أثر العوامل الجغرافية في تطور العلاقات التجارية لمدينة البصرة مع بلدان الشرق الاقصى
وشرق افريقيا في القرنين الأول والثاني للهجرة

الاستاذ إبراهيم علي ديوان

   المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
 وقع اختيار موضوع البحث لدراسة اثر العوامل الجغرافية من اجل كشف اهميتها وإبراز دورها في ظهور وتطور العلاقات التجارية لمدينة البصرة مع الاقاليم الخارجية وقد حددت فترة البحث في القرنين الاول والثاني للهجرة لكون القرن الاول يمثل بداية ظهور المدينة كمدينة عسكرية ظهرت فيها ملامح التجارة ومظاهر التحدث بينما مثل القرن الثاني قمة تطور التجارة الخارجية الذي حققته المدينة بتأثير العوامل الجغرافية كما ان قلة البحوث والدراسات التي كتبت في هذا المجال دفعت الباحث للكتابة عنه وذلك لأهمية المدينة بالنسبة للعراق .
 قسم البحث الى ثلاثة محاور تناول المحور الاول العوامل الجغرافية الطبيعية التي شملت دراسة الموقع الجغرافي والسطح والمناخ والانهار والعوامل الجغرافية البشرية التي شملت دراسة السكان وإجراءات الدولة بالإضافة إلى الزراعة والصناعة .
 بينما تناول المحور الثاني دراسة الأسواق التي يمكن اعتبارها عامل اقتصادي بشري وذلك لأهميتها ودورها الكبير في نمو تجارة المدينة وقد عني هذا المحور بدراسة التوزيع الجغرافي للأسواق من اجل ايضاح دورها في التجارة الخارجية .
 أما المحور الثالث فقد تناول دراسة العلاقات التجارية للمدينة مع بلدان الشرق الاقصى ( الهند والصين ) وشرقي أفريقيا .
 أتضح من خلال البحث أن الموقع الجغرافي يعد من أهم العوامل الجغرافية الذي لعب دوراً كبيراً في تطور العلاقات التجارية للمدينة من حيث ان موقعها على رأس الخليج العربي من جهة الجنوب اتاح لها الاتصال المباشر بالعالم الخارجي وبذلك أصبحت المدينة باب العراق ومنفذه البحري الوحيد الذي يمر به النشاط التجاري إلى بلدان الشرق الاقصى وشرق افريقيا .
 كما ساهم السطح في تطور هذه العلاقة من خلال انبساطه العام الذي اتاح للمسؤلين في تلك الفترة أمكانية التوسع الزراعي والصناعي كما ان انحدار السطح تجاه الجنوب ساعد الأنهار على الجريان إلى الخليج العربي الذي يعد منفذ المدينة للعالم الخارجي كما لعبت الأنهار دوراً تجارياً كبيراً حيث اعتمد عليها في عملية ري الأراضي الزراعية بصورة طبيعية عن طريق عملية المد والجزر بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة نقل مهمة للبضائع والسلع التي تنتجها المدينة عن طريق الزوارق التي تجري فيها باتجاه ميناء الابلة الكبير ليتم نقلها الى بلدان التي تتعامل معها المدينة خاصة وان تتوزع بصورة متساوية تقريباً في اغلب اجزاء المدينة .
 وعند دراسة العوامل البشرية أتضح الدور الكبير الذي لعبه السكان بعد استقرارهم في المدينة من خلال استثمارهم للاراضي الزراعية وقيام صناعات محلية اعتمدت عليها التجارة بشكل كبير كما ان زيادة اعداد السكان ادى الى ظهور طبقة رأسمالية اخذت على علتقها عملية النهوض بالتجارة المنظمة لكونها امتلكت وسائل الانتاج ورؤوس الأموال الكافية .
 ان اجراءات الدولة عملت على تطور تجارة المدينة كذلك من خلال الغائها الضرائب المفروضة على الأسواق واهتمامها باستصلاح الاراضي الزراعية وتوفيرها للعملة الرئيسية المتمثلة بالذهب والفضة في بداية القرن الأول الهجري وسك النقود وتوزيعها على أقاليم الدولة الإسلامية .
 ولعبت كل من الزراعة والصناعة دوراً مهماً في العملية التجارية لكونهما يمثلان الرافدان لتجارة المدينة .
 أما الأسواق فأتضح دورها المتميز من خلال تصريفها للسلع والمنتجات كافة خاصة وانها تحتل مواقع جغرافية متميزة حيث ان اغلبها يقع على الانهار التي تربط مباشر بجوانب المدينة وعليه فقد برزت علاقات المدينة مع بلدان الشرق الاقصى خاصة الهند التي ارتبطت بها المدينة ارتباطاً تجارياً مهماً وكذلك الصين بسبب انتقال التجارة الى منطقة الخليج العربي الذي يربط المدينة بتلك الاقاليم بالإضافة إلى إقليم شرق أفريقيا .

BASRAHCITY.NET