حسون البطّاط


الاهداء
  إلى أُمي التي حملتني كرهاً ووضعتني كرهاً وهي في كل هذا . . وهناً على وهن جزاءاً لحقها واعترافاً بفضلها .

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

   ًوَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان/74}
  رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ {البقرة/128}
  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ {الطور/21}
  رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء {إبراهيم/40}
  وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {الأحقاف/15}

آداب الحمل في الإسلام   ـ 2 ـ

المقدمة
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
  وصلى الله على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمّد وعلى آله الطاهرين المطهّرين وسلم تسليماً كثيراً .
  وبعد . .
1 ـ تُعدّ فترة الحمل من اهم الفترات في التأثير على حياة الطفل من سعادة أو شقاء لذا استحقت أن تكتب عنها هذه الصفحات المتواضعة .
2 ـ الأصل في الكتاب عرض مختصر وواضح لرأي الاسلام ، بيد أننا غيرُ ملزمين بذلك ما دام البحث الطبي قد ارتقى الى مستوى جعلنا نذكر عنه بعض الأشياء التي لم تفصلها الروايات الشريفة كأطوار خلقة الجنين وغيرها .
3 ـ كل ما في الكتاب هو من المقتضي وليس ومن العلة التامة . . وتوضيحه : أن لأكل السفرجل أثراً في جمال الطفل وحسنه ، ولكن ليس بالضرورة حدوث ذلك . . فهو دافع له وليس السبب الوحيد . . ومثله قانون الوراثة ، لأنّ فيه مفارقات لا تنكر .
4 ـ تعود كثير من أسباب نقص خلقة الجنين الى المواد التي تعرضت وتتعرض لها الأم الحامل في العراق ، والتي أهدتها الدول الغربية بأموال الدول الشرقية الى عميلها السفاك فألقاها على أرضنا الحبيبة . . ثم لم يكفهم هذا حتى القتها في آلاف من الأطنان وفي الجنوب بالخصوص . . ومنها ما يبقى في الأرض سارٍ المفعول الى مأة سنة ! .
5 ـ كُتب البحث في ظرف غير ملائم وحالة غير مستقرة . . كل هذا ونحنُ عازمون على العودة الى وطننا الأم .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 3 ـ

6 ـ لم أجد من كتب عن هذه المرحلة كتاباً مستقلاً سوى كلمات أو صفحات في الموسوعات الفقهية أو الحديثية التي لا يقرئها في هذه الأيام سوى أهل الأختصاص . . إضافة الى بقاء الحامل حائرة لا تعرف ماذا تقرأ ؟ كتب هذه الصفحات . . وقد سرنا من بداية ما يؤثر في الجنين سلباً وايجاباً من إختيار الزوجة أو الزوج الى مستحبات ومكروهات النكاح مروراً بالمراحل التي يقطعها الجنين حتى ولادته الى الرضاعة . . .
7 ـ وكلّ ما تراه يرجع الى طلب هيئة محمد الأمين حيث قالوا : أن الحالات التي رأيناها في العراق من اطفال مشّوهين وولادات غير طبيعية جعلتنا نفكّر في نشر كتاباً عن فترة الحمل واسباب هذه الحالات في الاسلام . . وكنت مشغولاً برسالة جوابية مطوّلة لشاب جزائري يشكل فيها على اعتقادات وظواهر شيعية . . ومع هذا أوعدتهم خيراً ومما قلت لهم : ان المسؤولية اليوم هي مسؤوليتنا وان أهلنا في العراق ينتظرون منّا الكثير . . وعلى أيّ حال فأن شفيعي لهذا البحث شيآن : الأول : المسؤولية وان كان بالجزء اليسير ، والثاني : أني قد بحث الموضوع ـ اجمالاً ـ في موسوعتي المخطوطة ( موسوعة كيف ؟ ) والتي تتضمن اكثر من ستين سؤالاً ومنها ( كيف تربي طفلت ؟ ) وأن أردنا إضافة آخر فضيق الوقت وهو العشرة أيام التي كتبت بها هذه الأحرف .
  ولكتابنا ثلاث فصول : الأول : يتكافّل مرحلة ما الحمل ، والثاني : أثناء الحمل ، والثالث ما بعد الحمل .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 4 ـ


استحباب النكاح وفضله
  ربما يكمن الفرق الأظهر بين الشرائع السماوية المتمثلة بخاتمها وهو الإسلام وبين القوانين الوضعية : هو إعطاء الروح الحركية للتشريع المتمثلة بالآداب المعنوية من مستحبات ومكروهات جنباً الى جنب الواجبات والمحرمات . . ومن مصاديق هذا النكاح الذي أعطاه الاسلام دوافع ثانوية ، اضافةً الى دافع الغريزة الذاتية ، وكونه امراً ضرورياً تفرضه الحياة وتدعو إليه الفطرة والخلقة . . ومن هذه الدوافع الثانوية الغنا بعد الفقر بقوله تعالى ( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (1) .
  منها المودة ، والرحمة ، والسكن بين الزوجين بقوله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (2) .
  ومنها الأفضلية في العبادات بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيهما أعزب ) (3) .

**************************************************************
(1) النور : 32 .
(2) الروم : 21 .
(3) ثواب الأعمال : 62 / الوسائل : ج 2 ، ص 18 ، ب 2 ، ح 1 / فروع الكافي : ج 5 ، ص 328 ، ح 1 / المقننعة : 76 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 5 ـ

فضل الذرية
   تؤكد الروايات الكثيرة الذاكرة لفضل الذرية والأولاد على العناية بهم وبتربيتهم وتمهيدهم لمرحلة أعلى وبالتالي لنيلهم الذكر الحسن في الدنيا والجزاء الأوفى في الآخرة . . وأيضاً على سير الحياة الاجتماعية وعدم انقطاعها بالرهبانية المبتدعة أو الزهد بالذرية خوف الفقر والحاجة الأمر الذي دفع مشركي العرب لقتل أولادهم قال تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا ) (1) ، وقال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء بالله الظن ) (2) .
  وقد كثرت الأحاديث في فضل الأولاد كقول الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( ان الله تعالى اذا اراد بعبد خيراً لم يمته حتى يريه الخلف ) (3) .
  وعن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إنّ الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة ) (4) .

**************************************************************
(1) الاسراء : 31 .
(2) فروع الكافي : ج 5 ، ص 330 ، ح 1 / الوسائل : ج 20 ، ص 42 ، ب 10 ، ح 1 .
(3) سفينة البحار : ج 8 ، ص 579 .
(4) فروع الكافي : ج 6 ، ص 3 ـ 4 ، ح 10 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 6 ـ

  وعن الامام الصادق ( عليه السلام ) يرفعه الى جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله سلم ) أنه قال : ( مر عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) بقبر يعذّب صاحبه ، ثم مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذب ، فقال : يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يعذّب ، ومررتُ به العام فإذا هو ليس يعذب ؟ فأوحى الله اليه أنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وآوى يتيماً فلهذا غفرتُ له بما فعل ابنه ، ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ميراث الله ( عزّ وجلّ ) من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده ، ثم تلا أبو عبد الله آية زكريا ( عليه السلام ) ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (1).

صفات الزوجة
  للزوجة الأم أثر كبير على الطفل ، من علقته برحمها الى طفولته وتربيته ، وثم نشأته في أحضانها ، وهي كما يقولون المدرسة الأولى التي يتخرج منها ، فأن توفرت فيها صفات الأمومة الناجحة إرتقى الطفل الى أعلى المستويات في حياته ، والاّ فأنها السبب الكبير في سقوطه ونبذه وشذوذه . . وفي التاريخ عينات تغنينا عن الذكر . . كل هذا جعل الاسلام يعطي الضوابط المتينة والحساسة في اختيار الزوجة الصالحة للأمومة .
  ولأهمية الموضوع ودخوله في صميم بحثنا نذكر الصفات الحسنة التي ذكرتها الروايات الشريفة :

**************************************************************
(1) فروع الكافي : ج 6 ، ص 3 ـ 4 ، ح 2 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 7 ـ

كرم الأصل
  عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال للناس ( إياكم وخضراء الدمن ، قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء (1) .
  وعن ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( اختاروا لنطفكم فأن الخال أحد الضجيعين ) (2) .
  وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : خير النساء ركبن الرجال نساء قريش ، أحانهن على ولد وخيرهن لزوج ) (3) .

الصفات الخُلقية والدينية
  عن أبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ؟ فقال لي : ( أنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك ، فأن كنت لا بد فاعلاً فبكراً تنسب الى الخير والى حسن الخلق (4) .

**************************************************************
(1) من لا يحضره الفقيه : ج 3 ، ص 248 ، ب 111 ، ح 8 / المقنعة : 78 / الوسائل : ج 2 ، 35 ، ب 7 ، ح 7 وأيضاً : ص 48 ، ب 13 ، ح 4 .
(2) فروع الكافي : ج 5 : 332 ح 2 / الوسائل : ج 20 ، ص 47 ، ب 13 ، ح 2 .
(3) فروع الكافي : ج 5 ، ص 326 ، ح 1 / الوسائل : ج 20 ، ص 36 ، ب 8 ، ح 1 .
(4) فروع الكافي : ج 5 ، ص 323 ، ح 3 / مكارم الأخلاق بتفاوت يسير : 199 / وسائل الشيعة : ج 20 ، ص 27 ، ب 6 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 8 ـ

  وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : ( إذا تزوّج الرجل المرأة لمالها أو وجمالها لم يرزق ذلك ، فأن تزوجها ليدنها رزقه الله ( عزّ وجلّ ) مالها وجمالها (1) .

الجمال وصفات الخلقة
  قال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( تزوّج عيناء سمراء عجزاء مربوعة ، فإن كرهتها فعلي الصداق ) (2) .
  وعن الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال ( إذا أراد الله أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فأن الشعر أحد الجمالين ) (3) .
  وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( من أرد الباءة فليتزوج بامرأة قريبة من الأرض ، بعيدة ما بين المنكبين ، سمراء اللون ، فأن لم يحظ بها فعلي مهرها ) (4) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 203 / وقريب منه في الوسائل : ج 20 ، ص 51 ، ب 14 ، ح 5 .
(2) مكارم الأخلاق : 199 / وقريب في الوسائل : ج 20 : ، ص 56 ب 18 ، ح 1 .
(3) مكارم الأخلاق : 200 / الوسائل : ج 20 ، ص 59 ، ب 21 ، ح 3 .
(4) مكارم الأخلاق : 201 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 9 ـ

صفات الزوج
  وفي المقابل أعطى الاسلام المرأة حق تقرير المصير في اختيار الزوج الصالح الذي يرجى منه الذرية الصالحة المتصف بصفات حسنة تؤهّله لها المنصب الخطير ذاكرين ما استفدناه من الروايات الشريفة التي امرتنا باجابه مثل هكذا خاطب وهي :
1 ـ متدين .
2 ـ ذو أخلاق حسنة .
3 ـ عفيف .
4 ـ صاحب يسار أي غني .
5 ـ كفوء .
6 ـ أمين .
7 ـ تقي .

  أما الصفات السيئة التي يُرد صاحبها فهي :
1 ـ شارب الخمر .
2 ـ سيء الخلق .
3 ـ المخنث .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 10 ـ

4 ـ صغير السن .
5 ـ المستعلن بالزنا .
6 ـ من أقيم عليه حد الزنا .
7 ـ الفاسق .
8 ـ قاطع الرحم .
9 ـ الشكّاك .
10 ـ المخالف لأهل البيت ( عليهم السلام ) .
11 ـ الناصب .
12 ـ المستضعف : وهو الذي لا يعرف ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) .
13 ـ المتهم بالزنا .
14 ـ الأعرابي .
15 ـ المغالي في الدين (1)

**************************************************************
(1) راجع المصادر التالية 1 ـ وسائل الشيعة : ج 20 ، 2 ـ مستدرك الوسائل : ج 2 طبع الحجر ، 3 ـ ما وراء الفقه : ج 6 ، 4 ـ فروع الكافي : ج 5 ، 5 ـ من لا يحضره الفقيه ج 3 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 11 ـ

مستحبّات ليلة الزفاف
  الاسلام والجاهلية على طرفي نقيض فما صح في أحدهما تراه باطلاً في الآخر . . وان رأيت شيئاً جاهلياً قد أكده الأسلام أو أرشد اليه فما تجده كما كان بل طعّمه بالنية أو المقدار أو الكيفية . . ويشبه هذا مراسيم الزفاف التي تعلمها المسلمون من دينهم لكنك ترى فيها طعم الجاهلية له نكهته الخاصة . . وما هو الاّ تعقيد أو زيادة بذل لا داعي له مقابل بساطة أحكام الاسلام وسهولتها ويسرها . . والذي يهمنا الآن بيان مستحبات ليلة الزفاف التي تتوقف عليها سلامة الطفل من ناحية تماميته ورشده وهو ما أمرنا به أئمة أهل البيت ( عليه السلام ) كأن يقول الزوج عند المباشرة : ( اللهم ارزقني ولداً واجعله تقياً ذكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان وأجعل عاقبته الى الخير ) (1) .
  وعن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ( إذا تزوّج أحدكم كيف يضع ؟ قال : قلت له : ما ادري جعلت فداك ، قال : فإذا هم بذلك فليصلِ ركعتين ويحمد الله ويقول : اللهم أني أريد أن أتزوج ، اللهم فأقدر لي من النساء اعفهن فرجاً واحفظهن لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهن رزقاً ، واعظمهن بركة ، وأقدر لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي ، فإذا أُدخلت عليه فليضع يده على ناصيتها ويقول : اللهم على كتابك تزوجتها ، وفي أمانتك أختها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فإن قضيت في رحمها شيئاً فأجعله مسلماً سوياً ، ولا تجعل شرك الشيطان ، قلت : وكيف يكون شرك الشيطان ؟ فقال : ان الرجل اذا دنا من المرأة وجلس مجلسه حضره الشيطان ، فإن هو ذكر اسم الله تنحى الشيطان عنه وان فعل ولم يسمًّ أدخل الشيطان ذكره فكان العمل منهما جميعاً والنطفة واحدة ، قلت ، فبأي شيء يعرف هذا جعلت فداك ؟ قال : بحبنا وبغضنا ) (2) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 209 .
(2) الوسائل : ج 20 ، ص 113 ، ب 53 ، ح 1 / وحذف الكليني آخره في فروع الكافي : ج 5 ، ص 501 ، ح 3 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 12 ـ

مكروهات الجماع
  ولأهمية الموضوع وكونه السبب الأكبر في التأثير على خلقه الحمل نتكلّم فيه بشيء من التفصيل ونقسمه الى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : مكروهات الوقت :
1 ـ خروج الولد على غير ما تحب : عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قلت له : هل يكره الجماع في وقت من الأوقات وان كان حلالاً ؟ قال : نعم ، ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ومن مغيب الشمس ، وفي الليلة التي ينكشف فيها القمر ، وفي الليلة وفي اليوم اللذين يكون فيها الريح السوداء ، والريح الحمراء ، والريح الصفراء ، واليوم والليلة التي يكون فيها الزلزلة ، ولقد بانت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند بعض ازواجه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكنة منه في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتى اصبح ، فقالت له : يا رسول الله البغض كان هذا منك في هذه الليلة ، فقال : لا ، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذذ والهو فيها وقد عير الله في كتابه أقواماً فقال : (وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ، فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) .
   ثم قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وأيم الله لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي نهى عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد انتهى اليه الخبر فيرزق ولداً فيرى في ولده ذلك ما يحب (1) .

**************************************************************
(1) من لا يحضره الفقيه : ج 3 ، ص 255 ، ب 121 ، ح 2 / الوسائل : ج 20 ، ص 125 ، ب 62 ، ح 2 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 13 ـ

2 ـ سقط الولد : عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : ( من أتى أهله في محاق الشهر (1) فليسلّم لسقط الولد ) (2) .
  وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : لا تجامع في أول الشهر ولا في وسطه ولا في آخره فإنه من فعل ذلك فليسلّم لسقط الولد (3) .
3 ـ ظالماً وشريراً : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) أنه قال : ( يا علي لا تجامع أهلك في آخر درجة اذا بقي يومان فإنه ان قضى بينكما ولد يكون عشاراً وعوناً للظالمين ويكون هلاك فئام من الناس على يده (4) .
  وفي وصيته أيضاً : ( يا علي لا تجامع أمرأتك في ليلة الفطر ، فانه ان قضى بينكما ولد لم يكن الولد الاّ كثير الشر ) (5) .
  وأيضاً في وصيته : ( يا علي لا تجامع امرأتك بين الاذان والاقامة ، فإنه أن قضى بينكما ولد يكون حريصاً على إهراق الدماء ) (6) .

**************************************************************
(1) المحاق : الايام الثلاثة الاخيرة من الشهر .
(2) من لا يحضره الفقيه : ج 3 ، ص 254 ، ب 121 ، ح 1 / الوسائل ج 20 ، ص 129 ، ب 63 ، ح 1 .
(3) الوسائل : ج 2 ، ص 129 ، ب 64 ، ح 3 .
(4) الوسائل : ج 20 ، ص 127 ، 63 ، ح 2 ، والفئام جماعة من الناس .
(5) مكارم الأخلاق : 210 .
(6) مكارم الأخلاق : 210 / الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 149 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 14 ـ

4 ـ ساحراً : في وصيته النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل ، فإنه ان قضى بينكما ولد لا يؤمن ان يكون ساحراً مؤثراً للدنيا على الآخرة ) (1).
5 ـ الجنون والجذام والخبل والخبط : وفي وصية الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يا علي لا تجامع أمرأتك في أول الشهر وفي ووسطه وآخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها والى ولدها ) (2) .
  وقال أيضاً : ( يا علي ! لا تجامع أهلك في أول ليلة من الهلال ولا في ليلة النصف ولا آخر ليلة فأنه يتخوف على ولد من يفعل ذلك الخبل (3) .
  وعن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) قال : ( اياك والجماع في الليلة التي يهل فيها الهلال فإنك ان فعلت ثم رزقت ولداً كان مخبوطاً ) (4) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 211 / الوسائل : ج 2 ، ص 253 ، ب 150 ، ح 1 .
(2) الوسائل : ج 20 ، ص 129 ، 64 ، ح 5 .
(3) الوسائل : ج 20 ، ص 128 ، ب 64 ، ح 1 .
(4) الوسائل : ج 20 ، ص 130 ، ب 64 ، ح 8 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 15 ـ

6 ـ الفقر والقلة : عن عبد الرحمن بن سالم قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : ( لَمِ تكرهون الجماع عن مستهل الهلال وفي النصف من الشهر ؟ فقال : لأن المصروع أكثر ما يصرع في هذين الوقتين قلت : قد عرفت مستهل الهلال فما بال النصف من الشهر ؟ قال : ان الهلال يتحول من حالة الى حالة يأخذ في النقصان فإن فعل ذلك ثم رزق ولداً كان مقلاً فقيراً ضئيلاً ممتحناً ) (1) .
7 ـ مشوهاً : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) ( با علي لا تجامع أهلك في ليلة النصف من شعبان ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مشوّهاً ذا شامة في شعره ووجهه ) (2) .
8 ـ أحولاً : عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( يا علي لا تجامع أمرأتك بعد الظهر ، فإنه إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول والشيطان يفرح بالحول في الانسان ) (3) .
9 ـ زيادة أصابع يده أو نقصانها : في وصيته قال : ( يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى فإنه ان قضى بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع أصابع ) (4) .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 130 ، ب 94 ، ح 9 .
(2) مكارم الأخلاق : 210 / وقريب منه في الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 149 ، ح 1 .
(3) مكارم الأخلاق : 209 / الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 149 ، ح 1 .
(4) مكارم الأخلاق : 210 / الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 194 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 16 ـ

القسم الثاني : مكروهات الكيفية والأحوال :
1 ـ أعمى : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( ولا ينظر أحد الى فرج أمرأته ، وليغض بصره عند الجماع فإن النظر الى الفرج يورث العمى في الولد ) (1) .
2 ـ أخرس : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) ( اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنه يورث الخرس ) (2) .
3 ـ يبغض أهل البيت ( عليه السلام ) : عن جعفر عن أبيه ( عليه السلام ) قال : ( قام رجل الى علي ( عليه السلام ) فقال جعلني الله فداك ، إني لاحبكم أهل البيت ، قال : وكان فيه لين ، قال فأثنى عليه عدة ، فقال كذبت ، ما يحبنا مخنث ولا ديوث ولا ولد زنا ولا من حملت به امه في حيضها ، قال : فذهب الرجل لما كان يوم صفين قتل مع معاوية ) (3).

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 121 ، ب 59 ، ح 5 / ومثله في علل الشرائع : 515 .
(2) فروع الكافي : ج 5 ، ص 498 ، ح 7 / الوسائل : ج 20 ، ص 123 ، ب 6 ، ح 1 .
(3) عواقب الأمور : 446 نقلاً عن مستدرك الوسائل : ج 2 ، ص 19 ، ح 8 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 17 ـ

4 ـ مخنثاً : عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : ( وهو الامام الصادق إذا ورد في الروايات ) انه قال لرجل من أوليائه : ( لا تجامع أهلك وأنت مختضب فأنك ان رزق ولداً كان مخنثاً ) (1) .
  وفي وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) انه قال : ( يا علي لا تجامع أمرأتك بشهوة أمرأة غيرك ، فإني أخشى أن قضى بينكما ولد أن يكون ( مخنثاً مخبراً ) (2) .
5 ـ فاسقاً فاجراً : عن جابر قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) وهو الامام الباقر : ( إياك والجماع حيث يراك صبي يحسن أن يصف حالك قلت : يا بن رسول الله كراهة الشنعة ؟ قال : لا ، فإنك ان رزقت ولداً كان شهرة في الفسق والفجور ) (3) .
6 ـ مجنوناً : عن الرضا ( عليه السلام ) : ( الجماع بعد الجماع من غير فصل بينهما بغسل يورث الولد الجنون ) (4) .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 125 ، ب 61 ، ح 3 .
(2) الوسائل : ج 20 ، ص 252 ، ب 150 ، ح 1 / ومثله في مكارم الأخلاق : 209 .
(3) الوسائل : ج 20 ، 134 ، ب 67 ، ح 8 / بحار الأنوار ج 103 ، ص 293 .
(4) بحار الأنوار : ج 59 ، ص 321 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 18 ـ

  وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يكره أن يخشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فإن فعل ذلك فخرج الولد مجنوناً فلا يلومن الاّ نفسه ) (1) .
7 ـ بول الولد في الفراش : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( لا تجامع أمرأتك من قيام ، فإن ذلك من فعل الحمير ، وإن قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش ) (2) .
8 ـ أعمى القلب : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( إذا حملت أمرأتك لا تجامعها الا وأنت على وضوء ، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب ، بخيل اليد ) (3) .
9 ـ ينفق ماله في غير حق : وفي وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( إذا خرجت في سفر فلا تجامع مع أهلك في تلك الليلة فإنه أن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق ) (4) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 212 / الوسائل ج 20 ، ص 139 ، ب 70 ، ح 1 .
(2) مكارم الأخلاق : 210 / الوسائل : ج 20 ، ص 253 ، ب 150 ، ح 1 .
(3) مكارم الأخلاق : 210/ الوسائل : ج 2 ، ص 253 ، ب 150 ، ح 1 .
(4) مكارم الأخلاق : 211 / الوسائل : ج 20 ، ص 253 ، ب 150 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 19 ـ

10 ـ مجذوماً أو أبرصاً : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( من جامع أمرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوماً أو أبرصاً فلا يلومن الاّ نفسه ) (1)
11 ـ مشوهاً : عن أبي عذافر الصرفي قال : ( قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ترى هؤلاء المشوهين في خلقهم ؟ قال : قلت : نعم ، قال : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث )(2) .

القسم الثالث : مكروهات المكان :
1 ـ جلاداً : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( لا تجامع أمرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضى بينكما ولد يكون جلاداً قتالاً أو عريفاً ) (3) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 212 / عواقب الأمور : 403 .
(2) علل الشرائع : 82 والطمث : الحيض .
(3) الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 149 ، ح 1 / ومثله في مكارم الأخلاق : 210 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 20 ـ

2 ـ منافقاً : وفي وصيته أيضاً : ( لا تجامع أمرأتك على سقوف البنيان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقاً مرائياً مبتدعاً ) (1) .
3 ـ فقيراً بائساً : وفي وصيته : ( لا تجامع أمرأتك في وجه الشمس وتلألئها الاّ أن ترخى ستراً فيستركما فإنه إن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت ) (2) .

مستحبّات الجماع :
1 ـ حافظاً لكتاب الله : في وصية النبي لعلي ( عليه السلام ) : ( عليك بالجماع ليلة الاثنين فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله راضياً بما قسم الله ( عزّ وجلّ ) (3)
2 ـ يرزق الشهادة : وفي وصيته : إن جامعت أهلك ليلة الثلاثاء فقضى بينكما ولد ، فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة لا اله إلاّ الله ، وان محمداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولا يعذبه الله مع المشركين ، ويكون طيب النكه والفم ، رحيم القلب ، سخي اليد ، طاهر اللسان من الكذب والغيبة والبهتان ) (4) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 211 / الوسائل : ج 20 ، ص 253 ، ب 150 ، ح 1 .
(2) الوسائل : ج 20 ، ص 251 ، ب 149 ، ح 1 / ومثله في مكارم الأخلاق : 210 .
(3) مكارم الأخلاق : 211 / الوسائل : ج 20 ، ص 254 ، ب 151 ، ح 1 .
(4) مكارم الأخلاق : 211 / الوسائل : ج 20 ، ص 254 ، ب 151 ، ح 1 .