وقل للفريق ـ الثانى ـ المقترحين لآية إبراهيم (عليه السلام) : امضوا إلى حيث تريدون من ظاهر مكة ، فسترون آية إبراهيم في النار ، فاذا غشيكم البلاء فسترون في الهواء امرأة قد أرسلت طرف خمارها فتعلقوا به لتنجيكم من الهلكة ، وترد عنكم النار .
وقل للفريق الثالث : وأنتم المقترحين لآية موسى ، امضوا إلى ظل الكعبة فسترون آية موسى (عليه السلام) ، وسينجيكم هناك عمي حمزة .
وقل للفريق الرابع ورئيسهم أبوجهل : وأنت يا أبا جهل فاثبت عندي ليتصل بك
(1) أخبار هؤلاء الفرق الثلاثة ، فان الآية التي اقترحتها أنت تكون بحضرتي .
فقال أبوجهل للفرق الثلاثة : قوموا فتفرقوا ليتبين لكم باطل قول محمد .
ما كان مثل آية نوح (عليه السلام) :
فذهبت الفرقة الاولى إلى حضرة
(2) جبل أبي قبيس ، فلما صاروا ـ في الارض ـ إلى جانب الجبل نبع الماء من تحتهم ، ونزل من السماء الماء من فوقهم من غير غمامة ولا سحاب ، وكثر حتى بلغ أفواههم فألجمها ، وألجأهم إلى صعود الجبل إذ لم يجدوا ملجأ
(3) سواه ، فجعلوا يصعدون الجبل والماء يعلو من تحتهم إلى أن بلغوا ذروته ، وارتفع الماء حتى ألجمهم
(4) وهم على قلة الجبل ، وأيقنوا بالغرق إذ لم يكن لهم مفر .
فرأوا عليا (عليه السلام) واقفا على متن الماء فوق قلة الجبل ، وعن يمينه طفل وعن يساره طفل ، فناداهم علي (عليه السلام) .
خذوا بيدي انجيكم ، أو بيد من شئتم من هذين الطفلين ، فلم يجدوا بدا من ذلك فبعضهم أخذ بيد علي (عليه السلام) ، وبعضهم أخذ بيد أحد الطفلين ، وبعضهم أخذ بيد الطفل
--------------------
(1) يقال : اتصل به خبر فلان : علمه .
(2) أى قرب وجنب .
(3) ( منجى ) ب ، ق ، د ، والبحار .
(4) ( ألجأهم ) ق ، يقال : ألجم الماء فلانا : بلغ فاه . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_432 _
الآخر ، وجعلوا ينزلون بهم من الجبل والماء ينزل وينحط من بين أيديهم حتى أوصلوهم إلى القرار ، والماء يدخل بعضه في الارض، ويرتفع بعضه إلى السماء حتى عادوا كهيئتهم إلى قرار الارض.
فجاء على (عليه السلام) ـ بهم ـ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يبكون ويقولون : نشهد إنك سيد المرسلين ، وخير الخلق أجمعين ، رأينا مثل طوفان نوح وخلصنا هذاوطفلان كانا معه لسنا نراهما الآن.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أما إنهما سيكونان ، هما الحسن والحسين سيولدان لاخي هذا ، وهما سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ، اعلموا أن الدنيا بحر عميق ، وقد غرق فيها خلق كثير ، وأن سفينة نجاتها آل محمد : علي هذا وولداه اللذان رأيتموهما سيكونان وسائر أفاضل أهلي (1) فمن ركب هذه السفينة نجا ، ومن تخلف عنها غرق .
ـ ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ـ وكذلك الآخرة جنتها (2) ونارها كالبحر ، وهؤلاء سفن امتي يعبرون بمحبيهم وأوليائهم إلى الجنة .
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أسمعت هذا يا أبا جهل ؟ قال : بلى حتى أنظر ـ إلى ـ الفرقة الثانية والثالثة .
ماكان مثل آية ابراهيم (عليه السلام) : ـ وجاءت الفرقة الثانية يبكون ويقولون : نشهد إنك رسول رب العالمين ، وسيد الخلق أجمعين ، مضينا إلى صحراء ملساء ، ونحن نتذاكر بيننا قولك ، فنظرنا إلى السماء قد تشققت (3) بجمر النيران تتناثر عنها ، ورأينا الارض قد تصدعت ولهب النيران
--------------------
(1) ( أهل بيتى ) أ ، ص ، ط .
(2) ( حميمها ) البحار .
(3) ( انشقت ) ص . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 433 _
يخرج منها ، فما زالت كذلك حتى طبقت الارض وملاتها ، ومسنا من شدة حرها حتى سمعنا لجلودنا نشيشا (1) من شدة حرها ، وأيقنا بالاشتواء والاحتراق ـ وعجبنا بتأخر رؤيتنا ـ (2) بتلك النيران .
فبينا نحن كذلك إذ رفع لنا في الهواء شخص امرأة قد أرخت خمارها ، فتدلى طرفه إلينا بحيث تناله أيدينا ، وإذا مناد من السماء ينادينا : إن أردتم النجاة فتمسكوا ببعض أهداب هذا الخمار .
فتعلق كل واحد منا بهدبة من أهداب ذلك الخمار، فرفعتنا في الهواء ونحن نشق جمر النيران ولهبها لا يمسنا شررها (3) ولا يؤذينا جمرها (4) ولا نثقل على الهدبة التي تعلقنا بها ، ولا تنقطع (5) الاهداب في أيدينا على دقتها .
فما زالت كذلك حتى جازت بنا تلك النيران ، ثم وضع كل واحد منا في صحن داره سالما معافي ، ثم خرجنا فالتقينا ، فجئناك عالمين بأنه لا محيص عن دينك ، ولا معدل عنك ، وأنت أفضل من لجئ إليه ، واعتمد بعد الله عليه ، صادق في أقوالك حكيم في أفعالك .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابي جهل : هذه الفرقة الثانية قد أراهم الله آياته (6) .
قال أبوجهل : حتى أنظر الفرقة الثالثة وأسمع مقالتها .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهذه الفرقة الثانية لما آمنوا : يا عباد الله إن الله أغاثكم بتلك المرأة أتدرون من هي ؟ قالوا : لا .
--------------------
(1) النشيش : صوت الماء ـ وغيره ـ اذا على .
(2) كذا في أغلب نسخ الاصل ، وفى بعضها غير منقوطة ، وفى ( ص ) : وعجبنا لتأخر ذوبنا وليس في البحار ، والمراد ظاهرا : تعجبهم لاستمرارهم أحياءا مع شدة هذه الحرارة .
(3) ( شرورها ) أ ، ق ، الشرر : ما يتطاير من النار .
(4) ( حرها ) ص ، والبحار .
(5) ( تنعتق ) د .
(6) ( آية ابراهيم (عليه السلام) ) البحار . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 434 _
قال : تلك تكون ابنتي فاطمة ، وهي سيدة نساء العالمين .
إن الله تعالى إذا بعث الخلائق من الاولين والآخرين نادى منادي ربنا من تحت عرشه : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين على الصراط .
ـ فيغض الخلائق كلهم أبصارهم ، فتجوز فاطمة على الصراط ـ لا يبقى أحد في القيامة إلا غض بصره عنها إلا محمد وعلي والحسن والحسين والطاهرون من أولادهم فانهم محارمها (1) فاذا دخلت الجنة بقي مرطها (2) ممدودا على الصراط ، طرف منه بيدها وهي في الجنة ، وطرف في عرصات القيامة .
فينادي منادي ربنا : يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين ، فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها ، حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام ـ وألف فئام ـ .
قالوا : وكم فئام واحد يا رسول الله ؟ قال : ألف ألف من الناس .
ما كان مثل آية موسى (عليه السلام):
قال : جاءت الفرقة الثالثة باكين يقولون : نشهد يا محمد إنك رسول رب العالمين وسيد الخلق أجمعين ، وأن عليا أفضل الوصيين ، وأن آلك أفضل آل النبيين ، وصحابتك خير صحابة المرسلين ، وأن أمتك خير الامم أجمعين ، رأينا من آياتك مالا محيص لنا عنها ، ومن معجزاتك مالا مذهب لنا سواها .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : وما الذي رأيتم ؟ قالوا : كنا قعودا في ظل الكعبة نتذاكر أمرك ، ونستهزئ بخبرك ، وأنك ذكرت أن لك مثل آية موسى ، فبينا نحن كذلك
--------------------
(1) ( أولادها ) البحار : 8 .
(2) المرط ـ بكسر الميم : كساء من صوف ونحوه يؤتزر به . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 435_
إذا ارتفعت الكعبة عن موضعها وصارت فوق رؤوسنا فركدنا (1) في مواضعنا ولم نقدر أن نريمها (2) .
فجاء عمك حمزة فتناول (3) بزج رمحه ـ هكذا (4) ـ تحتها ، فتناولها واحتبسها - على عظمها ـ فوقنا في الهواء .
ثم قال لنا : اخرجوا ، فخرجنا من تحتها ، فقال : ابدوا ، فبعدنا عنها ، ثم أخرج سنان الرمح من تحتها ، فنزلت إلى موضعها واستقرت ، فجئنا لذلك (5) مسلمين .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابي جهل : هذه الفرقة الثالثة قد جاءتك وأخبرتك بما شاهدت .
فقال أبوجهل : لا أدري أصدق هؤلاء أم كذبوا ، أم حقق لهم ، أم خيل إليهم فان رأيت أنا ما اقترحه عليك من نحو آيات عيسى بن مريم فقد لزمني الايمان بك وإلا فليس يلزمني تصديق هؤلاء .
فقال رسول الله صلى الله عليه آله : يا أبا جهل فان كان لا يلزمك تصديق هؤلاء على كثرتهم وشدة تحصيلهم ، فكيف تصدق بمآثر (6) آبائك وأجدادك ، ومساوئ أسلاف أعدائك ؟ وكيف تصدق عن الصين والعراق والشام إذا حدثت عنها ؟ هل المخبرون عنها (7) إلا دون هؤلاء المخبرين لك عن هذه الآيات مع سائر من شاهدها منهم من الجمع الكثيف الذين لا يجتمعون على باطل يتخرصونه (8) إلا كان بازائهم من يكذبهم ويخبر
--------------------
(1) ( فركزنا ) ص ، والبحار ، قال المجلسى ـ رحمه الله ـ: ركزت الرمع أى غرزته في الارض، وفى بعض النسخ بالدال المهملة من الركود بمعنى السكون والهدوء ، انتهى
أقول : كلاهما بمعنى الثبات في المكان .
(2) أى نفارقها ونبتعد عنها .
(3) ( وقال ) ص ، والبحار ، ( فشال ) ب ، قال بيده : أهوى بها وأخذ .
(4) ( رمحك هذا ) ب ، س ، والزج ـ بالضم ـ الحديدة التى في أسفل الرمح .
(5) ( فجئناك بذلك ) س ، ص ، ق ، د .
(6) ( بما آثر ) أ ، ط .
(7) ( عن ذلك ) ب ، ص ، ق ، د ، والبحار .
(8) ( يخوضونه ) أ ، تخرص : افترى وكذب . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 436 _
بضد إخبارهم ؟ ألا وكل فرقة من هؤلاء محجوجون (1) بما شاهدوا ، وأنت يا أباجهل محجوج بما سمعت ممن شاهد .
ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الفرقة الثالثة فقال لهم : هذا حمزة عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بلغه الله تعالى المنازل الرفيعة والدرجات العالية ، وأكرمه بالفضائل لشدة حبه لمحمد وعلي بن أبي طالب ، أما إن حمزة (عم محمد) (2) لينحي جهنم ـ يوم القيامة ـ (3) عن محبيه كما نحى عنكم اليوم الكعبة أن تقع عليكم .
قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنه ليرى يوم القيامة إلى جانب الصراط جم (4) كثير من الناس لا يعرف عددهم إلا الله تعالى ، هم كانوا محبي حمزة ، وكثير منهم أصحاب الذنوب والآثام ، فتحول حيطان ـ النار ـ بينهم وبين سلوك الصراط والعبور إلى الجنة فيقولون : يا حمزة قد ترى ما نحن فيه ! فيقول حمزة لرسول الله ولعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : قد تريان أوليائي كيف يستغيثون بي ! فيقول محمد رسول الله لعلي ولي الله: يا علي أعن عمك على إغاثة أوليائه واستنقاذهم من النار ، فيأتي علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالرمح الذي كان يقاتل به حمزة أعداء الله تعالى في الدنيا ، فيناوله إياه ، ويقول : يا عم رسول الله وعم أخي رسول الله، ذد (5) الجحيم عن أوليائك برمحك هذا (الذي كنت) (6) تذود به عن أولياء الله في الدنيا أعداء الله.
فيناول حمزة الرمح بيده ، فيضع زجه في حيطان النار الحائلة بين أوليائه وبين العبور إلى الجنة على الصراط ، ويدفعها ـ دفعة ـ فينحيها مسيرة خمسمائة عام ، ثم يقول
--------------------
(1) المحجوج : المغلوب بالحجة .
(2) ( عمى ) ب ، س ، د .
(3) من البحار ، وفى ( ص ) يوما .
(4) ( عالم ) س ، ص ، ق ، د ، والبحار .
(5) أى ادفع واطرد ، ( رد ) ق ، د .
(6) ( كما ) س ، ص ، والبحار ، ( كما كنت ) ق ، د . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 437_
لاوليائه ـ و ـ المحبين الذي كانوا له في الدنيا : اعبروا .
فيعبرون على الصراط آمنين سالمين ، قد انزاحت عنهم النيران ، وبعدت عنهم الاهوال ، ويردون الجنة غانمين ظافرين .
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابي جهل : يا أبا جهل هذه الفرقة الثالثة قد شاهدت آيات الله ومعجزات رسول الله وبقي الذي لك ، فأي آية تريد ؟ قال أبوجهل : آية عيسى بن مريم كما زعمت أنه كان يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، فأخبرني بما أكلت اليوم ، وما ادخرته في بيتي ، وزدني على ذلك بأن تحدثني بما صنعته بعد أكلي لما أكلت ، كما زعمت أن الله زادك في المرتبة فوق عيسى .
ما كان مثل آية عيسى (عليه السلام) :
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أما ماأكلت وما ادخرت فاخبرك به ، وأخبرك بما فعلته في خلال أكلك ، وما فعلته بعد أكلك ، وهذا يوم يفضحك الله عزوجل فيه باقتراحك فان آمنت بالله لم تضرك هذه الفضيحة ، وإن أصررت على كفرك أضيف لك إلى فضيحة الدنيا وخزيها خزي الآخرة الذي لايبيد ولا ينفد ولا يتناهى .
قال : وما هو ؟ قال رسول الله قعدت يا أبا جهل تتناول من دجاجة مسمنة أسمطتها
(1) فلما وضعت يدك عليها استأذن عليك أخوك
(2) أبو البختري بن هشام ، فأشفقت عليه
(3) أن يأكل منها
--------------------
(1) أى شويتها ، ( استطبتها ) ب ، س ، ص ، ق ، د ، والبحار .
(2) غير خفى أن أباجهل مخزومى ، والبخترى أسدى ، وانما اطلق لفظ ( أخوك ) لا للنسب أو لاتحاد اسم الاب: ( هشام ) ـ كما قد يتوهم البعض ـ بل لان الكفر ملة واحدة كما أن المؤمنين اخوة ، لا في النسب أو القومية والعشيرة ، وانما هى في العقيدة والفضيلة الالهية (الدين) كما قال تعالى : ( انما المؤمنون اخوة ) الحجرات : 10 ، وفى الخطاب لمريم ( يا اخت هارون ) مريم : 28 .
(3) أى خفت وحذرت وحرصت . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 438_
وبخلت ، فوضعتها تحت ذيلك ، وأرخيت عليها ذيلك حتى انصرف عنك .
فقال أبوجهل : كذبت يا محمد ، ما من هذا قليل ولا كثير ، ولا أكلت من دجاجة ولا ادخرت منه شيئا ، فما الذي فعلته بعد أكلي الذي زعمته ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كان عندك ثلاثمائة دينار لك ، وعشرة آلاف دينار ودائع الناس عندك : المائة ، والمائتان ، والخمسائة ، والسبعمائة ، والالف ، ونحو ذلك إلى تمام عشرة آلاف، مال كل واحد في صرة ، وكنت قد عزمت على أن تختانهم (1) وقد كنت جحدتهم ومنعتهم ، واليوم لما أكلت من هذه الدجاجة أكلت زورها (2) وادخرت الباقي ، ودفنت هذا المال أجمع مسرورا فرحا باختيانك عباد الله، واثقا بأنه قد حصل لك ، وتدبير الله في ذلك خلاف تدبيرك .
فقال أبوجهل : وهذا أيضا يا محمد ، فما أصبت منه قليلا ولا كثيرا ، وما دفنت شيئا ، ولقد سرقت (3) تلك العشرة آلاف دينار الودائع التي كانت عندي .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا أبا جهل ما هذا من تلقائي فتكذبني ، وإنما هذا جبرئيل الروح الامين يخبرني به عن رب العالمين ، وعليه تصحيح شهادته وتحقيق مقالته .
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : هلم (4) يا جبرئيل بالدجاجة التي أكل منها .
فاذا الدجاجة بين يدي رسول الله.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أتعرفها يا أبا جهل ؟ فقال أبوجهل : ما أعرفها وما اخبرت عن شئ ، ومثل هذه الدجاجة المأكول بعضها في الدنيا كثير .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا أيتها الدجاجة إن أبا جهل قد كذب محمدا على جبرئيل ، وكذب جبرئيل على رب العالمين ، فاشهدي لمحمد بالتصديق ، وعلى أبي جهل بالتكذيب ، فنطقت
--------------------
(1) أى تخونهم ، واختان المال : سرقه .
(2) أى أعلى وسط الصدر ، وفى بعض النسخ ( ذروتها ) وذروة كل شئ أعلاه.
(3) على بناء المجهول.
(4) أى تعال . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 439 _