أحبتنى فسرقتنى ، وان ابى أحبنى فحسدنى اخوتى فباعونى ، وان امرأة العزيز أحبتنى فحبستنى (1)
  22 ـ عن ابن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال جاء جبرئيل إلى يوسف في السجن قال : قل في دبر كل صلوة فريصة ( اللهم اجعل لى فرجا ومخرجا وارزقنى من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب ) (2)
  23 ـ عن طربال عن أبى عبدالله عليه السلام قال : لما امر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا ، فكان يعبر لاهل السجن رؤياهم وان فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه ، فلما باتا أصبحا فقالا له : انا رأينا رؤيا فعبرها لنا ، فقال : و ما رأيتما ؟ فقال أحدهما : ( إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ) وقال الآخر : انى رأيت ان اسقى الملك خمرا ففسر لهما رؤياهما على ما في الكتاب ، ثم قال للذى ظن انه ناج منهما اذكرنى عند ربك ، قال : ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله : فيدعوه فلذلك قال الله : ( فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) قال : فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك : يا يوسف من أراك الرؤيا التى رأيتها ؟ فقال : أنت يا ربى ، قال : فمن حببك إلى ابيك ؟ قال : أنت يا ربى : قال : فمن وجه السيارة اليك ؟ فقال : انت يا ربى ، قال : فمن علمك الدعاء الذى دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا ؟ قال : أنت يا ربى ، قال : فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا ؟ قال : انت يا ربى ، قال : فمن انطق لسان الصبى بعذرك ؟ قال : أنت يا ربى ، قال : فمن صرف عنك كيد امرأة العزيز والنسوة ؟ قال : أنت يا ربى ؟ قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا ؟ قال : أنت يا ربى ، قال : فكيف استغثت بغيرى ولم تستغث بى وتسئلنى ان أخرجك من السجن ، واستغثت وأملت عبدا من عبادى ليذكرك إلى مخلوق من خلقى في قبضتى ولم تفزع إلى ؟ البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا إلى عبد . قال ابن أبى عمير قال ابن أبى حمزة : فمكث في السجن عشرين سنة (3) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 254 ، البحار ج 5 : 178 ، الصافى ج 1 : 831 .
(2) البرهان ج 2 : 254 ، البحار ج 5 : 191 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 177 _

  24 ـ سماعة (1) عن قول الله ( اذكرنى عند ربك ) قال : هو العزيز (2)
  25 ـ ابن أبى يعفور عن أبى عبدالله عليه السلام ( قَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً ) قال : احمل فوق رأسى جفنة فيها خبر تأكل الطير منها (3)
  26 ـ عن يعقوب بن شعيب عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال الله ليوسف : ألست الذى حببتك إلى أبيك وفضلتك على الناس بالحسن ؟ أولست الذى سقت اليك السيارة وانقذتك واخرجتك من الجب ؟ أولست الذى صرفت عنك كيد النسوة ؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك أو تدعو مخلوقا دونى ؟ فالبث لما قلت في السجن بضع سنين (4)
  27 ـ عن عبدالله بن عبدالرحمن عمن ذكره عنه قال : لما قال للفتى : اذكرنى عند ربك أتاه جبرئيل فضربه برجله حتى كشط له عن الارض السابعة (5) فقال له : يا يوسف انظر ماذا ترى ؟ قال : أرى حجرا صغيرا ففلق الحجر فقال : ماذا ترى ؟ قال : أرى دودة صغيرة ، قال : فمن رازقها ؟ قال : الله ، قال : فان ربك يقول : لم انس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة ، أظننت انى أنساك حتى تقول للفتى : ( اذكرنى عند ربك ) ؟ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين ! قال : فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان ، قال : فتأذى به أهل السجن ، فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما فكان في اليوم الذى يسكت أسوء حالا (6)
  28 ـ عن هشام بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ما بكى أحد بكاء ثلثة ، آدم ويوسف وداود ، فقلت : ما بلغ من بكائهم ؟ قال : اما آدم فبكا حين أخرج من الجنة وكان رأسه في باب من ابواب السماء فبكى حتى تأذى

--------------------
(1) كأن سماعة سئل عنهم عليه السلام عن الاية فأجابوه بما في الحديث .
(2 ـ 4) البحار ج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 254 .
(5) كشط الغطاء عن الشئ : كشفه عنه .
(6) البحار ج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 254 الصافى ج 1 : 834 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 178 _

  به أهل السماء ، فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته ، واما داود فانه بكى حتى هاج العشب من دموعه ، وانه كان ليزفر زفرة فيحرق ما نبت من دموعه ، واما يوسف فانه كان يبكى على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى به أهل السجن ، فصالحهم على أن يبكى يوما ويسكت يوما (1) .
  29 ـ عن شعيب العقر قوفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان يوسف أتاه جبرئيل فقال : يا يوسف ان رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك : من جعلك أحسن خلقه قال : فصاح ووضع خده على الارض ، ثم قال : أنت يارب ، قال : ثم قال له : ويقول لك : من حببك إلى أبيك دون اخوتك ؟ قال : فصاح ووضع خده على الارض ، ثم قال : أنت يارب ، قال : ويقول لك : من اخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة ؟ قال : فصاح ووضع خده على الارض ثم قال : انت يارب ، قال : فان ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فالبث في السجن بضع سنين .
  قال : فلما انقضت المدة اذن له في دعاء الفرج ووضع خده على الارض ثم قال : اللهم ان كانت ذنوبى قد أخلقت وجهى عندك فانى أتوجه اليك بوجه آبائى الصالحين ابراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب ، قال : ففرج الله عنه قال : فقلت له : جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء ؟ فقال : ادع بمثله اللهم ان كانت ذنوبى قد أخلقت وجهى عندك فانى أتوجه اليك بوجه نبيك نبى الرحمة صلى الله عليه واله وعلى وفاطمة والحسن و الحسين والائمة عليهم السلام (2) .
  30 ـ عن يعقوب بن يزيد رفعه عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى : ( فلبث في السجن بضع سنين ) قال سبع سنين (3)
  31 ـ عن أبى بصير عن أبيعبد الله عليه السلام قال : رأت فاطمة في النوم كان الحسن والحسين ذبحا أو قتلا ، فاحزنها ذلك ، قال : فاخبرت به رسول الله صلى الله عليه واله فقال :

--------------------
(1 ـ 3) البحار ج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 254 ـ 255 الصافى ج 1 : 834 ـ 835 ، وفى نسخة البرهان ( تسع ) بدل ( سبع ) في الحديث الاخير .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 179 _

  يا رؤيا فتمثلت بين يديه قال : ارأيت فاطمة هذا البلاء ؟ قالت : لا فقال : يا أضغاث أنت ارأيت فاطمة هذا البلاء ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، قال فما أردت بذلك ؟ قالت : أردت ان أحزنها ، فقال لفاطمة : اسمعى ليس هذا بشئ (1)
  32 ـ عن أبان عن محمد بن مسلم عنهما (2) قالا ان رسول الله صلى الله عليه واله قال : لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل اليه الملك يسئله عن رؤياه ما حدثته حتى اشترط عليه أن يخرجنى من السجن وعجبت لصبره عن شأن امرأة الملك حتى أظهر الله عذره (3)
  33 ـ عن ابن ابى يعفور قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقرأ سبع سنابل (4) خضر (5)
  34 ـ عن حفص بن غياث عن أبى عبدالله عليه السلام قال : كان سنين ( سبق خ ) يوسف الغلاء الذى أصاب الناس ولم يمر ( يتمن خ ل ) الغلاء لاحد قط ، قال : فأتاه التجار فقالوا : بعنا ، فقال : اشتروا فقالوا : نأخذ كذا بكذا فقال : خذوا وأمر فكالوهم فحملوا ومضوا حتى دخلوا المدينة ، فلقيهم قوم تجار فقالوا لهم : كيف أخذتم ؟ فقالوا : كذا بكذا وأضعفوا الثمن ، قال : فقدموا اولئك على يوسف ، فقالوا بعناه فقال : اشتروا كيف تأخذون قالوا : بعنا كما بعت كذا بكذا فقال : ما هو كما تقولون ولكن خذوا فأخذوا ثم مضوا حتى دخلوا المدينة ، فلقيهم آخرون فقالوا كيف أخذتم ؟ فقالوا : كذا بكذا ، واضعفوا الثمن ، قال : فعظم الناس ذلك الغلاء وقالوا : اذهبوا بنا حتى نشترى قال : فذهبوا إلى يوسف فقالوا : بعنا ، فقال : اشتروا فقالوا : بعنا كما بعت ، فقال : وكيف بعت ؟ قالوا : كذا بكذا ، فقال : ما هو كذلك ولكن خذوا ، قال : فأخذوا ورجعوا إلى المدينة فأخبروا الناس فقالوا فيما بينهم : تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء ، قال : فذهبوا إلى يوسف فقالوا له : بعنا ، فقال :

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 255 .
(2) وفى البرهان ( عن احدهما ) .
(3) البحارج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 255 ، الصافى ج 1 : 837 .
(4) وفى البرهان ( سنبلات ) .
(5) البرهان ج 2 : 255 ، البحار ج 5 : 192 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 181 _

  اشتروا ، فقالوا : بعنا كما بعت ، قال : وكيف بعت قالوا : كذا بكذا بالحط من السعر فقال : ما هو هكذا ولكن خذوا ، قال : وذهبوا إلى المدينة فلقيهم الناس فسألوهم بكم اشتريتم ؟ فقالوا : كذا بكذا بنصف الحط الاول ، فقال الآخرون : اذهبوا بنا حتى نشترى فذهبوا إلى يوسف فقالوا : بعنا فقال : اشتروا ، فقالوا : بعنا كما بعت ، فقال : وكيف بعت ؟ فقالوا : كذا بكذا بالحط من النصف ، فقال : ما هو كما تقولون ، ولكن خذوا ، فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع السعر إلى الامر الاول كما أراد الله (1)
  35 ـ عن محمد بن على الصيرفى عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام ( عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) بالياء (2) : يمطرون ثم قال : أما سمعت قوله ( وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً ) (3)
  36 ـ عن على بن معمر عن أبيه عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله ( عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) مضمومة ، ثم قال : ( وأنزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا ) (4)
  37 ـ عن سماعة قال : سألته عن قول الله ( ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ ) قال : يعنى العزيز (5)
  38 ـ عن الحسن بن موسى قال : روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام قال : قال له رجل : أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت اليه من المأمون وكأنه أنكر ذلك عليه فقال ابوالحسن : يا هذا أيهما افضل : النبى او الوصى ؟ فقال : لا بل النبى عليه السلام قال : فأيهما افضل مسلم أو مشرك ؟ قال : لا بل مسلم ، قال : فان العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف نبيا ، وان المأمون مسلم وانا وصى ؟ ويوسف سأل العزيز ان يوليه حتى قال : استعملنى على خزائن الارض انى حفيظ عليم ، والمأمون اجبرنى على ما انا فيه (6)

--------------------
(1) البحار ج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 255 .
(2) في البحار ( بضم الياء ) .
(3 ـ 5) البحار ج 5 : 192 ، البرهان ج 2 : 255 ، الصافى ج 1 : 386 .
(6) البرهان ج 2 : 256 ، البحار ج 5 : 183 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 181 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 181 سطر 1 الى ص 190 سطر 25
  39 ـ قال : وقال في قوله : ( حفيظ عليم ) قال : حافظ لما في يدى ، ( عليم ) عالم بكل لسان (1) .
  40 ـ قال سليمان قال سفيان : قلت لابى عبدالله : ـ ما ـ يجوز ان يزكى الرجل نفسه ! قال : نعم اذا اضطر اليه ، اما سمعت قول يوسف : ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) وقول العبد الصالح : ( أَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) (2) .
  41 ـ عن الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال : ملك يوسف مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها (3) .
  42 ـ عن ابى بصير قال : سمعت ابا جعفر عليه السلام يحدث قال : لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عيناه من الحزن ، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله ، قال : وكان يمتار القمح (4) من مصر لعياله في السنة مرتين للشتاء والصيف ، وانه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت فلما دخلوا على يوسف وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزته فقال لهم : هلموا بضاعتكم قبل الرفاق ، وقال لفتيانه : عجلوا لهؤلاء الكيل واوفوهم ، فاذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف : قد بلغنى انه كان لكم أخوان لابيكم فما فعلا ؟ قالوا : اما الكبير منهما فان الذئب اكله ، واما الصغير فخلفناه عند ابيه وهو به ضنين (5) وعليه شفيق ، قال : فانى احب ان تأتونى به معكم اذا جئتم لتمتارون ( فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلا تَقْرَبُونِ * قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 256 ، البحار ج 5 : 183 .
(2) البرهان ج 2 : 256 ، الصافى ج 1 : 938 .
(3) البرهان ج 2 : 257 ، البحار ج 5 : 192 .
(4) امتار لعياله : أتاهم بميرة وهى طعام يمتاره الانسان اى يجلبه من بلد إلى بلد ، والقمح البر .
(5) الضنين : البخيل ، اى هو بختص به يحفظه عن غيره .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 182 _

  فلما رجعوا إلى ابيهم فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه (1) قالوا : يا ابانا ما نبغى هذه بضاعتنا قد ردت الينا وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير ، ( فأرسل معنا اخانا نكتل وانا له لحافظون قال هل آمنكم عليه الا كما أمنتكم على اخيه من قبل ) فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة اشهر بعثهم يعقوب ، وبعث معهم بضاعة يسيرة وبعث معهم ابن ياميل واخذ عليهم بذلك موثقا من الله لتأتننى به الا ان يحاط بكم اجمعين ، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف ، فقال لهم معكم ابن ياميل ؟ قالوا : نعم هو في الرحل قال لهم : فأتونى فأتوه به وهو في دار الملك ، فقال : ادخلوه وحده فأدخلوه عليه ، فضمه يوسف اليه وبكى ، وقال له : انا اخوك يوسف فلا تبتئس بما ترانى اعمل ، واكتم ما اخبرتك به ولا تحزن ولا تخف ، ثم اخرجه اليهم وامر فتيته ان يأخذوا بضاعتهم ، ويعجلوا لهم الكيل ، فاذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ففعلوا به ذلك وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا ، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم : ( مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ * قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ * قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنتُمْ كَاذِبِينَ * قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ) قال ( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ * قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) .
  فقال لهم يوسف : ارتحلوا عن بلادنا ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً ) وقد اخذ علينا موثقا من الله لنرد به اليه ، ( فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ ) ان فعلت ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ) فقال كبيرهم : انى لست ابرح الارض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى ، ومضى اخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم : فأين ابن ياميل ؟ قالوا : ابن ياميل سرق مكيال الملك فاخذه الملك بسرقته فحبس فسل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك

--------------------
(1) وفى البرهان ( في رحالهم ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 183 _
  فاسترجع واستعبر واشتد حزنه حتى تقوس ظهره (1)
  43 ـ ابوحمزة عن أبى بصير عنه ذكر فيه ابن يامين ولم يذكر ابن ياميل (2)
  44 ـ عن أبان الاحمر عن أبى عبدالله عليه السلام قال : لما دخل اخوة يوسف عليه وقد جاءوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد ثم قال : يمتار كل واحد منكم مع أخيه لامه على الخوان ، فجلسوا وبقى أخوه قائما فقال له : مالك لا تجلس مع اخوتك ؟ قال : ليس لى منهم اخ من امى ، قال : فلك أخ من امك زعم هؤلاء ان الذئب أكله ؟ قال : نعم ، قال : فاقعد وكل معى ، قال : فترك اخوته الاكل وقالوا : انا نريد أمرا ويأبى الله الا أن يرفع ولد يامين علينا ، قال : ثم حين فرغوا من جهازهم أمر أن يوضع الصاع في رحل أخيه ، فلما فصلوا نادى مناد : ( ايتها العير انكم لسارقون ) قال : ( فرجعوا فقالوا ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ) إلى قوله ( جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ) يعنون السنة التى تجرى فيها أن يحبسه ( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ * قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) قال الحسن بن على الوشاء فسمعت الرضا عليه السلام يقول : يعنون المنطقة (3) فلما فرغ من غدائه ، قال : ما بلغ من حزنك على أخيك ؟ قال : ولدلى عشرة اولاد فكلهم شققت لهم اسما من اسمه ، قال : فقال له : أريك حزنت عليه حيث اتخذت النساء من بعده ، قال : ايها العزيز ان لى أبا شيخا كبيرا صالحا فقال : يا بنى تزوج لعلك ـ ان ـ تصيب ولدا يثقل الارض بشهادة ان لا اله الا الله .
  قال ابو محمد عبدالله بن محمد هذا من رواية الرضا (4) .
  45 ـ عن على بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبيه عن ابى عبدالله عليه السلام قال :

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 5 : 193 ، البرهان ج 2 : 257 ، الصافى ج 1 : 841 .
(3) سيأتى قصة المنطقة في حديث اسمعيل بن همام ورواه الصدوق رحمه الله في العلل و العيون ايضا وفى سنده العياشى رحمه الله فراجع .
(4) البحار ج 5 : 193 ، البرهان ج 2 : 258 ، الصافى ج 1 : 843 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 184 _
  وقد كان هيأ لهم طعاما ، فلما دخلوا اليه قال : ليجلس كل بنى ام على مائدة قال : فجلسوا وبقى ابن يامين قائما ، فقال له يوسف : ما لك لا تجلس ؟ قال له : انك قلت ليجلس كل بنى أم على مائدة وليس لى منهم ابن ام ، فقال يوسف : اما كان لك ابن ام ؟ قال له ابن يامين : بلى ، قال يوسف : فما فعل ؟ قال زعم هؤلاء ان الذئب أكله ، قال : فما بلغ من حزنك عليه ؟ قال : ولد لى احد عشر ابنا كلهم اشتق له اسم من اسمه ، فقال له يوسف : اراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده ؟ قال له ابن يامين : ان لى ابا صالحا ، وانه قال ، تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية يثقل الارض بالتسبيح فقال له : تعال فاجلس معى على مائدتى ، فقال اخوة يوسف : لقد فضل الله يوسف و اخاه ، حتى ان الملك قد اجلسه معه على مائدته (1) .
  46 ـ عن جابر بن يزيد عن أبى جعفر عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك لم سمى امير المؤمنين امير المؤمنين ؟ قال لانه يميرهم العلم (2) اما سمعت كلام الله ( ونمير أهلنا ) (3) .
  47 ـ عن أبى بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا خير فيمن لا تقية له ، و لقد قال يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) وما سرقوا (4) .
  48 ـ وفى رواية أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال : التقية من دين الله ، ولقد قال يوسف ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) ووالله ما كانوا سرقوا شيئا وما كذب (5) .
  49 ـ وفى رواية اخرى عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال : قيل له وأنا عنده : ان سالم بن حفصة يروى عنك انك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج ، فقال : ما يريد سالم منى أيريد أجئ بالملئكة ، فو الله ما جاء بهم النبيون ولقد قال ابراهيم ( انى سقيم ) ووالله ما كان سقيما وما كذب ، ولقد قال ابراهيم ( بل فعله كبيرهم ) وما فعله كبيرهم وما كذب ، ولقد قال يوسف ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) والله ما كانوا سرقوا وما كذب (6) .

--------------------
(1) البحار ج 5 : 193 ، البرهان ج 2 : 258 ، الصافى ج 1 : 843 .
(2) يقال فلان يمير اهله : اذا حمل اليهم اقواتهم من غير بلدهم .
(3 ـ 6) البحار ج 5 : 193 ، البرهان ج 2 : 258 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 185 _
  50 ـ عن رجل من اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن قول الله في يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) قال : انهم سرقوا يوسف من أبيه ، الا ترى انه قال لهم حين قالوا ( وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ) ولم يقولوا سرقتم صواع الملك ، انما عنى سرقتم يوسف من ابيه (1) .
  51 ـ عن أبى حمزة الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : صواع الملك طاس الذى يشرب فيه (2) .
  52 ـ عن محمد بن أبى حمزة عمن ذكره عن ابى عبدالله عليه السلام قال قوله : ( صواع الملك ) قال : كان قدحا من ذهب وقال : كان صواع يوسف اذ كيل به (3) قال ( لعن الله الخوان لا تخونوا به ) بصوت حسن (4) .
  53 ـ عن اسمعيل بن همام قال : قال الرضا عليه السلام : في قول الله ( إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ) قال : كانت لاسحق النبى منطقة (5) يتوارثها الانبياء والاكابر ، فكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها وكانت تحبه فبعث اليها ابوه ان ابعثيه إلى وارده اليك ، فبعثت اليه ان دعه عندى الليلة لاشمه ثم ارسله اليك غدوة ، فلما اصبحت اخذت المنطقة فربطتها في حقوه (6) والبسته قميصا وبعثت به اليه ، وقالت : سرقت المنطقة فوجدت عليه ، وكان

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 258 ، البحار ج 5 : 186 ، الصافى ج 1 : 844 .
(2) البرهان ج 2 : 258 ، البحار ج 5 : 193 ، الصافى ج 1 : 845 .
(3) وفى الصافى ( اذا كيل كيل به ) من دون الزيادة .
(4) البرهان ج 2 : 258 ، البحار ج 5 : 193 ، الصافى ج 1 : 845 ، قال المجلسى رحمه الله وجدت في كتاب الفهرست لابى غالب الزرارى ما هذا لفظه : أبوحمزة البطائنى اسمه سالم روى عنه ان صاع يوسف كان يصوت بصوت حسن واحد واثنان .
(5) المنطقة : ما يشد به الوسط وتسمى بالحياصة وبالفارسية ( كمربند ) .
(6) الحقو : موضع شد الازار وهو الخاصرة .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 186 _
  اذا سرق احد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة فأخذته فكان عندها (1) .
  54 ـ عن الحسن بن على الوشاء قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : كانت الحكومة في بنى اسرائيل اذا سرق احد شيئا استرق به ، وكان يوسف عند عمته وهو صغير و كانت تحبه ، وكانت لاسحق منطقة ألبسها يعقوب ، وكانت عند أخته ، وان يعقوب طلب يوسف ان ياخذه من عمته ، فاغتمت لذلك وقالت له : دعه حتى ارسله اليك ، فأرسلته و أخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه جاءت فقالت : سرقت المنطقة ؟ ففتشته فوجدتها في وسطه ، فلذلك قال اخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه ، فقال لهم يوسف : ما جزاؤ من وجدنا في رحله ؟ قالوا : جزاؤه بإجراء السنة التى تجرى فيهم فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه ، فلذلك قال اخوة يوسف ( إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) يعنون المنطقة فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم (2) عن الحسن بن على الوشاء عن الرضا عليه السلام وذكر مثله .
  55 ـ عن الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ذكر بنى يعقوب قال كانوا اذا غضبوا اشتد غضبهم حتى يقطر جلودهم دما أصفر ، وهم يقولون خذ احدنا مكانه يعنى جزاؤه فأخذ الذى وجد الصاع عنده (3)
  56 ـ عن هشام بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام قال : لما استيأس اخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا (4) ـ وكان أكبرهم ـ ( لَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) قال : ورجع إلى يوسف يكلمه في أخيه فكلمه حتى

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 259 ، البحار ج 5 : 182 ، الصافى ج 1 : 846 ، وفى رواية الصدوق رحمه الله في العلل والعيون ( فكان عبده ) مكان ( فكان عندها ) .
(2) البرهان ج 2 : 259 ، البحار ج 5 : 178 .
(3) البرهان ج 2 : 259 ، البحار ج 5 : 193 .
(4) وفى بعض النسخ ( يهوذا ) بالذال في المواضع .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 187 _
  ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا ، وكان اذا غضب قامت شعرة في كتفه وخرج منها الدم (1) قال : وكان بين يدى يوسف ابن له صغير معه رمانة من ذهب ، وكان الصبى يلعب بها ، قال : فأخذها يوسف ، من الصبى فدحرجها نحو يهودا ، قال وحبا الصبى (2) نحو يهودا ، ليأخذها فمس يهودا فسكن يهودا ثم عاد إلى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا وقامت الشعرة وسال منها الدم ، فأخذ يوسف الرمانة من الصبى فدحرجها نحو يهودا وحبا الصبى نحو يهودا فسكن يهودا فقال يهودا : ان في البيت معنا لبعض ولد يعقوب قال : فعند ذلك قال لهم يوسف ( هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) .
  وفى رواية هشام بن سالم عنه قال : لما أخذ يوسف أخاه اجتمع عليه اخوته فقالوا له : خذ أحدنا مكانه وجلودهم تقطر دما اصفر وهم يقولون : خذ أحدنا مكانه ، قال : فلما أن ابى عليهم وأخرجوا من عنده ، قال لهم يهودا : قد علمتم ما فعلتم بيوسف فلن ابرح الارض حتى يأذن لى ابى أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين ، قال فرجعوا إلى ابيهم وتخلف يهودا قال : فدخل على يوسف فكلمه في اخيه حتى ارتفع الكلام بينه وبينه ، وغضب وكان على كتفه شعرة اذا غضب قامت الشعرة فلا يزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب ، قال : فكان بين يدى يوسف ابن له صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم اخذ الرمانة من يدى الصبى ثم دحرجها نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها فوقعت يده على يهودا قال : فذهب غضبه ، قال : فارتاب يهودا ورجع الصبى بالرمانة إلى يوسف ، ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب وقامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم فلما راى يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا واتبعها الصبى ليأخذها ، فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه ، قال : فقال يهودا : ان في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلث مرات (3)

--------------------
(1) في المحكى عن بعض نسخ البحار زيادة وهى هذه ( وكان لا يسكن حتى يمسه بعض ولد يعقوب ) .
(2) اى دنا نحوه .
(3) البرهان ج 2 : 259 ، البحار ج 5 : 193 ، الصافى ج 1 : 847 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 188 _
  57 ـ عن جابر قال : قلت لابى جعفر عليه السلام : رحمك الله ما الصبر الجميل ؟ فقال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس ، ان ابراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان (1) عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه ابراهيم فوثب اليه فاعتنقه ، ثم قال : مرحبا بخليل الرحمن ، قال يعقوب : انى لست بابراهيم ولكنى يعقوب بن اسحق بن ابراهيم ، فقال له الراهب : فما بلغ بك ما رأى من الكبر ؟ قال : الهم والحزن والسقم فما جاوز صغير الباب (2) حتى أوحى الله اليه : ان يا يعقوب شكوتنى إلى العباد فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول : رب لا اعود فأوحى الله اليه : انى قد غفرتها لك فلا تعودن إلى مثلها ، فما شكى شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا الا انه قال يوما : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (3)
  58 ـ عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال : قال له بعض اصحابنا : ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف ؟ قال : حزن سبعين ثكلى حرى (4) .
  59 ـ وبهذا الاسناد عنه قال : قيل له : كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد اخبره جبرئيل انه لم يمت وانه سيرجع اليه ؟ فقال : انه نسى ذلك (5) .
  60 ـ ـ عن محمد بن سهل البحرانى ـ عن بعض اصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام قال : البكاؤن خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلى بن الحسين عليهم السلام واما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره ، وحتى قيل له : ( تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ ) (6) .

--------------------
(1) قال المجلسى رحمه الله في بيان الحديث بعث ابراهيم يعقوب عليه السلام بعد كبر يعقوب غريب ، ولعله كان بعد فوت ابراهيم وكان البعث على سبيل الوصية وفى بعض النسخ ( ان الله بعث ) وهو الصواب .
(2) وقال رحمه الله وقوله : صغير الباب لعله من اضافة الصفة إلى الموصوف اى الباب الصغير اى باب البيت دون باب الدار ورواه في كتاب التمحيص عن جابر وفيه فما جاوز عتبة الباب ( انتهى ) .
اقول : وفى بعض نسخ الكتاب كنسخة البرهان ( عتبة الباب ) ايضا مكان صغير الباب .
(3 ـ 6) البرهان ج 2 : 264 ، البحار ج 5 : 194 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 189 _
  61 ـ عن اسمعيل بن جابر عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ان يعقوب أتى ملكا بناحيتهم يسئله الحاجة ، فقال له الملك : أنت ابراهيم ؟ قال : لا ، قال : وانت اسحق بن ابراهيم ؟ قال : لا ، قال : فمن انت ؟ قال : انا يعقوب بن اسحق قال : فما بلغ بك ما ارى من حداثة السن قال : الحزن على ابنى يوسف قال : لقد بلغ بك الحزن يا يعقوب كل مبلغ ، فقال : انا معشر الانبياء اسرع شئ البلاء الينا ثم الامثل فالامثل من الناس ، فقضى حاجته فلماجاوز ـ صغير ـ بابه هبط عليه جبرئيل فقال له : يا يعقوب ربك يقرئك السلام ويقول لك : شكوتنى إلى الناس فعفر وجهه في التراب (1) وقال : يا رب زلة اقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا ، ثم عاد اليه جبرئيل فقال : يا يعقوب ارفع رأسك ان ربك يقرئك السلام ويقول لك : قد أقلتك فلا تعود تشكونى إلى خلقى ، فما رؤى ناطقا بكلمة مما كان فيه حتى اتاه بنوه فصرف وجهه إلى الحائط فقال ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (2) .
  62 ـ في حديث آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة فلما دخل عليه و كان اشبه الناس بابراهيم قال له : أنت ابراهيم خليل الرحمن ؟ قال : لا ( الحديث ) (3) .
  63 ـ الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) منصوبة (4)
  64 ـ عن حنان بن سدير ـ عن ابيه ـ قال : قلت لابى جعفر عليه السلام : أخبرنى عن يعقوب حين قال : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) أكان علم انه حى وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن ؟ قال : نعم علم انه حى ، قال : وكيف علم ؟ قال : انه دعى في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه تربال (5) وهو ملك الموت ، فقال له تربال : ما حاجتك يا يعقوب ؟ قال : أخبرنى عن الارواح تقبضها مجتمعة

--------------------
(1) عفره في التراب : مرغه ودلكه .
(2 ـ 3) البحار ج 5 : 194 ، البرهان ج 2 : 264 .
(4) البرهان ج 2 : 264 .
(5) وفى بعض النسخ ( تريال ) وفى آخر ( قوبال ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 190 _
  أو متفرقة ؟ قال : بل متفرقة روحا روحا ، قال : فمر بك روح يوسف ؟ قال : لا قال : فعند ذلك علم انه حى ، فقال لولده : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) (1) وفى خبر آخر : عزرائيل وهو ملك الموت وذكر نحوه عنه (2)
  65 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام عاد إلى الحديث الاول (3) قال : و اشتد حزنه يعنى يعقوب حتى تقوس ظهره وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجة شديدة ، وفنيت ميرتهم ، فعند ذلك قال يعقوب لولده : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ) ، فخرج منهم نفر وبعث معهم ببضاعة يسيرة وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده ، وأوصى ولده أن يبدو بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفى الكيل من يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الله صاحب نمرود الذى جمع لابراهيم الحطب والنار ليحرقه بها ، فجعلها الله بردا وسلاما وأنجاه منها أخبرك ايها العزيز انا أهل بيت قديم لم يزل البلاء الينا سريعا من الله ليبلونا بذلك عند السراء والضراء وان مصائب تتابعت على منذ عسرين سنة أولها انه كان لى ابن سميته يوسف وكان سرورى من بين ولدى وقرة عينى وثمرة فؤادى ، وان اخوته من غير امه سألونى ان أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة وانهم جاؤنى عشاءا يبكون وجاؤنى على قميصه بدم كذب فزعموا ان الذئب أكله فاشتد لفقده حزنى وكثر على فراقه بكائى حتى ابيضت عيناى من الحزن ، وانه كان له أخ من خالته ، وكنت به معجبا وعليه رفيقا وكان لى أنيسا وكنت اذ ذكرت يوسف ضممته إلى صدرى فيسكن بعض ما أجد في صدرى ، وان اخوته ذكروا لى انك ايها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم ان يأتوك به ، وان لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 264 ، البحار ج 5 : 186 ، الصافى ج 1 : 849
(3) وهو ما تقدم تحت رقم 42 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 191 _
  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 191 سطر 1 الى ص 200 سطر 24
  إلى فليس هو معهم وذكروا انه سرق مكيال الملك ، ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته وفجعتنى به ، وقد اشتد لفراقه حزنى حتى تقوس لذلك ظهرى ، وعظمت به مصيبتى مع مصائب متتابعات على فمن على بتخلية سبيله واطلاقه من محبسه (1) وطيب لنا القمح وأسمح لنا في السعر (2) وعجل بسراح آل يعقوب .
  فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له : يا يعقوب ان ربك يقول لك : من ابتلاك بمصائبك التى كتبت بها إلى عزيز مصر ؟ قال يعقوب : انت بلوتنى بها عقوبة منك وأدبا لى ، قال الله : فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيرى ؟ قال يعقوب : اللهم لا ، قال : أفما استحييت منى حين شكوت مصائبك إلى غيرى ولم تستغث بى وتشكو ما بك إلى ؟ فقال يعقوب : استغفرك يا الهى وأتوب اليك ، وأشكو بثى وحزنى اليك ، فقال الله تبارك وتعالى : قد بلغت بك يا يعقوب و بولدك الخاطئين الغاية في أدبى ، ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلى عند نزولها بك واستغفرت وتبت إلى من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديرى اياها عليك ولكن الشيطان أنساك ذكرى فصرت إلى القنوط من رحمتى ، وانا الله الجواد الكريم أحب عبادى المستغفرين التائبين الراغبين إلى فيما عندى ، يا يعقوب أنا راد اليك يوسف وأخاه ومعيد اليك ما ذهب من مالك ـ ولحمك ودمك ـ وراد اليك بصرك و مقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا وان الذى فعلته بك كان أدبا منى لك فأقبل أدبى .
  قال : ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة ، ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ) بأخينا ابن يامين وهذا كتاب أبينا يعقوب اليك في امره يسئلك تخلية سبيله ، وان تمن به عليه ، قال : فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب (3) حتى بلت دموعه القميص الذى

--------------------
(1) وفى بعض النسخ ( من محبسك ) .
(2) سمح بكذا : جاد .
(3) انتخب : تنفس شديدا ، بكى شديدا .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 192 _
  عليه ، ثم أقبل عليهم فقال : ( هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ ) من قبل ( وأخيه ) من بعد ( قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا ) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا ( قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ) .
  وفى رواية اخرى عن أبى بصير عن أبى جعفر نحوه (1) .
  66 ـ عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال : لما قال اخوة يوسف : ( يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ) قال : قال يوسف لا صبر على ضر آل يعقوب ، فقال عند ذلك : ( هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ) إلى آخر الآية (2) .
  67 ـ عن أحمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : سئلته عن قوله : ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) قال : المقل (3) وفى هذه الرواية ( وجئنا ببضاعة مزجئة ) قال : كانت المقل ، وكانت بلادهم بلاد المقل ، وهى البضاعة (4) .
  68 ـ عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال : كتب يعقوب النبى إلى يوسف : عن يعقوب بن اسحق ذبيح الله بن ابراهيم خليل الله إلى عزيز مصر اما بعد فأنا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا الينا ، ابتلى جدى ابراهيم فالقى في النار ، ثم ابتلى أبى اسحق بالذبح ، فكان لى ابن وكان قرة عينى ، وكنت اسر به فابتليت

--------------------
(1) البحار ج 5 : 195 ، البرهان ج 2 : 265 ، الصافى ج 1 : 852 .
(2) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 195 .
(3) اى المراد من البضاعة المقل . وهو الكندر الذى تدخن به اليهود وحبه يجعل في الدواء ، وصمغ شجرة .
(4) البرهان ج 2 : 266 ، الصافى ج 1 : 850 البحار ج 5 : 195 ، وفيه بعد نقل الحديث : بيان : قال البيضاوى مزجاة : رديئة او قليلة ترد وتدفع رغبة عنها من ازحبيته : اذا دفعته وقيل كانت دراهم زيوفا ( وهو جمع الزائف : الردى المردود لغش فيه ) وقيل صوفا وسمنا وقيل صنوبر وحبة الخضراء وقيل : الاقط وسويق المقل ( انتهى ) وفى رواية اخرى لعله عليه السلام قرأ ( مزجاة ) بتشديد الجيم أو ( مزجية ) بكسر الجيم وتشديد الياء ولم ينقل في القراءة الشاذة غير المشهورة .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 193 _
  بان أكله الذئب ، فذهب بصرى حزنا عليه من البكاء ، وكان له أخ وكنت اسر اليه بعده فأخذته في سرق ، وانا أهل بيت لم نسرق قط ولا يعرف لنا السرق (1) فان رأيت ان تمن على به فعلت ، قال : فلما أوتى يوسف بالكتاب فتحه وقرأه ، فصاح ثم قام فدخل منزله فقرأ وبكى ثم غسل وجهه ، ثم خرج إلى اخوته ثم عاد فقرئه فصاح وبكى ثم قام فدخل منزله فقرئه وبكي ثم غسل وجهه وعاد إلى اخوته فقال ( هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) وأعطاهم قميصه وهو قميص ابراهيم وكان يعقوب بالرملة (2) فلما فصلوا بالقميص من مصر قال يعقوب ( إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ) (3)
  69 ـ عن المفضل بن عمر عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام بامامته ، كما اقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا ( تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا ) (4)
  70 ـ عن أخى مرازم عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( ولما فصلت العير ) قال وجد يعقوب ريح قميص ابراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين (5)
  71 ـ عن مفضل الجعفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : اتدرى ما كان قميص يوسف ؟ قال : قلت لا قال : ان ابراهيم لما أوقدوا النار له أتاه جبرئيل من ثياب الجنة فألبسه اياه ، فلم يضره معه حر ولا برد ، فلما حضر ابراهيم الموت جعله في تميمة (6) وعلقه على اسحق وعلق اسحق على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه ، وكان في عضده (7) حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرج يوسف

--------------------
(1) وفى نسخة البحار ( ولا نعرف بالسرق ) .
(2) قال الحموى : الرملة واحدة الرمل : مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الان ، وكانت رباطا للمسلمين .
(3 ـ 5) البحار ج 5 : 195 ، البرهان ج 2 : 266 .
(6) التميمة : خزرة او ما يشبهها كان الاعراب يضعونها على أولادهم للوقاية من العين ودفع الارواح .
(7) وفى رواية القمى في التفسير ( في عنقه )

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 194 _
  القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله ( إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) فهو ذلك القميص الذى أنزل من الجنة قلت : جعلت فداك فالى من صار ذلك القميص ؟ فقال إلى : اهله ثم قال : كل نبى ورث علما أو غيره قد انتهى إلى محمد صلى الله عليه وآله (1) .
  72 ـ عن ابراهيم بن أبى البلاد عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام قال : كان القميص الذى أنزل به على ابراهيم من الجنة في قصبة من فضة أو حديه ، وكان اذا لبس كان واسعا كبيرا ، فلما فصلوا بالقميص ويعقوب بالرملة ، قال يعقوب : ( انى لاجد ريح يوسف ) عنى ريح الجنة حتى فصلوا بالقميص لانه كان في الجنة (2) .
  73 ـ عن محمد بن اسمعيل بن بزيع رفعه باسناد له قال : ان يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال ، وكان يعقوب ببيت المقدس ويوسف بمصر ، وهو القميص الذى نزل على ابراهيم من الجنة ، فدفعه ابراهيم إلى اسحق واسحق إلى يعقوب ، ودفعه يعقوب إلى يوسف عليه السلام (3)
  74 ـ عن نشيط بن صالح البجلى قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : أكان اخوة يوسف صلوات الله عليه أنبياء ، قال : لا ولا بررة أتقياء ، وكيف وهم يقولون لابيهم يعقوب : ( تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ) (4) .
  75 ـ عن سليمان بن عبدالله الطلحى قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام ما حال بنى يعقوب هل خرجوا من الايمان ؟ فقال : نعم ، قلت له : فما تقول في آدم ؟ قال : دع آدم (5) .
  76 ـ عن بعض أصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ان بنى يعقوب بعد ما صنعوا بيوسف أذنبوا فكانوا انبياء ؟ ! (6) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 178 .
(2) البرهان ج 2 : 266 ، البحار 5 : 186 .
(3 ـ 4) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 196 ، الصافى ج 1 : 855 .
(5) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 189 ، الصافى ج 1 : 856 .
(6) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 195 ، وقال المجلسى رحمه الله : استفهام على الانكار .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 195 _
  77 ـ عن نشيط عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته أكان ولد يعقوب أنبياء ؟ فقال : لا ولا بررة اتقياء ، كيف يكون كذلك وهم يقولون ليعقوب ( تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ) (1) .
  78 ـ عن مقرن (2) عن ابى عبدالله عليه السلام قال : كتب عزيز مصر إلى يعقوب اما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة ، واتخذته عبدا ، وهذا ابنك ابن يامين أخذته قد سرق واتخذته عبدا ، قال : فما ورد على يعقوب شئ أشد عليه من ذلك الكتاب ، فقال للرسول : مكانك حتى اجيبه فكتب اليه يعقوب : اما بعد فقد فهمت كتابك بأنك أخذت ابنى بثمن بخس واتخذته عبدا ، وانك اتخذت ابنى ابن يامين وقد سرق (3) فاتخذته عبدا ، فانا أهل بيت لا نسرق ولكنا أهل بيت نبتلى وقد ابتلى أبونا ابراهيم بالنار فوقاه الله ، وابتلى أبونا اسحق بالذبح فوقاه الله ، وانى قد ابتليت بذهاب بصرى وذهاب ابنى ، وعسى الله ان يأتينى بهم جميعا ، قال : فلما ولى الرسول عنه رفع يده إلى السماء ثم قال : يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خيرا كله ائتنى بروح منك وفرج من عندك ، قال : فهبط عليه جبرئيل فقال ليعقوب : الا اعلمك دعوات يرد الله بها بصرك ، ويرد عليك ابنك (4)
  فقال : بلى ، فقال : قل : يا من لا يعلم احد كيف هو وحيث هو وقدرته الا هو ، يا من سد الهواء بالسماء وكبس الارض على الماء (5) واختار لنفسه أحسن الاسماء ، ءاتنى بروح منك ، وفرج من عندك ، فما انفجر عمود الصبح حتى أتى بالقميص فطرح على وجهه فرد الله عليه بصره ورد عليه ولده (6) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 195 .
(2) وفى نسخة البرهان ( حمران ) بدل ( مقرن ) .
(3) وفى المحكى عن تفسير القمى ( قد وجدت متاعى عنده ) مكان ( قد سرق ) .
(4) وفى نسخة ( ابنيك ) وفى اخرى ( ولديك ) .
(5) قال الطريحى : في الدعاء ) يا من كبس الارض على الماء اى أدخلها فيه من قولهم كبس رأسه في ثوبه : أخفاه وأدخله فيه أو جمعها فيه .
(6) البرهان ج 2 : 266 ، البحار ج 5 : 195 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 196 _
  79 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام عاد إلى الحديث الاول الذى قطعناه (1)
  ( قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا ) الذى بلته دموع عينى ( فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرا ) لو قد شم بريحي ( وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) وردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم وجهزهم بجميع ما يحتاجون اليه ، فلما فصلت عيرهم من مصر ، وجد يعقوب ريح يوسف ، فقال لمن بحضرته من ولده : ( إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) قال : وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا و سرورا بما رأوا من حال يوسف والملك الذى أعطاه الله ، والعز الذى صاروا اليه في سلطان يوسف ، وكان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة ايام ، فلما أن جاء البشير القى القميص على وجهه فارتد بصيرا وقال لهم : ما فعل ابن ياميل ؟ قالوا اخلفناه عند أخيه صالحا ، قال : فحمد الله يعقوب عند ذلك وسجد لربه سجدة الشكر ، ورجع اليه بصره وتقوم له ظهره ، وقال لولده : تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم ، فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف ياميل (2)
  فأحثوا السير فرحا وسرورا ، فصاروا تسعة أيام إلى مصر (3)
  80 ـ عن محمد بن ابى عمير عن بعض أصحابنا عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله : ( سوف استغفر لكم ربى ) فقال : أخرهم إلى السحر قال : يا رب انما ذنبهم فيما بينى وبينهم ، أوحى الله انى قد غفرت لهم (4)
  81 ـ عن محمد بن مسلم عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله : ( استغفر لكم ربى ) قال : أخره إلى السحر ليلة الجمعة (5)

--------------------
(1) وهو ما تقدم تحت رقم 42 وقد اورد قطعة منه تحت رقم 65 ايضا .
(2) يظهر من هذا الخبر وبعض ما مر ويأتى من الاخبار ان أخى يوسف لم يكن من ام يوسف بل من خالته وانما دعاه اخا من امه مجازا كما تجوز في قوله ( ورفع أبويه ) وهو قول جماعة من المفسرين والمورخين كما قاله المجلسى رحمه الله وسيأتى تحت رقم 84 ما فيه التصريح على انه لم يكن اخاه من امه .
(3) البرهان ج 2 : 267 ، البحار ج 5 : 196 .
(4 ـ 5) البرهان ج 2 : 271 ، البحار 5 : 196 ، الصافى ج 1 : 855 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 197 _
  82 ـ عن محمد بن سعيد الازدى صاحب موسى بن محمد بن الرضا عن موسى قال لاخيه : ان يحيى بن اكثم كتب اليه يسئله عن مسائل ، فقال اخبرنى عن قول الله : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) أسجد يعقوب وولده ليوسف ؟ قال : فسألت أخى عن ذلك ، فقال : اما سجود يعقوب وولده ليوسف فشكرا لله ، لاجتماع شملهم ألا ترى انه يقول في شكر ذلك الوقت : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ) الاية (1) .
  83 ـ عاد إلى الحديث الاول (2) عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال : فساروا تسعة ايام إلى مصر ، فلما دخلوا على يوسف في دار الملك اعتنق اباه فقبله وبكى ، ورفعه ورفع خالته على سرير الملك ، ثم دخل منزله فأدهن فاكتحل ولبس ثياب العز والملك ثم خرج اليهم ، فلما رأوه سجدوا جميعا له اعظاما له وشكرا لله ، فعند ذلك قال : ( يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ ) إلى قوله : ( بينى وبين اخوتى ) قال : ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيب ولا يضحك ، ولا يمس النساء (3) حتى جمع الله ليعقوب شمله ، جمع بينه وبين يعقوب واخوته (4) .
  84 ـ عن الحسن بن اسباط قال : سألت ابا الحسن في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف ؟ قال : في احد عشر ابنا له ، فقيل له : أسباط ، قال : نعم ، وسألته عن يوسف وأخيه اكان اخاه لامه أم ابن خالته ؟ فقال ابن خالته (5)
  85 ـ عن ابن أبى عمير عن بعض اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( و رفع أبويه على العرش ) قال : العرش السرير ، وفى قوله : ( وخروا له سجدا ) قال : كان سجودهم ذلك عبادة لله (6)

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 271 ، البحار ج 5 : 178 .
(2) اى ماتقدم تحت رقم 42 وقطعة منه تحت رقم 65 و 79 .
(3) قال الفيض رحمه الله : لعل المرار بنفى مسه النساء عدم مسهن للالتذاذ والشهوة فلا ينافى ما سبق انه كان له ابن يلعب برمانة بين يديه حين خاصمه اخوه في اخيه فلعله انما مسهن لتثقيل الارض بتسبيح الولد كما مضى في اعتذار اخيه في مثله .
(4 ـ 6) البرهان ج 2 : 271 ، البحار ج 5 : 196 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 198 _
  86 ـ عن محمد بن بهروز عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : ان يعقوب قال ليوسف حيث التقيا : أخبرنى يا بنى كيف صنع بك ؟ فقال له يوسف : انطلق بى ، فاقعدت على رأس الجب فقيل لى انزع القميص فقلت لهم : انى اسئلكم بوجه أبى الصديق يعقوب لا تبدوا عورتى ولا تسلبونى قميصى ، قال : فاخرج على فلان السكين ، فغشى على يعقوب فلما أفاق قال له يعقوب : حدثنى كيف صنع بك ؟ فقال له يوسف : انى أطالب يا ابتاه لما كففت فكف (1) .
  87 ـ عن محمد بن مسلم قال : قلت لابى جعفر عليه السلام : كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر بعد ما جمع الله يعقوب شمله ، وأراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة ؟ قال : عاش حولين ، قلت : فمن كان يومئذ الحجة لله في الارض يعقوب أم يوسف ؟ فقال : كان يعقوب الحجة وكان الملك ليوسف ، فلما مات يعقوب حمل يوسف عظام يعقوب في تابوت إلى ارض الشام ، فدفنه في بيت المقدس ثم كان يوسف بن يعقوب الحجة (2)
  88 ـ عن اسحق بن يسار عن أبى عبدالله عليه السلام انه قال : ان الله بعث إلى يوسف وهو في السجن يا ابن يعقوب ما اسكنك مع الخطائين ؟ قال : جرمى ، قال : فاعترف بجرمه .
  فاخرج فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله (3) فقال له : ادع بهذا الدعاء يا كبير كل كبير يا من لا شريك له ولا وزير ، يا خالق الشمس والقمر المنير ، يا عصمة المضطر الضرير ، يا قاصم كل جبار مبير ( عنيد خ ) يا مغنى البائس الفقير يا جابر العظم الكسير يا مطلق المكبل (4) الاسير اسئلك بحق محمد وآل محمد أن تجعل لى من أمرى فرجا ومخرجا وترزقنى من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب ، قال : فلما أصبح دعاه الملك فخلى سبيله ، وذلك قوله : ( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ ) (5)

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 272 ، البحار ج 5 : 196 و 190 .
(3) هذا ايضا مما يحمل على التقية لما فيه من مخالفة المذهب وقد مر تفصيل الكلام في ذلك ذيل حديث 18 فراحع .
(4) المكبل : المقيد بالكبل وهو القيد .
(5) البرهان ج 2 : 272 البحار ج 5 : 196

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 199 _
  89 ـ عن عباس بن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في أهل بيته اذا قال : أحب يوسف ان يستوثق لنفسه ، قال : فقيل بماذا يا رسول الله ؟ قال لما عزل له عزيز مصر عن مصر لبس ثوبين جديدين او قال : نظيفين ، وخرج إلى فلاة من الارض ، (1) فصلى ركعات فلما فرغ رفع يده إلى السماء فقال : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) قال : فهبط اليه جبرئيل فقال له : يا يوسف ما حاجتك ؟ فقال : رب ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) فقال أبوعبدالله عليه السلام : خشى الفتن (2) .
  90 ـ عن زرارة قال : سالت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) قال : من ذلك قول الرجل : لا وحياتك (3) .
  91 ـ عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) قال : كانوا يقولون : نمطر نبؤ كذا ونبؤ كذا ـ لاعطى ـ (4) ومنهم انهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون (5)
  92 ـ عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال : شرك لا يبلغ به الكفر (6)
  93 ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : شرك طاعة ، قال الرجل لا والله وفلان ولو لا الله لوكلت فلان والمعصية منه (7)
  94 ـ ابوبصير عن أبى اسحق قال : هو قول الرجل لولا الله وانت ما فعل بى كذا و كذا ولولا الله وأنت ما صرف عنى كذا وكذا ، واشباه ذلك (8)
  95 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال شرك طاعة وليس بشرك عبادة والمعاصى التى تركبون مما أوجب الله عليها النار شرك طاعة اطاعوا الشيطان وأشركوا بالله في طاعته ، ولم يكن بشرك عبادة ، فيعبدون مع الله غيره (9) .

--------------------
(1) لفلاة : القفر ، الصحراء الواسعة لا ماء فيها .
(2) البرهان ج 2 : 272 ، البحار ج 5 : 196 .
(3) البرهان ج 1 : 274 ، البحار ج 15 ( ج 3 ) : 6 ، الصافى ج 1 : 860 .
(4) ما بين المعقفتين ليس في نسخة البحار .
(5 ـ 9) البرهان ج 2 : 274 ، البحار ج 15 ( ج 3 ) : 6 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 200 _
  96 ـ عن مالك بن عطية عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) قال : هو الرجل يقول : لولا فلان لهلكت ، ولولا فلان لاصبت كذا وكذا ، ولولا فلان لضاع عيالى ، الا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه ، قال : قلت : فيقول : لولا ان الله من على بفلان لهلكت ؟ قال : نعم لا بأس بهذا (1) .
  97 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام قالوا : سألناهما ، فقالا : شرك النعم (2) .
  98 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال : شرك طاعة وليس شرك عبادة في المعاصى التى يرتكبون فهى شرك طاعة ، أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا في الله في الطاعة غيره ، وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله (3) .
  99 ـ عن اسمعيل الجعفى قال : قال أبوجعفر عليه السلام : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي ) قال : فقال : على بن أبيطالب عليه السلام خاصة ، والا فلا أصابنى شفاعة محمد عليه وآله السلام (4)
  100 ـ عن على بن اسباط عن أبى الحسن الثانى قال : قلت : جعلت فداك انهم يقولون في الحداثة ( في حداثة سنك خ ل ) قال ليس شئ يقولون ، ان الله تعالى يقول ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي ) فوالله ما كان تبعه الا على وهو ابن تسع سنين (5) ـ ومضى أبى الا ـ وانا ابن تسع سنين ، فما عسى أن يقولوا قال : ثم كانت امارات فيها وقبلها أقوام ، الطريقان في العاقبة سواء ، الظاهر مختلف ، هو رأس اليقين ان الله يقول في كتابه : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) إلى قوله ( ويسلموا

--------------------
(1 ـ 3) البرهان ج 2 : 274 البحار ج 15 ( ج 3 ) : 6 ، الصافى ج 1 : 860 .
(4) البرهان ج 2 : 175 ، البحار ج 9 : 94 .
(5) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البرهان ورواية الكلينى والصدوق قدس سرهما لكن في الاصل ( سبع ) بدل ( تسع ) في الموضعين .