نكير ، فيلقى فيه الروح إلى حقويه (1) فيقعدانه فيسئلانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول الله ، فيقولان : وما دينك ؟ فيقول : الاسلام فيقولان : ومن نبيك ؟ فيقول : محمد ، فيقولان : ومن امامك ؟ فيقول : على فينادى مناد من السماء : صدق عبدى افرشو اله في القبر من الجنة ، وألبسوه من ثياب الجنة ، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة حتى يأتينا 1 ـ وما عندنا خير له ثم يقولان له : نم نومة العروس ، نم نومة لا حلم فيها .
  وان كان كافرا أخرجت له ملئكة يشيعونه إلى قبره يلعنونه حتى اذا انتهى إلى الارض قالت الارض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، اما والله لقد كنت أبغض ان يمشى على مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم ، فتضايق عليه حتى تلتقى جوانحه ، ويدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير ، قال : قلت له جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة ؟ فقال : لا ، فيقعدانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ، فيقولان : لا دريت فما دينك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ويتلجلج لسانه ، فيقولان : لا دريت فمن نبيك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ويتلجلج لسانه فيقولان : لا دريت ، فينادى مناد من السماء : كذب عبدى افرشوا له في قبره من النار والبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا وماله عندنا شر له ، قال : ثم يضربانه بمرزبة (2) معهما ثلث ضربات ليس منها ضربة الا تطاير قبره نارا ولو ضربت تلك الضربة على جبال تهامة لكانت رميما .
  قال أبوعبدالله عليه السلام ويسلط الله عليه في قبره الحيات والعقارب تنهشه نهشا (3)
  والشياطين تغمه غما يسمع عذابه من خلق الله الا الجن والانس ، وانه ليسمع خفق نعالهم ونفض ايديهم وهو قول الله : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قال : عند موته ( وفى الآخرة ) قال : في قبره ، ( وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) (4)

--------------------
(1) الحقو : بفتح المهملة وسكون القاف ـ : موضع شد الازار وهو الخاصرة .
(2) المرزبة : عصاة كبيرة من حديد تتخذ لتكسير المدر .
(3) نهشه الحية او العقرب : لسعته ، عضه او اخذه باضراسه .
(4) البرهان ج 2 : 314 ، البحار ج 3 : 166 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 227 _

  19 ـ عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال : اذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله ، واقيم الشيطان بين يديه ، عيناه من نحاس فيقال له : كيف تقول في هذا الرجل الذى خرج بين ظهر انيكم ؟ قال : فيفزع لذلك فيقول ان كان مؤمنا : عن محمد تسئلانى فيقولان له عند ذلك : نم ، نومة لا حلم فيها ، ويفسح له في قبره خمسة ( سبعة خ ل ) أذرع ، ويرى مقعده من الجنة ، وان كان كافرا قيل له : ما تقول في هذا الرجل الذى خرج بين ظهر انيكم ؟ فيقول : ما أدرى ويخلى بينه وبين الشياطين ، ويضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شئ وهو قول الله : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) (1) .
  20 ـ عن سويد بن غفلة عن على بن أبى طالب عليه السلام قال : ابن آدم اذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله فيقول : والله انى كنت عليك لحريصا شحيحا فما عندك ؟ فيقول : خذ منى كفنك ، فيلتفت إلى ولده فيقول : والله انى كنت لكم محبا وانى كنت عليكم لمحاميا فماذا عندكم ؟ فيقولون : نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها ، فيلتفت إلى عمله فيقول : والله انى كنت فيك لزاهد وان كنت على ثقيلا فما عندك ؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربك ، فان كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا (2) فيقول : ابشر بروح وريحان وجنة نعيم ، قدمت خير مقدم فيقول : من أنت ؟ فيقول : انا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنة وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله .
  فاذا أدخل قبره أتاه اثنان هما فتانا القبر يجزان اشعارهما ، ويبحثان الارض بأنيابهما ، أصواتهما كالرعد العاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف ثم يقولان : من ربك وما دينك ومن نبيك ؟ فيقول : ربى الله ودينى الاسلام ونبيى محمد ، فيقولان :

--------------------
(1) البحار ج 3 : 158 ، البرهان ج 2 : 315 .
(2) الرياش : اللباس الفاخر .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 228 _


  ثبتك الله فيما تحب وترضى ، وهو قول الله : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) ثم يفسحان له في قبره مد بصره ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ، ثم يقولان له : نم قرير العين نوم الشاب الناعم (1) فانه يقول الله : ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) واما ان كان لربه عدوا فانه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا وأنتنهم ريحا فيقول : ابشر بنزل من حميم وتصلية جحيم وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه فاذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر فالقيا اكفانه ثم قالا له : من ربك وما دينك و من نبيك ؟ فيقول : لا أدرى ، فيقولان : لا دريت ولا هديت فيضربان يافوخه (2) بمرزبة ـ ضربة ـ ما خلق الله من دابة الا تذعر لها ما خلا الثقلين ، ثم يفتح له باب إلى النار ثم يقولان له : نم بشر حال فانه من الضيق مثل ما فيه القناة من الزج (3) حتى ان دماغه ليخرج ما بين ظفره ولحمه ، ويسلط الله عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها ، فتنهشه حتى يبعثه من قبره ، وانه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر (4) .
  21 ـ قال جابر : قال أبوجعفر عليه السلام : قال النبى صلى الله عليه وآله : انى كنت لانظر إلى الغنم والابل وأنا أرعاها ، ـ وليس من نبى الا قد رعى ـ فكنت انظر اليها قبل النبوة وهى متمكنة في المكينة ماحولها شئ ينشرها حى فانظر (5) فأقول : ما هذا وأعجب ، حتى حدثنى جبرئيل عليه السلام ان الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا الا سمعها ويذعر الا الثقلان ، فعلمت ان ذلك انما كان بضربة الكافر فنعوذ بالله من عذاب القبر (6) .

--------------------
(1) الناعم من العيش : الرغد الطيب .
(2) اليافوخ : الموضع الذى يتحرك من رأس الصبى وهو فراغ بين عظام جمجمته في مقدمته واعلاها لا يلبث ان تلتقى فيه العظام .
(3) الزج ـ بالضم : الحديدة التى في اسفل الرمح .
(4) البرهان ج 2 : 314 ، البحار ج 3 : 155 .
(5) كذا في النسخ لكن في رواية الكلينى هكذا ( ما حولها شئ يهيجها حتى تذعر فتطيراه ) وهو الظاهر .
(6) البرهان ج 2 : 315

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 229 _

  22 ـ عن عمرو بن سعيد قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله : ( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) قال : فقال : ما تقولون في ذلك ؟ فقال : نقول : هما الافجران من قريش بنو امية وبنو المغيرة ، فقال : بلى هى قريش قاطبة ، ان الله خاطب نبيه فقال : انى قد فضلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتى ، وبعثت اليهم رسولا فبدلوا نعمتى ، وكذبوا رسولى (1) .
  23 ـ وفى رواية زيد الشحام عنه قال : قلت له : بلغنى ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عنها (2) فقال : عنى بذلك الافجران من قريش امية ومخزوم ، فاما مخزوم فقتلها الله يوم بدر ، واما امية فمتعوا إلى حين ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : عنى الله والله بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله ونصبوا له الحرب (3) .
  24 ـ عن الاصبغ بن نباتة قال : قال امير المؤمنين صلوات الله عليه : في قول الله ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً ) قال : قال : نحن نعمة الله التى انعم الله بها على العباد (4) .
  25 ـ عن ذريح عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : جاء ابن الكوا إلى امير المؤمنين على عليه السلام فسأله عن قول الله : ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) قال : تلك قريش بدلوا نعمة الله كفرا وكذبوا نبيهم يوم بدر (5) .
  26 ـ عن محمد بن سابق بن طلحة الانصارى قال : كان مما قال هارون لابى الحسن موسى عليه السلام حين ادخل عليه : ما هذه الدار ودار من هى ؟ قال : لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة ، قال : فما بال صاحب الدار لا يأخذها ؟ قال : أخذت منه عامرة ولا يأخذها الا معمورة ، فقال : اين شيعتك ؟ فقرأ ابوالحسن : ( لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 315 ، البحار ج 4 : 61 .
(2) اى عن الاية .
(3) البرهان ج 2 : 316 .
(4 ـ 5) البرهان ج 2 : 316 ، البحار ج 7 : 102 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 230 _

  الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ ) قال له : فنحن كفار ؟ قال : لا ولكن كما قال الله : ( الم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) فغضب عند ذلك وغلظ عليه (1) .
  27 ـ على بن حاتم قال : وجدت في كتاب أبى عن حمزة الزيات عن عمرو بن مرة قال : قال ابن عباس لعمر : يا أمير المؤمنين هذه الاية ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) قال : هما الافجران من قريش أخوالى واعمامك فأما أخوالى فاستأصلهم الله يوم بدر : واما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين (2)
  28 ـ عن مسلم المشوب (3) عن على بن أبيطالب عليه السلام في قوله : ( واحلوا قومهم دار البوار ) قال : هما الافجران من قريش بنو امية وبنو المغيرة (4)
  29 ـ عن زرعة عن سماعة قال : ان الله فرض للفقراء في اموال الاغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها وهى الزكوة ، بها حقنوا دمائهم ، وبها سموا مسلمين ، ولكن الله فرض في الاموال حقوقا غير الزكوة وقد قال الله تبارك وتعالى ( وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً ) (5) .
  30 ـ عن حسين بن هارون شيخ من أصحاب أبى جعفر عن أبى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقرأ هذه الاية ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) قال : ثم قال أبوجعفر : الثو ب والشئ الذى لم تسئله اياه أعطاك (6) .
  31 ـ عن الزهرى قال : اتى رجل أبا عبدالله عليه السلام فسأله عن شئ فلم يجبه فقال له الرجل : فان كنت ابن أبيك فانك من أبناء عبدة الاصنام ، فقال له : كذبت

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 316 317 .
(3) وفى نسخة البرهان ( معصم المسرف ) ولم اظفر على ترجمة الرجل ( على كلتا النسختين ) في كتب الرجال .
(4) البحار ج 8 : 381 ، البرهان ج 2 : 318 .
(5) البرهان ج 2 : 318 .
(6) البرهان ج 2 : 318 ، الصافى ج 1 : 889 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 231 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 231 سطر 1 الى ص 240 سطر 25
  ان الله أمر ابراهيم أن ينزل اسمعيل بمكة ففعل ، فقال ابراهيم ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) فلم يعبد احد من ولد اسمعيل صنما قط ولكن العرب عبدة الاصنام وقالت بنوا سمعيل : هؤلاء شفعاءنا عند الله فكفرت ولم تعبد الاصنام (1)
  32 ـ عن أبى عبيدة عن أبى جعفر عليه السلام (2) قال : من أحبنا فهو منا أهل البيت قلت : جعلت فداك منكم ؟ قال : منا والله ، اما سمعت قول ابراهيم عليه السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (3) .
  33 ـ عن محمد الحلبى عن أبيعبد الله عليه السلام قال : من اتقى الله منكم وأصلح فهو منا أهل البيت ، قال : منكم أهل البيت ؟ قال منا اهل البيت قال فيها ابراهيم : ( فمن تبعنى فانه منى ) قال عمر بن يزيد : قلت له من آل محمد ؟ قال : اى والله من آل محمد ، اى والله من أنفسهم اما تسمع الله يقول : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) وقول ابراهيم : ( فمن تبعنى فانه منى ) (4)
  34 ـ عن ابى عمرو الزبيرى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : من تولى آل محمد وقدمهم على جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله فهو من آل محمد لتوليه آل محمد لا انه من القوم بأعيانهم وانما هو منهم بتوليه اليهم واتباعه اياهم ، وكذلك حكم الله في كتابه : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) وقول ابراهيم : ( فمن تبعنى فانه منى و من عصانى فانك غفور رحيم ) (5) .
  35 ـ عن رجل ذكره عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) إلى قوله : ( لعلهم يشكرون ) قال : فقال أبوجعفر : نحن هم ونحن بقية تلك الذرية (6) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 318 ، الصافى ج 1 : 889 .
(2) وفى البرهان ( عن أبيعبيدة عن ابيعبد الله ) .
(3 ـ 4) البرهان ج 2 : 318 .
(5) البرهان ج 2 : 318 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 111 .
(6) البرهان ج 2 : 319 ، الصافى ج 1 : 890 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 232 _


  36 ـ وفى رواية اخرى عن حنان بن سدير عنه : نحن بقية تلك العترة (1) .
  37 ـ عن الفضل بن موسى الكاتب عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال : ان ابراهيم صلوات الله عليه لما اسكن اسمعيل صلوات الله عليه وهاجر مكة ودعهما لينصرف عنهما بكيا ، فقال لهما ابراهيم : ما يبكيكما فقد خلفتكما في أحب الارض إلى الله وفى حرم الله ؟ فقالت له هاجر : يا ابراهيم ما كنت أرى ان نبيا مثلك يفعل ما فعلت ؟ قال : وما فعلت ؟ فقالت : انك خلفت امرأة ضعيفة وغلاما ضعيفا لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر ولا ماء يظهر ، ولا زرع قد بلغ ، ولا ضرع يحلب ؟ قال : فرق ابراهيم ودمعت عيناه عندما سمع منها فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام فأخذ بعضادتى الكعبة ثم قال : ( اللهم انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوة فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) .
  قال أبوالحسن : فأوحى الله إلى ابراهيم ان اصعد أبا قبيس فناد في الناس : يا معشر الخلايق ان الله يأمركم بحج هذا البيت الذى بمكة محرما من استطاع اليه سبيلا ، فريضة من الله ، قال : فصعد ابراهيم أبا قبيس فنادى في الناس بأعلى صوته يامعشر الخلايق ان الله يأمركم بحج هذا البيت الذى بمكة محرما من استطاع اليه سبيلا فريضة من الله ، قال : فمد الله لابراهيم في صوته حتى أسمع به أهل المشرق و المغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في أصلاب الرجال من النطف وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيمة ، فهناك يا فضل وجب الحج على جميع الخلايق ، فالتلبية من الحاج في أيام الحج هى اجابة لنداء ابراهيم عليه السلام يومئذ بالحج عن الله (2) .
  38 ـ عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : سمعته يقول : ان ابراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه سأل ربه حين أسكن ذريته الحرم قال :

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 319 . الصافى ج 1 : 890 .
(2) البحار ج 5 : 142 . البرهان ج 2 : 320 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 233 _
  رب ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ، فأمر الله تبارك وتعالى قطعة من الاردن حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا ، ثم أمر الله ان تقول الطائف فسميت الطائف لطوافها بالبيت (1) .
  39 ـ عن أبى جعفر في قوله تعالى : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) اما انه لم يعن الناس كلهم أنتم اولئك ونظراؤكم انما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الاسود او مثل الشعرة السوداء في الثور الابيض ، ينبغى للناس ان يحجوا هذا البيت ويعظموه لتعظيم الله اياه ، وان يلقونا (2) حيث كنا ، نحن الادلاء على الله (3) .
  40 ـ عن ثعلبة بن ميمون عن ميسر عن أبى جعفر عليه السلام قال : ان أبانا ابراهيم كان مما اشترط على ربه فقال : ( رب اجعل افئدة من الناس تهوى اليهم ) (4)
  41 ـ وفي رواية اخرى عنه قال : كنا في الفسطاط عند أبى جعفر عليه السلام نحو من خمسين رجلا ، قال : فجلس بعد سكوت كان منا طويلا فقال : ما لكم لا تنطقون لعلكم ترون انى نبى ؟ لا والله ما أنا كذلك ، ولكن في قرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله قريبة وولادة ، من وصلها وصله الله ، ومن أحبها أحبه الله ، من أكرمها أكرمه الله أتدرون أى البقاع أفضل عند الله منزلة ؟ فلم يتكلم أحد فكان هو الراد على نفسه ، فقال : تلك مكة الحرام التى رضيها لنفسه حرما وجعل بيته فيها .
  ثم قال : أتدرون أى بقعة أفضل من مكة ؟ فلم يتكلم احد فكان هو الراد على نفسه ، فقال : ما بين الحجر الاسود إلى باب الكعبة ذلك حطيم ابراهيم نفسه الذى كان يذود فيه غنمه ويصلى فيه ، فوالله لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان قام النهار مصليا حتى يجنه الليل (5) وقام الليل مصليا حتى يجنه النهار ثم لم يعرف

--------------------
(1) البحار ج 5 : 142 ، البرهان ج 2 : 320 .
(2) وفى نسخة البرهان ( أن يأتونا ) مكان ( يلقونا ) .
(3) البحار ج 15 ( ج 1 ) : 125 ، البرهان ج 2 : 320 ، الصافى ج 1 : 890
(4) البرهان ج 2 : 320 .
(5) جنه الليل : ستره ، وفى نسخة ( يجيئه ) في الموضعين .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 234 _

  لنا حقا أهل البيت ، وحرمنا حقنا لم يقبل الله منه شيئا أبدا ، ان ابانا ابراهيم صلوات الله عليه كان فيما اشترط على ربه أن قال : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) اما انه لم يقل الناس كلهم أنتم اولئك رحمكم الله ونظراؤكم ، انما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الاسوة ، أو الشعرة السوداء في الثور الابيض وينبغى للناس ان يحجوا هذا البيت ، وان يعظموه لتعظيم الله اياه ، وان يلقونا اينما كنا ، نحن الادلاء على الله (1) .
  42 ـ وفى خبر اخر : أتدرون اى بقعة اعظم حرمة عند الله ؟ فلم يتكلم احد وكان هو الراد على نفسه فقال : ذلك ما بين الركن الاسود والمقام إلى باب الكعبة ذلك حطيم اسمعيل الذى كان يذود فيه غنمه ثم ذكر الحديث (2)
  43 ـ عن الفضيل بن يسار عن أبى جعفر عليه السلام قال : انظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة ، فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية ، انما أمروا ان يطوفوا ثم ينفروا الينا فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضون علينا نصرتهم ثم قرأ هذه الاية ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) فقال : آل محمد آل محمد ، ثم قال : الينا الينا (3) .
  44 ـ عن السدى قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقرأ ( ربنا انك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شئ ) شأن اسمعيل وما اخفى اهل البيت (4) .
  45 ـ عن حريز بن عبدالله عمن ذكره عن أحدهما انه كان يقرأ هذه الاية ( رب اغفر لى ولولدى ) يعنى اسمعيل واسحق (5) .
  46 ـ وفى رواية اخرى عمن ذكره عن احدهما انه قرأ ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ )

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 320 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 125 .
(3) البرهان ج 2 : 320 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 125 ، الصافى ج 1 : 892 .
(4) البرهان ج 2 : 321 .
(5) البرهان ج 2 : 321 ، البحار ج 5 : 132 ، الصافى ج 1 : 893 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 235 _

  قال : آدم وحوا (1) .
  47 ـ عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : ( رب اغفر لى ولوالدى ) قال : هذه كلمة صحفها الكتاب ، انما كان استغفاره لابيه عن موعدة وعدها اياه وانما قال : ( رب اغفر لى ولولدى ) يعنى اسمعيل واسحق ، والحسن والحسين والله ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله (2)
  48 ـ عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام في قوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) انما هى طاعة الامام وطلبوا القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين ( قالوا ربنا لولا اخرتنا إلى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ) ارادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه السلام (3)
  49 ـ عن سعد بن عمر (4) عن غير واحد ممن حضر ابا عبدالله عليه السلام ورجل يقول قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن على ذكر دور العباسيين فقال رجل : اراناها الله خرابا أو خربها بأيدنا ، فقال له ابوعبدالله عليه السلام : لا تقل هكذا ، بل يكون مساكن القائم واصحابه ، لما سمعت الله يقول : ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ) (5) .
  50 ـ عن جميل بن دارج قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ( إِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) وان كان مكروا العباس (6) بالقائم لتزول منه قلوب الرجال (7)
  51 ـ عن الحارث عن على بن أبيطالب عليه السلام قال : ان نمرود أراد أن ينشر

--------------------
(2 ـ 1) البرهان ج 2 : 321 ، البحار ج 5 : 132
(3) البرهان ج 2 : 321 ، البحار ج 13 : 137 .
(4) وفى نسخة ( مسعدة ) بدل ( سعد ) وفى اخرى ( عثمان ) مكان ( عمر ) .
(6) كذا في المخطوطتين لكن في نسخة البرهان هكذا ( وان مكر بنى العباس 51 ) وهو الظاهر .
(7) البرهان ج 2 : 321 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 236 _

  إلى ملك السماء فأخذ نسورا أربعة (1) فرباهن ـ حتى كن نشاطا ـ (2) وجعل تابوتا من خشب وأدخل فيه رجلا ، ثم شد قوائم النسور بقوائم التابوت ، ثم أطارهن ثم جعل في وسط التابوت عمودا وجعل في رأس العمود لحما فلما راى النسور اللحم طرن وطرن بالتابوت والرجل ، فارتفعن إلى السماء فمكث ما شاء الله ثم ان الرجل أخرج من التابوت رأسه فنظر إلى السماء فاذا هى على حالها ونظر إلى الارض فاذا هو لا يرى الجبال الا كالذر ، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فاذا هى على حالها ، ونظر إلى الارض فاذا هو لا يرى الا الماء ، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فاذا هى على حالها ونظر إلى الارض فاذا هو لا يرى شيئا ، فلما ترى سفل العمود (3) وطلبت النسور اللحم وسمعت الجبال هدة النسور فخافت من امر السماء (4) وهو قول الله : ( إِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) (5) .
  52 ـ عن ثوير بن أبى فاختة عن على بن الحسين عليه السلام قال : ( تبدل الارض غير الارض ) يعنى بأرض لم تكتسب عليها الذنوب بارزة ، ليست عليها جبال ولا

--------------------
(1) النسور جمع النسر : طائر حاد البصر واشد الطيور ارفعها طيرانا ، واقواها جناحا وليس في سباع الطير اكبر جثة منه ويقال له ( ابوالطير ) وبالفارسية ( كركس ) .
(2) ما بين المعقفتين ليس في نسخة البحار وكان في نسخة الاصل ( نشاكم ) بدل ( نشاطا ) .
(3) وفى البرهان ( فلما نزل اللحم إلى سفل العمود اه ) .
(4) كذا في المخطوطين ونسخة البرهان باختلاف يسير ذكرناه لكن في نسخة البحار اختلاف وزيادة بعد قوله : فاذا هو لا يرى شيئا اه وها هى : ( ثم وقع في ظلمة لم ير ما فوقه وما تحته ففزع فالقى اللحم فأتبعه النسور منقضات فلما نظرت الجبال اليهن وقد أقبلن منقضات وسمعت حفيفهن فزعت وكادت ان تزول مخافة امر ( وفى نسخة من امر ( السماء اه )
(5) البرهان ج 2 : 321 ، البحار ج 5 : 123 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 237 _

  نبات (1) كما دحاها أول مرة (2) .
  53 ـ عن زرارة قال : سألت ابا جعفر عليه السلام (3) عن قول الله : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ) قال : تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، قال الله : ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ) (4)
  45 ـ عن محمد بن هاشم عمن أخبره عن أبى جعفر عليه السلام قال : قال له الابرش الكلبى (5) بلغنى انك قلت في قول الله : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ) انها تبدل خبزة ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : صدقوا تبدل الارض خبزة نقية في الموقف يأكلون منها ، فضحك الابرش وقال : أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز فقال ويحك في أى المنزلتين هم اشد شغلا وأسوء حالا ، اذا هم في الموقف او في النار يعذبون ؟ فقال : لا في النار فقال : ويحك وان الله يقول : ( لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال : فسكت (6) .
  55 ـ وفى خبر آخر عنه فقال : وهم في النار لا يشغلون عن اكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب ، فكيف يشتغلون عنه في الحساب ؟ (7) .

--------------------
(1) وفى نسخة البحار ( النبك ) ونقل المجلسى في بيانه عن الفيروز آبادى النبكة محركة وتسكن : اكمة محددة الرأس وربما كانت حمراء ، وارض فيها صعود وهبوط ، او التل الصغير ، والجمع نبك ونبك ( محركة ) ونبوك انتهى .
ثم قال : لا ينافى هذا الخبر ما مر وما سيأتى اذ كونها مستوية لا ينافى كون كلها او بعضها من خبز فتكون المغايرة مرادة على الوجهين معا .
(2) البرهان ج 2 : 323 ، البحار ج 3 : 221 ، الصافى ج 1 : 894 .
(3) وفى البرهان ( أبا عبدالله عليه السلام ) مكان ( ابا جعفر عليه السلام )
(4) البحار ج 3 : 221 ، البرهان ج 2 : 323 .
(5) هو أبومجاشع بن الوليد من علماء العامة كان من خواص هشام بن عبدالملك وبقى إلى زمن المنصور وله مع منصور حكاية لطيفة ذكرها القمى رحمه الله في الكنى والالقاب فراجع ان شئت .
(6 ـ 7) البرهان ج 2 : 323 ، البحار ج 3 : 221 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 238 _

  56 ـ عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( يوم تبدل الارض غير الارض ) قال : تبدل خبزة نقية يأكل منها حتى يفرغ فمن الحساب ، فقال له قائل : انهم يومئذ في شغل عن الاكل والشرب ؟ فقال له : ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب ، أهم أشد شغلا أم هم في النار فقد استغاثوا ؟ فقال : ( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ ) (1) .
  57 ـ عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لقد خلق الله في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم ، خلقهم من أديم الارض فاسكنوها واحدا بعد واحد مع عالمه ، ثم خلق الله آدم أبا هذا البشر وخلق ذريته منه ، ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها الله ، ولا خلت النار من أراواح الكافرين منذ خلقها الله لعلكم ترون انه اذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان اهل الجنة مع أرواحهم في الجنة ، وصير أبدان اهل النار مع أرواحهم في النار ، ان الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه ـ بلى والله ليخلقن خلقا من غير فحولة ولا أناث يعبدونه ويوحدونه ـ ويعظمونه ويخلق لهم ارضا تحملهم وسماء تظلهم أليس الله يقول : ( يوم تبدل الارض غير الارض والسموات ) وقال الله : ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) (2)

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 323 ، البجار ج 3 : 221
(2) البحار ج 3 : 398 ، البرهان ج 2 : 324 ، الصافى ج 1 : 895 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 239 _

بسم الله الرحمن الرحيم

من سورة الحجر

  1 ـ عن عبدالله بن عطاء المكى قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ) قال ينادى مناد يوم القيمة يسمع الخلايق : انه لا يدخل الجنة الا مسلم ثم يود ساير الخلق انهم كانوا مسلمين (1)
  2 ـ وبهذا الاسناد عن أبى عبدالله عليه السلام فثم يود الخلق انهم كانوا مسلمين (2) .
  3 ـ عن بكر بن محمد الازدى عن عمه عبدالسلام عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال : يا عبدالسلام احذر الناس ونفسك ، فقلت بأبى أنت وامى اما الناس فقد اقدر على أن احذرهم ، فاما نفسى فكيف ؟ قال : ان الخبيث يسترق السمع يجيئك فيسترق ثم يخرج في صورة آدمى ، فيقول ، قال عبدالسلام ، فقلت : بأبى انت وأمى هذا ما لا حيلة له قال : هو ذلك (3) .
  4 ـ عن ابن وكيع عن رجل عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله لا تسبوا الريح فانها بشر وانها نذر ، وانها لواقح فاسئلوا الله من خيرها ، وتعوذوا به من شرها (4)
  5 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال : لله رياح (5) رحمة لواقح ينشرها

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 325 ، الصافى ج 1 : 897 وفيهما ( لو كانوا مسلمين ) بزيادة لفظة ( لو ) .
(3) البحار ج 14 : 619 ، البرهان ج 2 : 328 .
(4) البرهان ج 2 : 328 ، البحار ج 14 : 285 ، الصافى ج 1 : 900 .
(5) وفى نسخة البرهان ( ان لله رياح اه ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 240 _

  بين يدى رحمته (1) .
  6 ـ عن جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال : ( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) قال : هم المؤمنون من هذه الامة (2)
  7 ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : قال الله للملائكة ( إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) قال : وكان من الله ذلك تقدمة منه إلى الملئكة احتجاجا منه عليهم ، و ما كان الله يغير ما بقوم الا بعد الحجة عذرا ونذرا ، فاغترف الله غرفة بيمينه وكلتا يديه يمين (3) من الماء العذب الفرات فصلصلها في كفه (4) فجمدت ثم قال : منك اخلق النبيين والمرسلين وعبادى الصالحين الائمة المهديين (5) الدعاة إلى الجنة و

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 328 ، البحار ج 14 : 285 .
(2) البرهان ج 2 : 328 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 263 ، الصافى ج 1 901 .
(3) قال الجرزى : في الحديث وكلتا يديه اى ان يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما ، لان الشمال تنقص عن اليمين وكل ما جاء في القرآن و الحديث من اضافة اليد والايدى واليمين وغير ذلك من اسماء الجوارح إلى الله تعالى فانما هو على سبيل المجاز والاستعارة والله منزه عن التشبيه والتجسيم .
وقال المجلسى رحمه الله بعد نقل كلامه ـ : لما كانت اليد كناية عن القدرة فيحتمل ان يكون المراد باليمين القدرة على الرحمة والنعمة والفضل ، وبالشمال : القدرة على العذاب والقهر والابتلاء ، فالمعنى ان عذابه وقهره وامراضه واماتته وساير المصائب والعقوبات لطف ورحمة لاشتمالها على الحكم الخفية والمصالح العامة ، وبه يمكن ان يفسر ما ورد في الدعاء : والخير في يديك ، ( انتهى ) وقد مر الحديث باختلاف يسير في سورة البقرة .
(4) الصلصال : الطين اليابس الذى لم يطبخ اذا نقر به صوت كما يصوت الفخار والفخار ما طبخ من الطين .
(5) وفى البرهان ( المهتدين ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 241 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 241 سطر 1 الى ص 250 سطر 24
  أتباعهم إلى يوم القيمة ولا ابالى ولا اسئل عما افعل وهم يسئلون ، ثم اغترف الله غرفة بكفه الاخرى من الماء الملح الاجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها : منك اخلق الجبارين والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين وائمة الكفر ، والدعاة إلى النار واتباعهم إلى يوم القيمة ولا ابالى ولا اسئل عما افعل وهم يسئلون ، واشترط في ذلك البداء فيهم ولم يشترط في اصحاب اليمين البداء لله فيهم ، ثم خلط المائين في كفه جميعا فصلصلها ثم اكفاهما قدام عرشه وهما بلة من طين (1)
  8 ـ عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) قال : روح خلقها الله فنفخ في آدم منها (2)
  9 ـ عن محمد بن اورمة عن ابى جعفر الاحول عن ابى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الروح التى في آدم قوله : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) قال : هذه روح مخلوقة لله ، والروح التى في عيسى بن مريم مخلوقة لله (3)
  10 ـ عن ابى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) قال : خلق خلقا وخلق روحا ، ثم امر الملك فنفخ فيه وليست بالتى نقصت من الله شيئا ، هى من قدرته تبارك وتعالى (4) .
  11 ـ وفى رواية سماعة عنه خلق آدم فنفح فيه ، وسئلته عن الروح قال : هى من قدرته من الملكوت (5) .
  12 ـ عن ابان قال : قال ابوعبدالله عليه السلام : ان على بن الحسين اذا اتى الملتزم قال اللهم ان عندى افواجا من ذنوب ، وأفواجا من خطايا ، وعندك افواج من رحمة و أفواج من مغفرة ، يا من استجاب لابغض خلقه اليه اذ قال ( أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) استجب لى وافعل بى كذا وكذا (6) .
  13 ـ عن الحسن ( الحسين خ ل ) بن عطية قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 328 ، البحار ج 3 : 66 وفيه ( سلالة من طين )
(2 ـ 5) البحار ج 2 : 108 ، البرهان ج 2 : 342 .
(6) البرهان ج 2 : 343 ، البحار ج 21 : 44 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 242 _

  ان ابليس عبدالله في السماء الرابعة في ركعتين ستة آلاف سنة ، وكان من انظار الله اياه إلى يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلك العبادة (1) .
  14 ـ عن وهب بن جميع مولى اسحق بن عمار قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول ابليس : ( رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) قال له وهب : جعلت فداك اى يوم هو ؟ قال : يا وهب أتحسب انه يوم يبعث الله فيه الناس ؟ ان الله أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا فاذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة ، وجاء ابليس حتى يجثو بين يديه على ركبتيه (2) فيقول : يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه فذلك اليوم هو الوقت المعلوم (3) .
  15 ـ عن أبى جميلة عن عبدالله بن أبى جعفر (4) عن أخيه عن قوله : ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) قال : هو امير المؤمنين عليه السلام (5) .
  16 ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : قلت أرأيت قول الله : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) ما تفسير هذا ؟ قال : قال الله : انك لا تملك ان تدخلهم جنة ولا نارا (6) .
  17 ـ عن على بن النعمان عن بعض اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) قال : ليس على هذه العصابة خاصة سلطان ، قال : قلت : وكيف جعلت فداك وفيهم ما فيهم ؟ قال : ليس حيث تذهب انما قوله : ( ليس لك عليهم سلطان ) أن يحبب اليهم الكفر ويبغض اليهم الايمان (7) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 343 ، البحار ج 14 : 628 .
(2) جثا : جلس على ركبتيه .
(3) البرهان ج 2 : 343 ، البحار ج 14 : 628 ، الصافى ج 1 : 906 .
(4) كذا في المخطوطتين وفى البرهان ( عن أبى عبدالله عن أبيجعفر ) وفى نسخة الصافى هكذا ( العياشى عن السجاد اه ) ، وفى البحار هكذا : ( عن أبى جميلة عن أبى عبدالله ، وعن جابر عن أبى جعفر قال قلت : ارأيت اه ) وذكر الحديث الثانى .
(5) البرهان ج 2 : 344 ، الصافى ج 1 : 107 .
(6 ـ 7) البرهان ج 2 : 344 ، البحار ج 14 : 628 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 243 _

  18 ـ عن أبى بصير قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وهو يقول : نحن أهل بيت الرحمة وبيت النعمة وبيت البركة ، ونحن في الارض بنيان وشيعتنا عرى الاسلام (1) وما كانت دعوة ابراهيم الا لنا ولشيعتنا ، ولقد استثنى الله إلى يوم القيمة إلى ابليس فقال : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) (2) .
  19 ـ عن أبى بصير عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب ، بابها الاول للظالم وهو زريق وبابها الثانى لحبتر ، والباب الثالث للثالث ، والرابع لمعاوية ، والباب الخامس لعبد الملك والباب السادس لعسكر بن هوسر ، والباب السابع لابى سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم (3) .
  20 ـ عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن أبى الحسن قال : سأله رجل عن الجزؤ و جزؤ الشئ فقال : من سبعة ان الله يقول في كتابه : ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ

--------------------
(1) العرى جمع العروة : كلما يؤخذ باليد وما يوثق به ويعول عليه وقولهم ( عرى الايمان ـ او عرى الاسلام ) على التشبيه بالعروة التى يستمسك بها ويستوثق .
(2) البرهان ج 2 : 344 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 111 .
(3) البرهان ج 2 : 345 ، البحار ج 4 : 378 و 8 : 220 ، وقال المجلسى رحمه الله زريق كناية عن الاول لان العرب يتشأم بزرقة العين ، والحبتر هو الثعلب ولعله انما كنى عنه لحيلته ومكره ، وفى غيره من الاخبار وقع بالعكس وهو أظهر اذ الحبتر بالاول أنسب ويمكن ان يكون هنا ايضا المراد ذلك ، وانها قدم الثانى لانه اشقى وأفظ واغلظ ، و عسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء بنى امية او بنى العباس ، وكذا أبى سلامة كناية عن أبى جعفر الدوانيقى ، ويحتمل ان يكون عسكر كناية عن عايشة وساير اهل الجمل ، اذ كان اسم جمل عايشة عسكرا ، وروى انه كان شيطانا .
وقال في غير هذا الموضع : ويحتمل ان يكون كناية عن بعض ولاة بنى امية كأبى سلامة ، ويحتمل ان يكون ابوسلامة كناية عن أبى مسلم اشاره إلى من سلطهم من بنى العباس

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 244 _

  جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (1) .
  21 ـ عن اسمعيل بن همام الكوفى قال : قال الرضا عليه السلام : في رجل أوصى بجزؤ من ماله ، فقال : جزؤ من سبعة ، ان الله يقول في كتابه ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (2) .
  22 ـ عن أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله : ( اخوانا على سرر متقابلين ) قال : والله ما عنى غيركم (3) .
  23 ـ عن عمرو بن أبى المقدام عن ابى عبدالله عليه السلام قال : قال : سمعته يقول : انتم والله الذين قال الله : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) انما شيعتنا ، لا اصحاب الاربعة الاعين ، عينين في الرأس ، وعينين في القلب ، ألا والخلائق كلهم كذلك الا أن الله فتح أبصاركم واعمى ابصارهم (4) .
  24 ـ عن محمد بن مروان عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ليس منكم رجل ولا امرأة الا وملئكة الله يأتونه بالسلم ، وانتم الذين قال الله : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) (5) .
  25 ـ عن محمد بن القاسم عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان سارة قالت لابراهيم عليه السلام : قد كبرت فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا فتقر أعيننا ، فان الله قد اتخذك خليلا وهو مجيب دعوتك ان شاء الله ، فسأل ابراهيم ربه أن يرزقه غلاما حليما ، فأوحى الله اليه انى واهب لك غلاما حليما ثم أبلوك فيه بالطاعة لى ، قال أبوعبدالله عليه السلام : فمكث ابراهيم بعد البشارة ثلث سنين ثم جائته البشارة من الله باسمعيل مرة اخرى بعد ثلث سنين (6) .
  26 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال : قلت له : أصلحك الله اكان رسول الله صلى الله عليه واله يتعوذ من البخل ؟ قال : نعم يا با محمد في كل صباح ومساء ،

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 23 : 50 ، البرهان ج 2 : 345 ـ 346 .
(3 ـ 5) البرهان ج 2 : 347 ـ 348 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 111 ، الصافى ج 1 : 908 .
(6) البرهان ج 2 : 348 ، البحار ج 5 : 147 ، الصافى ج 1 : 908 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 245 _

  ونحن نعوذ بالله من البخل ، ان الله يقول في كتابه ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) وسأنبئك عن عاقبة البخل ، ان قوم لوط كانوا اهل قرية بخلاء اشحاء على الطعام فأعقبهم الله داء لا دواء له في فروجهم ، قلت : وما أعقبهم ؟ قال : ان قوم ( قرية خ ل ) لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام ومصر ، فكانت المارة تنزل بهم (1) فيضيفونه ، فلما ان كثر ذلك عليهم ضاقوا به ذرعا (2) وبخلا ولوما ، فدعاهم البخل إلى أن كان اذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك ، وانما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى تنكل النازلة عليهم فشاع أمرهم في القرى وحذرتهم المارة فلورثهم البخل بلاء لا يدفعونه عن أنفسهم في شهوة بهم اليه ، حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد ، ويعطونهم عليه الجعل ، فأى داء أعدى ( أداى خ ل ) من البخل ، ولا أضر عاقبة ولا أفحش عند الله .
  قال أبوبصير : فقلت له : أصلحك الله هل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا مبتلين ؟ قال : نعم الا أهل بيت من المسلمين ، اما تسمع لقوله : ( فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) ثم قال أبوجعفر عليه السلام ان لوطا لبث مع قومه ثلثين سنة يدعوهم إلى الله ويحذرهم عقابه ، قال : وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة ، وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة ، وكان لوط ابن خالة ابراهيم ، وابراهيم ابن خالة لوط ، وكانت امرأة ابراهيم سارة اخت لوط ، وكان ابراهيم ولوط نبيين عليهما السلام مرسلين منذرين ، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقرى الضيف (3) اذا نزل به ويحذر قومه ، قال : فلما ان رأى قوم لوط ذلك قالوا : انا ننهيك عن العالمين لا تقرى ضيفا نزل بك ، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك واخزيناك فيه وكان لوط اذا

--------------------
(1) وفى نسخة ( تنزلونهم ) .
(2) ضاق بالامر ذرعه وضاق به ذرعا : ضعف طاقته ولم يجد من المكروه فيه مخلصا .
(3) قرى الضيف : اضافه واجاره واكرمه .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 246 _

  نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه ، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له .
  قال : وان لوطا وابراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط ، وكانت لابراهيم ولوط منزلة من الله شريفة ، وان الله تبارك وتعالى كان اذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة ابراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم .
  قال أبوجعفر : فلما اشتد اسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه احب ان يعوض ابراهيم من عذاب قوم لوط بغلام حليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط ، فبعث الله رسلا إلى ابراهيم يبشرونه باسمعيل فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف ان يكونوا سراقا قال : فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا سلاما قال سلام ، قال انا منكم وجلون قالوا لا توجل انا نبشرك بغلام حليم ، قال ابوجعفر عليه السلام : والغلام الحليم هو اسمعيل من هاجر ، فقال ابراهيم للرسل : ( أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ ) فقال ابراهيم للرسل فما خطبكم بعد البشارة ؟ ( قالوا انا ارسلنا إلى قوم مجرمين قوم لوط انهم كانوا قوما فاسقين ) لننذرهم عذاب رب العالمين قال أبوجعفر عليه السلام : فقال ابراهيم للرسل : ( إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ ) قال : ( فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ * قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ) يقول : من عذاب الله لننذر قومك العذاب ، ( فأسر باهلك ) يا لوط اذا مضى من يومك هذا سبعة ايام بلياليها ( بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ) .
  قال ابوجعفر فقضوا إلى لوط ذلك الامر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ، قال أبوجعفر : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا إلى ابراهيم يبشرونه باسحق ويعزونه بهلاك قوم لوط وذلك قول الله في سورة هود ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) يعنى ذكيا مشويا نضيجا ( فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 247 _

  تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ ) قال أبوجعفر عليه السلام : انما عنى امراة ابراهيم سارة قائمة ( فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ) إلى قوله : ( انه حميد مجيد ) .
  قال ابوجعفر عليه السلام : فلما ان جاءت البشارة باسحق ذهب عنه الروع واقبل يناجى ربه في قوم لوط ويسئله كشف العذاب عنهم ، قال الله : ( يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) بعد طلوع الشمس من يومى (1) هذا محتوم غير مردود (2) .
  27 ـ عن صفوان الجمال قال : صليت خلف أبى عبد الله عليه السلام فأطرق ثم قال : اللهم لا تقنطنى من رحمتك ، ثم جهر فقال : ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ ) (3) .
  28 ـ عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال : هم الائمة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله لقوله : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) (4) .
  29 ـ عن اسباط بن سالم قال : سأل رجل من اهل هيت (5) ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال : نحن المتوسمين والسبيل فينا مقيم (6) .
  30 ـ عن عبدالرحمن بن سالم الاشل رفعه في قوله ( لآيات للمتوسمين )

--------------------
(1) وفى البرهان ( من يومك ) .
(2) البحار ج 5 : 152 ، البرهان ج 2 : 348 ، الصافى ج 1 : 909 .
(3) البرهان ج 2 : 349 ، البحار ج 18 : 452 .
(4) البرهان ج 2 : 352 ، البحار ج 7 : 118 .
(5) قال ياقوت هيت : بلدة على الفرات من نواحى بغداد فوق الانبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة ، وقال ابن سكيت : سميت هيت هيت لانها في هوة من الارض انقلبت الواو ياءا لانكسار ما قبلها .
(6) البرهان ج 2 : 352 ، البحار ج 7 : 116 ـ 118

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 248 _

  قال : هم آل محمد الاوصياء عليهم السلام (1) .
  31 ـ عن ابى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام ان في الامام آية للمتوسمين ، وهو السبيل المقيم ينظر بنور الله وينطق عن الله ، يعزب عليه ( عنه خ ل ) شئ مما أراد (2)
  32 ـ عن جابر بن يزيد الجعفى قال : قال أبوجعفر عليه السلام : بينما امير المؤمنين عليه السلام جالس في مسجد الكوفة قد أحتبى بسيفه والقى برنسه (3) وراء ظهره اذ أتته امرأة مستعدية على زوجها ، فقضى للزوج على المرأة فغضبت ، فقالت : لا و الله ما هو كما قضيت ، لا والله ما تقضى بالسوية ، ولا تعدل في الرعية ولا قضيتك عند الله بالمرضية ، قال : فنظر اليها أميرالمؤمنين فتأملها ثم قال لها : اكذبت يا جرية يا بذية ياسلسع يا سلفع (4) أيا التى تحيض من حيث لا تحيض النساء ، قال : فولت هاربة وهى تولول وتقول : ياويلى ياويلى ياويلى ثلثا ، قال : فلحقها عمرو بن حريث (5) فقال لها : يا امة الله اسئلك ! فقالت : ما للرجال وللنساء في الطرقات ؟ فقال : انك استقبلت امير المؤمنين عليا بكلام سررتنى به ثم قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة ؟

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 352 ، البحار ج 7 : 118 .
(3) احتبى احتباءا : جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند اذ لم يكن للعرب في البوادى جدران تستند اليها في مجالسها ، والبرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الاسلام ، كان ثوب رأسه ملتزق به .
(4) وفى بعض النسخ ( أيا ) بدل ( يا ) في المواضع ، والبذية : الفحاشة ، السلفع : السليط ، وامرأة سلفع : الذكر والانثى فيه سواء يقال سليطة جريئة ، وقال الطريحى : السلفع : من تحيض من حيث لا تحيض النساء .
(5) عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبيد الله المخزومى القرشى ملعون زنديق مات سنة 85 قيل انه اول قرشى اتخذ بالكوفة دارا وانه كان من اغنى اهل الكوفة وولى لبنى امية بالكوفة وكانوا يميلون اليه ويتقوون به وكان هواه معهم والروايات في خبثه وزندقته كثيرة ذكر بعضها في تنقيح المقال .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 249 _

  فقالت : ان ابن ابيطالب والله استقبلنى فأخبرنى بما هو في وبما كتمته من بعلى منذ ولى عصمتى ، لا والله ما رأيت طمثا قط من حيث ترينه النساء ، قال : فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين فقال له : والله يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة ؟ فقال له : وما ذلك يا بن حريث ؟ فقال له : يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها ، وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء فقال له : ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الابدان بألفى عام ، وركب الارواح في الابدان فكتب بين أعينها كافر ومؤمن ، وما هى مبتلاة بها إلى يوم القيمة ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد صلى الله عليه وآله ، فقال : ( ان في ذلك لآيات للمتوسمين ) فكان رسول الله صلى الله عليه وآله المتوسم ثم أنا من بعده ، ثم الاوصياء من ذريتى من بعدى ، انى لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب (1) .
  33 ـ عن سورة بن كليب قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نحن المثانى التى اعطى نبينا (2) .
  34 ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال : سألته عن قوله : ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي ) قال : فاتحة الكتاب يثنى فيها القول (3) .
  35 ـ عن أبى بكر الحضرمى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال اذا كانت لك حاجة فاقرأ المثانى وسورة اخرى ، وصل ركعتين وادع الله قلت : أصلحك الله وما المثانى ؟ فقال : فاتحة الكتاب ـ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ـ (4) .
  36 ـ عن سورة بن كليب عن أبى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : نحن المثانى

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 352 ، البحار ج 7 : 117 ، ونقله المحدث الحر العاملى رحمه الله في كتاب اثبات الهداة ج 3 : 51 مختصرا عن الكتاب .
(2 ـ 3) البرهان ج 2 : 353 ، الصافى ج 1 : 912 .
(4) البرهان ج 2 : 353 ، الصافى ج 1 : 912 ، البحار ج 18 : 96 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 250 _

  التى أعطى نبينا (1) ونحن وجه الله في الارض ، نتقلب بين أظهركم عرفنا من عرفنا فامامه اليقين ومن أنكرنا فامامه السعير (2) .
  37 ـ عن يونس بن عبدالرحمن عمن ذكره رفعه قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله : ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال : ان ظاهرها الحمد و باطنها ولد الولد ، والسابع منها القائم عليه السلام (3) .
  38 ـ قال حسان العامرى سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال : ليس هكذا تنزيلها ، انما هى ( ولقد آتيناك سبعا من المثانى ) نحن هم ( والقرآن العظيم ) ولد الولد (4) .
  39 ـ عن القاسم بن عروة عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال : سبعة ائمة والقائم عليه السلام (5) .

--------------------
(1) عن الصدوق رحمه الله : انه قال : قوله نحن المثانى اى نحن الذين قرننا النبى صلى الله عليه وآله إلى القرآن ، واوصى بالتمسك بالقرآن وبنا ، واخبر امته انا لا نفرق حتى نرد حوضه .
وقال الفيض رحمه الله : لعلهم عليه السلام انما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة وعلى هذا فيجوز ان يجعل المثانى من الثناء ، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن و ان يجعل كناية عن عددهم هم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتبارى بين المعطى والمعطى له ( انتهى ) .
وقيل : ان المراد بالسبع المثانى النبى والائمة وفاطمة عليهم السلام فهم اربعة عشر ، سبعة وسبعة لقوله : المثانى فكل واحد من السبعة مثنى .
(2) البرهان ج 2 : 354 ، البحار ج 7 : 115 .
(3) البرهان ج 2 : 354 ، البحار ج 7 : 115 ، اثبات الهداة ج 7 : ولمؤلفه رحمه الله بيان في الحديث فراجع ان شئت .
(4) البحار ج 7 : 115 ، البرهان ج 2 : 354 .
(5) البحار ج 7 : 115 ، البرهان ج 2 : 354 ، اثبات الهداة ج 3 : 52 .