الخصائص الترسيبية والمورفولوجية للساحل العراقي

الاستاذ بدر نعمة عكاش
الاستاذ نمير نذير مراد علي الخياط
الاستاذ حسن خليل حسن

   المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
  يأتي الاهتمام من قبل العلماء والباحثين في البيئات الساحلية لإمدادها بموارد اقتصادية وحيوية هائلة، وتعد السواحل في بعض البلدان أساس الثروة وتعتمد عليها حالة السكان ومستواهم المعيشي، كما انها تشكل قوة اقتصادية وسياسية لتلك الدول ، وللواجهات البحرية أهمية اقتصادية في عدة حرف من أهمها ( الملاحة والصيد والسياحة ) كما يمكن استثمار الحركات المائية في توليد الطاقة الكهربائية ، فضلا عن اهميتها البيئية كونها تزخر بأنواع لاحصر لها من الموارد الحية، التي من الممكن استثمارها اقتصاديا، وتتداخل مجموعة من العوامل في طبيعة الاستثمار الساحلي كالظروف الطبيعية والبشرية ، وتتميز السواحل المصبية ومنها ساحل العراق بظروف خاصة مثل ضحالة المياه التي تحدد مظهرها المورفولوجي، فضلا عن مشكلة قلة اتساع الواجهات البحرية في هذه الجهات ، فبينما تمتد السواحل الى عدة كيلومترات في بعض الأقاليم ، لاتتجاوز في البيئات المصبية ، ومنها سواحل شمال الخليج العربي بضع كيلومترات.

   وعند التعرض لمصطلح الساحل يظهر اختلاف في تحديد هذا المفهوم من قبل المختصين حيث ان علماء الجيورموفولوجيا يجمعون بين لفظتي ساحل ( Coast ) ، وشاطيء ( Bench ) بمدلول واحد(*) ويختلف معنى اللفظتين لدى الجغرافيين ، علما انه ليس هناك اتفاق تام بين الجغرافيين على تحديد المقصود بلفظتي الساحل ( Coast ) والشاطيء ( Beach ) ويعود ذلك الى اختلاف تحديد المفهوم اللغوي لكل لفظة ، فبينما يعرف بعضهم الساحل على انه الشريط الذي يتقابل على امتداده اليابس بالمسطح المائي المجاور له ، اي ان الحديث عن الساحل هو مرتبط يالحديث عن اليابس ويهدف هذا البحث الى تحديد خصائص الساحل العراقي والعوامل المؤثرة في تلك الخصائص ، والتي انعكست على طبيعة الاستثمارات الساحلية ، ومدى امكانية الاستثمار الاقتصادي للساحل .

   وتنص فرضية البحث على مايلي :    لعبت مكونات الساحل من حيث الرواسب الارضية والمياه الجوفية والبحرية ، بمساعدة عوامل جغرافية اخرى والخصائص الاقيانوغرافية دورا في تحديد الخصائص الحالية للساحل ، و ان لطبيعة الساحل وموقعه دورا في تحديد خصائصه الشكلية ومدى استثماره الحالي والمستقبلي .

   يقع الساحل العراقي في القسم الجنوبي من القطر العراقي ، وهو جزء من محافظة البصرة ، ويمثل نهاية اليابسة واتصالها بالمياه البحرية، حيث تتدرج الارض بالانخفاض نحو الخليج العربي في أقصى الجزء الجنوبي من السهل الرسوبي ابتداءاً من السباخ الساحلية في جهة الشمال حتى ادنى مستوى للجزر في جهة الجنوب، ولايفصل منطقة الدراسة عن الخليج العربي سوى سدة اصطناعية تقف عندها المياه البحرية في اعلى مد، حيث تمتد منطقة السباخ الساحلية بمعدل ( 27 كم ) نحو الشمال، وبمساحة تقدر بحوالي (736 كم 2)، وفلكيا تقع منطقة الدراسة بين دائرتي عرض( 000 49 29 ) و (12 0 5 0 30 ) شمالا وقوسي طول ( 0 06 01 48) و ( 000 44 48 ) شرقا لاحظ ( الشكل 1 ) ، اما الجزء الجنوبي من منطقة الدراسة فيتمثل بالشريط الساحلي ، وهو عبارة عن مسطحات مدية تمتد من الشمال الغربي باتجاه الجنوب الشرقي لمسافة ( 64 كم ) ، بين الضفة اليمنى (الغربية) لشط العرب شرقا، ومدخل خور الزبير غرباً ، اما عرضها فينحصر بين اعلى مايمكن ان تصل اليه مياه المد وادنى ماتنحسر عنه مياه الجزر او خط الصفر ويتباين هذا العرض بحسب طبيعة الارساب ومستوى الارض الطبيعي، ويبلغ اكبر اتساع لمسطحات المد قرب المصب (15000 م) .في حين يكون اقل اتساع لها قرب مدخل خور الزبير لاقل من (100 م) تقريبا.


أولاً : الطبيعة الفيزيوغرافية والترسيبية للساحل العراقي :

   ان الطبيعة الفيزيوغرافية والترسيبية لسواحل الخليج العربي ومنها منطقة الساحل العراقي ، تعود الى التأريخ الجيولوجي الحديث ( Recent Geological History ) ، حيث يعود التتابع الطبقي لرسوبيات العصر الرباعي ( Quatemary ) الى مايقارب ( 30 الف سنة الماضية ) ، والتي ارتبطت بالتغيرات البيئية في المنطقة وفي مقدمتها تجهيز الرسوبيات الفتاتية من الانهار ، والتغير في مستوى سطح البحر والترسيب الريحي خصوصا خلال مدة ورم الجليدية ( warm Glaciation ) واستمر ترسيب الارجوانايت وترسيب الصلصال ( Marl ) حتى استثقرت الحالة للخليج العربي ( كريم وسلمان ، 1988 ، ص 256 ) .

   وبالاستناد الى نظريات تذبذب مستوى سطح البحر الذي كان يغمر منطقة الخليج العربي خلال مرحلة العصور الجليدية، فخلال تلك الفترة حدث تنشيط تكتوني على امتداد صدع الفرات الممتد حتى خور الزبير الحالي بموازاة سهل وادي الرافدين، ونشاط الترسيب الذي نتج عنه تكوين الحمار ( المتألف من الطين الجيرى والرمال ) بسمك يتراوح بين ( 4 ـ 20 متر ) تحت الرواسب النهرية ( كريم ، 1992 ، ص 143 ) وقد اثر التنشيط التكتوني خلال ( 2000 سنة الاخيرة ) ، وما رافقه من ارتفاع تضاريس منطقة الزبير ، وزحفه تدريجيا نحو الشرق، وارتفاع تركيب منطقة السيبة ، كل ذلك اثر في جعل منفذ ( خورالزبير / خورعبد الله) المجرى القديم لنهر الفرات ، والى انقطاع نهر ابي الخصيب القديم وجفافه ، وزحف مجرى نهر دجلة نحو الشرق بحدود ( 15 كم ) ، وبالتالي تشكيل مجرى شط العرب في موقعه الحالي ( كريم وسلمان ، 1988 ، ص 218 ) ويعود تاريخ الارساب في السواحل الشمالية والشمالية الغربية الى عصر الهولوسين المتأخر عكس السواحل الايراني( Iranian Costs ) التي تعود الى تكوينات البلايستوسين المتأخر ( Al ـ Asfor , 1976 pp . 10 ـ 11 ) خصوصا خلال المده الواقعة بين البلايستوسين المتأخر ( Last Pleistocene )، والعصر الحديث ( Recent ) ، حيث تظهر الرواسب النهرية الحديثة Younger ( Aluvial Deposits ) ذات الترب الطينية والغرينية الناعمة في السطح، في حين تحتل الرمال الناعمة والغرين اقصى عمق لها بين ( 25 ـ 30 متر ) ( وهي تمثل سطح تكوين الدبدبة ) ، وتليها طبقة من الطين الناعم والناعم جدا على عمق ( 15 ـ 24 متر ) ، وينعدم الرمل ضمن الاعماق ( 0 ـ 14 ) متر ( Khen , et , al , 1992 , pp. 80 ـ 84 ) .

   ومن خلال مقارنة الخرائط الادمييرالية يتبين ان معدل نمو مسطحات المد على طول الساحل العراقي لفترات متباينة على حساب مياة الجزء الشمالي من الخليج العربي وبلغت مساحة الرواسب الساحلية في مسطحات المد للعام 1986 ( 184 ) كم² وازدادت امساحة عام 2004 الى ( 188 ) كم² وبلغت مساحة الجانب الشرقي لعام 1986 ( 126 ) كم² وفي عام 2004 ( 134 ) كم² أي بزيادة قدرها ( 8 ) كم² خلال ( 18 )سنة في حين بلغت مساحة الجانب الغربي عام 1986 ( 58 ) كم² وانخفضت الى ( 54 ) كم² عام 2004 أي بنقص قدره ( 4 ) كم² خلال ( 18 ) سنة ( شكل 2 ) .

   ويمكن تعليل هذا التباين في حجم مسطحات المد والجزر بين اجزاء منطقة الدراسة والامتداد المساحي في الجانب الشرقي ( قرب المصب ) مقارنة مع الجانب الغربي الى نتيجة عمليات الترسيب العالية وظروف التيارات الضعيفة في الجانب الشرقي فضلا عن الجريان السريع لمجرى شط العرب عند المصب .

ثانياً : الوحدات المورفولوجية للساحل العراقي

   تأتي أهمية دراسة الوحدات المورفولوجية والترسيبية في منطقة الدراسة والمناطق القريبة منها ، لغرض الاستدلال على العوامل المؤثرة في طبيعة البيئات الترسيبية واتجاه تطورها ومحاولة مقارنتها مع الوحدات الارسابية الاخرى .

   وتعد منطقة الدراسة بيئة طينية واسعة ومنبسطة تقع بين اليابس المتأثر بالمياه البحرية الضحلة ، وهي تنحدر من الشمال والغرب نحو الجنوب والشرق ، وبشكل عام يتأثر الساحل العراقـي بالحركات المائيـة التي تسبببها ظاهـرة المد والجزر (نصف اليومي) ويمكن تمييز ستة وحدات مورفولوجــيه للساحل العراقي، كما يوضح ذلك الشكلين ( 4 , 3 ) وهذه الوحدات تعطي تصورا عن العوامل الطبيعــية المؤثرة في طبيعة المنطقة وشكل وتوزيع الرواسب وهذه الوحدات هي:

1 ـ ( Supra Tidal Flat) أو المسطحات الخلفية للساحل ( Coastal Sabkhas ) :

   السباخ الساحلية ( وهي اسطح ترسيب وتفريغ متوازية تصل الى مستوى منسوب الماء المحلي , وتمثل نهاية حدود الخاصية الشعرية فوق مستوى منسوب جسم الماء).

   ونشأ على امتداد الخطوط الشاطئية في السواحل الجافة ، وتشكل هذه المنطقة الجزء الواقع خلف الحدود الدائمية لمنطقة اعلى مد ، حيث يفصلها خط السـاحل عن مسطحات بين المدين العليا ، ويكون امتدادها العام جنوب السهل الرسوبي من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي ، وتمتد هذه الوحدة إلى شمال منطقة الدراسة بأتجاة اليابس بمعدل إمتداد طولي يتجاوز ( 130 كم ) ضمن المنطقة الواقعة بين مصب شط العرب من الشرق ومجرى خور الزبير ، وتحتل بذلك مساحة واسعة طوليا ، وعرضيا ويتراوح منسوبها مابين ( الصفر ) عند المناطق الواقعة خلف الساحل، تنخفض في بعض الجهات وبمعدل ( 3.0 ـ 4.0 م )عن مستوى الارض الطبيعيـة . (Darmonian & Lindqvist. 1988.pp. 15 ـ 37 )

2 ـ مسطحات بين المدين ( Intertidal Flats )

   وتدعى بمرقات خور عبد الله، وهي المنطقة التي تكون معظم اجـزاء الساحل ، والــتي تحدد ملامحه وامتداده، وتنحصر في النطاق الواقع بين اعلى مستوى تصل اليها مياه المد العالي ، وتمتد الى مادون مستوى اوطـيء جزر ، ( Turbidities Water Zoneوالتي تشكل منطقة المياه العكرة ( خلال المد ,وبالرغم من صعوبة تحديد معدل امتدادها باتجاه الخليج العربي بسبب تباين مديات تقدم المـد وانحسار الجزر, الا ان امتدادها يقدر حوالي 15000 متر قرب رأس البيشة بانحدار طفيف باتجاه الخليج العربي , وحوالي 100 متر قرب مدخل خور الزبير وتكون معظم ترسباتها من الغرين ثم الطين ونسبة قليلة جدا من الرمل كما تتميز بمحتواها الرطوبي العالي مقارنة بمسطحات المد العليا .

3 ـ مسطحات تحت المدين ( SubTital Flats ) :

   وتمثل الجزء الارسابي الذي يغمر بمياه المد باستمرار ، حيث تنحـدر باتجاه البحر ويكون انحدارها تدريجيا وتتحكم الامواج الناتجة عن التيـــارات المدية في نظام الترسيب لهذا الجزء ويكون الانحدار متغيرا بسبب ما تظيفه الانهار من رواسب بشكل مستمر ويكون امتداد هذة المسطحات باتجاه قاع الخليج العربي وتكون في الجزء الشرقي اكثر امتدادا مقارنة بالجزء الغربي من الساحل بالقرب من خور الزبير .

4 ـ وحدات المصب الفيضي ( Fluvial estuarine unite ) :

   وتظهر في المناطق القريبة من مصب شط العرب ،ويمكن تصنيف هذه الوحدات على اساس تباين الاعماق فبينما يكون العمق صفرا في الدلتا حيث يتراوح ما بين متر واحد في المناطق الضحلة وتسعة متر في قناة روكا وتشمل هذة الوحدة على ما يلي :

أ : الدلتا ( Delta )
   وهي جسم مائي ضحل مفتوح يقع عند نطاق التفاعل بين النهر والبحر، وتحاط الدلتا باليــابس والقنوات النهرية من جهة وبالبحر من جهة اخرى، وتتمثل الدلتا في منطقة الدراسة بمنطقة رواسب ممتدة على شكل حاجز طيني بشكل طولي وعرضي على جانبي مصب شط العرب ( جوانب القناة المصبية ) ، وتشكل بذلك منحدر مع اتجاه المحور الر ئيسي لشط العرب باتجاه الخليج العربي ، ويدعى هذا تتغير مساحتها الطولية والعرضية ، المنحدر بمنحدر ( Delte Slope ) دالتا واعماقها بشكل مستمر ، حيث تتميز هذه الوحدة الارســابية بمعدل ترسيب عالي ساهمت في جعلها تتطور مع مرور السنين وقدر (المنصورى ،19960 ، ص 116 ) الحمولة النهرية لشط العرب لعام 1996 بحــــوالي ( 9500000 طن ) سنويا كحمل عالق ، و ( 85000 طن سنويا ) كحمل قاعي ، بينما قدر معدلات الترسيب الـنهر جنوب التقاء نهر الكارون بشط العرب بمعدل يتراوح مابين ( 167000 ـ 2032000 طن / سنويا ) بزيادة واضحه مقارنة مع معدل الترسيب شمال شط العرب في القرنه سوى ( 220000 طن / سنويــا ) عند ايراد مائي ( 19 مليار متر مكعب ) ( عبد الله ، 1990 ، ص 13 ) ومعظم ترسبات الدلـتا متكونة من مجموعة من الترسبات المختلطة وهي ترسبات نهرية وحياتية مصدرها شط العرب والعواصف الغبارية ( الهاشمي 1869 ص 384 ) .

ب ـ القناة المصبية ( Esturarine Channel ) :
   وتدعى بالقناة ( Rooka Channel ) ، وتمتد من الجـزء الاعلى للمصب الملاحية او قناة الروكا ( الفيضي ) ( مصب شط العرب ) بين التقاء نهر الكارون بشط العرب حتى بداية حدود المياه العميقــــة ، وتشكل المسافة التي يتوغل فيها تيـار شط العرب داخل الخليج العربي، ويقع عند مدخلها الشمالــــي سد هلالي يدعى بسد شط العرب الخارجي ( Outer Bar ) بينما يقع على جوانبها مناطق ضحلة تنتشر عليها رواسب المصب الفيضي ( Fluvial Estuarine Sediment ) او ( خط الصفر عند اوطأ جزر ) ، حيث تتميز هذه المنطقة باعلى معدل للترسيب ، وبالاخص على جوانبها بفعل طبيعة التيارات المائية والمزج الحاصل فيها، ويبلغ معدل عرضها ( 1270 م ) ، وتترواح اعماقها ما بين ( 7 ـ 10 م ) .

5 ـ وحدة الخيران الساحلية (*) :

   تقع مجموعة من القنوات الصغيرة التي تشق الساحل العراقي في الجانب الشمالي الغربي ( مقابل جزيرة وربة ) ، وتمتد على مساحة تقدر بـ ( 5 )كم² ، وهي عبارة عن قنوات متداخلة وذات امتداد عشوائي تمتد من الساحل نحو اليابس ، ويتراوح عرضها بين ( 60 سم ) في الجهات البعيدة عن الساحل بمعدل عمق ( 30 سم )، ويكون حوالي ( 8 متر ) عند ضفة الساحل، بمعدل عمق ( 3 م ) وتشبه هذه الخيران ( خيران المصب ) حيث تتسع مداخلهانتيجة للتبادل لمائي للحركات المادية عند نهاياتهاالجنوبية في الخليج، بفعل مياه المد الداخلة اليها ومياه الجزر الخارجة منها ، وتبقى القنوات البعيدة عن طاقة هذه الحركة شبه جافة الا خلال المد العالي واعتماد رأى (Hansman , 1978 ) يبدو ان هذه الخيران تكونت في ذات الوقت الذي تكونت فيه البحيرة الشاطئية الطولية لخور الزبير قبل حوالي ( 1000 ) سنة واندثار القنوات المرتبطة بشط العرب من الجهة الشرقية للساحل العراقي وخلال هذه الفترة حدث انقطاع لجريان المياه العذبة من مجرى نهر الفرات القديم والمتصل بخور الزبير ( الذي كان يقع الى الغرب من مجراه الحالي ) .

6 - الوحدات القاعية ( Bottom Unit ) :

   وهي الوحدات البعيدة نسبيا عن الساحل العراقي، ضمن البيئة البحرية التي تقل فيها الترسـبات وتزداد فيها سرع التيار ، ولذلك تتميز بعمقها الذي يميزها عن الوحدات الارسابية القريبة من الساحل والمصب النهري وتعد هذه الوحدات خطوط ملاحية بسبب ملائمة اعماقها للملاحة وقد قسم ( Darmoian & Lindqvist, 1988, p. 17 ) هذه الوحدات الى

ثالثاً : قناة خور عبد الله ـ خور ( Abdullah ـ Shetana Channel )

رابعاً : أ ـ شيطانة
   وهي قناة يتراوح العمق فيها ( 7 ـ 14 م ) وينحدر المحور الطولي لقناة خور عبدالله نحو الخليج العربي لمسافة ( 60 كم ) باتجاه (شمال غرب ـ جنوب شرق ) ويتراوح عرضها مابين ( 1 ـ 4 كم ) ، وتتألف من رواسب قاعية من الغرين والطين ونسب اقل من الرمل ، حيث تبلغ نسبهما ( 5.39 ) ( 1.39) ( 6.21 % ) على التوالي .

خامساً : ب ـ القنوات الغارقة ( Sub merged Channel ) :
   وهي وحدة اكثر عمقا من الوحدات الارسابية الاخرى(القريبة من الساحل) وتبعد على الساحل ( بحدود 50 كم )، وتنحدر نحو محور الخليج لمسافة ( 100 كم ) لاعماق تتجاوز ( 30 م ) وبعرض يتراوح ما بين ( 3.0 ـ 5.0 كم )، وتنخفض عن مستوى القاع الطبيعي بمعدل يتراوح مابين ( 9.0 ـ 5.3 م ) ، ومن اهم هذه الاخوار ( خوري العمية والخفقة ) ، وتتميز هذه بالترسيب الرملي، كونها تتعرض لنمط معقد من الترسيب بفعل التيار القاعي للخليج العربي.

  وعموماً تتميز خيران منطقة الدراسة بارتفاع المدى بين المد والجزر الى اكثر من ( 3.2 ) متر والى ( 5.18) متر في حالة المد والجزر الفيضي وان المدى ياخذ بالاتساع تدريجياً من الشرق الىالغرب وهذا يتطابق مع حقيقة ان مديات المد والجزر تأخذ بالتزايد التدريجي في حالة الخيران الضيقة نسبياً باتجاة اليابسة وان المدى العالي للمد والجزر يلعب دوراً في تعرض تلك المسطحات الى عوامل التجوية الفيزياوية والكيميائية ولا سيما تلك المساحات التي تمتاز بانخفاض كثافة الغطاء النباتي فوقها مثل مسطحات ما تحت المد فضلاً عن مسطحات المد الاعلى ، كما يلعب المدى دوراً مؤثراً في سرعة التيارات المدية حيث يتميز خور الزبير بالجريان السريع لتيارات المد والجزر وابتداءاً من المدخل وحتى نهاية الخور, وقد لعبت قوة اندفاع الماء دوراً مباشراً في عمليات تعميق الخيران نتيجة لقدرتها على تعرية الرواسب فضلاً عن الدور الذي تلعبه في عمليات الاذابة بعد ازالتها للعناصر القابلة للذوبان من اسطح الصخور من خلال التأثير المباشر لجهد القص المائي بأتجاة الصخور اوبنشاط التيارات المائية المتولدة بفعل الرياح.

   وان سرعة التيارات في خور الزبير خلال فترات المد اعلى منها خلال فترات الجزر نتيجة لقصر الفترة التي يستغرقها المد مقارنة مع الفترة التي يستغرقها الجزر وان السمة المميزة لمعظم الخيران في منطقة الدراسة هي نشؤوها فوق السهل الساحلي الواطئ وتعامدها مع خط الشاطئ وتعد هذه الخيران من المظاهر السريعة الزوال ضمن التاريخ الجيولوجي سرعان ما تمتلئ بالرسوبيات وتضاف تدريجياً الى السهول الساحلية .

سادساً : الاستثمارات الساحلية :
  ان خصائص الساحل العراقي الطبيعية شكلت معوقا ( Obstruction ) تتمثل بظروف الموقع البحري الضيق من جهة والطبيعية الترسيبية المتمثلة بالساحل الطموي الضحل ، وصعوبة انشاء موانيء على طول الساحل الا بعد اجراء عمليات معالجة للرواسب وذلك باجراء عمليات حفر قنوات تخترق مسطحات المد والجزر وصولا الى الساحل، لتطوير الملاحة البحرية على طول الشريط الساحلي العراقي.

  ان مشكلة قلة الاعماق تعد القاسم المشترك لدول شمال غرب الخليج العربي، وتظهر الصعوبات جليه في المنطقة الممتدة بين تكوينات الدلتا لشط العرب وحتى سواحل الكويت، حيث يصعب على السفن التي يزيد غاطسها عن ( 5 متر ) الوصول الى الموانيء الساحلية ، لذا لجأت معظم دول الخليج الى اقامة السنة ارضية لاستقبال تلك السفن كما استثمرت عمليات معالجة الترسيبات البحرية والنهرية ( فضل ، 1988 ، ص 169 ) وبالرغم من الصعوبات الطبيعية الناتجة عن تقدم الدلتا لاستمرار الترسيب والتي تستدعي تغيير مواقع الموانيء، الا ان التطور التكنولوجي الحديث من الممكن ان يزيل هذه العقبة في استثمار الساحل العراقي .

   وبالنسبة للاستثمار الزراعي فقد اثرت ظروف الجفاف ونشاط التبخر على انعدام هذا الاستثمار في معظم اجزاء الساحل ، في الوقت الذي اقتصر التفكير باقامة مشاريع الاستزراع الساحلي على مساحات محدودة تتمثل بمداخل الخيران الساحلية في الجانب الغربي قرب ام قصر ومدخل شط العرب لوجود مداخل طبيعية للماء البحري ( وهي مخططات لم تطبق لحد الان) كما توجد قبالة الساحل العراقي ثروات طبيعية ذات نسب معقولة كالثروة السمكية ذات الكميات الاقتصادية وذات التنوع الكبير،غيران المشكلات الطبيعية المتمثلة بالتأثير السلبي للتلوث على الاسماك، وبسبب ظروف قلة الاعماق فقد اصبحت الملاحة ضعيفة وغير مقبولة الى حد ما ، وان انشاء موانيء عائمة كميناء خور العمية والبكرادى الى ابتعاد الاستثمارعن الساحل واقتصاره على جهات في ام قصر وشط العرب وهي موانيء ثانوية الاهمية ، كما انها لاتتناسب مع اهمية محافظة البصرة التي تزخر بالموارد الطبيعية المختلفة .

   ومن الضروري استثمار السواحل العراقية البحرية الواقعة ضمن مياهه الاقليمية خصوصا مابين الفاو شرقا ومدخل خور الزبير غربا وميناء البكر جنوبا، ضمن السواحل الاقليمية الداخلية وبالرغم من قصر هذه السواحل مقارنة مع السواحل الايرانيـةوالسواحل العربية على الخليج العربي الا ان بالامكان انشاء موانيء بحرية مع الاخذ بنظرالاعتبارالظروف الترسيبية في المنطقة ، وعدم اهمال هذه المساحة البحرية ، وقد بدأ التفكير حديثا بمحاولة تجاوز الظروف الساحلية للعراق باقتراح انشاء ميناء عملاق على اللسان البحري لرأس البيشــة والمقترح من قبل الدول المانحة والذي يجعل بالامكان تجاوز مشكلة الترسيب كونه سيقام على منطقة تجمع الرواسب وتسـتمربه عملية رفع الرواسب بشكل مستمر، كما ان اقامة الارصفة في هذا الجزء لايسمح باستمرارحالة الترسيب الحاصلة في الوقت الحاضر ان التفكير بشكل جدي يتجاوز تلك الصعوبات سوف ينعكس على مستقبل واهمية استثمارالموانيء والتي تعد ضرورة لحفظ وسلامة ومكانة العراق الاقتصادية .

سابعاً: الخلاصـــــــة :
   ان الطبيعة الفيزيوغرافية والترسيبية لمنطقة الساحل العراقي تعود الى رسوبيات العصر الرباعي « الحديث » وهي رواسب طموية نهرية والتي مصدرها مصب قناة بهمشير وشط العرب وقناة خور الزبير ويبلغ سمك رواسب منطقة الساحل بين ( 50 ـ 200 م ) حيث اثر التنشيط التكتوني والمتمثل في ارتفاع تضاريس منطقة الزبير وارتفاع تركيب السيبة وتغير مجرى نهر دجلة باتجاه الشرق وقد ساعدت عمليات الترسيب هذه على تغير شكل الساحل واشاعة للفترة من عام 1986 الى 2004 وبلغت مساحة الرواسب الساحلية في مسطحات المد من 184 كم² الى 188 كم² وتغيرت مساحة القسم الشرقي من الساحل من 126 كم² الى 134 كم² وبلغت مساحة الجانب الغربي 54 كم² قياسا لعام 1986 والتي كانت تبلغ 58 كم² ويعود تقلص المساحة هذا في القسم الغربي من الساحل الى نشاط وسرعة التيارات باتجاه المحور الطولي لخور عبدالله مما ادى الى نشاط عملية الحت الساحلي لقد اثرت عوامل الترسيب المختلفة الى ظهور وحدات موفولوجية مختلفة في منطقة الساحل وتتضمن هذه الوحدات كل من السباخ الساحلية وتمتد لمسافة 130 كم ضمن المنطقة الواقعة بين مصب شط العرب ومجرى خور الزبير ومسطحات مابين المدين وتعد الوحدة الموفولوجية الثانية ضمن منطقة الساحل وتقع مابين اعلى مستوى تصل اليه مياه المد العالي وتمتد الى مادون مستوى اوطأ جزر اما الوحدة الثالثة هي مسطحات تحت المدين والمتمثلة بالجزء الارسابي الذي ينغمر بمياه المد باستمرار باتجاه البحر اما الوحدة الثالثة هي وحدة المصب الفيضي والواقعة ضمن منطقة المصب والتي تتضمن على وحدات ثانوية هي الدلتا والقناة المصبية اما الوحدة الموفولوجية الرابعه للساحل هي وحدة الخبران الساحلية والناجمة من عمليات المد والجزرويفسر وجودها كذلك الى انها بقايا القنوات النهرية القديمة للمجرى شط العرب اما الوحدة المورفولوجية الاخيرة هي الوحدات القاعية ضمن البيئة البحرية التي تقل فيها الرسوبيات والتي تمتاز باعماقها الجيد للملاحة وتتضمن كل من قناة خور عبدالله ـ خور شيطانة والقنوات الغارقة والتي تبتعد عن الساحل بمقدار 50 كم والمتمثلة بخور العمية والحفقة ان خصائص منطقة الساحل الحالية حالت ومن تطور العديد من الاستثمارات في المنطقة وخصوصا انشاء الموانيء والاستزراع الساحلي علما ان المنطقة تزخر بالموارد البحرية المتنوعة وتعد ظاهرة ضحالة الاعماق ظاهرة مشتركة في جميع سواحل الخليج العربي ومنها منطقة الدراسة اذ لايتجاوز العمق ( 8.2 م ) في الجانب الشرقي و ( 5 م ) في الجانب الغربي وان تقلص المساحة العرضية للمسطحات المديه انعكس سلبيا على انشاء الموانيء وصعوبة الملاحة البحرية على طول الشريط الساحلي ويصنف الساحل العراقي ضمن سواحل الدلتا المتقدمة باتجاه البحر ومن السواحل الاولية المحايدة والناتجة عن الترسيب النهري والتي تؤشرباستمرار في شكله وامتداده .

شكل ( 1 ) موقع منطقة الدراسة ومحطاتها



شكل ( 2 ) مقارنة بين امتداد المساحات المدية لخور عبد الله ،ودلتا شط العرب للمدة ( 1986 ـ 2004 )



الشكل ( 3 ) خريطة الوحدات الموروفولوجية والارسابية في منطقة الدراسة



الشكل ( 4 ) اصداف الترب في الساحل العراقي



ثامناً: المصادر :
1- طه، ياسين ابراهيم ياسين، (1980 )سواحل قطر:دراسة جيومورفولوجية ، القاهرة .
2 ـ كريم ، حسين حميد وسلمان ، حسن هاشم ( 1988 )جيولوجيا الخليج العربي ، منشورات مركز علوم البحار ـ جامعة البصرة .
3 ـ كريم ، حسين حميد وسلمان ، ( 1992 ) التاريخ الجيولوجي الحديث ، لسهل وادي الرافدين الجنوبي ، مجلة الخليج العربي ، مركز دراسات الخليج العربي ، المجلد 24 ، العدد 2 ـ 4 ، جامعة البصرة .
4 ـ فضل ، عبد خليل ( 1988 ) سيطرة العراق على مياه الاقليمية ضرورة قومية ، مجلــة الجامعة الجغرافية العراقية ، السنة الثانية 1988 .
5 ـ المنصورى ، فائق يونس ، ( 1996 ) دراسة انتقال الرواسب في الجزء الجنوبي من شط العرب ، رسالة ماجستير(غير منشورة ) ، كلية الزراعه ـ جامعة البصرة .
6 ـ الهاشمي، وسام شاكر ، ( 1986 ) مسطحات المد والجزر في شمال غرب الخليج العربي ( منطقة جنوب الفاو ) ، وقائع الندوه الاولى حول الطبيعة البحرية لخور الزبير، مركز علوم البحار ، جامعة البصرة .
7 ـ Al ـ Asfour ـ T : 1976.Changing See Level A Long the North Coast of the Bay of Kuwait,Ph.D.ThesisDurham Univ . ( Unpublished ) .
8 ـ Darmoian . S . A . and Lindqvist , K. 1988 .Sedmints in the Estuarine Environment of the Tigris / Eupharts Delta. Iraq ـ Arabian Gulf Gelogical Journal ,23 .
9 ـ Hansman J . F : The Mesoptamica Delta in first Millennium Geographical Journal . Royal Geographical Society . 1978. Vol . ( 144 ).
10 ـ Khan , N.M., Albadran , A . and Albadran , B. ; 1992. Some Engineering spects of the Aluvial Deposits at Basrah Region South of Iraq , Iraqi Geological Joural Vol ( 25 ) , No ( 1 ).
11 ـ Unite Kingdom , Hydrographic Officee : 1986 . Taunton Somerset TAI , 2DN . UK The Map of Khowr Abdullah and Approaches to Shat ـ Arab Scale 1 : 100000 Releted Admiralty Publication.Edition Number 8 Edition date : 3 rd. July .
12 ـ United Kingdom , Ministry of Defensc: 2004 . National Imagery and apping Agency ( D.G.I.A. ) , London . Map Information as of Jazirat Bubiyan , Kuwait , Iraq and Iran 56 49 ـ K6614 . Edition 2 ـ Nima .


BASRAHCITY.NET