صِلة البصرة بالحجاز خلال القرن الأول الهجري
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
تنوعت الصلات التي ربطت البصرة بعد تأسيسها بالحجاز فشملت جوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية كان لها الاثر الاكبر في التحولات التي شهدتها البصرة طيلة القرن الاول الهجري .
ففي الجانب الاجتماعي أسهمت القبائل الحجازية ومنذ البداية الاولى لتأسيس مدينة البصرة في تكوين البنية الاجتماعية لها ، حيث عدة قبائل اهل العالية ـ التي تتكون من العشائر الحجازية الاصل ـ أحد ابرز الاخماس الاساسية التي تشكل منها الجتمع البصري .
وكان لرجالات هذه القبائل مكانة اجتماعية واقتصادية وسياسية بارزة في المجتمع البصري ومساهمة فاعلة في الكثير من الاحداث الكبرى التي شهدتها البصرة طيلة القرن الاول الهجري .
اما في الجانب الاقتصادي فقد انعكست التغييرات الاقتصادية التي شهدتها البصرة في القرن الاول الهجري على علاقتها الاقتصادية مع الحجاز ففي بدايات العصر الراشدي ولكون الحجاز مركز الدولة الاسلامية كانت اغلب مدخولاته المالية تأتي من العراق وخاصة البصرة , وذلك لسعة فتوحاتها في المشرق ولموقعها التجاري الهام بالاضافة الى ما كان يرسل للحجاز من ارباح رؤوس الاموال التي وظفها الحجازيون في البصرة ، الا ان كمية الاموال المرسلة قد تراجعت لاسيما بعد نقل مركز الخلافة من الحجاز وتبدل الاوضاع السياسية والاقتصادية في البصرة .
اما صلات البصرة التجارية مع الحجاز فقد تظافرت مجموعة من العوامل على انعاشها أهمها الموقع الجغرافي المتميز للبصرة التي جعلها مركزاً تجارياً هاماً لمرور السلع والبضائع من الاقاليم الشرقية الى الحجاز بالاضافة الى استقرار عقليات تجارية حجازية فيها استثمرت رؤوس الاموال التي ترد البصرة في تنمية التجارة بينها وبين الحجاز .
كما ساهم الحجازيون الذين استوطنوا البصرة في تنمية النشاط الزراعي واحياء الاراضي واستصلاحها فيها ، وذلك لان الكثير من هؤلاء كانوا يمارسون الزراعة اصلاً في مدن الحجاز ، وكان لكثرة الاقطاعات التي اقطعت من قبل الخلفاء الراشدين وحكم بني امية من أراضي الموات والصوافي الى شخصيات حجازية مهتمة بهذا الجانب اثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على البصرة والحجاز .
اما في الجانب السياسي فقد اتخذت القبائل الحجازية في البصرة مواقف متباينة في الاحداث السياسية التي حدثت في الحجاز وانعكست بدورها على البصرة ، كما في الثورة على الخليفة عثمان بن عفان ومقتله والبيعة للامام علي (ع) وما ترتب عليها من معارضة تبلورت في الحجاز وقدمت الى الحجاز لتأكد حقيقة واقعة أن صوت الامصار السياسي بدأ يسمع في مسألة التقرير السياسي السلطوي في الحجاز ووضع أسس لإمكانية انطلاقه من الأمصار كمنافس سياسي واضح للحجاز ، كذلك موقفهم من حركة ابن الزبير في الحجاز ومد نفوذه الى البصرة وما ترتب على هذه الحركة من اثار انعكست على كل من البصرة والحجاز .
أما الجانب الفكري فكان لاسقرار عدد من الصحابة والتابعين من أهل الحجاز بالبصرة والذين نقلوا تأثيراتهم الفكرية معهم الأثر الكبير في أزدهار الدراسات الدينية واللغوية وخاصة فيما يتعلق بالقران وقراءته وتفسيره والحديث وروايته بلاضافة الى ما يتعلق باللغة والنحو ، واضعين اسس لمدرسة فكرية خاصة بالبصرة كان لها دور الصداره في نشأت هذه الدراسات وتطويرها في العالم الاسلامي .
|
|
|
|