على انغام طبل (المسحراتي ـ ابو طبيلة) يجتمع الاطفال على شكل فرق تتجول من شارع لآخر لجمع الحلويات المتنوعة من البيوت تباركا بمناسبة القرقيعان او الكر كيعان باللهجة البصرية التي تمتد جذورها الى زمن ولادة سبط الرسول الاعظم الامام الحسن عليه السلام وحتى يومنا هذا منشدين كركيعان و كركيعان كل سنة وكل عام ، تنطونه لونطيكم ربي العالي يخليكم ، و بهذه الترنيمة يحي أطفال البصرة يومهم يوم القرقيعان (الكركيعان) الذي يصادف يومي الرابع عشر على الخامس عشر من رمضان ، فبعد انتهاء العشر الأوائل من الشهر الفضيل تستعد العوائل العراقية في السابق وخاصة الأطفال منهم ليوم الماجينة في بغداد والقرقيعان في البصرة الذي يصادف منتصف رمضان ، وتجري العادة بالاستعداد له مثل شهر رمضان والعيد ، حيث يعد هذا اليوم بمثابة يوم العيد الأول للأطفال قبل حلول عيد الفطر.
الكركيعان بعد الحصار ومشاركة العوائل المسيحية والصابئة
اقتصر القرقيعان ـ الماجينة ـ في وقتنا الحاضر في العراق على الصياح والضرب على علبة الصفيح (التنكة) واختفت أكياس القماش وحلت مكانها اكياس النايلون (العلاكة) وغالبا ما تكون المواد عبارة عن (شامية او جبس) وينحصر في بعض المناطق في محافظة البصرة مثل اقضية الزبير والفاو وأبي الخصيب والبصرة القديمة ونادرا ما نشاهده في بقية إنحاء البصرة ، فيما احيت مدينة السيف في البصرة القديمة مهرجان القرقيعان بالتنسيق مع مركز أطفال البصرة وتأتي هذه الرعاية من اجل إحياء التراث والفلكلور البصري حيث تم خياطة اكياس القرقيعان على شكلها التراثي والمطرز ومنقوش عليه أسماء الأطفال الذين أنشدوا كلمات القرقيعان باللهجة البصرية والمتعارف عليها كما وزع القريقعان بـ (الطبق) وقالت ام محسن : اليوم انا لدي ابناء واحفاد واقوم بتوزيع الكركيعان وسابقا كنت صغيرة اخرج مع بنات الجيران لاخذ الكركيعان وهذه تراثيات اجتماعية لابد من الحفاظ عليها لانها نسيج لا يتجزأ من المجتمع البصري ومن المؤسف أن تندثر وتذهب هذه المضامين الاجتماعية ، كما شاركت العوائل المسيحية والصابئية بهذه المناسبة التي قالوا عنها : أنها فرحة لجميع الأطفال بغض النظر عن ديانتهم لأننا كنا نخرج عندما كنا أطفالاً ونطوف أحياء البصرة دون تمييز بين طائفة وأخرى ونذهب الى مسافات بعيدة وخاصة الى مدينة البصرة القديمة التي يطلق عليها الآن حيث كانت تضم اكبر العوائل البصرية مثل بيت المنديل والمنصور والباشا والجلبي والمناصير ... وبعد عودتنا الى بيوتنا نقوم بتقاسم القرقيعان.
كما يشير (المسحراتي) ابو عبدالله الذي يواظب على الخروج مع الاطفال في القرقيعان : خروجي من اجل اعطاء نكهة اضافية لهذا اليوم والمناسبة الجميلة فمع الضرب على الطبل يردد الاطفال انشودتهم الخاصة بالكركيعان وجميع الاطفال هم من ابناء المحلة ، كما يضيف الفنان حميد العراقي : منذ طفولتنا ونحن نستمتع بهذا اليوم الذي لم نميز فيه المسلم من باقي الديانات لاننا كلنا نخرج معا بدون مسميات طائفية وعنصرية نفرح ونمرح ونضحك معا واليوم اخذت المناسبة بالانقراض ان لم تخرج عن طابعها الفلكلوري والتراثي الاصيل ، اما الأطفال فيرفض معظمهم الخروج لاستلام الحلويات واغلبهم لا يعرفون المناسبة وتقاليدها التراثية.
تعدد الأسماء بين الدول العربية والمناسبة واحدة
يسمى القرقيعان كذلك أيضا في الكويت والسعودية ، أما في البحرين وقطر يسمى بـ (ليلة القرنقعوه) إما في الإمارات (حق الليله ، حق الله) وفي سلطنة عمان (القرنقشوه) وجميع الدول الخليجية تستعد له مثلما تستعد لشهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى وتعتبره ضمن التراث والفلكلور الشعبي لبلدانهم ويقضون أجمل الأمسيات بين الأهل والأقارب والأصدقاء فيما انعدمت هذه التقاليد في العراق و شبه متوقفة في البصرة وقد تم ممارستها في أماكن قليلة بشكل عشوائي ليس له صلة بالماضي أو معرفة بهذه التقاليد والطقوس خاصة بعد هجرة عدد كبير من أهالي البصرة الأصليين منها.
اصل تسمية القرقيعان
القرقيعان مشتق من كلمة ـ قرع قرقعة ـ وهو الصوت الناتج من تصادم الأشياء بعضها بالبعض الآخر هناك أيضاً من يقول (قرة العين) وهو ما فيه سرور الإنسان وفرحه ومنه قوله تعالى (ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين) كما يعود القرقيعان الى ولادة سبط الرسول (ص) الحسن بن علي (ع) الذي ولد في منتصف رمضان من السنة الثانية او الثالثة للهجرة ، وما أن بشر الرسول بولادته حتى أسرع الى بيت فاطمة (ع) فرحا مسرورا وقام بتقبيله وأذَن في اذنيه ، حتى نزل عليه جبريل (ع) ليهنئ الرسول (ص) وقال له انه مولود حسن ، ثم توافد الناس على بيت الرسول (ص) ليزفوا إليه التهاني ويباركوا له ، وأصبح هذا اليوم من منتصف شهر رمضان عادة جارية للمسلمين ، وقد اعتبرت بعض المراجع الدينية في الوطن العربي ان هذا اليوم او المناسبة (بدعة) إي ضلالة فيما نفت بقية المراجع هذه الفتوة واعتبرتها يوماً عادياً ليست له علاقة بالدين بل هي مناسبة وتقليد سنوي فيه بهجة للأطفال.