تأليف
المحدث الجليل ابى النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمى السمرقندى المعروف بالعياشى رضوان الله عليه
الجزء الثاني
وقف على تصحيحه وتحقيقه والتعليق عليه الفاضل المتتبع الورع
الحاج السيد هاشم الرسولى المحلاتي



بسم الله الرحمن الرحيم

من سورة الاعراف
  1 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : من قرأ سورة الاعراف في كل شهر كان يوم القيمة من الذين لا خوف عليهم ولا يحزنون ، فان قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيمة ، ثم قال أبوعبد الله عليه السلام : اما ان فيها آيا محكمة (1)
  فلا تدعوا قرائتها وتلاوتها والقيام بها ، فانها تشهد يوم القيمة لمن قرأها عند ربه (2)
  2 ـ عن أبى جمعة رحمة بن صدقة قال : أتى رجل من بنى امية وكان زنديقا إلى جعفر بن محمد عليه السلام فقال له : قول الله في كتابه ( المص ) أى شئ أراد بهذا وأى شئ فيه من الحلال والحرام ؟ وأى شئ في ذا مما ينتفع به الناس ؟ قال : فأغلظ ذلك جعفر بن محمد عليه السلام فقال : امسك ويحك ؟ الالف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، كم معك ؟ فقال الرجل : مائة واحدى وستون ، فقال له جعفر بن محمد عليه السلام : اذا انقضت سنة احدى وستين ومائة ينقضى ملك أصحابك ، قال : فنظرنا فلما انقضت

--------------------
(1) وفى نسخة ( آى ومحكم ) .
(2) البرهان ج 2 : 2 . البحار ج 19 : 69 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 3 _


  احدى وستون ومائة يوم عاشوراء دخل المسودة (1) الكوفة وذهب ملكهم (2) .
  3 ـ خيثمة الجعفى عن أبى لبيد المخزومى قال : قال أبوجعفر عليه السلام : يا با لبيد انه يملك من ولد العباس اثنا عشر ، يقتل بعد الثامن منهم أربعة فتصيب أحدهم الذبحة (3)
  فتذبحه ، هم فئة قصيرة أعمارهم ، قليلة مدتهم ، خبيثة سيرتهم (4) منهم الفويسق الملقب بالهادى ، والناطق والغاوى ، يا بالبيد ان في حروف القرآن المقطعة لعلما جما ، ان الله تبارك وتعالى أنزل ( آلم ذلك الكتاب ) ، فقام محمد صلى الله عليه وسلم حتى ظهر نوره و ثبت كلمته ، وولد يوم ولد ، وقد مضى من الالف السابع مأة سنة وثلث سنين ، ثم قال : وتبيانه في كتاب الله ـ في ـ الحروف المقطعة اذا عددتها من غير تكرار ، وليس من حروف مقطعة حرف ينقضى ايام ( الايام خ ل ) الا وقائم من بنى هاشم عند انقضائه ، ثم قال : الالف واحد ، واللام ثلثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فذلك مأة واحدى وستون ، ثم كان بدو خروج الحسين بن على عليه السلام الم الله ، فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند ( المص ) ، ويقوم قائمنا عند انقضائها بالر فافهم ذلك وعه و اكتمه (5) .

--------------------
(1) المسودة بكسر الواواى لابسى سواد والمراد اصحاب الدعوة العباسية لانهم كانوا يلبسون ثيابا سوداء .
(2) البرهان ج 2 : 3 ، البحار ج 19 : 92 ، الصافى ج 1 : 563 ونقله الصدوق ( رحمه الله ) في معانى الاخبار لكن في اكثر نسخه ثلثين بدل ستين في المواضع الثلثة ولعله الاصح كما سيظهر وسيأتى شرحه في ذيل الحديث الاتى .
(3) الذبحة ـ كهمزة ـ : وجع في الحلق من الدم ، وقيل : قرحة تظهر فيه فتنسد معها وينقطع النفس ويسمى بالخناق .
(4) كذا في النسخ واستظهر في هامش نسخة العلامة المحدث النورى ( رحمه الله ) ان الاصل ( سريرتهم ) .
(5) البحار ج 19 : 94 ، البرهان ج 2 : 3 ، الصافى ج 1 : 57 ، ثم انه قد اختلفت كلمات القوم في فواتح السور وتلك الحروف المقطعة وكثرت الاقوال وربما تبلغ إلى

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 4 _
  ثلثين قولا ذكر جلها الرازى في تفسيره عند تفسير قوله تعالى ( الم ذلك الكتاب اه ) في سورة البقرة فراجع ولعل اقربها إلى الصواب كما يستفاد من هذه الاخبار ويؤيده آيات الكتاب ما ذهب اليه جمع من محققى علماء الامامية وبعض المفسرين من العامة وهو ان هذه الحروف هى اسرار بين الله ورسوله ورموز لم يقصد بها افهام غيره وغير الراسخين في العلم من ذريته كما قال تعالى ( وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) إلى قوله ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) وهذين الخبرين وغيرهما ايضا يدلان على انها من جملة الرموز المفتقرة إلى البيان وقد روى عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجى .
  ثم لا يخفى ان هذين الخبرين من معضلات الاخبار ومخيبات الاسرار ونحن نذكر بعض ما قيل في شرحهما على ما هو المناسب لوضع هذه التعليقة فنقول : قال العلامة المجلسى رحمه الله : بعد نقلهما عن كتاب معانى الاخبار في شرح حديث الاول مالفظه : هذا الخبر لا يستقيم اذا حمل على مدة ملكهم لانه كان الف شهر ولا على تاريخ الهجرة مع ابتنائه عليه لتأخر حدوث هذا التاريخ عن زمن الرسول ولا على تاريخ علم الفيل لانه يزيد على احد وستين ومأة مع ان اكثر نسخ الكتاب ( يعنى كتاب معانى الاخبار ) احد و ثلثون ومأة وهو لا يوافق عدد الحروف ثم قال رحمه الله : وقد اشكل على حل هذا الخبر زمانا حتى عثرت على اختلاف ترتيب الاباجدفي كتاب عيون الحساب فوجدت فيه ان ترتيب الابجد في القديم الذى ينسب إلى المغاربة هكذا : ابجد ، هوز ، حطى ، كلمن ، صعفض ، قرست ، ثخذ ، ظغش ، فالصاد المهملة عندهم ستون والضاد المعجمة تسعون و السين المهملة ثلثمأة والظاء المعجمة ثمانمأة والغين المعجمة تسعمأة والشين المعجمة الف فحينئذ يستقيم ما في اكثر النسخ من عدد المجموع ولعل الاشتباه في قوله والصاد تسعون من النساخ لظنهم انه مبنى على المشهور وحينئذ يستقيم اذا بنى على البعثة او نزول الاية كما لا يخفى على المتأمل ( انتهى ) وقال في شرح الحديث الثانى : الذى يخطر بالبال في حل هذا الخبر الذى هو من معضلات الاخبار هو انه بين ان الحروف المقطعة التى في فواتح السور اشارة إلى ظهور ملك جماعة من اهل الحق وجماعة من اهل الباطل

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 5 _
  فاستخرج عليه السلام ولادة النبى صلى الله عليه وسلم من عدد اسماء الحروف المبسوطة بزبرها وبيناتها كما يتلفظ بها عند قرائتها بحذف المكررات كان يعد الف لام ميم تسعة ولا تعد مكررة بتكررها في خمس من السور فانك اذا عددتها كذلك تصير مأة وثلثة احرف وهذا يوافق تاريخ ولادة النبى صلى الله عليه وسلم لانه كان قد مضى من الالف السابع من ابتداء خلق آدم عليه السلام مأة سنة وثلث سنين واليه اشار بقوله عليه السلام ( وتبيانه ) اى تبيان تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم ثم بين ان كل واحدة من تلك الفواتح اشارة إلى ظهور دولة من بنى هاشم ظهرت عند انقضائها ( فالم ) التى في سورة البقرة اشارة إلى ظهور دولة الرسول اذا أول دولة ظهرت في بنى هاشم كانت دولة عبدالمطلب فهو مبدء التاريخ ومن ظهور دولته إلى ظهور دولة الرسول وبعثته كان قريبا من احد وسبعين الذى هو عدد ( الم ) ـ فالم ذلك ـ اشارة إلى ذلك وبعد ذلك نظم القرآن ( الم ) الذى في آل عمران فهو اشارة إلى خروج الحسين عليه السلام اذا كان خروجه في اواخر سنة ستين من البعثة .
  ثم بعد ذلك في نظم القرآن ( المص ) فقد ظهرت دولة بنى العباس عند انقضائها لكن يشكل هذا من حيث ان ظهور دولتهم وابتداء بيعتهم كان في سنة اثنين وثلثين وماة وفد مضى من البعثة حينئذ مأة وخمس واربعون سنة فلا يوافق ما في الخبر ثم قال رحمه : ويمكن التفصى عن هذا الاشكال بوجوه :
  الاول : ان يكون مبدء هذا التاريخ غير مبدء ( الم ) بان يكون مبدء ولادة النبى صلى الله عليه وسلم مثلا فان بدو دعوة بنى العباس كان في سنة مأة من الهجرة وظهور بعض امرهم في خراسان كان في سنة سبع او ثمان ومأة من ولادته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الزمان كان مأة واحدى وستين سنة .
  الثانى : ان يكون المراد بقيام قائم ولد عباس استقرار دولتهم وتمكنهم وذلك كان في اواخر زمن المنصور وهو يوافق هذا التاريخ من البعثة :
  الثالث : ان يكون هذا الحساب مبنيا على ما في شرح الحديث السابق من كون الصاد في ذلك الحساب ستين فيكون مأة واحدى وثلثين فيوافق تاريخه تاريخ ( الم ) اذ في سنة مأة و سبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 6 _
  ثم قال رحمه الله ويحتمل ان يكون مبدء هذا التاريخ نزول الاية وهى وان كانت مكية كما هو المشهور فيحتمل ان يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة فيقرب من بيعتهم الظاهر وان كانت مدنية فيمكن ان يكون نزولها في زمان ينطبق على بيعتهم بغير تفاوت ثم قال رحمه الله في شرح قوله عليه السلام : فلما بلغت مدته اى كملت المدة المتعلقة بخروج الحسين عليه السلام فان ما بين شهادته صلوات الله عليه إلى خروج بنى العباس كان من توابع خروجه وقد انتقم الله له من بنى امية في تلك المدة إلى ان استأصلهم ثم قال رحمه الله : وقوله : ويقوم قائمنا عند انقضائها بالر هذا يحتمل وجوها :
  الاول : ان يكون من الاخبار المشروطة البدائية ولم يتحقق لعدم تحقق شرطه كما يدل عليه بعض اخبار هذا الباب .
  الثانى : ان يكون تصحيف ( المر ) ويكون مبدء التاريخ ظهور امر النبى صلى الله عليه وسلم قريبا من البعثة كالف لام ميم ويكون المراد بقيام القائم قيامه بالامامة تورية فان امامته كانت في سنة ستين ومأتين فاذا اضيف اليها احد عشر من البعثة يوافق ذلك .
  الثالث : ان يكون المراد جميع اعداد كل ( الر ) يكون في القرآن وهى خمس مجموعها الف ومأة وخمسة وخمسون ثم ذكر وجهين آخرين واستبعدهما تركناهما حذرا من الاطالة والاطناب وهذا آخر ما نقلناه من كلامه رحمه الله .
  وقال تلميذه المحدث المحقق المولى ابوالحسن بن محمد طاهر العاملى رحمه الله بعد نقل كلامه رحمه الله : ولقد اجاد في افادة المراد بما لا يتطرق اليه المزاد الا ان فيه بعض ما ينبغى ذكره فاعلم ان قوله عليه السلام في حديث المخزومى ان ولادة النبى كانت في سنة مأة وثلث من الالف السابع موافق بحسب الواقع لما ضبطه اكثر اهل الزيجات والتواريخ المضبوطة وان كان بحسب الظاهر موهما للمخالفة فان الذى ضبطه الاكثر ان عمر آدم كان الف سنة الا سبعين كما يظهر من كثير من اخبارنا ايضا وان من وفات آدم إلى الطوفان كان ألفا وثلثمأة سنة وكسرا ، ومن الطوفان إلى مولد ابراهيم عليه السلام كان ألفا وثمانين وكسرا ومن مولد ابراهيم عليه السلام إلى وفات موسى عليه السلام كان خمسمأة سنة وكسرا ومن وفات موسى عليه السلام إلى مبدء ملك بخت نصر كان تسعمأة سنة وكسرا وقيل سبعمأة وكسرا وان بين ملك بخت

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 7 _
  نصر ومولد النبى صلى الله عليه وسلم كان ألفا سنة وعشر سنين ما سوى الكسورات المذكورة ، فبين في الحديث انها ثلث وتسعون سنة وكذا لو بنى على قول من قال بان ما بين وفات موسى وملك بخت نصر كان سبعمأة وكسرا يمكن تصحيح الحساب بانه يكون مجموع ما بين خلق آدم إلى ولادة النبى صلى الله عليه وسلم على هذا الحساب خمسة آلاف سنة وثمانمأة وكسرا كما صرح به بعضهم ايضا بان هذا كله على حساب السنين الشمسية فيكون بالقمرية المضبوط بالشهور العربية ستة آلاف سنة وكسرا .
  ففى الحديث المذكور ايضا صرح عليه السلام بان ذلك الكسر مأة وثلث سنين مع قطع النظر عن الشمسية والقمرية نقول ايضا اذا كان على هذا الحساب عدد الالوف خمسة والمأة المعلومة ثمانية بقيت الكسور التى بين هذه التواريخ غير معلومة فربما يكون جميعها ثلثمأة وثلث سنين كما أخبر الامام عليه السلام ويؤيده تصريح بعض المورخين بان من هبوط آدم إلى مولد النبى صلى الله عليه وسلم ستة آلاف سنة ومأة وثلاث وستون فافهم .
  واعلم ايضا ان مراد شيخنا رحمه الله بقوله في تطبيق الم الله على خروح الحسين عليه السلام وانما كان شيوع امره يعنى امر النبى صلى الله عليه وسلم بعد سنتين من البعثة دفع ما يرد على ذلك من ان ما بين مبدء البعثة إلى خروج الحسين عليه السلام كان ثلثا وسبعين سنة فزيد حينئذ سنتان ، ولعله رحمه الله لم يحتج إلى هذا التكلف مع بعده بل كان له ان يجعل مبنى الحساب على السنين الشمسية فان خروجه عليه السلام كان في آخر سنة ستين من الهجرة بحساب سنين القمرية فيصير من البعثة اليها بحساب الشمسية واحدة وسبعين سنة كما هو ظاهر على الماهر وكانه رحمه الله لم يتوجه إلى هذا التوجيه لانه لا يجرى فيما سيأتى في تاريخ قيام القائم عليه السلام فتأمل .
  ثم اعلم ايضا ان الوجه الاول الذى ذكره طاب مرقده في التفصى عما استشكله في كون المص تاريخ قيام قائم بنى العباس وجه جيد ، لكن لم يكن له حاجة إلى ان يتكلف بجعل تاريخ القيام زمان ظهور امرهم بل ان جعل تاريخ ذلك زمان اصل ظهور دعوتهم في خراسان وبدو خروج قائمهم والاعوان اعنى ابا مسلم المروزى لتم الكلام ايضا حق التمام فان اصل ظهور تلك الدعوة على ما صرح به هو ايضا اخيرا كان في سنة مأة وسبع

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 8 _
  عشرة من الهجرة من ولادة النبى صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة كان ثلثا وخمسين سنة تقريبا بالسنين القمرية وتلك بعد اخراج التفاوت الذى يحصل بسبب اختلاف اشهر الولادة والبعثة والهجرة وغيرها وتحويلها إلى السنين الشمسية تصير مأة وواحدة وستين سنة تقريبا .
  واما توجيهه رضى الله عنه بما وجهه به حديث رحمة بن صدقة ايضا من كون مبنى الحساب على عدد الصاد ستين كما هو عند المغاربة فهو وان كان حاسما لمادة الاشكال في الخبرين جميعا الا انه بعيد من كليهما من وجوه غير خفية .
  منها : تصريح الامام فيهما معا بان الصاد تسعون والحمل على اشتباه النساخ في كل منهما لا سيما في الخبر الذى يستلزم ان يقال بالاشتباه في كلمتين كما هو ظاهر مما يرتفع باحتماله الاعتماد على مضامين الاخبار والوثوق بها .
  على انه يمكن توجيه حديث رحمة ايضا بنوع لا يحتاج إلى القول بهذا الاشتباه مع البناء على ما في اكثر النسخ ( يعنى من كتاب معانى الاخبار ) اعنى كون ثلثين بدل ستين كما هو الانسب بالنسبة إلى عجز الحديث اذ لا كلام في ان دخول المسودة الكوفة كان عند انقضاء سنة مأة واحدى وثلثين من الهجرة ، والتوجيه ان يقال لعل الامام عليه السلام في ذلك الحديث عد أولا عدد حساب الحروف بقوله الالف واحد واللام ثلثون والميم اربعون والصاد تسعون ثم قال كم معك ؟ حتى يقول الرجل مأة وواحد وستون فيخبره بمبدء ظهور امر بنى العباس على وفق حديث ابى لبيد لكن الرجل توهم في الحساب والجواب فقال : مأة واحدى وثلثون وكان ذلك ايضا موافقا ليوم دخول المسودة الكوفة اذا حوسب من الهجرة فأقره الامام عليه السلام على خطائه ولم يخبره بتوهمه حيث كان ذلك الذى ذكره ايضا من ايام فناء اصحابه بل اشدها عليهم فاخبره بما أحرق قلبه على وفق جوابه ايضا فافهم وتأمل جيدا حتى تعلم ان ما ذكره شيخنا المتقدم طاب ثراه في آخر توجيه حديث رحمة من ان استقامة ما ذكره من التوجيه اذا بنى على البعثة وقد اشار إلى مثله بما في حديث ابى لبيد ايضا ليس على ما ينبغى بل المعنى يستقيم حينئذ اذا حوسب من الهجرة كما صرح الرواى في آخر الحديث ونص عليه اهل التواريخ ايضا فتأمل .
  واعلم ايضا ان الاظهر في الوجوه التى ذكرها رحمه الله في توجيه قيام القائم عليه السلام الوجه الثانى فان في اكثر النسخ المعتبرة ضبط ( المر ) بدل ( الر ) مع كونه حينئذ على نسق ما تقدم عليه في كون الجميع ( الم ) وربما يكون نظم القرآن ايضا كذلك عند اهل البيت ان يكون ( المر ) قبل ( الر ) ولا بعد ايضا في التعبير عن امامة القائم عليه السلام بقيامه هذا ما خطر بالبال والله وحججه اعلم بحقايق الاحوال ( انتهى ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 9 _
  4 ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته قال الله : ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) ففى اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين (1) .
  5 ـ عن داود بن فرقد عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان الملئكة كانوا يحسبون ان ابليس منهم ، وكان في علم الله انه ليس منهم ، فاستخرج الله ما في نفسه بالحمية ، فقال : خلقتنى من نار وخلقته من طين (2) .
  6 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : الصراط الذى قال ابليس ( لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين ايديهم ) الاية وهو على عليه السلام (3) .
  7 ـ عن زرارة قال : سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله ( لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) إلى ( شاكرين ) قال : يا زرارة انما عمد لك (4) ولاصحابك ، واما الآخرون فقد فرغ منهم (5).
  8 ـ عن موسى بن محمد بن على عن أخيه أبى الحسن الثالث عليه السلام قال : الشجرة التى نهى الله آدم وزوجته ان يأكلا منها شجرة الحسد ، عهد اليهما ان لا ينظر إلى من فضل الله عليه وعلى خلايقه بعين الحسد ، ولم يجد الله له عزما (6).
  9 ـ عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما قال : سألته كيف أخذ الله

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 4 ـ 5 .
(3) البرهان ج 2 : 4 ـ 5 ، الصافى ج 1 : 568 .
(4) عمد للشئ : قصد ، وفى بعض النسخ ( صمد ) وهو بمعناه ايضا .
(5) البرهان ج 2 : 5 ، البحار ج 14 : 627 .
(6) البرهان ج 2 : 6 ، البحار ج 5 : 51 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 10 _
  آدم بالنسيان ؟ فقال : انه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له ابليس ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ ) (1).
  10 ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ان موسى سأل ربه أن يجمع بينه وبين أبيه آدم حيث عرج إلى السماء في أمر الصلوة ففعل ، فقال له موسى : يا آدم انت الذى خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملئكته ، وأباح لك جنته ، وأسكنك جواره ، وكلمك قبلا ثم نهاك عن شجرة واحدة فلم تصبر عنها حتى اهبطت إلى الارض بسببها فلم تستطع ان تضبط نفسك عنها حتى أغراك ابليس فأطعته ؟ فأنت الذى أخرجتنا من الجنة بمعصيتك ؟ فقال له آدم : ارفق بابيك اى بنى محنة ما ( فيما خ ل ) لقى في أمر هذه الشجرة ـ يا بنى ـ ان عدوى أتانى من وجه المكر والخديعة ، فحلف لى بالله انه في مشورته على لمن الناصحين ، وذلك انه قال لى مستنصحا : أنى لشأنك يا آدم لمغموم ؟ قلت : وكيف ؟ قال : قد كنت آنست بك وبقربك منى وأنت تخرج مما أنت فيه إلى ما ستكرهه ، فقلت له : وما الحيلة ؟ فقال ان الحيلة هو ذا هو معك ، أفلا أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ؟ فكلا منها أنت وزوجك فتصيرا معى في الجنة أبدا من الخالدين وحلف لى بالله كاذبا انه لمن الناصحين ، ولم أظن يا موسى ان أحدا يحلف بالله كاذبا ، فوثقت بيمينه ، فهذا عذرى فأخبرنى يا بنى هل تجد فيما أنزل الله اليك ان خطيئتى كائنة من قبل ان أخلق ؟ قال له موسى : بدهر طويل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى قال ذلك ثلثا (2).
  11 ـ عن عبدالله بن سنان قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام ـ وانا حاضر ـ كم لبث آدم و زوجه في الجنة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما ؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس (3) من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من اسفل أضلاعه ، ثم أسجد له ملئكته وأسكنه جنته من يومه ذلك ، فوالله ما استقر فيها الا ست ساعات في يومه

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 6 ، البحار ج 5 : 51 .
(2) البرهان ج 2 : 6 ، البحار ج 5 : 51 .
(3) وفى نسخة البرهان ( عند زوال الشمس ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 11 _
  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 11 سطر 1 الى ص 20 سطر 25
  ذلك حتى عصى الله ، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس ، وما باتا فيها وصيرا بفناء الجنة حتى أصبحا ، فبدت لهما سوآتهما وناديهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة فاستحيا آدم من ربه وخضع وقال : ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا ، قال الله لهما : اهبطا من سمواتى إلى الارض فانه لا يجاورنى في جنتى عاص ولا في سمواتى ثم قال ابوعبدالله عليه السلام : ان آدم لما أكل من الشجرة ذكر انه ما نهاه الله عنها فندم فذهب ليتنحى من الشجرة فأخذت الشجرة برأسه فجرته اليها ، وقالت له : أفلا كان فرارك من قبل أن تأكل منى ؟ (1)
  12 ـ عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ) قال : كانت سوآتهما لا تبدو لهما فبدت ، يعنى كانت من داخل (2)
  13 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن ابى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام عن قوله : ( يا بنى آدم ) قالا : هى عامة (3).
  14 ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله عليه السلام من زعم ان الله أمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم ان الخير والشر بغير مشية منه فقد اخرج الله من سلطانه ، ومن زعم ان المعاصى عملت بغير قوة الله فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله أدخله الله النار (4) .

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 7 ، البحار ج 5 : 51 .
(3) وفى نسخة البرهان بعد قوله ( يا بنى آدم ) زيادة وهى هذه : : ( لباس التقوى : ثياب بيض .
قال وفى رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه السلام في قوله تعالى ( يا بنى آدم قد انزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى ) قال : فاما اللباس التى يلبسون واما الرياش فالمتاع والمال ، واما لباس التقوى فالعفاف ان العفيف لا تبدو له عورة وان كان عاريا عن اللباس ، والفاجر بادى العورة وان كان كاسيا من اللباس ، ويقول الله ، ( و لباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج أبويكم من الجنة ( انه محكم ) ( انتهى ) .
(4) البرهان ج 2 : 8 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 12 _
  15 ـ عن محمد بن منصور عن عبد صالح عليه السلام قال : سألته عن قول الله : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ) إلى قوله : ( أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) فقال أرأيت أحدا يزعم ان الله امرنا بالزنا وشرب الخمر وشئ من هذه المحارم ؟ فقلت : لا ، فقال : ما هذه الفاحشة التى تدعون ان الله أمر بها فقلت : الله أعلم ووليه ، فقال : ان هذا من ائمة الجور ، ادعوا ان الله أمرهم بالايتمام بهم ، فرد الله ذلك عليهم ، فاخبرنا انهم قد قالوا عليه الكذب فسمى ذلك منهم فاحشة (1) .
  16 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : من زعم ان الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم ان الخير والشر اليه فقد كذب على الله (2) .
  17 ـ عن أبى بصير عن أحدهما في قول الله ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : هو إلى القبلة (3) .
  18 ـ عن الحسين بن مهران عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال يعنى الائمة (4) .
  19 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام عن قوله : ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : مساجد محدثة ، فأمروا ان يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام (5) .
  20 ـ ابوبصير عن أحدهما قال : هو إلى القبلة ليس فيها عبادة الاوثان خالصا مخلصا (6) .
  21 ـ عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن الرضا عليه السلام في قول الله : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : هى الثياب (7) .

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 8 ، البحار ج 7 : 129 ، الصافى ج 1 : 571 .
(3) البرهان ج 2 : 8 ، البحار ج 18 : 152 ، الصافى ج 1 : 571 .
(4) البرهان ج 2 : 8 ، البحار ج 7 : 69 ، الصافى ج 1 : 571 .
(5 ـ 6) البرهان ج 2 : 8 ، البحار ج 18 : 152 .
(7) البرهان ج 2 : 9 ـ 10 ، البحار ج 18 : 85 و 97 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 13 _
  22 ـ عن الحسين بن مهران عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : يعني الائمة (1) .
  23 ـ عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه ومنع من منع من هوان به عليه ؟ لا ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودايع ، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا ويشربوا قصدا ، ويلبسوا قصدا ، وينكحوا قصدا ، ويركبوا قصدا ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويلموا به شعثهم ، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ، ويركب حلالا ، وينكح حلالا ، ومن عدا ذلك كان عليه حراما ثم قال : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشترى فرسا بعشرة آلاف (2) درهم و يجزيه فرس بعشرين درهما ويشترى جارية بألف دينار ويجزيه جارية بعشرين دينارا وقال : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) (3) .
  24 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : عشية عرفة (4) .
  25 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : هو المشط عند كل صلوة فريضة ونافلة (5) .
  26 ـ عن عمار النوفلى عن أبيه قال : سمعت أبا الحسن يقول : المشط يذهب بالوباء ، قال : وكان لابى عبدالله مشط في المسجد يتمشط به اذا فرغ من صلوته (6) .
  27 ـ عن المحاملى عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال الاردية في العيدين والجمعة (7) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 10 ، البحار ج 7 : 69 .
(2) قال الفيروز آبادى : خوله الله المال : اعطاه اياه متفضلا .
(3) البرهان ج 2 : 10 ، البحار ج 15 ( ج 4 ) 201 و 16 ( م ) : 41 ، الصافى ج 1 : 573 .
(4) البرهان ج 2 : 10 .
(5 ـ 7) البرهان ج 2 : 10 ، البحار ج 18 : 317 ، الصافى ج 1 : 572 ـ 573 ، الوسائل ج 1 ، ابواب آداب الحمام باب 71 وج 2 ابواب وجوب الاحرام باب 26 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 14 _
  28 ـ عن هارون بن خارجة قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : من سأل الناس شيئا وعنده ما يقوته يومه فهو من المسرفين (1)
  29 ـ عن خيثمة بن أبى خيثمة قال : كان الحسن بن على عليه السلام اذا قام إلى الصلوة لبس أجود ثيابه ، فقيل له : يا بن رسول الله لم تلبس أجود ثيابك ؟ فقال : ان الله تعالى جميل يحب الجمال ، فأتجمل لربى ، وهو يقول : ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) فأحب ان ألبس أجود ثيابى (2) .
  30 ـ عن الحكم بن عيينة قال : رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه ازار احمر (3) قال فاحدت النظر اليه (4) فقال يا با محمد ان هذا ليس به بأس ، ثم تلا : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) (5) .
  31 ـ عن الوشا عن الرضا عليه السلام كان على بن الحسين يلبس الجبة والمطرف من الخز والقلنسوة (6) ويبيع المطرف ويتصدق بثمنه ويقول : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) (7) .

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 10 ، البحار ج 18 : 317 ، الصافى ج 1 : 572 ـ 573 .
(2) البرهان ج 2 : 10 ، البحار ج 18 : 85 و 87 ، الصافى ج 2 : 572 ، الوسائل ج 1 ابواب لباس المصلى باب 54 ، مجمع البيان ج 3 : 412 .
(3) وفى نسخة البرهان بعد قوله : رأيت أبا جعفر هكذا : ( وهو في بيت منجد و عليه قميص رطب اه ) اقول : وهو موافق لرواية الكلينى في الكافى وبيت منجد ـ بضم الميم وفتح النون والجيم وشدها ـ ، مزين بنجوده وهى ستوره التى تشد على الحيطان .
(4) احد اليه النظر ـ بتشديد الدال ـ بالغ في النظر اليه .
(5) البرهان ج 2 : 12 ، البحار ج 16 ( م ) : 41 .
(6) المطرف ـ بضم الميم وفتحها ـ : رداء من خز مربع ذو اعلام قال الفراء : و اصله الضم لانه في المعنى مأخوذ من اطراف اى جعل في طرفيه العلمان ولكنهم استثقلوا الضمة فكسروه .
(7) البرهان ح 2 : 13 ، البحار ج 16 ( م ) : 41 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 15 _
  32 ـ عن يوسف بن ابراهيم قال : دخلت على أبى عبدالله عليه السلام وعلى جبة خزو طيلسان خز (1) فنظر إلى فقلت : جعلت فداك على جبة خز وطيلسان خز ما تقول فيه ؟ فقال : وما بأس (2) بالخز قلت : وسداه (3) ابريسم ؟ فقال : لا بأس به فقد اصيب الحسين بن على عليه السلام وعليه جبة خز ، ثم قال : ان عبدالله بن عباس لما بعثه أميرالمؤمنين عليه السلام إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه ، وتطيب بأطيب طيبه ، وركب أفضل مراكبه ، فخرج اليهم فوافقهم فقالوا : يا بن عباس بينا ( بيننا خ ل ) أنت خير الناس اذ أتيتنا في لباس من لباس الجبابرة ومراكبهم ، فتلا هذه الآية : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) البس وأتجمل ، فان الله جميل يحب الجمال وليكن من حلال (4) .
  33 ـ عن العباس بن هلال الشامى ـ قال : قال أبوالحسن ـ عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت : جعلت فداك وما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب (5) ويلبس الخشن ويتخشع ، قال : أما علمت ان يوسف بن يعقوب عليه السلام نبى ابن نبى كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب (6) ويجلس في مجالس آل فرعون ، يحكم ولم يحتج الناس إلى لباسه ، وانما احتاجوا إلى قسطه ، وانما يحتاج من الامام إلى أن اذا قال صدق واذا وعد أنجز ، واذا حكم عدل ، ان الله لم يحرم طعاما ولا شرابا من

--------------------
(1) الطيلسان ـ بالفتح وتثليث اللام : كساء مدور اخضر لا اسفل له يلبسه الخواص من العلماء والمشايخ وهو من لباس العجم .
(2) وفى بعض النسخ ( لا بأس ) .
(3) السدى من الثوب : ما مد من خيوطه ويقال له بالفارسية ( تار ) وهو بخلاف اللحمة ( ود ) .
(4) البرهان ج 2 : 13 ، البحار ج 16 ( م ) : 41 .
(5) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البرهان لكن في الاصل والبحار ( الخشن ) بدل ( الجشب ) والجشب من الطعام : الغليظ وقيل وهو مالا ادم فيه .
(6) المزرور : المشدود بالازرار وهى جمع الزر بالكسر : الحبة تجعل في العروة

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 16 _
  حلال ، وانما حرم الحرام قل أو كثر ، وقد قال : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) (1) .
  34 ـ عن أحمد بن محمد عن أبى الحسين عليه السلام قال : كان على بن الحسين عليهما السلام يلبس الثوب بخمسمائة دينارا ، والمطرف بخمسين دينارا يشتوفيه (2) فاذا ذهب الشتاء باعه وتصدق بثمنه (3) .
  35 ـ وفى خبر عمر بن على عن ابيه على بن الحسين عليه السلام (4) انه كان يشترى الكساء الخز بخمسين دينارا ، فاذا صاف تصدق به ، لا يرى بذلك بأسا ويقول : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ) (5) .
  36 ـ عن محمد بن منصور قال : سألت عبدا صالحا عن قول الله : ( إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) قال : ان القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم (6) به في الكتاب هو في الظاهر والباطن من ذلك ائمة الجور ، وجميع ما أحل في الكتاب هو في الظاهر والباطن من ذلك ائمة الحق (7) .
  37 ـ عن على بن أبيحمزة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ما من أحد أعز (8) من الله تبارك وتعالى ، ومن أعز ممن حرم الفواحش ماظهر منها وما بطن (9) .

--------------------
(1) البرهان 2 : 13 ، البحار ج 16 ( م ) 41 .
(2) شتا يشتو بالبلد : اقام به شتاءا .
(3) البرهان ج 2 : 13 ، البحار 16 ( م ) : 41 .
(4) وفى نسخة مخطوطة كنسخة البرهان هكذا ( عمر بن على عن الحسين عليه السلام ) .
(5) البرهان ج 2 : 13 ، البحار ج 16 ( م ) : 41 .
(6) وفى نسخة البرهان ( فاما ما حرم ) بدل ( فجميع ما حرم )
(7) البحار ج 7 : 153 ، البرهان ج 2 : 13 .
(8) وفى نسخة البرهان ( أغير ) من الغيرة ولعله الظاهر .
(9) البرهان ج 2 : 14 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 17 _
  38 ـ عن على بن يقطين قال : سأل المهدى أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هى محرمة في كتاب الله فان الناس يعرفون النهى ولا يعرفون التحريم ؟ فقال له أبوالحسن : بل هى محرمة ، قال : في أى موضع هى محرمة بكتاب الله يا اباالحسن ؟ قال : قول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) فأما قوله : ( ما ظهر منها ) فيعني الزنا المعلن : ونصب الرايات التى ـ كانت ـ ترفعها الفواجر في الجاهلية ، واما قوله : ( وما بطن ) ينعى ما نكح من الاباء فان الناس كانوا قبل أن يبعث النبى صلى الله عليه واله اذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده اذا لم يكن امه ، فحرم الله ذلك ، واما الاثم فانها الخمر بعينها وقد قال الله في موضع آخر ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) فاما الاثم في كتاب الله فهى الخمر ، والميسر فهى النرد ـ والشطرنج ـ واثمهما كبير كما قال الله ، واما قوله ( البغى ) فهو الزنا سرا قال : فقال المهدى : هذه والله فتوى هاشمية (1)
  39 ـ عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله ( إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) قال : هو الذى يسمى لملك الموت عليه السلام (2) .
  40 ـ عن منصور بن يونس عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) نزلت في طلحة والزبير والجمل جملهم (3)
  41 ـ عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن الرضا عليه السلام في قوله : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) قال المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام (4)
  42 ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على عليهم السلام

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 14 ، البحار ج 16 ( م ) ، 22 ، الصافى ج 1 575
(2) البرهان ج 2 : 14 : الصافى ج 1 : 576 ، وزاد بعد قوله لملك الموت ( في ليلة القدر ) .
(3) البرهان ج 2 : 14 .
(4) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 17 ، الصافى ج 1 : 578 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 18 _
  قال : أنا يعسوب المؤمنين وأنا أول السابقين وخليفة رسول رب العالمين ، وانا قسيم ـ الجنة و ـ النار وأنا صاحب الاعراف (1) .
  43 ـ عن هلقام عن أبى جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) ما يعنى بقوله ( وعلى الاعراف رجال ) قال : ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبايلكم ليعرفون (2) من فيها من صالح أو طالح ؟ قلت : بلى ، قال فنحن اولئك الرجل الذين يعرفون كلا بسيماهم (3) .
  44 ـ عن زاذان عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول لعلى اكثر من عشر مرات : يا على انك والاوصياء من بعدك اعراف (4) بين الجنة والنار لا يدخل الجنة الا من عرفكم وعرفتموه ، ولا يدخل النار الا من أنكركم وأنكرتموه (5) .
  45 ـ عن سعد بن طريف عن أبى جعفر عليه السلام في هذه الآية ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) قال : يا سعد هم آل محمد عليهم السلام لا يدخل الجنة الا من عرفهم و عرفوه ، ولا يدخل النار الا من أنكرهم وانكروه (6) .
  46 ـ عن الطيار عن ابى عبدالله عليه السلام قال : قلت له : أى شئ أصحاب الاعراف ؟ قال : استوت الحسنات والسيئات فان أدخلهم الجنة فبرحمته ، وان عذبهم لم يظلمهم (7)
  47 ـ عن كرام (8) قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : اذا كان يوم القيامة أقبل

--------------------
(1) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 20 .
(2) وفى نسخة البرهان ( ليعرفوا ) وفى البحار ( ليعرف ) .
(3) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 20 .
(4) قال الطريحى : قوله تعالى ( وعلى الاعراف اه ) اى وعلى اعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهى اعاليه ، جمع عرف مستعار من عرف الفرس و الديك .
(5 ـ 7) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 20 ، الصافى ج 1 : 579 .
(8) هو عبدالكريم بن عمرو بن صالح الخثمعى و ( كرام ) لقبه راجع تنقيح المقال وغيره .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 19 _
  سبع قباب من نور يواقيت خضر وبيض ، في كل قبة امام دهره قد احتف به أهل دهره برها وفاجرها حتى يقفون بباب الجنة ، فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيميز اهل ولايته وعدوه ثم يقبل على عدوه فيقول : انتم الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم اليوم ـ يقوله ـ لاصحابه فيسود وجه الظالم فيميز (1) اصحابه إلى الجنة وهم يقولون : ( رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) فاذا نظر أهل قبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة وكثرة من يدخل النار خافوا أن لا يدخلوها ، و ذلك قوله : ( لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) (2)
  48 ـ عن الثمالى قال : سئل أبوجعفر : عن قول الله ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ) فقال ابوجعفر نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبب معرفتنا ونحن الاعراف الذين لا يدخل الجنة الا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار الا من أنكرنا وأنكرناه وذلك بان الله لو شاء ان يعرف الناس نفسه لعرفهم ، ولكنه جعلنا سببه وسبيله وبابه الذى يؤتى منه (3)
  49 ـ ابراهيم بن عبدالحميد عن احدهما قال : ان أهل النار يموتون عطاشا ، و يدخلون قبورهم عطاشا ـ ويحشرون عطاشا ـ ، ويدخلون جهنم عطاشا ، فيرفع ـ لهم ـ قراباتهم من الجنة ، فيقولون : ( أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ ) (4)
  50 ـ عن الزهرى عن أبى عبدالله عليه السلام يقول : ( يوم التناد ) يوم ينادى أهل النار أهل الجنة ان أفيضوا علينا من الماء (5)
  51 ـ عن ميسر عن أبى جعفر عليه السلام في قوله : ( لا تفسدوا في الارض بعد صلاحها ) قال : ان الارض كانت فاسدة فأصلحها الله بنبيه عليه السلام ، فقال : ( لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ) (6)

--------------------
(1) كذا في النسخ واستظهر في هامش نسخة العلامة المحدث النورى رحمه الله ( فيسير ) بدل ( فيميز ) وكانه في محله ، وفى نور الثقلين ( فيمر ) .
(2) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 20 ـ 22 .
(3 ـ 5) البحار ج 3 : 389 ، البرهان ج 2 : 20 ـ 22 ، الصافى ج 1 : 582
(6) البحار ج 8 : 44 ، البرهان ج 2 : 23 ، الصافى ج 1 : 585 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 20 _
  52 ـ عن أحمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليه السلام : قال : سمعته يقول : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول العبد الصالح ( انتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ ) (1)
  53 ـ عن يحيى بن المساور الهمدانى عن أبيه جاء رجل من أهل الشام إلى على بن الحسين عليه السلام فقال : أنت على بن الحسين ؟ قال : نعم ، قال أبوك الذى قتل المؤمنين ؟ فبكى على بن الحسين ثم مسح عينيه فقال : ويلك كيف قطعت على أبى انه قتل المؤمنين ؟ قال : قوله : اخواننا قد بغوا علينا فقاتلناهم على بغيهم ، فقال : ويلك اما تقرأ القرآن ؟ قال : بلى ، قال : فقد قال الله : ( والى مدين أخاهم شعيبا ، والى ثمود أخاهم صالحا ) فكانوا اخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم ؟ قال له الرجل : لا بل في عشيرتهم ، قال : فهؤلاء اخوانهم في عشيرتهم وليسوا اخوانهم ، في دينهم قال : فرجت عنى فرج الله عنك (2).
  54 ـ عن أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر محمد بن على عليه السلام قال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل جبرئيل : كيف كان مهلك قوم صالح ؟ فقال : يا محمد ان صالحا بعث إلى قومه وهو ابن ست عشر سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة لا يجيبوه إلى خير ، قال : و كان لهم سبعين صنما يعبدونها من دون الله ، فلما راى ذلك منهم قال : يا قوم انى قد بعثت اليكم وانا ابن ست عشر سنة ، وقد بلغت عشرين ومائة سنة ، وانا أعرض عليكم امرين ان شئتم فسلونى حتى اسئل الهى فيجيبكم فيما تسئلونى ، وان شئت (3) سألت الهتكم فأجابتنى بالذى اسئلها خرجت عنكم فقد شنئتكم وشنئتمونى (4) فقالوا : قد انصفت يا صالح فاتعدو اليوم يخرجون فيه ، قال : فخرجوا بأصنامهم

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 23 .
(2) البحار ج 8 : 464 ، البرهان ج 2 : 25 .
(3) كذا في النسخ وفى نسختى البرهان والبحار ( شئتم ) على صيغة الجمع وهو موافق لرواية الكلينى رحمه الله في الكافى ايضا .
(4) وفى بعض النسخ كرواية الكلينى رحمه الله ( سئمتكم وسئمتمونى )

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 21 _
  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 21 سطر 1 الى ص 30 سطر 24
  إلى ظهرهم ، ثم قربوا طعامهم وشرابهم فاكلوا وشربوا ، فلما ان فرغوا دعوه فقالوا : يا صالح سل فدعا صالح كبير أصنامهم فقال : ما اسم هذا ؟ فأخبروه باسمه ، فناداه باسمه فلم يجب فقال صالح : ما له لا يجيب ؟ فقالوا له : ادع غيره فدعاها كلها باسمائها فلم يجبه واحد منهم فقال : يا قوم قد ترون قد دعوت أصنامكم فلم يجبنى واحد منهم فسلونى حتى ادعو الهى فيجيبكم الساعة ، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها : ما بالكم لا تجبن صالحا ؟ فلم تجب ، فقالوا : يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا قليلا ، قال : فرموا بتلك البسط التى بسطوها وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب (1) وقالوا لها : لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن قال ثم دعوه فقالوا : يا صالح تعال فسلها فعاد فسئلها فلم تجبه ، فقال : (2) انما اراد صالح ان تجيبه وتكلمه بالجواب ، قال : فقال لهم : يا قوم هو ذا ترون قد ذهب ـ صدر ـ النهار ولا أرى الهتكم تجيبنى فسلونى حتى أدعوا الهى فيجيبكم الساعة ، قال : فانتدب له منهم سبعون رجلا من كبرائهم و عظمائهم والمنظور اليهم منهم فقالوا : يا صالح نحن نسئلك ، قال : فكل هؤلاء يرضون بكم ؟ قالوا : نعم فان أجابوك هؤلاء أجبناك ، قالوا : يا صالح نحن نسئلك فان اجابك ربك اتبعناك واجبناك وتابعك جميع أهل قريتنا فقال لهم صالح : سلونى ما شئتم ، فقالوا : انطلق بنا إلى هذا الجبل وكان الجبل جبل قريب منه حتى نسئلك عنده قال : فانطلق ـ معهم الصالح ـ فانطلقوا معه ، فلما انتهوا إلى الجبل قالوا : يا صالح سل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء (3).
  وفى رواية محمد بن نصير حمراء شعراء بين جنبيها ميل ، قال : قد سألتمونى شيئا يعظم على ويهون على ربى ، فسأل الله ذلك فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته ، قال : فاضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ، ثم لم

--------------------
(1) تمرغ في التراب : تقلب .
(2) وفى البحار والبرهان ( فقالوا ) وهو الظاهر .
(3) شقراء : شديده الحمرة ، وبراء : كثيرة الوبر ، عشراء : التى أتت عليها من اليوم الذى ارسل فيها الفحل عشرة اشهر وزال عنها اسم المخاض .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 22 _
  يعجلهم (1) الا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع ، فاستقيمت رقبتها حتى اخرجت (2) ثم خرج ساير جسدها ثم استوت على الارض قائمة ، فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ، فسله أن يخرج لنا فصيلها (3) قال : فسأل الله ذلك فرمت به فدب حولها (4) فقال لهم : يا قوم أبقى شئ ؟ قالوا : لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأينا ويؤمنوا بك ، قال : فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل اليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا سحر وبقيت ( ثبتت خ ل ) الستة وقالوا : الحق ما رأينا ، قال : فكثر كلام القوم ورجعوا مكذبين الا الستة ; ثم ارتاب من الستة واحد ، فكان فيمن عقرها وزاد محمد بن نصير في حديثه قال سعيد بن يزيد : فأخبرنى انه رأى الجبل الذى خرجت منه بالشام ، فرأى جنبها قد حك الجبل فأثر جنبها فيه ، وجبل آخر بينه وبين هذا ميل (5).
  55 ـ عن يزيد بن ثابت قال : سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام أن يؤتى النساء في أدبارهن ؟ فقال : سفلت سفل الله بك ، اما سمعت الله يقول ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ ) (6).
  56 ـ عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام ذكر عنده اتيان النساء في دبرهن ، فقال : ما أعلم آية في القرآن أحلت ذلك الا واحدة ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ) الآية (7).

--------------------
(1) وفى بعض النسخ ( يؤجلهم ) وفى آخر ( يفجأهم ) .
(2) وفى بعض النسخ ـ كرواية الكلينى رحمه الله ـ ( فما استتمت رقبتها حتى اجترت ) وقوله اجترت من اجتر البعير : اكل ثانيا ما أخرجه مما أكله اولا .
(3) الفصيل : ولد الناقه اذا فصل عن امه .
(4) دب دبا ودبييا : مشى على هيئته .
(5) البحار ج 5 : 105 ، البرهان ج 2 : 25 .
(6 ـ 7) البحار ج 5 : 157 ، البرهان ج 2 : 25 ، الوسائل ج 3 ، ابواب مقدمات النكاح باب 72 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 23 _
  57 ـ عن الحسين بن على عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : يا ويح هذا القدرية ، انما يقرؤن هذه الآية ( إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ ) ويحهم من قدرها الا الله تبارك وتعالى (1).
  58 ـ عن صفوان الجمال قال : صليت خلف أبى عبدالله عليه السلام فأطرق ثم قال : اللهم لا تؤمنى مكرك ثم جهر (2) فقال : ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) (3).
  59 ـ عن أبى ذر قال : قال : والله ما صدق أحد ممن أخذ الله ميثاقه فوفى بعهد الله غير أهل بيت نبيهم ، وعصابة قليلة من شيعتهم ، وذلك قول الله ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) وقوله ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) (4) .
  60 ـ قال : وقال الحسين بن الحكم الواسطى كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك ، فقال : انما الشك فيما لا يعرف ، فاذا جاء اليقين فلا شك يقول الله ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) نزلت في الشكاك (5) .
  61 ـ عن عاصم المصرى رفعه قال : ان فرعون بنى سبع مداين يتحصن فيها من موسى عليه السلام ، وجعل فيما بينهما آجاما وغياضا (6) وجعل فيها الاسد ليتحصن بها من موسى ، قال : فلما بعث الله موسى إلى فرعون فدخل المدينة ، فلما رآه الاسد تبصبصت (7) وولت مدبرة ثم لم يأت مدينة الا انفتح له بابها حتى انتهى إلى قصر

--------------------
(1) البحار ج 3 : 17 ، البرهان ج 2 : 26 .
(2) وفى بعض النسخ ( جهم ) وهو بمعنى عبس وجهه والظاهر هو المختار في المتن .
(3) البحار ج 18 : 425 ، البرهان ج 2 : 26 .
(4) البحار ج 15 ( ج 1 ) : 125 ، البرهان ج 2 : 26 ، الصافى ج 1 : 600
(5) البحار ج 15 ( ج 3 ) : 12 ، البرهان ج 2 : 26 .
(6) الاجام جمع الاجمة محركة : الشجر الكثير الملتف ، وغياض جمع الغيضة مجتمع الشجر في مغيض ماء .
(7) بصبص الكلب وتبصبص : حرك ذنبه والتبصبص : التملق .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 24 _
  فرعون الذى هو فيه ، قال : فقعد على بابه وعليه مدرعة (1) من صوف ومعه عصاه فلما أخرج الآذن قال له موسى : استأذن لي على فرعون فلم يلتفت اليه ، قال : فقال له موسى : انى رسول رب العالمين قال فلم يلتفت اليه قال : فمكث بذلك ما شاء الله يسئله أن يستأذن له ، قال فلما أكثر عليه قال له : أما وجد رب العالمين من يرسله غيرك ؟ قال : فغضب موسى وضرب الباب بعصاه فلم يبق بينه وبين فرعون باب الا انفتح حتى نظر اليه فرعون وهو في مجلسه ، فقال : ادخلوه قال : فدخل عليه وهو في قبة له مرتفعة كثيرة الارتفاع ثمانون ذراعا ، قال : فقال : انى رسول رب العالمين اليك ، قال : فقال : فأت بآية ان كنت من الصادقين ، قال : فألقى عصاه وكان لها شعبتان ، قال : فاذا هى حية قد وقع احد الشعبتين في الارض والشعبة الاخرى في أعلى القبة ، قال : فنظر فرعون إلى جوفها وهو يلتهب نيرانا قال : وأهوت اليه فأحدث وصاح يا موسى خذها (2) .
  62 ـ عن يونس بن ظبيان قال : قال : ان موسى وهارون حين دخلا على فرعون لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح (3) كانوا ولد نكاح كلهم ، ولو كان فيهم ولد سفاح لامر بقتلهما ، فقالوا : ( أرجه وأخاه ) وأمروه بالتأني والنظر ، ثم وضع يده على صدره قال : وكذلك نحن لا ينزع الينا الا كل خبيث الولادة (4) .
  63 ـ عن موسى بن بكير عن أبى عبدالله عليه السلام قال : اشهد ان المرجئة على دين الذين قالوا ( أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ) (5) .
  64 ـ عن محمد بن على عليه السلام قال : كانت عصا موسى لآدم ، فصارت إلى شعيب ،

--------------------
(1) المدرعة : هو الثوب من الصوف يتدرع به وعند اليهود : ثوب من كتان كان يلبسه عظيم احبارهم .
(2) البحار ج 5 : 254 ، البرهان ج 2 : 26 ، الصافى ج 1 : 600 .
(3) السفاح : الزنا .
(4) البحار ج 5 : 254 ، البرهان ج 1 : 27 ، الصافى ج 1 : 602 .
(5) البرهان ج 2 : 27 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 25 _
  ثم صارت إلى موسى بن عمران ، وانها لتروع وتلقف ما يأفكون ، وتصنع ما تؤمر يفتح لها شعبتان ، ( شفتان خ ل ) احديهما في الارض والاخرى في السقف ، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها (1) .
  65 ـ عن عمار الساباطى قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده ، قال : فما كان لله فهو لرسوله ومكان لرسول الله فهو للامام بعد رسول الله صلى الله عليه واله (2) .
  66 ـ عن أبى خالد الكابلى عن أبى جعفر عليه السلام قال : وجدنا في كتاب على عليه السلام ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، وأنا وأهلبيتى الذين اورثنا ـ الله ـ الارض ، ونحن المتقون والارض كلها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليؤد خراجها إلى الامام من اهل بيتى ، وله ما أكل منها فان تركها وأخربها بعدما عمرها ، فأخذها رجل من المسلمين . بعده فعمرها وأحياها فهو أحق به من الذى تركها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتى ، وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتى بالسيف ، فيحوزها ويمنعها ويخرجهم عنها كما حواها رسول الله صلى الله عليه واله ومنعها الا ما كان في ايدى شيعتنا ، فانه يقاطعهم ويترك الارض في أيديهم (3) .
  67 ـ عن محمد بن قيس عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قلت : ما الطوفان ؟ قال : هو طوفان الماء والطاعون (4) .
  68 ـ ـ عن محمد بن علي عن ابيعبد الله أنبأنى ـ عن سليمان عن الرضا عليه السلام في قوله : ( لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ ) قال : الرجز هو الثلج ، ثم قال : خراسان بلاد رجز (5) .
  69 ـ عن محمد الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ) قال : بعشر ذى الحجة ناقصة حتى انتهى إلى شعبان فقال :

--------------------
(1) البحار ج 5 : 254 ، البرهان ج 2 : 27 .
(2 ـ 3) البحار ج 21 ، 107 ، البرهان ج 2 : 28 ، الصافى ج 1 : 604 .
(4 ـ 5) البرهان ج 2 : 29 ، البحار ج 5 : 254 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 26 _
  ناقص ولا يتم (1) .
  70 ـ عن الفضيل بن يسار قال : قلت لابى جعفر عليه السلام جعلت فداك وقت لنا وقتا فيهم ؟ فقال : ان الله خالف علمه علم الموقتين أما سمعت الله يقول : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً ) إلى ( أربعين ليلة ) ، اما ان موسى لم يكن يعلم بتلك العشر ولا بنو اسرائيل ، فلما حدثهم (2) قالوا : كذب موسى وأخلفنا موسى ، فان حدثتم به فقالوا : (3) صدق الله ورسوله ، توجروا مرتين (4) .
  71 ـ عن الفضيل بن يسار عن أبى جعفر عليه السلام قال : ان موسى لما خرج وافدا إلى ربه وأعهدهم (5) ثلاثين يوما فلما زاد الله على الثلثين عشرا قال قومه : أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا (6) .
  عن محمد بن على بن الحنفية انه قال مثل ذلك .
  72 ـ عن أبى بصير عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليه السلام قال : لما سأل موسى ربه تبارك وتعالى ( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ) قال : فلما صعد موسى على الجبل فتحت أبواب السماء وأقبلت الملئكة افواجا في ايديهم العمد (7) وفى رأسها النور يمرون به فوجا بعد فوج ، يقولون : يابن عمران أثبت فقد سألت عظيما ، قال : فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله ، فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا ، فلما أن رد الله اليه روحه

--------------------
(1) البحار ج 5 : 277 ، البرهان ج 2 : 33 .
(2) وفى نسخة البرهان ( فلما مضى مدتهم ) مكان ( فلما حدثهم ) .
(3) وفى نسخة البرهان ( فقولوا ) .
(4) البحار ج 5 : 277 ، البرهان ج 2 : 33 ، وفى بعض النسخ ( توجدوا صوابين ) بدل ( توجروا مرتين ) .
(5) وفى نسختى البحار والبرهان ( واعدهم ) مكان ( وأعهدهم ) .
(6) البحار ج 5 : 277 ، البرهان ج 2 : 33 .
(7) العمد ـ بضم العين والميم وفتحهما ـ جمع العمود .