الملصق « عبارة عن صورة كبيـــرة او اعـلان في مكان عام ويرادفه في اللغة الانكليزية
الملصق « مطبوع يصمم من اجل ان يفهم من نظرة سريعة ، وهو يجمع مؤثرات بصرية مباشرة بوسائل مختصرة ، ذات مقدرة على منافسة المحيط المشوش بصريا ، ولكي يكون كذلك ينبغي ان يحتفظ بالوضوح والتميز ، فالملصق هو تعبير عن فكرة ، بسيط في تكويناته ، مكثف يتضمن عنصرا ذهنيا عميقا »
(3) .
الملصق « واحد من الاشكال التعبيرية ، ونشير بذلك الى الوسائل الفنية المستخدمة التي تزيد من اهميتها دينامية الحياة العصرية باحداثها المتتابعة في ضوء الثقافة الجمالية المعاصرة بقدر ما يسعى الى تحقيق التجانس البصري الخالص او نقل التجربة العينية عن طريق عملية تنظيم للواقع بنفسه او بتكثيف القدرة على التراكم الجمالي والثقافي من خلال دمجه وتحقيقه لهذه العناصر المشتركة بهدف استكمال وجوده الحقيقي في رصده لمظاهر حياتنا اليومية باحداثها المتلاحقة »
(4) .
التعريف الاجرائي
الملصق الجداري منجز تشكيلي جمالي يعتمد التصميمية في التنفيذ ضمن ضوابط تفرضها تنوعاته ، في حين يرتقي برمزيته لطرح مضامين يستل منها الشارع مفردات معرفية تبصره بما يحيطه وترشده للتمييز والصواب .
الفصل الثاني
الاطار النظري
المبحث الاول :
مفهوم الملصق وسماته الجمالية
ان الانجاز الفني الذي يفرزه الفنان لابد له من سمات تقويمية تجعل منه مادة قابلة للتاويل والقراءة ، فيمتلك الانجاز بذلك مفهوما جمعيا وذاتيا في ان واحد خاضعا لمرجعية المتلقي وشخصيته وبذلك يفهم الانجاز ويحدد عبر العديد من تعاريفه المتفق عليها ، كذلك هو الملصق فانه فهم في قابليته الاشد تماسا لجميع الموضوعات الحياتية المتباينة ، لان للملصق الية طرح وامكانية تاويل وقراءة ، منها يمكن للملصق ان يحرك ذهنية المتلقي ويهذبه ويثقفه بمجريات الاحداث التي تحيطه لاتكائه على مرجعية الفنان المنفذ الذي يمتلك ذهنية متحركة تؤهله من قراءة ما يحيطه بتمعن وتكوين راي ذاتي للمجريات المحيطة بالمجتمع ، ولان الفنان يمتلك حرية الطرح ضمن محيط يستقبل هذه الحرية فانه يمتلك قابلية التاثير على المجتمع كما هي قابلية تاثير المجتمع على الفنان ، ولقد فرضت عملية تصميم الملصق على الفنان الية تحليلية وتركيبية للعلاقات الشكلية والرموز المرجعية التي يفرضها المضمون باستنادها الى الخزين الكامن في ذهنية الفنان ليصوغ منها نظما فعَلتها المدلولات التي الت اليها على شكل علامات ايقونية ورمزية واشارية ، ومن هذه التقسيمات العلامية وضع الفنان الية خطابه للمجتمع .
ان الملصق انجاز جمالي له ضوابط تفرضها تنوعاته تبعا للمضمون الذي يطرحه والقضية التي تحتويها هيكليته التنفيذية ، فالحدث السياسي يفترض الية تنفيذ تشتمل رموزا واشكالاً يقتضيها المضمون السياسي فضلا عن المفردة الكتابية التي يوائمها الفنان استكمالا للمضمون ، كذلك الحدث الاقتصادي والصحي والارشادي ، الا ان السمات الجمالية التي ينتظم بها الملصق خاضعة الى القيم الجمالية للتكوين ( الانشاء ) فتنتظم عناصر البناء الجمالي في الية لاتختلف عنها في العمل التشكيلي الاخر لاسيما الرسم ، فالملصق عمل فني تصميمي يرتكز الى عناصر بنائية منظورة كالخط واللون والشكل والفضاء والمادة مع ارتكازه الى عناصر بنائية غير مرئية كالتوازن والحركة الى جانب عنصر السيادة وغيرها.
فالملصق يماثل العمل الفني التشكيلي في الية التنفيذ واستخدام الاشكال من خلال « توزيع الخطوط والالوان بصورة معينة داخل شكل يتضمن درجة معينة من الانتظام الدقيق من اجل التعبير عن الافكار جماليا ووظيفيا »
(5) .
ان الملصق ـ بوصفه عملاً فنياً ينحو حيال الاختزال في الخط واللون فيعتمد على اقل عدد من الالوان لاعتماده على رمزية المضمون التي تهيئ من الملصق قابلية تجعله مشاركا في اكتمال قيمة الملصق وظيفيا، وهذا لايعني تفرده بتقنية الاختزال ، بل لجا معظم الفنانين المجددين الى هكذا تقنية في اعمالهم الفنية ذات التقنية غير التصميمية ، وقد تبوات الاعمال المكانة العالمية لان الاختزال نظام ذو قيمة جمالية عالية الى جانب صعوبة تقنيته في انجاز العمل الفني مما يميز الفنان المبدع عن غيره ، وقد يلجا الفنان الى مشاكسة عناصر التكوين وصولا الى الاختزال .
المبحث الثاني :
الملصق الجداري والمجتمع
المرجعيات والتاويل تعد الرسوم الجدارية داخل الكهوف ، المنابع الاولى للرسم المعاصر ، وما يمثله من حالة اتصال مع المحيط ، بفرضه ضغوطات تؤثر في ذهنية الفنان تؤهله من انتاج اعمال فنية تبث وعيا تميزه عمن سواه، في حين يبقى الانتاج الفني حال اكتماله محط تساؤل وتاويل يبثها المتلقي ايا كانت مرجعيته الثقافية ، كما تمثل الابداعات السومرية وخاصة الالواح النذرية
* احدى الوسائل
الاعلانية القديمة التي ابتكرها الانسان العراقي القديم ( 6 ) ولقد تطورت الفنون المتنوعة تبعا للتغيرات السلوكية والاجتماعية للانسان ، فانتقاله من العيش المنفرد داخل الكهوف الى العيش الجماعي خارج الكهوف فرض عليه الية ناسبت حياته الجديدة في السلوك والاحتياجات لان الفنون تطورت بوصفها اجزاء متكاملة لتطور الانسان الاجتماعي والثقافي فيذكر هيجل « ان الفنون والاداب، مثل القوانين والنظم ، ما هي الا تعبير عن المجتمع ، ومن ثم فهي مرتبطة بسائر عناصر التوسع الاجتماعي » (7) .
كما ان تجانسه مع المجتمعات الاخرى تؤهله من العيش على وفق هذا التجانس ، لان الانسان بطبيعته كائن اجتماعي يكيَف ما يحيطه لمنفعته ولتسهيل الية سلوكه لانه ينحو حيال التكامل في الحياة الاجتماعية التي يغلب عليها طابع المشاركة بوصفه العنصر المكيف الاول « حيث تخضع حياة الفرد لراي وتقويم المجتمع »
(8) .
لذا فان الية الرسم اخضعت تقنيا وفكريا الى التطوير تبعا لهذه المحددات ، كما ان اخضاع الرسم لهذه المحددات يعود بالاساس الى التواشج في نسيج الانسان السلوكي بوصفه كائنا غير مجزا ، وان تنامي بعض مهاراته تعود الى فرص مؤهلة لها بالتنامي بفعل الحاجة او بفعل التطور التقني لمعطيات تلك المهارة .
هذه المهارات المتنامية للانسان افرزت العديد من القيم الجمالية التي اطرت الفنون التشكيلية برمتها ومنها الملصق الجداري الذي يمثل حالة اقرب انجازا ومفهوما لمضمون العرض وما يبتغيه الفنان من طرح فكري لمشاركة المتلقي مع الانجاز الفني وكيفية التعامل معه، بمعنى ان الفنان باستخلاصه الاسس التقنية للملصق الجداري ، لم يكن بمعزل عن الجذور التقنية للرسم الجداري داخل الكهوف ، الا ان تقنياته اخذت بالتطور تبعا لتطور ذهنية الفنان والمتلقي المتراكمة بفعل المتغيرات السلوكية والاجتماعية لهما، ولكون تقنيات الملصق الجداري اخذت تتسارع بالتجدد فان التاويلات هي الاخرى اخذت تتسارع وتتباين على وفق هذا التجدد .
ان المجتمع بكل شرائحه لا يتقاطع مع الفن عموما ، بل انه اكثر تجاوبا وتقبلا للملصق الجداري لانه المحفز لشحذ قابلية المتلقي بما يؤهله لطرح افكاره على وفق مشاهداته له بدون اية حواجز ، لما للملصق من قابلية الانتشار ، وان عملية التلقي لايمكن تجاوزها لان الملصق كغيره من الفنون التعبيرية يثير في المجتمع الشعور بالحركة والتواصل الجمالي في رصد البنى الاجتماعية والسلوكية اليومية التي تحفز الذهنية الفكرية والبصرية في استشراف المستقبل على وفق الثقافة الجمالية والايدلوجية من خلال التراكم في الثقافة الجمالية ، فالملصق « يستكمل وجوده الحقيقي كشكل مؤثر في رصده لمظاهر حياتنا اليومية باحداثها المتلاحقة »
(10) دون الوقوف عند حدود الدهشة المجردة لما يثيره من نشاط متدفق في الذاكرة ، لاسيما ان الية العرض ليست بحاجة الى تحفيز مسبق مثل تحديد المكان والانارة المنتظمة والتهيئة للافتتاح او غيرها من مكملات العمل الفني حال عرضه للجمهور ، فان الملصق الجداري لايكلف سوى اللصق على الجدران مهما كانت ، دون التاكيد على الفراغ ( الفضاء ) والمساحة ، هذا من جانب اما الاخر فان عملية تقبل الجمهور للملصق متاتية من عدم العناء في عملية التلقي ، فالمتلقي وفي اثناء تاديته لبعض اعماله يمكنه مشاهدة الملصقات اينما كانت .
ان مدركات الانسان ولاسيما الفنان تتنامى بنمو خبراته التجريبية ، واستعاراته من المحيط تؤطرها تاويلاته وهي ذات مضامين اجتماعية على وفق تجانس المضمون مع الشكل ليشي بدلالات كامنة يستوحي منها البعد الاجتماعي ، فالمضامين الدينية هي حصيلة منتقاة من حياة المجتمع يفعلها الفنان في طرح انجازات ابداعية تتكئ على القيم المرجعية الدينية وكذلك فان المضامين الاخرى هي نواتج لحياة المجتمع يرتقي بها الفنان ويهذبها بالية ينظم من خلالها افكار المتلقي في كيفية قراءة البرامج التي تحاول المؤسسات طرحها عليه، وهنا يقف المتلقي بين تاويلات متباينة قد تغفل او تعجز تلك المؤسسات عن طرحها، هذا التوافق بين ما تود طرحه مع الانجاز ( الملصق الجداري ) لان سمات الملصق الجداري ( العمل الفني ) تمتاز بخصائص ابداعية وجمالية وهما خصائص غير مقننة ومتباينة من ذهنية الى اخرى ومن مجتمع الى اخر تفرضه القيم السلوكية والاجتماعية للمجتمع ، هنا يتحدد الابداع بالنسبة للفنان عبر تحفيزه لمنظومات المتلقي الذهنية ، فقد حفز الفنان منظوماته الابداعية ليؤسس خزينه المتراكم بمرجعياته نظما تعبيرية وانساقا اطرتها دلالاتها فتتمحور انجازاته على رموز وتركيبات هي في ذاتها انساقا تفاعل معها المتلقي بنوع من الهامشية والالغاء استطاعت الذهنية المبدعة والتقنية من تفعيل التواصل بما يفضي الى الغائية المقصودة، اذ حول الفنان النظم المركونة الى نظم متحركة تحاور المجتمع ذهنيا. بوصفها نظما جمالية احالها الفنان الى قيم ابداعية يؤطرها انتماؤها للمجتمع لان « الفن السليم ينبع دائما من وقائع الحياة الاجتماعية »
(11) .
ان الملصق الجداري بوصفه وثيقة حية تجاوز النقل الشفاهي او المكتوب لما يشوبهما من تدليس او اضافة او حذف تفرضها ايديولوجية ما ، وتاسيسا على ذلك يمكن استشفاف التواصل مابين الملصق الجداري والمجتمع على انه يرتكز على مجموعة من القيم الفكرية والجمالية والتي يمكن تلخيصها بما ياتي .
ان الملصق الجداري فرز موضوعي لمعطيات المجتمع تؤطره وتؤوله الذهنية الابداعية للفنان، فضلا عن تاطيره بالتلقي الواعي وتهذيبه للذهنية الراكدة في تبنيه معطيات مرجعية وخامات متناولة ، وفضلا عن ذلك ان الية التنفيذ ترتكزعلى الالية التقنية في انجاز الملصق ، والتي تتنامى تقنيا استجابةً لمستحدثات العصر ، اذ ان جهاز الحاسوب عبر برمجياته ( الفوتوشوب PhotoShop وكورال درو CorelDraw ) حل محل التقنية اليدوية التي تعد هي الابدع بالرغم من صعوبتها ،
لان الفن انجاز يدوي التنفيذ ، بيد ان تقنيات الحاسوب لا تقلل من شان الملصق الجداري مع صعوبة اشتغال معظم الفنانين على انظمة البرمجيات مما يؤدي الى استعانتهم بمشغلي البرمجيات الالكترونية ذات المساحة الاوسع تجريبا في اللون والخط وميكانيكية توزيع الاشكال وغيرها من مفردات الملصق .
الفصل الثالث
اجراءات البحث
المنهج المستخدم :
تبنى الباحث المنهج الوصفي كونه يحقق هدف الدراسة الحالية .
اداة البحث:
اعتمد الباحث الملاحظة الميدانية بعد عرض استمارة الملاحظة على الخبراء .
**
مجتمع البحث :
بعد حصر مجتمع البحث في ضوء المسابقة التي نظمتها جماعة نلتقي للثقافة والفنون في 20/تموز/2004 والبالغ عددها (25) ملصقا جداريا ، وبعد اعلان نتائج المسابقة تم فرز (12) ملصقا جداريا فائزا لـ (8) فنانين منهم (4) فازوا بملصقين في حين فاز الاخرون بملصق واحد وقد علقت على جدران بنايات مدينة البصرة في الشارع بعد طباعتها .
عينة البحث :
اختار الباحث (5) ملصقات بوصفها عينة قصدية تمثل مجتمع البحث لـ (4) فنانين وهم :
1 ـ جنان محمد احمد ( ملصقان ).
2 ـ مناف حسين ( ملصق واحد ) .
3 ـ حسين شعاع ( ملصقان ) .
اسباب اختيار العينة :
اختيرت العينات الخمسة للاسباب الاتية :
1 ـ تحييد واستبعاد ملصقي الباحث توخيا للعلمية .
2 ـ تنوع مضامين الملصقات .
3 ـ تنوع الية استخدام الاشكال .
4 ـ تنوع البناء الجمالي ( التكوين ) في الملصقات .
تحليل العينات :
عينة (1) العراق الجديد
ملصق جداري بقياس 50 سم × 70 سم نفذته الفنانة جنان محمد احمد بطريقة اللصق Collage وتمت معالجته في جهاز الحاسوب على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) ، وقد اعتمدت الية خطاب الملصق على التوافق مابين الطفولة بوصفها عفوية الرؤية وعفوية الانتماء للوطن ، لذا سعت الفنانة الى كشف انتماء الطفولة للوطن عبر عفوية الرؤية وقصديتها من خلال التاكيد على زاوية النظر الى الاعلى ( الشمس المشرقة ) وقد احالتها الى خارطة العراق مع النص الكتابي الذي خط بنسخ المطابع وقد استعير من جهاز الحاسوب .
كما اعتمدت هيكلية الملصق انشائيا وجماليا الى الانشاء المفتوح لتجاوبه مع متطلبات المضمون ، ونظرا لعملية التلصيق فان الاضاءة التي اصطبغ بها الملصق توحي بالبهجة مع تجاهل الدراسة الاكاديمية للظل والضوء .
ان القراءة المفترضة للملصق وبالرغم من وضوح بنى ومضامينها المفردات المستخدمة للمتلقي الا ان الملصق لايمكن قراءته دون تامل يتواءم مع المرجعية الثقافية للمتلقي، وانها عملية نسبية غير مقننة، لذا افترض الفنان البصري انتماءه لمدينته ووطنه مع انتمائه للانسانية الاعم .
لذا يعد الملصق من المنجزات التي تثير التساؤل والدهشة، ومنه فانه سيشير القراءة والتاويل وبالنتيجة يعد ملصقا غير هامشي يحمل موضوعية فضلا عن الجمالية التي ارتكز اليها بتوازن الاشكال واستقرارها .
عينة (2) ابتسموا يا اولادي فالمستقبل لكم
ملصق جداري بقياس 50 سم × 70 سم نفذته الفنانة جنان محمد احمد بطريقة اللصق Collage وتمت معالجته في جهاز الحاسوب على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
ارتكز خطاب الملصق في معالجة السطح التصويري باسلوب بسيط تنفيذا ومضمونا لغرض تفعيل عملية التلقي بسبب التعاطف مابين المجتمع ومفردات الملصق ( الشيخ والاطفال ) وباسلوب الجمع مابين صورة الشيخ وصور لاطفال مختلفي البيئات .
تتشكل هيكلية الملصق بابتعادها عن الانشاء الاكاديمي اذ افترضت الفنانة تهميش عناصر البناء الجمالي الاكاديمية لغاية وظيفية على وفق الاستجابة وتفعيلها والتحفيز على المشاهدة ولغاية مضمونية بارتكازها على العنوان الذي اعتمدته الفنانة في النص الخطابي وحميميته ، اما الغاية التنفيذية فقد سعت الى الصاق صورة الشيخ وتحديدها بحجم اكبر من جميع الصور المحددة بينما وزعت صور الاطفال باسلوب متناثر عفوي متجاهلة اكاديمية الظل والضوء الا في انفراد الصور عن بعضها .
لقد كانت استعارة الفنانة ايقونية عبر ادخال الصور الى الحاسوب مما جعلها تغفل حالة التوافق في التنفيذ لاسيما ان برنامج الحاسوب المستخدم بامكانه تجاوز هذه الحالة بالغاء حدود كل صورة وبالخصوص صورة الشيخ .
ان عملية تلقي الملصق قد تحظى بحضور وافر لما للملصق من توجه تعبيري تجسدت في الصور ، لذا اعتمدت عملية التلقي على قراءة مباشرة غير قابلة للتاويل لمعرفة المتلقي بمحلية الصور التي مهدت الى ارتفاع نسبية التلقي .
عينة (3) نحو امل بالسلام
ملصق جداري بقياس 50 سم × 70 سم نفذه الفنان مناف حسين بطريقة اللصق Collage وطبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
يتاسس الملصق من خارطة العراق تحيط بها مجموعة من الحمائم البيضاء، ولمعرفة المتلقي بهذه المفردات وما تعني، يمكن قراءة الملصق بيسر من دون عناء ولشريحة كبيرة جدا من المجتمع .
وتمثلت هيكلية الملصق البنائية باعتمادها على مركزية الرؤية بمعنى توجيه النظر الى المركز ( الخارطة ) ثم ينتشر شعاعها الى المحيط كتصور يرتئيه الفنان ان الحمائم البيضاء علامة رمزية للسلام وان تطايرهن بهذا الشكل يوحي باشعاع السلام والامن من العراق ولاسيما بعد معالجة الانارة باشعاعها من المركز .
كذلك يمثل الملصق حالة التواصل بين المجتمع وتاويلات الفنان لانجازه الفني بمسحته البسيطة والمضمون الاعمق بعد تعضيده بكلمات خطت بنسخ المطابع المستعار من الحاسوب . كما اعتمد الفنان في انجازه على مفردات ادخلت الى الحاسوب كالخارطة والطيور التي تركها تسبح في فضاء مفتوح ، وربما لو وضعت الخارطة اسفل الملصق ووضعت الطيور في حالة تطاير الى الاعلى لاصبحت تقنيتها افضل لان الحمائم في الاسفل توحي بالتساقط والهوي نحو الاسفل .
ان استعارة الفنان الرمزية عضدت من تقبل المجتمع للملصق خلال قراءة المفردات وفقا لخزينه المعرفي لهذه المفردات بوصفها مفردات عراقية ( الخارطة ) وانسانية ( الحمائم ) لذا ارتفعت عملية التفعيل الى اشدها لدى المجتمع .
عينة (4) ارضنا ارض الخير والعطاء
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذه الفنان حسين شعاع بطريقة اللصق وقد الغى المبرمج الية اللصق بالغاء حدود الاشكال ومن ثم احالها الى هذا الشكل وطبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
اعتمد الفنان في خطابه على المباشرة في الطرح من خلال محاكاة الطبيعة عبر مفردات عايشها وتالف معها صميميا ( الكوخ والقصب والماء والنخلة ) بوصفها معايشة وقد تالف المجتمع البصري عليها ، وهو تعبير عن انتماء الفنان والمجتمع للارض والوطن بطرح سهل التقبل والقراءة لذا ابتعد الفنان عن المنظور السياسي الصرف واتجه حيال التوجه الاعلاني ، كما تشكلت هيكلية التصميم البنائية الى التكوين العشوائي غير الاكاديمي لعدم اعتماده على العناصر الجمالية للبناء ، فوضع كتلة الكوخ في الاعلى ووضع بقية الاشكال باسترسال تراتبي تحت الكوخ ، مما يوحي ان الملصق ابتعد عن ذهنية الفنان واتجه حيال الية تصميم المبرمج .
ان قراءة الملصق لا تحتمل التاويل لانها قراءة لمفردات معاشة لا تستوجب الترميز، لذا لايمكن للملصق ان يثقف المجتمع بمفردات يعهدها ويعرفها جيدا في حين يمكن للمجتمع ان يفعل الملصق للسبب ذاته .
عينة (5) البصرة بيت الفكر والتاريخ
ملصق جداري بقياس 50 سم × 70 سم نفذه الفنان حسين شعاع بطريقة اللصق Collage بعد ادخال الاشكال الى جهاز الحاسوب ،وقد وفق المبرمج نسبيا بتوزيع الاشكال فضلا عن الغاء حدود صوره المركبة ،كما طبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
يقترب خطاب الملصق من خطاب العينة (4) ولاسيما انهما للفنان ذاته او المبرمج ذاته الا ان العينة (5) تعد اكثر نضجا في الطرح ومن جوانب عدة اهمها ابتعادها عن المحلية الصرفة ( البصرة ) وارتكازها الى التاريخ القديم ( المنارة المفصصة ) على اعتبار ان التاريخ ملك المجتمع برمته .
اما الجانب الاخر فان التوزيع الجمالي للاشكال يحمل وعيا جماليا ليس هو في العينة (4) .
كما اشترك الملصقان في الجانب الاعلاني على الرغم من اتصال الاخير بالجانب التاريخي والفكري للمجتمع العراقي وقد يؤطر البصرة مدينة فكر وتاريخ ، لذا ابتعد الملصق عن القراءة التاويلية من خلال محاكاة الفنان للموجودات التاريخية وللطبيعة ، ولهذا يمكن تفعيل المجتمع للملصقين بنسبية معتدلة كونهما عرضا اشكالا غير رمزية ومقروءة من دون جهد او عناء يذكران، وللسبب ذاته يمكن تحاشي الملصقين او تهميشهما بسبب الخزين المتراكم لهذه المفردات لدى المجتمع .
الفصل الرابع
النتائج والاستنتاجات
النتائج ومناقشتها
خلص الباحث الى النتائج الاتية :
1 ـ نفذت جميع الملصقات على اجهزة الحاسوب على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) وطبعت بقياس واحد 50 سم × 70 سم ، وذلك لمعرفة الفنانين وما ستؤول اليه الملصقات تقنيا لان التنفيذ الالي يفضي الى نتائج جمالية .
2 ـ اعتمدت بعض الملصقات في النص الكتابي على خط نسخ المطابع في حين ظهـرت الاخرى بخطـوط اخرى وجميعهـا مستخرج مـن خطوط جهاز الحاسوب توخيا للدقة والجمالية التي تمتاز بها خطوط الحاسوب .
وفي الفقرتين ( 1 ، 2 ) لا يمكن الركون الى مسالة ابتعاد الملصقات عن الابداع على اساس ان الفنانين لم يباشروا العمل على برامجيات الحاسوب ولم ينفذوا عملية كتابة الخطوط لانهم لا يعدون من الخطاطين ، لذا فانهم يلجاون الى اخرين في عملية التنفيذ .
3 ـ تبين ان الملصقـات جميعهـا تشترك بنظام فيـه ثبات من حيث المفردات
المستخدمـة لانها تشترك بمرجعية واحدة ، غنى هذه المرجعية يعد نضوجا في ذهنية الفنان في حال استعاراته منها .
سعت الملصقات الى تعضيد الصور الايقونية بقصدية كامنة في بنية الصورة الطبيعية الكامنة في ذهنية الفنان المتقدة وذهنية المتلقي على حد سواء ، سوى ان الفنان يفعلها بما تؤول اليه عملية تفعيل رؤية المتلقي .
اعتمدت الملصقات على بناء جمالي غير اكاديمي بالغاء معظم عناصر التكوين فالملصق يتجاوز بقدراته التنفيذية بتحفيز تقنية الفنان للملصق فتؤدي الى الاختزال بوصفه قيمة جمالية تجاوز المالوف .
بالرغم من استخدام اشكال ادخلت الى الحاسوب الا ان الاستعارات تباينت مابين الايقونية والرمزية والاشارية .كتحصيل حاصل لخزين الفنان والمتلقي .
اما ما يخص تفعيل المجتمع للملصق الجداري، فان الباحث توصل الى النتائج التالية :
1 ـ بفعل الاستعارات التي استخدمها الفنانون فان عملية التلقي ازاحت التاكيدات الاخرى كاللون والخط والكتابة من خلال قراءة المفردات وتاويلها ، بوصفها قيما عرضها الفنان على المتلقي بغية التوافق معها .
2 ـ ناقشت الملصقات الجدارية المضامين الانسانية مما اسست لها تفاعلا جماهيريا اغنى الملصقات ، وفي الوقت ذاته اغنت المجتمع علما بما يحيطه ، لانها نتيجة متوخاة تفترضها انسانية الفنان ومشاركته المجتمع همومه ، وبوصفه قادرا على قراءة ما يحيطه بصورة اكثر موضوعية، مما يؤدي الى مخاطبة المجتمع بادواته الفكرية والجمالية .
الاستنتاجات
وتاسيسا على النتائج استنتج الباحث ما ياتي :
1 ـ تمثل الملصقات الجدارية مفاهيم فكرية متداولة اجتماعيا تحمل تاويلا فرديا او جماعيا بوصفها ترجمة لوجدان المجتمع ، لذا يمكن اعتبارها ملصقات جماهيرية التلقي .
2 ـ ان فهم الملصقات اجتماعيا باعتباره تجسيدا للاشكال المرئية يكشف عن رمزيتها وذلك تجلى بسعي الفنان بانتزاع الاشياء من قيمها المتداولة ليؤولها الى استعارات شكلية ذات دلالة .
3 ـ ان العمل الفني يفترض قراءة واستجابة واضافة ذاتية لمحاولة اكتماله ذهنياً ، لان العمل الفني لاسيما الملصق الجداري اكثر انتشارا وتفاعلا مع المجتمع ، لتتاسس استنتاجات الباحث باقتراب عملية التلقي من التوجه الرومانتيكي في الفن الذي يؤكد على ان العمل الفني يكتمل بعملية التلقي لان العمل الفني غير المكتمل اكثر جاذبية وعمقا لعدم امكانية استنفاذه وتعريفه .
4 ـ تمثل الملصقات الجدارية كغيرها من الاعمال الفنبة خطابا دلاليا مكثفا يستقرؤه المتلقي على انه حالة وسط بين المنتج الفني والفنان التشكيلي فتتضح بذلك عملية التفعيل من تداخل هذه القراءة .
التوصيات
بالنظر لاهمية النتائج التي خلص لها الباحث يوصي بما يفعَل الملصق اجتماعيا وكما ياتي :
1 ـ يوصي الباحث ان تكلف لجان متخصصة من المؤسسات الفنية في المحافظة وبالتعاون مع الجهات الاعلامية في المؤسسات الاخرى للمحافظة لوضع ضوابط الية في عملية تثبيت الملصقات على الجدران في الشارع ، وان تكون مدروسة ، لا كيفية ، مع توعية الجميع من عدم كتابة الشعارات ولصق الصور الشخصية فضلا عن تحديد الوسائل الاعلانية ولاسيما اسماء المحلات التجارية بالضوابط ذاتها لما لها من مظاهر ليست جميلة، كما يستوجب توعية اصحاب الشان جماليا في تثبيت الملصقات في اماكن مناسبة بالنسبة للضوء والفضاء وغيرها .
2 ـ يوصي الباحث باستكمال دراسة الجوانب الاخرى في التصميم الجداري كل حسب فهمه .
يوصي الباحث بدراسة الاسس الجمالية لتجميل المحافظة وتفعيلها .كما هو معتمد في معظم بلدان العالم وبالاخص دول المغرب العربي التي زينت جدران مدنها بالتصميمات والرسوم الجدارية من قبل الفنانين .ولالية العمل يجب التنسيق بين المحافظة وكلية ومعهد الفنون وجمعية الفنانين التشكيليين في البصرة والاعداد لهذه الدراسة وعدم تهميشها بالاعتماد على مجموعة تدَعي الفن والابداع .
المقترحات
1 ـ يقترح الباحث في تهيئة كوادر متخصصة في تشغيل برامجيات الحاسوب ضمن استحداث قسم التصميم مع توسيع دائرة المعرفة عبر دورات مكثفة وموسعة للعمل على برامجيات التصميم في الحاسوب .
2 ـ استحداث قسمين تخصصيين للتصميم والطباعة ( الكرافيك ) في كلية الفنون الجميلة وتهيئة الكوادر المتخصصة ، وعدم الاكتفاء بدرس ( الكرافيك ) الذي لايفي بالغرض المنشود لعدم وجود المتخصص منذ تاسيس الكلية في جامعة البصرة ، مع حث الطلبة على الانضمام الى هذا القسم لما يحمل من مضامين جمالية في التنفيذ والعرض قد تفوق الاقسام التشكيلية الاخرى .
الملاحــــــق
ملحق (1)
جماعة نلتقي l : مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تمتلك شخصية مستقلة وتسعى لبناء ثقافة وطنية ديمقراطية حرة لا ترتبط باي ايديولوجية او صيغة مؤسساتية .
تاسست بعد ان اتفق مؤسسوها على ان تكون مصدر اللقاء لفناني وادباء ومثقفي البصرة . . لكي يعبروا في هذا الزمن الرمادي عن املهم المنشود في الحرية ، وقد اسهمت هذه الجماعة من خلال نشاطاتها في ابراز اهمية المجتمع المدني في بناء العراق الجديد ومن نشاطاتها اقامة معرض البوستر السياسي في 20 تموز 2004 على قاعة فندق المربد في البصرة لنشر الوعي الاجتماعي بين ابناء المجتمع من خلال حملة لصق البوسترات التي تتحدث مواضيعها عن الانسان العراقي الجديد ، اذ عرض ( 25 ) ملصقا في مسابقة فازت منها ( 12 ) ملصقا ل ( 8 ) فنانين من البصرة ، واعيد عرض البوسترات الفائزة ال (12) في 25 ايلول 2004 على قاعة افكار في بغداد .
ملحق (2)
الاستاذ الفاضل المحترم
يروم الباحث بناء اداة بحثه الموسوم ( الملصق الجداري وامكان تفعيله اجتماعيا ـ البصرة انموذجا - دراسة تحليلية ) وهي استمارة ملاحظة ميدانية، وةد تم تثبيت بعض البنود للاداة حيث ارتاينا ان نعرض عليكم هذه الاداة لما نعهدكم فيه من خبرة علمية، فضلا عن كونكم اكثر المعنيين اتصالا واهتماما بهذه العملية ولما تتصفون به من تعاون في المجالات التي تعود بالفائدة العلمية .
لذا يضع الباحث هذه الاداة امامكم ونرجو ان يكون تعاونكم معنا خدمة للبحث العلمي .
المدرس
ازهر داخل محسن
استمارة ملاحظة
يروم الباحث تقصي الجوانب الجمالية والتقنية ( فيما يخص الية التنفيذ ) والجانب الاجتماعي (فيما يخص عملية التلقي) على وفق ما ياتي :
اولا : الية التنفيذ ( يصلح لا يصلح الملاحظات )
(أ) الجانب الجمالي
* العناصر الجمالية للتكوين
الانشاء
1 ـ مغلق
2 ـ مفتوح
3 ـ مركزي
4 ـ اخرى تذكر
* الخط واللون والظل والضوء والتوازن والفضاء
1 ـ دراسة اكاديمية
2 ـ عشوائية
3 ـ اخرى تذكر
* الكتابة
1 ـ الخط حسب القاعدة
2 ـ خط نسخ المطابع
3 ـ غير خاضع لقاعدة
(ب) الجانب التقني
1 ـ استخدام مفردة الحاسوب
2 ـ استخدام مفردة خارجية
3 ـ تحوير المفردة
4 ـ استعارة العلامة
ثانيا : عميلة التلقي
(أ) اعتمد المتلقي على
1 ـ محاكاة المفردة
2 ـ تاويل المفردة
3 ـ تهميش المفردة
4 ـ التاكيد على اللون
5 ـ التاكيد على الكتابة
6 ـ التاكيد على الكتابة واللون
(ب) الجانب الاجتماعي ، تعامل المجتمع مع الملصقات على وفق ما ياتي :
1 ـ محلية صرفة
2 ـ عراقية صرفة
3 ـ انسانية
4 ـ سياسية
5 ـ تاريخية
6 ـ غيرها تذكر
(ج) نسبية عملية التلقي
المصـــــــادر
1 ـ محمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي ، مختار الصحاح ، رتبه محمود ، خاطر ، دار التراث العربي للطباعة والنشر ، القاهرة ، السنة بلا ، ص 597 .
2 ـ ضياء العزاوي ، فن الملصقات في العراق ، وزارة الاعلام ، السلسلة الفنية (26) ،
مطبعة الاديب ، بغداد 1974 ص 11 ،
3 ـ محمد تعبان ، قوة الملصق ، مجلة الرواق العدد / 6 تموز 1979 ، مؤسسة رمزي
للطباعة ، دائرة الفنون التشكيلية ، بغداد ص 24 .
4 ـ د . اياد حسين عبد الله الحسيني ، التكوين الفني للخط العربي وفق اسس التصميم ،
دار الشوؤن الثقافية العامة ، مطابع دار الشوؤن الثقافي ، بغداد ، 2002 ، ص 11 .
5 ـ د . زهير صاحب ، الفنون السومرية ، ايكال للطباعة والنشر ، بغداد 2004
ص 141 .
6 ـ توماس مونرو ، التطور في الفنون ج 1 ، ترجمة محمد علي ابو درة ، لويس
اسكندر جرجس ، عبدالعزيز توفيق جاويد ، راجعه ، احمد نجيب هاشم ، الهيئة
المصرية العامة للتاليف والنشر 1971 ص 129 .
7 ـ د . زهير صاحب ، الفنون السومرية ، ص 51 .
8 ـ د . ثروت عكاشة الفن العراقي القديم ، سومر وبابل واشور ، المؤسسة العربية
للدراسات والنشر ، مطبعة فينيقيا ، بيروت السنة بلا ص 158 ـ 160 .
9 ـ محمد تعبان ، قوة الملصق ، ص 24 .
10 ـ توماس مونرو ، التطور في الفنون ج 1.ص 241 .
11 ـ دليل جماعة نلتقي .
12 ـ OXFORD word power. University press. P ( 571 ).