مدينةُ القُرنةِ في كتاباتِ الرَّحَّالة والمسؤولينَ الأجانبِ

د . عماد جاسم حسن الموسويّّ

المقدمة

  ممّا لاشكَّ فيه أنَّ تنقّلات الرَّحَّالة وأسفارهم منْ أمتع فصول الأدب والتّاريخ، وأكثر مؤلّفاته رواجاً، وأحسنها قبولاً لدى القرَّاء ، لما لها منْ أثرٍ في نفس القارئ، تجعلُهُ يتصوَّر أنّه يعيش تلك الحياة، ويستمتع كثيراً بقراءتها، ويهوى متابعة مسير أولئك الرَّحَّالة، وتتبّع تنقّلاتهم، والتّعرّف على انطباعاتهم عنْ المناطق والمدن والقرى التي مرُّوا بها وكتبُوا عنها بأحوالها المختلفة.
  وعلى الرُّغم منْ أهمِّيَّة هذا النّوع من الكتابة، إلّ إنّ هناك غاياتٍ وأغراضاً وأهدافاً كان السُّوّاح والرَّحَّالة الأجانب يبتغونها في رحلاتهم إلى البلاد التي يقصدونَا، وهي إمّا للتبشير، أو للأغراض التّجاريّة، أو التّمثيل الدّبلوماسيّ، أو لأغراضٍ فنِّيَّةٍ وعسكريّةٍ وطبِّيَّةٍ وعلميَّةٍ، أو لجمعِ معلوماتٍ دقيقةٍ وتفصيليّةٍ عنْ مناطق الشّق التي كانتْ معروفة بمواردها الطّبيعيّة، لحاجتهم إلى تلك الثّروات، لاسيَّما بعد الثّورة الصّناعيّة في أوربّة، وحاجتهم إلى الموادّ الأوليّة، وكذلك بحثاً عن الأسواق لتصريف بضائعهم، فضلاً عنْ معرفة الحضارة العربيّة الإسلاميّة التي وصلتْ إلى أوربّة، في وقتٍ كانتْ أوربّة فيه تعيشُ الجهلَ والظّلام والسُّبات، ونزاعات القبائل فيما بينها وصراعاتها، بينما كان العرب أصحاب حضارة، واكتشفُوا الكثير مِن العلوم والمعارف التي أخذها -فيما بعد- الأوربّيّونَ وطوَّروها. وفي ضوء ذلك، أراد الأوربّيّونَ التّعرّف على خفايا تلك الحضارة ومقوِّماتها، وأُسس نجاحها، فأخذ الرَّحَّالة الأوربّيّونَ يأتونَ إلى مناطقِ الشّرَق فُرادىً وجماعات ، لتحقيق تلك الأهداف.
  كان العراق بسبب موقعه الجغرافيّ وثرواته الكثيرة والمتعدِّدة محطَّةً رئيسةً مِنَ المحطّات والبلدان التي يتوقّف فيها الرَّحَّالة الأجانب، الذين يقصدونَ الشّرق ، ولذلك فإنّ أكثر مِنْ ثمانية وتسعينَ رحّالة مرُّوا بالعراق خلال المدّة ( 1914 - 1553 م )، حسب ما ذكرهُ (لونكريك) في كتابه : (أربعة قرون منْ تاريخ العراق الحديث).
  ومع غضِّ النّظر عنْ عدد تلك الرِّحلات، إلاّ إنَّ الشّء المهمَّ هو أنَّ تلك الرِّحلات نتج عنها تقارير ومؤلّفات ومقالات مفصَّلة ومسهبة، كلُّها تصف العراق وأوجه الحياة فيه بطريقةٍ وبأخرى، وأنَّ أولئكَ الرَّحَّالة لمْ يكونُوا منْ جنسٍ واحدٍ وقوميّةٍ واحدةٍ، بل تعدَّدتْ أصولهم وأجناسهم، فمنهم البرتغاليُّ، والألمانيُّ، والإيطاليُّ، والفرنسيُّ، والبريطانيُّ، والدّنماركيُّ، وغيرهم.
  وبما أنّ العراق يمتلكُ حضارة عريقة يمتدُّ عمرها إلى آلاف السّنين، فإنّ العديد مِن مدنه لها امتدادٌ تاريخيٌّ عريقٌ ، ولذلك، فإنّ أغلب المدن العراقيّة قدْ زارها الرَّحَّالة، وتوقّفوا فيها، وكتبُوا عنها بتفاصيل دقيقة، وقدْ ظهرتْ العديد من الدِّراسات التي تُعنى بدراسة ما شاهده الرَّحَّالة في تلك المدن، التي بيَّنتْ أوضاع تلك المناطق في حقبٍ تاريخيّةٍ قلَّتْ فيها الكتابات التّاريخيّة والتّوثيق من أهاليها ، ولذا، فإنّ كتابات الرَّحَّالة تُعدُّ مادّة تاريخيّة مهمَّة يعتمد عليها الباحثونَ والدّارسونَ لمدن العراق المختلفة، وللتّعرّف على تاريخ تلك المناطق ، وذلك لأنّ كتابات الرَّحَّالة لمْ تقتصرْ على جانبٍ واحدٍ، بل حوتْ جوانب متعدِّدة : سياسيّة، واقتصاديّة، واجتماعيّة، وثقافيّة، وجغرافيّة، ودينيّة، وقدْ عُدَّتْ تلك الكتابات مجالاً خصباً لإثراء الباحثينَ في التّاريخ وتزويدهم بما يحتاجونه منْ معلومات بمختلف الجوانب، لاسيّما وأنّ كتب الرِّحلات مهمّة جدّاً في التّوثيق التّاريخيّ ، لأنّ أغلب الرَّحَّالة كانُوا يحتفظونَ بسجلّت يوثِّقونَ فيها معلومات كاملة ويوميّة عن المناطق التي يمرّونَ بها، وأيضاً تواريخ نزولهم في تلك المناطق، حتّى وصلتْ بهم الأمور إلى أنْ يذكروا السّاعة التي يصلونَ فيها إلى أيِّ مدينةٍ، ويقدِّموا معلومات كاملة عن السُّكّان والأرض والزّراعة والزّعماء والمناخ والحياة اليوميّة والأهوار والثّروات الطبيعيّة، كالحيوانات والحشائش والأشجار والأوبئة والأمراض، وكذلك المقاييس والأوزان والضّائب، وتعدَّى الأمر إلى أكثر منْ ذلك، بل إنّ بعض الرَّحَّالة كانُوا يستقصونَ ويستفسرونَ ويسألونَ حتّى يحصلوا على المعلومات مِنَ السُّكّان المحلِّيّينَ عنْ تاريخ تلك المناطق.
  وعلى الرُّغم مِنْ دقّة تلك المعلومات وتفاصيلها المسهبة، إلّ إنّه لابدّ منْ التّعامل معها بحذرٍ ، لأنّ في بعضها أخطاء كبيرة، أو في أحيانٍ أُخَر يُريد الرَّحَّالة أنْ يُبينَِّ الأمور حسب وجهة نظره هو ، لذا، لابدَّ من التأكّد والحذر عند الاعتماد عليها في الدِّراسات التّاريخيّة.
  وممّا يجدر ذكرُهُ هنا : أنّ الاهتمام بتاريخ تلك المدن مهمٌّ جدّاً للتّعرّف على الإرث الحضاريّ والثّقافيّ لمدننا ، لما لهُ منْ دورٍ كبيرٍ في تنشئة جيلٍ قويٍّ محبٍّ لوطنه وتأريخه وتراثه ، إذْ إنّ الفلسفات التّبويّة تؤكِّد أنّ مِنَ الأسس التّبويّة الصّحيحة إبرازَ الدّور الحضاريّ والتّاريخيّ لأيِّ شعبٍ أو مدينة أو دولة ، لما لهُ مِنْ أثرٍ في تحفيز الجيل والنّشء على الانتفاع من ذلك التّاريخ.
  وعلى هذا الأساس، جاء اختيارنا مدينة القُرنة، هذه المدينة الجميلة التي عدَّها البعض (جنّةَ عدن) ، بسبب الطّبيعة التي تمتاز بها ، ولأنّنا لمْ نرَ كتابات تاريخيّة منفردة بإبراز تاريخ هذه المدينة المعطاء ، لذا، حاولنا في هذا البحث إبرازها من خلال وصف الرَّحَّالة الأجانب، الذينَ مرُّوا بها منذُ مئات السّنين، الأمر الذي يؤكِّد عراقتها وتاريخها الطّويل الممتدّ إلى جذورٍ عميقةٍ.
  يُاولُ البحث تسليط الضّوء على مشاهدات الرَّحَّالة والمسؤولينَ الأجانب لمدينة القُرنة ذات التّاريخ العريق والطّبيعة المميَّزة والموقع الجغرافيّ المهمّ، الذي جعلها محطّة رئيسة تتوقّف فيها السّفن التي تحمل الرَّحَّالة وغيرهم من المسافرينَ منْ بغداد وإليها، أو بقيّة المناطق، والقادمينَ من الخليج العربيّ، أو المسافرينَ عن طريقه إلى مناطق أُخر . كذلك، فإنّ موقعها دفع الدّولة العثمانيّة إلى أنْ تجعلَ منها قلعة عسكريّة حصينة قامتْ بتسليحها بين مدّةٍ وأخرى، ما جعل القُرنة محطّ أطماع القوى، سواء المحلّيّة، أم الخارجيّة، وهذا ما أشار إليه الرَّحَّالة في كتاباتهم.
  وإنّ البحث يُبيُِّ -أيضاً- مشاهدات الرَّحَّالة للأوضاع الاجتماعيّة والعادات وطبائع المجتمع.

مشاهداتُ الرَّحَّالةِ الأجانبِ في القرنينِ الّسادس عشر والّسابع عشر
  تُعدُّ مدينة القُرنة مِن أقدم المدن العراقيّة التي ذكرتْا كُتُب الرَّحَّالة الذينَ زارُوا العراق في تاريخه الحديث، ويأتي في مقدّمة أولئك الرَّحَّالة الإيطاليّ الجنسيّة (فردريجي) (1)، الذي وصل إلى العراق عام ( 1563 م )، والذي كتب عنها يقول : (قبل الوصول إلى البصرة بيومٍ واحدٍ رأينا قلعة صغيرة تُسمّى القُرنة تقومُ في نهاية الأرض، حيثُ يلتقي دجلة بالفرات، فيكوِّنان نهراً عظيماً هادراً تصبُّ مياهُهُ جنوباً في الخليج ) (2)، ويقصد (فردريجي) بالنّهر العظيم (شطّ العرب)، ويبدو أنّ الرَّحَّالة الإيطاليّينَ كانُوا أوّل مَنْ وصلَ الأراضي العراقيّة، وسبقُوا الرَّحَّالة الأوربيّينَ الآخرين ، إذْ يأتي (كاسبارو بالبي) (3) في المرتبة الثّانية، والذي كان في طريقه إلى الهند، فوصل إلى العراق عام ( 1580 م ) عنْ طريق البصرة، وعند وصوله إلى مدينة القُرنة كَتَبَ يقول : (كانتْ تطيرُ فوق مراكبنا في هذا المكان أسراب هائلة من الذّباب الأبيض، وكان لسعها أشبه بوخز الزّنبور، بل كوخز الإبر، كمْ كانتْ مزعجةً ومضرَّةً في الوقتِ نفسِهِ ) (4).
  وفي الجانب الاقتصاديّ -وتحديداً الضّائب-، قال : (كانتْ القُرنة يُديرها سنجق يستوفي 25 شاهيّاً (5) عنْ كلّ مركب يمرُّ منْ هناك، وشاهيّينِ عن كلّ حملٍ، عدا الثّياب الوبريّة (الأجواخ)، والمخمليّة ، إذْ يطلبُ عنْ كلِّ حملٍ أربع شاهيّات، وكان التوقّف في مدينة القُرنة يوم ( 20 /آيار/ 1580 م )، وعند الوصول إلى قلعة القُرنة تدفع شاهيّينِ عن كلِّ سفينة، وزوَّدنا بورقةٍ تشهدُ بأنّنا أدَّينا ما يتوجَّب علينا منْ رسوم ، ولذا، نستطيع المرور، ويتمّ التّوقيع على هذه الشّهادة في كلِّ مكانٍ يتوجّب علينا فيه دفع الرّسوم ) (6).
  وينتقل (بالبي) بعد ذلك ليصف (التّحصين) في هذه المدينة ، إذْ يقول : .وبعد اجتياز هذه المدينة، وفي نهايتها، رأينا فرعاً للفرات يتّحد بدجلة، وقدْ شُيِّدَ في هذا الموضع حصنٌ كبيرٌ للحراسة، يُسمَّى (سير سيز اوزاكا)، ويُقيمُ فيه عددٌ من الجنود لملاحقة السَُّّاق ) (7).
  وتحدَّث (بالبي) -كذلك- عن المناخ، بالقول : (إنَّ الجوَّ حارٌّ جدّاً في بعض فصول السَّنة، قدْ يُودِي ببعضِ النّاس الضّعفاء، وقدْ علمتُ شخصيّاً أنَّ أربعة أنفارٍ كانُوا في سفرٍ، فأضناهم التَّعب والحرُّ، فجلسُوا يستريحونَ قليلاً، وإذا بهواءٍ حارٍّ هبَّ عليهم أدّى إلى موتِم بالاختناق ) (8).
  ويصفُ (بالبي) الوضع الاقتصاديّ وعمل السُّكّان في القُرنة، بالقول : (يستخدمُ السُّكّان آلةً لطيفةً يصطادونَ بها كمِّيَّات وافرة مِن السَّمك، وما هذه الواسطة سوى قصبة محدَّدة الرّأس لا غير -يقصد بتلك الآلة : الفالة - ) ، ويُضيف (بالبي) : (يعيش هؤلاء النّاس حياة هانئة لكثرة ما عندهم من الحنطة، والجدير بالذِّكر أنَّ حبّة الحنطة هنا كبيرة جدّاً تفوق الحجم الاعتياديّ ، ويرجعُ سبب ذلك إلى أنّ حقولهم فسيحة وواسعة جدّاً ، لذا، بإمكانهم الزّرع في حقلٍ ارتاح مدّةً طويلةً من الحصاد الأخير، وقدْ تطولُ هذه المدّة إلى خمسة عشر أو عشرين شهراً، ففي مثل هذه الحالة، يُعطي مثل هذا الحقل ثمراً جيِّداً ، لهذا السّبب نرى أنّ تلك المناطق عامرة بالسُّكّان والدُّور0 )(9).
  يتّضحُ منْ خلال ما ذكرهُ (بالبي) أنّ الوضع الاقتصاديَّ لمدينة القُرنة كان جيّداً، وثراءها بالأسماك والتُّبة الجيّدة الصّالحة للزّراعة كان بارزاً، وهذا يعني أنّ المنطقة كانتْ مصدِّرةً للأسماك والحبوب ، لأنّ ناتجهم كثيرٌ، ويفيضُ عن الاستهلاك المحلِّّ لسُكَّان القُرنة ، إذْ -كما هو معلوم- إنّ هناك مناطق ومدناً كانتْ محيطةً بالقُرنة، أو قريبة منها، كانتْ تتعامل معها تجاريّاً، وتتبادل السِّلع والبضائع المختلفة، ويُشير هذا الأمر إلى أنّ مدينة القُرنة كانتْ متفوِّقة اقتصاديّاً على غيرها من المدن والمناطق، بحكم الطّبيعة التي كانتْ تتميّز بها، ولاسيّما وجود الأهوار والأراضي الزّراعيّة الخصبة، التي تُعدُّ مِن المقوِّمات الأساسيّة لنجاح الزّراعة في أيِّ مكانٍ في العالم.
  وفي بداية القرن السّابع عشر، وتحديداً في عام ( 1605 م )، دخل العراق الرَّحَّالة البرتغاليّ (بيدرو تيخيرا) (10)، الَّذي مرَّ بمدينة القُرنة ، إذْ ذَكَرَ عنْ موقعِها بأنّا آخر نقطة من بلاد ما بينَ النّهرينِ، وتقعُ على بُعد ثلاثة أيّام شمالي مدينة البصرة، وقدْ وصفَ (تيخيرا) القُرنة بالقول : (توجدُ فيها قلعة للأتراك، تُسمّى (القُرنة)، أي : النّقطة، وهي تُشرفُ على القناتين، وهنا يتّحدُ النّهران ليصبّا مياهَها بين شواطئ مستوية على كلا الضّفّتينِ، التي يسيطرُ على السّهولِ الشّماليّة أو الفارسيّة منها الزّعيم العربيّ (مبارك بن مطّلب)، الذي يخوضُ - الآن- حرباً مع السّلطان التُّكيّ، مدَّعياً بأحقّيّته في تلك الأراضي وأراضي البصرة (11).
  أمّا عن الوضع الاقتصاديّ والثّروة الحيوانيّة، فذَكَرَ (تيخيرا) : .شاهدنا قِطَعاً وأسراباً كثيرةً، وطيورَ أُوزٍّ، وبطٍّ ودجاجٍ، وبهائم أُخرى، أمّا السُّكّان، فهم مِنَ العرب الذين يتواصلونَ فيما بينهم سباحة على جلودٍ منفوخةٍ (قرب)، وقدْ جاءَ الكثيرونَ منهم إلى سفينتنا لبيع الدّجاج البحريّ والإوز والحليب والزّبدة والتّمور، وغيرها مِنَ الأطعمة، وكلُّها بأسعار زهيدة جدّاً ) (12) وهذا يدلُّ على توافر المنتجات الزّراعيّة، وكذلك الثّروة الحيوانيّة بمختلف أنواعها، التي كانتْ تتميّز بها مناطق الأهوار ، لتوافر المقوِّمات الطّبيعيّة لتزايدها.
  أمّا الرَّحّالة الآخر الذي زار العراق ومرّ بمدينة القُرنة، فهو الإيطاليّ (الأب سبستياني) (13)، وذلكَ في عام ( 1656 م )، وعندَ وصولِهِ إليها وصفها بالآتي : (القُرنة يلتقي فيها دجلة بالفرات بعد أنْ يُلِّفا بحيرات -أهواراً- واسعة على طريقهما، تُدفع فيها ضريبة المكوس عن البضائع التي تحملها القوارب، وعندما اتّه القبطان إلى المكان الذي تُدفع فيه الضّيبة، هبَّتْ رياحٌ قويّةٌ مزَّقتْ الشِّاع مِن أعلاه إلى أسفله، ودفعتنا بعيداً، فجاء رجالُ الكمرك إلى هناك ليستوفُوا الرّسوم، ولمْ يُلقوا نظرة على أمتعتنا، فقدْ اعتبرونا دراويش فرنجيّين، وهذه عادة الكمارك العثمانيّة في معاملتها لرجال الدِّين ) (14) .
  ويُضيفُ (سبستياني)، قائلاً : ( يُيط بالقُرنة أسوار شُيِّدتْ باعتناءٍ بالغٍ، لكنّها ليستْ ذات شأنٍ ، لأنّا منْ طين، والقُرنة بلدة كبيرة على ما تظهر، وموقعُها مهمٌّ ، نظراً لكونها مشيّدة أمام هذا النّهر الواسع العظيم، وإلى يسارها فرعٌ كبيرٌ منْ دجلة ، إذْ يلتقي هناك مِنْ جديد ) (15).
  ويُعطي (سبستياني) انطباعاته عن السُّكّان، فيقول : ( إنّم يؤدّونَ الصّلاة يوميّاً منذُ الصّباح الباكر عند نهوضهم، ثمَّ في منتصف النّهار، وفي المساء عندَ الغروب، وهم يُصلُّونَ بسجداتٍ وركعاتٍ وانحناءاتٍ متكرِّرةٍ، ولمْ يتأخَّروا عن موعد أداء الصَّلاة، فكانُوا ينزلونَ عن الخيل ويتركونَ كلّ عملٍ آخر من أجل القيام بالصّلاة، وللمسلمين أدعيةٌ كثيرةٌ وأورادٌ يردِّدونها دائماً، ونحنُ في المركب، يطلبونَ مِنَ الله السَّفر الميمونَ الموفَّق ) (16).
  وهنا نودُّ أنْ نبيَِّ أنّ مهنة الرَّحَّالة أو أعمالهم يكون لها تأثير كبير على انطباعاتهم ومشاهداتهم؛ إذْ يركِّز كثيراً على الجانب الذي يمتهنه ، ولذا، لاحظنا (سبستياني) يتحدَّث بهذه الطّريقة عن السُّكّان، ولمْ يُغفل الجانب الدّينيّ ، لكونه رجلَ دينٍ.
  وفي الوقت نفسه، تزامنتْ زيارة (سبستياني) مع رحلة (فنشنسو) (17) إلى العراق ، فيقول : ( وفي اليوم الخامس منْ أيلول ( 1656 م )، وصلنا إلى المنصوريّة، حيث يلتقي دجلة بالفرات، فيكوِّنان نهراً واحداً يُسمَّى (شطّ العرب)، وتجري مياه دجلة في جهة ومياه الفرات من الجهة الأخرى من هذا الشطِّ ) ، وأضاف : ( هنالك في البقعة الواقعة عند ملتقى النّهرين قلعتان قريبتان من ضفاف الفرات، لهما مظهر القوّة والحصانة ، لكثرة ما فيهما من الأبراج العالية والجدران العديدة فوق الأسوار، فهما والحالة هذه تصلحان لمقاومة هجمات البدو ، نظراً لافتقارهم إلى المدافع والأسلحة النّاريّة، لكنّهما لنْ تقفان (كذا) أمام الأسلحة الحديثة ) (18).
  ومن الرَّحَّالة الآخرين الذين أعطوا تفاصيل كثيرة عن القُرنة في القرن السّابع عشر، هو الفرنسيّ (تافرنييه) (19) عام ( 1676 م )، الذي قال عنها : (ويقترنُ الفرات بدجلة عندَ هذه المدينة الأخيرة، التي فيها ثلاث قلاع، الأولى في ملتقى النّهرين، وهي أحصنها، فيها يُقيم ابن أمير البصرة الذي يحكمُها، والثّانية في جانب كلدية، والثّالثة في جانب بلاد العرب، ومع أنّه يُطالب هناك بالرّسوم الجمركيّة بتمامها، فتُدفع، فإنّم لا يُفتِّشونَ أيّ شخصٍ، ويصل مدّ البحر إلى هذا المكان ) (20).
  وعن ثروات هذه المدينة، قال (تافرنييه) : (إنّ هذه الأراضي منْ أحسن ما يمتلكه السُّلطان ، لاشتمالها على مراعٍ واسعةٍ، ومروجٍ نضيرةٍ، يُربَّى فيها عدد كبير من الحيوانات، خاصّة الأفراس والجواميس، ومدّة حمل الجاموس اثنا عشر شهراً، وهي تدرُّ حليباً وافراً جدّاً، حتّى أنّ بعضها يدرُّ اثنين وعشرينَ بنتاً - البنت يُساوي ثمن الغالون- في اليوم، وتُستخلصُ منه مقادير وافية مِن الدّهن ) (21).
  وقدْ بيََّ (تافرنييه) في رحلته مقدار الضّائب التي تُستوفى في القُرنة ، إذْ يقول : ( يُدفع عن كلِّ رأسِ جاموس - ذكراً كان أم أنثى- قرش وربع قرش في السَّنة، وعلى كلِّ فرس يُدفع قرشان، وعلى كلِّ شاة عشر سوات - السّو نقد فرنسيّ يساوي 1/ 20 من الفرنك الفرنسيّ، أي : ما يُعادل خمس سنتيمات ) (22).
  فضلاً عنْ ذلك، فإنّ (تافرنييه) بيََّ أُموراً أُخَر بالقول : ( إنّهُ لا يُمكن المرور منْ قلعة القُرنة -المزوَّدة بمدفعٍ- دون إذن، والتقينا بابن أمير البصرة، الذي كان حاكم القلعة، وهنا يُسجّل حساب الكمارك، ومع أنّ رجال الكمارك يُمعنونَ في تحرِّي السّفن، فإنَّم كثيرو اللّطف، فلا يفتِّشونَ أيَّ شخصٍ، وعند قيامهم بهذا الواجب لا يُملونَ التفتيش عن البضائع المخبَّأة بين ألواح السَّفينة، أو المغطّاة بالحطب والعيدان، ولموظَّفي الكمرك مثقبٌ طويلٌ يجسُّونَ به جوانب السَّفينة لاكتشاف ما قدْ يكونُ فيها منْ بضاعةٍ مخبّأةٍ. إنّ البضاعة تُسجَّل في القُرنة، ولكنّ رسوم البصرة تُدفع دائماً في البصرة بحسب القائمة المُعطاة منْ قلعة القُرنة ) (23).
  وقدْ تحدَّث (تافرنييه) عن الصّابئة، الّذينَ أطلق عليهم نصارى القدِّيس يوحنّا، وقال : بأنّم كثيرونَ في البصرة والقرى المجاورة لها، وأنّم لا يسكنونَ في المناطق التي لا يجري فيها نهر (24).

مدينةُ القُرنة كما وصفها الرَّحَّالة الأجانب في القرنِ الثّامن عشر
  لمْ يقتصرْ قِدَم مدينة القُرنة على ذكرها منْ قبل الرَّحَّالة الّذين مرُّوا بها خلال تلك القرون، بل إنّ بعض الخرائط التّاريخيّة التي رُسمتْ خلال القرن الثّامن عشر قدْ ظهرتْ فيها مدينة القُرنة، ومنْ تلك الخرائط الخريطة التي نشرها الجغرافيّ الهولنديّ (إسحق تيريون) في سنة ( 1732 م ) (تُنظر الخريطة في نهاية البحث) (25).
  وكان منْ أبرز الرَّحَّالة الأجانب الذين زارُوا العراق وكتبُوا معلومات تفصيليّة عنْ مدينة البصرة عام ( 1765 م )، الألمانيُّ (كارستن نيبور) (26)، الذي مرّ بمدينة القُرنة، ووصفها بالقول : ( تقع القُرنة في الزّاوية التي يتّصل فيها الفرات بدجلة، وهي مبنيّةٌ بشكلٍ مُزرٍٍ تماماً، إلّ إنّ لها منْ جهة البرِّ سوراً مضاعفاً مشيَّداً بطابوق الجدران المجفّف في الشّمس فقط، واستناداً إلى المعلومات التي توفّرتْ لديّ في البصرة، فإنّ هذه المظاهر جميعاً ليستْ بقديمةٍ جدّاً، وقدْ شيَّدها الباشوان .. (عليّ وحسين)، اللّذين اتّذا مِنْ هذا الموقع قلعةً للحدود ضدَّ الأتراك والفرس.
  وهناك في الوقت الحاضر خمس (أورطات)، أو أفواج، من الانكشارية، لكلٍّ منهم قدرهم (قازان)، وبالرّغم منْ أنّ القُرنة تتمتّع بموقع ممتاز، فليس فيها أيّ تجارة تُذكر، وفي الوقت نفسه، يجبُ على كافّة السّفن المارّة من هناك أنْ تتوقّف فيها لأداء الرَّسم الكمركيّ للانكشاريّة (27) ، وأضاف (نيبور) في وصفه : (لمْ أُوفّق إلى تعيين خطّ عرض هذه القلعة، وقدْ جلبتُ رسالة توصية لضابط الانكشاريّة، وهو ذو رتبة عالية، ويُقيم هناك، وقدْ عاملني بمجاملةٍ فائقةٍ، وطلب منّي تناول الطّعام معه، الأمر الذي لمْ أتمكَّن منْ رفضه ) (28).
  وبعد (نيبور) حلَّ الرَّحَّالة الإيطاليّ (سيستيني) في مدينة القُرنة، أثناء رحلته منْ إسطنبول إلى البصرة عام ( 1781 م ) ، إذْ قال : (نحو السّاعة الرّابعة منْ (29) أيلول، عبرنا نقطة بأرضٍ بين النّهرين -أي : القُرنة-، فألقينا عليها التّحيّة برشقاتٍ منْ بنادقنا، لكي يعلمُوا بأنّ قاربنا هو قارب البريد، وأنّنا (لا) نحملُ بضائع تجاريّة، وبمعنىً آخر : إنّنا لا نخضعُ لدفع ضريبة المرور )، وأضاف في وصفه لموقعها ومناخها ومنتجاتها : (تقعُ هذه المدينة -أي : القُرنة- على بُعد خمسة عشر ميلاً منَ البصرة، ولهذه المدينة وما يُاورها منظرٌ لطيفٌ منْ هذه الزَّاوية، أكثر ما مِنْ جهة نهر دجلة، ورغم جمال المنطقة، فإنّني لا أرى فيها جنَّةَ عدنٍ ، إذْ كلُّ ما هناك عددٌ مِن النَّخيل وأشجار التّوت، وكانتْ ضفاف النَّهر مِنَ الجهتين عامرة بالنّخيل قبل نشوبِ الحروب بينَ العثمانيّينَ والفُرس، لكنّ تلك الحروب قضتْ على معظمِها ) (29).
  فضلاً عنْ ذلكَ، فإنَّ (سيستيني) أعطى وصفاً عنْ منتجات ونباتات مدينة القُرنة ، إذْ ذَكَرَ : (يكثُرُ هنا القصب، ويُتاجرُ النّاس به، فيصنعونَ منهُ الحُصران (البواري)، التي تُباع في أسواق البصرة، وتُستعمل للتّسعيف، كما أنّ خيام بعض أعراب الصّحراء مصنوعة منْ هذه الحصران -أيضاً-، ويصنعونَ منها -أيضاً- قوارب طويلة تحملُ نفراً واحداً، أمّا القصبة المتينة، فتُستعمل كمجذاف. نهر الفرات -هنا- عريضٌ ومهيبٌ، وتكثرُ فيه عصافيرُ الماءِ، وخاصّة مالك الحزين ... ) (30) .
  وفي نهاية القرن الثّامن عشر زار القُرنة الرَّحَّالة البريطانيّ (تايلر) (31) ، إذْ يقول : (إنّ أوّلَ ما يُصادفُ المسافر بعد مغادرته البصرة بطريق النّهر هو القُرنة، حيث يلتقي النّهران دجلة والفرات، وتقعُ القُرنة على بعد أربعينَ ميلاً إلى شمال البصرة، وللحكومة في تلك المنطقة أسطول منْ السُّفن، تضعه هناك للمحافظة على الأرض والتّجارة النّهريّة، ولهذه المدينة ثلاث حصون، أوّلها مقام على أرضٍ بارزةٍ في النّهر، والثّاني مواجهة لأرض كلديّة، والأخير يقعُ باتّاه بلاد العرب، ويستغرق السَّفر منْ البصرة إلى القُرنة ( 12 - 14 ) ساعة ) (32).
  ومن الرَّحَّالة الآخرينَ الذين قدمُوا إلى العراق، ومرُّوا بمدينة القُرنة عام ( 1797 م )، البريطانيّ (جاكسون) (33)، الّذي قال : (إنّ القُرنة هي ملتقى نهر دجلة والفرات، كما أنّه وصف ما شاهده بالقول : (كانتْ إحدى السُّفن الحربيّة تمخرُ على مقربةٍ منَ الوسط بين النّهرين، وهي سفينة حراسة تقوم بمطاردة السُّفن الأخرى التي تتهرّب منْ دفع الرّسوم المترتّبة عليها، ومنعها منَ المرور، فالنّهران باتحادهما هنا معاً يؤلِّفان مجرىً مائيّاً هائلاً عذباً، ويُطلِق السُّكّان على هذا المجرى من هذا المكان حتّى الخليج العربي اسم (شطّ العرب)، ولمْ يعد للمدّ أدنى تأثير على المياه في القُرنة، إلّ في الأيّام التي فيها القمر بدراً، أو محاقاً، وحتّى في تلك الأيّام لا ترتفع المياه إلّ قليلاً، أمّا التّيّار، فلنْ يتحوَّل ) (34).
  فضلاً عنْ ذلكَ، فقدْ تحدَّث عنها (جاكسون) : (هي قريةٌ صغيرةٌ محاطةٌ بسورٍ طينيٍّ تضمُّ سكنة قلائل، لا يزيد عددهم كثيراً، والواقع أنّه يوجد بستان نخيل غير واسع يقعُ بين القرية والنّهر، يؤلِّف ظلّ مستحبّاً هناك ) (35).
  أمّا عنْ الضّائب التي تُؤخَذ في القُرنة، فقدْ ( كان ضبّاط الكمارك يتوقّعونَ أنْ يُصِّلوا على هديّة منْ دليلنا، ولكنْ، مادام لا يحملُ أيّة بضاعة معه، فلمْ يدفع إليهم شيئاً ما )(36).

مشاهداتُ الرَّحَّالة الأجانب لمدينة القُرنةِ في القرنِ التّاسع عشر
  وفي بداية القرن التّاسع عشر، كان أوّل رحّالة دخلَ الأراضي العراقيّة هو (أبو طالب خان) (37)، الذي قال عن القُرنة : (وفي الثّاني والعشرين من ذي القعدة عام ( 1218 م )، الموافق السّادس عشر من آذار ( 1804 م )، دخلنا مدينة القُرنة، وعند جدرانها يلتقي الفرات ودجلة، ويكوِّنانِ نهراً أعرض منْ نهر الكانج بضعفين، ويُسمَّى شطّ العرب، أي : نهر العرب، ويصبُّ في الخليج الفارسيّ ) (38)، حسب ذكره.
  وأكّد الرَّحَّالة الفرنسيّ (دوبريه) (39)، الذي زار العراق عام ( 1809 م )، ما ذكره الرَّحَّالة الآخرونَ عنْ مدينة القُرنة، لاسيّما جغرافيتها، فقدْ قال عنها : (القُرنة هي المكان الذي يتّصل به نهر الفرات بنهر دجلة، وإنّ هذه المدينة كانَ يُطلقُ عليها قديماً (دكبة) ( Digba ) ، عند بليني، أو هي (أباميا) ( Apamee ) عند بطليموس، ونجدُ هناك إلى اليوم حصناً، وفيه قائد، يُعيِّنُه والي بغداد ) (40)، وتحدَّث دوبريه -أيضاً- عنْ أهمِّيّتها التّجاريّة بالقول : (إنّ المراكب التّجاريّة القادمة من بغداد، تلك المراكب طويلة وعريضة وواسعة، وإنّا تحمل ألفي قنطار (41)، وتحتوي على غرفتينِ صغيرتينِ لكنّهما غير مريحتين، تلك المراكب بمدينة القُرنة ) (42).
  كذلك فقدْ زار القُرنة الرَّحَّالة (المنشي البغداديّ) (43) عام ( 1820 م )، ووصف القُرنة بالقول : (هي حافّة شطّ بغداد منْ جهة، وعلى حافّة الفرات منْ الجهة الأخرى، وهناك يتّصل الفرات بدجلة، ويصيرانِ نهراً واحداً، يُقالُ له : شطّ العرب، ومِنَ القُرنة يوم واحد بالسُّفن للوصول إلى البصرة ) (44).
  وكان (خورشيد باشا أفندي) (45) مِنَ الرَّحَّالة الذين زاروا العراق، وتوقّف في مدينة القُرنة، ووصفها بالقول : (تقعُ قصبةُ القُرنة شمال مدينة البصرة على مسافة ثمان ساعات منها، وهي عبارة عنْ قريةٍ تقعُ في مكان يُشبه الزّاوية إلى يسار نهر الفرات، وعلى يمين نهر دجلة، في المكان الذي يلتقي فيه دجلة بنهر الفرات، ومِنْ ثمّ فهي تقع بين النّهرين، وتُعدُّ بمثابة بداية القطعة الكبرى التي يُطلق عليها اسم (الجزيرة)، وهي مذكورة في كتاب (جهاننما)، وسائر الكتب التّاريخيّة الأخرى، إنّ قلعة القُرنة كانتْ موجودة في تلك القصبة، وعلى الرُّغم منْ وجود بعض أطلال تلك القلعة في الوقت الحالي، فإنّه لا يُوجد ما يُمكن أنْ يُطلق عليه قلعة، وبالقرية جامع يُعدّ منَ الآثار القديمة، وعدد منَ الأبنية التي بُنيتْ بالطّوب الآجر مؤخَّراً، وهي عبارة عنْ أكواخٍ أسقفُها مصنوعة منَ الخوص ) (46).
  أمّا عنْ الضّيبة وبساتين القُرنة، قال : (يذهبُ موظّفو البصرة إلى قصبة القُرنة لاستيفاء الرّسوم الجمركيّة، ودائماً ما تُوجد سفينة منْ أُسطول البصرة تقفُ هناك لضمان عدم هروب التُّجّار منْ دفع الرّسوم الجمركيّة، وبقرية القُرنة بساتين للنّخيل كثيرة جدّاً، منها ما يتبع البصرة، ومنها ما يتبع عشيرة (منتفك) التّابعة للبصرة، ومنَ الأشياء الجديرة بالذِّكر في تلك المقاطعة، نوعٌ منَ الجبن يقومُونَ بتشكيله مثل الصّاج ) (47).
  أمّا بالنّسبة إلى الرَّحَّالة البريطانيّ (سوانسن كوبر) (48)، الّذي مرّ بالقُرنة عام ( 1893 م )، فقدْ قال في وصفها : (عند منتصف النّهار، وصلنا إلى القُرنة، حيث يلتقي أخيراً دجلة والفرات، بعد جريان طويل منْ بُحيرة وان، ليجريا معاً في نهرٍ واسعٍ كبيرٍ، ويصبَّا في البحر، حيث تقعُ قرية القُرنة، وهي لا يُمكن أنْ تكونَ سوى قرية في بقعة ضيِّقة مِنَ الأرض، وسط بساتين النَّخيل المثمرة . يُثيرُ المكان شيئاً مِنَ المُتعة بسبب الرّواية المحلّيّة بأنّه يُمثِّل موقع (جنّة عدن)، من المؤكَّد أنّه مكانٌ ساحرٌ، وهو يُضفي على نفسه هالة مِن الرُّومانسيّة، لمْ يكُن ماء الفرات عندما يلتقي بدجلة مضطرباً كما كنتُ أراهُ دائما ، لأنّ مياهه تتبدَّد قبل أميالٍ قليلةٍ منْ وصوله للقُرنة في الأهوار، وتبعدُ القُرنة حدود خمسينَ ميلاً شمال البصرة ، حيثُ تطيرُ الغربان، وضُعف هذه المسافة من البحر كان يقف هناك - عندما مررن ا- قارب مدفعيّة تركيّ ) (49).

مشاهداتُ الرَّحَّالة والمسؤولينَ الأجانب في بدايةِ القرنِ العشرينَّ
  ومنْ الرَّحَّالة الآخرينَ الذين مرُّوا بالعراق، وتوقّفوا في مدينة القُرنة، الرَّحَّالة الدّانماركيّ (باركلي رونكيير) (50)، الذي كانتْ مهمّتُه الأساسيّة الوصول إلى الجزيرة العربيّة ، للتّعرّف على الحركة الوهابيّة، وفي طريقه إلى نجد، وأثناء مروره في العراق، وخلال مسيرته في الطريق من بغداد إلى البصرة، وقبل وصوله إلى القُرنة، قال : (كنّا نرى القرويّينَ يُطلُّونَ علينا منْ أكواخٍ على شاطئ النّهر، مبنيّة منْ أعواد قصب، يسهل أنْ يبتلعها الماء لو زاد ارتفاعه نصف متر فقط )، وأضاف -أيضاً- : (كانتْ كلاب القرويّينَ تنبحُ عندما ترى السَّفينة التي بدورها لا تأبه لما يجري حولَا، وتستمرُّ في انسيابها، مُلِّفةً وراءها أولئكَ النّاس مع كلابهم، وأعمدة الدُّخان الأزرق تتصاعد منْ أكواخهم ) (51).
  وأضاف (رونكيير) : (لقدْ مررنا على واحة القُرنة الغنيّة بنخيلها الفاخرة، ودخلنا مجرى شطّ العرب العريض، حيث اختلطتْ مياه نهر دجلة ذات اللّون الأصفر الدّاكن مع مياه الفرات الزّرقاء، كما اختلط -أيضاً- صوت المؤذِّن مع تلاطم مياه النّهر على جانبي السّفينة، وتعالتْ دعوات الحجّاج العائدينَ منَ النّجف وكربلاء إلى العليّ القدير، بينما انحدر قرص الشّمس الأصفر نحو المغيب في نهاية ذلك اليوم منْ يناير (21)، عام ( 1912 م )، مخلِّفاً وراءه منظراً جميلاً رائعاً، أشعل الأُفق ببحارٍ منَ النّار المتوهّجة، ارتفعتْ فوقها هامات أشجار النَّخيل، كأعمدةٍ سوداءَ تناطح السّماء، وبعد حلول الظّلام، وظهور الأنوار التي انتشرتْ على شواطئ النَّهر، أرخينا قلوبنا انتظاراً ليومٍ جديدٍ يأخذنا إلى البصرة نهاية الرّحلة النّهريّة (52).
  الواقع أنّ وصف مدينة القُرنة لمْ يقتصر على كتابات الرَّحَّالة الذينَ مرُّوا بها، بل إنّ هناك بعض المسؤولينَ الأجانب الذين تمّ تكليفهم بجمع معلومات عنْ مناطق الشّق، يأتي في مقدَّمتهم البريطانيّ (لوريمر) (53)، الذي قال عن القُرنة : (يقعُ قضاء القُرنة على كلا ضفّتي شطّ العرب مباشرة، أسفل المكان الذي يتكوّن فيه النّهر من التقاء نهري دجلة والفرات، ويوجد المركز الإداريّ للقضاء محصور (كذا) بين دجلة والفرات أعلى التقائهما )، وأضاف : (تعتبر قرية القُرنة أهمّ مكان في القضاء، وهي -أيضاً- صغيرة الحجم، وأهمّ القبائل في القضاء هم : أهل الجزاير، وبنو مالك، وبنو منصور، ويُقدَّر عدد سكّان القُرنة بنحو ( 30000 )، نسمة كلّهم تقريباً عربٌ شيعةٌ ) (54).
  فضلاً عنْ ذلك، فإنّه أعطى وصفاً عنْ مناخ القُرنة ومنتجاتها وعمل سكّانها ، إذْ قال : (القضاء رطب وغير صحِّيٍّ، ولكنّ أرضه خصبة وحسنة الرّي، وتوجد مساحات واسعة من النّخيل والأرز، وكمِّيّات قليلة منَ القمح والشّعير، والحيوانات كثيرة خاصّة الجاموس، والإنتاج الوحيد هو الأعشاب (السّمار) - البردي - التي يُصنع منها الحصير، أمّا سُكّانها، فإنّ معظمهم يعملُ في المناطق المجاورة في زراعة القمح والشّعير والأرز، ويُوجد في القُرنة مركز للجمارك والحجر الصِّحّيّ، ومكتب للتّلغراف ) (55).
  الواقع أنّ جمع المعلومات عنْ هذه المناطق لمْ يقتصر على المسؤولينَ الذين تمّ تكليفهم بذلك، بل إنّ بعض المسؤولينَ -وبحكم عملهم في العراق- فإنّم قدّموا معلومات تفصيليّة عنْ مدنه وقراه، وبجميع المجالات، ومنهم القنصل الرّوسيّ في البصرة (ألكسندر أداموف) (56)، الذي كتب عنها : (قضاءُ القُرنة عبارة عنْ مستنقع واسع يحوي مساحات صغيرة مِنَ اليابسة، يسكنها الأعراب، الذين يربُّونَ الجاموس، ولا توجد فيه أماكن تستحقّ الذّكر، فيما عدا القُرنة نفسها. وهذه الأخيرة التي تقع على بعد (70) فرسخاً (57) إلى الأعلى منَ البصرة، وعلى نفس البعد تقريباً منْ سوق الشّيوخ على الفرات، والعمارة على دجلة، تبدو كقرية كبيرة، لكنّها -رغم ذلك- شهدتْ في السّابق أوقاتاً أفضل ) (58).
  كما تحدَّث (أداموف) عنْ تاريخها، قائلاً : (تأسّستْ القُرنة حسب المعلومات التي أوردها نيبور في بداية القرن الثّامن عشر، كحصن ضدّ الفرس ، ولذا، فإنّا أُحيطت بسور مزدوج، وترابط فيها باستمرار حامية لا يُستهان بها. وهكذا نرى أنّ الموقع الاستراتيجيّ للقُرنة قدْ جرى تقييمه منذُ ذلك الوقت ، ذلك أنّا تسيطر على وادي دجلة والفرات، فتكون بذلك خطّاً دفاعيّاً جديداً يُضاف إلى دلتا شطّ العرب، ولكنّه يتميّز عنها في أنّ جناحه لا تُدِّدهُ أيّة محمّرة، كما هي الحالة بالنِّسبة لحصن الفاو ) (59).
  فضلاً عنْ ذلك، فإنّ (أداموف) ذكر الخراب والدّمار الذي مرّتْ به القُرنة خلال القرن التّاسع عشر : (تخرَّبتْ القُرنة تماماً بحيث لمْ يجدْ فيه ولستيد في عام ( 1836 م ) إلّ أكواخاً مِنَ القصب لا يزيد عددها عنْ ( 30 - 40 ) كوخاً، يسكنها جميعاً أُناس غرباء، هم بالدَّرجة الأولى الموظّفونَ الأتراك، ومنذُ ذلك الوقت، أخذتْ القُرنة تعودُ بعضَ الشّء إلى حالتِها الأولى، إلى أنْ أصبح يسكنُها حاليّاً ما بين ( 2000 - 3000 ) نسمة، كما قامتْ فيها إلى جانب أكواخ القصب، أو الصّائف، بنايات من الآجر، يشغلها القوناق، أي : مكتب القائمقام، ومحطّة التّلغراف، ودائرة الكمارك، وغيرها مِنَ المؤسَّسات العامّة ) (60).
  أمّا عنْ أهمّيّة القُرنة، فذَكَرَ (أداموف) : (وللقُرنة إلى جانب موقعها الاستراتيجيّ الجيِّد أهِّميّة تجاريّة ، وذلك بفضل صلاحيّة شطّ العرب لسير السُّفن البحريّة الكبيرة، حتّى نقطة التقاء دجلة والفرات ، ولهذا، فبمجرَّد أنْ تأسَّستْ القُرنة، اتّذتْ دور المركز الذي تتجمّع فيه البضائع القادمة عنْ طريق الخليج، ومنه تتوزّع على المناطق المتاخمة لضفاف أعظم نهرين في مقدّمة آسيا، وذلك كما كانَ الحال تماماً في منتصف القرن السّابع عشر، عندما أقام البرتغاليّونَ هناك محطّة تجاريّة لهم، ظلّت أطلالها قائمة حتّى بداية القرن السَّابق ) (61). وقدْ وصف (أداموف) -أيضاً- الشّجرة المشهورة في القُرنة، التي يُطلِقُ عليها البعض بشجرة آدم (62) ، إذْ قال : (ولا يُمكننا أنْ نصف القُرنة وصفاً كاملاً دون أنْ نذكرَ الأسطورة التي تقولُ بأنّا تقعُ في الموضع الذي كانتْ تقومُ به جنّةُ أجدادنا، ولتأكيد ذلك يقومُ سكّان القُرنة بإطلاع الرَّحَّالة المحبّينَ للاستطلاع على (شجرة إدراك الخير والشرّّ) ، وهي عبارةٌ عنْ شجرةِ طلحٍ عربيّة قديمة تقومُ على الضّفّة اليُمنى لنهر دجلة، بعيداً بعض الشّيء عنْ بساتين النّخيل المحلِّيّة ) (63).
  وخلال الحرب العالميّة الأولى، تعرَّضَ العراق إلى الاحتلال البريطانيّ ، إذْ دخلتْ جيوش المحتلّينَ المدن العراقيّة ، ولذا، فإنّ بعضهم دَوَّنَ معلومات قيِّمة عنْ تلك المُدن، وكانتْ كتابات (سيرل بورتر) (64) واحدة منها ، إذْ إنّ المعلومات التي وصف بها بورتر مدينة القُرنة كانتْ عبارة عنْ معلومات كان يُرسلها إلى أُخته (دورا)، التي كانَ يُطلعُها على المناطق التي يصلُ إليها، ويصفُ أحوالَا المختلفة وجوانبها المتنوِّعة بدقّةٍ متناهيةٍ.
  يذكر (سيرل بورتر) عن القُرنة : (أنّا قرية صغيرة جدّاً، يُقال فيها شجرة آدم التي بالقُربِ منها جنّة عدن التي طُردَ منها آدم )، كذلك يُضيف بورتر في وصفه مدينة القُرنة، قائلاً : (المنطقة هنا أخَّاذة فعلاً، لمْ تُستنزفْ منْ قبل البشر بعدُ، والأهوار تملأُ الأرضَ كلَّها، مساحات من الأرض المزروعة الخضراء، وثمّ مساحات ومساحات مِنْ ألق المياه والمستنقعات المائيّة التي تبدو مثل المرايا الملتمعة، ورُغم عُتمة اللَّيل وطول الأماسيّ، إلاّ إنّ السَّير ليلاً يغمرُني بالنّشوة، فالنّجوم تزهو بأشعّتها القويّة، وتجدينها تخفو وتتلألأ بزهو، ثمّ ترنو إليَّ، ومراقبتُها تغمر الرُّوح بالسّكينة والطُّمأنينة، وتعادل ساعات مِنَ اليوجا، والأرض شاسعة، وتبدو واسعة جدّاً ، لقلّة البشر فيها ، إذْ لا أعتقد بأنّ نفوس هذه البلاد مِنَ الجنوب إلى الشّمال يتجاوز المليونين على أكثر تقدير ) (65).
  ويصف (بورتر) عمليّة صيد الأسماك، بالقول : (رأيتُ رجلاً في منتصف العمر، وبيده آلة تُشبه الشّوكة الكبيرة، ويغرزها بسرعةٍ مدهشةٍ، ويُرجها وسمكة حيّة تلبط معلّقة فيها، وتُسمَّى هذه الآلة بـ( الفالة ) ، إنّا طريقة ذكيّة لصيد الأسماك ) . ويتّضح مِنْ وصف (بورتر) لعمليّة صيد الأسماك أنّ المنطقة كانتْ تمتاز بوجود كمِّيّات كبيرة مِن الثّروة السَّمكيّة، التي قال عنها : (الأسماك تملأ هذا السّطح المائيّ الهادئ البرّاق الجليل، وكذلك مختلف الطّيور الجميلة الغريبة نهاراً. عندما لا أكون منشغلاً مع الفريق الهندسيّ، أبقى أُراقب تلك المخلوقات التي تطفُو على الماء وتلتقط عيشها، سمكةً كانتْ أمْ عشباً بحريّاً أو دودةً صغيرةً، وتجدها لاهية عنْ كلِّ ما يُيطُ بها، وبما أنّ القوّات التُّكيّة قليلة العدّة والعدد، فإنّ الحرب لمْ تستطعْ إخافة الطّيور بعدُ، والمدافع نسبيّاً بعيدة عن المنطقة التي نحنُ فيها ) (66).
  ويصف (بورتر) السَّمك وطبخه بالقول : (السّمك طعمُه لذيذٌ جدّاً، وطريقة طبخه غريبة حقّاً ، إذْ إنّم أوّلاً يُقطِّعونَ السّمك مِنَ الظّهر، أي : بالقُرب مِن الهيكل العظميّ، ثمّ تُفتح السَّمكة، وتبدو وكأنّا قطعة واحدة، ويُبقونَ على الجلد والرّأس، ثمَّ تُغرز بعض العيدان الرّقيقة نسبيّاً في الأرض بشكل قوسٍ، وتُشعل النّار بالقُرب مِنْ تلك العيدان، ولا أدري كيف لا تُرق تلك العيدان ؟! تُعلَّق السّمكة على تلك العيدان، وتحتها نار هادئة، وبعد فترةٍ ليستْ بالقليلة، تُوضع السَّمكة مباشرةً على النّار .. اللَّحمُ اللّذيذُ إلى الأعلى، والجلد على العيدان المتجمِّرة، رائحة الشّواء تُزكمُ الأُنوف، وتفتحُ الشّهيّة، وتمتدُّ الأصابع لتنهشَ اللَّحم المشويّ، وبمهارةٍ يُفصل اللّحم عنْ الأشواك العظيمة، كنتُ أُحاولُ جاهداً تقليدهم، فلمْ أُفلح بابتلاعِ ولو لقمة واحدة، وقام دليلُنا -الملّح إبراهيم- بفصل اللَّحم عن العظم، ووضعه على رغيف خبز، وقدَّمه لن نحنُ الضُّباّط، وكانتْ وجبةً لذيذةً حقّاً، إلّ إنّ أكثر الضُّبّاط الهندوس امتنعُوا عن الأكل، واكتفوا بالفجل والبصل الأخضر والخبز ) (67).
  كذلك، فإنّ (بورتر) يُشير إلى اشتهار مدينة القُرنة بإنتاج الرّز، أو ما يُطلقُ عليه محلِّيّاً بزراعة (الشِّلب أو العنبر) ، إذْ يقولُ عنه : (الرُّزّ المحلُِّّ لا نظيرَ لطعمه ورائحته العبقة، ويُزرع قربَ الأهوار بين النّاصريّة والعمارة، وكلّ يوم تعمُرُ مائدتُنا بهذا الرُّز الرّائع ) (68).
  ومِن الأوصاف السّابقة لمدينة القُرنة ومنتجاتها، يتّضح جليّاً أنّا كانتْ تتميّز بمواصفات طبيعيّة قدْ لا تتوافر في مدنٍ أُخَر، فكانتْ الثّروات الطّبيعيّة لاسيَّما الأسماك متوافرة بكثرة، بل إنّا تُثِّل مصدر معيشةٍ لسكّانها، وأيضاً مصدر ثراءٍ لها ، ولكثرتها توجّهَ أهالي المنطقة إلى تصديرها وبيعها إلى المناطق الأُخَر التي لا تتواجد فيها، ويُعطينا بورتر -أيضاً- وصفاً دقيقاً لطريقةِ طبخ السَّمك، تلك الطّريقة التي لايزال -حتّى الوقت الحاضر- يستخدمُها البعض في شواء السَّمك، وهذا يدلُّ على عبقِ الماضي المستمرّ حتّى يومنا هذا.
  وعندَ التطرّق إلى الجوانب الاجتماعيّة، نجدُ (سيرل بورتر) يصفُ لنا الملابس، وكيف كانتْ في مدينة القُرنة، فيقول : (يطغى اللّون الأسود على ملابس النِّساء، وبالكاد أرى ألواناً برّاقةً مثلما اعتادتْ عليه عيناي في الهند، والنّاس هنا مِن الجنسين يلبسونَ الملابس الطّويلة التي تصلُ إلى الكاحل، وفوق منها ما يُشبه المعطف، يُسمُّونها العباءة، ويرتديها الرِّجال والنِّساء، إلّ إنّ الرِّجال يضعونَا على أكتافِهم، ويُغَطُّونَ رؤوسهم بالعقال والغترة، أو يلفُّونها بالعمامة، ولكلِّ مذهبٍ طرازٌ ولونٌ معيٌّ منْ غطاء الرّأس، تكشف طريقة تغطية الرّأس عنْ المنزلة الاجتماعيّة بتحديد نوعيّة العقال، فكلُّ إنسانٍ هنا يُفصح ويصرخ عالياً معلناً عنْ هويَّته وانتمائه الطّائفيّ والاجتماعيّ، أمّا النّساءُ، فيُغطِّينَ رؤوسَهُنَّ بالعباءة، ولكنّ النّساءَ اللَّواتي يعملنَ في الحقول، أو في الدُّوب، لا يعبأنَ كثيراً لو انحسرتْ رؤوسهنَّ، وانكشفتْ فتحةُ العباءة، ورأس المرأة ملفوف بطرحةٍ مِنَ القماش الأسود، وتتدلّ منها الشّاشيب التي لا تستغني عنها وجوههنَّ المملؤة بالوشم، وكذلك أكُفهنَّ ) (69).
  يتّضحُ مِنْ وصفِ (بورتر) للجانب الاجتماعيّ، ما كانتْ تتميّز به المرأة العربيّة المسلمة منْ عفّةٍ وحياءٍ، والتزامٍ وعفويةٍ، وهذا يُمثِّلُ درساً لما يمرُّ به المجتمع اليوم مِن غزوٍ ثقافيٍّ وفكريٍّ، لاسيّما في الأزياء والملابس، وتقليدنا للغرب منْ دون وضع حدود معيَّنة، وعدم الالتزام بالشّيعة الإسلاميّة التي كان المجتمع على بساطته يلتزمُ بها.
  أمّا بالنِّسبةِ إلى (لونكريك) (70)، فقدْ أورد ذِكْر القُرنة في عدّة مواضع، منها في الجانب الجغرافي ، إذْ قال عنها : ( وفيما فوق القُرنة إلى صدر الغرّاف كانَ يُشاهد نهر عنتر والمنصوريّة وكوت معمر ) ، وكذلك في تحديده أراضي عربستان، التي عدّها بأنّا تُكم مِنْ حاكمٍ عربيٍّ ( فيقول: (وكانَ حاكم هؤلاء والي الحويزة، وسليل بيت عربيٍّ قديمٍ، تضاءلتْ أُصوله في الأساطير، وكانتْ سطوته تمتدُّ إلى القُرنة والشّطِّ مِن الغرب ) (71).
  وفيما يخصُّ قلعة القُرنة وتحصينها، ذَكَر (لونكريك) : (وبعدَ أيّام قلائل، مايس ( 1625 )، وصل إلى عليّ باشا مِن استنبول على طريق البادية الفرمان مع الخِلعة والسّيف، وبذلك ثبّته انتصاره وشهرته في حكومته، فأُعيد بناء مراكز الدّفاع في القُرنة، وهي المركز الطّبيعيّ لطليعة الجيش ) (72)، كذلك تحدَّث عن الضّيبة التي كانتْ تُؤخذ عند القُرنة، بالقول : (كانتْ تُبى رسوم الكمرك البرِّيّة على الحدود، وفي القُرنة عنْ طريق النَّهر، وكذلك في الميناء ) (73).
  ومِنَ الأحداث السّياسيّة والمعارك التي تعرّضتْ لها القُرنة، الخلافات التي كانتْ بينَ الباشوات، لاسيّما أيّام حكم (حسين باشا)، الذي استخدم القسوة والاضطهاد مع أعمامه، الّذين طلبوا المساعدة مِنْ (مرتضى باشا) والي بغداد، وكانَ ذلك عام ( 1653 م )، وبعد أنْ جمع جيشاً وجاءتْ تلك القوّة للقضاء على (حسين باشا)، الّذي كان يحكمُ في البصرة، استطاع ذلك الجيش تحقيق الانتصار ، إذْ سقطتْ القُرنة منْ دون أنْ تُضرب، وفرّ (حسين باشا) إلى عربستان، وتعرَّضتْ القُرنة إلى الفُوضى التي تعرَّضتْ لها البصرة خلال ذلك العهد، الذي انغمرتْ فيه الأخيرة في لُّةٍ مِن الحُزن والخوف، بعد أنْ فرحتْ باستقبال المنقذ، فقدْ وصف (لونكريك) ذلك، بالقول : (ثارتْ قبائل الجزائر، فهاجمتْ القُرنة، فعجل مرتضى بإرسال المدد إلى هناك مِن البصرة، وكانتْ المناوشات غير المنظّمة التي وقعتْ في الأهوار وبساتين النّخيل تدلُّ على ثبات القبائل أكثر مِنْ ثبات جيش الباشا ) (74).
  كذلكَ شهدتْ القُرنة صراعاتٍ متعدِّدةً منْ أجل الاستحواذ عليها، ومنها : ما ذكره (لونكريك) : (تبع ذلك تسابق في الاستيلاء على القُرنة ، إذْ سبق أنْ استولى عليها الانكشاريّونَ، الذين أمدَّهم باشا بغداد على عجلٍ بسريّاتٍ مِنَ الجنود النّظاميّة، وبقطعات أكراد بجلان وتركمان البيات، فوصلتْ هذه القوّة إلى القُرنة، وأنقذتْ المعتصمينَ بها، الذين خابَ المجهود العظيم لـ( يحيى ) في محاولة زحزحتهم عنْ مواقعهم، فرجع شذّاذ جيش (يحيى)، وانتقم لخيبته مِن سكّان البصرة البائسينَ ) (75).

الخاتمة

  يتّضحُ مِنْ خلال البحث النّقاط الآتية :
  ـ 1 إنّ مدينة القُرنة هي مدينة تاريخيّة تعودُ لفتراتٍ قديمةٍ، وهذا ما أوردهُ الرَّحَّالة الأجانب، الّذين مرُّوا بها، وهذا يعودُ إلى أهمِّيّة موقعها الجغرافيّ، الذي يلتقي فيه نهرا دجلة والفرات، اللّذين كانَ يسيرُ بهما الرَّحَّالة في تنقّلاتهم إلى المدن الأُخر.
  ـ 2 أعطى الرَّحَّالة صورة واضحة لجميع المجالات : السّياسيّة، والاقتصاديّة، والدِّينيّة، عنْ مدينة القُرنة، وكان لكلِّ رحّالةٍ صفةٌ مميّزةٌ في كتاباته وتوصيفاته، ونظرة خاصّة إلى تلك المدينة، وربّما هذا يعود إلى الاهتمام، أو العمل، الّذي كانَ يقومُ بهِ الرَّحَّالة أنفسهم، ومِنْ ثَمّ يكونُ لذلك الأمر تأثيرٌ في وصفه للمظاهر التي يُشاهدها.
  ـ 3 اتّضح مِنْ خلال الدِّراسة أنَّ القُرنة كانتْ مدينة مُهِمّة بالنِّسبةِ إلى الدّولة العثمانيّة، التي قامتْ ببناء قلعةٍ فيها، لتُحافظَ مِنْ خلالها على مصالِِها في المنطقة، لاسيَّما وأنّ القُرنة تُسيطر على الطُّرقِ النّهريّة التي تأتي مِنَ البصرة، والقادمة إلى مناطق العراق الأُخَر، ومِنْ ثَمّ جعلتْ فيها مركز كمرك لجباية الضّائب عن السُّفن المارَّةِ بها.
  ـ 4 تأثّر القُرنة - حالها حال بقيّة المناطق والمدن العراقيّة الأُخَر- بالأحداث والتّطوّرات والصِّاعات السّياسيّة، التي كانتْ قائمة آنذاك، فضلاً عن التّطوّرات الاقتصاديّة، والظّروف الصِّحِّيّة والطّبيعيّة، التي مرَّتْ بها البلاد في تلك القرون.
  ـ 5 أثبتتْ كتابات الرَّحَّالة عنْ مدينة القُرنة أنّا كانتْ منطقة غنيَّة بفضل منتجاتها الزِّراعيّة والحيوانيّة، وهذا يُعطي انطباعاً عن الانتعاش الاقتصاديّ الذي كانتْ تمتازُ به المنطقة، والتّنوّع في مصادر الدَّخل، وعدم الاعتماد على حرفةٍ أو مهنةٍ واحدةٍ، على الرُّغم مِنْ بساطة تلك الأعمال، إلاّ إنّا كانتْ تُشكِّل مواردَ معيشيّة كافية للسُّكّان، بل وبعض الأحيان تدعوهم إلى تصدير الفائض منْ منتجاتهم إلى المناطق الأُخَر، لاسيِّما المجاورة.
  ـ 6 امتازتْ القُرنة بفضل المقوِّمات الطّبيعيّة التي امتلكتها - وحسب ما نقله الرَّحَّالة- بأنّا كانتْ منطقة سياحيّة، جذبتْ أنظار القادمينَ إلى البلاد واهتمامهم ، إذْ إنّم انبهرُوا بما لاحظُوه مِنْ جمال الطّبيعة الخلّبة، التي كانتْ عليها مدينةُ القُرنة.
  ـ 7 أسهمتْ تلك الكتابات التّاريخيّة التي قدَّمها الرَّحَّالة والمسؤولينَ الأجانب في الحفاظ على الإرث الحضاريّ لهذه المناطق، واستذكار تاريخ تلك المدن، التي أخذتْ شهرةً كبيرةً؛ وذلك لأنّ أغلب أولئك الرَّحَّالة كتبُوا مذكَّراتهم بلغاتهم، ومِنْ ثَمّ تُرجمتْ تلك الرِّحلات إلى عدّة لغاتٍ، الأمر الذي أدّى إلى اشتهار تلك المُدن، وذَيَعَان صيتها، وأصبح يهوى الولوج إليها كلُّ مَنْ يسمعُ عنْ مميِّزاتها وطبيعتها.



الهوامش
(1) وهو قيصر ميرو لا مو فردريجي، إيطاليّ الجنسيّة، ولد عام ( 1530 م ) في البندقيّة، عمل في شبابه بتجارة الجواهر، وامتدّتْ رحلته ثمانية عشر عاماً ( 1563 - 1581 م )، طاف خلالها في الشّق مروراً بسورية والعراق والهند، حتّى وصل إلى بورما، يبحث عن الأحجار الكريمة، وعندما عاد إلى بلاده جلب معه بضاعةً كبيرةً، وهناك اختلاف في سنة وفاته ، إذْ يُتوقع أنّا بين عامي ( 1600 - 1602 م ) . فردريجي، رحلة فردريجي إلى العراق (القرن السّادس عشر)، ترجمة : بطرس حدّاد، مجلّة المورد، العدد (4)، المجلّد (18)، 1979 م : ص 163 .
(2) المصدر نفسه : ص 166 - 167 .
(3) هو كاسبارو بالبي، ولد في مدينة البندقيّة الإيطاليّة عام ( 1550 م )، قدم إلى العراق في الرّبع الأخير مِن القرن السّادس عشر، وهو في طريقه إلى الهند، فوصل العراق عام ( 1580 م )، وتُعدّ هذه الرِّحلة مِنْ أهمِّ الرِّحلات وأقدمها ، لما فيها مِن معلومات تاريخيّة وجغرافيّة تخصُّ العراق أوّلاً، ولقدمها ثانياً، وعمل مساعداً لقبطان في إحدى السُّفن المخصّصة لحماية كريت، وكانتْ البندقيّة في ذلك الوقت في أوج قوَّتها. بالبي، رحلة بالبي إلى العراق، ترجمة : بطرس حدّاد : ص 5.
(4) المصدر نفسه : ص 89 .
(5) الشّاهي : عملة كانتْ تُستعمل في بلاد فارس أيّام الدّولة الصّفويّة، وأيضاً يتمُّ تداولها في العراق. http://www.1115.jeeran.com (6) بالبي، المصدر السّابق : ص 89 .
(7) المصدر نفسه.
(8) المصدر نفسه.
(9) المصدر نفسه : ص 90 .
(10) ولد في مدينة لشبونة البرتغاليّة، لكنّ تاريخ ولادته ووفاته ما يزالان غير مؤكَّدين، إلاّ إنّ أغلب المؤرِّخينَ يحدِّدونَ ولادته بسنة ( 1570 م )، بدأ رحلاته في وقتٍ مبكِّر منْ حياته، وهو في سنِّ السّادسة عشر، عندما قام بزيارة مدينة غوا الهنديّة، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى ملقا في المدّة ( 1598 - 1600 م )، وأثناء ذلك زار بلاد فارس، وكتب عنها تفاصيل كثيرة، ثم عاد إلى ملقا، وبعدها انطلق متوجِّهاً إلى الفلبّين، وبعدها عاد إلى لشبونة، التي وصلها عام ( 1601 م )، وقبل أنْ يُغادر ملقا، كان قدْ أودع مبلغا مِن المال لدى أحد رفاقه، وطلب منه إرساله إلى لشبونة بواسطة السُّفن البرتغاليّة، لكنّ المبلغ لمْ يصل، فقرَّر تيخيرا السّفر إلى الشّق مرّةً أخرى، وكان ذلك عام ( 1603 م )، فوصل إلى غوا، وتمكَّن مِن استعادة أمواله، وفي طريق عودته مرّ بالعراق، وزار أغلب المدن التي كانتْ تقعُ على طريق الفرات. بيدرو تيخيرا، رحلة بيدرو تيخيرا مِنَ البصرة إلى حلب عَبر الطّريق البرّيّ ( 1604 - 1605 )، ترجمة : أنيس عبد الخالق محمود : ص 7- 11 .
(11) المصدر نفسه : ص 28 - 29 .
(12) المصدر نفسه : ص 31 .
(13) وهو الأب جوزيه دي سانتا ماريا سبستياني، الكرمليّ ( 1623 - 1689 م )، إيطاليُّ الأصل، زار العراق أربع مرّات خلال رحلاته إلى المناطق المختلفة، انخرط في سلك الرّهبنة، وبعد ذلك انتدبتْه الكنيسة للذّهاب في مهمّة رسميّة إلى الهند بصفة مفتّش رسوليّ لدراسة أوضاع النّصارى في الملبار، بعد أنْ أكمل مهمّته عاد إلى أوربّة، وأصبح أُسقفاً، ثمّ عاد إلى الشّق ثانية، ومرّ بالعراق، ولمْ تكنْ كتاباتُه استطلاعيّة، بل كانتْ مجموعةَ ذكرياتٍ اتّسمتْ بنظرة دينيّة، أو صوفيّة، للأمور، يُنظر : رحلات سبستياني إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة : بطرس حدّاد، مجلّة المورد، العدد (3)، المجلّد (9)، 1980 م : ص 167 .
(14) سبستياني، رحلات سبستياني إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة بطرس حدّاد : ص 46 .
(15) المصدر نفسه : ص 47 .
(16) المصدر نفسه.
(17) وهو الأب فنشنسو ماريا دي سانتا كاترينا دي سينا، إيطاليّ الجنسيّة، انخرط في سلك الرّهبانيّة الكرمليّة، أُرسل في مهمّة دينيّة عام ( 1656 م ) إلى الهند الشرّقيّة، وبعد أنْ عاد إلى وطنه تسلّم بعض المهمّت الرّسميّة في الرَّهبنة، حتّى وفاته عام ( 1679 م )، وقدْ أكّد في رحلته أنّ في الشَّق قوى غنيّة تجذبُ المشاعر. فنشنسو، رحلة فنشنسو إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة : بطرس حدّاد : ص 71 .
(18) المصدر نفسه : ص 82 .
(19) وهو جان بابتيست تافرنييه ( 1605 - 1689 م )، فرنسيُّ الأصل، ولد في باريس، وكان والدُهُ مِنْ مشاهير الجغرافيّينَ والنّقّاشينَ، انهمك في الرِّحلات في سنٍّ مبكِّرة منْ حياته، وهو في الخامسة مِنْ عمره، ثمَّ توجّه مع رهابين إلى الدّولة العثمانيّة، وتنقّل في مُدنها، ودخل بعد ذلك بلاد فارس، حتّى وصل إلى أصفهان، ثمّ رجع عنْ طريق بغداد، فحلب، والإسكندرونة، ثمّ مالطا، وإيطاليا، حتّى وصل باريس عام ( 1633 م )، وفي عام ( 1638 م )، قام برحلته الثّانية التي استمرّتْ أربع سنوات، فسافر إلى حلب، وفارس، ثمّ الهند، وأعقبتْ هاتين الرّحلتين أربع رحلات، حتّى إنّه خلال تنقّلاته وصل إلى جزيرة جاوة، ومرّ بطريق رأس الرّجاء الصّالح، واليابان، وفي عام ( 1669 م )، منحه لويس الرّابع عشر لقب نبيل، وكانتْ أواخر سنوات حياته غامضة؛ إذْ ترك باريس إلى سويسرا عام ( 1687 م )، وفي عام ( 1689 م )، عَبر إلى كوبنهاغن قاصداً بلاد فارس عنْ طريق روسيا، لكن وافاه الأجل خلال تلك الرِّحلة، وألّف خلال مسيرته وتنقّلاته عدداً ضخماً مِنَ المؤلَّفات، وصف فيها المناطق والمدن التي مرَّ بها. تافرنييه، رحلة الفرنسيّ تافرنييه إلى العراق في القرن السّابع عشر ( 1676 م )، ترجمة : كوركيس عوّاد وبشير فرنسيس : ص 9 - 10 .
(20) المصدر نفسه : ص 91 .
(21) المصدر نفسه : ص 92 .
(22) المصدر نفسه : ص 93 .
(23) المصدر نفسه : ص 94 .
(24) المصدر نفسه : ص 100 - 101 .
(25) ب . ج . سلوت، نشأة الكويت، ترجمة : مركز البحوث والدِّراسات الكويتيّة : ص 17 .
(26) كارستن نيبور، وهو ألمانيّ الأصل، دنماركيُّ المولد والنّشأة، وحينما قرَّر فريدرك الخامس ملك الدّنمارك إيفاد بعثة فنّيّة للبحوث العلميّة في الشّق الأدنى وجنوبي جزيرة العرب بصفةٍ خاصّةٍ، دخل نيبور في خدمة الملك، والتحق بهيأة البعثة، وعندما وزِّعتْ أعمال البعثة، أُلقيتْ على عاتقه متابعة الأبحاث الجغرافيّة، وبعد أنْ تحرَّكتْ البعثة مكوَّنة مِنْ أربعة أشخاص، مِنْ ضمنهم نيبور عام ( 1763 م ) مِن الإسكندريّة، توفِّ رفاقه، ولمْ يبقَ إلاّ هو وحده، الّذي أكمل رحلته، ووصل إلى البصرة عام ( 1765 م )، وفيها بدأ رحلته، التي وصل فيها إلى بغداد، ومرّ بأغلب المدن والمناطق الواقعة على نهري دجلة والفرات. كارستن نيبور، مشاهدات نيبور في رحلته مِنَ البصرة إلى الحلّة سنة ( 1765 )، ترجمة : سعاد هادي العمريّ : ص 54 .
(27) المصدر نفسه : ص 66 .
(28) كارستن نيبور، رحلة نيبور الكاملة إلى العراق، ترجمة: سعاد هادي العمريّ، وآخرون : ص 106 .
(29) سيستيني، رحلة منْ إسطنبول إلى البصرة سنة ( 1781 )، ترجمة : بطرس حدّاد : ص 90 - 91 .
(30) المصدر نفسه.
(31) وهو جون تايلر، بريطانيّ الأصل، عمل لحساب شركة الهند الشّقيّة البريطانيّة، التي أوفدتْه في مهمٍّ لها إلى الهند، فمرَّ بالعراق، ونشر أخبار رحلته، عاش في الهند حتّى وفاته عام ( 1808 م )، تحدّث في رحلاته عنْ أهمِّيّة الرِّحلات، وأقرب الطُّرق إلى الهند، وذَكَر أنّ أغلب الرَّحَّالة الأوربّيّينَ سلكوا طريق البحر، تطرّق في كتابه إلى معلومات مفصَّلة عن العراق والمدن والبلدان التي مرّ بها، وهو الوكيل السّياسيّ البريطانيّ في بغداد، تولّ هذه المهمّة عام ( 1822 م )، وتبدَّل لقبُهُ إلى قنصل، عام ( 1841 م )، واستمرّ في عمله حتّى عام ( 1843 م )، قام بزيارة العديد مِن المُدن العراقيّة للتّعرّف على أحوالها. رنا عبد الجبّار حسين الزهيريّ، أيالة بغداد في عهد الوالي علي رضا اللاّظ ( 1831 - 1842 م )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلّيّة الآداب، جامعة بغداد، 2005 م : ص 100 .
(32) تايلر، رحلة تايلر إلى العراق، في كتاب رحّالة أوربيّونَ في العراق، تعريب : بطرس حدّاد : ص 94 .
(33) جاكسون : أحد موظّفي شركة الهند الشّقيّة الإنكليزيّة دوَّن مشاهداته في رحلته، وكان مصدراً وصفيّاً رائعاً، أعطى فيه صورة واضحة عنْ أوضاع العراق في عهد سليمان باشا الكبير ( 1780 - 1802 م )، ودور النّشاط البريطانيّ فيه، وذكر ثورة الخزاعل، وحملة الشّيخ ثويني العبد الله ( 1796 - 1797 م ) على الوهابيّينَ، وأعطى -كذلك- أوصافاً دقيقةً عن المدن التي مرّ بها، وكانتْ رحلتُه قدْ تُرجمتْ بعنوان : ( مشاهدات بريطانيّ في العراق عام 1797 م ) . مؤيد أحمد خلف الفهد، السّياسة العثمانيّة تجاه العشائر العراقيّة ( 1750 - 1869 م )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلّيّة الآداب، جامعة البصرة، 2002 م : ص 7.
(34) جاكسون، مشاهدات بريطانيّ عنْ العراق سنة ( 1797 م )، ترجمة : خالد فاروق عمر : ص 45 .
(35) المصدر نفسه : ص 46 .
(36) المصدر نفسه : ص 47 .
(37) وهو أبو طالب بن محمّد خان، وأصلُه تركيّ، لكنّ والده هاجر إلى الهند أولاً، ثمّ إلى البنغال، ثمّ توفِّ في مقصود آباد عام ( 1768 م )، ولد أبو طالب في لكنو عام ( 1751 م )، والبعض يقول ( 1753 م )، هاجر مع عائلتِهِ إلى بانتا، ثمّ إلى مقصود آباد، وكانَ عمرُهُ آنذاك (14) عاماً، وعمل في وظيفة استيفاء الضّائب مدّةً مِن الزّمن، ثمّ هاجر هو وعائلتُهُ إلى كلكتّا عام ( 1787 م )، وكان أبو طالب بليغاً في اللّغة الفارسيّة وآدابها، فقدْ ألّف كتاباً في المختارات الشّعريّة الفارسيّة. سافر منْ كلكتّا إلى أوربّة، فزار إنكلترا وفرنسا والدّولة العثمانيّة، ثمّ رجع إلى الهند عام ( 1803 م )، وخلال تواجده في الدّولة العثمانيّة ادّعى أنّه مِنْ سُلالة النّبيِّ محمّد (ص)، وهو علويّ، ودلّتْ الأخبار في رحلته على أنّهُ كانَ شيعيّاً، وقدْ تنقّل في مدن الدّولة العثمانيّة، وجاء إلى العراق عام ( 1803 م )، وزار المدن المقدّسة النّجف وكربلاء والكاظميّة، وأعطى معلومات كثيرة عن المدن التي مرّ فيها خلال رحلته . أبو طالب خان، رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوربّة، ترجمة : مصطفى جواد : ص 16 - 18 .
(38) المصدر نفسه : ص 405 .
(39) لا توجد معلومات عنْ تاريخ ولادته، وهو فرنسيّ الجنسيّة، كانَ مُولعاً باللّغات الشّقيّة، وهي مصدر قوَّتِه في رحلاته؛ إذْ كانَ يستطيع التّحدّث مع السّكّان المحلّيّينَ، ويبدو أنّ نظرته في رحلتِهِ كانتْ تجاريّة ، لأنّه أعطى معلومات وتفاصيل كثيرة عن الأوزان والمكاييل والموادّ والسّلع المتوافرة في كلّ بلدٍ، والطّرق المهمّة، وقيمة النّقود، كذلك تطرّق إلى الضّائب والمكوس، وما يثبت اهتمامه بالمعلومات التّجاريّة، قوله : بأنّ هدف رحلته خدمة الجغرافيّة والتّجارة، بدأ رحلته مِن القسطنطينيّة عام ( 1807 م )، ثمّ إلى ديار بكر وماردين ونصيبين والموصل وبقيّة المدن العراقيّة، وتوجّه بعد ذلك إلى بلاد فارس. عماد جاسم حسن، أهداف الرَّحّالة الأجانب في رحلاتهم إلى المناطق الشّقيّة، صوت المعلّم، (صحيفة).
(40) دوبريه، رحلة دوبريه إلى العراق ( 1807 - 1809 م )، ترجمة : بطرس حدّاد : ص 144 .
(41) القنطار : وهي وحدة تستخدم لقياس الوزن، ومع أنّا لمْ تكنْ دقيقة، وتتفاوت في كمِّيّتها بين الحين والآخر، إلّ إنّا كانتْ وسيلة تُقِّق الحدَّ الأدنى في ضبط الكمّيّات آنذاك، وتعادل ما يقرب من ( 143 ) كيلو غراماً. http://ar.m.wikipedia.org
(42) دوبريه، المصدر السّابق : ص 145 .
(43) وهو : محمّد بن أحمد، الحسينيّ، إيرانيُّ الأصل، وعمل موظّفاً في المقيميّة البريطانيّة ببغداد حتّى عام ( 1820 م )، ودخل في مشادّة مع الوالي داود باشا، فتمَّ طردُه منْ بغداد، فعاد إلى إيران، ثمّ جاء برحلته إلى العراق عن طريق الشّمال، وبعد ذلك وصل إلى بغداد، ثمّ البصرة، بعد أنْ مرَّ بمدينة القُرنة. محمّد بن أحمد، الحسينيّ، المنشيّ، البغداديّ، رحلة المنشي البغداديّ إلى العراق، ترجمة : عبّاس العزّاوي : ص 4 - 5.
(44) المصدر نفسه : ص 148 - 149 .
(45) وُلد محمّد خورشيد عام ( 1813 م )، التحق بالعمل في الحكومة كاتباً في قلم الكتابة بوزارة الخارجيّة، مثّل الحكومة العثمانيّة في لجنة تثبيت الحدود بين الحكومتين العثمانيّة والفارسيّة، التي استغرق عملها أربعة أعوام ( 1848 - 1852 م )، أعدّ تقريراً مفصَّلاً عن العراق عندما كلّفه السّلطان العثمانيّ عبد المجيد بالذّهاب إلى منطقة الحدود الإيرانيّة العراقيّة، وعُدَّ تقريره دراسةً ميدانيّةً ، إذْ حوى معلومات قيّمة عن المدن وطرقها التّجاريّة، ومنتجاتها الزّراعية والحيوانيّة، وكذلك تحدّث عن الضّائب والعملات، وتطرّق إلى الحِرف التي يُزاولها الأهالي، وطبيعة المجتمع وتقاليده ولباسه ومعتقداته الدّينيّة، وأيضاً حوى تقريره معلومات جغرافيّة عن الأنهار والرّوافد والجبال والآثار القديمة، وفي عام ( 1862 م )، طُبع هذا التّقرير بشكل كتابٍ، عنوانه : (سياحة نامة حدود)، وعرّبه : الدّكتور نوري عبد بخيت السّامرّائيّ عام ( 1980 م ) . أحمد حاشوش، المصدر السّابق : ص 20 .
(46) خورشيد باشا، رحلة الحدود بين الدّولة العثمانيّة وإيران، ترجمة : مصطفى زهران : ص 102 .
(47) المصدر نفسه : ص 103 .
(48) لا تُوجد معلومات عنْ تاريخ ولادته، أو وفاته، سوى أنّه قام برحلته عام ( 1893 م ) مِنْ مِصر، واتّه إلى سورية، وبعدها دخل الأراضي العراقيّة ، فوصل إلى بغداد، ومرّ بعد ذلك بالحلّة وكربلاء والنّجف والبصرة، تضمّن كتابه وصفاً للأوضاع السّياسيّة والاقتصاديّة والتّاريخيّة للمناطق التي مرّ بها في ذلك، منْ دون أنْ يغفل عنْ ذِكر القرى والقبائل والمجتمعات العربيّة البسيطة، والمواقع التّاريخيّة، والآثار المنتشرة في المناطق التي مرّ بها، كذلك النّباتات والحيوانات، ووصفه أزياء السُّكّان وعاداتهم، وأعطى إحصائيّات عنْ أعدادهم، والجاليات المتواجدة معهم . أ. ج. سوانسن كوبر، رحلة في البلاد العربيّة الخاضعة للأتراك من البحر المتوسّط إلى بومبي عنْ طريق مصر والشّام والعراق والخليج العربيّ، حتّى ( 1893 م )، ترجمة صادق عبد الرّكابيّ : ص 11 .
(49) المصدر نفسه : ص 295 .
(50) وهو الابن الوحيد لوالده عالم النّباتات الدّنماركيّ البروفيسور كريستيان رونكيير، المولود عام ( 1860 م )، وكانتْ والدتُه ناقدة ومؤلّفة وشاعرة، نال باركلي تعليماً جيّداً، وسافر مع أبيه إلى تونس عام ( 1909 م )، ويبدو أنّ رحلته إلى الجزيرة العربيّة كانتْ جزءاً منْ خطّة الجمعيّة الفلكيّة الجغرافيّة في الدّنمارك لاستكمال المعلومات التي قدّمها نيبور في رحلته سابقاً. كانتْ بداية الرِّحلة منْ استنبول عام ( 1911 م ) ، إذْ إنّه وصل إلى حلب، ثمّ إلى بغداد، ومنها انطلق عنْ طريق نهر دجلة ليصل إلى البصرة التي توجّه منها إلى الكويت أولاً، ثمّ الذّهاب بواسطة رحلة برّيّة بواسطة جمل إلى قلب الجزيرة العربيّة، وقدّم خلال رحلته أوصافاً وانطباعات عديدة وبمختلف المجالات. باركلي رونكيير، عَبر الأراضي الوهابيّة على ظهر الجمل، ترجمة : محمّد الخريجي : ص 35 - 46 .
(51) المصدر نفسه : ص 46 .
(52) المصدر نفسه : ص 48 .
(53) وهو أحد موظّفي حكومة الهند البريطانيّة، أرسلتْه الحكومة البريطانيّة عام ( 1904 م ) إلى منطقة الخليج العربيّ للتّحرِّي عنْ معلومات مفصَّلة عن المنطقة، فزار أغلب مُدن المنطقة، وكَتَبَ عنها، وكَتَبَ عن المُدن العراقيّة، وجاءتْ كتاباتُه بشكلٍ مسهبٍ في الأوضاع السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة ، وبذلك، فإنّه يُعدُّ أبرز مصدر وثائقيّ عنْ تاريخ الخليج العربيّ، اعتمد فيه كاتبه على سجلّت حكومة الهند، وعلى المعلومات السّّيّة التي وضعتها بكاملها تحت تصرّفه، وقدْ طُبِع قسمٌ منهُ عام ( 1908 م )، أمّا القسم الآخر، فقدْ طُبع في عام ( 1915 م )، وبقي وثيقة سرّيّة لا يجوز الاطّلاع عليها حتّى عام ( 1960 م ) ، إذْ أتتْ الحكومة البريطانيّة على نشره، ويتكوّن منْ قسمين : القسم التّاريخيّ، والقسم الجغرافيّ، وقُسِّم الكتاب إلى أربعة عشر جزءاً، سبعة منها للقسم التّاريخيّ، طُبعتْ في الدّوحة عام ( 1967 م )، ومثلها للقسم الجغرافيّ، طُبعتْ في بيروت عام ( 1970 م )، أحمد حاشوش، المصدر السّابق : ص 9.
(54) ج.ج. لوريمر، دليل الخليج، القسم الجغرافيّ، ج 5، ترجمة : مكتب أمير قطر : ص 1911 .
(55) المصدر نفسه : ص 1912 .
(56) وهو ديبلوماسيّ روسيّ، عمل في نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين قنصلاً لبلاده في البصرة، ألّف كتاباً ضخماً عن البصرة بعنوان (ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها) ، وللكتاب قيمة علميّة كبيرة، تكمن بكون مؤلّفه قدْ عاصر بعضَ الأحداث، وأيضاً سجّل ملاحظاته بشكلٍ مباشرٍ، ولمْ يعتمد على النّقل في تسجيل معلوماته، وكان مطّلعاً على عددٍ كبيرٍ من المصادر والمراجع الرّوسيّة والفرنسيّة والألمانيّة والإنجليزيّة، التي تتعلّق بالمواضيع المختلفة التي عالجها في كتابه، ولمْ تقتصر معلوماتُه على جانبٍ معيٍّ، بل بكلِّ الجوانب السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والإداريّة والجغرافيّة، وأوضاع السُّكّان ، ولذا فإنّ كتابه كانَ أشبه بالموسوعة التي تحدّثتْ عنْ ولاية البصرة والمناطق والمدن القريبة منها. ألكسندر أداموف، ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها، ترجمة : هاشم صالح التكريتيّ : المقدّمة.
(57) الفرسخ : وهو وحدة قياس المسافة، وأصل الكلمة فارسيّة، وتُمِع أغلب المصادر على أنّ الفرسخ يُعادل ما بين أربعة إلى ستّة كيلومترات في النّظام الدّوليّ الحالي.
http://ar.m.wikipedia.org
(58) ألكسندر أداموف، المصدر السّابق : ص 58 .
(59) المصدر نفسه : ص 59 .
(60) المصدر نفسه.
(61) المصدر نفسه : ص 60 .
(62) شجرة آدم : وهي شجرة قديمة مشهورة عند أهلها باسم (البراهام)، يزعم النّاس أنّا منْ زمنِ آدم أبي البشر، وتحت ظلالها الوارف تمّ أوّل لقاءٍ له مع حواء، ويقول آخرون : إنّا تعود إلى حقبة السّيّد المسيح، فتراهم يشدُّونَ الخِرق حولها، ويطلونَ بالحنّاء البناية المحيطة بها ، أملاً في أنْ تُقضى حاجاتهم، وقدْ أصبحتْ مزاراً لبعض السُّوّاح الأجانب، الذين يُيلهم وقع الأسطورة وهيأة الشّجرة المهيب، فيتبرَّكونَ بها، زاعمينَ أنّا شجرة معرفة الخير والشّّ في أساطير الرّافدين القديمة، فإذا مرّ أحدهم بها، وقف إلى جانبها هنيئة، وشرب ما تيسَّ من المرطّبات، ثمّ انصرف. مدينة القُرنة )الگرنة( في البصرة، المساعد الشّخصيّ الرّقمي، على الموقع : . http://im28.gulfup.com/show/x359iaog1eiw408
(63) ألكسندر أداموف، المصدر السّابق : ص 60 .
(64) وهو بريطانيُّ الأصل، ولد عام ( 1895 م )، اتّه مع الحملة البريطانيّة على العراق خلال الحرب العالميّة الأولى، فقدْ كان ضابطاً في الهندسة العسكريّة البريطانيّة، أُعجب بحياة العراقيّينَ وطرق عيشهم وأكلهم، وتزوّج منْ سيّدتينِ عراقيّتينِ، وكانتْ كتاباته عبارة عنْ رسائل يبعث بها إلى شقيقته دورا. كانتْ وفاتُه في بغداد عام ( 1967 م )، ودُفن فيها. أمل بورتر، العراق ما بين الحربينِ العالميّتينِ منْ خلال رسائل سيرل بورتر، دار ميزوبو تاميا، بغداد، 2008 م.
(65) المصدر نفسه : ص 24 - 26 .
(66) المصدر نفسه : ص 27 .
(67) المصدر نفسه : ص 37 .
(68) المصدر نفسه : ص 28 .
(69) المصدر نفسه : ص 44 .
(70) وهو بريطانيُّ الأصل، عمل في العراق بعدّة مناصب في القنصليّة البريطانيّة في بغداد أيّام الدّولة العثمانيّة، قام بتأليف كتابٍ شاملٍ لمسيرة العراق والأحداث التي مرّ بها على مدار أربعة قرون، فأعطى تفصيلات مهمّة عنْ المدن والأحداث والمعارك والشّخصيّات والعشائر، والصّاعات التي كانتْ قائمة خلال تلك المدّة، فضلاً عن الصّاع بين الدّولتين العثمانيّة والصّفويّة على العراق، وكان ذلك العمل الضّخم قدْ قام به بعد قيام النّظام الملكيّ في العراق عام ( 1921 م ) . ستيفن هيمسلي لونكريك، أربعة قرون منْ تاريخ العراق الحديث، ترجمة : جعفر الخيّاط : ص 11 - 12 .
(71) المصدر نفسه : ص 13 ، ص 17 .
(72) المصدر نفسه : ص 140 .
(73) المصدر نفسه : ص 141 .
(74) المصدر نفسه : ص 148 .
(75) المصدر نفسه.

المصادرُ والمراجعُ

أوّلاً : الكتب العربيّة والمعرَّبة
1 ـ أبو طالب خان، رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوربّة، ترجمة : مصطفى جواد، الورّاق، بيروت، 2007 م.
2 ـ أ. ج. سوانسن كوبر، رحلة في البلاد العربيّة الخاضعة للأتراك من البحر المتوسّط إلى بومبي عنْ طريق مصر والشّام والعراق والخليج العربيّ، حتّى ( 1893 )، ترجمة : صادق عبد الرّكابيّ، الأهليّة للنّشر، عمّن، 2004 م.
3 ـ ألكسندر أداموف، ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها، ترجمة : هاشم صالح التّكريتيّ، دار الورّاق للنّشر، بيروت، 2009 م.
4 ـ أمل بورتر، العراق ما بين الحربين العالميّتين منْ خلال رسائل سيرل بورتر، دار ميزوبو تاميا، بغداد، 2008 م.
5 ـ بالبي، رحلة بالبي إلى العراق، ترجمة : بطرس حدّاد، بغداد، دار الشّؤون الثّقافيّة، 2005 م.
6 ـ باركلي رونكيير، عبر الأراضي الوهابيّة على ظهر الجمل، ترجمة : محمّد الخريجي، مكتبة العبيكان، الرّياض، 2003 م.
7 ـ ب. ج. سلوت، نشأة الكويت، ترجمة : مركز البحوث والدّراسات الكويتيّة، 2003 م.
8 ـ ج. ج. لوريمر، دليل الخليج، القسم الجغرافيّ، ج 5، ترجمة : مكتب أمير قطر، (د.ت).
9 ـ تافرنييه، رحلة الفرنسيّ تافرنييه إلى العراق في القرن السّابع عشر ( 1676 )، ترجمة : كوركيس عوّاد وبشير فرنسيس، الدّار العربيّة للموسوعات، بيروت، 2006 م.
10 ـ تايلر، رحلة تايلر إلى العراق، في كتاب : (رحّالة أوربيّون في العراق)، تعريب : بطرس حدّاد، بيروت، 2007 م.
11 ـ جاكسون، مشاهدات بريطانيّ عن العراق سنة ( 1797 )، ترجمة : خالد فاروق عمر، الدّار العربيّة للموسوعات، بيروت، 2000 م.
12 ـ خورشيد باشا، رحلة الحدود بين الدّولة العثمانيّة وإيران، ترجمة : مصطفى زهران، المركز القوميّ للتّجمة، القاهرة، 2009 م.
13 ـ دوبريه، رحلة دوبريه إلى العراق ( 1807 - 1809 )، ترجمة : بطرس حدّاد، الورّاق، بيروت، 2011 م.
14 ـ سبستياني، رحلات سبستياني إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة : بطرس حدّاد، بغداد، 2004 م.
15 ـ ستيفن هيمسلي لونكريك، أربعة قرون منْ تاريخ العراق الحديث، ترجمة : جعفر الخيّاط، المكتبة الحيدريّة، ط 4، 1425 هـ.
16 ـ سيستيني، رحلة منْ إسطنبول إلى البصرة سنة ( 1781 م )، ترجمة : بطرس حدّاد، المركز العلميّ العراقيّ، بغداد.
17 ـ كارستن نيبور، مشاهدات نيبور في رحلته من البصرة إلى الحلّة سنة ( 1765 م ) ، ترجمة : سعاد هادي العمريّ، مطبعة دار المعرفة، بغداد، 1955 م.
18 ـ كارستن نيبور، رحلة نيبور الكاملة إلى العراق، ترجمة : سعاد هادي العمريّ، وآخرون، الورّاق، بيروت، 2012 م.
19 ـ محمّد بن أحمد، الحسينيّ، المنشي البغداديّ، رحلة المنشي البغداديّ إلى العراق، ترجمة : عبّاس العزّاوي، الورّاق، بيروت، 2008 م.

ثانياً : الرسائل الجامعيّة
1 ـ أحمد حاشوش، سوق الشّيوخ مركز إمارة المنتفك ( 1761 - 1869 م )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلّيّة الآداب، جامعة ذي قار، 2010 م.
2 ـ رنا عبد الجبّار حسين الزّهيريّ، أيالة بغداد في عهد الوالي علي رضا اللاّظ ( 1842 - 1831 )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلّيّة الآداب، جامعة بغداد، 2005 م.
3 ـ مؤيّد أحمد خلف الفهد، السّياسة العثمانيّة تُاه العشائر العراقيّة ( 1750 - 1869 )، رسالة ماجستير غير منشورة، كلّيّة الآداب، جامعة البصرة، 2002 م.

- ثالثاً : البحوث المنشورة
1 ـ رحلات سبستياني إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة : بطرس حدّاد، مجلّة المورد، العدد ( 3 )، المجلّد ( 9 )، 1980 م.
2 ـ فردريجي، رحلة فردريجي إلى العراق (القرن السّادس عشر)، ترجمة : بطرس حدّاد، مجلّة المورد، العدد ( 4 )، المجلّد ( 8 )، 1979 م.
3 ـ فنشنسو، رحلة فنشنسو إلى العراق في القرن السّابع عشر، ترجمة: بطرس حدّاد، مجلّة المورد، العدد ( 3 )، المجلد، 5، 1976 م.

رابعاً : المواقع الإلكترونيّة
- مدينةُ القُرنة )الگرنة( في البصرة، المساعد الشّخصيّ الرّقميّ، على الموقع : http://im28.gulfup.com/show/x359iaog1eiw408
- http://ar.m.wikipedia.org

BASRAHCITY.NET