مِهَنُ السُّوقِ في البصرْةِ في العصرِ العبّاسيِّ الأوّلِ ( 232-132 هـ / 945 -750 م )
د . عبد الحكيم غنتاب الكعبيّ
المقدمة
لمْ يترك لنا المؤرّخونَ العرب تصوّراً واضحاً عن أحوال العامّة من التّجّار وأصحاب الحِرف والمِهن في الأسواق وظروف معيشتهم وأحوالهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة ، ذلك أنّ جلّ اهتمامهم كان قدْ انصبَّ - كما هو معروف - على تدوين شؤون دار الخلافة، وحوادث السّياسة والحروب، وأسهبوا في ذكر ترف الخلفاء والوزراء وكبار رجال الدّولة والحاشية، إلاّ أنّه من الممكن - ومن خلال عددٍ من الرّوايات والنّصوص المتناثرة في المصادر - رسم الخطوط العريضة لطبيعة تلك المهن التي مارسها العامّة في الأسواق العراقيّة عامّة، وفي أسواق البصرة على وجه الخصوص، بوصفها المدينة التجاريّة الأولى في العراق والمنطقة، وطبيعة نشاطهم وأجورهم وظروف معيشتهم.
ومن المعروف أنّ الإسلام عندما ظهر في الحجاز شجّع النّشاط التّجاريّ وباركه، وزكّى الحِرف والمِهن (1) ، إلاّ أنّه في القرن الأوّل الهجريّ / السّابع الميلاديّ - الذي كان يُعدُّ عصر فتوح وحروب - لمْ تكنْ النّظرة إلى التّجارة والتّجّار، وإلى أصحاب الحِرف والمِهن، واضحةً فيه، فقدْ انصرف مُعظم العرب الذينَ دخلُوا الإسلام في هذا القرن إلى الانخراط في حركة الفتوح التي انساحتْ شرقاً وغرباً، ما أتاح الفرصة للعناصر غير العربيّة ولأهل الذّمّة في ممارسة التّجارة في كنف الدّولة الإسلاميّة على نطاقٍ واسعٍ، وعندما استولى الأمويّونَ على منصب الخلافة الإسلاميّة ( 40 - 132 هـ/ 660 - 749 م )، لمْ تكن نظرتهم إلى التّاجر تتّسم بعين التقدير، ولمْ نجد لطبقة التجّار ولأصحاب المهن في السّوق شأناً كبيراً في تاريخهم، وهكذا كان عليه الحال في بداية قيام الدّولة العبّاسيّة (2).
أهمُّ أسواقِ البصرة
أسواق البصرة التّجاريّة الكبيرة التي ذكرتها المصادر أربعة أسواق، هي: سوق المِربد، وسوق الكلاء، والسّوق الكبير، وسوق باب الجامع- أو باب عثمان.
أ ـ سوق المِرْبَد
لمْ يشتهر سوق في التاريخ العربيّ الإسلاميّ الوسيط كما اشتهر المِرْبَد، فقدْ وُصف بعُكاظ العرب في الإسلام، وقيل فيه : (العراق عينُ الدّنيا، والبصرة عينُ العراق، والمِرْبد عينُ البصرة ) (3) ، وذهب البعض إلى القول : (لمْ تكنْ البصرة في نظر العرب شيئاً لولا المِرْبد (4) ، فهو المركز التّجاريّ العظيم، وهو المركز الثقافيّ العظيم -أيضاً-، ملتقى طرق التّجارة البرّيّة ومجمع الحجّاج، فيه أشهر محلّت البصرة وأسواقها وصناعاتها، وفيه تنتظم حلقات الشّعراء، وبه يلتقي اللّغويونَ بالأعراب لتلقّف الفصاحة شفاهاً (5) ، وهو من جانبٍ آخر ساحة من ساحات الحروب، فقدْ كان مسرحاً لأكبر فتنةٍ في التاريخ العربيّ الإسلاميّ، لقدْ كان باختصارٍ ميدان أدبٍ وتجارةٍ وحربٍ، وهو مرآةٌ عكستْ حياة العرب قبل الإسلام، وصوَّرتْ حضارتهم في الإسلام، واستطاع أنْ يصهر الحياتين معاً في بوتقةٍ واحدةٍ، وصاغ منها تلك الحلية العجيبة (6).
أصبح للمِربد دورٌ حيويٌّ في نشاط البصرة الاقتصاديّ، وفي تدعيم مكانتها التجاريّة على مدى القرون الثّلاثة الأولى للهجرة، فقدْ كان مركز التجارة البرّيّة، ومحطّة وقوف القوافل المغادرة والقادمة من وإلى البصرة (7) . وقدْ مرّ ظهوره وتطوّره بعدّة مراحل، فقدْ نشأ محطّةً للبدو يبيعونَ فيه الجمال عند الباب الغربيّ للبصرة (8) ، ثمّ تطوّر بسرعةٍ حتّى أصبح في نهاية العصر الإسلاميّ الأوّل سوقاً
تباع فيه التّمور والأسلحة والجمال وغنائم الحرب (9) . وفي العصر الأمويّ، وبعد أنْ ظهرتْ الميول والأهواء والتيّارات السّياسيّة والفكريّة أصبح المِرْبد نادياً سياسيّاً يتبارى فيه كبار الشّعراء، فتغنّى فيه جرير والأخطل بأمجاد الأمويّين، وتغنّى فيه الفرزدق بشرف البيت الهاشميّ، وتجتمع فيه وفود القبائل لحضور تلك المنافرات الأدبيّة (10)، في الوقت نفسه الذي أصبح فيه ملتقى التبادل
البضائعيّ بين أهل البصرة وسكّان الصّحراء الغربيّة المجاورة التي كوَّن البصريّونَ مع أهلها أقدم علاقاتهم التجاريّة (11).
ب ـ سوق باب الجامع
ويُسمّى -أيضاً- (سوق باب عثمان) نسبة إلى (عثمان بن أبي العاص الثقفيّ) (ت 55 هـ/ 675 م)، وكان في الأصل مجرّد دار يملكها (عبد الله بن عامر)، وهبها بدوره إلى عثمان الثّقفيّ (12)، اشتراها منه عبيد الله بن زياد، وأعاد بناءها، وسمّها
(البيضاء) (13) ، ثمّ صارتْ سوقاً يُدعى (سوق باب الجامع) (14) ، لأنّه يقع أمام المسجد الجامع منْ جهته الشّماليّة الغربيّة، وتنتشر محلّت هذا السّوق بمحاذاة سكّة المِربد المعروفة (15)، وكان مركزاً تجاريّاً واسعاً يحتوي على عددٍ من الأسواق
الصّغيرة المتخصّصة، أشهرها سوق الرّقيق (سوق النخّاسينَ) الذّائع الصّيت ، إذْ يُباع العبيد (16) والجواري (17) فيه، وهناك باعة الدّقيق والكتب والأقمشة وغيرها (18)، كما يوجد فيه سوق للصّّافين (19).
ج ـ السّوق الكبير
ويُعرف كذلك باسم (سوق نهر بلال) (*) ، لأنّه يمتدّ على جانبي هذا النّهر، في الموضع الذي يلتقي فيه نهر معقل بنهر ابن عمر، وهذا الموقع أعطاه أهمّيّة تجاريّة كبيرة ، لأنّه يقع في نهاية الطّريق التجاريّ بين بغداد والبصرة، كما أعطاه مجالاً للتوسّع حتّى أصبح فيما بعد يضمُّ أكثر أسواق البصرة حيويّة وشهرة، وكان أهمُّها سوق الصّيرفة، وهو واحدٌ من ثلاثة أسواق تقوم بأعمال الصّيرفة في المدينة (20)، وهناك (سوق البلّوريّين)، وهم صنّاع الزّجاج الذي تُلبُ موادُّهُ الأوليّة من جزر المحيط الهنديّ، وتُصنع منه القوارير والأواني والأقداح (21)، وكان صانعو الزّجاج في البصرة يتمتّعونَ بشهرةٍ واسعةٍ في العصر الوسيط، وقدْ استعان بهم المعتصم العبّاسيّ ( 218 - 227 هـ) عندما شرع ببناء سامرّاء سنة ( هـ220 ) (22) . ويوجد في هذا السّوق - أيضاً - باعة اللّؤلؤ والحلي والمجوهرات
والأحجار الكريمة (23)، التي اشتهرتْ بها تجارة البصرة، وكانتْ من أهمِّ عوامل ازدهارها ، لما تحقّقه من أرباحٍ وفيرةٍ وسمعةٍ تجاريّةٍ طيّبة، نفذتْ إلى أصقاعٍ بعيدةٍ.
د ـ سوق الكلاء
يُعدُّ هذا السّوق من أهمّ مرافئ التّجارة النّهريّة في البصرة، فضلاً عن وظيفته بوصفه سوقاً ومركزاً تجاريّاً متكاملاً، وهو عبارة عن مجموعة أسواق تمتدّ على جانبي (نهر الفيض) (24)، أهمُّها : سوق العلّفينَ (باعة أعلاف الماشية)، وبه دار (أبي الهذيل العلّف) (25)، وإنّ باعة الحصر والتّمور والقصب والصّناعات المعتمدة على سعف النّخيل يُمارسون نشاطهم قرب هذا السّوق (26) . وهناك سوق القصّابينَ، ويُسمّى (رُحبة القصّابينَ)، وهو سوق كبير قرب قناة الفيض (27)، وبقربه يقع سوق الأغنام التي نقلها (بلال بن أبي بردة) من باب عثمان إلى رحبة القصّابينَ هذه (28).
وفضلاً عن المراكز التّجاريّة المذكورة وأسواقها الثّانويّة المتفرّعة عنها، هناك عددٌ من الأسواق الصّغيرة المستقلّة، لمْ نتطرّق إليها لقلّة أهمّيّتها في الفعاليّة التّجاريّة، وهي أسواق يُمكن أنْ تُوجد في أيّ مدينة أو مركز حضريّ.
مقدّماتُ النشاط التّجاريّ في البصرة
بانتهاء عصر الفتوح، أيّ : في القرن الثاني من الهجرة / الثّامن الميلاديّ، اتجّه العرب الفاتحونَ - وخاصّة في مدن العراق التّجاريّة الكبرى ( البصرة، والكوفة، وبغداد ) - إلى الحياة المدنيّة، وإلى المشاركة في الفعّاليّات الاقتصاديّة، وتمكّنتْ البصرة -بوصفها ميناء العراق الوحيد- من النّهوض مجدّداً، حتّى بعد أنْ انقطع عن أهلها العطاء (29)، وأصبحتْ واردات المقاطعات المشرقيّة الغنيّة التابعة لها تُرسَل إلى العاصمة الجديدة بغداد، ونجحتْ البصرة في إنقاذ نفسها عن طريق النّشاط التجاريّ، مستفيدة من موقعها الجغرافيّ المطلّ على شمال الخليج
(العربيّ) ، ومنْ جهود وثروات أبنائها، فضلاً عن عوامل وظروف أُخَر محلّيّة ودوليّة.
في هذا العصر تبلور النّشاط التجاريّ، وبشكل خاصّ عن طريق الخليج فالمحيط الهنديّ، ونهضتْ البصرة بدورٍ نشِطٍ في هذا الميدان، خاصّة بعد اتخاذ بغداد عاصمة للدّولة العبّاسيّة، وبنائها على ضفاف دجلة سنة ( 145 هـ/ 762 م )، فتدفّقتْ إليها عن طريق البصرة وعَبر نهري دجلة والفرات سلع التّجارة الشّقيّة الغنيّة، حتّى أضحتْ بغداد -بعد وقتٍ قصيرٍ من إنشائها- عاصمة الدّنيا، وقلب العالم، والمدينة التّجاريّة الأولى في عالم العصور الوسطى . ونتيجة لتلك التطوّرات، ساد أهل العراق -وفي مقدّمتهم أهل البصرة- حبّ الاشتغال بالتّجارة والتّحال إلى أقاصي البلدان ، طلباً للأرباح وانتقاء المتاجر الرّائجة، واشتهروا بالتطوّح في الآفاق البعيدة والترامي على الأسفار، حتّى قال الجاحظ عنهم : بأنّه (ليس في الأرض بلدة واسطة، ولا بادية شاسعة، ولا طرف من أطراف الدّنيا، إلّ وأنتَ واجدٌ فيه البصريَّ...) (30)، ويقول ابن الفقيه الهمذانيّ :
... وأبعد النّاس نجعةً في الكسب بصريٌّ وحميريٌّ، ومَن دخل فرغانة القصوى (شرقاً)، والسّوس الأقصى (غرباً) فلا بدّ أنْ يرى فيهما بصريّاً أو حميريّاً (31).
ونقلتْ لنا حكايات ألف ليلة وليلة معلومات مفيدة عن التّجارة والتّجّار في العراق، وخاصّة تجّار البصرة في العصر العبّاسيّ، على الرّغم من صور المبالغة والخيال التي فيها، فقدْ أشارتْ إلى أنّ التجارة أصبحتْ رمز الثّراء والغنى في عقليّة العراقيّينَ، حتّى أنّ بعضهم لا يخجل من المشاركة بخمسة دراهم مع أحد كبار التجّار، وجلبتْ له هذه الدّراهم الثّراء الواسع (32)، كما ذكرتْ أنّ بعض كبار التّجّار أمثال الشّيخ (أبي المظفّر)، قدْ وصل بتجارته إلى الصّين (33) . وورد -أيضاً- أنّ بعض ولاة الأمور في البصرة كانوا يهتمّونَ بالتّجارة، فامتلكوا المراكب، وأشرفوا على تجارتها، ولمْ تقتصر مواردهم على راتب الدّولة، بل أصبحوا من كبار التجّار المعروفينَ (34) ، ونظراً إلى أهمّيّة التّجارة، أصبح للتّجّار مكانة محترمة في المجتمع والدّولة (35)، وأشارتْ إحدى الحكايات إلى أنّ الخلافة العبّاسيّة احتاجتْ إلى خدمات أحد تجّار البصرة المعروفينَ، وهو أبو محمّد الكسلان (36).
أرباحُ التّجارةِ
ظهرتْ في البصرة طبقة من كبار التّجّار الأثرياء الذين نجحوا في استثمار الأموال، وعقد الصّفقات التجاريّة الكبرى، وتهيئة مستلزماتها من السِّلع ووسائل النقل وغيرها (37)، وتضخّمتْ الأموال والملكيّات في العراق حتّى عُدّ التّاجر البصريّ من أغنى التجّار وأكثرهم كسباً (38)، من ذلك أنّ أحد تجّار المراكب في البصرة كان يملك (20) مليون دينار، وآخر اسمه (الشّيف عمر)
كان دخله في العام ( 2،5 ) مليون درهم (39)، وأنّ مقدار ما كانتْ تجبيه الدّولة من تاجر واحد من تجّار البصرة كان بحدود (مائة ألف دينار) في العام (40)، بينما كان ربح تاجر آخر من تجّارها في اليوم الواحد (عشرين ألف درهم) (41) . وذُكِر أنّ
تاجراً من البصرة يُسمّى (حسن بن العبّاس) له مراكب تُبحر إلى الصّين والهند، بلغ ما يتحصّل من ضرائبها (مائة ألف دينار) في العام (42) . وأنّ ابن سيرين عقد صفقة تجاريّة لشراء خشب السّاج من مناطق المحيط الهنديّ بلغتْ قيمتها (عشرين ألف درهم)، ودفع (ثمانين ألف درهم) في صفقةٍ أخرى، واشترى مرّة زيتاً بأربعينَ ألف، ومات وعليه أربعونَ ألفاً (43)، وأنّ (يونس بن عبيد الله) دفع
ثلاثين ألف درهم عن صفقةٍ تجاريّةٍ واحدةٍ (44).
من جانبٍ آخر، وصل التّاجر البصريّ إلى أبعد المناطق في المحيط الهنديّ كي يقوم بضروبٍ شتّى من المتاجرة، وكانتْ الشِّحنات الثّمينة القادمة إلى ميناء البصرة تحقّق أرباحاً طائلة ، إذْ كانتْ حمولة سفينة واحدة قادمة من الصّين تُقدّر بحدود نصف مليون دينار (45) . وقدْ احتكرتْ بعض العوائل البصريّة الملاحة وملكيّة المراكب التجاريّة، فيُذكر أنّ أبا بكر أحمد السّيرافيّ كان يمتلكُ معظم
السُّفن التي كانت تُبحر إلى الهند والصّين، كما كان يمتلك مخازن كبيرة للحبوب والعطريّات، وكانتْ ثروتُه تُقدَّر بثلاثة ملايين دينار (46) .
إنّ المعلومات المتوافرة عن حجم التّجارة البصريّة وأرباحها -آنذاك- تظلُّ قليلة، ولا تمكِّننا مِن رسم صورةٍ دقيقةٍ عنها، وإنَّ المعلومات المتوافرة في المصادر والمقالات المشتّتة التي نعثر عليها في هذا الشّأن غالباً ما اتّسمتْ بسمةٍ خياليّةٍ متأثّرة بحكاياتِ ألف ليلة وليلة ومغامرات السّندباد البحريّ، وفيها الكثير من المبالغة (47)، وحتّى لو افترضنا عدم وجود المبالغة في بعضها، فهي
لا تُعطينا صورة كاملة عن تلك التّجارة . ويُقدِّر الأستاذ (صالح أحمد العلي) حجم تجارات البصرة في القرن الأوّل الهجريّ -على سبيل المثال- بحدود مليون درهم سنويّاً (48)، ولنا أنْ نتصوّر حجم ما وصلتْ إليه أرباح التّجارة العراقيّة عموماً في العصر العبّاسيّ، خاصّة بعد تأسيس بغداد، وبعد أنْ بلغتْ البصرة ذروة ازدهارها التّجاريّ في القرن الثّالث الهجريّ/التّاسع الميلاديّ، فضلاً عن ارتفاع مستوى المعيشة في العراق، وارتقاء المجتمع درجات مهمّة في سلّم التمدّن والحضارة، وأصبح سوق السِّلع الكماليّة رائجاً بحكم أُبّة الدّولة، وتعدّد حاجات المجتمع، وصارتْ التّجارة هي السيّدة في البلاد (49).
وقدْ تفاوتتْ أرباح التّجارة بحسب سلعها، فالكماليّة منها يباح فيها الرّبح إلى ( %300 )، أمّا البضائع الأُخَر، فلا يزيد الرّبح فيها على ( 3%)، وقدْ ردّدَ الفقهاء عند تعرّضهم لهذا الموضوع ما يدلُّ على أنّ الرّبح (10 %) يُعدّ مألوفاً وعاديّاً (50).
مهنُ الّسوق
أوّلاً : التّجّار
التّجّار هم الذين يزاولونَ مهنة التّجارة، وكانتْ كلمة (تاجر) - في أوّل أمرها- تدلُّ على معنىً محدود، وهو (بائع الخمر)، ثمّ اتّسعَ مدلول هذه الكلمة شيئاً فشيئاً، فشمل كلّ مَن يُزاول بيع وشراء أدوات التّرف الغالية الثّمن، كالمجوهرات، والرّياش، والثّياب الفاخرة، والرّقيق، وكان اعتمادهم في رواج تلك السِّلع، بالدّرجة الأولى على : قصر الخلافة، وحاشية الخليفة، وكبار رجال الدّولة، والأغنياء ، وهم بذلك يختلفون عن (الباعة) من حيث نوع البضاعة، ومن حيث نوعيّة (طبقة) النّاس الذين يجري عليهم تصريف البضاعة، فالباعة يتعاملونَ ببيع وشراء السِّلع الاستهلاكيّة الضّوريّة لحياة النّاس اليوميّة. من جانبٍ آخر، تختلف فئة التجّار عن فئةٍ أخرى ذات صلة بالنّشاط التجاريّ، وهم الدلّلون أو (السّماسرة) الذين يدلّونَ المشتري على السِّلع، ويدلّونَ البائع على الأثمان (51). ويُصنَّف التجّار بحسب طبيعة تخصّصهم، أو طريقة ممارستهم
هذه المهنة في السّوق إلى ثلاثة أصناف، هي :
أ ـ التّاجر الخزّان : وهو تاجر الجملة، الذي يُاول استغلال الفرص الملائمة، فيشتري البضائع وقت توافرها وكثرة عرضها ورخصها، ويعمد إلى خزنها ، انتظاراً لتغيّ أحوال السّوق، فتنعدم هذه البضاعة أو تصبح نادرة ، بسبب انقطاع توريدها، أو تأخّرها لصعوبة نقلها من مناشئها الأصليّة، أو ترتفع أسعارها لشدّة الطلب عليها في الأسواق، وعند ذلك يطرحها للبيع، فتكون أرباحُهُ كبيرةً ومضمونةً. وحتّى يتجنّب هذا الصّنف من التّجّار الخسارة التي تنجم عن تغيّ فجائيٍّ في الأسعار، يحتاج باستمرارٍ إلى معرفة أحوال السّوق وأحوال البضائع في أماكنها من حيث أسعارها، ووفرتها أو قلّتها، وظروف الطّرق، والأحوال السّياسيّة في بلده، وأنْ لا يغامر بشراء صفقةٍ كبيرةٍ دفعةً واحدةً، وإنّما يُاول
تقسيم مشترياته من البضاعة نفسها إلى دفعات، بين الواحدة والأخرى حدود الخمسة عشر يوماً، وأنْ يكون دقيقاً في تقدير أرباحه المتوقّعة. كما يستلزم منه هذا الحرص أنْ يدرس طبيعة الحاكم من حيث عدْله أو جوره، وقوّته أو ضعفه (52).
وقدْ حدث في أيّام الخليفة العبّاسيّ الثاني (أبي جعفر المنصور) أنْ رخصتْ الأسعار، ما دعا (أبا أيّوب التّاجر البغداديّ) أنْ يشتري طعام سواد الكوفة وسواد البصرة طمعاً في الرّبح، وقدْ كتب عليه المنصور كتاباً بذلك، وما زالتْ أسعار الموادّ في رخصٍ مستمرٍّ بدل أنْ يصعد السّعر أو يقف على الأقل، وقدْ أرهقه المنصور بالمطالبة بالمال (53).
ب ـ التّاجر الرّكّاض : هذا الصّنف من التجّار ينتقل من بلدٍ إلى آخر، وهو في سفرٍ دائمٍ يتحمّل المصاعب ومخاطر الطّرق، وكان عليه أوّلاً أنْ يعرف نوع التّجارة التي يجب جلبها، وأنْ يحتاط فيما يشتري، وأنْ يصطحب معه دائماً قائمةً بأسعار البضائع التي ينوي شراءها، ويقارن عند الشّاء بين سعر السِّلعة وبين سعرها عنده في القائمة، ثمّ يُضيف إليها التّكاليف التي ستترتّب على البضاعة لحين وصولها إلى السّوق، بما في ذلك المكوس وأجور النّقل والمدّة التي يقضيها في الطريق ليحسب أرباحه بدقّة. وعلى التّاجر الرّكّاض إذا دخل بلدةً لا يعرفها
جيّداً أنْ يفتّش عن الوكيل المأمونَ، وأنْ يتفهّم أحوال السّوق؛ لئلّ يورّط نفسه، ويكون في ذلك قدْ أخذ بقول التّجّار : (التبصّ نصف عطيّة (54)، أو : (التّدبير نصف التّجارة)، وكان لمعظم هؤلاء التجّار الخدمُ والمرافقونَ والحمايات، فقدْ ذكر الدّمشقيّ : أنّ التّاجر (إذا اشترى الأثقال، يحتاج إلى أنْ يكونَ معه أصحابٌ ثقات، وأعوان كُفاة، يعينونه وقت الشّاء، ووقت الحزم والحمل، ووقت التقليب والبيع، فإنْ كان وحيداً تأذّى قلبه وجسمه، وطمع في سرقة ماله الحمّلونَ والجمّلونَ والبحريّة، وكلّ مَن يجري مجراهم ممّن يحتاج إلى معونته بسببها في التنقّل (55).
ج ـ التّاجر المجهِّز : وهو التّاجر المستقرّ في بلده، ويعتمد في المتاجرة على وكلاء له في بلدان مختلفة ممّن لهم الخبرة في ميدان التّجارة، ويتحلّونَ بالصّدق والأمانة، ولهم حصَّة متّفق عليها مِن الأرباح، ويقوم هذا التّاجر بإرسال البضائع إلى هؤلاء الوكلاء، ويترك لهم حرّيّة التصرّف في بيعها أو خزنها، ثمّ إنّ هؤلاء الوكلاء يشترونَ له البضائع ويُرسلونها إليه (56) . إنّ الإشارات الكثيرة إلى هؤلاء الوكلاء تدلّ على أهمّيّتهم في الحياة التجاريّة -آنذاك-، فهم يقومونَ بما تقوم به فروع الشّركات التّجاريّة في الوقت الحاضر (57)، ويُذكر أنّ العلّمة ابن خلدون أدلى بمعلوماتٍ مماثلةٍ لما ذكره الدّمشقيّ بخصوص أصناف التجّار، ولكنّه أغفل ذكر التّاجر المجهِّز (58).
مكانةُ التجّارِ الاجتماعيّةُ
كان التّجّار قبل العصر العبّاسيّ يُعدّونَ من (العامّة)، ثمّ طرأ تطوّر في النّظرة إليهم في هذا العصر، فعدّهم البعض - نتيجة لتعاظم ثرواتهم - من طبقة (الخاصّة)، والعامّة هي خلاف الخاصّة، وأبرز ما يميّز العامّة الجهل والفقر، أمّا الخاصّة، فيرُاد بهم، أصحاب الخليفة من ذوي قرباه، ومن رجالات الدّولة البارزينَ والكتّاب وقادة الجيش، والأشراف والقضاة، فضلاً عن المقرّبينَ من أهل الفنّ الموهوبينَ والعلماء وأهل الأدب. ويبدو أنّ سبب هذا التحوّل في النّظرة الاعتباريّة إلى التّجّار جاء نتيجة التطوّرات الاقتصاديّة المهمّة في هذا العصر، وفي مقدّمتها ازدهار النّشاط التجاريّ بين بغداد - عبر البصرة - وعالم المحيط الهنديّ، الأمر الذي أعطى أهمّيّةً للثّروة جنب الأهمّيّة التي كانتْ للنّسب والمهنة (59).
ومن المواقف التي عزّزتْ من مكانة التّجّار وأهل السّوق عامّة في العصر العبّاسيّ الأوّل، إقدام هارون العبّاسيّ على إشراك التّجّار وأهل السّوق في البيعة لابنه المأمون سنة ( 183 هـ/ 799 م ) (60)، ويُعدّ القرن الثّالث الهجريّ / التّاسع الميلاديّ، مرحلة تحوّل مهمّة في نظرة الدّولة والمجتمع العراقيّ إلى التّجارة والحرف الأُخَر، وبات واضحاً للجميع شغف النّاس بحبِّ المال من أجل تحقيق
السّعة في العيش، والمنزلة اللّئقة بين النّاس، الذين نظروا إلى الثّراء نظرة تقدير عالية، الأمر الذي دفع بعض أفراد حاشية الخليفة، والمقرّبينَ إليه إلى ممارسة النّشاط التّجاريّ، لما كان يحقّقه من مكاسب وأرباح وفيرة (61).
إنّ نظرة الرّأي العامّ إلى التّجارة ومهن السّوق، شهدتْ تحوّلاً مهمًّ في هذا العصر، وعُدَّتْ التّجارة من أفضل أنواع الكسب، وعُدّ التُّجّار منْ طبقة الخاصّة (62)، فقدْ امتدح كلٌّ من الجاحظ وإخوان الصّفا استقلال التّجّار ومكانتهم في المجتمع، فيقول الجاحظ : ... أنّم في أفنيتهم كالملوك على أسرّتهم، ... لاتلحقهم الذِّلّة في مكاسبهم، ولا تستعدّ الضَّع لمعاملاتهم .. ) (63)، بينما أشار أخوان الصّفا بشيءٍ من المبالغة إلى أنّ (النّاس كلّهم إمّا صُنّاعٌ، أو تجُّار ) (64).
ثانياً : الباعة
الباعة هم الّذين يبيعونَ الموادّ الاستهلاكيّة الضّوريّة لحياة النّاس، وينقسمونَ على قسمينِ : الباعة الثّابتونَ : هم أصحاب الدّكاكين في الخانات والأسواق (65)، وكانوا أصنافاً وتخصّصات متنوِّعة، فمنْهم : باعة الخبز، واللّحم، والحيوانات الحيّة، كالأغنام والخيول والجمال والطّيور (66)، وباعة السَّمك والحطب والشّوك والحصر والمكانس والكبريت والعِطر، وكذلك البقّالونَ، الّذينَ يبيعونَ
الحُبوب، كالحِنطة والشّعير والرّز والخضروات والفواكه (67)، ويندرجُ ضمن الباعة الثّابتونَ -أيضاً- العطّارونَ والبزّازونَ، وهؤلاء أحسن النّاس حالاً منْ بقيّة الباعة من حيثُ الأرباح والتّنظيم والخبرة (68).
وكانتْ كلّ مجموعةٍ من دكاكين الباعة تكوِّنُ سوقاً قائماً بذاته، يختلف في مبيعاته وتجارته عن الأسواق الأُخَر، وقدْ حافظتْ هذه الأسواق على تخصّصها، فكان هناك سوق العطّارينَ، والصّيادلة، والخرّازينَ، والجوهريّينَ، والخبّازينَ، وسوق السّلاح، وسوق الطّعام، والخشّابينَ، والنجّارينَ، والصّفّارينَ، والصّاغة، وأسواق الحيوانات، وغيرها (69).
أمّا النّوع الثّاني من الباعة، فهم (المتجوّلونَ)، وهم الذينَ لا يستقرّونَ في مكانٍ معيٍَّ، ويطوفونَ في الشّوارع والأسواق والأزقّة، وكانتْ مبيعاتهم مختلفة -أيضاً-، فهم يبيعونَ العصائر والمشروبات وبعض الفواكه، كما يبيعونَ الأدوية والأطعمة والكتب (70)، وعادة ما يتّخذ هؤلاء الباعة المتجوّلونّ مواقع مؤقّتة لهم، وينادونَ على بضاعتِهم، ثمّ ينتقلونَ منها إلى مكانٍ آخر، وكان الباعة الثّابتونَ في
الأسواق لا يرتاحونَ لوجود هؤلاء الباعة المتجوِّلينَ، وكثيراً ما كانوا يطردونهم من أسواقِهم (71).
وتضمّ فئة الباعة، ومَن يتّصل بهم من المجهِّزينَ والصّنّاع، أصنافاً كثيرة من العاملينَ في الأسواق، يُشار إليهم عادة بمصطلحات : (أهل المهن)، أو (الأصناف)، أو (أهل الصّنائع).
ثالثاً : السّماسرة
وهم الوسطاء بين البائع والمشتري، مقابل نسبة من الرّبح يحصلونَ عليه، فكانوا يأخذونَ نماذج من بضائع التّجّار، أو الباعة، ويعرضونها على النّاس، إلاّ أنّ أغلب هؤلاء لمْ يكتفِ بدور الوسيط، بل يلجأ إلى أساليب مختلفة، وربّما ملتوية لتصريف بضاعته، بما في ذلك خداع المشتري والكذب عليه، وكثيراً ما يتمُّ التّواطؤ أو الاتّفاق المسبق بين الدّلاّلين أنفسهم، أو بين البائع أو التّاجر من جهة، والدلاّل منْ جهةٍ أخرى ، لغرض إقناع المشتري أو خداعه، وتصريف البضاعة عليه (72) .
دخل العاملينَ في الّسوق
من الطبيعيّ أنْ يكونَ هناك تباين وتدرّج في أرباح العاملينَ في السّوق ومواردهم الماليّة، ويمكننا أنْ نميِّز -منْ حيث المورد المالي- بين نوعينِ من العاملينَ في السّوق :
النّوع الأوّل : ذوي الدّخول العالية، وهم فئة التّجّار الذين يملكونَ ملايين
الدّنانير، وهؤلاء يمتلكونَ خبرةً وتجربةً تمكّنهم من تقدير احتمالات السّوق، من ارتفاعٍ وانخفاضٍ في الأسعار، قبل عقد أيّ صفقةٍ تجاريّةٍ، وربّما لجأ البعض منهم إلى استعمال طرق غير مشروعة للتأثير على السّوق، كأنْ يبثَّ أخباراً كاذبة كي يحُدث ارتفاعاً أو انخفاضاً في الأسعار، وفقاً لما تقتضي مصالحه الخاصّة (73).
الثّاني : هم أصحاب الدّخول الواطئة، مِن الذين لا يتمكّن بعضهم حتّى
من سدّ رمقه مِن دخله الشّحيح إلّ بصعوبةٍ بالغةٍ، وأغلب هؤلاء يعملونَ في السّوق بأيديهم، وأدواتهم البسيطة (74)، ومنهم البقّالونَ، والباعة المتجوّلونَ، الذين يمارسونَ البيع والشّاء بشكلٍ محدودٍ دون الحاجة إلى رأس مالٍ كبيرٍ، أو مهارةٍ عاليةٍ، أو تخصّصٍ دقيقٍ، ومثل هذه التّجارة يكون نطاقُها في العادة محدوداً، وأرباحها قليلة (75).
ومن هؤلاء -أيضاً- الصّناع، أو أصحاب الحِرف، الذين يُصنَّفونَ بدورهم إلى صنفين، الأوّل : هم الصنّاع المأجورونَ، أي : الّذين يقومونَ بعملهم لحساب غيرهم لقاء أجرٍ محدود، والصّنف الثّاني : هم الذين يمارسونَ مهنهم في حوانيتهم لحسابهم الخاصّ، وأغلبهم من ذوي الحِرف التي ورثوها عن آبائهم، وهذا الصّنف، ربّما تكون موارده أفضل من الصّنف الأوّل، بحكم امتلاكهم رأس المال مع وسيلة الإنتاج، فضلاً عن امتلاكهم حرّيّتهم الشّخصيّة في العمل، وتحرّرهم من الاستغلال، الذي عادة ما يقع على الصّنف الأوّل من الصُّنّاع، أي : المأجورينَ (76).
يُمكننا القول إنّ أغلب أرباح وأجور العاملينَ في الأسواق - باستثناء كبار التّجّار- كانتْ زهيدة ومتواضعة، وكان معظمهم يعيش في فاقةٍ وعوزٍ، ومن المؤكّد أنّ هناك تدرّجاً وحالاتٍ وسطاً بين هذه وتلك من الأرباح.
ويعكس لنا الجدول أدناه، والخاصّ بالأجرة اليوميّة لعيّنة مختارة من العاملينَ في الأسواق العراقيّة خلال القرن الثّالث الهجريّ / التّاسع الميلاديّ صورة لذلك الواقع، وطبيعة أجور العاملينَ في تلك الأسواق :
عيّنة منْ أجور العاملينَ في الأسواق في القرن ( 3 هـ/ 9 م )
نوع العمل |
الأجرة اليوميّة |
الملاحظات |
عامل صناعة زجاج |
درهم ونصف (77) |
|
عامل حانوت |
نصف درهم |
مع كسوته وطعامه |
عامل حدادة |
خمسة دراهم |
|
عامل الحمّم |
خمسة دراهم |
|
حفّار قبور الموتى |
درهم ـ 3 دراهم |
للقبر الواحد (78) |
إنّ هذه الأجور تُعدّ زهيدةً جدّاً موازنة بالتّكاليف اليوميّة، فوجبة الغداء -على سبيل المثال- في أحد مطاعم بغداد خلال تلك الحقبة، كانتْ تُكلِّفُ ما بين دانقٍ إلى عشرينَ دانقاً (79)، وأنّ العامل يستطيع أنْ يعيش يومَه بدرهم (80)، فكيف هو حال أصحاب الأُسر الكبيرة من أهل السّوق، الذينَ هم من المؤكّد لا يستطيعونَ مع هذه الأجور الحصول على ضروريّات الحياة ؟ ويُذكَر أنّ الفقهاء يَعدُّونَ الشّخص الواحد فقيراً ويستحقّ الصّدقة، إذا كانَ دخلُهُ السّنويّ أقلّ من (200) درهم، أي : ما يساوي (16) درهماً ونصف درهمٍ شهريّاً (81).
وأخيراً، لابدّ من القول بأنّ رابطة المهنة قدْ ولّدتْ نوعاً من التكتّل والتماسك والتّكافل بين أصحاب التّخصّص الواحد، وبين أهل السّوق الواحد، وبمرور الزّمن، قويتْ تلك الرّابطة بين أصحاب المهنة الواحدة، وصار كلٌّ منهم يشعر بالارتباط الوثيق بأهل صنفه، ارتباطاً كان يفوق -أحياناً-، أو يوازي ارتباطه بقبيلته وعائلته. ونتيجة لهذا الشّعور، شاع الانتساب إلى المهنة بجوار الانتساب إلى المدينة أو القبيلة، فصرنا نسمع في بغداد والبصرة، وغيرهما من مدن العراق الأُخَر ألقاباً، مثل : الزّجّاج، والنّظّام، والدّبّاغ، والزَّيّات، والحلّج، والخرّاز، والنّجّار، وغيرها (82) ، الأمر الذي جعل أديب البصرة الكبير (الجاحظ) يقول : إنّ ( الصّناعة نسب )(83).
الخاتمة
في القرن الثّاني الهجري ّ/ الثّامن الميلاديّ، اتّه العرب الفاتحونَ، وخاصّة في مدن العراق الكبرى، إلى الحياة المدنيّة، وإلى المشاركة في الفعّاليّات الاقتصاديّة.
وقدْ ازدهر النّشاط التّجاريّ، وبشكلٍ خاصٍّ عن طريق الخليج العربيّ، ونهضتْ البصرة بدورٍ نشِطٍ في هذا الميدان، وظهرتْ فيها طبقة نشِطة من التّجّار تعاظمتْ ثرواتها وأرباحها، وقدْ تفاوتتْ أرباح التّجارة بحسب سلعها، فالكماليّة منها يُباح فيها الرّبح إلى ) 300 %(، أمّا البضائع الأُخَر، فلا يزيد الرّبح فيها على ) %3 (. أمّا بخصوص فئة الباعة في الأسواق، فيُمكننا أنْ نميِّز -من حيث المورد
الماليّ- بين نوعين من العاملينَ فيه:
النّوع الأوّل : ذوي الدّخول العالية، وهم فئة التجّار الذينَ يملكونَ ملايين الدّنانير.
الثّاني : هم أصحاب الدّخول الواطئة، مِنَ الذين لا يتمكّن بعضهم حتّى من سدّ رمقه من دخله الشّحيح إلّ بصعوبةٍ بالغةٍ، وأغلب هؤلاء يعملونَ في السّوق بأيديهم، وأدواتهم البسيطة، ومنهم البقّالون، والباعة المتجوّلون، الذين يُمارسونَ البيع والشّاء بشكلٍ محدودٍ دون الحاجة إلى رأس مالٍ كبيرٍ، أو مهارةٍ عاليةٍ، أو تخصّصٍ دقيقٍ.
ويُمكننا القول -إذن- إنّ أغلب أرباح وأجور العاملينَ في الأسواق - باستثناء كبار التّجّار - كانتْ زهيدةً ومتواضعةً، وكان معظمهم يعيشُ في فاقةٍ وعوزٍ، ومن المؤكّد أنّ هناك تدرّجاً وحالاتٍ وسطاً بين هذه وتلك من الأرباح.
الهوامش
(1) يُنظر : البخاريّ، الجامع الصّحيح : ج 3، ص 452 ، وابن آدم، يحيى القرشيّ، كتاب الخراج : ص 94 ، والخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 1، ص 5.
(2) يُنظر : الجهشياريّ، الوزراء والكتّاب : ص 186 .
(3) الثّعالبيّ، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : ص 128 .
(4) شارل بيلا، الجاحظ في البصرة وبغداد وسامرّاء : ص 40 .
(5) يُنظر : البلاذريّ، أنساب الإشراف : ج 1، ص 495 .
(6) يُنظر : الأفغانيّ، سعيد، أسواق العرب : ص 394 .
(7) لذلك أُطلق على البصرة لقب (مطرح البر)، يُنظر : المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم : ص 128 ، وشارل بيلا، الجاحظ : ص 318 .
(8) من المرجَّح أنّ هذا السّوق كان موجوداً قبل الإسلام، وأنّ السّلطات السّاسانيّة في سعيها لدرء خطر البدو من العرب وإبعادهم عن الاتّصال المباشر بالمنطقة المأهولة قدْ حدّدتْ مكان السّوق على طرف الصّحراء بهذه الكيفيّة، ومن ثَمّ عُرفتْ هذه المنطقة بـ (باب البادية).
عون الشريف قاسم، شعر البصرة في العصر الأمويّ : ص 12 - 13 ، ويُنظر : المقدسي، أحسن التقاسيم : ص 117 ، ومن معاني المِربد : هو المكان الذي يحبس فيه الإبل والماشية، يُنظر شارل بيلا، الجاحظ : ص 40 - 41 .
(9) يُنظر : الدّوريّ، عبد العزيز، تاريخ العراق الاقتصاديّ في القرن الرابع الهجريّ : ص 135 .
(10) يُنظر : زكي، أحمد كمال، الحياة الأدبيّة في البصرة إلى نهاية القرن الثاني للهجرة : ص 48 ، وإحسان النصّ، العصبيّة القبليّة وأثرها في الشّعر الأمويّ : ص 397 - 461 ، والدّوريّ، تاريخ العراق الاقتصاديّ : ص 136 .
(11) يُنظر : العليّ، صالح أحمد، التّنظيمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة في البصرة في القرن الأوّل الهجريّ : ص 266 .
(12) يُنظر : البلاذريّ، فتوح البلدان : ص 432 .
(13) يُنظر : ابن الفقيه الهمذانيّ، كتاب البلدان : ص 191 ، والطبريّ، تاريخ الرّسل والملوك : ج 5، ص 522 .
(14) يُنظر : المقدسيّ، أحسن التقاسيم : ص 117 .
(15) يُنظر : الطبريّ، تاريخ : ج 9، ص 485 ، والبلاذريّ، فتوح : ص 432 .
(16) يُنظر : الجاحظ، البغال : ص 29 - 30 .
(17) يُنظر : مؤلّف مجهول، ألف ليلة وليلة : ج 1، ص 564 .
(18) يُنظر : السّيوطيّ، تاريخ الخلفاء : ص 415 .
(19) يُنظر : ناصر خسرو، سفرنامة : ص 146 .
* منسوب إلى بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريّ، قاضي البصرة . البلاذريّ، فتوح : ص 447 .
(20) يُنظر : ناصر خسرو، سفرنامة : ص 146 .
(21) يُنظر : البيرونيّ، أبو الريحان، الجماهر في معرفة الجواهر : ص 184 .
(22) يُنظر : اليعقوبيّ، كتاب البلدان : ص 264 .
(23) يُنظر : المقدسيّ، أحسن التقاسيم : ص 128 .
(24) يُنظر : الطبريّ، تاريخ الطبريّ : ج 9، ص 486 .
(25) يُنظر : المرتضى، طبقات المعتزلة : ص 44
(26) يُنظر : الجاحظ، البخلاء : ص 125 ، 142 ، 143 ، واليعقوبيّ، البلدان : ص 264 .
(27) يُنظر : الطّبريّ : ج 6، ص 67 .
(28) يُنظر : الأصفهانيّ، أبو نعيم بن عبد الله، حلية الأولياء : ج 6، ص 228 .
(29) أوجد العبّاسيّون جيشاً نظاميّاً كان العرب أحد عناصره، وقلّص المأمون أعداد العرب المشارِكة في الدّيوان (العطاء)، ثمّ أسقط المعتصم العرب كلّيّاً من هذه المشاركة. عبد العزيز الدّوريّ، التكوين التاريخي للأمّة العربيّة : ص 62 .
(30) التبصّر بالتّجارة، نشره حسن حسني عبد الوهّاب : ص 4.
(31) ابن الفقيه الهمذانيّ، كتاب البلدان : ص 51 .
(32) يُنظر : مؤلّف مجهول : ج 1، ص 475 .
(33) يُنظر : المصدر نفسه.
(34) يُنظر : المصدر نفسه : ج 1، ص 57 - 59 .
(35) يُنظر : المصدر نفسه : ج 1، ص 56 .
(36) يُنظر : المصدر نفسه : ج 1، ص 473 .
(37) يُنظر : الدّوريّ، عبد العزيز، مقدّمة في تاريخ العراق الاقتصاديّ : ص 68 .
(38) يُنظر : ابن الفقيه، البلدان : ص 191 .
(39) يُنظر : إبراهيم حلمي، حالة العراق الاقتصاديّة، مجلّة لغة العرب، ج 11 ، السّنة (2)، عدد آيار ( 1913 م) : ص 501 .
(40) يُنظر : جرجي زيدان، التمدّن الإسلاميّ : ج 2، ص 177 .
(41) يُنظر : عبد القادر باش أعيان العبّاسيّ، البصرة : ص 22 .
(42) يُنظر : السّيرافيّ، أبو زيد، رحلة السّيرافيّ إلى الهند والصّين وإندونيسيا : ص 10 .
(43) يُنظر : العلي، التّنظيمات : ص 260 .
(44) يُنظر : الأصفهانيّ، حلية الأولياء : ج 4، ص 16 .
(45) يُنظر : موريس لومبارد، الجغرافية التاريخيّة للعالم الإسلاميّ، ترجمة : عبد الرحمن حميدة : ص 197 .
(46) يُنظر : S.HUZAYYIN, Arabia and the Far East, Cairo,1942 P .157
(47) يُنظر : كلود كاهن، تاريخ العرب والشّعوب الإسلاميّة، ترجمة : بدر الدّين القاسم : ص 146 .
(48) يُنظر : التّنظيمات : ص 260 .
(49) يُنظر : آدم متز، الحضارة الإسلاميّة في القرن الرّابع الهجريّ، ترجمة : محمّد الهادي أبو ريدة : ج 2، ص 272 .
(50) يُنظر : صالح العلي، التّنظيمات : ص 260 .
(51) يُنظر : دائرة المعارف الإسلاميّة، التّجمة العربيّة، مقال ( Hoffening ) مادّة (تجارة)، ومقال (بيكر) مادّة (سمسار) . بدري محمّد فهد : العامّة في بغداد : ص 63 ، 73 .
(52) يُنظر : الدّمشقيّ، أبو الفضل، جعفر بن عليّ، الإشارة إلى محاسن التّجارة : ص 48 - 51 .
(53) يُنظر : الجهشياريّ، الوزراء والكتّاب : ص 128 .
(54) الدّمشقيّ، الإشارة إلى محاسن التّجارة : ص 50 - 52 .
(55) المصدر نفسه : ص 45 .
(56) يُنظر : المصدر نفسه : ص 52 .
(57) يُنظر : الشّيبانيّ، محمّد بن الحسن، كتاب المخارج في الخيل : ص 14 .
(58) يُنظر : ابن خلدون، عبد الرّحمن بن محمّد، المقدّمة : ص 475 ، وما بعدها.
(59) يُنظر : فهد، العامّة : ص 64 .
(60) يُنظر : اليعقوبيّ، التّاريخ : ج 3، ص 146 .
(61) يُنظر : الجهشياريّ، الوزراء : ص 272 ، والصّابئ، أبو الحسين، هلال بن المحسن، الوزراء أو تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء : ص 314 ، ومسكويه، أبو عليّ، أحمد بن محمّد، تجارب الأمم وتعاقب الهمم : ج 1، ص 152 .
(62) يُنظر : عادل محي الدّين الآلوسيّ، الرّأي العام في القرن الثّالث الهجريّ، رسالة ماجستير، كلّيّة الآداب، جامعة بغداد، 1973 م : ص 61 .
(63) الجاحظ، عمرو بن بحر، رسائل الجاحظ : ص 156 .
(64) أخوان الصّفا، رسائل أخوان الصّفا وخلّن الوفا : ج 2، ص 285 .
(65) يُنظر : ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم : ج 9، ص 44 .
(66) يُنظر : الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 4، ص 111 .
(67) يُنظر : ابن الجوزيّ، أبو الفرج، أخبار الحمقى والمغفّلين : ص 59 .
(68) يُنظر : الخطيب البغداديّ، تاريخ بغداد : ج 12 ، ص 30 .
(69) يُنظر : بدري محمّد فهد، العامّة : ص 75 .
(70) يُنظر : الغزّالي، إحياء علوم الدين : ج 2، ص 332 .
(71) يُنظر : فهد، العامّة : ص 80 .
(72) يُنظر : الدّمشقيّ، الإشارة إلى محاسن التّجارة : ص 44 ، ودائرة المعارف الإسلاميّة،
مقال بيكر، مادّة (سمسار)، وبدري محمّد فهد، العامّة : ص 82 .
(73) يُنظر : الدّمشقيّ، الإشارة إلى محاسن التّجارة : ص 40 .
(74) يُنظر : الهمدانيّ، محمّد بن عبد الملك بن إبراهيم، تكملة تاريخ الطبريّ : ج 1، ص 39 .
(75) يُنظر : الجاحظ، البخلاء : ص 59 ، والدّوريّ، تاريخ العراق الاقتصاديّ : ص 260 .
(76) يُنظر : المسعوديّ، مروج الذهب ومعادن الجوهر : ج 2، ص 218 .
(77) يُنظر : ابن الأنباريّ، نزهة الألبّاء في طبقات الأدباء : ص 183 .
(78) يُنظر : الجاحظ، البيان والتّبيين : ج 3، ص 560 .
(79) يُنظر : آدم متز، الحضارة الإسلاميّة : ج 2، ص 285 .
(80) يُنظر : ابن الجوزيّ، أخبار الحمقى : ص 138 .
(81) يُنظر : صالح أحمد العلي، التّنظيمات : ص 160 ، وحمدان عبد المجيد الكبيسي، أسواق
بغداد حتّى بداية العصر البويهيّ : ص 342 .
(82) مازال أغلب هذه الألقاب متداولاً في العراق حتّى يومنا هذا، ومنها -أيضاً- ألقاب : البزّاز، الحدّاد، الباججي، والشّفشجي، والقصّاب، والقندرجيّ، وغيرها.
(83) الجاحظ، البخلاء : ص 52 .
المصادرُ والمراجعُ
أوّلاً : المصادرُ
1 ـ ابن آدم، يحيى القرشيّ، كتاب الخراج، القاهرة، 1384 هـ.
2 ـ الأصفهانيّ، أبو نعيم بن عبد الله، حلية الأولياء، القاهرة، 1938 م.
3 ـ ابن الأنباريّ، كمال الدّين عبد الرّحمن بن محمّد، نزهة الألبّاء في طبقات الأدباء، تحقيق : إبراهيم السّامرّائيّ، مكتبة الأندلس، بغداد، 1970 م.
4 ـ ابن الجوزيّ، أبو الفرج، عبد الرّحمن بن عليّ، أخبار الحمقى والمغفّلين، مطبعة التّوفيق، دمشق، 1345 هـ.
5 ـ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج، عبد الرّحمن بن عليّ بن الجوزيّ، دار المعارف العثمانيّة، حيدر آباد الدّكن، 1357 هـ.
6 ـ ابن خلدون، عبد الرّحمن بن محمّد، المقدّمة، تونس، 1989 م.
7 ـ ابن الفقيه الهمذانيّ، أبو بكر، أحمد بن محمّد، كتاب البلدان، ليدن، 1967 م.
8 ـ أخوان الصّفا، رسائل أخوان الصّفا وخلّن الوفا، دار صادر، بيروت، 1957 م.
9 ـ البخاريّ، أبو عبد الله، محمّد بن إسماعيل، الجامع الصّحيح، ليدن، 1864 م.
10 ـ البلاذريّ، أحمد بن يحيى بن جابر، فتوح البلدان، القاهرة، 1956 م.
11 ـ البلاذريّ، أحمد بن يحيى بن جابر، أنساب الإشراف، القاهرة، 1957 م.
12 ـ البيرونيّ، أبو الرّيحان، محمّد بن أحمد، الجماهر في معرفة الجواهر، حيدر آباد الدّكن، هـ 1335 .
13 ـ الثّعالبيّ، أبو منصور، عبد الملك بن محمّد، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1965 م.
14 ـ الجاحظ، أبو عثمان، عمرو بن بحر، رسائل الجاحظ، تحقيق: عبد السّلام هارون، القاهرة، 1965 م.
15 ـ البخلاء، نشره : طه الحاجريّ، القاهرة، 1958 م.
16 ـ البغال، نشره : شارل بيلا، القاهرة، 1955 م.
17 ـ البيان والتّبيين، لجنة التّأليف والتّجمة والنّشر، القاهرة، 1948 م.
18 ـ التّبصّ بالتّجارة، نشره : حسن حسني عبد الوهاب، ط 2، القاهرة، 1935 م.
19 ـ الجهشياريّ، أبو عبد الله، محمّد بن عبدوس، الوزراء والكتّاب، تحقيق : مصطفى السّقّا وآخرون، القاهرة، 1938 م.
20 ـ الخطيب البغداديّ، أبو بكر، أحمد بن عليّ، تاريخ بغداد، أو مدينة السّلام، القاهرة، 1939 م.
21 ـ الدّمشقيّ، أبو الفضل، جعفر بن عليّ، الإشارة إلى محاسن التّجارة، القاهرة، هـ 1318
22 ـ السّيرافيّ، أبو زيد، الحسن بن زيد، رحلة السّيرافيّ إلى الهند والصّين وإندونيسيا، نشر عليّ البصريّ، بغداد، 1961 م.
23 ـ السّيوطيّ، جلال الدّين، عبد الرّحمن بن أبي بكر، تاريخ الخلفاء، القاهرة، 1964 م.
24 ـ الشّيبانيّ، محمّد بن الحسن، كتاب المخارج في الخيل، نشره : يوسف شاخت، لبيزج، 1930 م، وأعادت طبعه بالأوفسيت، مكتبة المثنى، بغداد (د . ت).
25 ـ الصّابئ، أبو الحسين، هلال بن المحسن، الوزراء أو تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء، تحقيق : عبد الستّار أحمد فرّاج، القاهرة، 1958 م.
26 ـ الطبريّ، أبو جعفر، محمّد بن جرير، تاريخ الرّسل والملوك، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1966 م.
27 ـ الغزّالي، أبو حامد، محمّد بن محمّد، إحياء علوم الدّين، بولاق، مصر، 1309 هـ.
28 ـ المرتضى، طبقات المعتزلة، المطبعة الكاثوليكية، بيروت (د . ت).
29 ـ المسعوديّ أبو الحسن، عليّ بن الحسن، مروج الذّهب ومعادن الجوهر، تحقيق : محمّد محيي الدّين، القاهرة، 1958 م.
30 ـ مسكويه، أبو عليّ، أحمد بن محمّد، تجارب الأمم وتعاقب الهِمم، القاهرة، 1915 م، أعادت طبعه بالأوفسيت، مكتبة المثنّى، بغداد (د . ت).
31 ـ مؤلّف مجهول، ألف ليلة وليلة، طبعة بولاق (مجلّدان)، القاهرة، 1252 هـ، أعادتْ طبعها بالأوفسيت، مكتبة المثنّى، بغداد.
32 ـ ناصر خسرو، أبو معين الدّين (ت 481 هـ / 1088 م)، سفرنامه، ترجمة : يحيى الخشّاب، بيروت، 1970 م.
33 ـ الهمدانيّ، محمّد بن عبد الملك بن إبراهيم، تكملة تاريخ الطبريّ، تحقيق : ألبرت يوسف كنعان، بيروت 1961 م.
34 ـ اليعقوبيّ، أحمد بن أبي يعقوب بن واضح الكاتب، كتاب البلدان، النّجف، 1957 م.
35 ـ التّاريخ، دار صادر، بيروت، 1960 م.
ثانياً : المراجع
36 ـ الأفغانيّ، سعيد، أسواق العرب، ط 3، دار الفكر، بيروت، 1974 م.
37 ـ الآلوسيّ، عادل محي الدّين، الرّأي العام في القرن الثّالث الهجريّ، رسالة ماجستير، كلّيّة الآداب، جامعة بغداد، 1973 م.
38 ـ باش أعيان العبّاسيّ، عبد القادر، البصرة، دار البصريّ، بغداد 1961 م.
39 ـ حلمي، إبراهيم، حالة العراق الاقتصاديّة، مجلّة لغة العرب، ج 11 السّنة (2)، عدد آيار ( 1913 م).
40 ـ دائرة المعارف الإسلاميّة، التّجمة العربيّة، مقال ( Hoffening ) مادّة (تجارة)، ومقال (بيكر) مادّة (سمسار).
41 ـ الدّوريّ، تاريخ العراق الاقتصاديّ في القرن الرابع الهجريّ، بيروت، 1974 م.
42 ـ التكوين التاريخيّ للأمّة العربيّة، بيروت 1984 م.
43 ـ مقدّمة في تاريخ العراق الاقتصاديّ، بيروت، 1969 م.
44 ـ زكي، أحمد كمال، الحياة الأدبيّة في البصرة إلى نهاية القرن الثّاني للهجرة، دار المعارف، القاهرة، 1971 م.
45 ـ زيدان، جرجي، التمدّن الإسلاميّ، دار الهلال، القاهرة، 1968 م.
46 ـ شارل بيلا، الجاحظ في البصرة وبغداد وسامرّاء، ترجمة : إبراهيم السّامرائي، دار الفكر، دمشق، 1985 م.
47 العلي، صالح أحمد، التّنظيمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة في البصرة في القرن الأوّل الهجريّ، بيروت 1969 م.
48 ـ فهد، بدري محمّد، العامّة في بغداد، بغداد، 1967 م.
49 ـ كاهن، كلود، تاريخ العرب والشعوب الإسلاميّة، ترجمة : بدر الدّين القاسم، ط 2، بيروت 1977 م.
50 ـ الكبيسيّ، حمدان عبد المجيد، أسواق بغداد حتّى بداية العصر البويهيّ، بغداد 1979 م.
51 ـ لومبارد، موريس، الجغرافية التّاريخيّة للعالم الإسلاميّ، ترجمة : عبد الرّحمن حميدة، دمشق 1979 م.
52 ـ متز، آدم، الحضارة الإسلاميّة في القرن الرّابع الهجريّ، ترجمة : محمّد الهادي أبو ريدة، ط 3، القاهرة، 1957 م.
53 ـ النّصّ، إحسان، العصبيّة القبليّة وأثرها في الشعر الأمويّ، بيروت، 1963 م.
54 ـ S.HUZAYYIN, Arabia and the Far East, Cairo,1942
|
|
|
|