من المناظرات بين الكوفيين والبصريين حول اهمية كل من الكوفة والبصرة فعندما يجد المصنف كتاباً بعنوان « جوابات مسائل وردت من البصرة » (2) لمحمد بن احمد بن الجنيد الاسكافي ، يجد امامها « جوابات مسائل وردت من الكوقة » . والسبب الثاني الذي دعاني للكتابة حول التشيع في البصرة ، اني قد وجدت ما يقارب الثلثمائة رجل من البصريين الشيعة من اصحاب رسول الله (ص) والائمة (ع) في رجال النجاشي والطوسي سوى من ذكرهم الطبري وابن الاثير وابن ابي الحديد وغيرهم . واما الثقات الذين وثقهم النجاشي والطوسي والعلامة في الخلاصة وابن داود فقد بلغوا سبعة وثمانين رجلاً ، واما الذين قال الطوسي اسند عنهم من البصرين فقد بلغوا ثمانية . واما الذين كانوا من الوجهاء والرؤساء والفقهاء بلغوا ثمانية عشر رجلاً . اما مشايخ الاجازة فهم : 1 ـ ابراهيم بن الحسين ابو البقاء البصري ، من مشايخ عماد الدين ابي جعفر ابن محمد بن ابي القاسم الطبري . 2 ـ احمد بن اسحاق ابو العباس المادري البصري ، من مشايخ الشيخ (1) الحسين بن عبيد الله بن ابراهيم ابو عبد الله الغضائري . رجال النجاشي :69 رقم 166. (2) رجال النجاشي : 385 رقم 1047.
الصدوق. 3 ـ احمد بن الحسين بن اسامة ابو الحسين البصري ، من مشايخ المفيد . 4 ـ احمد بن عبد العزيز الجوهري ابو بكر البصري ، من مشايخ احمد بن عبد الله بن احمد بن جلين الوراق . 5 ـ احمد بن محمد بن جعفر ابو علي الصولي البصري ، استاذ الشيخ المفيد . 6 ـ اسماعيل بن محمد البصري روى عنه المفيد بواسطة سعد بن عبد الله القمي . 7 ـ الحسن بن الفضل ابو علي الرازي البصري من مشايخ المفيد . 8 ـ عبد الباقي بن محمد بن عثمان ابو محمد الخطيب البصري ، قال منتجب الدين شيخ من وجوه اصحابنا . 9 ـ عبد السلام بن الحسين بن محمد ابو احمد الاديب البصري من مشايخ النجاشي . 10 ـ عبد العزيز يحيى بن احمد الجلودي شيخ جعفر بن محمد بن قولويه . 11 ـ علي بن حماد بن عبيد بن حماد العبدي شيخ اجازة. 12 ـ محمد بن علي بن حموي ابو عبد الله البصري . من مشايخ الطوسي . 13 ـ ابو سلمة البصري من مشايخ الشيعة الذين رووا الفقه عن الائمة (ع) . والسبب الثالث : وهو الاهم والذي ابتغي فيه هدفي والذي اردت فيه أن يهرم عليه شيوخنا ويشيب عليه اشبالنا على ان البصرة هي شيعية ، ولكي تترسخ هذه العقيدة لديهم ويتناقلوها جيلاً بعد جيل حتى يوصلوها الى صاحبها روحي له الفداء . واحقاقاً للحق ونصرة لهذه الفئة المظلومة قمت بتأليف هذا الكتاب نصرة لهم واظهاراً لما اخفاه التاريخ خاصة في العهدالاموي من ان البصرة كانت شيعية وستبقى كذلك .
يشمل الكتاب على جزءين مع مقدّمة وخاتمة يتناول الجزء الاول تاريخ التشيع في البصرة، ويحتوي على خمسة فصول : الفصل الأوّل: 1 ـ نشأة البصرة . 2 ـ النمو السكاني في البصرة . 3 ـ التطور العمراني . الفصل الثاني : تعريف التشيع . معنى التشيع . الفصل الثالث : فضل الأُبُلة والبصرة . من وصف البصرة . الفصل الرابع: دور شيعة البصرة في اللغة العربية وعلومها . 1 ـ علم النحو . 2 ـ علم اللغة . 3 ـ علم العروض . الفصل الخامس : 1 ـ نشأة التشيع في البصرة 2 ـ تشويه حقيقة التشيع في البصرة . 3 ـ موقف جارية بن قدامة من معاوية . 4 ـ دور البصرة في وقعة الجمل . 5 ـ دور معاوية بن ابي سفيان في وقعة الجمل .
6 ـ من هم اهل الجمل 7 ـ شبهات اهل البصرة في يوم الجمل . 8 ـ دور شيعة البصرة في قتال اصحاب الجمل . 9 ـ دور القبائل الشيعية في البصرة يوم الجمل . 10 ـ انتهاكات عائشة وطلحة والزبير لشيعة البصرة . 11 ـ ولاء شيعة البصرة للامام علي بن ابي طالب (ع) . 12 ـ دور نساء شيعة البصرة . 13 ـ دور اهل البصرة في نصرة الامام علي بن ابي طالب (ع) في صفين . 14 ـ شيعة البصرة والامام الحسن بن علي (ع) . 15 ـ موقف البصرة من الامام الحسين بن علي (ع) . 16 ـ دور شيعة البصرة في الاخذ بثارات الحسين (ع) . 17 ـ دور علماء شيعة البصرة في نشر التشيع والحديث في 1) مكة المكرمة . 2) المدينة المنورة . 3) الكوفة . 4) بغداد . 5) بخاري . 6) خراسان . 7) كابل . 8) حيدر اباد . 9) الري . 10) حضر موت . 11) البحرين .
18 ـ الاحاديث الموضوعة في شيعة البصرة . 19 ـ قوة العقيدة الشيعية لدى اهل البصرة. 20 ـ شيعة البصرة في زمن الدولة العباسية . 21 ـ الحركات الشيعية التي ظهرت في البصرة وايدتها شيعة البصرة . 22 ـ الحكومات الشيعية في البصرة . 23 ـ شيعة البصرة والمرجعية الدينية . 24 ـ الحالة السياسية في البصرة . 25 ـ شيعة البصرة سياسياً في ظل الحكم الملكي . 26 ـ شيعة البصرة في ظل الحكم العارفي الطائفي . 27 ـ شيعة البصرة في ظل الحكم البعثي . 28 ـ دور عشيرة بني منصور وعلماء شيعة البصرة في مقاومة الاحتلال البريطاني للعراق . واما الجزء الثاني فهو يتناول اعيان الشيعة في البصرة ويشتمل على فصلين : يتناول الفصل الاول : اصحاب رسول الله (ص) والائمة (ع) من شيعة البصرة . ويتناول الفصل الثاني : اعيان الشيعة الذين لم يعاصروا الائمة (ع) .
لمّا بدأت عملي في هذا الطريق ، مقبلاً على اداء واجبي شعرت بلطف الله حيث وفقني للكتابة والتحقيق في مواضيع مهمة كما وفقني من قبل لطبع كتاب تحت عنوان « البصرة في نصرة الامام الحسين (ع) » . وفي الختام وددت الفات نظر القارىء الكريم الى الجهد المبذول في هذا الكتاب فاقول : ان المهم في الكتابة والتحقيق هو اخراج الموضوع والنص صحيحا ، ولكي يتوصل الباحث الى نتيجة اخراج الموضوع كما ينبغي فلا بد وان يبذل جهدا كبيراً ، ولقد كنت ابحث مدة ايام لأجد ترجمة رجل ، أو لأحصل الى ضبط اسمة الصحيح اهو «بصري » ام « نصري » ام « مصري » ام ... ، من خلال الكتب المختصة بهذا الشأن . وهكذا انجز ولله الحمد هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارىء والذي لم يصنف مثله بعد سنوات طويلة من العمل المتواصل . واخيراً وليس اخراً ان مثل هذا الموضوع ربما لا يخلو من بعض الأخطاء لذا اقدم اعتذاري للعلماء والقرّاء الكرام .
ولا يفوتني ان اقدم جزيل شكري ، وعاطر ثنائي ، ووافر امتناني الى زوجتي العزيزة الفاضلة ام مهدي المنصوري التي شاركتني في تأليف هذا الكتاب وسهرت معي الليالي على طباعته وتصحيحه على جهاز الكمبيوتر ، اللهم فكما ساهمتني في نشر معالي اوليائك ، وشاركتني في ترويج مزايا امنائك فاحفظها من الفتن ، وقها السيئات واجعل لها من الجنة مكانا عليا . كما اقدم جزيل شكري الى الاخت الفاضلة الحاجة نسرين نوروزي التي شاركتني في طبع هذا الكتاب . وكذلك اتوجه بجزيل الشكر والتقدير الى اخي الحبيب واستاذنا العزيز الحاج ابي مصعب البصري الذي تفضل بقراءة الكتاب قراءة متأنية بعد فراغي من تاليفة وقدم لي ملاحظات هامة . هذا اخر ما اوردناه في هذه المقدمة ، نسأل الله تعالى حسن العاقبة وان يجعلنا في زمرة اتباع الانبياء والأوصياء ، انة سميع مجيب ، غفور ودود والحمد لله رب العالمين . نزار المنصوري
وقيل سميت البصرة لن ارضها التي بين العقيق ، واعلى المربد حجارة رخوة وهو الموضع الذي يسمى الحزيز (2). وذكر ان المسلمين حين وافوا البصرة للنزول فيها ، نظروا اليها من بعيد ، وابصروا الحصى عليها ، فقالوا : ان هذه ارض بصرة ،يعنون حصبة فسميت بذلك (3) والبصرة اسم مدينة ، وهما بصرتان : الاولى في العراق ، والاخرى في المغرب (4) ،كما يطلق على (زوزن ) البصرة اي نيسابور (5) ، كما يوجد في دولة ماليزيا منطقة تسمى البصرة . وموضوع بحثنا هو بصرة العراق ، والتي تقع جنوب شرق بغداد . (1) انظر لسان العرب ، ابن منظور : 5/133 . (2) معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع والعجم ، للبكري :1/254. (3) معجم البلدان ، ياقوت الحموي : 1/430. (4) انظر كتاب المشترك وضعاً والمفترق صقعاً، ياقوت الحموي : 57، وانظر ايضاً معجم البلدان له : 1/430. (5) الانساب للسمعاني : (الزوزني ) .
واما لفظة (البصرتان) فيراد بها البصرة ، والكوفة ، من باب التغليب (1) وفي البصرة ثلاث لغات :بفتح الباء وكسرها ، وضمها ، واللغة العالية ، الفتح (2) وورد ايضاً بكسر الصاد مع فتح الباء كأنها صفة (3). واما في النسبة الى البصرة فيقال :بَصُرٍيُّ، وبِصرِيُّ بفتح الباء وكسرها لغتان (4). (1) معجم البلدان للحموي :1/430 . (2) لسان العرب : 5/133. (3) تاج العروس : 3/49. (4) انظر المصباح المنير ، للفيومي : 50.
الفصل الأول يكاد يجمع المؤرخون ان البصرة مصرت سنة اربع عشرة للهجرة(1) واجمعوا على ان الذي اختطها هو الصحابي عتبة بن غزوان ، بامر من عمر بن الخطاب . وذكر بعض المؤرخين انها مصّرت سنة خمس عشرة .وقيل ست عشرة (2) وتذكر لنا كتب التاريخ قصة انشاء البصرة ، فيروي ابن خلدون في تاريخه انه بلغ عمر بن الخطاب في سنة اربع عشرة ، ان العرب تغيرت الوانهم ، وراى ذلك في وجوه وفودهم ، فسألهم فقالوا وخومة البلاد غيرتنا ، وقيل : ان حذيفة ـ وكان مع جيش سعد بن ابي وقاص ـ كتب بذلك الى عمر ، فسأل عمر سعداً، فقال وخومة البلاد غيرتهم ، والعرب لا يوافقها من الارض الا ما وافق ابلها (3) ويقول عبد الرزاق الحسني : البصرة لم تكن في ايام الفرس ، وانما مصرها (1) انظر تاريخ الطبري : 3/590، وتاريخ ابن الاثير :2/239، ومعجم البلدان : 1/430. وفتوح البلدان : 425، وتاريخ ابن خلدون :2/110، والعبر في خبر من غير للذهبي :1/17، وشذرات الذهب : 1/27، ومرآة الجنان :1/7، وتاريخ الاسلام ،للذهبي :2/6، ومروج الذهب : 1/532. (2) مروج الذهب : 1/532، ودائرة المعارف الاسلامية :1/111. تاريخ ابن خلدون : 2/110.
العرب انفسهم (1) وكان المسلمون قد غزوا من قبل البحرين ، وتوّج ، ونوبنذجان وطاسان فلما فتحوها ، كتبوا الى عمر بن الخطاب : انا وجدنا بطاسان مكاناً لا بأس به ، فكتب اليهم ان بيني وبينكم دجلة ، لا حاجة في شيء بيني وبينه دجلة ، ان تتخذوه مصراً(2). وقد رأى عمر بن الخطاب انه لابدّ للجيوش الغازية من اتخاذ مكان ، ليكون مركز انطلاق وتجمع لها ، ولابد لهذا المكان ، ان يكون ذا موقع هام ، يمكن للفرق الغازية اللجوء اليه وقت يشاؤون ، وطلب المعونة منه عندما يحتاجون ، كما لابد ان يكون الاتصال بمركز الدولة الاسلامية منه ميسوراً، وكان من شروط عمر بن الخطاب ان لا يكون بينه وبينهم بحر يفصله عنهم . فوقع اختياره على مكان يقال له الخريبة والذي عرف فيما بعد بالبصرة ، ثم وجه اليه عتبة بن غزوان ، فقدم البصرة في جمع من اصحابه ، فلمّا رأى منبت القصب ، وسمع نقيق الضفادع ، قال ان امير المؤمنين ، امرني ان انزل اقصى البر من ارض العرب ، وادنى ارض الريف من ارض العجم ن فنزل الخريبة (3) . وبنيت البصرة الى جانب مدينة عتيقة من مدن الفرس تسمى «هشتاد باد اردشير » وفي الفارسية الحديثة « بهشت اردشير » اي جنة اردشير ، فخربها المثنى ابن الحارثة الشيباني بشن الغارات عليها (4) . واما الأبُلّة التي هي قرية من قرى البصرة وهي اقدم من البصرة ، فقد كان المجتمع في البصرة قبل الفتح الاسلامي خليطا من العشائر العربية التي كانت (1) تاريخ البلدان العراقية (2) معجم البلدان للحموي :1/430. (3) تاريخ الطبري : 3/593. (4) المسعودي : 2/328، وفتوح البلاذري : 2/296.
تستوطن قرب الأبُلة(1) ويقول ابن بطوطة : كانت الأبُلة مدينة عظيمة يقصدها تجار الهند ، وفارس فخربت وهي الان قرية بها اثار وقصور وغيرها دالة على عظمها (2) . لما نزل عتبة بن غزوان البصرة ، كان معه عدد من الصحابة والتابعين ، وقد اختلفت الروايات في تحديد هذا العدد ، الا ان هذا الاختلاف يسير ، فالعدد محصور بين مائتين وسبعين رجلاً وبين ثمانمائة. وسرعان ما بدا سكان البصرة بالازدياد ، وبدات جموع الناس تقصدها ، وتستوطن بها ، وبخاصة حين سمعوا ان الدنيا قد اقبلت على اهل البصرة يهيلون الذهب و الفضة (3)، وسرعان ما اصبح عدد سكانها ، يقدر بعشرات الالآف ، وقد ذكر ابن قتيبة : ان عدد سكان البصرة ـ حسب سجلهم في الديوان ـ كان في زمن عليّ ستون ألفاً سوى العيال والعبدان والموالي (4). التطور العمراني من الطبيعي ان يصاحب النمو السكاني السريع الذي شهدته مدينة البصرة تطور سريع ايضا في البنيات والعمران ، وما مضت بضع عشرات من السنين حتى كانت البصرة مدينة كبيرة ذات مساحة عظيمة . وقد بلغ من اتساع البصرة انه كان لها أربعة عشر ضاحية ، اشهرها الابلة ، ونهر الملك ، وسوق المربد . (1) التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة : ص 22 . (2) رحلة ابن بطوطة : 1/210 . (3) تاريخ الطبري : 3/295. (4) الامامة والسياسة : 1/147.
وكان المجتمع في البصرة قبل الفتح الاسلامي خليطا من العشائر العربية التي كانت تستوطن قرب الأبلة (1). ومما امتازت به البصرة ، كثرة الانهار والترع ، فقد ذكر انه كان بها آلاف الانهار والترع ، وكان كل نهر ينسب الى من حفره ، وقد ذكر ياقوت الحموي عدداً كبيراً من هذه الانهار ، واسماء اصحابها وصفاتها (2).وهنا لابد من التعريج على مسجد البصرة الجامع ، ذلك المسجد الضخم الذي ما زال يدعى مسجد الامام علي بن ابي طالب (ع) والذي كان طوال القرون الاولى معهدا من معاهد العلم والمعرفة ، ويرجع تاريخ مسجد البصرة الى وقت انشاء البصرة نفسها . وخلاصة القول : ان البصرة كانت مدينة مزدهرة ، في بنيانها وفي مساجدها ، وفي انهارها وحماماتها واسواقها ، وفي كل شيء ، فكانت بحق جديرة بان تكون موضع اهتمام الباحثين ، لما كان لها من مكانة مرموقة واصالة معروفة ، وباع طويل في شتى انواع العلوم و المعارف . (1) التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة :22. (2) انظر معجم البلدان :438 ـ 458 .
فضل الأُبُلٌّة و البصرة: قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) قال لي رسول الله (ص) :« هل علمت ان بين التي تسمى البصرة ، والتي تسمى الابلة اربعة فراسخ ، وسيكون التي تسمى الابلة موضع اصحاب العشور ، ويقتل في ذلك الموضع من امتي سبعون (1)الفاً، شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر » فقال له المنذر : يا امير المؤمنين ، ومن يقتلهم فداك ابي وامي . قال : يقتلهم اخوان الجن ، وهم جيل كانهم الشياطين ، سود الوانهم (2)، منتنة ارواحهم ، شديد كلبهم ، قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم ، طوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم ، هم اذلة عند المتكبرين من اهل الزمان ، مجهولون في الارض ، معروفون في السماء ، تبكي السماء عليهم وسكانها ، والارض وسكانها ، ثم هملت عيناه . يا منذر ان للبصرة ثلاثة اسماء سوى البصرة في الزبر الاول ، لا يعلمها الا العلماء منها : الغريبة ، ومنها : تدمر ، ومنها المؤتفكة . ثم قال : يا اهل البصرة ان الله لم يجعل لاحد من امصار المسلمين خطة شرف ولا كرم الا وقد جعل فيكم افضل ذلك ، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم . (1) وفي معجم البلدان : 1/436 « ثمانون » (2) اقول : يحتمل انهم اصحاب صاحب الزنج ـ وهو علي بن محمد ( ت 270 هـ ) ـ وهم سودان ظهروا ايام المهتدي سنة 255 هـ .
انتم اقوم الناس قبلة ، قبلتكم على ـ كذا ـ المقام حيث يقوم الامام بمكة ، وقارؤكم أقرأ الناس ، وزاهدكم ازهد الناس ، وعابدكم اعبد الناس ، وتاجركم اتجر الناس واصدقهم في تجارته ، ومتصدقكم اكرم الناس صدقة ، وغنيكم اشد الناس بذلاً وتواضعا ، وشريفكم احسن الناس خلقاً ، وانتم اكرم الناس جواراً واقلهم تكلفاً لما لا يعنيه ، واحرصهم على الصلاة في جماعة ، ثمرتكم اكثر الثمار ، واموالكم اكثر الاموال ، وصغاركم اكيس الصغار ، ونسائكم اقنع النساء واحسنهن تبعلاً ، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم ، والبحر سبباً لكثرة اموالكم ، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم (1). وقال امير المؤمنين (ع) : ويلك يا كوفة ، واختك البصيرة كاني بكما تمدان مد الايم ، وتعركان عراك الاديم العكاظي سلمتما بعد او سجيتما ، اني لاعلم فيما علمني الله انه لا يريد بكما جبار سوءاً الا أتاه الله بشاغل (2). فضل مسجد البصرة: قال الصدوق (رح) اعلم انه لا يجوز الاعتكاف الا في خمسة مساجد : في المسجد الحرام ، ومسجد الرسول (ص) ، ومسجد الكوفة ، ومسجد المدائن ،ومسجد البصرة ، والعلة في ذلك لانه لا يعتكف الا في مسجد جامع جمع فيه امام عدل (3) . وقال المفيد (رح) : جمع امير المؤمنين (ع) في مسجد البصرة والمراد بالجمع فيما
(1) بحار الانوار : 32/254.
|
29 | فضل الابلة والبصرة |
الا يـا جـامع البصرة لا خرّبك فـكم مـن عاشق فيك يرى ما يتمناه وكم ظبي من الانس مليح فيك مرعاه نـصبا الـفخ بالعلم به فيك فصدناه بـقرآن قـرآناه وتـفسير رويناه (2) | الله وسقى صحنك المزن من الغيث فرواه
30 | فضل الابلة والبصرة |
31 | النصرة لشيعة البصرة |
يـاجنة فـاقت ألـفتها فـاتخذتها وطـناًً ان فـؤادي لـمثلها وطن زوج حياتانها الضباب بها فـهذه كـنة وذا خنن(4) فانظر وفكر لما نطقت به إن الأديـب المفكر الفطن مـن سـفن كالنعام مقبلة ومـن نـعام كـانها سفن | الـجنان فـما يعدلها قيمة ولا ثمن
32 | النصرة لشيعة البصرة |
|