واقع نخيل التمر في البصرة
المقدمة
تعد نخلة التمر ( phoenix dactylifera ,L )من اشجار الفاكهة المستديمة الخضرة ، ذات أهمية اقتصادية كبيرة مما يجعلها تساهم في الدخل القومي بجزء كبير في العالمين العربي والاسلامي نظراً لما تعطيه هذه الشجرة المباركة من ثمار ذات اهمية غذائية اذ تحتوي الثمار على نسبة مرتفعة من الكربوهيدرات ونسبة لا باس بها من الدهون والبروتين فضلاً عن احتوائها على نسبة كببيرة من فيتامين A ونسبة موسطة من فيتامين B ونسبة عالية من املاح الكالسيوم والفسفور والحديد .
يحتل النخيل من الناحية الاقصادية مكانة خاصة في القطاع الزراعي فالعراق ،اذ يستغل اراضي بساتين النخيل وعمليات كبس التمور والصناعات المشتقة من الاجزاء الخضرية والثمرية للنخلة في تشغيل نسبة كبيرة من العمال .
يعد العراق من اهم الدول المنتجة للتمور في العالم اذ يحتوي على اثر من 30 مليون نخلة ، وحوالي نصف هذا العدد او ربما يزيد قليلا ينتشر في محافظة البصرة .
اذ تشتهر محافظة البصرة باكبر غابة نخيل في العالم وكذلك تتميز بتنوع اصناف النخيل التي تجود زراعتها في اراضيها ، فقد ذكر (أبو بكرة) احد اصحاب عتبة بن غزوان وهو اول من زرع شجرة النخيل في البصرة سنة 15 للهجرة ، وبعده زرع الاخرون .
وتنتشر اشجار النخيل في البصرة على طول ضفاف شط العرب الذي طوله 100 ميل نقطة التقاء نهر دجلة بالفرات في منطقة القرنة حتى مصبه في الخليج العربي ، اذ تزدهر اشجار النخيل في هذه المنطقة لوجود التربة الرسوبية ولتوفر المياه والسقي بواسطة ظاهرة المد والجزر مما يسهل عملية الري والبزل .
وكذلك تنتشر في البصرة عدد كبير من اصناف النخيل الزراعية ، فمن الجدير بالذكر ان نخلة البرحي الواسعة الانتشار في البصرة حالياً والعالم قد تم إكتشافها من اصل بذري في منطقة البصرة قبل أكثر من مئة عام في احدى القرى التابعة لقضاء ابي الخصيب وهو صنف غيباني (بذري) في ارض برحاء فعمدوا على إكثارها عن طريق زراعة فسائلها ، فأنتشر صيتها ونقلت الى بغداد ومناطق اخرى من العراق والبلدان المجاورة ودول العالم الاخرى مثل الولايات المتحدة الامريكية .
وقد سميت برحي نسبة الى الارض التي نبتت فيها (ارض برحاء) وهكذا بدأت تطلق الاسماء على أصناف النخيل اما نسبة الى ما كان الذي ظهرت فيه او نسبة الى اسم الشخص الذي أكتشفها او جلبها من مكان اخر ،وقد ذكرت بعض المصادر ان بعض الاسماء أطلقت اعتماداً على الصفات المظهرية البارزة في الثمرة لنخلة التمر وذلك لغرض التفريق بين الاصناف المختلفة كصفة لون (الخلال) كالاحمر والاشقر وبيضا وخضراوي او الاعتماد على صفة الحجم والشكل مثل جوزي ،غلاف الغزال ،اصابع العروس ،ليلوي ،خيارة وبطيخي ، او حسب نوعية الثمار مثل حلوة ،مايعة ،سكر .
وبعضها الاخر ما يدل على وقت النضج مثل مكر وبكيرة .
وهكذا فقد اقترن كل صنف بأسم معين تمييزه عن باقي الاصناف التي تعود جميعها الى نوع نخلة التمر (phoenix dactyifera , l .) وفي البصرة اصناف زراعية كثيرة من نخيل التمر تبلغ المئات ولكن الذي يزرع بكثرة والمشتهر تجارياً منها قليل ، في حين ان الاصناف التجارية ليست بأجود الاصناف ، فهناك اصناف تفوقها من حيث الجودة النوعية والكمية ويحظى بخصائص ممتازة الا أنها اقل انتشاراً وعدداً مثل صنف القنطار ، صنف أم الدهن ، صنف دكلة موسى وصنف خلاص ، أذ نادراً ما نجد ثماراً لهذه الاصناف قد غرت الاسواق المحلية وبالرغم من أنها تستحوذ ذوق المستهلك في كل بقاع الارض وليس في البصرة فقط ،لا أنه اليوم نلاحظ مدى التدني في إعداد هذه الاصناف سواء المزروعة منها في البساتين او حتى في الحدائق المنزلية ، إذ ان عدد بعضها لا يتجاوز عدد اصابع اليد ، فمن الواجب ان تجد هذه الاصناف من يوليها الاهتمام والرعاية اللازمة لينقذها من الانقراض والاندثار ويعيد ازدهارها لانها ثورة غذائية وأقتصادية وهبها الرحمن لهذه الارض المباركة .
عموماً فقد تطرقت بعض المراجع العلمية او الاحصائية (العزاوي ، 1962)و (الفياض ،1965) و (البكر ،1972) الى ان عدد اصناف النخيل الموجودة في محافظة البصرة قد بلغ (146 ،300 ،200) صنف زراعي ، ويبدو ان هذه الارقام غير دقيقة لكونها ليست متقاربة ( أي انها متباينة بشكل كبير )، الا انها مثبتة علميا واحصائياً وايضاً رسميا .
كما ذكرت احدى المصادر ايضاً ام مجموع اشجار النخيل الاناث في العراق قد بلغ حوالي (15911000)نخلة وان عدد الاشجار المثمرة منها (13663000)نخلة ،وبالنسبة لاهم الاصناف المنتشرة حالياً في محافطة البصرة وبأعداد قليلة جداً في مختلف مناطق المحافظة منها صنف ام الدهن المتواجد في منطقة حمدان ،الجزائر ،بلد محزم ،كوت الفرج ،السبيليات ،الجبيلة .
وصنف البرحي، الحلاوي ، الساير ، الخضراوي المنتشر زراعتهم في اغلب مناطق المحافظة وخصوصاً في الحدائق المنزلية .
وصنف تحسيني وأمجدي المنتشران في منطقة التحسينية وصنف القنطار المنتشر في منطقة قضاء أبي الخصيب منها (منطقة حمدان ،بلد محزم ،كوت البلجان ،محولة الزهير ،السبيليات) وصنف دقلة موسى المنتشر في منطقة كوت البلجان ،باب سليمان ،محولة الزهير ، الجزيرة . وصنف هلالي المنتشر في منطقة بلد محزم ،حمدان ،كوت افيرس .وصنف بريم احمر المنتشر في مركز المحافظة ،حمدان ،الجباسي الصغير ، باب الزبير ،الهارثة .
وصنف فرسي المنتشر في حمدان ،البراضعية ،الكرمة ،الجباسي الصغير ،بلد محزم ، الجنينة ،الجمعيات .
وصنف الخلاص المنتشر في اغلب مناطق قضاء أبي الخصيب ، وغيرها الكثير من الاصناف التي قد تكون منتشرة في محافظة البصرة قديماً الا انها اليوم تعرفت بأسماء محلية اخرى نظراً لعدم وفر المصادر التي تصنفها بصورة رسمية موثوقة لدى الجهات الحكومية المعنية بها .
على سبيل المثال نذكر الاصناف التي كنا نسمع بها ، منها صنف ابنحماد ابو السويد ،ابو فياض ،احمر حلاوي ،اسحاق ،البغدادي ،ام البيض ،ام الحلاى ،ام الدريم ،ام الصينية ،ام الحلول ،ام ثابت ،ام حسنة ،ام دراع ،ام عبدة ،بديعة ،ريق البنات ،زند العبد ،خضيرية ،حوز ،حناية الملاية ،حمرا ،حليلي ،جمايلي ،تنور ،اسحاقي ،جباسي ،تكلانة ،ادخيني ،ابو بقيع ،ام الجساري ،تفاحة ،بيوضي ،بيض البلبل ،بني رعية ،بنوشي ،بن عمار ،بنت سهلان ،بنت الشيخ ،بنت البحر ،فريحة ،معلانة ،هبرة ،هدلي ،وطف ، خضيرية ،نرسيان ،مهمال ،مدادي ،عطري ،طبخ ربه ،سهلانة ،وغيرها الكثير من الاصناف المحلية والتي تم ذكرها في المصادر القديمة .
التسائل الان أين هذه الاصناف او ما نسميها الاصناف التجارية في محافظة النخيل اليوم ؟ .
معروف حالياً ان انتاجية النخيل في العراق بشكل عام وفي البصرة بشكل خاص أصبحت متدنية في ظل الظروف البيئية الملائمة وقد يعزى التدني الواضح في الانتاج في النخيل في العراق بشكل أساسي الى الحروب الخارجية والداخلية التي خاضها ،إضافة الى عدم الكفاءة في استخدام الموارد الزراعية المتاحة في زراعة وانتاج النخيل والاعتماد على الاساليب الانتاجية التقليدية والبطء في استخدام وتطبيق التقنيات المتطورة وعدم المصداقية في نتائج استخدام هذه التقنيات والتي تعرف بتقنية زراعة الانسجة ( من المميزات الرئيسية لهذه التقنية هو اكثار النسيج النباتي المستخدم في الزراعة بأعداد هائلة وتحمل نفس صفات نبات الام المآخوذ منه النسيج ) وكذلك الى عدم استخدام عمليات الخدمة الزراعية بصورة صحيحة والتي تعتبر من اهم العوامل المؤثرة على نجاح زراعة وانتاج النخيل في البصرة.
|
|
|
|