الاستاذ عبد الله رمضان العيادة
المقدمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
يذكر أن أول قطعة نقدية سكت في البصرة هي التي سكت على عهد الإمام علي بن أبي طالب (ع) في سنة (25) هجري .
ولم تكن النقود أسلامية كما أن عبيد الله بن زياد والي البصرة قد سك النقود سنة (56)هـ وعليها كتابة بالعبرية لأن الصناع كانوا من اليهود ، وفي سنة (86)هـ أسهم الحجاج في سك عملة عربية خالصة نقوشاً وكتابة ، ومن هذه أنواع هذه النقود الدينار والدراهم والدانق والفلس والحبة الذهبية ، وقد شهدت البصرة عملة نقدية خالصة بالزنج على أيام ثورتهم سنة (255 ـ 270 )هـ حينما أتخذوا المختارة على نهر أبي الخصيب عاصمة لهم أثناء ثورتهم فأنتشرت نقودهم الذهبية في منطقة البصرة طيلة فترة (15) عاماً الى أن جاء الموفق بالله العباسي سنة (270)هـ لتستخدم عملته النقدية كبديل عن سكة الزنج التي يقال أن بعضها كتبت عليه عبارة ، لا حكم إلا لله ، وما تزال توجد قطعة ذهبية يرجع تاريخها الى سنة (261)هـ عملة الزنج في المتحف البريطاني بلندن .
عمل الصيارفة في البصرة :
يعتمد عمل التجار البصريين على تصدير الحنطة البصرية والتمور الى الهند مقابل استيراد بعض السلع والموز الهندي الذي نجحت زراعته في البصرة بعد ذلك الحين فانتج تمراً طيباًَ وقد شاهدته السائحة الفرنسية مدام ديولانوا عند زيارتها للبصرة سنة (1881م /1299هـ ) فقالت : إنها شاهدت غابة من أشجار الموز على ضفاف شط العرب يومها كانت البصرة تصدر أنواع عديدة من الفواكه الى الخارج منها الموز والبرتقال والرمان والليمون والمانجة إضافة الى تصدير الحبوب والرز والتمر واستورد التجار والصيارفة باثمانها بضائع اخرى الى البصرة ، ويقال ان تجار البصرة وصيارفها قاموا منذ عهد حكام البصرة الشيخ مانع بن مغامس سنة (1705م /1117هـ) بالاتصال بالشركات الأجنيبة خاصة الهولندية منها والانكليزية حتى جاء أوائل القرن العشرين وعرف الغرب بوجود النفط في الجنوب العراق ومنها البصرة لذا زادت اهميتها الاقتصادية التجارية قديماً وحديثاً .
العملة القديمة في البصرة :
كانت العملات التجارية مع الاجانب فيها مضى من الزمن تدفع ذهباً ونقدها الليرة التي كانت تدعى بـ( الحميدية ) أو( المجيدية ) نسبة للسلطانين العثمانيين عبد الحميد وعبد المجيد ، وكان المجيدي يساوي عشرين قرشاًَ والليرة تساوي (5) مجيديات وقيمة الليرة في زيادة ونقصان ، فيما كانت الحكومة تنظر الى قيمة النقد بمناظرها الخالص ( حسب الميزان التجاري ) .
وكان الناس وفي مقدمتهم طبقة التجار والصيارفة والباعة يتفحصون ويميزون الليرة والنقد الصاغ او المغشوش ، والليرة المغشوشة تحتوي على مادة كبيرة وغريبة في جوهر الصنع من المعدن أو الفلز ، وعلى هذا الأساس أصبحت الليرة الذهبية الصاغ تساوي مائة وأربعين قرشاً الى أن جاءت سنة (1909)م فصارت قيمة الليرة تساوي مائة وقرشين وأربع وعشرين بارة لتساوي ستين بالمائة من القرش ، وكان الصيارفة في ذلك يرمزن الى القرش العادي الرائج أي القرش الذي يتفقون على ثباته بالقرش الصاغ ، وفي البصرة كان يسمى بالقرش العادي والذي يعرف بالمتليك وهو ماخوذ من لفظ metalicومعناها معدني واستعمل بالمتليك في البصرة كفئة نقدية واسعة بعد الحرب العالمية الأولى وهو يعادل ( بيستين ) بيزتين من العملة الهندية علماً بأن البيزة هي من أصل اربع وستين جزء من الروبية ولما كانت الروبية تساوي (75) فلساً من عملتنا القديمة وهي تساوي (64) بيزة فعلى ذلك تكون قيمة المتليك تساوي فلسين وحوالي خمسة وثلاثين بالمائة من الفلس ، أما وحدة العملة النقدية في البصرة فكانت المجيدي ، فكان الشخص يقول بكذا مجيدي اشتريت وبكذا مجيدي بعت ، وكان المجيدي قياس رواتب الموظفين الصغار وللمجيدي اجزاء منها النصف والرابع كما كانت هناك عملة نقدية تدعى (القران) بتسكين القاف وتساوي ثمانية قروش ونصف قراناً ويساوي أربع قروش وعملة نقدية اخرى ذات فئة القرانين (منكنة) وكان القران على نوعين هما: قران سك وهو على شكل دائرة منتظمة ويسمى قران جرخ ، اما القران غير منتظم الاستداره فكان يسمى (قران أبو دبيلة) وهو من النقد الايراني الذي كان رائجا في البصرة بعد فترة العشرينات ، وكان عملة الشاهية الفارسية تتداول انذاك والتي سماها أهل البصرة فلساً كما كانت الشاهتين والمسماء الفلسين وعملة ذات ثلاث الشاهيات وقيمتها قرش رائج كانت هي العملة المتداولة في البصرة أيام زمان منذ العهد العثماني وما بعده ، ومنها عملة القمر الايراني الذي كان في زيارة او نقصان وسمي بالقمري لوجود هلال على إحدى جهتيه وكان من فئة خمسة قروش لذا سمي بالقمري او (بيشلغ) اي ذات الخمسة قروش ، وهناك عملة نقدية اخرى تتداولها الناس في البصرة وتدعى الشامي ويسمونها في غير البصرة بالقرش الرومي وكانت البصرة تتعامل بها في تجارة التمور فقط وفقدت من الأسواق وقل التداول بها ولكنها كانت عملة تتداولها الالسن والاقلام وتباع بها التمور وتشتري دون وجود عملة للشامي وإنما على القياس النقدي ، وبدأت العملة الهندية تدخل الى البصرة منذ عهد قديم والسبب في ذلك : أن بهادر الشاه حاكم ولاية كجرات الهندية وهو مسلم كان قد طلب الحماية المسلحة من العثمانيين ضد البرتغليين وذبلك في سنة (943)هـ ثم زادت الحكومة العثمانية أهميتها بعد إرسال الاستانه قوة بحرية ومعدات عثمانية لمساعدة بهادر شاه وبدات العملة التركية تدخل الى اسواق الهند بينما انتشرت العملة الهندية في أيدي البصريين بعد ان فتحت شركة الهند الشرقية فرعاً لها في البصرة سنة (1610م) وكانت تتعامل بكلا العملتين الهنديتي الهندية والتركية حتى انتشرت هذه العملة في البصرة والكويت ونجد وفي إطار الخليج العربي بشكل ملحوظ من خلال التداول اليومي من قبل استخراج النفط وبعده الى عصر الصناعة ، أما الوحدة الأساسية لقياس العملة في الهند فهي الروبية وكانت هناك عملة لنصف الروبية وتدعى قران ثم نصف القران ثم انة وهي ربع قران كما وان هناك (البيسة) البيزة واخيراً الباي وهي جزء من ثلاثة اجزاء من البيزة ومن متداولات الروبية من الورق من فئة الروبيتين وخمس الوربيات وعشر الروبيات ومائة الروبية وتسمى النوط . . .
اما أهل المنطقة الجنوبية من العراق ومنها البصرة فكانت تسري جميع معاملات وفق القران الهندي ويساوي عشرين فلساً .
صورة للعملة القديمة :