هذا هو الكلام في القسم الأوّل.
  وأمّا القسم الثّانى : وهو أن يكون الوارث من أقرباء أمّ الميّت فقط ، فالكلام فيه أيضا ، كما في القسم الأوّل ، فإنّ له أيضا إحدى عشر صورة ، لأنّ أقرباء الامّ إمّا أعمامها فقط ، أو أخوالها فقط ، أو كلاهما إلى آخر ما مرّ.
  وحكم جميع الصّور هنا أيضا حكمه هناك من غير فرق على الأظهر ، إلّا أنّ الاتّفاق المنقول هناك في بعض الصّور على كون التّقسيم بالتّفاوت لا يكون هنا ، بل كلّ صورة كان التّقسيم فيها هناك بالتّفاوت كان فيها هاهنا احتمالان ، وأمّا هناك بالسّويّة ، فالسّويّة هاهنا أوضح ، فعليك بالتّفطّن والاحتياط.
  وأمّا القسم الثّالث : وهو أن يكون بعض الوارثين من أقرباء الأب ، وبعضهم من أقرباء الامّ ، فيكون له مأئة وإحدى وعشرون صورة حاصلة من ضرب صور أقرباء الأب الإحدى عشر في مثلها من طرف أقرباء الامّ ، وفي الجميع يكون ثلث المال لأقرباء الامّ واحدا كانوا أو أكثر ، أعماما كانوا أو أخوالا أو كليهما.
  والثّلثان الآخران لأقرباء الأب كذلك ، ويقسم الثّلث على أقرباء الامّ ، كما كان يقسم كلّ المال عليهم في صورة انفرادهم عن أقرباء الأب ، وكذا يقسم الثّلثان على أقرباء الأب ، كما كان يقسم كلّ المال عليهم في صورة انفرادهم عن أقرباء الامّ.
  وبالجملة : فإنّك تنظر إلى أقرباء الأب ، وتعرف أنّهم من أىّ صورة من الصّور الإحدى عشرة المتقدّمة ، فتقسم الثّلاثين عليهم على ما بيّنّاه في تلك الصّورة.
  وكذا تنظر إلى أقرباء الامّ ، إنّهم تحت أىّ صورة من الصّور المذكورة اندرجوا ، فتقسم الثّلث عليهم على ما بيّنّاه فيها أيضا.
  وهذا بعد ما أوضحنا الصّور المتقدّمة ظاهر إن شاء الله تعالى لا يحتاج

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 303
  تتميم
  إذا اجتمع للوارث موجبان للإرث نسبين كانوا أو سببين أو مختلفين ، فإن منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع فقط كابن عمّ هو أخ بأن يتزوّج الرّجل بزوجة أخيه فأولدها ولدا ، وكان لأخيه ولد منها أيضا فإنّ كلّا من الولدين أخ للآخر من امّه وابن عمّ له أيضا.
  فإذا مات أحدهما ولم يكن وارث من المرتبة الاولى ورثه ذلك الآخر من جهة كونه أخا ، لا من جهة كونه ابن عمّ ، فإنّ الأخ حاجب لابن العمّ.
  وإن لم يمنع أحدهما الآخر ورث بالسّببين معا لوجود المقتضى وفقد المانع مع أنّ الظّاهر المصرّح به عدم الخلاف في ذلك.
  مثاله : عمّ لأب هو خال لأمّ هو ابن عمّ خال لأمّ كأن يزوّج أخو زيد من امّه باخته من امّه ، وتولّد منهما ولد ، فإنّ زيدا بالنّسبة إلى هذا الولد عمّ لأبيه ، لأنّه أخ أبيه من الأب ، وخال له لأمّه ، لأنّه أخو امّه من امّها ، وولد زيد بالنّسبة إلى هذا الولد ابن عمّ له للأب ، وابن خال له للأمّ.
  فلو مات ذلك الولد ولم يكن له وارث من المرتبتين الاوليين ، ورثه زيد نصيب عمومة الأب وخئولة الامّ.
  فلو كان هو عمّ آخر لأب كان لزيد ثلث التّركة من جهة كونه خالا وثلث آخر من جهة كونه أحد العمّين اللّذين سهمهما الثّلاثين ، ويكون الثّلث

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 304
  الباقى أيضا للعمّ الآخر.
  ولو كان معه خال لأب كان له الثّلثان نصيب العمومة ، وسدس الثّلث الباقى أيضا ، لأنّه نصيب الخال للأمّ.
  إذا اجتمع مع الأعمام أو الأخوال للأب ، كما في الصّورة المفروضة ، ويكون الباقى للخال من الأب.
  وتكون المسألة من ثمانية عشر مخرج سدس الثّلث ، ثلثان منها وهو اثنى عشر مع سدس السّتّة الباقية لزيد ، والباقى وهو خمسة للخال الآخر.
  ومثله ما لو كان بدل الخال للأب خال للأبوين ، فإنّه لا يمنع الخال للأمّ ، بخلاف ما لو كان بدله عمّ للأبوين ، فإنّه يمنع زيدا من نصيب العمومة ، بل يكون حينئذ نصيب الخئولة فقط ، وهو الثّلث.
  وللعمّ من الأبوين الثّلثان ، كما لو كان الوارث منحصرا في عمّ وخال.
  ولو فرض موت زيد أيضا ولم يكن للولد المذكور وارث غير أولاد الأعمام والأخوال ورثه ولد زيد ، وكان له نصيب أبيه الّذي هو مجموع نصيبى العمّ والخال عند عدم المانع ، ومع وجوده كأن يكون معه عمّ للأبوين كان له نصيب ابن الخال فقط ، هذه كلّها أمثلة اجتماع النّسيبين.
  وأمّا مثال ما إذا اجتمع الموجبان المجتمعان سببين مع حجب أحدهما الآخر ، فكما في الإمام عليه‌السلام إذا مات عتيقه فإنّه عليه‌السلام يرثه بالعتق ، لا بالإمامة ، ومع عدم الحجب ، كما في زوج ، وهو معتق أو ضامن جريرة.
  ومثال ما لو كان أحد الموجبين سببا ، والآخر نسبا مع الحجب ، كما في معتق شخص إذا كان قريبا له ، كأن يكون عمّه أو خاله مع عدم الحجب ، كما في زوج هو ابن عمّ ، أو زوجة هى بنت عمّ ، فإنّها عند انحصار الوارث فيها ، وإن كانت لا ترث بالزّوجيّة إلّا الرّبع ، إلّا أنّها ترث الباقى بالقرابة.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 305
الباب الثّانى
في الولاء

  الولاء : بفتح الواو ، وأصله القرب والدّنوّ ، والمراد به هنا قرب أحد الشّخصين فصاعدا إلى آخر ، على وجه يوجب الإرث بغير نسب ، ولا زوجيّة ، وأقسامه ثلاثة مترتّبة :

  القسم الأوّل
  ولاء العتق : قال شيخنا الحرّ العاملىّ عامله الله بلطفه العلىّ :

  والثّانى قسمان ولاء وله
مـراتب  ثـلاثة iiأوّلـه      ii
ولاء عتق ثمّ ذو الضّمان
ثمّ  ولاء صاحب iiالزّمان      ii
  وقال الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله :
ثـمّ  الّذي له الولاء iiأقسام      ii
ذو العتق والضّمان والإمام

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 306
  فولاء العتق هو الّذي لا يكون سببا إلّا بعد الخلوّ من النّسب.
  وولاء ضامن الجريرة هو الّذي لا يكون سببا إلّا بعد الخلوّ من النّسب.
  وولاء العتق ، وولاء الإمامة هو الّذي لا يكون سببا إلّا بعد الخلوّ من النّسب ، وولاء العتق وضامن الجريرة.
  وقال الشّيخ الحرّ العاملى رحمه‌الله :
ولـيس  للمعتق من iiنصيب      ii
فـي الإرث مع قرابة نسيب
ويرث المولى الّذي أعتق iiما      ii
يـرثه  مـناسب إن iiعـدما
لكن  له شرطان أن يكون iiقد      ii
أعـتقه تـبرّعا إذ قـد iiورد
بـأنّ  مـن أعتق واجبا iiفلا      ii
إرث  لـمن يـعتقه ولا iiولا
والثّانى أن يكون مولى iiنعمة      ii
لم  يبرء إذا عتق من iiجريرة
فـإنّـه إذا تـبـرّأ الـمنعم      ii
مـنه فـإنّ الـعلماء iiحكموا
بعدم  الميراث فافهم iiواستمع      ii
فـهذه الشّروط حيث iiيجتمع
يـرثه الـمولى إذا ما iiاتّحدا      ii
جـميع مـاله فـإن iiتـعدّدا
فـالإرث  بـالسّواء للموالى      ii
ويأخذ الزّوج النّصيب العالى
كـذلك  الزّوجة والباقى iiلمن      ii
أعـتقه  تـبرّعا فـإن iiيكن
قد  مات من أعتق iiفالميراث      ii
يـحوزه الـذّكور لا iiالإناث
  فيرث المنعم مولاه إذا تبرّع بعتقه ، ولم يتبرّأ من جريرته ، ولم يخلّف العتيق مناسبا ، فلو عتق في واجب ، كالكفّارات والنّذور ، وتبرّأ من ضمان جريرة ، أو كان له مناسب قريبا كان أو بعيد ، إذا فرض أو غيره أو نكل به ، فلا إرث ، لصحيحة ابن رئاب عن عمّار بن أبى الأحوص قال :
  سئلت أبا جعفر عليه‌السلام عن السّائبة فقال عليه‌السلام : انظروا في القرآن فما كان

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 307
  فيه : ( فتحرير رقبة ) (1) ، فتلك يا عمّار : السّائبة الّتي لا ولاء لأحد من النّاس عليها إلّا الله تعالى ، فما كان ولاؤه لله تعالى ، فهو لرسوله ، وما كان ولاؤه لرسول الله ، فإنّ ولاءه للإمام ، وجنايته على الإمام عليه‌السلام وميراثه له (2).
  الدّالّة على الأوّل ، أعنى : العتق في الكفّارت والنّذور.
  وحسنة أبى الرّبيع ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن السّائبة ، فقال عليه‌السلام : هو الرّجل يعتق غلامه ، ثمّ يقول : اذهب حيث شئت ، ليس لى من ميراثك شي‌ء ، ولا علىّ من جريرتك شي‌ء ، ويشهد على ذلك شاهدين (3).
  وصحيحة ابن سنان عن الصّادق عليه‌السلام : من أعتق رجلا سائبة ليس عليه من جريرته شي‌ء ، وليس له من الميراث شي‌ء ، وليشهد على ذلك ، قال : ومن تولّى رجلا فرضى بذلك ، فجريرته عليه ، وميراثه له (4).
  الدّالّة : على الثّانى.
  وصحيحة أبى الصّباح الكنانى عن أبى عبد الله عليه‌السلام في امرأة أعتقت رجلا ، لمن ولاؤه؟ ولمن ميراثه ؟ قال عليه‌السلام : للّذى أعتقه ، إلّا أن يكون له وارث غيرها (5).
  الدّالّة : على الثّالث.

(1) سورة النّساء ، الآية 92 ، سورة المجادلة ، الآية 33.
(2) الكافى ( ص : 171 ، ج : 7 ) ، الوسائل ( ص : 248 ، ج : 26 ) ، التّهذيب ( ص : 395 ، ج : 9 ) ، الإستبصار ( ص : 199 ، ج : 4 ).
(3) التّهذيب ( ص : 256 ، ج : 8 ) ، الإستبصار ( ص : 26 ، ج : 4 ) ، الوسائل ( ص : 77 ، ج : 23 ) ، الفقيه ( ص : 80 ، ج : 3 ) ، المقنع ( ص : 160 ) ، الكافى ( ص : 171 ، ج : 7 ).
(4) التّهذيب ( ص : 256 ، ج : 8 ) ، الإستبصار ( ص : 26 ، ج : 4 ) ، الوسائل ( ص : 78 ، ج : 23 ).
(5) الكافى ( ص : 198 ، ج : 6 ، وص : 170 ، ج : 7 ) ، التّهذيب ( ص : 250 ، ج : 8 ) ، الوسائل ( ص : 62 ، ج : 23 ، وص : 241 ، ج : 26 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 308
  وصحيحة أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام : قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكل بمملوكه أنّه حرّ ، لا سبيل له عليه سائبة ، يذهب ، فيتولّى من أحبّ ، فإذا ضمن جريرته ، فهو يرثه (1).
  الدّالّة : على الرّابع.
  ولأنّه لم يعتقه ، وإنّما أعتقه قهرا ، ومثله من انعتق بالإقعاد والعمى والجذام والبرص عند القائل به لاشتراك الجميع في العلّة ، وهى عدم إعتاق المولى ، ولقوله عليه‌السلام : الولاء لمن أعتق ، وهل يشترك في سقوط الولاء بالبراءة والأشهاد ، الشّيخ وجماعة على ذلك الصّحيحة ابن سنان ، وحسنة أبى الرّبيع السّابقتين ، والمتأخّرون على عدمه للأصل.
  ولأنّ المراد من الأشهاد الإثبات لا الثّبوت ، ولا دلالة للأمر بالأشهاد على اشتراطه ، وهو قوىّ.
  وفي إلحاق انعتاق أمّ الولد بالاستيلاد ، والقرابة بالملك ، وشراء العبد نفسه إن أجزناه بالواجب أو المتبرّع به قولان.
  وادّعى الشّيخ في المبسوط على ثبوت الولاء على المستولدة إذا أعتقت بغير بيعها ، الإجماع ، وهو مذهب ابن حمزة ، فأثبتا الولاء لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصيب ولدها ، ونفى الأوّل الخلاف فيه ، وهو موهون بوجوده مع مصير المشهور إلى الخلاف ، ومع ذلك معارض بحكاية الإجماع ونفى الخلاف المتقدّمة.
  ومنع ابن إدريس ، واختاره العلّامة في القواعد.
  والأصحّ عند ولده لعدم دخولها تحت قوله عليه‌السلام لحكم الشّارع بعتقها قهرا وخلافا للمبسوط ، وابن حمزة أيضا فيمن انعتق بالقرابة ، فأوجبا

(1) الوسائل ( ص : 245 ، ج : 26 ) ، التّهذيب ( ص : 395 ، ج : 9 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 309
  الولاء لمن ملك أحد قرابته فانعتق عليه سواء ملكه باختيار ، أو اضطرار.
  للموثق ، في رجل يملك ذا رحمه ، هل يصلح له أن يبيعه ؟ أو يستعبده ؟
  قال : لا يصلح أن يبيعه ، ولا يتّخذه عبدا وهو مولاه ، وأخوه في الدّين ، وأيّهما مات ورثه صاحبه ، إلّا أن يكون وارث أقرب إليه منه ، وفيه نظر.
  فإنّ الظّاهر أنّ المراد بالإرث فيه ، الإرث الحاصل بالقرابة ، دون الولاء ، ويؤيّده الحكم بالتّوارث من الطّرفين ، فلا حجّة فيه لهما ، ويتصوّر الإرث بالولاء هنا مع كون العتق بالقرابة.
  ويشترط في العتق بالولاء عدم المناسب مطلقا ، كما اشير إليه فيما إذا كان صاحب الولاء غير مناسب للعتيق أصلا ، مع كونه نازلا منزلة من يكون العتيق بسبب قرابته ، بأن يكون صاحب الولاء قريبا لذلك القريب مع قرابته للعتيق ، وقد مات ذلك القريب ، فصار قريبه الّذي من أقرباء العتيق صاحب الولاء.
  كما إذا اشترى رجل امّه ، فانعتقت عليه ، ومات الرّجل ، وكان له أخ لأبيه خاصّة ، ولا وارث للأمّ نسبا أصلا ، فولاء الامّ للأخ المذكور.
  وأمّا الصّحيح عن الرّجل يعتق الرّجل في كفّارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء ؟
  قال : للّذى يعتق ، فشاذّ ، فليطرح أو يحمل ما إذا توالى إليه بعد العتق أو على التّقيّة ، كما يستفاد من الانتصار حيث نسب خلافها إلى الفقهاء الأربعة ، أو على الإعتاق تطوّعا في كفّارة غيره ، كما دلّ عليه بعض الصّحاح ، ولا خلاف في الشّرط الثّانى ، بل في عبارات جمع الإجماع عليه ، وهو الحجّة مضافا إلى المعتبرة.
  منها : الخبر القريب من الصّحيح بابن محبوب المجمع على تصحيح رواياته عن السّائبة ، فقال : الرّجل يعتق غلامه ، ثمّ يقول : له اذهب حيث شئت ليس لى عن ميراثك شي‌ء ، ولا علىّ من جريرتك شي‌ء ، وليشهد على ذلك.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 310
  وفي اشتراط الإشهاد في التّبرّى قولان ، والأكثر على العدم للأصل ، خلافا للشّيخ ، والصّدوق ، والإسكافى ، للأمر به في الخبر المذكور ، وغيره ، كالصّحيح : من أعتق رجلا سائبة ، فليس عليه من جريرته شي‌ء ، وليس له من الميراث شي‌ء ، وليشهد على ذلك.
  وفيه أنّ الأمر به أعمّ من ذلك.
  ومن كونه شرط الإثبات عند الحاكم لو ادّعاه ، فلا مخرج من الأصل بمثله ، بل مقتضى الجمع بينهما حمله على الثّانى ، وهل يسقط التّبرى بعد العتق للإرث أم لا ، بل لا بدّ منه حينه وجهان :
  ظاهر الأكثر ، وصريح الفاضل في التّحرير ، وللشّهيد في الدّروس : الثّانى.
  ولعلّه لعموم الولاء لمن أعتق خرج منه ما لو تبرّأ من جريرته حال الإعتاق بالإجماع والرّوايات ، وبقى غيره مندرجا تحته ، وهو حسن لو لا إطلاق التّبرّى فيما مرّ من النّصّ المحتمل لوقوعه حال الإعتاق ، وبعده سيّما مع عطف التّبرى على يعتق فيه بثمّ في الكافى ، والفقيه ، وهى حقيقة في التّراخى ، لكن الموجود في التّهذيب والإستبصار ، الواو بدل ثمّ.
  وكيف كان النّصّ معهما مطلق يشمل الصّورتين ، إلّا أن يدّعى تبادر التبرّى حال الإعتاق ، لا بعده بقرينة السّياق ، وهو غير بعيد مع أنّ مخالفة الأكثر غير معلوم الوجود ، وإن أشعر به عبارة التّحرير والدّروس.
  ثمّ إنّ هاهنا مسائل :
  الاولى :
  لو اجتمعت شرائطه ورث المنعم مع الوحدة والكثرة على نسبة الحصص ذكورا كانوا أو إناثا ، أو بالتّفريق من دون خلاف في شي‌ء من ذلك الّذي قد تقضى الضّرورة فضلا عن الإجماع ، ولعدم المنعم.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 311
  فللأصحاب أقوال :
  أحدها : انتقال الولاء إلى الأولاد الذّكور خاصّة ، ومع عدمهم فأولى عصبته إن كان رجلا ، وإلى عصبتها دون أولادها ، وإن كانوا ذكورا ، إن كان امرأة اختاره الشّيخ في النّهاية والإيجاز ، وأفتى به القاضى وابن حمزة واستجوده المحقّق في النّافع ، ودلّت عليه الرّوايات الصّحيحة.
  كصحيحة بريد بن معاوية العجلى عن الصّادق عليه‌السلام قال في حديث طويل : ولاء المعتق ميراث لجميع ولد الميّت من الرّجال ، وكان السّؤال عن رجل (1).
  وصحيحة عاصم بن قيس عن الباقر عليه‌السلام قال : قضى على عليه‌السلام في امرأة أعتقت رجلا أنّ ولآئه لعصبتها دون ولدها ، وادّعى الشّيخ وابن إدريس على هذا الحكم في المرأة الإجماع ، فعلى هذا يورث به إجماعا ، وهل يورث بمعنى أنّ المعتق إذا مات ينتقل إلى ورثته أم لا وجهان ، الأظهر : نعم ، لكنّ الانتقال إلى الأولاد الذّكور دون الإناث للنّصوص.
  منها : الصّحيح بريد العجلى الّذي قد يكون صريحا فيما قد يدّعى صراحة عبارات كثير من كون الولاء ممّا يورث ، حيث قال فيه الباقر عليه‌السلام : فإنّ ولاء المعتق ميراث لجميع ولد الميّت من الرّجال ، وفيه وإن كانت الرّقبة على الله تطوّعا ، وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة ـ الحديث.
  مضافا إلى كونه من الحقوق المنقولة المشمولة لعموم أدلّة الإرث ، وإن كان الوجه ما عليه المعظم من أنّه يورث به استنادا إلى كلّ ما دلّ من نصّ أو فتوى من كون الولاء لمن أعتق ، كما في أكثر النصوص من الموجود في بعضها إنّما الولاء لمن أعتق ، وفي بعضها الولاء لحمة كلحمة النّسب ، المعلوم من

(1) عوالى اللّئالى ( ص : 507 ، ج : 3 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 312
  البديهة إنّه لا يرث ولا يورث ، مضافا إلى الإجماع المنقول من خلاف وقواعد الفاضل ، ونفى الخلاف عنه في المبسوط.
  وفي الخبر عن رجل مات وكان مولى لرجل ، وقد مات مولاه قبله ، وللمولى ابن وبنات ، فسئله عن ميراث المولى ، فقال : هو للرّجال دون النّساء (1).
  فعلى هذا : لو لم يكن الذّكور ، فالولاء لعصبة الّذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثا من اخوّته وجدوده وعمومه وأبنائهم ، كلّ ذا : إذا كان المعتق رجلا.
  ولو كان المعتق امرأة فينتقل الولاء إلى عصبتها دون أولادها مطلقا ، ولو كانوا ذكورا استنادا في اختصاص الأولاد الذّكور من المعتق الرّجل بالإرث ، وقيل : لا ينتقل ، لأنّ الولاء قد حصل بإنعام السّيّد على عبده بالعتق ، والمعلوم : أنّه غير منتقل عن المنعم ، فلا ينتقل ، وخصوصا الإجماع المنقول صريحا على عدم صحّة بيعه وهبته واشتراطه.
  وفي الصّحيح : إنّ عيص (2) بن القاسم روى عن أبى عبد الله عليه‌السلام : إنّ عائشة قالت للنّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أهل بريرة اشترطوا ولآئها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الولاء لمن أعتق ، أو لمن يرحم ، وأبطل شرطهم (3).
  والدّليل على اختصاص عصبة المنعم بالولاء مع فقد الولد الذّكر لصحيح محمد بن قيس عن الباقر عليه‌السلام : قضى عليه‌السلام في رجل حرّر رجلا ، فاشترط ولآئه ، فتوفّى الّذي أعتق ، وليس له ولد إلّا النّساء ، ثمّ توفّى المولى وترك مالا ، وله عصبة ، فاختلف

(1) التّهذيب ( ص : 397 ، ج : 9 ) ، الإستبصار ( ص : 173 ، ج : 4 ) ، الوسائل ( ص : 87 ، ج : 26 ، وص : 239 ، ج : 26 ).
(2) عيسى ، خ ل.
(3) الكافى ( ص : 198 ، ج : 6 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 313
  في ميراثه بنات مولاه والعصبة ، فقضى بميراثه للعصبة الّذين يعقلون عنه إذا أحدث يكون فيه عقل ، وهذه تدلّ على اختصاص عصبة الرّجل بالولاء دون الإناث ، وليس فيه تعرّض لإرث الأولاد الذّكور.
  نعم ، ظاهر قوله : ثمّ توفّى المولى وترك مالا وعصبة إنّ العصبة للمولى وهو العتيق لا المنعم ، كما هو المدّعى والاحتناف ، وهو التّخاصم ، إنّما وقع بين بنات المنعم ، وعصبته العبد.
  وصحيحة محمّد بن قيس أيضا عن الباقر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام على امرأة أعتقت رجلا ، واشترطت ولآئه ، ولها ابن ، فالحق ولاءه بعصبتها الّذين يعقلون عنها دون ولدها (1) ، وهذه دالّة على حكم المرأة.
  وصحيحة أبى ولاد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أعتق جارية صغيرة لم تدرك ـ الحديث (2).
  فحكم بأنّ ولآئها لأقرباء امّه من قبل أبيها ، ولا يكون للّذى أعتقها من امّه شي‌ء من ولآئها ، وغيرها من الأخبار.
  الثّانية :
  قول الشّيخ في الخلاف والإستبصار وابن إدريس ، وهو أنّ الولاء بعد فقد المنعم يرثه أولاد المنعم ، ذكورا كانوا أو إناثا أو متفرّقين ، رجلا كان المنعم أو امرأة ، وهو الّذي ذهب إليه الصّدوق ، واستحسنه المحقّق ، وجعله في اللّمعة مشهورا لقوله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم : الولاء لحمة كلحمة النّسب ، والذّكور والإناث يشتركون في إرث النّسب ، فيكون كذلك في الولاء ، سواء كان المعتق رجلا أم امرأة.

(1) التّهذيب ( ص : 253 ، ج : 8 ) ، الإستبصار ( ص : 25 ، ج : 4 ) ، وسائل الشّيعة ( ص : 70 ، ج : 23 ).
(2) التّهذيب ( ص : 254 ، ج : 8 ) ، الإستبصار ( ص : 25 ، ج : 4 ) ، وسائل الشّيعة ( ص : 70 ، ج : 23 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 314
  وفيه عدم مقاومته لما مرّ من الصّحاح ، لقصور سنده ، أو يخصّ بإرث الأولاد الذّكور ، ومن يعقل من القرابة ، ويتعيّن حمله على ذلك مراعاة للجمع ، وفي جعله مشهورا نظر.
  والّذي صرّح به هو في شرح الإرشاد أنّ هذا قول المفيد ، والحقّ أنّه قول الصّدوق خاصّة ، وكيف كان فليس بمشهور.
  وفي المسألة أقوال كثيرة ، أجودها وهو الّذي دلّت عليه الرّوايات الصّحيحة ما اختاره الشّيخ في النّهاية وجماعة أنّ المعتق إن كان رجلا ورثه أولاده الذّكور دون الإناث ، فإن لم يكن له ولد ذكور ، ورثه عصبته دون غيرهم ، وإن كان امرأة ورثه عصبتها مطلقا.
  والشّهيد في الدّروس اختار مذهب الشّيخ في الخلاف ، وهو كقول النّهاية ، إلّا أنّه جعل الوارث للرّجل ذكور أولاده وإناثهم استنادا في إدخال الإناث إلى رواية عبد الرّحمن بن الحجّاج عن الصّادق عليه‌السلام إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع مولى حمزة إلى ابنته.
  وإلى رواية السّكونى عن الباقر عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الولاء لحمة كلحمة النّسب (1) ، خرج ما خرج بالإجماع ، وبقى الباقى داخلا تحت عموم الخبر ، والرّوايتان ضعيفتان ، الاولى : بالحسن بن سماعة ، والثّانية : بالسّكونى ، مع أنّها عمدة القول الّذي اختاره الشّهيد في اللّمعة ، وجعله مشهورا.
  وفي الدّروس قول الصّدوق خاصّة ، وفي الشّرح قول المفيد ، والعجب من ابن إدريس مع اطّراحه خبر الواحد الصّحيح تمسّك هنا بخبر السّكونى

(1) التّهذيب ( ص : 255 ، ج : 8 ) ، الإستبصار ( ص : 24 ، ج : 4 ) ، الفقيه ( ص : 132 ، ج : 3 ) ، وسائل الشّيعة ( ص : 75 ، ج : 23 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 315
  محتجّا بالإجماع عليه مع كثرة الخلاف ، وتباين الأقوال والرّوايات.
  الثّالثة :
  قول الحسن بن أبى عقيل : إنّه يرثه وارث المال مطلقا ، قال : وروى عن أمير المؤمنين والأئمّة سلام الله عليهم من ولده إنّهم قالوا : تقسم الدّية على من أحرز الميراث ، ومن أحرز الميراث ، أحرز الولاء ، لحديث اللّحمة.
  الرّابعة :
  قال الشّيخ في الخلاف : إنّه يرثه أولاد المنعم إن كان رجلا ، ذكورا كانوا أم إناثا ، وإن كانت امرأة فلعصبتها دون ولدها ، سواء كانوا ذكورا أم إناثا ، واستدلّ عليه بإجماع الفرقة المحقّة وأخبارهم.
  قال الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله :
وبـعد  موت المنعم المذكور      ii
ولآئــه لـولـده iiالـذّكور
وإن يـكونوا انعدموا فالرّقبة      ii
ولآئـها لـماله مـن عصبة
كـما إذا الـمرأة أعتقت iiفقد      ii
انـتقل الـولاء لهم لا iiللولد
وقـيل بالتّعميم في iiالميراث      ii
لـمطلق الـذّكور iiوالإنـاث
وقـيل فـي ذلك أقوال iiآخر      ii
أحسنها الّذي به التّفصيل iiمرّ
لـكثرة الصّحاح غير iiالقابلة      ii
لـلحمل  كـالرّواية iiالمقابلة
وحكم أولاد العتيق في الولاء      ii
حـكم  أبيهم باتّفاق من iiحلا
  الخامسة :
  قال المفيد : إنّ الولاء لأولاد المعتق الذّكور دون الإناث ، ذكرا كان المعتق أم انثى ، فإن لم يكن هناك أولاد ذكور ورثه عصبة للمعتق ، وهذه الأقوال كما ترى ، واستدلّ المفيد عليه بصحيحة ابن معاوية ، وخصوص السّؤال لا يخصّص.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 316
فروع

  الاولى
  لو مات المنعم من ذكرين ثمّ مات أحدهما من الأولاد ثمّ المعتق ، فإن قلنا بالأوّل فقد ورثه الابنان ، ولمّا مات أحدهما انتقل حقّه إلى ورثته ، فميراثه للابن وورثة الآخر ، وإن قلنا بالثّانى ورثه الابن وحده ، لأنّ المعتبر أقرب الورثة إلى المنعم يوم المعتق.
  الثّانى
  لو مات المعتق عن ابنين ثمّ ماتا وخلّف أحدهما عشرة والآخر واحدا ثمّ مات والمعتق اشترك الواحد والعشرة نصفين قطعا على الأوّل ، لأنّ أب العشرة ورث نصف الولاء ، وأب الواحد ورث نصفه الآخر ، فانتقل ما ورث كلّ منهما إلى ورثته ، وكذا على أجود الاحتمالين ، لأنّ لكلّ نصيب من يتقرّب به لو كان موجودا لكونه بمنزلة النّسب ، ويحتمل أن يرث كلّ واحد جزء من أحد عشر جزء لتساويهم في الولاء.
  الثّالث
  لو مات المنعم وخلّف ابنا وابن ابن آخر ، ثمّ مات الابن وخلّف ابنا ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 317
  ثمّ مات المولى ، فتركته للابن الّذي كان حيّا عند موت المنعم لانتقاله إلى أبيه ، ثمّ إليه على الأوّل ، ولهما على الثّانى.
  الرّابع
  لو مات السّيد عن أخ من أب وابن أخ من الأبوين ، فمات الأخ من الأب عن ابن ، ثمّ مات العتيق ، فما له لابن الأخ من الأب ولابن الأخ من الأبوين على الثّانى.
  الخامس
  على القول بأنّ الولاء لا يورث ، فهل يرثه الإمام عليه‌السلام ؟ إشكال ينشأ من أنّ ولاء الإمامة قسيم لولاء العتق ، فلا يكون قسما منه ومن أنّ الولاء من جملة الموروثات ، كالأموال ، ويرثه الوارث ، لأنّ البحث على تقديره فيرثه الإمام كسائر الأموال وسائر الوارث ، وهو قوىّ فإن قلنا به لم يردّ على الزّوجين إن قلنا به ، لأنّ الرّدّ عليهما مشروط بعدم بعدم المشارك ، ويكون الباقى للإمام عليه‌السلام كما لو مات المعتق عن أحدهما وكان المعتق موجودا.
  السّادس
  لو ماتت المنعمة وتركت ابنها وأخاها فمات مولاها ، فميراثه لابنها على قول المفيد رحمه‌الله ، وهو أنّ الولاء للأولاد الذّكور خاصّة رجلا كان المنعم أو امرأته بعد موت المنعم ، فإن مات ابنها بعدها قبل المولى وترك عمّا ثمّ مات المعتق وخلّف أخا مولاته وعمّ ابنها ، فميراثه لأخيها ، لأنّه أقرب عصبة السّيدة على الثّانى ، ولعمّ ابنها على الأوّل.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 318
  السّابع
  للزّوج أو الزّوجة مع المعتق ومن بحكمه النّصيب الأعلى النّصف للزّوج ، والرّبع للزّوجة ، والباقى للمولى (1) ، أو لمن بحكمه على المشهور ، وذهب أبو الصّلاح إلى ردّه للزّوج دون مولى المنعمة استنادا إلى ما يصلح مستندا في ذاته ومقاومته من وجوه يطول الكتاب بذكر تفاصيلها وقال في المختلف : وهذا ليس بجيّد.
  الثّامن
  لو اجتمع مع الأولاد الوارثين أب قيل : بالشّركة ، وقيل : بأولوية الابن ، وقوىّ الأوّل الشّهيد الثّانى ، ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرّب به كغيره ، ومع عدم المرتبة الاولى ترث المرتبة الثّانية ، وهم الأجداد والإخوة وأولادهم.
  وجعل ابن الجنيد الجدّ أولى من الأخ ، وهو تحكّم.
  ومع فقدهم فالأعمام وأولادهم الأقرب يمنع الأبعد.
  وفي إرث الإناث منهم قولان ، لحديث : اللّحمة : نعم ، ولخبر العصبة : لا.
  وهو قول الباقر عليه‌السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى بميراث المعتق للعصبة الّذين يعقلون عنه ، والإناث لا تعقلون ، فلا يرثن ، وصحّح الشّهيد في الشّرح الأوّل ، والشّهيد الثّانى في الرّوضة قوىّ الثّانى.
  ولا يرثه المتقرّب بالامّ من الإخوة وغيرهم على المشهور ، فيستوى الأخ من الأب ، والأخ من الأبوين على إشكال منشأه عموم النّصّ على أنّه إذا

(1) للمنعم ـ خ ل.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 319
  اجتمع الأخ من الأب والأخ من الأبوين منعه الأخ من الأبوين ، وسقوط اعتبار نسب الامّ ، إذ لا يرث المتقرّب بها ، فالمقتضى في التّوريث التّقريب بالأب مشترك.
  فإن لم يكن للمنعم قرابة فمولى المولى ، فإن عدم فقرابة مولى المولى ، فإن عدموا فمولى لمولى المولى ، ثمّ قرابته.
  فعلى هذا فإن عدموا أجمع فضا من الجريرة ، فإن فقد فالإمام عليه‌السلام مع حضوره على الأشهر أو بيت المال.
  التّاسع
  المولى لا يرث المنعم ، وإن لم يخلّف وارثا على المشهور ، بل ادّعى عليه الشّيخ الإجماع ، ويدلّ عليه مع ذلك الأصل ، وإنّ الإرث لا بدّ من سبب شرعىّ مستند إليه ، وهو مفقود هنا ، وقوله عليه‌السلام إنّما الولاء لمن أعتق ، المفيد للحصر.
  وخالف في ذلك ابن بابويه وابن الجنيد ، ولعلّ استنادهما إلى خبر : اللّحمة ، وقد عرفت ضعفه ، إنّما لو دار الولاء ، كما لو اشترى ولد مولى المعتقة أباه فاعتقه توارثا ، فإن مات الأب فميراثه لابنه ، وإن مات الابن ولا مناسب له ، فميراثه المعتق أبيه.
  ولو مات العتيق ولا وارث له ، فميراثه للابن الّذي باشر عتقه ، فإن ماتا ولا مناسب لهما ، قال الشّيخ في المبسوط على رجوع الولاء إلى مولى الامّ لكونه كالنّسب ، وهو لا يزول بوجود أولى منه ، وبغير الانجرار لانقطاع الولاء يقتضى عدمه ، إذ لا وجه لعوده إليه ، وحديث اللّحمة مع ضعفه لا يدلّ على المساواة من كلّ وجه الفرق أيضا واضح إذ المنتقل عن مولى الامّ هو نفس الولاء المنتقل في النّسب إلى القريب حقّ الإرث لا نفس النّسب ، فإنّه باق على حاله ، وإن لم يرث به فإذا زال المانع عمل الأوّل مقتضاه ، فالقول

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 320
  بعدم عوده إلى مولى الامّ متّجه ، وعليه يكون الإرث للإمام عليه‌السلام.
  العاشر
  لو خلّف المولى بنت مولاه ومولى أبيه ، فالميراث للإمام عليه‌السلام إن منعنا البنت لأنّه ثبت عليه الولاء بالمباشرة ، فلا يثبت عليه بإعتاق الأب لعدم مباشرته.
  الحادى عشر
  لا يجتمع الميراث بالولاء والنّسب سواء اتّحد الوارث بهما أم تعدّد ، بل الإرث بالنّسب خاصّة ، فالأخ المعتق يرث بالإخوة لا بالولاء.
  الثانى عشر
  لو أعتق الرّجل وابنته عبدا فمات عنها ، وعن ابن ، ثمّ مات المولى فالولاء بين الابن والبنت نصفان إن قلنا بعدم ولاء البنات ، وإن قلنا به كان لهما الثّلثان ، لأنّ لها نصف بالعتق ومن النّصف الآخر سدس ، فإن مات الابن قبل المولى وخلّف بنتا ، ثمّ مات المولى ، فللمعتقة النّصف والباقى للإمام عليه‌السلام منعنا البنت وإلّا ورثت البنت الثّلث إن جعلنا موروثا وإلّا فلا.
  الثّالث عشر
  ولاء ولد المعتقة لمن أعتقه ، وإن أعتق حملا معهما ، أمّا لو حملت بعد العتق ، فالولاء لمولاها إذا كان الأب رقّا ، ولو كان حرّا في الأصل فلأولاد وإن كان معتقا ، فالولاء لمولاه ، ولو أعتق بعد الولادة انجرّ من مولى الامّ إلى مولاه لانجراره من الضّعيف إلى القوىّ ، لأنّ ثبوت الولاء لمولى الامّ كان لعدم الولاء على الأب ، فإذا وجد قدم وانجرّ إليه ، فإن فقد فلعصبة المولى ،

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 321
  فإن لم يكن عصبة فلمولى عصبة المولى ، ولا يرجع إلى مولى الامّ.
  فإن عدم المولى وعصباتهم ، وكان هنا ضامن جريرة كان له ، وإلّا كان للإمام عليه‌ السلام ، ويأتى هنا قول الشّيخ المذكور سابقا ، ولو كانت الامّ حرّة أصلية ، والأب معتق ففى ثبوت الولاء لمولى الأب من حيث أنّ الابن للأب وهو معتق ، وإلّا كما لو انعكس الفرض لتبعيّة أشرف الطّرفين وجهان ، ظاهر الأصحاب الثّانى.
  فعلى هذا شرط الولاء أن لا يكون في أحد الطّرفين حرّ أصلىّ.
  الرّابع عشر
  لو تزوّج العبد بمتعة فأولدها فولاء الولد لمولاها ، فإن أعتق الجدّ ففى انجرار الولاء من مولاه الامّ إلى مولاه نظر لمنع كونه أبا حقيقة ، وبالانجرار قال الشّيخ رحمه‌الله : فلو أعتق الأب بعد ذلك انجرّ الولاء من مولى الجدّ إلى مولاه ، لأنّ الجدّ إنّما جرّه لكون الأب رقّا ، وهذا هو المسمّى عندهم بجر الجر ، وعلى العدم لو مات الأب رقّا ففى انجراره حينئذ إلى مولى الجدّ بالعتق السّابق على موت لأب وجهان ، نعم لأنّ المانع وجود الأب وهو رقّ ، فإذا زال زال المانع ، ولا لأنّه لمّا امتنع الحرّ عند العتق استقرّ الولاء لمولى الامّ.
  الخامس عشر
  لو تلاعن المعتقان لنفى الولد فمات ، ولا مناسب له كان ميراثه لمولى امّه لانتفائه عن مولى أبيه بسبب انتفائه عنه.
  ولا فرق بين تقدّم عتق الامّ على عتق الأب أو تأخّره لاشتراكهما في المقتضى ، ولأنّه إن كان عتق الامّ متقدّما انجرّ إلى مولى الأب ظاهرا ، فلمّا

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 322
  انتفى عنه باللّعان ظهر فساد الانجرار ، وإن كان متأخّرا كان ثبوته لمولى الأب ابتداء مبنىّ على الظّاهر ، فإذا انتفى النّسب على الأب انحصر في مولى الامّ ، وفي كلا التّقديرين نظر ، أمّا الأوّل فلأنّ ولاء معتقها مشروط بكون الأب رقّا ، أو كافرا حين عتقها ، فلو كان حرّا أصليّا لم يكن لمولى الامّ ولاء وهو متّفق هنا ، لأنّ الأب غير معلوم ، والأصل فيه الحريّة ، فكيف يكون الولاء لمولى الامّ مع الشّكّ في الشّرط المقتضى للشّكّ في المشروط.
  وأمّا الثّانى : فلأنّ الولاء لمعتق الأب ، فإذا انتفى عنه باللّعان فأىّ سبب يقتضى عوده إلى الامّ ، والولاء لا ينجرّ من القوىّ إلى الضّعيف ، فينبغى أن لا يكون لأحد عليه ولاء إذ لا شكّ في أنّ له أبا ، والأصل الحرّية ، ولو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرث الأب ، ولا المنعم عليه ، لأنّ اعترافه به ، وإن أوجب عود النّسب ، إلّا أنّ الأب لا يرثه ولا من يتقرّب به لما مرّ.
  السّادس عشر
  لو اشترى أحد الابنين مع أبيه مملوكا فأعتقاه ، ثمّ مات الأب ، فمات المولى ، فللشّريك ثلاثة الأرباع ولأخيه الرّبع.
  السّابع عشر
  لو أوصى أبا لعتيق تبرّعا فالولاء له ، ولا يثبت الولاء بالالتقاط ، ولا بالإسلام على يده.
  الثّامن عشر
  لو سوّغنا عتق الحربى فأعتق مثله ثبت الولاء فإن جاء المولى مسلما فالولاء بحاله ، فإن اشترى السّيد وأعتق فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 323
  معتقه ، وفي ثبوته لمولى السّيد على معتقه وجهان : نعم ، لأنّه مولى مولاه ، وعموم النّص على أنّ مولى المولى له ولاء ، ولا لأنّه لم يحصل منه إنعام عليه ، ولا سبب لذلك بخلاف معتق الرّقّ بالأصالة ، فإنّ معتق المعتق لولائه لم يصحّ عتق المعتق ، فإن كان الّذي أعتقه مولاه ، فكلّ مولى لصاحبه.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 324
القسم الثّانى في ولاء ضامن الجريرة

  قال الشّيخ الأعسم النّجفى رحمه‌الله :
قد يضمن الشّخص لشخص حدثه      ii
  ويـقتضى ضـمانه أن يـرثه

إن  كـان خلوّا من قريب iiمطلقا      ii
وفـاقـد  الّــذي ولاء iiاعـتقا

فـإن يـجي‌ء كـلّ بذا iiالضّمان      ii
لـلآخر  اسـتوى بـه الاثـنان

وعـمّ  مـا بـينهما الولاء iiوإن      ii
يـتّحد  الضّمان خصّ من iiضمن

ولـم يـجز ضمان غير iiالسّائبة      ii
مـثل العتيق في الامور iiالواجبة

يـفتقر  الـضّمان لـلعقد وقـل      ii
يـلزم  أو يـجوز فـيه أن iiيكل

قــولان لـلأصـل iiولـلعموم      ii
والأكـثـر  الـقـائل iiبـاللّزوم

ولا  نـزاع فـي اللّزوم لو iiعقل      ii
عـنه بـل الـخلاف فيه ما قبل

لا يـتـعدّى مـنـه أن iiيـنعدم      ii
إلـى  قـريب كـولاء iiالـمنعم
  أقول : الجريرة ، هى : الجناية والذّنب سمّيت بذلك لأنّها تجرّ العقوبة إلى الجانى ، ومنه الدّعاء :

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 325
  يا من لم يؤاخذ بالجريرة ، ولم يهتك السّتر.
  ومنه ضمان الجريرة ، وهو أن يضمن سائبة كالمعتق في الواجب ، أو حرّ الأصل بحيث لا يعلم له قريب وعقده كان يقول المضمون : عاقدتك على أن تنصرنى ، وتدفع عنّى ، وتعقل عنّى ، وأعقل عنك ، فيقول : قبلت.
  فيكون ولاء له ، ويثبت الميراث إذا لم يكن للمضمون عنه مناسب ومعتق ، ولا يشترط ذلك في الضّامن ، ولا يرث المضمون إلّا أن يشترك الضّمان بينهما ، ولا يتعدّى الحكم الضّامن ، أى : لا يشترط في الضّامن عدم الوارث ، بل ولو كان له وارث ، ولو تجدّد للمضمون وارث بعد العقد ، ففى بطلانه أو مراعاته بموت المضمون كذلك وجهان ، أجودهما الأوّل ، لفقد شرط الصّحّة ، فيقدح طاريا كما يقدح ابتداء.
  ثمّ انّ وجود الوارث الممنوع كالقاتل غير مانع ، كما يعلم ذلك كلّه في النّصوص ، وفتوى الأصحاب المستفاد من فتاويهم تصريحا وتلويحا ، واصولهم وقواعدهم ونصوصهم أنّ المعتق تبرّعا إذا مات مولاه ، وجميع عقبه ومن يرثه من جهة المولى تصير سائبة ، ويصحّ ضمانه كالمعتق في واجب ، فلا تعقل.
  ولو اشترك بينهما ، قال أحدهما : عاقدتك على أن تنصرنى ، وتدفع عنّى ، وتعقل عنّى ، وترثنى ، فيقول : الآخر قبلت.
  يعنى : الضّامن على أن تنصرنى وانصرك ، وتدفع عنّى وادفع عنك ، وتعقل عنّى ، وأعقل عنك ، وترثنى وأرث عنك.
  وما أدّى هذا المعنى ، فيقول الآخر : قبلت ، وهو عقد لازم ، فيعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللّازمة.
  ولو كان للمضمون زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، والباقى للضّامن.
  ثمّ انّ كلام الأصحاب مع إختلاف عباراتهم ، فمن بيان الصّيغة يدلّ

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 326
  على عدم تعيّنها بلفظ ، بل تقع بكلّ ما يشمل على إيجاب وقبول مفيد ضمان الجريرة ، والحدث كما هو المستفاد من الأخبار الّتي يستفاد منها الاكتفاء بمجرّد العقد ، ومجرّد ضمان الجريرة مع الرّضا به ، وأن يصرّح به لفظ الإيجاب لا القبول على تقدير اشتراط العقل ، فلا يبعد الاكتفاء بكلّ ما دلّ عليهما ، وإن لم يتقارنا ، ويكون على وفق العربية مع القدرة ما لم يقض الإجماع على خلاف ذلك ولزومه بمجرّد العقل ، ويكون جائز ، إلّا أن يعقل عنه قولان أظهرهما الأوّل الّذي يدلّ عليه الاصول والقواعد ، وآية : " أَوْفُوا بِالْعُقُودِ " ، وخبر المؤمنون عند شروطهم (1) ، والإجماع الظّاهر نقلا من مثل الحلّى ، وتفصيلا ، وإن قال بالثّانى جماعة ، وتبعهم الشّيخ في الخلاف استنادا إلى ما لا يصلح سندا في مقابلة ما مرّ.
(1) الإستبصار ( ص : 232 ، ج : 3 ) ، بحار الأنوار ( ص : 96 ، ج : 72 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 327
القسم الثّالث في ولاء الإمامة

قال الأعسم رحمه‌الله :
وبـعـده الـمـيراث iiلـلإمام      ii
عـلى الإمـام أفـضل iiالسّلام

لأنّـه وارث كـلّ مـن خـلا      ii
عن وارث ذي نسب وذي ولاء

يـتبع  فـيه رأيـه لو iiحضرا      ii
ومـدّة  الـغيبة يعطى iiالفقراء
  أقول : يثبت ولآئه عليه‌السلام مع فقد كلّ مناسب ومسابب حتّى الضّامن والزّوج والزّوجة ، بناء على الرّدّ عليهما ، فيردّ إليه عليه‌السلام مع حضوره من دون خلاف في ذلك ، إلّا عن ظاهر المفيد رحمه‌الله المستفاد من عبارت انتقال ولاء الضّمان بعد موت الضّامن إلى ورثته كولاء العتق ، ولا ريب أنّه بمكان من الضّعف والشّذوذ لمخالفته باصول المذهب وقواعده والنّصوص ومعاقد الإجماعات ، إذ المعلوم أنّ إرث الإمام عليه‌السلام مرتبة بعد فقد الضّامن فيضع عليه‌السلام به ما شاء على الأشهر ، وما كان يفعله أمير المؤمنين عليه‌السلام من قسمته في فقراء بلد الميّت وضعفاء جيرانه ، فهو تبرّع منع.

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 328
  ولو اجتمع معه أحد الزّوجين فله نصيبه الأعلى على قول ، والباقى للإمام عليه‌السلام ، وقيل : انّه لبيت المال.
  وإن كان غائبا ، فالأحوط حفظه له ، والمشهور صرفه في المحاويج مطلقا أو من بلد الميّت.
  والمروىّ صحيحا عن الصّادق عليه‌السلام والباقر عليه‌السلام : إنّ مال من لا وارث له من الأنفال (1).
  فالقول بالإطلاق قوىّ ، كما اختاره جماعة منهم الشّهيد في الدّروس ، ولا شاهد إلّا ما روى من فعل علىّ عليه‌السلام ، وهو مع ضعف سنده لا يدلّ على ثبوته في نفسه ، ولا يجوز أن يدفع إلى سلطان الجور مع القدرة على منعه منه ، لأنّه غير مستحقّ له عندنا ، فلو دفعه إليه دافع اختيارا كان ضامنا ، ولو أمكنه دفعه عنه ببعضه وجب ، فإن لم يفعل ضمن ما كان يمكنه منعه منه ، ولو أخذه الظّالم قهرا فلا ضمان على من كان بيده ، كما لا ضمان عليه لو تلف من غير تفريط من دون خلاف في شي‌ء من ذلك ، ولو مات الإمام انتقل الميراث الّذي أخذه بحقّ الإمامة إلى الإمام الآخر ، لا إلى غيره من ورثته ، وفي الغنية الإجماع عليه ، وهو الموافق لأصول المذهب وقواعده.

(1) الإستبصار ( ص : 197 ، ج : 4 ).

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض 329
الباب الثّالث في اللّواحق وفيه مطالب
المطلب الأوّل وفيه فصول الفصل الأوّل

  إنّ الكافر إذا أسلم على يد مسلم ولم يكن له وارث حتّى ضامن الجريرة كان ولائه للمسلم فيرثه المسلم بالولاء لرواية ضعيفة ، وقد عمل عليها بعض الفقهاء ، وجعل الولاء أربعة أقسام. قال الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله :
ومن  يكن أسلم كافر iiعلى      ii
يـديه قـيل إنّه له iiالولاء

إن لم يكن لذاك وارث أحد      ii
لـخبر ضعيف متن iiوسند
فأقحم هذا الولاء بين ولاء ضامن الجريرة ، وولاء الإمام عليه‌السلام ، لأنّ الإمام وارث من لا وارث له ، ولم يلتفت إليها أكثر العلماء لعدم استقامة متنها ، وضعف سندها ، ومخالفتها للنّصوص والقواعد والاصول.