البصرة الفيحاء . . ذات النخيل الصوفي الحالم
مقدمة
البصرة الحبيبة .. مدينة ذات ماض حضاري عريق امتدت اضواءه الفكرية عبر الأجيال فساهمت في تشييد صرح الحضارة العالمية ... وقد تفنن الواصفون في وصفها وأنهارها وبساتينها وكرم أهلها ... وتغنى بها الشعراء ولو لم تكن البصرة الحالية غير البصرة الأصيلة الشامخة لما تمكنت من الوقوف بوجه الزمن ( حيث أصيبت بالكوارث أكثر مما أصابت أية مدينة أخرى ) فقد ابتليت بالمشاحنات الداخلية والخارجية كما ابتليت بالطواعين والقحط والجراد والفيضانات والأمطار وغيرها من الكوارث .
يقول الدكتور مصطفى جواد عنها : البصرة مدينة عربية الاسم ـ أسلامية التعمير ، فهي من المدن التي يتبجح بها العرب على خصومهم في اتهام أولئك لهم بأنهم لايحسنون الإنشاء ولا يحبون البناء ... سكنها من قبائل القحطانية والعدنانية كثير فاتوا الإحصاء فكان يقال لها فيه الإسلام وخزانة العرب ..... يكفيها فخرا أنها المدينة التي لم يعبد فيها صنم قط ... وهي أول مدينة بناها المسلمون ومصرت قبل الكوفة بسنة ونصف وتفردت بطبيعتها الصحراوية وسلامة لغتها من شوائب اللغات الأخرى ... وسرعان ما أصبحت معدنا للعلوم العربية وفطنة للثقافة الإسلامية ومؤئلا للأدب العربي ..... وهي أول مدن العراق في الثقافة الفلسفية حيث الحركة الفكرية الاعتزالية في المدينة وطليعتها في اعتناق الحرية الفكرية .
..... سميت البصرة والبصيرة والسبخة والخريبة والمؤتفكة والرعناء ..... وفي معجم البلدان ... ( سميت البصرة حيث كان فيها حجارة رخوة تضرب إلى البيضاء ) وقيل البصرة ... حجارة صلاب ..... والبصرة يعني حصبة وذكر بعض المغاربة أن البصرة هي الطين العلك .... وقيل الأرض الطيبة الحمراء وقيل سميت البصرة .... لان فيها حجارة سوداء صلبة وقيل الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب
بناؤها
..... على اثر فتح الابلة التي قال عنها القز ويني بأنها (( كور البصرة طيبة جدا ، نضرة الأشجار ، متجاوبة الأطيار ، متدفقة الأنهار ، مونقة الرياض والأزهار هذه المدينة التي يذكر عنها المسعودي بان (تبع بن حمير ) انزل بعض الضعفاء من قومه فيها ...... وعلى هذا يكون العرب قد سكنوا منطقة البصرة قبل المسيح بثمانية قرون وكانت قبل الفتح الإسلامي يسكنها خليط من الناس فيهم الفرس والهند وغيرهم من الأقوام ..... نزل عتبة بن غزوان ... بجيشه على طرف البراري جانب مسلحة الفرس التي خربت واتخذت المكان معسكرا وكتب والي الخليفة عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) في موسم الشتاء يستأذنه بالبناء فأذن له واتخذ المسلمون مكان البصرة معسكرا لقواتهم لأهمية موقعها العسكري وكان يومر الجيش بالتحرك ينزعون بيوت القصب وفي العودة يقيمونها ثانية وقد احتفظ تخطيط المدينة القديمة أول الأمر بطابع المعسكرات .....إذ قصد ببنائها في ذلك الموضع أن تكون مركزا للجيش العربي لأنها بقعة قريبة من ضفة النهر تشرف على السهوب والوادي الخصيب والمرعى ..... على أنها كانت في الوقت نفسه مهياه لان تكون مدينة تجارية تنتهي أليها الطرق الآتية من إيران والهند وتقطعها الطرق الأخرى الآتية من بلاد العرب لتنتهي في الشمال وكانت بدورها معسكرا تتجمع فيه القبائل لإرسالها إلى القواد والأمصار .
أول ما بني فيها المسجد ودار الأمارة والسجن والديوان وحمام إلى الأمراء وضربوا بها الخيام مع بقية بيوتهم وذلك عام (14 هـ ـ 635 م ) .... وعندما التهمت النيران بيوت البصرة في ولاية أبو موسى الأشعري عام( 16ه) أذن الخليفة عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) أن يبني دورها من اللبن فأذن له وكان ( عاصم بن دلف) المهندس الأول الذي خطط لبناء البصرة وهندسة الدور والقصور والشوارع .. فكان المسجد على رأس مابني باللبن وجعلوا المدينة خططا حسب القبائل .. لكل قبيلة خط .. ثم سيق أليها جماعات كبيرة من أشراف العرب من أهل البادية وأسكنهم فيها وقد اعتاد العرب طبيعة الحياة في البصرة فانصرفوا إلى زراعة الأرض لكثرة مافيها من مجار وانهار وذاق القوم فيها الترف وتمتعوا بالنعيم ألا أنها لم تطفر بهم طفرة وذلك لأنهم ظلوا أوفياء لتقاليدهم مخلصين لحياتهم وعاداتهم الموروثة واحتاج الأمر إلى أن يمضي شطركبير من القرن الأول الهجري قبل أن تصبح البصرة مدينة الدنيا ومعدن تجارتها وأموالها كما يقولون .
رقي البصرة
.. وصلت البصرة في أوائل القرن الثالث الهجري إلى درجة عالية من الرقي والعمران وقيل أن احد خلفاء بني العباس في بغداد عام (210 )هـ سال عن عدد العلماء والطلاب في البصرة فاخبروه أن فيها سبعمائة مدرس وعشرة ألاف طالب علم ... فطلب الخليفة نسخة من كل مؤلف من مؤلفات علماء البصرة فحصلوا على نسخة من كل كتاب من الكتب التي الفت في مختلف العلوم خلال عشرين سنة فاجتمع لديهم أكثر من مائتي مجلد حملوها إلى بغداد في ثلاث سفن وقيل في البصرة ثلاث اعجوبات ليست في غيرها من البلدان منها ظاهرة المد والجزر وعدم وجود الذباب على رطب النخيل وهي معلقة وكثرة الغربان القواطع في الخريف والتي تسود نخل البصرة وأشجارها ، ولكنها لاتصيب هذه الأشجار بضرر .
أشهر ولاتها
كان أول اميرعين في البصرة ( قحطبة بن قتادة ) الذي حكم في المدينة واجتهد في تعميرها ثم عين ( عتبة بن غزوان ) ومن بعده ( المغيرة بن شعبة ) الذي عزل وعين مكانه ( أبو موسى الأشعري ) ثم عثمان بن حنيف الأنصاري ) الذي حدثت معركة الجمل في عهده ...وبعد المعركة عين ( عبد الله بن عباس )واختار معاوية ( يسر بن ارطأ) لها ... وفي عام (45هـ) تولى ( زياد ابن أبيه ) ولاية البصرة وألقى فيها خطبة البتراء لتهديد أهلها وإخضاعهم ومن بعده ( بد الله ابن زياد ) وتوالى الأمراء والولاة عليها ومن أشهرهم ( مصعب ابن الزبير والحجاج بن يوسف الثقفي )و ( عبد الرحمن بن الأشعث ) و( عدي بن ارطأه) الذي عين من قبل ( عمر بن عبد العزي) وكان أكثر الناس قد هجروا المدينة فرارا من حكم الحجاج ... فاجتهد في الأخذ بأيدي الناس ومساعدتهم وسلك معهم طريق العدل والأنصاف و( نافع بن الأزرق ) وغيرهم .
أدوارها السياسية
... لقد مرت البصرة بادوار سياسية خطيرة بالرغم من أنها لم تكن في يوم من الأيام عاصمة خلافة ولكنها من أمهات المدن التي لعبت أدوارا سياسية خطيرة في تاريخ العرب والمسلمين وفي مختلف العهود ومنها معركة الجمل المعروفة بين الأمام علي بن أبي طالب (علية السلام) من جهة وطلحة ابن الزبير من جهة أخرى وفي أطرافها جرت والمعارك ألطاحنة بين الخوارج وجيوش بني أمية بقيادة (المهلب بن أبي صفرة ) الذي حارب هولاء أعواما طويلة وثورة محمد بن عبد الله ذي النفس الزكية أل البصرة وتغلب عليها وجمع منها جموعا كثيرة .. وزحف لقتال جيش ( أبي جعفر المنصور ولكنه لم يتوفق فقتل في الميدان بعد فرار أصحابه .
وفي عام (254هـ) حدثت معركة الزنج التي ذكر المؤلفون بان (15) ألف بيت ومائتي مسجد خربت وقتل حوالي (120) ألف شخص .
... وفي عام (483ه) .. قام عشرة ألاف فارس من قبائل بني عامر بالهجوم على البصرة واستولوا على المدينة فدخلوها وأحدثوا فيها خرابا لم يروا ولم يسمعوا بمثله في أي زمان قط .
وفي عام (499هـ) أعلن حاكم البصرة المسمى ( إسماعيل ) استقلاله فحاصر حاكم الحلة ( سيف الدولة صدقة بن دبيس ) مدينة البصرة بعشرين ألف شخص واستولى عليها بعد حصار دام ستة عشر يوما .
وفي عام (1436م) روعت البصرة في أعظم مد ارتفع فيه الماء حتى غمر أكثر أراضي البصرة وسبب دمار المزروعات وهلاك الحيوانات وانتشار الإمراض خاصة الحمى التي فتكت بآلاف من أهل البصرة .
وفي عام (1774م) كافح والي البصرة ( سليمان بك ) الطاعون الذي ظهر مرة أخرى بإجبار الأهالي على أكل الثوم والتمر وهو اول من اكتشف أن التمر لايحمل مرض الطاعون .. وفي عام (1831م) دمر الطاعون المخيف وفيضان الفرات غير المعتاد بحيث ارتفع مستوى المياه في السنة نفسها بمقدار (37) قدما أكثر من مستواها الاعتيادي كل المنطقة الواقعة بين البصرة وبغداد وفي عام (1896) دمر فيضان شط العرب مليون نخلة والتي هي الوسيلة الأساسية للغذاء والثروة أما في العصر الحديث فقد شهدت ثلاث معارك كبيرة هي الحرب العراقية الإيرانية التي دامت 8 سنوات عانت المدينة منها معاناة كبيرة حيث أنها كانت ساحة حرب متقدمة تركها أهلها وهاجروا إلى مدن عراقية أخرى .. وعانت من حرب الخليج الأولى والثانية ولا تزال تعاني ولحد ألان.
هواءها
..... لما كانت المياه والأشجار كثيرة حول المدينة فان هواها رطب يختلف باختلاف الفصول وكثيرا ما يحدث في البصرة أن يتغير الهواء في يوم وليلة عدة مرات (للبارح ) الهواء الذي يهب من الشمال أثاره المعروفة بسرعته وإثارته الغبار عاليا والأتربة ويستمر أربعين يوما تقريبا ..وهذا الهواء نافع للأشجار ولنخيل البصرة ... وشدة حرارته تكون في (الباحورة) وبرودتها في الشتاء الأزرق ... تصل درجة الحرارة أحيانا إلى (49) درجة مئوية وتنخفض إلى أربع درجات تحت الصفراحيانا ومعدلها في الغالب (20 ـ 25 درجة ).
أنهارها
..... أن انهار البصرة هي اصدق تصوير لمعالم المدينة... يتخلل المدينة اليوم في الجانب الشرقي حوالي (635 ) نهرا كبيرا رئيسيا متصلا بشط العرب الذي سماه العرب الأولون ( دجلة العوراء ) مباشرة ويوازي احدها الأخر .. و(470) نهرا في الجانب الغربي .
نخيلها
...كان في البصرة حوالي (30) مليون نخلة ... فيها حوالي (350) نوعا تختلف منة حيث الذائقة والحجم والسكر ... والتمر من أحسن أنواع الأغذية التي يتطلبها الجسم وخصوصا للعمال .. إذ أن التمر لايحمل العديد من المكروبات ... حتى أن ميكروب الكوليرا يموت بعد 48 ساعة من وجوده في التمر أما الآن فلم يبق من نخيلها الاحوالي 3 ملايين نخلة .
أثارها القديمة
.. أن الحوادث المتعاقبة والنكبات المريرة التي تعرضت لها خلال الغارات العديدة قضت على معظم الآثار ولا غرابة أن رأينا فيها اليوم مجموعة من الآثار لاتقاس بالنسبة إلى ما خلفه الأولون في بغداد ودمشق والقاهرة والمدن التاريخية الأخرى التي بناها المسلمون بعد أنشاء أو تأسيس البصرة بمدة ليست بالقصيرة .. أما الآثار التي مازالت البصرة تحتفظ بها وتخلدها هي المراقد :
/ وأهمها مراقد الزبير بن العوام وطلحة ابن الزبير والمقداد بن الأسود الكندي وأبو الجوزي والعباس بن مرداس السلمي وعتبة بن غزوان وانس بن مالك والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعبد الرحمن بن عوف وسليمان بن علي ابن الهاشمي وحليمة السعدية وبجانبها قبر ابنها رضيع الرسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) وأبو الأسود الدؤولي ورابعة العدوية .. وغيرها من المراقد .
المساجد
كان للمساجد الدور الأعظم في ميدان العلم والأدب .. وقد كان الخلفاء والأمراء يحضرون الحلقات في المسجد الجامع إلى جانب عامة القوم وكانت المساجد من أهم معالم المدينة وكانت منتشرة في أنحائها .. وكانت كل قبيلة بل كل عشيرة تقيم لنفسها مسجدا ...
ويقال انه كانفي البصرة أيام عزها سبعة ألاف مسجد وقد تهدمت عامة المساجد في الحوادث ومن مساجدها ( مسجد عاصم ) نسبة إلى ( عاصم احد بني ربيعة) ومسجد بني (عباد ) ومسجد ( الحاصرة ) ومسجد ( المقام) وجامع ( الكواز )الذي بني عام (1700م) وليس في البصرة مايداني ماذنته هندسة وجمالا ولا تزال اثأر مسجد الجامع الكبير خالدة وواضحة .. والمسجد هذا هو ثالث مسجد بني في الإسلام وأول مسجد بني في العراق في أول الفتح الإسلامي وما خلده من النهضة العلمية والدينية في التاريخ الإسلامي المشهور اليوم بين العامة بمسجد الأمام علي ( عليه السلام ) ومازالت بعض أنقاضه المتداعية باقية في ارض البصرة القديمة وطليت جدرانه بالأصباغ اختط موقعه ( محجن بن الأذرع الاسلمي فصلى على
أرضه قبل أن يتم بناؤه وجعل منبره في وسط الجامع فكان ( الأمير ) أذا قدم للصلاة تخطى رقاب الناس على القبلة ودام على هذا الحال زمنا طويلا وفي ولاية ( زياد بن أبي سفيان ) عام (45هـ) أمر بهدم الجامع وبنائه مجددا ...
وبني في داخله مقصورة وهوا ول من عمل المقصورة واحضر سواريه من الرخام .. وعندما تم بناء الجامع أمر زياد بنقل المنبر من وسطه ووضعه في صدره ثم أقام حفلة افتتاح كبيرة دعا أليها جمعا غفيرا من وجوه أهل البصرة وعلمائها وأعيانها واخذ يطوف بهم الجامع وهم مأخوذون من روعة وسعة بنائه وكانت دقة زخارفه تحير العقول وكانت ارض المسجد تربة فأمر بجمع الحصى والقائة بالمسجد ومازال الحصى كما هو إلى زمن مجئ الرحالة ابن بطوطة عام (725هـ) أمر بصرف مائة إلف درهم لتوسيع المسجد من اجل استقبال المصلين الذي وصل عددهم إلى (عشرين ألفاً ) ...
وفي زمن هارون الرشيد أمر بهدم دار الأمارة وادخلها ضمن الجامع من جهته القبلية فأصبح أوسع الجوامع وأعظمها ...
تراث البصرة العلمي والأدبي والديني
لقد ظهرت في البصرة نزعات فكرية وحركات دينية عديدة نخص منها الخوارج والمعتزلة وجمعية إخوان الصفا ومعركة الزنج .
وأعيد للمربد مجده ففي عام( 1971) اعقد مهرجان المربد الأول تحت شعار ( الشعر والحضارة ) .
علماء وأدباء وفضلاء البصرة المشهورون
... أبو عبدا لله المحاسبي : من أشهر علماء الطريقة والزهاد ( الحسن البصري احد التابعين الكرام والعلماء أمثال ( الخليل بن احمد الفراهيدي ) من أئمة النحو مبدع الاعاريض الشعرية ( أبو زويد الأنصاري اللغوي ) .
من أئمة الأدب وروايته موثوق به لدى الجميع ( أبو عمرو بن العلاء ) احد قراء القران السبعة وصاحب الأقوال في اللغة والأدب ( أبو عثمان بن عمرو بن بحر ( الجاحظ ) كان من علماء عصره وله تصانيف في كل فن ( أبو محمد القاسم بن علي الحريري كان من فضلاء زمانه صاحب المقامات ( أبو بكر محمد بن سيرين المعبر ) من العلماء المشهورين له مهارة بالغة في تعبير الأحلام القاضي ( أبو بكر بن محمد بن الطيب المعروف بالباقلاني البصري ) عالما مشهورا لانظير له في العلم والفضل (أبو الحسن محمد بن الطيب البصرة المتكلم احد أئمة مذهب المعتزلة وفحول علمائه ( محمد بن عبد الله ألعتبي ) شاعر بصري مشهور ( أبو فيد مؤرخ السدوسي ) النحوي البصري ( أبو حذيفة واصل بن عطاء كان من كبار العلماء ومحول للمتكلمين أبو علي الحسين الشاعر البصري المعروف بالخليج شاعرا حسن الطبع مزاحا متفننا بأنواع الشعر ( القائد الكبير المهلب بن أبي صفرة أعجوبة الدنيا في سياسة الحرب والقتال ( أبو الأسود الدؤلي واضع النحو ونقط القران التنقيط الأول ( أبو الجاموس ثور بن يزيد أستاذ ابن المقفع ( محمد بن يزيد المبرد صاحب الكامل والمقتضب والروضة وغيرها ( الأحنف بن قيس التميمي )حليم العرب إياس بن معاوية القاضي المشهور بالفصاحة (بشاربن برد الشاعر المعروف ( رابعة العدوية ) المتصوفة المعروفة (سيبويه عمر بن عثمان) صاحب الكتاب في النحو الفرزدق الشاعر المعروف (عبد الله بن المقفع معرب كليلة ودمنة ( أبو الهنديل الحلاف شيخ المعتزلة ( ابن الهيثم ( له مؤلفات عدة في الحساب والهندسة وغيرهم .
البصرة الحديثة
.......ووسط غابات النخيل الوارفة تقع مدينة البصرة الحديثة والتي هي احدى امهات العراق الشهيرة الذكر في الأفاق وهي تحتل المقام الثاني بعد مدينة بغداد أرضها سهلة مستوية ذات تكوين رسوبي يجري فيها شط العرب من نقطة التقائه الرافدين الجديدة عند ( كرمة علي ) جنوب ( القرنة) ... تقع البصرة على الساحل الأول من الخليج وعلى خط العرض (20 ـ 33 درجة ) و(25 ـ 44 درجة شمالا ) ومن نافلة القول ...
أن البصرة القديمة التي بناها ( عتبة بن غزوان أقيمت على أنقاضها مدينة الزبير ... أما البصرة المدينة الحالية فتقسم إلى قسمين ( البصرة والعشار فالبصرة هي تلك القرية الصغيرة التي بنيت عام (270هـ) والتي سميت ( البصرة ) حيث كانت مصيفا ومنتزها للعظماء حيث تم توسع الناس في البناء .. وهي على بعد ثلاثة كيلو مترات من شط العرب وتنفرد هذه المنطقة بميزة خاصة لبيوتات قديمة مشكلة بطنوف عربية ( شناشيل ) تضفي عليها طابعا جميلا يكسبها صفة سياحية واثارية مهمة أما العشار التي تم بناؤها بمحاذاة نهر العشار عام (1870 ) عندما عمد ( مدحت باشا ) الذي كان يشغل آنذاك منصب والي بغداد إلى نقل مقر الدوائر الحكومية أليها وشجع بكل الوسائل على بناء الدور هناك وتأجير الأراضي الأميرية تأجيرا طويل الأمد وساعد في ذلك قربها من شط العرب وحركة ميناء البصرة لاتزال البصرة تؤدي دورا عظيما في حركة التقدم والنهضة الحديثة التي يشهدها العراق باعتبارها ثغر العراق . تتخللها شوارع فسيحة وتقطعها حدائق واسعة تخترقها الأنهار والقنوات .
مما اكسبها بحق اسم ( بندقية الشرق ) وهي ببنائها القديم شرقية الهندسة وبعمرانها الحديث غريبة الطراز ... تحفل أسواق البصرة بضرائب السلع النادرة والجولة النهرية في مياه شط العرب من أمتع الأوقات التي يقضيها الزائر في المدينة حيث البواخر العابرة التي وجهتها ميناء البصرة البحري الذي يربطها بالسوق العالمية تعاظمت أهمية البصرة باكتشاف الثروة النفطية واستثمارها وطنيا في الحقول القريبة منها وكان ذلك وافق لإنشاء العديد من الصناعات وتهدف خطة التنمية إلى جعل البصرة أحدى أهم المناطق الصناعية في البلاد .
اهوار البصرة
مناخها متغير ... ربيعها وخريفها لايدوم احدهما أكثر من شهر واحد وأطول فصولها الصيف وأجمل فصولها الشتاء الذي يحيل المنطقة إلى جنة لاتكاد تسمو عليها جنة أخرى .... الأمطار فيها نادرة لاتهطل ألا مرة أو مرتين طوال الموسم وأجواء المنطقة خالية من الغبار أو التراب في جميع الفصول يعتمد السكان هنا في عيشهم على تربية الجاموس وعلى حياكة الحصير من القصب وأشهر نباتات الهور ( القصب ) وقد يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار والبردي الذي قد يصل إلى ثلاثة أمتار في طوله وتنبت في الهور نباتات مائية أخرى يزهو بعضها في شهري آذار ونيسان وأبان موسم الشتاء تفد إلى الهور أسراب كثيرة من الطيور المائية ويفد معها هواة الصيد في كل مكان ليصيدوا بعضا منها بالبنادق أو الشباك .. والاهوار فوق ذلك بحيرة طبيعية لتربية الاسماك يصطادها الناس بالفالة ( عصا طويلة تنتهي بكف ذات خمسة أصابع من الحديد المدبب ) أو بالشباك .
من أقضيتها الفاو وشط العرب والقرنة والمدينة وأبو الخصيب والزبير وكل قضاء له خصوصيته التي يمتاز بها عن غيره وسكانها ألان أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ... وهي ثاني مدينة بعد بغداد في الأهمية .
|
|
|
|