18 ـ وفى رواية ابن اذينة عن زرارة عنه قال : الحج الاكبر الوقوف بعرفة ، و بجمع ، وبرمى الجمار بمنى ، والحج الاصغر العمرة (1)
  19 ـ وفى رواية عبدالرحمن عنه قال : يوم الحج الاكبر يوم النحر ، ويوم الحج الاصغر يوم العمرة (2)
  20 ـ وفى رواية فضيل بن عياض عنه عليه السلام قال : سألته عن الحج الاكبر قال : ابن عباس كان يقول : عرفة قال أمير المؤمنين عليه السلام : الحج الاكبر يوم النحر ويحتج بقول الله : ( فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ ) عشرون من ذى الحجة ، والمحرم وصفر و شهر ربيع الاول ، وعشر من شهر ربيع الاخر ، ولو كان الحج الاكبر يوم عرفة لكان أربعة اشهر ويوما (3)
  21 ـ عن جعفر بن محمد عن أبى جعفر عليه السلام ان الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف ، فسيف على مشركى العرب قال الله جل وجهه : ( اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا ) يعنى فان آمنوا ( فاخوانكم في الدين ) لايقبل منهم الا القتل او الدخول في الاسلام ولا تسبى لهم ذرية ـ ومالهم فئ ـ (4)
  22 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) قال : هى يوم النحر إلى عشر مضين من شهر ربيع الآخر (5)
  23 ـ عن حنان بن سدير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول دخل على اناس من

--------------------
(1) البحار ج 21 : 75 ، البرهان ج 2 : 102 .
(2) البحار ج 21 : 75 ، الوسائل ج 2 أبواب العمرة باب 1 وقد سقط من نسخة البرهان ذيل الحديث السابق وصدر هذا الحديث فراجع .
(3) البحار ج 21 : 75 ، البرهان ج 2 : 102 .
(4 ـ 5) البحار ج 21 : 75 ، البرهان ج 2 : 106 ، الصافى ج 1 : 682 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 78 _

  اهل البصرة فسألونى عن طلحة وزبير ، فقلت لهم : كانا امامين من ائمة الكفر ، ان عليا صلوات الله عليه يوم البصرة لما صف الخيول قال لاصحابه : لا تعجلوا على القوم حتى اعذر فيما بينى وبين الله وبينهم فقام اليهم فقال : يا أهل البصرة هل تجدون على جورا في الحكم ؟ قالوا : لا ، قال : فحيفا في قسم ؟ (1) قالوا : لا ، قال : فرغبة في دنيا أصبتها لى ولاهل بيتى دونكم فنقمتم على فنكثتم على بيعتى ؟ قالوا : لا ، قال : فاقمت فيكم الحدود وعطلتها عن غيركم ؟ قالوا : لا ، قال : فما بال بيعتى تنكث و بيعة غيرى لا تنكث ؟ انى ضربت الامر أنفه وعينه فلم أجد الا الكفر أو السيف ، ثم ثنى إلى أصحابه فقال : ان الله يقول في كتابه ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والذى فلق الحبة وبرء النسمة واصطفى محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة ، انكم (2) لاصحاب هذه الاية وما قوتلوا منذ نزلت (3)
  24 ـ عن أبى الطفيل قال : سمعت عليا صلى الله عليه يوم الجمل وهو يحرض ( يحض خ ) الناس على قتالهم ويقول : والله ما رمى أهل هذه الاية بكنانة قبل هذا اليوم قاتلوا ائمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ، فقلت لابى الطفيل : ما الكنانة ؟ قال : السهم يكون موضع الحديد فيه عظم تسميه بعض العرب الكنانة (4)
  25 ـ عن الحسن البصرى قال خطبنا على بن أبيطالب صلوات الله عليه على هذا المنبر وذلك بعدما فرغ من أمر طلحة والزبير وعايشة ، صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه و صلى على رسوله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : أيها الناس والله ما قاتلت هؤلاء بالامس الا بآية تركتها في كتاب الله ان الله يقول ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) اما والله لقد عهد إلى رسول الله عليه وآله السلام وقال لى يا على لتقاتلن الفئة الباغية والفئة الناكثة ، والفئة المارقة (5)

--------------------
(1) وفى نسخة الصافى ( في قسمة ) وهو الظاهر .
(2) وفى نسختى الصافى والبرهان ( انهم ) .
(3 ـ 4) البحار ج 8 : 422 ، البرهان ج 2 : 107 ، الصافى ج 1 : 685
(5) البحار ج 8 : 443 ، البرهان ج 2 : 107 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 79 _

  26 ـ عن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال : من طعن في دينكم هذا فقد كفر ، قال الله ( وطعنوا في دينكم ) إلى قوله : ( ينتهون ) (1)
  27 ـ عن الشعبى قال : قرأ عبدالله ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ) إلى آخر الآية ثم قال : ما قوتل أهلها بعد ، فلما كان يوم الجمل قرأها على عليه السلام ثم قال : ما قوتل أهلها منذ يوم نزلت حتى ـ كان ـ اليوم (2)
  28 ـ عن أبى عثمان مولى بنى قصى قال : شهدت عليا ـ صلى الله عليه سنته كلها فما سمعت منه ولاية ولا برائة وقد سمعته يقول : ـ عذرنى الله من طلحة والزبير بايعانى طائعين غير مكرهين ، ثم نكثا بيعتى من غير حدث أحدثته ، والله ما قوتل أهل هذه الاية منذ نزلت حتى قاتلتهم ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ) الاية (3)
  29 ـ عن على بن عقبة عن أبيه قال : دخلت أنا والمعلى على أبى عبدالله عليه السلام فقال : ابشروا انكم على احدى الحسنيين شفى الله صدوركم واذهب غيظ قلوبكم و أنالكم على عدوكم وهو قول الله : ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) وان مضيتم قبل ان يروا ذلك مضيتم على دين الله الذى ارتضاه ( رضيه خ ) لنبيه عليه وآله السلام ولعلى عليه السلام (4)
  30 ـ عن أبى الاعز التميمى (5) قال : انى لواقف يوم صفين اذا نظرت إلى العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب شاك في السلاح (6) ، على رأسه مغفر وبيده صفيحة يمانية (7) وهو على فرس له ادهم وكان عينيه عينا أفعى ، فبينا

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 107 ، الصافى ج 1 : 686 .
(2 ـ 3) البحار ج 8 : 443 ، البرهان ج 2 : 107 ، الصافى ج 1 : 686
(4) البرهان ج 2 : 108 .
(5) وفى نسخة الصافى ( التيمى ) وفى البرهان ( اليمنى ) .
(6) رجل شاك السلاح اى ذو شوكة وحدة في سلاحه .
(7) الصفيحة : السيف العريض .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 80 _

  هو يروض فرسه ويلين من عريكته (1) اذ هتف به هاتف من أهل الشام : يقال له عرار بن أدهم : يا عباس هلم إلى البراز قال : فالنزول اذا فانه اياس من القفول قال : فنزل الشامى ووجد وهو يقول : ان تركبوا فركوب الخيل عادتنا * او تنزلون فانا معشر نزل قال : وثنى عباس رجله (2) وهو يقول : ويصد عنك مخيلة الرجل العريض (3) موضحة عن العظم بحسام سفك أو لسانك والكلم الاصيل كارغب الكلم (4) قال : ثم عصب (5) فضلات درعه في حجزته (6) ثم دفع فرسه ( قوسه خ ) إلى غلام له يقال له : أسلم كانى أنظر إلى قلائد شعره ، ودلف (7) كل واحد منهما إلى صاحبه ، قال : فذكرت قول ابى ذؤيب :

فـتنازلا  وتـواقفت iiخيلاهما      وكلاهما بطل اللقاء مخدع (8)

--------------------
(1) كذا في الاصل وفى نسخة البرهان ( فبينا هو يعبث ويلين اه ) وفى المنقول عن كتاب كشف الغمة ( فبينا هو يمغته ويلين اه ) وفى عيون الاخبار لابن قتيبة ج 2 : 74 هكذا ( وهو على فرس له صعب يمنعه اه ) وراض الفرس : ذلله وجعله مطيعا ومسخرا وعلمه السير والعريكة ، النفس والطبيعة وفلان لين العريكة اى سلس الخلق منقاد منكسر النخوة
(2) وفى عيون الاخبار وركه ـ وهو ما فوق الفخذ ـ وثنى الشئ : عطفه
(3) رجل عريض : يتعرض الناس بالشر .
(4) حسام السيف بضم الحاء ـ : طرفه الذى يضرب به .
(5) وفى عيون الاخبار ( غضن ) وهو من الغضن ـ بالفتح : الكسر في الجلد والثوب والدرع ولكن الظاهر هو المختار
(6) حجزة الانسان : معقد السراويل والازار .
(7) دلف اليه : اسرع .
(8) وفى نسخة ( فتبارزا ) وقوله بطل اللقاء اى عند اللقاء ، والمخدع : المجرب للامور ، الذى خدع في الحرب مرة بعد مرة حتى حذق وصار مجربا .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 81 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 81 سطر 1 الى ص 90 سطر 24
  قال : ثم تكافحا بسيفهما مليا (1) من نهارهما لا يصل واحد منها إلى صاحبه لكمال اللامة (2) إلى أن لحظ العباس وهيا (3) في درع الشامى فاهوى اليه بيده فهتكه إلى ثندوته (4) ثم عاود لمجاولته وقد أصحر له مفتق الدرع (5) فضربه العباس بالسيف فانتظم به جوانح صدره (6) وخر الشامى صريعابخده وام في الناس (7) وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الارض فسمعت قائلا يقول من ورائى ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ) فالتفت فاذا هو أمير المؤمنين على عليه السلام ، وقال يا أبا الاعز من المبارز لعدونا ؟ قلت : هذا ابن شيخكم العباس بن ربيعة ، قال : يا عباس قال : لبيك ، قال : ألم أنهك وحسنا وحسينا وعبدالله بن جعفر ان تخلوا بمركز أو تباشرو احدثا ؟ قال : ان ذلك لذلك (8) قال : فما عدا مما بدا ؟ قال : أفادعى إلى البراز يا اميرالمؤمنين فلا أجيب جعلنى الله فداك ؟ قال : نعم طاعة امامك أولى بك من اجابة عدوك ، ود معوية انه ما بقى من بنى هاشم نافخ ضرمة الا طعن في نيطه (9) اطفأ لنور الله

--------------------
(1) تكافحا اى تضاربا والملى : الساعة الطويلة من النهار ، الزمان الطويل .
(2) اللامة : الدرع .
(3) الوهى : الشق في الشئ .
(4) هتك الثوب : شقه طولا ، والثندوة بضم الثاء المثلثة وسكون النون وضم الدال المهملة : للرجل بمنزلة الثدى للمرأة .
(5) جاوله مجاولة : دافعه وطارده ، واصحر الشئ : اظهره ومفتق الثوب مشقه .
(6) الجوانح جمع الجانحة : الاضلاع تحت الترائب مما يلى الصدر كالضلوع مما يلى الظهر .
(7) وفى نسخة البحار ( وسمى العباس ) .
(8) وفي عيون الاخبار ( ان ذلك ، يعنى نعم ) .
(9) الضرمة : النار يقال : ما بالدار نافخ ضرمة اى احد ، والنيط : نياط القلب وهو العرق الذى القلب متعلق به فاذا طعن مات صاحبه ، وقال في اللسان بعد ان اورد هذا الحديث في مادة ( نيط ) معناه : الامات .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 82 _

  ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره المشركون ، اما والله ليملكنهم منا رجال ، ورجال يسومونهم الخسف حتى يتكففوا بأيديهم (1) ويحفروا الآبار ان عادوا لك فقل لى (2) قال : ونمى الخبر إلى معوية (3) فقال : والله دم عرار الا رجل يطلب بدم عرار ؟ قال : فانتدب له رجلان من لخم ، فقالا : نحن له قال : اذهبا فأيكما قتل العباس برازا فله كذا وكذا ، فأتياه فدعواه إلى البراز ، فقال : ان لى سيدا اؤمره ، قال : فأتى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره فقال : ناقلنى سلاحك بسلاحى ، فناقله قال : وركب أمير المؤمنين عليه السلام على فرس العباس ودفع فرسه إلى العباس وبرز إلى الشاميين ، فلم يشكا أنه العباس فقالا له : اذن لك سيدك ؟ فخرج (4) أن يقول نعم فقال : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) قال : فبرز اليه أحدهما فكأنما اختطفه (5) ثم برز اليه الثانى فالحقه بالاول وانصرف وهو يقول : ( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) ثم قال : يا عباس خذ سلاحك وهات سلاحي ، قال ونمى الخبر إلى معاوية فقال : قبح الله اللجاج انه لقعود ما ركبته قط الا خذلت ، فقال عمرو بن العاص : المخذول والله اللخميان لا أنت ، قال : اسكت أيها الشيخ فليس ـ هذه ـ من ساعاتك ، قال : فان لم يكن رحم الله اللخميين وما أراه يفعل ! قال : ذلك والله أضيق لجحرك وأخسر لصفقتك ، قال : أجل ولو لا مصر لقد كانت المنجاة منها ، فقال : هى والله أعمتك ولولاها لالفيت بصيرا (6)

--------------------
(1) تكفف الناس : مد كفه اليهم بالمسألة .
(2) وفى جملة من النسخ ( فعد إلى ) .
(3) نمى الحديث إلى فلان : ارتفع اليه .
(4) وفى نسخة البرهان ( فتخرج ) والظاهر انه تصحيف تحرج اى جانب الحرج وهو الاسم والمعنى انه عليه السلام احترز عن الكذب فقال اه .
(5) اختطف الشئ : اجتذبه واستلبه بسرعة ، وفى بعض النسخ ( اخطأه )
(6) البحار ج 8 : 515 ، البرهان ج 2 : 108 ، ونقله الفيض في الصافى ج 1 : 686 عن الكتاب مختصر أيضا .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 83 _

  31 ـ عن ابى العباس عن أبى عبدالله عليه السلام قال : أتى رجل النبى صلى الله عليه وآله فقال : بايعنى يا رسول الله ، فقال : على أن تقتل أباك ؟ ـ قال فقبض الرجل يده ، ثم قال : بايعنى يا رسول الله قال على أن تقتل اباك فقال الرجل : نعم على ان اقتل ابى فقال رسول الله عليه وآله السلام : إلى من حين من يتخذ من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة (1) انا لا نأمرك ان تقتل والديك ، ولكن نأمرك أن تكرمهما (2) .
  32 ـ عن ابن ابان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : يا معشر الاحداث اتقوا الله ولا تأتوا الرؤساء دعوهم حتى يسيروا أذنابا ، لا تتخذوا الرجال ولايج من دون الله انا والله خير لكم منهم ، ثم ضرب بيده إلى صدره (3) .
  33 ـ عن أبى الصباح الكنانى قال : قال أبوجعفر عليه السلام : يا ابا الصباح اياكم والولايج فان كل وليجة دوننا فهى طاغوت ـ او قال ند ـ (4)
  34 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان امير المؤمنين صلوات الله عليه قيل له : يا أمير المؤمنين أخبرنا بأفضل مناقبك ؟ قال : نعم كنت أنا وعباس وعثمان بن أبى شيبة في المسجد الحرام ، قال عثمان بن ابى شيبة : أعطانى رسول الله صلى الله عليه وآله الخزانة يعنى مفاتيح الكعبة ، وقال العباس : أعطانى رسول الله صلى الله عليه وآله السقاية وهى زمزم ولم يعطك شيئا يا على ، قال : فانزل الله ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ) (5) .
  35 ـ عن أبى بصير عن أحدهما في قول الله : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) قال : نزلت في على وحمزة وجعفر والعباس وشيبة انهم فخروا في السقاية والحجابة ، فأنزل الله : ( أجعلتم سقاية الحاج ) إلى قوله : ( واليوم الآخر ) الآية ، فكان على وحمزة وجعفر والعباس عليهم السلام الذين آمنوا بالله واليوم الآخر و جاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله (6) .

--------------------
(1) الوليجة : البطانة وخاصتك من الرجال أو من تتخذه معتمدا عليه من غير اهلك .
(2 ـ 4) البحار ج 7 : 141 ، البرهان ج 2 : 109 .
(5 ـ 6) البحار ج 9 : 317 ، البرهان ج 2 : 110 ، الصافى ج 1 : 688

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 84 _

  36 ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : سألته عن هذه الآية في قول الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ ) إلى قوله : ( الفاسقين ) فاما لا تتخذوا آبائكم واخوانكم اولياء ان استحبوا الكفر على الايمان ، فان الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الاول والثانى وهو كفر ، وقوله على الايمان فالايمان ولاية على بن أبيطالب عليه السلام ، قال : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ) (1) .
  37 ـ يوسف بن السخت قال : اشتكى المتوكل شكاة شديدة فنذر لله ان شفاه الله يصدق بمال كثير ، فعوفى من علته فسأل أصحابه عن ذلك فأعلموه ان أباه تصدق بثمانمأة (2) ألف الف درهم وان أراه تصدق بخمسة الف الف درهم فاستكثر ذلك ، فقال أبويحيى بن أبى منصور المنجم لو كتبت إلى ابن عمك يعني أبا الحسن عليه السلام فامر أن يكتب له فيسئله فكتب اليه ، فكتب أبوالحسن : تصدق بثمانين درهم ، فقالوا : هذا غلط سلوه من أين ؟ قال : هذا (3) من كتاب الله قال الله لرسوله : ( لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) والمواطن التى نصر الله رسوله عليه وآله السلام فيها ثمانون موطنا ، فثمانين درهما من حله مال كثير (4) .
  38 ـ عن عجلان عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله الله تعالى ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ) إلى ( ثم وليتم مدبرين ) فقال : أبوفلان (5) .
  39 ـ عن الحسن بن على بن فضال قال : قال أبوالحسن على الرضا عليه السلام للحسن بن أحمد : أى شئ السكينة عندكم ؟ قال : لا أدرى جعلت فداك أى شئ هو ؟ فقال : ريح من الله (6) تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه الانسان ، فتكون مع الانبياء ،

--------------------
(1) البحار ج 8 : 220 ، البرهان ج 2 : 111 .
(2) وفى بعض النسخ ( بثمانية )
(3) وفى نور الثقلين سلوه من اين قال هذا ؟ فكتب قال الله .
(4) البحار ج 23 : 147 ، البرهان ج 1 : 112 .
(5) البحار ج 8 : 220 ، البرهان ج 1 : 112 ، الصافى ج 1 : 690 .
(6) وفى رواية الكلينى رحمه الله ( من الجنة ) بدل ( من الله ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 85 _
  وهى التى نزلت على ابراهيم خليل الرحمن حيث بنى الكعبة ، فجعلت تأخذ كذا وكذا فبنى الاساس عليها (1)
  40 ـ عن عبدالملك بن عتبة الهاشمى عن أبى عبدالله عليه السلام عن أبيه قال : قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفى المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف ، قاله لعمر بن عبيد حيث سأله أن يبايع عبدالله بن الحسن (2) .
  41 ـ عن زرارة عن ابى عبدالله عليه السلام قال : قلت له : ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغى ان يجاوزه إلى غيره ؟ قال : فقال لا ذاك إلى الامام يأخذ منهم من كل انسان ما شاء على قدر ماله ، وما يطيق انما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا فالجزية تؤخذ منهم ما يطيقون له أن يأخذهم بها حتى اذا يسلموا فان الله يقول : ( حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث (3) لما يؤخذ منه ، لا حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم (4) .
  42 ـ عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : ان الله بعث محمدا صلى الله عليه واله بخمسة أسياف ، فسيف على أهل الذمة ، قال الله : ( وقولوا للناس حسنا ) نزلت في أهل الذمة ثم نسختها أخرى قوله : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ) إلى وهم ( صاغرون ) فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم الا أداء الجزية او القتل ويؤخذ مالهم ، وتسبى ذراريهم ، فاذا قبلوا الحزية ما حل لنا نكاحهم ولا ذبائحهم ولا يقبل منهم الا أداء الجزية أو القتل (5) .

--------------------
(1) البحار ج 7 : 331 و 21 : 12 ، البرهان ج 1 : 112
(2) البرهان ج 1 : 115 .
(3) قال في المجمع : في الحديث لا يكترث لهذا الامر اى لا يعبأ به ولا يباليه ومنه حديث أهل الكتاب في الجزية كيف يكون صاغرا ولا يكترث لما يؤخذ منه ولا يستعمل الا في النفى .
(4) البحار ج 21 : 109 ، البرهان ج 2 : 116 ، الصافى ج 1 : 694 .
(5) البرهان ج 2 : 116 ، البحار ج 21 : 109 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 86 _
  43 ـ عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا غزير ابن الله واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا المسيح ابن الله ، واشتد غضب الله من أراق دمى وآذانى في عترتى (1) .
  44 ـ عن يزيد بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال : انه لن يغضب لله شئ كغضب الطلح (2) والسدر ، ان الطلح كانت كالاترج ، والسدر كالبطيخ ، فلما قالت اليهود : يد الله مغلولة نقصا حملهما فصغر فصار له عجم ، واشتد العجم ، فلما أن قالت النصارى المسيح بن الله اذعرتا فخرج لهما هذا الشوك ونقصتا حملهما ، وصار الشوك إلى هذا الحمل وذهب حمل الطلح ، فلا يحمل حتى يقوم قائمنا ـ ان تقوم الساعة ثم ـ قال : من سقى طلحة أو سدرة فكأنما سقى مؤمنا من ظمان (3)
  45 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال : اما والله ما صاموا لهم ولا صلوا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فأتبعوهم .
  46 ـ وقال في خبر آخر ـ عنه ـ ولكنهم أطاعوهم في معصية الله (4) .
  47 ـ عن جابر عن أبى عبدالله عليه السلام قال سألته عن قول الله : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال : اما انهم لم يتخذوهم آلهة الا أنهم احلوا حراما فأخذوا به ، وحرموا حلالا (5) فأخذوا به ، فكانوا أربابهم من دون الله (6).

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 120 ، الصافى ج 1 : 695 .
(2) الطلح : شجر حجازية ومنابتها بطون الاودية ولها شوك كثير ويقال لها ام غيلان ايضا تأكل الابل منها أكلا كثيرا ، وقيل : كل شجر عظيم كثير الشوك .
(3) البحار ج 4 : 59 ، البرهان ج 2 : 120
(4) البحار ج 7 : 141 ، البرهان ج 2 : 120 .
(5) هذا هو الظاهر الموافق لنسخ البحار والبرهان والصافى ولرواية الكلينى رحمه الله في الكافى لكن في نسخة الاصل هكذا ( أحلوا لهم حلالا وحرموا حراما ) وكذا في الحديث الآتى .
(6) البحار ج 4 : 59 و 7 : 141 : البرهان ج 2 : 120 ، الصافى ج 1 : 695 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 87 _
  48 ـ وقال أبوبصير قال أبوعبدالله : ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ، ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فكانوا يعبدونهم من حيث لا يشعرون (1)
  49 ـ عن حذيفة سئل عن قول الله : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ) فقال : لم يكونوا يعبدونهم ولكن كانوا اذا أحلوا لهم أشياء استحلوها ، واذا حرموا عليهم حرموها (2)
  50 ـ عن أبى المقدام عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) يكون ان لا يبقى أحد الا أقر بمحمد صلى الله عليه واله .
  51 ـ وقال في خبر آخر عنه قال : ( ليظهره الله ) في الرجعة (3)
  52 ـ عن سماعة عن أبى عبدالله عليه السلام : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) قال : اذا خرج القائم لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر الا كره خروجه (4)
  53 ـ عن سعدان عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله ( الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) انما عنى بذلك ما جاوز ألفى درهم (5)
  54 ـ عن معاذ بن كثير صاحب الاكسية قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام قال : موسع على شيعتنا ان ينفقوا مما في ايديهم بالمعروف ، فاذا قام قائمنا حرم على كل ذى كنز كنزه حتى يأتيه فيستعين به على عدوه وذلك قول الله : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (6)
  55 ـ عن الحسين بن علوان عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام قال : المؤمن

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 4 : 59 و 7 : 141 ، البرهان ج 2 : 120 ، الصافى ج 1 : 695 .
(3 ـ 4) البحار ج 13 : 190 ، البرهان ج 2 : 121 ، الصافى ج 1 : 697 ، اثبات الهداة ج 7 : 99 .
(5 ـ 6) البحار ج 15 ( ج 3 ) : 102 ، البحار ج 2 : 122 ، الصافى ج 1 : 699

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 88 _
  كان (1) عنده من ذلك شئ ينفقه على عياله ما شاء ثم اذا قام القائم فيحمل اليه ما عنده ، فما بقى من ذلك يستعين به على أمره فقد أدى ما يجب عليه (2)
  56 ـ عن أبى خالد الواسطى قال : أتيت أبا جعفر يوم شك فيه من رمضان فاذا مائدة موضوعة وهو يأكل ونحن نريد أن نسئله ، فقال : ادنوا الغداء اذا كان مثل هذا اليوم لم يحكم فيه سبب ترونه فلا تصوموا ، ثم قال : حدثنى أبى عن على بن الحسين عن امير المؤمنين ان رسول الله صلى الله عليه واله لما ثقل في مرضه قال : يا ايها الناس ان السنة اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم ، ثم قال بيده : رجب مفرد ، وذو القعدة وذو الحجة ، والمحرم ثلث متواليات ، ألا وهذا الشهر المفروض رمضان فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فاذا خفى الشهر فأتموا العدة ، شعبان ثلثين ، وصوموا الواحد والثلثين ، وقال بيده : الواحد والاثنين والثلثة ، ثم ثنى ابهامه ثم قال ايها الناس شهر كذا وشهر كذا .
  وقال على عليه السلام : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه واله تسعا وعشرين ولم نقضه ورآه تماما (3)
  57 ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال : كنت عنده قاعدا خلف المقام وهو محتب (4) مستقبل القبلة فقال : اما النظر اليها عبادة وما خلق الله بقعة من الارض احب اليه منها ثم اهوى بيده إلى الكعبة ولا أكرم عليه منها لما ( ولها خ ل ) حرم الله الاشهر الحرم في كتابه ( يوم خلق السموات والارض ) ثلثة اشهر متوالية وشهر مفرد للعمرة قال ابوعبدالله عليه السلام : شوال وذو القعدة وذو الحجة ورجب (5)
  58 ـ عن عبدالله بن محمد الحجال قال : كنت عند ابى الحسن الثانى عليه السلام و معى الحسن بن الجهم ، قال له الحسن : انهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى :

--------------------
(1) هذا هو الظاهر الموافق للبحار ولكن في الاصل ( المأمون ) بدل المؤمن
(2) البحار ج 15 ( ج 3 ) : 102 ، البرهان ج 2 : 122 .
(3) البحار ج 20 : 77 ، البرهان ج 2 : 124 .
(4) احتبى بالثوب : اشتمل به وقيل جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند
(5) البحار ج 21 : 12 ، البرهان ج 2 : 124 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 89 _
  ( ثانى اثنين اذ هما في الغار ) قال : وما لهم في ذلك ؟ فوالله لقد قال الله : ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ ) وما ذكره فيها بخير ، قال قلت له : انا جعلت فداك وهكذا تقرؤنها ، قال : هكذا قرأتها قال زرارة : قال أبوجعفر عليه السلام : فأنزل الله سكينته على رسوله ألا ترى ان السكينة انما نزلت على رسوله ( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى ) فقال : هو الكلام الذى تكلم به عتيق رواه الحلبى عنه (1) .
  59 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ ) الاية انهم يستطيعون وقد كان في علم الله انه لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لفعلوا (2) .
  60 ـ عن المغيرة قال : سمعته يقول في قول الله : ( وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ) قال : يعنى بالعدة النية ، يقول : لو كان لهم نية لخرجوا (3).
  61 ـ عن يوسف بن ثابت عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قيل له : لما دخلنا عليه انا أحببناكم لقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه واله ، ولما أوجب الله من حقكم ، ما أحببناكم لدنيا نصيبها منكم الا لوجه الله والدار الآخر ، وليصلح امرء منا دينه ، فقال أبوعبدالله : صدقتم صدقتم ومن أحبنا جاء معنا يوم القيمة هكذا ـ ثم جمع بين السبابتين ـ وقال : والله لو ان رجلا صام النهار وقام الليل ثم لقى الله بغير ولايتنا لقيه غير راض أو ساخط عليه ، ثم قال : وذلك قول الله : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ) إلى قوله : ( وهم كافرون ) ثم قال : وكذلك الايمان لا يضر معه عمل ، وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل (4)
  62 ـ عن اسحق بن غالب قال : قال ابو عبدالله عليه السلام : يا اسحق كم ترى اهل هذه الآية ( إِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) ؟ قال : هم

--------------------
(1) البحار ج 6 : 421 ، البرهان ج 2 : 128 ، الصافى ج 1 : 703 .
(2) البحار ج 6 : 627 ، البرهان ج 2 : 129 ، الصافى ج 1 : 703 .
(3) البحار ج 6 : 627 ، البرهان ج 2 : 132 .
(4) البحار ج 7 : 398 ، البرهان ج 2 : 133 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 90 _
  اكثر من ثلثى الناس (1) .
  63 ـ عن سماعة قال : سألته عن الزكوة لمن يصلح أن يأخذها ؟ فقال : هى للذين قال الله في كتابه : ( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ ) وقد تحل الزكوة لصاحب ثلثمأة درهم وتحرم على صاحب خمسين درهما فقلت له : وكيف يكون هذا ؟ قال : اذا كان صاحب الثلثمأة درهم له مختار ( عيال خ ل ) كثير فلو قسمها بينهم لم يكفهم ، فلم يعفف عنها نفسه ، وليأخذها لعياله ، واما صاحب الخمسين فانها تحرم عليه اذا كان وحده وهو محترف يعمل بها ، وهو يصيب فيها ما يكفيه ان شاء الله (2) .
  64 ـ عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام عن الفقير والمسكين قال : الفقير الذى يسئل ، والمسكين أجهد منه الذى لا يسئل (3) .
  65 ـ عن أبى بصير قال : قلت لابى عبدالله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) قال : الفقير الذى يسئل والمسكين أجهد منه والبائس أجهدهما (4)
  66 ـ عن أحمد بن محمد بن ابى نصر عن أبى الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل أوصى بسهم من ماله وليس يدرى أى شئ هو ؟ قال : السهام ثمانية ، ولذلك قسمها رسول الله صلى الله عليه واله ، ثم تلا ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) إلى آخر الآية ثم قال : ان السهم واحد من ثمانية (5) .
  67 ـ عن أبى مريم عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( انما الصدقات ) إلى آخر الآية ، فقال : ان جعلتها فيهم جميعا ، وان جعلتها لواحد أجزء عنك (6) .
  68 ـ عن زرارة عن أبى عبدالله قال : قلت : أرأيت قوله : ( انما الصدقات )

--------------------
(1) البحار ج 20 : 16 ، البرهان ج 2 : 134 ، الصافى ج 1 : 707 .
(2 ـ 4) البرهان ج 2 : 136 ، البحار ج 20 : 16 وفى البرهان ( فيكفيه ) بدل ( ما يكفيه
(5) البحار ج 23 : 49 ، البرهان ج 2 : 136 .
(6) البحار ج 20 : 160 ، البرهان ج 2 : 136 ـ 137

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 91 _
  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 91 سطر 1 الى ص 100 سطر 25
  إلى آخر الاية ، كل هؤلاء يعطى ان كان لا يعرف ؟ قال : ان الامام يعطى هؤلاء جميعا لانهم يقرون له بالطاعة ، قال قلت له : فان كانوا لا يعرفون ؟ فقال : يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع ، وانما كان يعطى من لا يعرف ليرغب في الدين فيتثبت عليه واما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك الا من يعرف (1) .
  69 ـ عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام في قوله : ( والعاملين عليها ) قال : هم السعاة (2) .
  70 ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام في قوله : ( والمؤلفة قلوبهم ) قال : هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى وشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمد صلى الله عليه واله فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء لكى يحسن اسلامهم ، ويثبتوا على دينهم الذين قد دخلوا فيه ، وأقروا به وان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم حنين تألف رؤسهم من رؤس العرب من قريش وساير مضر ، منهم أبوسفيان بن حرب وعيينة بن حصين الفزارى وأشباههم من الناس ، فغضبت الانصار فأجمعوا إلى سعد بن عبادة (3) فانطلق بهم إلى رسول الله صلى الله عليه واله بالجعرانة (4) فقال : يا رسول الله أتأذن لى في الكلام ؟ قال : نعم ، فقال : ان كان هذا الامر من هذه الاموال التى قسمت بين قومك شيئا أمرك الله به رضينا ، وان كان غير ذلك لم نرض ، قال زرارة : فسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 20 : 16 ، البرهان ج 2 : 136 ـ 137 وقوله ( السعاة ) اى السعاة في اخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها .
(3) وهو رئيسهم .
(4) الجعرانة ـ بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر وتشدد الراء ـ ، موضع بين مكة والطائف على سبعة اميال من مكة وهى احد حدود الحرم وميقات للاحرام ، سميت باسم ريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة ، وهى التى أشار اليها قوله تعالى ( كالتى نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا اه ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 92 _
  رسول الله : يا معشر الانصار كلكم على مثل قول سعد ـ سيدكم ؟ ـ قالوا : الله سيدنا و رسوله فأعادها عليه ثلث مرات كل ذلك يقولون : الله سيدنا ورسوله ، ثم قالوا بعد الثالثة : نحن على مثل قوله ورأيه قال زرارة : سمعت أبا جعفر يقول : فحط الله نورهم وفرض للمؤلفة قلوبهم سهما في القرآن (1) .
  71 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام و ( المؤلفة قلوبهم ) قال : قوم تألفهم رسول الله وقسم فيهم الشئ قال زرارة قال أبوجعفر عليه السلام : فلما كان في قابل جاءوا بضعف الذين اخذوا وأسلم ناس كثير ، قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وآله خطيبا فقال : هذا خير ام الذى قلتم ؟ قد جاءوا من الابل بكذا وكذا ضعف ما أعطيتهم وقد اسلم لله عالم وناس كثير والذى نفسى ( نفس محمد خ ل ) بيده ، لوددت ان عندى ما أعطى كل انسان ديته على أن يسلم لله رب العالمين عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام نحوه (2) .
  73 ـ قال الحسن بن موسى من غير هذا الوجه ايضا رفعه رجل منهم حين قسم النبى صلى الله عليه وآله غنايم حنين ان هذه القسمة ما يريد الله بها ؟ فقال له بعضهم : يا عدو الله تقول هذا لرسول الله ؟ ثم جاء إلى النبى صلى الله عليه وآله فأخبر مقالته ، فقال عليه السلام : قد أوذى أخى موسى بأكثر من هذا فصبر ، قال : وكان يعطى لكل رجل من المؤلفة قلوبهم مأة راحلة (3) .
  73 ـ عن سماعة عن أبى عبدالله عليه السلام أو ابى الحسن عليه السلام قال : ذكر احدهما ان رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غنيمة حنين وكان يعطى المؤلفة قلوبهم يعطى الرجل منهم مأة راحلة ونحو ذلك ، وقسم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث أمر فأتاه ذلك الرجل قد أزاغ الله قلبه وران عليه (4) فقال له : ما عدلت حين قسمت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ويلك ما تقول ألم تر قسمت الشاة حتى لم يبق معى شاة ، أولم

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 20 : 16 ، البرهان ج 2 : 137 .
(3) البرهان ج 2 : 137 .
(4) ران على قلبه : غلب عليه .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 93 _
  أقسم البقرة حتى لم يبق معى بقرة واحدة ، اولم أقسم الابل حتى لم يبق معى بعير واحد ؟ فقال بعض أصحابه له : اتركنا يا رسول الله حتى نضرب عنق هذا الخبيث فقال : لا هذا يخرج في قوم يقرؤن القرآن لا يجوز تراقيهم ، بلى قاتلهم الله (1) .
  74 ـ عن زرارة قال : قال : دخلت أنا وحمران على أبى جعفر عليه السلام فقلنا : انا بهذا المطهر (2) فقال : وما المطهر ؟ قلنا : الدين فمن وافقنا من علوى أو غيره توليناه ، ومن خالفنا برئنا منه من علوى أو غيره قال : ـ تارك ـ اذ قول الله أصدق من قولك فأين الذى قال الله : ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ) اين المرجون لامر الله ؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا أين أصحاب الاعراف ؟ اين المؤلفة قلوبهم ؟ فقال زرارة : ارتفع صوت ابى جعفر وصوتى حتى كان يسمعه من على باب الدار ، فلما كثر الكلام بينى وبينه قال لى : يا زرارة حقا على الله أن يدخلك الجنة (3) .
  75 ـ عن العيص بن القاسم عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان أناسا من بنى هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه واله فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشى والنعم ، فقالوا : يكون لنا هذا السهم الذى جعله الله للعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم فنحن أولى به فقال رسول الله صلى الله عليه واله : يا بنى عبدالمطلب ان الصدقة لا تحل لى ولا لكم ولكن وعدت الشفاعة ، ثم قال : أنا أشهد انه قد وعدها فما ظنكم يا بنى عبدالمطلب اذ أخذت بحلقة باب الجنة أترونى مؤثرا عليكم غيركم ؟ (4) .
  76 ـ عن أبى اسحق عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام قال : سأل عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها ؟ قال : يؤدى من مال الصدقة ان الله يقول في كتابه ( وفى الرقاب ) (5) .
  77 ـ عن زرارة قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : عبد زنى ؟ قال يجلد نصف الحد

--------------------
(1) البحار ج 6 : 613 ، البرهان ج 2 : 137
(2) كذا في الاصل وفى بعض النسخ ( المطمر ) بدل ( المطهر ) و ( الذين من وافقنا اه ) مكان ( الدين فمن وافقنا اه )
(3) البحار ج 15 ( ج 3 ) : 21 ، البرهان ج 2 : 138 .
(4 ـ 5) البحار ج 20 : 16 ، البرهان ج 2 : 138

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 94 _
  قال : قلت فانه عاد فقال : يضرب مثل ذلك ، قال : قلت فانه عاد ؟ قال : لا يزاد على نصف الحد ، قال : قلت : فهل يجب عليه الرجم في شئ من فعله ؟ فقال : نعم ، يقتل وفى الثامنة ان فعل ذلك ثمان مرات ، فقلت : فما الفرق بينه وبين الحر وانما فعلهما واحد ؟ فقال : ان الله تعالى رحمه ان يجمع عليه ربق (1) الرق وحد الحر ، قال ثم قال : على امام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب (2)
  78 ـ عن الصباح بن سيابة قال : ايما مسلم مات وترك دينا لم يكن في فساد وعلى اسراف فعلى الامام أن يقضيه ، فان لم يقضه فعليه اثم ذلك ، ان الله يقول : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ ) فهو من الغارمين وله سهم عند الامام فان حبسه فاثمه عليه (3)
  79 ـ عن عبدالرحمن بن الحجاج ان محمد بن الخالد سأل أبا عبدالله عليه السلام عن الصدقات قال : أقسمها فيمن قال الله ، ولا يعطى من سهم الغارمين الذين ينادون نداء الجاهلية ، قلت : وما نداء الجاهلية ؟ قال : الرجل يقول : يا آل بنى فلان فيقع فيهم القتل والدماء فلا يؤدى ذلك من سهم الغارمين ، والذين يغرمون من مهور النساء ، قال : ولا أعلمه الا قال : ولا الذين لا يبالون بما صنعوا من أموال الناس (4).
  80 ـ عن محمد القصرى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الصدقة ؟ فقال : اقسمها فيمن قال الله ، ولا يعطى من سهم الغارمين الذين يغرمون في مهور النساء ولا الذين ينادون بنداء الجاهلية قال : قلت : وما نداء الجاهلية ؟ قال : الرجل يقول : يا آل بنى فلان فيقع بينهم القتل ، ولا يؤدى ذلك من سهم الغارمين ، والذين لا يبالون ما صنعوا بأموال الناس (5)
  81 ـ عن الحسن بن راشد قال : سألت العسكرى بالمدينة عن رجل أوصى

--------------------
(1) الربق ـ بالكسر ـ : حبل فيه عدة عرى يشد به البهم كل عروة منه ربقة
(2 ـ 5) البحار ج 20 : 16 ، البرهان ج 2 : 138 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 95 _
  بمال في سبيل الله : فقال سبيل الله شيعتنا (1)
  82 ـ عن الحسن بن محمد قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : ان رجلا أوصى لى في سبيل الله قال : فقال لى : اصرف في الحج ، قال : قلت : انه أوصى في السبيل ؟ قال اصرفه في الحج ، فانى لا أعلم سبيلا من سبيله أفضل من الحج (2).
  83 ـ عن حماد بن عثمان عن أبى عبدالله عليه السلام قال : انى أردت ان أستبضع فلانا بضاعة إلى اليمن ، فاتيت إلى أبى جعفر عليه السلام فقلت : انى اريد ان استبضع فلانا فقال لى : أما علمت انه يشرب الخمر ؟ فقلت : قد بلغنى من المؤمنين انهم يقولون ذلك ، فقال : صدقهم فان الله يقول : ( يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ) فقال : يعنى يصدق الله ويصدق المؤمنين لانه كان رؤفا رحيما بالمؤمنين (3)
  84 ـ عن جابر الجعفى قال : قال أبوجعفر عليه السلام : نزلت هذه الآية : ( ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب ) إلى قوله : ( نعذب طائفة ) قال : قلت لابى جعفر عليه السلام تفسير هذه الآية ؟ قال : تفسيرها والله ما نزلت آية قط الا ولها تفسير ثم قال : نعم نزلت في التيمى والعدوى والعشرة معهما (4) انهم اجتمعوا اثنا عشر ، فكمنوا لرسول الله صلى الله عليه واله في العقبة وائتمروا بينهم ليقتلوه ، فقال بعضهم لبعض : ان فطن نقول انما كنا نخوض ونلعب ، وان لم يفطن لنقتلنه ، فانزل الله هذه الاية ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) فقال الله لنبيه ( قل أبالله وآياته ورسوله ) يعنى محمدا صلى الله عليه وآله ( كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ ) يعنى عليا ان يعف عنهما في أن يلعنهما على المنابر ويلعن غيرهما فذلك قوله تعالى : ( إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً ) (5)
  85 ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام ( نسوا الله ) قال : قال تركوا طاعة الله ( فنسيهم )

--------------------
(1 ـ 3) البحار ج 23 : 49 ، البرهان ج 2 : 138 .
(4) وفى بعض النسخ هكذا ( نزلت في عدد بنى امية والعشرة معها ) ولكن الظاهر هو المختار .
(5) البحار ج 6 : 628 ، البرهان ج 2 : 140 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 96 _
  قال فتركهم (1)
  86 ـ عن أبى معمر السعدى ( السعدانى خ ) قال : قال على عليه السلام : في قول الله ( نسوا الله فنسيهم ) فانما يعنى انهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطاعة ، و لم يؤمنوا به وبرسوله ، فنسيهم في الآخرة ، اى لم يجعل لهم في ثوابه نصيبا فصاروا منسيين من الخير (2) .
  87 ـ عن صفوان الجمال قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : بابى أنت وامى تأتينى المرأة المسلمة قد عرفتنى بعملى وعرفتها باسلامها ، وحبها واياكم وولايتها لكم وليس لها محرم ، قال : فاذا جاءتك المرأة المسلمة فاحملها فان المؤمن محرم المؤمنة ، وتلا هذه الاية ( والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (3)
  88 ـ عن ثوير عن على بن الحسين عليه السلام قال : اذا صار أهل الجنة في الجنة و دخل ولى الله إلى جناته ومساكنه واتكأ كل مؤمن ـ منهم ـ على أريكته حفته خدامه وتهدلت (4) عليه الثمار وتفجرت حوله العيون ، وجرت من تحته الانهار ، وبسطت له الزرابى وصففت له النمارق (5) وأتته الخدام بما شائت شهوته من قبل ان يسئلهم ذلك ، قال : ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثم ان الجبار يشرف عليهم فيقول لهم : اوليائى وأهل طاعتى وسكان جنتى في جوارى ألا هل انبئكم بخير مما أنتم فيه ! فيقولون : ربنا وأى شئ خير مما نحن فيه ـ نحن ـ فيما اشتهت أنفسنا ولذت أعيينا من النعم في جوار الكريم ، قال : فيعود عليهم

--------------------
(1 ـ 2) البحار ج 2 : 131 ، الصافى ج 1 : 712 ، البرهان ج 2 : 144 .
(3) البرهان ج 2 : 144 .
(4) تهدلت الثمرة : تدلت اى تعلقت واسترسلت .
(5) الزرابى ـ بتشديد الياء ـ جمع الزربية : البساط ذو الخمل ، وروى عن المؤرج انه قال في قوله تعالى ( وزرابى مبثوثة ) قال زرابى النبت : اذا اصفر واحمر وفيه خضرة ، وقد ازرب ، فلما رأوا الالوان في البسط والفرش شبهوها بزرابى النبت ، والنمارق : الوسائد واحدتها النمرقة بكسر النون وفتحها .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 97 _
  القول ، فيقولون : ربنا نعم ، فأتنا بخير مما نحن فيه ، فيقول لهم تبارك وتعالى : رضاى عنكم ومحبتى لكم خير وأعظم مما انتم فيه ، قال : فيقولون : نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لانفسنا ، ثم قرأ على بن الحسين عليه السلام هذه الاية ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (1)
  89 ـ عن جابر بن أرقم قال : بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا اذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف ، فقال : افيكم زيد ابن ارقم ؟ فقال زيد : انا زيد بن أرقم فما تريد ؟ فقال الرجل : أتدرى من أين جئت قال : لا ، قال : من فسطاط مصر (2) لاسئلك عن حديث بلغنى عنك تذكره عن رسول الله صلى الله عليه واله ! فقال له زيد : وما هو ؟ قال : حديث غدير خم في ولاية على بن أبى طالب عليه السلام ، فقال : يا بن أخ ان قبل غدير خم ما أحدثك به ان جبرئيل الروح الامين صلوات الله عليه نزل على رسول الله صلى الله عليه واله بولاية على بن أبيطالب عليه السلام فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول ـ له ـ ، وبكا صلى الله عليه واله فقال له جبرئيل ما لك يا محمد أجزعت من أمر الله ؟ فقال : كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربى ما لقيت من قريش اذ لم يقروا لى بالرسالة حتى أمرنى بجهادى واهبط إلى جنودا من السماء فنصرونى فكيف يقروا لى لعلى من بعدى ، فانصرف عنه جبرئيل ثم نزل عليه : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ ) فلما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا اخبيتنا (3) نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الاية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ

--------------------
(1) البحار ج 3 : 331 ، البرهان ج 2 : 145 .
(2) الفسطاط : علم لمصر القديمة .
(3) الاخبية جمع الخباء : ما يعمل من وبر او صوف وقد يكون من شعر ويكون على عمودين او ثلثة ، وما فوق ذلك فهو بيت .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 98 _
  رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ) فبينا نحن كذلك اذ سمعنا رسول الله صلى الله عليه واله وهو ينادى : ايها الناس أجيبوا داعى الله انا رسول الله فأتيناه مسرعين في شدة الحر ، فاذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحر وأمر بقم ما تحت الدوح (1) فقم ما كان ثمة من الشوك والحجارة ، فقال رجل : ما دعاه إلى قم هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته ليأتينكم اليوم بداهية ، فلما فرغوا من القم أمر رسول الله صلى الله عليه واله أن يؤتى بأحلاس دوابنا وأثاث ابلنا وحقائبها (2) فوضعنا بعضها على بعض ، ثم ألقينا عليها ثوبا ثم صعد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ايها الناس انه نزل على عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا (3) مخافة تكذيب أهل الافك حتى جاءنى في هذا الموضع وعيد من ربى ان لم أفعل ، الا وانى غير هائب لقوم ولا محاب لقرابتى (4) ايها الناس من أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : الله و رسوله قال : اللهم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد حتى قالها ثلثا ثم أخذ بيد على ابن أبي طالب عليه السلام فرفعه اليه ، ثم قال : اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله قالها ثلثا ، ثم قال : هل سمعتم ؟ فقالوا اللهم بلى قال : فاقررتم ؟ قالوا اللهم نعم ، ثم قال : اللهم اشهد وأنت يا جبرئيل فاشهد ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا .
  وكان إلى جانب خبائى نفر من قريش وهم ثلثة ، ومعى حذيفة بن اليمان فسمعنا أحد الثلثة وهو يقول : والله ان محمدا لاحمق ان كان يرى ان الامر

--------------------
(1) قم البيت : كنسه ، والدوح جمع الدوحة : الشجرة العظيمة .
(2) الاحلاس جمع الحلس ـ بكسر الحاء وفتحها : كل شئ ولى ظهر البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرج ، والحقائب جمع الحقيبة : خريطة يعلقها المسافر في الرحل للزاد ونحوه .
(3) ضقت بالامر ذرعا اى لم اقدر عليه .
(4) حاباه محاباة : اختصه ومال اليه ـ وحابى القاضى فلانا في الحكم : مال اليه منحرفا عن الحق .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 99 _
  يستقيم لعلى من بعده ، وقال آخرون أتجعله أحمق ألم تعلم انه مجنون قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبى كبشة ؟ وقال الثالث : دعوه ان شاء أن يكون احمق وان شاء أن يكون مجنونا ! والله ما يكون ما يقول أبدا ، فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه اليهم وقال : فعلتموها ورسول الله عليه وآله السلام بين أظهركم ، ووحى الله ينزل عليكم ، والله لاخبرنه بكرة بمقالتكم ، فقالوا له : يا با عبدالله وانك لها هنا وقد سمعت ما قلنا اكتم علينا فان لكل جوار امانة ، فقال لهم : ما هذا من جوار الامانة ولا من مجالسها ما نصحت الله ورسوله ان انا طويت عنه هذا الحديث ، فقالوا له : يا با عبدالله فاصنع ما شئت فوالله لنحلفن انا لم نقل ، وانك قد كذبت علينا أفتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلثة ؟ فقال لهم : اما أنا فلا ابالى اذا أديت النصيحة إلى الله والى رسوله فقولوا ما شئتم ان تقولوا ، ثم مضى حتى أتى رسول الله صلى الله عليه واله وعلى عليه السلام إلى جانبه محتب بحمائل سيفه فأخبره بمقالة القوم ، فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه واله فأتوه فقال لهم : ماذا قلتم ؟ فقالوا : والله ما قلنا شيئا فان كنت بلغت عنا شيئا فمكذوب علينا ، فهبط جبرئيل بهذه الاية : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) وقال على عليه السلام عند ذلك : ليقولوا ما شاءوا والله ان قلبى بين اضلاعى ، وان سيفى لفى عنقى ولئن هموا لاهمن فقال جبرئيل للنبى صلى الله عليه واله : اصبر للامر الذى هو كائن فأخبر النبى صلى الله عليه واله عليا عليه السلام بما أخبره به جبرئيل ، فقال : اذا أصبر للمقادير ، قال أبوعبدالله عليه السلام : وقال رجل من الملاء شيخ : لئن كنا بين أقوامنا كما يقول هذا لنحن أشر من الحمير ، قال : وقال آخر شاب إلى جنبه : لئن كنت صادقا لنحن أشر من الحمير (1) .
  90 ـ عن جعفر بن محمد الخزاعى عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : لما قال النبى صلى الله عليه واله ما قال في غدير خم ، وصار بالاخبية (2) مر المقداد

--------------------
(1) البحار ج 9 : 210 ، البرهان ج 2 : 145 ، ونقله المحدث الحر العاملى رحمه الله في كتاب اثبات الهداة ج 3 : 546 عن هذا الكتاب مختصرا .
(2) اى دخلوا خيامهم .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 100 _
  بجماعة منهم وهم يقولون : والله ان كنا وقيصر لكنا في الخز والوشى والديباج والنساجات وانا معه في الاخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى اذا دنى موته وفنيت ايامه وحضر أجله أراد ان يوليها عليا من بعده ، اما والله ليعلمن ! قال : فمضى المقداد وأخبر النبى صلى الله عليه واله به ، فقال : الصلوة جامعة ، قال : فقالوا قد رمانا المقداد فقوموا نحلفه عليه قال : فجاؤا حتى جثوا بين يديه (1) فقالوا : بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله صلى الله عليه واله والذى بعثك بالحق ، والذى أكرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك ، لا والذى اصطفاك على البشر قال : فقال النبى صلى الله عليه واله : ( بسم الله الرحمن الرحيم يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهموا بك يا محمد ليلة العقبة وما نقموا الا ان أغناهم الله من فضله ) كان احدهم يبيع الرؤس وآخر يبيع الكراع ويفتل القرامل (2) فأغناهم الله برسوله ، ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه (3)
  91 ـ قال ابان بن تغلب ـ عنه ـ لما نصب رسول الله عليا يوم غدير خم فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه فهم رجلان من قريش رؤسهما وقالا : والله لا نسلم له ما قال أبدا فاخبر النبى عليه وآله السلام فسألهما عما قالا فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا ، فنزل جبرئيل على رسول الله عليه وآله السلام ( يحلفون بالله ما قالوا ) ـ الاية ـ قال أبوعبدالله عليه السلام : لقد توليا وما تابا (4)
  92 ـ عن العباس بن هلال عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : ان الله تعالى قال لمحمد صلى الله عليه واله : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل الله : ( سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) وقال : ( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) فلم يستغفر لهم بعد ذلك

--------------------
(1) اى جلسوا واجتمعوا .
(2) الكراع من الدابة : مستدق الساق وقيل : الكراع من الدواب ما دون الكعب ومن الانسان ما دون الركبة والقرامل : ما تشد المرأة في شعرها من الخيوط .
(3 ـ 4) البحار ج 9 : 211 ، البرهان ج 2 : 146 ، اثبات الهداة ج 3 : 547 ، الصافى ج 1 : 716 .