كلنا نعرف أنه كان الناس قبل الإسلام يبغضون الأنثى ويعتبرونها عاراً عليهم ويعظمون الرجل ويكرمونه ويعتبرونه رمزاً للعزة والكرامة ، حيث كانت المرأة تلزم ببعض الواجبات دون الأخذ بنظر الإعتبار أن لها حقوقاً أيضاً حيث لم تكن للمرأة ولاية على نفسها قبل الزواج وبعده وكانت تعتبر في نظر الأنظمة القديمة كالشيطان حتى أنه ورد في التورات المحرفة تلك الكلمة القائلة ( المرأة أمر من الموت ) ولم يكن لها شيء من الميراث إلا في بعض الأحوال إلى أن بعث الله ( عز وجل ) رسوله الكريم الحبيب المصطفى محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخذ يبلغهم رسالات ربه عن طريق الوحي جبرائيل ( عليه السلام ) فحظيت المراة في ظل الإسلام برعاية وإهتمام كبيرين حين أولاها عناية خاصة لشخصيتها وكرامتها وجعل لحرمتها قدسية وحصانة صوناً لها لإن الإسلام إعتبرها العنصر المهم والمحترم في المجتمع والمدرسة التي تنطلق منها الأجيال وهي الأساس الذي إذا صلحت صلح ما سواها وإذا فسدت فسد المجتمع كله لإنها هي مربية الأجيال وهي الاساس في بناء المجتمع الديمقراطي ولها دورها الفعال في بناء الوحدة الوطنية لإن الوحدة الوطنية ضرورة ملحة لبناء العراق الجديد .
مكانة المرأة في التاريخ :
حرص الإسلام على تكريم المرأة وجعلها رمزاً وعلماً في كثير من المناسبات :
1 ـ ففيها يكمل الدين حيث أن الرجل إذا تزوج أكمل نصف دينه .
2 ـ جعل الجنة تحت أقدامها إن هي أنجت ( الجنة تحت أقدام الامهات ) .
3 ـ جعلها حسنة يثاب عليها الوالدان ( البنات حسنات ) .
4 ـ جعل الله الجنة ثواباً لمن له بنات ، يربيهن تربية صالحة .
5 ـ رفع عنها تكليف الاعمال الشاقة وجعل عملها البسيط وحسن تبعلها وحملها وولادتها لا يماثله شيء أي كالجهاد في سبيل الله .
ويحدثنا التاريخ الإنساني الطويل عن نماذج وأمثلة عن بعض النساء العفيفات الطاهرات المؤمنات الصالحات مثل :
1 ـ مريم بنت عمران ( أم عيسى ) ( عليها السلام ) .
2 ـ آسية بنت مزاحم تلك المرأة المجاهدة التي جاهدت اعظم طاغوت في زمانها وهو فرعون زوجها .
3 ـ خديجة بنت خويلد زوجة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي قدمت ما لديها من مال وجهد في سبيل نصرة الإسلام والرسالة المحمدية .
4 ـ أعظمهن شأناً ومنزلةً وشرفاً وكرامة وقرباً إلى الله ( عز وجل ) سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين إبنة خاتم النبيين وأفضل الخلق أجمعين وزوج سيد الوصيين ووارث علم النبي أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ووالدة سيدي شباب أهل الجنة ، حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن والحسين ، العالمة الطاهرة التقية الزكية التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ريحانة الرسول وبهجة قلب المصطفى وعينه التي يرى بها فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها وزجها وبنيها وشيعتها ومحبها ولا ننسى عقيلة بني هاشم السيدة زينب ( عليها السلام ) والدور الإعلامي الذي لعبته في إتمام الرسالة وخطبتها في أهل الكوفة وكيف اوضحت للناس خبث إبن زياد ولؤمه بعد أن أومأت إلى ذلك الجمع المتراكم فهدأوا وليس في وسع العدد الكثير أن يسكن ذلك اللغظ أو يرد تلك الضوضاء لولا الهيبة الإلهية والبهاء المحمدي الذي جعل عقيلة آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قالت ويلكم يا أهل الكوفة ، أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم وأي حرمة له إنتهكتم لقد جئتم شيئاً اداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً . إلخ . . .
وهذا مقطع من خطبتها أمام إبن زياد لعنه الله ، فكد كيدك وإسعى سعيك وناصب جهدك فو الله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي إلا لعنة الله على الظالمين .
دور المرأة الإجتماعي :
في ظل الإسلام الحنيف اصبح للمرأة بين الحقوق مثلما عليها قال تعالى ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) :
1 ـ الولاية : حيث يجب إكرام المرأة بإعتبارها أعظم الخلق وذلك بمعاملة الرجل زوجته معاملة حسنة حيث قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إستوصوا في النساء خيراً فخيركم خيركم لإهله وأنا خيركم لإهله ) .
2 ـ الميراث : حيث ثبت الإسلام للمرأة ميراثاً ، قال أحد الكتاب الأوربيين وهو جوزستان لوريون تعامل المرأة المسلمة بإحترام عظيم ومباديء الميراث التي نص عليها القرآن الكريم على جانب عظيم من العدل والإنصاف ويقول أيضاً ويظهر في مقارنتي بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنكليزية إن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات المسلمات حقوقاً في الميراث لا تجد مثلها في قوانيننا .
3 ـ النفقة : فالعلامة الزوجية في الإسلام تقوم على أساس التعاون الشامل وأواصر المودة والرحمة وعلى الزوج نفقة زوجته ولو كانت غنية ذات أموال والنفقة هي إحدى السبل التي يقوم عليها الزوجية الصالحة وجزء من نظام التوزيع للأموال لقوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) وقال تعالى ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) .
4 ـ حق التصدق مثلما الرجل : وهذا هو الشيء الذي لا تزال قوانين الحضارة العربية عاجزة عن بلوغه حيث أن المعمول عند الغرب من الناحية القانونية إن المرأة حين تقترن بالرجل فإنها تلغى من سجل أهلها نهائياً وتلحق بإسم الرجل وهذا معناه إنهاء لكيان المرأة ودمجه بكيان الرجل وقضاءاًَ على إستغلالها وهذا يكفي كشاهد يفتح بصيرة المرأة المسلمة بقيمتها ويدحظ أوهام الغرب التي يشاع أنها حضارة فإن المصنفين حتى في الغرب أدركوا وان الإسلام هو دين إنسانية .
واجبات المرأة ودورها في بناء المجتمع :
من قل ما يقدم يجب أن تدرك المرأة المسلمة ما يلي :
1 ـ قيمتها في هذا الوجود .
2 ـ تعلم عظم الحكمة التي من أجلها خلقها الله .
3 ـ تعلم أيضاً بإنها صانعة الرجال وكيف تحافظ المرأة على اللبنة الأساسية في بناء المجتمع إلا وهي الأسرة ولا يمكن الإستهانة بالتربية الأسرية فنجاحها يعتمد على خطوط عريضة لابد للأم الإلتزام بها مبدئياً .
أ ـ أن تنهض المراة بمستواها الثقافي وقبل كل شيء فالمرأة لا تكترث بالثقافة ولا بالقراءة العامة ولا تهتم بمتابعة ما يحدث حولها من أحداث محلية وعالمية وقليلات منهن يحرصن على شراء الكتب أو المجلات المفيدة وحتى الخريجات وغيرهن من المتعلمات يهجرن الكتب بمجرد التخرج ومن تعمل منهن تهتم فقط بالجزء الذي يخص عملها ، وعدم الإكتراث وهذا يجعلها عاجزة عن التربية والعطاء لإن فاقد الشيء لا يعطيه ) .
ولا يكفي لكي تصبح الأم أماً ناجحة أن تسأل أمها القديمة فالأم القديمة لم يكن ينافسها في التربية التلفاز والكومبيوتر والقنوات الفضائية ، فعليها أن تهتم بالمتابعة في كل جوانب الحياة .
ب ـ تربية الطفل على حب الخير فالطفل جوهرة ثمينة من صانها رفعها ومن إبتذلها وضعها ، بالحب والعاطفة والمرونة في التعامل كما فعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) فسر التفوق هو تعويد الطفل على حب الآخرين والرغبة في فعل الخير حتى تنمو هذه الصفة وتصبح جزءاً لا يتجزء من شخصيتهم .
ج ـ إشراك الأطفال في الحضور مع الآباء والأمهات في مجالس الوعظ الديني والعلمي فله أثر كبير في صياغة شخصية الطفل .
د ـ تطهير الجو المنزلي وإضفاء القدسية عليه ، وهناك الكثير الكثير مما يمكن أن يجود به ذكاء المرأة وتفكيرها لتنهض بمستواها ومستوى أسرتها ومجتمعها معاً لقد أثبتت المرأة على طول سباق التاريخ جنباً إلى جنب مع الرجل في الثورات والإنتفاضات من خلال التضحية بالنفس والأولاد من اجل بناء مجتمع ديمقراطي لتطبيق العدالة ومحاربة الظلم والعنصرية فيجب الإرتقاء بالمرأة العراقية لإنها نصف المجتمع وتربي النصف الآخر فهي المجتمع بإكمله فبسبب الأوضاع الجائرة التي عاشتها من إمتهان لكرامة وإنتهاك لحقوقها وعدم المساواة أمام القانون فإنها معنية أكثر من غيرها بالإرتقاء والعدالة والسلام والتقدم الحضاري لذا فهي قد إحتلت أهمية كبيرة في البرامج والسياسات الوطنية والإقليمية والدولية وتألقت جهودها في المؤتمرات وأكدت حضورها الفاعل حتى كتبت لها حقوق متساوية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 وإتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة 1953 والقضاء على العنف ضد المرأة .
فالشمس تشرق كل يوم والإرتقاء بالمرأة العراقية هو مطلب وطني عاجل ، بالرغم من كل ما عانته المرأة العراقية من صنوف العذاب والفقر والأمية والتخلف وتهميش إنعكست هذه الأوضاع على واقعها الإقتصادي والإجتماعي .
ولكن بفعل وعيها التاريخي لإمتلاك حريتها وتحررها فإنها أظهرت نموذجاً متماسكاً لقوة إجتماعية لا يستهان بها ضد الصراعات والتكتلات السياسية وأثبتت جدارتها في ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية في العراق من ديمقراطية وشفافية وثقافة في الحوار وتسخير طاقاتها في التنمية والإصلاح وإعادة هيكلة الحياة .
وبهدف تجاوز عقبات التجربة ومخاطرها الآنية والعشوائية أبدت أهمية العمل المنظم والتخطيط العملي وإستشراق المستقبل لتحقيق نهضتها الحقيقية وكالآتي :
1 ـ على الصعيد الإجتماعي :
بالتوجه نحو معالجة وضعها الإجتماعي ومكافحة الفقر وتدعيم الأسرة ، خلق شبكات أمن إجتماعي رفض اللأ مساواة ـ دمج المرأة في العملية التنموية ـ وتعزيز القيم الثقافية .
2 ـ على الصعيد الإقتصادي :
أ ـ إرتفاع مشاركة المرأة العراقية في العمل النظامي .
ب ـ معالجة تدني أجورها وخلق فرص عمل للقضاء على البطالة .
ج ـ تطوير الملاكات النسوية على الوظائف العليا ، سواء إدارية أو فنية وإعداد برامج لحماية المرأة .
3 ـ على الصعيد الثقافي :
أ ـ ضرورة تبني الستراتيجيات الثقافية للمرأة .
ب ـ محو الأمية والتعليم المستدام .
ج ـ أعداد الدراسات والبحوث العلمية التي تعالج حالات العنوسة والزواج العرفي والمبكر والتمييز والعنف ضد المراة ، والمرأة العاملة ومجالس أدب المرأة .
د ـ إستثمار الإنترنيت وغيرها في خدمة وعي المرأة .
4 ـ على الصعيد السياسي :
لا بد من تشجيع المرأة سياسياً ودخولها إلى منظمات المجتمع المدني وتأهيلها للمشاركة في الجانب السياسي الوطني والإقليمي والإنساني ورفع مشاركتها في تبني برامج وطنية متطورة لتحرير المرأة .
فنحن نطمح إلـى :
1 ـ رفض تقسيم العراق إلى دويلات عرقية وطائفية والتمسك بوحدة التراب والوطن العراقي بمكوانته المختلفة .
2 ـ رفض التدخلات الخارجية في الساحة العراقية .
وأخيراً أيتها المرأة إن لم تستطيعي ان تكوني نجمة في السماء فكوني شمعة في بيتك والسلام عليكم .