كانت البصرة والكوفة المدينتين التي ازدهرت فيهما الحركة العلمية ومنها انتشرت الدراسات اللغوية والادبية والدينية والفلسفة في بقية العالم الاسلامي .
وكانت البصرة اسبقها لموضعها المهم الذي يجعل منها نقطة التقاء للبشر وللثقافات ، اذ فيها التقى العرب بالفرس والهنود واليونان وغيرهم من البشر ، ونتيجة لاختلاط العرب بالاعاجم فشا اللحن وفسدت الالسنة ، فلا غرابة ان تكون البصرة اول مدينة اسلامية قامت فيها مدرسة نحوية ، اذ كان للبصرة منهجها المنطقي في دراسة اللغة ، وكان كل ذلك يشكل مفارقة لما كان عليه الحال في الكوفة ، اذ همت الكوفة بالدراسات القرانية وبجمع الشعر القديم واللغة ، وكان منهجها وان تأثر بما يجري في البصرة ، فهو اقرب الى منهج الرواية والاستشهاد بما كان يؤثر عن العرب من نثر وشعر .
وقد بدأت الدراسات النحوية في الكوفة بعد حوالي القرن من بدايتها في البصرة ، وهناك بعض الفروق بين مدرستي البصرة والكوفة النحويتين نورد فيما يأتي بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر :
1 ـ قال البصريون : ان ابنية الكلمة ثلاثية ورباعية وخماسية، وما زاد عن ذلك زائد ، وقال الكوفيون انها لاتقل عن ثلاث ، ولا تزيد على ثلاثة ، وما زاد على ثلاث ، فزائد على اصل البناء .
2 ـ اقسام افعل عند البصريين ( ماضي ومضارع وأمر ) وعند الكوفيين( ماضي ومضارع ودائم ( اي اسم فاعل ) ) .
3 ـ اقسام الكلام عند البصريين أسم وفعل وحرف ، وعند الكوفيين أسم وفعل واداة .
4 ـ ميز البصريون بين علامات الاعراب المتغيرة : نصب ، جر ، رفع ، جزم وبين البناء الازمة : فتح ، كسر ، ضم ، سكون ، ولم يفرق بينهما الكوفيين ، فقد يطلقون النصب على المبني على الفتح كما يطلقون الفتح على المنصوب .
5 ـ الني عند البصريين هو الحجر عند الكوفيين .
6 ـ البدل عند البصريين هو الترجمة والتبين عند الكوفيين .
7 ـ ظرف المكان عند البصريين هو المحل والصفة عند الكوفيين .
8 ـ الضمير الذي لم يتقدمه ما يعود عليه هو ضمير الشأن والقصة والحيث عند البصريين وهو المجهول عند الكوفيين .
9 ـ ضمير الفصل عند البصريين يسمى العماد عند الكوفيين .
10 ـ العطف عند البصريين هو النسق عند الكوفيين .
11 ـ اسماء الافعال عند البصريين وعند الكوفيين افعال .
12 ـ رب عند البصريين ( حرف جر ) وهي عند الكوفيين ( اسم ).