حمَّام الحسيني .... من الحمَّامات العامة القديمة في البصرة

الاستاذ هاشم محمد علي العزام

المقدمة


  كانتْ الحمَّامات العامة في البصرة إحدى المرافق الحيوية التي يرتادها أبناء المدينة، وقد تميَّزتْ البصرة بحمَّاماتها الكثيرة ، التي يزداد الإقبال عليها - عادة - في فصل الشتاء أكثر من فصل الصيف ، لتوفّر كميَّات هائلة من البخار فيها، والماء الدافئ، فيجد الناس راحتهم فيها أكثر من حمَّامات منازلهم، وذلك لعدم توفر السخَّانات في المنازل - آنذاك - ، ولأنَّ تسخين الماء يتطلَّب قدراً غير قليل من الغاز أو النفط.
  ومن بين تلك الحمَّامات العمومية التي عُرفتْ في البصرة وارتادها العديد من أبنائها هو حمَّام الحُسيني الذي يُعدُّ من الحمامات القديمة التي أُنشِئتْ في العهد العثماني عام 1870 م ، وتعود ملكيته إلى الحاج عبد الرزاق السبتي، ويقع في منطقة الداكير حي مقام علي في العشار وتحديداً في وسط سوق العطَّارين المسمى بسوق العطية، حيث كانتْ هذه المنطقة - آنذاك - مكتظَّة بالجنود العثمانيين، ومن جاء بعدهم من الجنود الإنجليز والهنود.
  وقد كان بناؤه من الطابوق والجص, واستعمل الطابوق المربع (الفرشي) للأرضية، أمّا الشكل العام للحمَّام فأول ما يلاقي الداخل إليه بابٌ ذو مصراعين خال من الزخارف ، ويرتبط برواق مستطيل الشكل أبعاده 4×3 م على امتداد مدخل الحمَّام، تعلوه قُبَّة مرتكزة على أربعة أركان ولها أربع حنايا في الزوايا حوَّلتْ المربع إلى مثمن الشكل في بناء القبَّة، وعلى جانبي هذا الرواق بُنيتْ غرف لتغيير الملابس، وفي الجهة اليسرى من المدخل الرئيسي دكَّة وسطية مثمنة تسمى بـ (الجهنمية) يجلس عليها المستحمون وتُحيط بها أربع غرف وثلاثة أواوين توجد فيها دكَّات حجرية للجلوس وأحواض ماء حجرية للاغتسال ، وفوق الدكَّة المثمنة والغرف بُنيتْ قُبَّة كبيرة فيها فتحات للإنارة وبُني فوق السطح حوضان أحدهما يستعمل للماء الحار والآخر للماء البارد، أمَّا طريقة تدفئة الحمَّام فقد صُنع موقد تحت الدكَّة تتفرع منه مسالك تحت الأرض تصل إلى أرضيات الغرف والأواوين.
  يقوم الزبون بالاغتسال في الحمَّام بنفسه أو بالاستعانة بالدلَّاكين المتواجدين في الحمَّام مقابل ثمن، وقد كان الحمَّام سابقاً – وإلى وقت قريب – مكتظاً بالمغتسلين ولاسيِّما في ليلة الجمعة ونهارها أمَّا اليوم فصار رواده قليلين جداً، وذلك لتوافر السخانات في المنازل وسهولة وصول المياه إليها، وصارتْ الحمَّامات اليوم - عموماً- من التراث ومن المعالم ، وهي مهدَّدة بالزوال بعد أن كانتْ تدبُّ فيها الحياة في الأيَّام الماضية.

BASRAHCITY.NET