يقولون : إن العقل يدرك أن الله تعالى شرع أحكام الافعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها ، فهو طريق عندهم إلى العلم بالحكم
(1) الشرعي ، والحكم الشرعي تابع لهما ، لا عينهما ، فما كان حسنا جوزه الشرع ، وما كان قبيحا منعه ، فصار عند المعتزلة حكمان : أحدهما عقلي ، والآخر شرعي تابع له ، فبان أنهم لا يقولون : إنه ـ يعني
(2) العقاب والثواب ـ ليس بشرعي أصلا ، خلافا لما توهمه
(3) عبارة المصنف ، وغيره .
والثاني : ما اقتصر عليه المصنف من حكاية قولين
(4) ، هو المشهور ، وتوسط قوم ، فقالوا : قبحها ثابت بالعقل ، والعقاب يتوقف على الشرع ، وهو الذي ذكره أسعد بن علي الزنجاني من أصحابنا ، وأبوالخطاب من الحنابلة ، وذكره الحنفية ، وحكوه عن أبي حنيفة نصا ، وهو المنصور ، لقوته من حيث الفطرة ، وآيات القرآن المجيد ، وسلامته من الوهن والتناقض ، فههنا أمران :
الاول إدراك العقل حسن الاشياء وقبحها ، الثاني ، أن ذلك كاف في الثواب والعقاب ، وإن لم يرد شرع ، ولا تلازم
(5) بين الامرين ، بدليل ، ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ) أي : بقبيح فعلهم
(6) ( وأهلها غافلون )
(7) أي : لم تأتهم الرسل والشرائع ، ومثله : ( ولو لا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم ) أي : من القبائح ( فيقولوا ربنا
(1) كذا في المصدر المنقول عنه النص ، وفي النسخ كما يلي : فهما عدهم مؤديان إلى العلم بالحكم ( بالاحكام خ ل ) .
(2) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بمعنى .
(3) كذا في المصدر ، وزاد في النسخ في هذا الموضع كلمة : ظاهر .
(4) كذا في المصدر ، وفي النسخ : قولهم .
(5) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولا ملازمة .
(6) كذا في المصدر ، وفي النسخ : أي بقبح فعلهم ( افعالهم خ ل ) .
(7) الانعام / 131 .
الوافية في اصول الفقه ـ 177 ـ
لولا أرسلت إلينا رسولا ... )
(1) ) انتهى كلام الزركشي
(2) .
وليس الغرض من نقل هذا الكلام الاحتجاج به ، بل التنبيه
(3) على أن الملازمة المذكورة مما قد تكلم عليه جماعة من أهل البحث والنظر .
واعلم أن المحقق الطوسي ، ذكر في بعض تصانيفه : ( أن القبيح العقلي ما ينفر الحكيم عنه ، وينسب فاعله إلى السفه )
(4) .
وقال بعض المتأخرين من أصحابنا
(5) : ( لا يقال قوله عليه السلام ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ) يبطل الحسن والقبح الذاتين .
لانا نقول : ههنا مسألتان : الأولى الحسن والقبح الذاتيان ، والاخرى الوجوب والحرمة الذاتيان ، والذي يلزم من ذلك بطلان الثانية لا الأولى ، وبينهما بون بعيد ، ألا ترى أن كثيرا من القبائح العقلية ليس بحرام في الشريعة ، ونقيضه
(6) ليس بواجب ) إنتهى كلامه .
وفي آخر كلامه نظر ظاهر .
وقال السيد أيضا في الذريعة ـ في إثبات إباحة ما لم يرد به شرع ، بعد ادعاء انتفاء المضرة العاجلة ـ : ( وأما المضرة الآجلة : فهي العقاب ، وإنما يعلم انتفاء ذلك ، لفقد السمع الذي يجب أن يرد به لو كان ثابتا ، لان الله تعالى لا بد أن يعلمنا ما علينا من المضار الآجلة التي هي العقاب ، الذي يقتضيه قبح الفعل
(7) ، وإذا فقدنا هذا الاعلام ، قطعنا على انتفاء المضرة الآجلة أيضا )
(8) .
(1) القصص / 47 .
(2) تشنيف المسامع : 1 / 133 / 139 .
(3) في ط : للتنبيه .
(4) حكاه عنه في : الفوائد المدنية : 161 .
(5) وهو المحدّث الأمين الاسترآبادي : الفوائد المدنية : 161 .
(6) في أ وط : فنقيضه .
(7) كذا في المصدر المنقول عنه النص ، وفي النسخ : العقل .
(8) الذريعة : 2 / 811 / 812 .
الوافية في اصول الفقه ـ 178 ـ
انتهى .
القسم الثاني : استصحاب حال العقل ، أي : الحال السابقة ، وهي عدم شغل الذمة عند عدم دليل أو أمارة عليه ، والتمسك به أن
(1) يقال : إن الذمة لم تكن مشغولة بهذا الحكم في الزمن السابق ، أو الحالة الأولى ، فلا تكون مشغولة في الزمن اللاحق أو الحالة الاخرى ، وهذا إنما يصح إذا لم يتجدد ما يوجب شغل الذمة في الزمن
(2) الثاني .
ووجه حجيته حينئذ ظاهر ، إذ التكليف بالشيء مع عدم الاعلام به ، تكليف الغافل ، وتكليف بما لا يطاق .
ويدل عليه
(3) الأخبار أيضا ، كما سيجيء مع ما فيه .
القسم الثالث : أصالة النفي ، وهو البراءة الاصلية .
قال المحقق الحلّي رحمه الله : ( أعلم أن الاصل خلو الذمة عن الشواغل الشرعية ، فإذا ادعى مدع حكما شرعيا ، جاز لخصمه أن يتمسك في انتفائه بالبراءة الاصلية ، فيقول : لو كان ذلك الحكم ثابتا لكان عليه دلالة شرعية ، لكن ليس كذلك فيجب نفيه .
ولا يتم هذا الدليل إلا ببيان مقدمتين :
الاولى : أنه لا دلالة عليه
(4) شرعا ، بأن يضبط طرق الاستدلالات الشرعية ويبين عدم دلالتها عليه .
والثانية : أن يبين أنه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه إحدى تلك
(1) كذا في أ ، وفي سائر النسخ : بأن .
(2) في أ وب : الزمان .
(3) في أ وب وط : عليها .
(4) في ط : لا دليل .
الوافية في اصول الفقه ـ 179 ـ
الدلائل ، لانه لو لم يكن عليه دلالة ، لزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لا يطاق ، ولو كان عليه دلالة غير تلك الادلة ، لما كانت أدلة الشرع منحصرة فيها ، لكن بينا انحصار الاحكام في تلك الطرق ، وعند هذا يتم كون ذلك دليلا على نفي الحكم ) انتهى كلامه في كتابه الاصول
(1) .
ولا يخفى أن بيان هاتين المقدمتين مما لا سبيل إليه إلا فيما تعم به البلوى .
أما الاول : ـ وهو عدم السبيل إلى البيان فيما لا تعم به البلوى ـ فلان جل أحكامنا ـ معاشر
(2) الشيعة ـ بل كلها ، متلقاة من الائمة الطاهرة ، صلوات الله عليهم اجمعين ، وظاهر أنهم عليهم السلام لم يتمكنوا من إظهار جميع الاحكام ، وما أظهروه لم يتمكنوا من إظهاره على ما هو عليه في نفس الامر ، للتقية ـ على أنفسهم وعلى شيعتهم ـ من الحكام الظلمة والحسدة الكفرة
(3) .
نعم ، هذا .
إنما
(4) يتم عند المخالفين ، القائلين : بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أظهر كل ما جاء به عند أصحابه ، وتوفرت الدواعي على أخذه ونشره ، ولم تقع بعده فتنة أوجبت إخفاء بعضه ، ويجوز خلو بعض الوقائع عن الحكم الشرعي ، فحينئذ : إذا تتبع الفقيه ولم يجد دليلا على واقعة ، علم
(5) انتفاء الحكم الشرعي فيها في نفس الامر .
وهذا عندنا باطل ، لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أودع كل ما جاء به عند عترته الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين مما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة ،
(1) المسمى ب : معارج الاصول ، راجع ص 212 / 213 منه .
(2) في أ وب وط : معشر .
(3) في ط : والكفرة .
(4) كلمة ( انما ) : اضافة من أ وط .
(5) في ط : جزم على انتفاء إلى آخره .
الوافية في اصول الفقه ـ 180 ـ
ولم تخل واقعة عن حكم حتى أرش الخدش ، كما نطقت به النصوص ، وأمر الناس بسؤالهم والرد اليهم ، فعلى هذا : فكيف يعلم من انتفاء الدليل انتفاء الحكم في نفس الامر ؟ !
(1) .
نعم ، يعلم عدم تكليف المكلف ، إذا لم يجد الدليل بعد التتبع ، بما في نفس الامر ، لانه تكليف بما لا يطاق ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة : روى ابن بابويه في ( من لا يحضره الفقيه ) في بحث جواز القنوت بالفارسية ، عن الصادق عليه السلام ، قال : ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي )
(2) .
وفي باب الاستطاعة من كتاب التوحيد ، في الصحيح : ( عن حريز بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : رفع عن امتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ، ما لم ينطقوا بشفة )
(3) .
وهذا الحديث مذكور في أوائل ( من لا يحضره الفقيه ) أيضا
(4) .
ولا يخفى أن ما نحن فيه من قبيل : ( ما لا يعلمون ) .
وذكر في باب التعريف والحجة والبيان : ( حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي الحسن زكريا بن يحيى ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم )
(5) .
(1) زاد في ب في هذا الموضع : لانه تكليف بما لا يطاق .
(2) الفقيه : 1 / 317 ح 937 .
(3) التوحيد : 353 ح 24 .
(4) الفقيه : 1 / 59 ح 132 ، باختلاف يسير .
(5) التوحيد : 413 ح 9 .
الوافية في اصول الفقه ـ 181 ـ
وهذه الرواية في الكافي ، في باب حجج الله على خلقه
(1) .
وروى ابن بابويه أيضا ، بسنده : ( عن حفص بن غياث القاضي ، قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : من عمل بما علم كفي ما لم يعلم )
(2) .
وفي النوادر من المعيشة من الكافي ، بسنده : ( عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : كل شيء يكون فيه حلال وحرام فهو حلال لك أبدا حتى أن تعرف الحرام منه بعينه فتدعه )
(3) .
وبمعناه رواية اخرى عنه أيضا عليه السلام
(4) .
ونقل عن كتاب المحاسن للبرقي : أنه روى عن ( أبيه [ عن النضر بن سويد ]
(5) ، عن درست ابن أبي منصور ، عن محمد بن حكيم ، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها ـ ووضع يده علي فيه
(6) ـ فقلت : ولم ذاك
(7) ؟
قال : لان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الناس بما اكتفوا به على عهده ، وما يحتاجون إليه [ من بعده ]
(8) إليه إلى يوم القيامة )
(9) .
وقد يتوهم منافاة هذه الرواية للروايات السابقة ، والحق عدمها ، لانها
(1) الكافي : 1 / 164 كتاب التوحيد / باب حجج الله على خلقه / ح 3 لكن باستبدال ( أحمد بن محمد بن يحيى العطار ) ب ( محمد بن يحيى ) ، وباسقاط كلمة ( علمه ) من المتن .
(2) التوحيد : 416 ح 17 .
(3) الكافي : 5 / 313 ح 39 .
(4) وهي رواية مسعدة بن صدقة : نفس المصدر / ح 40 .
(5) ما بين المعقوفين زيادة من المصدر .
(6) في المصدر : فمه .
(7) في ط : ذلك .
(8) ما بين المعقوفين اضافة من المصدر .
(9) المحاسن للبرقي : 213 ح 91 / الباب 7 باب المقائيس والرأي من كتاب مصابيح الظلم من المحاسن ، وروى مثله الكليني باسناد آخر : الكافي : 1 / 57 كتاب فضل العلم / باب البدع والرأي والمقائيس / ح 13 .
الوافية في اصول الفقه ـ 182 ـ
محمولة على تعيين الحكم الواقعي ، أو على
(1) عدم الافتاء ، وإن جاز العمل لنفسه ، فتأمل .
وفي كتاب التوحيد لرئيس المحدثين ابن بابويه : ( حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبدالاعلى بن أعين ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عمن لم يعرف شيئا ، هل عليه شئ ؟ قال : لا )
(2) .
وأما الثاني : وهو السبيل إلى بيان المقدمتين المذكورتين ، وإمكانه فيما تعم به البلوى ، كنجاسة أرض
(3) الحمام ، ونجاسة الغسالة ، ووجوب قصد السورة المعينة عند البسملة ، ووجوب نية الخروج ، ونحو ذلك : فالحق :
إمكان بيان المقدمتين المذكورتين
(4) ، فإن
(5) المحدّث الماهر ، إذا تتبع الأحاديث المروية عنهم عليهم السلام في مسألة ـ لو كان فيها حكم مخالف للاصل لاشتهر ، لعموم البلوي بها ـ ولم يظفر
(6) بحديث يدل على ذلك الحكم ، يحصل له الظن الغالب بعدمه
(7) ، لان جما غفيرا من العلماء ـ أربعة آلآف منهم تلامذة الامام الصادق عليه السلام ، كما نقله في المعتبر
(8) ـ كانوا ملازمين لائمتنا في مدة تزيد على ثلاثماءة سنة ، وكان همهم وهم الائمة عليهم السلام إظهار الدين
(1) في ط : وعلى .
(2) التوحيد : 412 الباب 64 / ح 8 ، ورواه الكليني باسناد آخر : الكافي 1 / 164 كتاب التوحيد / باب حجج الله على خلقه / ح 2 ، لكن فيه ( من ) بدل ( عمن ).
(3) في ط : ماء .
(4) قوله : ( فالحق امكان بيان المقدمتين المذكورتين ) : ساقط من الاصل وب ، وقد اثبتناه من نسختي أ وط .
(5) في الاصل : فلان ، وما اثبتناه مطابق لسائر النسخ .
(6) في أ : ولم يظهر .
(7) في ط : به ، وفي هامشها : بعدمه خ ل .
(8) المعتبر : 1 / 26 .
الوافية في اصول الفقه ـ 183 ـ
عندهم ، وتأليفهم كل ما يسمعونه منهم .
والفرق بين هذا القسم والقسم الثاني : أن بناء الاستدلال في القسم الثاني على انتفاء الحكم في الزمان السابق وإجرائه
(1) في اللاحق بالاستصحاب ، فيرد عليه ما يرد على حجية الاستصحاب في نفس الحكم الشرعي ، ولهذا اعترضت الشافعية على الحنفية بأن قولكم بالاستصحاب في نفي الحكم الشرعي دون نفسه تحكم
(2) .
وبناؤه في هذا القسم على انتفاء الدليل على ثبوت الحكم في الحال ، سواء وجد في السابق أو لا .
نعم ، لما اعتبر في القسم الثاني عدم العلم بتجدد ما يوجب ثبوت الحكم في الزمان اللاحق بعد الفحص المعتبر في الحكم ببراءة الذمة ، كان كل موضع يصح فيه الاستدلال بالقسم الثاني ، يصح بهذا القسم أيضا ، فلذا لم يفرق جماعة بينهما ، وعدوهما واحدا .
واعلم أن الشهيد الثاني رحمه الله ذكر في تمهيد القواعد
(3) : أن الاصل يطلق على معان : الاول : الدليل ، ومنه قولهم : ( الاصل في هذه المسألة الكتاب والسنة ) .
الثاني : الراجح ، ومنه قولهم : ( الاصل في الكلام الحقيقة ) .
الثالث : الاستصحاب ، ومنه قولهم : ( إذا تعارض الاصل والظاهر ،
(1) في النسخ : واجراؤه ( بالضم )، والصواب ما اثبتناه ، وهو مطابق لما جاء في حكاية المحدّث البحراني لهذه العبارة : الدرر النجفية / درة في الاستصحاب / ص 35 .
(2) تجد رأي الاحناف هذا في : المحصول : 2 / 549 ، شرح البدخشي : 3 / 176 ، وانظر الاعتراض على هذا التفصيل في : المستصفى : 1 / 217 وما بعدها ، شرح العضد : 2 / 453 ، الاحكام : 4 / 367 .
(3) هذا ليس عبارته بل ظاهر كلامه : ( منه رحمه الله ) .
الوافية في اصول الفقه ـ 184 ـ
فالاصل مقدم إلا في مواضع )
(1) كما ذكره الشهيد الاول رحمه الله في قواعده (2) .
الرابع : القاعدة ، ومنه قولهم : ( لنا أصل ) ، ومنه قولهم : ( الاصل في البيع اللزوم ) ، و : ( الاصل في تصرفات المسلم الصحة ) أي : القاعدة التي وضع عليها البيع بالذات ، وحكم المسلم بالذات : اللزوم في بيعه ، والصحة في تصرفاته ، لان وضع البيع شرعا لنقل مال كل من المتابعين إلى الآخر
(3) .
والمراد بالراجح : ما يترجح إذا خلي الشيء ونفسه ، مثلا : إذا خلي الكلام ونفسه ، يحمله
(4) المخاطب على المعنى الحقيقي ، لانه راجح حينئذ .
والمراد من الاصل في قولهم : ( الاصل براءة الذمة ) ـ هذا المعنى .
وأما قولهم : ( الاصل في كل ممكن عدمه ) فيمكن حاله على الحالة الراجحة ، حتى يكون من القسم الثالث ، ويمكن حمله على الحالة السابقة ، حتى يكون من القسم الثاني .
إذا عرفت هذا ، فالاصل بالمعنى الاول لا شك في حجيته .
وكذا بالمعنى الثاني ، إذا كان في براءة الذمة ، مع عدم المخرج عنه ، أو كان الرجحان من نص شرعي .
وبالمعنى الثالث سيجيء الكلام فيه .
وأما بالمعنى الرابع ـ أي : القاعدة ـ فإن كانت تلك القاعدة مستفادة من نص شرعي ، أو جماع كذلك ، فظاهر أنه حجة ، وإلا فلا .
فقولهم : ( الاصل في الاشياء الطهارة ) أصل مستفاد من الشرع ، لان ( الطاهر هو : ما أبيح ملابسته في الصلاة اختيارا والنجاسة : ما حرم استعماله في
(1) كنجاسة ارض الحمام : ( منه رحمه الله ) .
(2) انظر : القواعد والفوائد : 1 / 137 / 141 / الفائدة الثانية والثالثة من فوائد القاعدة الثالثة : ( قاعدة اليقين ) .
(3) تمهيد القواعد : 2 / في قوله ( قاعدة : الاصل لغة ما يبنى عليه الشيء ... إلى آخره ) .
(4) كذا في أ وب وط ، وفي الاصل : يحمل .
الوافية في اصول الفقه ـ 185 ـ
الصلاة ، والاغذية ، للاستقذار ، أو للتوصل إلى الفرار )
(1) ، والتعريفات من الشهيد الاول في قواعده
(2) .
فالشارع لما أمر بالصلاة مستقبلا ، طاهرا ، ساترا للعورة
(3) ، تحصل هذه الماهية بأي فرد كان ، والبدن متلطخا بأي شيء كان ، وكذا الثوب متلطخا بأي شيء كان ، فاذا خرج
(4) بعض الاشياء ، وهو النجاسات ، بقي الباقي على عدم مانعيته من الصلاة وتتحقق
(5) الصلاة معه ، وهو معنى الطهارة ، فتكون طهارة الاشياء مستفادة من الامر بالصلاة مع الساتر ، ساكتا عما عدى النجاسات ، إذا كانت في البدن أو الثوب .
وكذا قولهم : ( الاصل في الاشياء الحل ) لقوله تعالى : ( خلق لكم ما في الارض جميعا )
(6) فإن ( ما ) ظاهرة في العموم ، وكذا يفهم عموم أنواع الانتفاع أيضا ، فإنه لو كان المراد إباحة انتفاع خاص معين غير معلوم المكلفين ، لم يكن هناك امتنان ، إذ العقل يحكم بوجوب اجتناب ما تساوى فيه احتمال النفع والمضرة .
وأيضا : يدل عليه قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله )
(7) وقوله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا
(1) دخل به الخمر والعصير ، فانهما غير مستقذرين ، ولكن الحكم بنجاستهما يزيدهما إبعادا من النفس لانها مطلوبة بالفرار عنهما ، وبالنجاسة يزداد الفرار : ( منه رحمه الله ) أقول : هذا من كلام الشهيد أيضا في أ وط : أو التوصل ... إلى آخره .
(2) القواعد والفوائد : 2 / 85 قاعدة : 175 .
(3) في ط : العورة .
(4) في أ وب وط : اخرج .
(5) كذا في أ وب وط ، وفي الاصل : تحقق .
(6) البقرة / 29 .
(7) البقرة / 173 .
الوافية في اصول الفقه ـ 186 ـ
الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ) الآية
(1) ، وقوله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا )
(2) ، وقوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير )
(3) ، بل في هذه الآية إشعار بأن إباحة الاشياء مركوزة في العقول قبل الشرع ، لانها في صورة الاستدلال على الحل بعدم وجدان التحريم إلا للاشياء الخاصة ، فتأمل .
وكذا قولهم : ( الاصل في الافعال
(4) الاباحة ) لما مر من قوله عليه السلام : ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ) ، وما بعده من الأخبار الكثيرة ، المذكورة في هذا القسم .
واعلم أيضا : أن ههنا قسما من الاصل ، كثيرا ما يستعمله الفقهاء ، وهو أصالة عدم الشيء ، وأصالة عدم تقدم الحادث ، بل هما قسمان .
والتحقيق : أن الاستدلال بالاصل ـ بمعنى النفي والعدم ـ إنما يصح على نفي الحكم الشرعي ، بمعنى : عدم ثبوت التكليف ، لا على إثبات الحكم الشرعي ، ولهذا لم يذكره الاصوليون في الادلة الشرعية ، وهذا يشترك فيه جميع أقسام الاصل المذكورة .
مثلا : إذا كانت أصالة براءة الذمة مستلزمة لشغل الذمة من جهة اخرى ، فحينئذ لا يصح الاستدلال بها ، كما إذا علم نجاسة
(5) أحد الاناءين مثلا بعينه ، واشتبه بالآخر ، فإن الاستدلال بأصالة عدم وجوب الاجتناب من
(1) المائدة / 93 .
(2) البقرة / 168 .
(3) الانعام / 145 .
(4) في ط : الاشياء .
(5) في ب : بنجاسة .
الوافية في اصول الفقه ـ187 ـ
أحدهما
(1) بعينه لو صح ، يستلزم وجوب الاجتناب من الآخر .
وكذا في الثوبين المشتبه طاهرهما ، بنجسهما ، والزوجة المشتبهة بالاجنبية ، والحلال المشتبه بالحرام المحصور ، ونحو ذلك .
وكذا أصالة العدم ، كأن يقال : الاصل عدم نجاسة هذا الماء ، وهذا الثوب ، فلا يجب الاجتناب عنه ، لا إذا كان شاغلا للذمة ، كأن يقال في الماء الملاقي للنجاسة المشكوك في كريته : الاصل عدم بلوغه كرا فيجب الاجتناب عنه .
وكذا في أصالة عدم تقدم الحادث ، فيصح أن يقال في الماء الذي وجد فيه نجاسة بعد الاسستعمال ، ولم يعلم هل وقعت النجاسة قبل الاستعمال ؟ أو بعده ؟ ـ : الاصل عدم تقدم النجاسة ، فلا يجب غسل ما لاقى ذلك الماء قبل رؤية النجاسة ، ولا يصح إذا كان شاغلا للذمة ، كما إذا استعملنا ماءا ، ثم ظهر أن ذلك
(2) الماء كان قبل ذلك الوقت
(3) نجسا ، ثم طهر بإلقاء كر عليه دفعة ولم يعلم أن الاستعمال هل كان قبل التطهير ؟ أو بعده ؟ فلا يصح أن يقال : الاصل عدم تقدم تطهيره ، فيجب
(4) إعادة غسل ما لاقى ذلك الماء في ذلك الاستعمال ، لانه إثبات حكم بلا دليل ، فإن حجية الاصل في النفي باعتبار قبح تكليف الغافل ، ووجوب إعلام المكلف بالتكليف ، فلذا يحكم ببراءة الذمة عند عدم الدليل ، فلو ثبت حكم شرعي بالاصل ، يلزم إثبات حكم من غير دليل ، وهو باطل إجماعا .
فإن قلت : لم لا يكون اللازم
(5) فيما لم يدل عليه دليل التوقف ؟ ! .
(1) في ط : في أحديهما .
(2) في أ وط : لان ذلك .
(3) كذا في ب ، وفي سائر النسخ : في وقت .
(4) زاد في أ في هذا المواضع كلمة : عليه .
(5) في أ : الامر .
الوافية في اصول الفقه ـ 188 ـ
لما روى الشيخ السعيد ، قطب الدين الراوندي : ( عن ابن بابويه ، قال : اخبرنا أبي ، قال : أخبرنا سعد
(1) بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، إن على كل حق حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه )
(2) .
وفي الكافي ، في باب اختلاف الحديث ، في الموثق : ( عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر ، كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع ؟ قال : يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه ) .
وفي رواية اخرى : ( بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك )
(3) .
وفي آخر حديث عمر بن حنظلة ، عن الصادق عليه السلام : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ) .
وفي آخره أيضا ، بعد بيان وجوه الترجيح في الخبرين المختلفين ، قال : ( إذا كان كذلك فأرجئه حتى تلقى إمامك ، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات )
(4) .
(1) في أ وط : سعيد .
(2) نقل الحرّ العاملي أيضا هذا الحديث عن الراوندي من رسالة له ، قال عنها أنه ( ألفها في احوال احاديث اصحابنا واثبات صحتها ) انظر هذا الحديث في الوسائل : 18 / 86 كتاب القضاء / باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة / ح 35 ولم نوفق للعثور على نسخة من هذه الرسالة .
(3) الكافي 1 / 66 كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح 7 .
(4) الكافي : 1 / 68 كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث ح 10 ، لكن فيه : ذلك بدل : كذلك ، كما أن فيه ( فأرجه ) ، لكنا ضبطناها كما جاءت في نسخة الوسائل : 18 / 76 .
الوافية في اصول الفقه ـ 189 ـ
وفي باب النهي عن القول بغير علم ، بسنده : ( عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : أنهاك عن خصلتين ، فيهما هلاك الرجال : أنهاك أن تدين الله بالباطل ، وتفتي الناس بما لا تعلم )
(1) .
وفي الصحيح : ( عن عبدالرحمن بن الحجاج ، قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام : إياك وخصلتين ، ففيهما هلك من هلك : إياك أن تفتي الناس برأيك ، أو تدين بما لا تعلم )
(2) .
وبمضمونهما روايات اخر ، مذكورة في هذا الباب والذي بعده .
أو يكون الحكم حينئذ العمل بالاحتياط ؟! لما رواه الشيخ في التهذيب عن ( علي بن السندي ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ، عن رجلين أصابا صيدا ، وهما محرمان ، الجزاء بينهما ؟ أم على كل واحد منهما جزاء ؟ فقال : لا ، بل عليهما جميعا ، ويجزي عن كل واحد منهما الصيد ، فقلت ، إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه ؟ فقال : إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا ) (3) .
والامر بالاحتياط يدل على عدم جواز العمل بالبراءة الاصلية ، وإلا لقال : فعليكم
(4) بالبراءة الاصلية .
وروى أيضا ، في بحث المواقيت ( عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن سليمان بن داود ، عن عبدالله بن وضاح ، قال : كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام : يتوارى القرص ، ويقبل الليل ، ثم يزيد الليل ارتفاعا ، وتستتر عنا
(1) الكافي : 1 / 42 كتاب فضل العلم / باب النهي عن القول بغير علم / ح 1 .
كذا الحديث في الكافي ، وفي النسخ : هلك بدل : هلاك .
(2) الكافي : 1 / 42 ح 2 من الباب المذكور .
(3) التهذيب : 5 / 466 ح 1631 .
(4) كذا في أ وب وط ، وفي الاصل : عليكم .
الوافية في اصول الفقه ـ 190 ـ
الشمس ، وترتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذن عندنا المؤذنون فاصلي حينئذ ؟ وأفطر إن كنت صائما ؟ أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل ؟ فكتب إلي : أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك )
(1) ،
ولا يخفى أنه صريح في طلب الاحتياط .
ونقل عن محمد بن جمهور الاحسائي ، في كتاب غوالي اللآلي ، أنه قال : ( روى العلامة مرفوعا إلى زرارة بن أعين ، قال : سألت الباقر عليه السلام ، فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيهما آخذ ؟ فقال : عليه السلام : يا زرارة ، خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذ النادر ، إلى أن قال : إذن ، فخذ بما فيه الحائطة
(2) لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط ) الحديث
(3) .
قلت : الجواب : أما عن أدلة التوقف : فأولا : بمنع
(4) أن ما لم يدل عليه دليل ، ولم يرد ، ولم يبلغنا فيه ، نص شرعي ـ داخل في الشبهة : إذ أدلة التوقف واردة فيها ورد فيه من الشرع نصان متعارضان ، فإلحاق غير المنصوص به قياس ، باطل عند العاملين بالقياس أيضا ، لانتفاء الجامع بين الاصل والفرع .
وثانيا : بأن قولهم عليهم السلام : ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ) ، و : ( ما حجب الله علمه عن العباد موضوع عنهم ) ، وغير ذلك من الأخبار التي مر بعضها ـ أخرج ما لا نص فيه عن حكم الشبهة
(5) على تقدير تسليم شمول أحاديث التوقف له ، وكونه شبهة .
(1) التهذيب : 2 / 259 ح 1031 ، الاستبصار : 1 / 264 ح 952 .
(2) كذا في المصدر ، وفي النسخ : الحائط .
(3) غوالي اللآلي : 4 / 133 ح 229 .
(4) كذا في أ وب وط ، وفي الاصل : منع .
(5) وهو وجوب التوقف : ( منه رحمه الله ) .
الوافية في اصول الفقه ـ 191 ـ
وثالثا : بأن الأخبار الدالة على التوقف عند تعارض الامارتين ، معارضة بما دل على التخيير عند التعارض ، كما لا يخفى ، ففي تعيين وجوب التوقف في الشبهة المذكورة ، أيضا نظر ظاهر .
ورابعا : بأن المحرم : ما يجب اجتنابه ، وهذه الأخبار كالصريحة في أن
(1) الشبهة ليست من المحرمات ، فلا يكون اجتنابها واجبا ، بل لما كانت مما قد ينجر ويفضي إلى ارتكاب الحرام ، يكون اجتنابها مستحبا ، وارتكابها مكروها ، ولهذا وقع طلب ترك ارتكاب الشبهة في هذه الروايات بطريق النصيحة والموعظة ، لا بطريق صيغة النهي الظاهر في الالزام ، فتأمل ، وأما عن أدلة الاحتياط : فعن الرواية الأولى : أولا : بمنع أنه من قبيل ما نحن فيه ، لان بإصابة الصيد علم اشتغال ذمة كل من الرجلين ، فيجب العلم ببراءة الذمة ، ولا يحصل إلا بجزاء تام من كل واحد منهما ، فلا يجوز التمسك فيه بأصالة براءة الذمة .
والحاصل : أنه إذا قطع باشتغال الذمه بشيء ، ويكون لذلك الشيء فردان : بأحدهما تحصل البراءة قطعا ، وبالآخر يشك في حصول براءة الذمة ، فإنه حينئذ لا أعلم خلافا في وجوب الاتيان بما يحصل به يقين براءة الذمة ، لقولهم عليهم السلام : ( لا يرفع اليقين إلا يقين مثله )
(2) ، وغير ذلك ، ونحن نجوز التمسك بالاصل فيما لم يقطع باشتغال الذمة ، وهذا ظاهر .
وثانيا : بتسليم عدم جواز العمل بالاصل مع التمكن من الرد إلى الائمة عليهم السلام ، والسؤال منهم
(3) عليهم صلوات الله عليه وسلامه ، لان العمل بالاصل مع
(1) في ط : كالصريحة بأن .
(2) في ب وط : بيقين ، ولم نعثر على حديث بهذا اللفظ ، نعم وردت بهذا المضمون أحاديث متعددة سيأتي ذكرها في ص 203 / 207 ، والظاهر ان المصنف أراد بهذا مضمون تلك الاخبار .
(3) كذا الظاهر ، وفي النسخ : عنهم .
الوافية في اصول الفقه ـ 192 ـ
حضورهم والتمكن من سؤالهم ، بمنزلة العمل بالاصل في هذا الزمان من دون التفحص والتفتيش عن النص : هل هو متحقق ، أم لا ؟ وهو غير جائز بالاجماع .
وعن الرواية الثانية : أولا : بمثل الاول عن الأولى ، فإن اشتغال الذمة بالصلاة معلوم ، ولا يحصل يقين البراءة إلا بالتأخير حتى تذهب الحمرة .
وثانيا : بأن الظاهر من قوله عليه السلام : ( أرى لك إلى آخره ) الاستحباب ، لا الوجوب ، وحينئذ يكون دالا على حصول البراءة بالتقديم أيضا .
وعن الرواية الثالثة : ـ بعد الاغماض عن سندها ـ : فأولا : بأنه ليس من قبيل ما نحن فيه ، لانه منصوص ، ولكن ورد فيه نصان متعارضان
(1) ، فإلحاق غير المنصوص ، به ـ قياس ، كما مر .
وثانيا : بأنه معارض للاخبار
(2) الدالة على التخيير ، وجواز العمل بكل من الخبرين .
وثالثا : بأنه معارض للاخبار
(3) الدالة على التوقف ، لان التوقف عبارة عن : ترك الامر المحتمل للحرمة وحكم آخر من الاحكام الخمسة ، والاحتياط : عبارة عن ارتكاب الامر المحتمل للوجوب وحكم آخر ما عدا التحريم ، كما هو ظاهر موارد التوقف والاحتياط ، ومن توهم أن التوقف هو الاحتياط فقد سها وغفل .
ورابعا : باحتمال أن يكون المراد بالاخذ ب ( ما فيه الحائطة
(4) لدينك ) الاخذ بما وافق كتاب الله ، وترك ما خالف كتاب الله ، إذ ليس هذا الوجه من
(1) في ط : بأنه ليس مما نحن فيه ، لانها ورد فيما ورد فيه نصان متعارضان .
(2) و (3) في ط ، وب : بالاخبار .
(4) كذا في أ وب ، وفي الاصل وط : الحائط .
الوافية في اصول الفقه ـ 193 ـ
الترجيح مذكورا في هذه الرواية ، مع أنه مذكور في جميع الروايات الواردة في هذا الباب بدلا عن هذا الوجه المذكور في هذه الرواية .
وخامسا : بإمكان الحمل على الاستحباب .
ويشعر باستحباب الاحتياط في ترك ما يحتمل التحريم : صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج ، ( عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة ، أهي ممن لا تحل له أبدا ؟ فقال : لا ، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعدما تنقضي عدتها ، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك .
فقلت : بأي الجهالتين أعذر ؟ بجهالته أن يعلم أن ذلك محرم عليه ؟ أم بجهالته أنها في عدة ؟ فقال : إحدى الجهالتين أهوى من الاخرى ، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه ، وذلك لانه لا يقدر على الاحتياط معها .
فقلت : فهو في الاخرى معذور ؟ قال : نعم ، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها ) الحديث
(1) .
ولا يخفى أنه يظهر من الرواية قدرته على الاحتياط مع العلم بالتحريم في العدة والجهل بأنها في العدة ، ويظهر منها أنه معذور في ترك هذا الاحتياط ، ولفظ ( أهون ) فيه إشعار باستحباب الاحتياط مع العلم بالتحريم في العدة والجهل بالعدة
(2) .
واعلم : أن لجواز التمسك بأصالة براءة الذمة ، وبأصالة العدم ، وبأصالة عدم تقدم الحادث ـ شروطا :
أحدها : ما مر من عدم استلزامه لثبوت حكم شرعي من جهة اخرى .
وثانيها : أن لا يتضرر بسبب التمسك به مسلم ، أو من في حكمه .
مثلا : إذا فتح إنسان قفصا لطائر ، فطار ، أو حبس شاة ، فمات ولدها ،
(1) الكافي : 5 / 427 ح 3 ، الاستبصار : 3 / 186 ح 676 ، التهذيب : 7 / 306 ح 1274 لكن فيه : عن أبي عبدالله (ع) .
(2) في ط : والجهل بأنها لعدة .
الوافية في اصول الفقه ـ 194 ـ
أو أمسك رجلا ، فهربت دابته وضلت ، أو نحو ذلك ، فإنه حينئذ لا يصح التمسك ببراءة الذمة ، بل ينبغي للمفتي التوقف عن الافتاء حينئذ ، ولصاحب الواقعة الصلح ، إذا لم يكن منصوصا بنص خاص أو عام ، لاحتمال اندراج مثل هذه الصور في قوله عليه السلام : ( لا ضرر ولا إضرار في الاسلام )
(1) ، وفيما يدل على حكم من أتلف مالا لغيره
(2) ، إذ نفي الضرر غير محمول على نفي حقيقته ، لانه غير منفي ، بل الظاهر أن المراد به : نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع .
والحاصل : أن في مثل هذه الصور لا يحصل العلم ، بل ولا الظن ، بأن الواقعة غير منصوصة ، وقد عرفت أن شرط التمسك بالاصل فقدان النص ، بل يحصل القطع حينئذ بتعلق حكم شرعي بالضار ، ولكن لا يعلم أنه مجرد التعزير ، أو الضمان ، أو هما معا ، فينبغي للضار أن يحصل العلم ببراءة ذمته بالصلح ، وللمفتي الكف عن تعيين حكم ، لان جواز التمسك بأصالة براءة الذمة ، والحال هذه ، غير معلوم .
وقد روى البرقي ، في كتاب المحاسن : ( عن أبيه ، ( عن النضر بن سويد ) ، عن درست ابن أبي منصور ، عن محمد بن حكيم ، قال : قال : أبو الحسن عليه السلام : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون ، فها ـ ووضع يده على فيه ـ فقلت : ولم ذاك ؟ فقال : لان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الناس بما اكتفوا به على عهده ، وما يحتاجون إليه من بعده ، إلى يوم القيامة )
(3) .
(1) الفقيه : 4 / 334 باب ميراث أهل الملل ح 5718 ، ولهذا الحديث مصادر كثيرة ولكنها بلفظ آخر ، في ط : ضرار ، بدل : اضرار .
(2) التهذيب : 7 / 215 ح 943 ( صحيحة أبي ولاد ) ، دعائم الاسلام : 2 / 424 ح 1476 .
(3) المحاسن للبرقي : 213 ، وما بين المعقوفين زيادة من المصدر ، مع استبدال كلمة ( فيه ) ب :
الوافية في اصول الفقه ـ 195 ـ
فإن قلت : هذه الرواية كما تدل على حكم ما إذا حصل الضرر ، تدل على حكم
(1) غيره أيضا .
قلت : لا نسلم فإنا ندعي أنه ليس داخلا في ( ما لا تعلمون ) ، فإن قبح تكليف الغافل معلوم ، وموضوعية ( ما حجب علمه عن العباد ) معلوم ، واباحة ( ما لم يرد فيه نهي ) معلوم ، للاخبار المذكورة .
وأما في صورة الضرر : فكون التكليف حينئذ تكليف الغافل غير معلوم ، إذ الضار يعلم أنه صار سببا لاتلاف مال محترم ، واشتغال الذمة حينئذ ـ في الجملة ـ مما هو مركوز في الطبائع ، وكذا الكلام في كونه من ( ما حجب علمه عن العباد ) ، ومن ( ما لم يرد فيه نهي ) .
وثالثها : أن لا يكون الامر المتمسك فيه بالاصل جزء عبادة مركبة ، فلا يجوز التمسك به لو وقع الاختلاف في صلاة ، هل هي ركعتان أو أكثر ؟ أو أقل ؟ ـ في نفي الزائد ، وعلى هذا القياس .
بل ! كل نص بين فيه أجزاء ذلك المركب ، كان دالا على عدم جزئية ما لم يذكر فيه ، فيكون نفي ذلك المختلف فيه حينئذ منصوصا ، لا معلوما بالاصل ، كما لا يخفى .
ثم اعلم أن جماعة من الفقهاء ، كثيرا ما يستعملون الاصل المحمول عليه العدم ، وبعد التأمل يظهر رجوعه إلى ادعاء أصالة الوجود ، كما قالوا : ( الاصل عدم تداخل الاسباب ) يعني : إذا تحقق أمارتان لشيء ، فالاصل عدم الاكتفاء بفعل ذلك الشيء
(2) مرة واحدة ، بل يلزم فعله متعددا بحسب تعدد سببه .
( فمه ) ، ورواه في الكافي بسند آخر : الكافي 1 / 57 وقد تقدم الاستشهاد بهذا الحديث ، وسيأتي ذكره أيضا .
(1) كلمة ( حكم ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ .
(2) في أ وط : عدم الاكتفاء بذلك الشيء .
الوافية في اصول الفقه ـ 196 ـ
وكذا كثيرا ما يستعملون لفظ ( الاصل ) في مواضع لا ترجع إلى الاصل المذكور أنه حجة ، ولا إلى القاعدة المستفادة من الشرع ، والشهيد الاول ـ في القواعد ـ استعمل لفظ الاصل في مواضع ، منها صحيح ، ومنها لا يظهر له وجه .
قال : ( الاصل عدم اجزاء كل من الواجب والندب عن الآخر )
(1) .
وقال : ( الاصل أن النية فعل المكلف ، ولا أثر لنية غيره )
(2) .
وقال : الاصل عدم بلوغ الماء كرا )
(3) .
وقال : ( قد يتعارض الاصلان ، كدخول المأموم في صلاة ، وشك هل كان الامام راكعا ؟ أو رافعا ؟ ولكن يؤيد الثاني بالاحتياط )
(4) .
وقال : ( الاصل صحة البيع )
(5) .
وقال : ( الاصل عدم القبض الصحيح ) يعني للمبيع
(6) .
وقال : ( الاصل عدم معرفة المشتري بصفة المبيع )
(7) .
وقال : ( قد يتعارض الاصل والظاهر )
(8) .
وقال : ( الاصل عدم تقدم الاسلام )
(9) .
وقال : ( الاصل عدم صحة العقد )
(10) .
وقال : ( الاصل السلامة من العلة )
(11) .
وقال : ( الاصل في اللفظ الحمل على الحقيقة الواحدة )
(12) .
وقال : ( الاصل في الكلام الحقيقة )
(13) .
(1) القواعد والفوائد : 1 / 83 الفائدة السادسة .
(2) القواعد والفوائد : 1 / 122 الفائدة 31 .
(3) القواعد والفوائد : 1 / 133 القاعدة الثالثة .
(4) القواعد والفوائد : 1 / 134 القاعدة الثالثة ، وفيه : يتأيد .
(5) و (6) و (7) و (8) و (9) و (10) و (11) القواعد والفوائد : 1 / 135 / 139 / القاعدة الثالثة .
(12) القواعد والفوائد : 1 / 152 قاعدة 40 .
(13) القواعد والفوائد : 1 / 154 قاعدة 41 ، ولكن فيه : الاصل في الاطلاق الحقيقة .
الوافية في اصول الفقه ـ 197 ـ
وقال : ( الاصل يقتضي قصر الحكم على مدلول اللفظ ، وأنه لا يسري إلى غير مدلوله )
(1) .
وقال : ( الاصل عدم تحمل الانسان عن غيره ، ما لم يأذن له )
(2) .
وقال : ( الاصل أن كل واحد لا يملك إجبار غيره )
(3) .
وقال : ( الاصل في الاحكام التابعة لمسميات : أن تناط
(4) بحصول تمام المسمى )
(5) .
وقال : ( الاصل عدم تداخل الاسباب )
(6) .
وقال : ( الاصل في البيع اللزوم )
(7) .
وقال : ( الاصل في العقود الحلول )
(8) .
وقال : ( الاصل في الميراث النسبي : التولد ، وفي السببي : الانعام بالعتق )
(9) .
وقال : ( الاصل في هيأت المستحب : أن تكون مستحبة ، لامتناع زيادة الوصف على الاصل
(10) في الاكثر )
(11) وأخرج مواضع من الاصل الذي ذكر
(12) .
(1) القواعد والفوائد : 1 / 323 قاعدة 116 .
(2) القواعد والفوائد : 1 / 353 قاعدة 135 .
(3) القواعد والفوائد : 1 / 356 قاعدة 136 .
(4) كذا في المصدر ، وفي النسخ : ارتباطه ، بدل : أن تناط .
(5) القواعد والفوائد : 1 / 358 قاعدة 139 .
(6) القواعد والفوائد : 2 / 223 قاعدة 229 .
(7) القواعد والفوائد : 2 / 242 قاعدة 243 .
(8) القواعد والفوائد 2 / 261 قاعدة 254 .
(9) القواعد والفوائد : 2 / 286 قاعدة 275 .
(10) القواعد والفوائد : 2 / 303 قاعدة 288 .
(11) وقد خولف في مواضع ، منها : الترتيب في الاذان ، ومنها : رفع اليدين بالتكبيرات ، عند المرتضى ، و : وجوب الطهارة للصلاة المندوبة : ( منه رحمه الله ) .
(12) كذا العبارة في أ وط ، ولكنها في الاصل وب كما يلي ، وفي الاكثر أخرج إلى آخره .
الوافية في اصول الفقه ـ 198 ـ
وأنت بعدما أحطت بشرائط العمل بالاصل ، تتمكن من معرفة الصحيح منها من غيره ، بعد اطلاعك في الجملة على الفروع الفقهية .
مثلا : قوله ( الاصل في البيع اللزوم ) ليس له وجه ، لان خيار المجلس مما يعم أقسام البيع ، وهكذا .
والغرض من نقل جملة من مواضع استعمال الاصل ، أن تمتحن نفسك في المعرفة ، لتشحذ ذهنك ، وتحقيق الاصل على هذا الوجه مما لا تجده في غير هذه الرسالة والله أعلم .
القسم الرابع : الاخذ بالاقل عند فقد الدليل على الاكثر ، كما يقول بعض الاصحاب : ( في عين الدابة : نصف قيمتها ) ، ويقول الآخر : ( ربع قيمتها ) ، فيقول المستدل : ثبت الربع اجماعا ، فينتفي الزائد ، نظرا إلى البراءة الاصلية .
وعد صاحب المعتبر هذا القسم من البراءة الاصلية
(1) وذكر في الذكرى : أنه راجع إليها
(2) .
والحق : أنه قسم من أقسام أصالة البراءة
(3) ، ولا وجه لعدّة قسما على حدة ، إلا أني التزمت أن اورد كل ما عد في أدلة العقل ، ثم أذكر ما هو الحق فيه .
واعلم : أن التمسك بهذا القسم ، لا يكاد يصح إلا أن يعلم تحقق إجماع شرعي ، أو دليل آخر على ثبوت الاقل ، وإلا فشغل الذمة معلوم ، فيجب تحصيل العلم ببراءة الذمة ، ولا يعلم بالاقل ، وقد عرفت ما في حجية الاصل ، اذا كان من هذا القبيل .
(1) المعتبر : 1 / 32 .
(2) الذكرى : 5 / المقدمة / الاصل الرابع / القسم الرابع .
(3) في ط : أصل البراءة .
الوافية في اصول الفقه ـ 199 ـ
القسم الخامس :
التمسك بعدم الدليل ، فيقال : عدم الدليل على كذا ، فيجب انتفاؤه .
قال في المعتبر : ( وهذا يصح فيما علم أنه لو كان هناك دليل لظفر به .
أما لا مع ذلك : فيجب التوقف ، ولا يكون ذلك الاستدلال حجة )
(1) .
وكلامه في غاية الجودة ، ففيما تعم به البلوى : يمكن التمسك بهذه الطريقة ، وأما في غيره فيحتاج إلى المقدمتين المذكورتين ، ولا يتم إلا ببيانهما ، مع استحالته عندنا ، لما عرفت ، فلا نعيده .
قال في الذكرى : ( ومرجع هذا القسم إلى أصالة البراءة )
(2) .
والظاهر : أن الفقهاء يستدلون بهذه الطريقة على نفي الحكم الواقعي ، وبأصالة البراءة على عدم تعلق التكليف ، وإن كان هناك حكم في نفس الامر ، فلذا عدا قسمين .
واختلف العامة في : أن عدم المدرك ، هل هو مدرك شرعي لعدم الحكم ؟ أو لا ؟
(3) .
وقد عرفت مما مر جلية الحال .
والحق عندنا : أنه لا توجد واقعة إلا ولها مدرك شرعي ، ببركات أئمة الهدى عليهم السلام ، ولا أقل من اندراجها في : ( ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ) ، وفي : ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ) ، وفي : اخبار التوقف ، وغير ذلك مما مر ، فلا تغفل
(4) .
(1) المعتبر : 1 / 32 .
(2) الذكرى : 5 / المقدمة / الاصل الرابع / القسم الثالث .
(3) المحصول : 2 / 581 .
(4) تقديم تخريج هذه الأحاديث فلاحظ .
الوافية في اصول الفقه ـ 200 ـ
القسم السادس :
استصحاب حال الشرع ، وهو التمسك بثبوت ما ثبت في وقت ، أو حال على بقائه فيما بعد ذلك الوقت ، وفي غير تلك الحال ، فيقال : إن الامر الفلاني قد كان ، ولم يعلم عدمه ، وكل ما هو كذلك فهو باق .
وقد اختلف فيه العامة بينهم ، فنفته جماعة وأثبتته اخرى
(1) ، واختاره منا العلامة رحمه الله
(2) ، ونسب اختياره إلى الشيخ المفيد أيضا
(3) وسيجيء ، وأنكره المرتضى
(4) ، والاكثر .
حجة المثبتين : أن ما تحقق وجوده ، ولم يظن طرو مزيل له ، فإنه يحصل الظن ببقائه وبأنه ثبت الاجماع على اعتباره في بعض المسائل ، فيكون حجة .
وفيه : أنه بناء على حجية مطلق الظن ، وهو عندنا غير ثابت ، والمسائل التي ذكروها ليست مما نحن فيه ، كما ستطلع عليه .
وحجة النافين : أن الاحكام الشرعية لا تثبت إلا بالادلة المنصوبة
(5) من قبل الشارع ، والاستصحاب ليس منها .
ولتحقيق المقام لابد من إيراد كلام يتضح به حقيقة الحال فنقول :
الاحكام الشرعية تنقسم إلى ستة أقسام :
(1) فهو حجة عند الشافعي والمزني والصيرفي والغزالي والآمدي والبيضاوي ، خلافا للحنفية وجماعة من المتكلمين كأبي الحسين وغيره ، فانه لا يثبت به حكم شرعي عندهم ، نعم تمسكوا به في النفي الاصلي ، انظر : المستصفى : 1 / 217 ، الاحكام : 4 / 367 ، شرح العضد : 2 / 453 ، الابهاج 3 / 168 ، شرح البدخشي : 3 / 176 .
(2) تهذيب الوصول : 105 .
(3) معالم الدين : 231 .
(4) الذريعة : 2 / 829 / 832 .
(5) في ط : المنصوصة .