ثم قال : (وعلم آدم الاسماء كلها) أسماء أنبياء الله، وأسماء محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، والطيبين من آلهما وأسماء خيار شيعتهم وعتاة أعدائهم (ثم عرضهم ـ عرض محمدا وعليا والائمة ـ على الملائكة) أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الاظلة .
  (فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) أن جميعكم تسبحون وتقدسون وأن ترككم ههنا أصلح من إيراد من بعدكم (1) أي فكما لم تعرفوا غيب من ـ في ـ خلالكم فالحري (2) أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن ، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها .
  قالت الملائكة : (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) ـ العليم ـ بكل شئ ، الحكيم المصيب في كل فعل .
  قال الله عزوجل : (يا آدم) أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم : أسماء الانبياء والائمة فلما أنبأهم فعرفوها أخذ عليهم (3) العهد ، والميثاق بالايمان بهم ، والتفضيل لهم .
  قال الله تعالى عند ذلك : (ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والارض - سرهما ـ وأعلم ما تبدون وماكنتم تكتمون) ـ و ـ ماكان يعتقده إبليس من الاباء على آدم إن أمر بطاعته ، وإهلاكه إن سلط (4) عليه .
  ومن أعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا وأنتم أفضل منه .
  بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم ، الذين أنباكم آدم بأسمائهم ، (5) قوله عزوجل : ( واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس أبى

--------------------
(1) ( أبرار من بعدكم ) ب ، ط ، وفى ( ص ) ايرادهم بدل ( ايراد ) .
(2) أى فالاجدر
(3) ( لهم ) ب ، ص ، ط .
(4) ( تسلط ) أ .
(5) عنه البرهان : 1/ 73 ح 1 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 219 _

  واستكبر وكان من الكافرين : ( 34 101 ـ قال الامام (عليه السلام) : قال الله عزوجل : كان خلق الله لكم ما في الارض جميعا (إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) أي في ذلك الوقت خلق لكم .
  قال (عليه السلام) : ولما امتحن الحسين (عليه السلام) ومن معه بالعسكر الذين قتلوه ، وحملوا رأسه قال لعسكره : أنتم من بيعتي في حل ، فالحقوا بعشائركم ومواليكم .
  وقال لاهل بيته : قد جعلتكم في حل من مفارقتي ، فانكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم ، وما المقصود غيري ، فدعوني والقوم ، فان الله عزوجل يعينني ولا يخليني من ـ حسن ـ نظره ، كعادته في أسلافنا الطيبين .
  فأما عسكره ففارقوه .
  وأما أهله ـ و ـ الادنون من أقربائه فأبوا ، وقالوا : لا نفارقك ، ويحل بنا ما يحل بك ، ويحزننا ما يحزنك ، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنا أقرب ما نكون (1) إلى الله إذا كنا معك .
  فقال لهم : فان كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه ، فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده ـ لصبرهم ـ باحتمال المكاره .
  وأن الله وإن كان خصني ـ مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا ـ (2) من الكرامات (3) بما يسهل معها علي احتمال الكريهات (4) فان لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى .

--------------------
(1) ( يكون ) الاصل ، وما في المتن كما في البحار .
(2) اشارة إلى أنه (عليه السلام) خامس أهل الكساء ، وآخر من يستشهد منهم (عليهم السلام) .
(3) ( المكرمات ) ب ، ط ، الكرامة : أمر خارق للعادة ، والمكرمة ـ بالراء المضمومة ـ: فعل الكرم .
(4) ( المكروهات ) البحار ، الكريهة : الشدة في الحرب ، الداهية ، والمكروهة : الشدة . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 220 _
  واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم ، والانتباه في الآخرة ، والفائز من فاز فيها ، والشقي من شقى فيها أولا أحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا ، والمعتصمين بنا (1) ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون (2) ؟ قالوا : بلى يابن رسول الله.
  ـ سجود الملائكة لادم (عليه السلام) ، ومعناه : قال : إن الله تعالى لما خلق آدم ، وسواه ، وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة ، جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أشباحا خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش ، فأمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم، تعظيما له أنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الاشباح التي قد عم أنوارها الآفاق .
  فسجدوا ـ لادم ـ إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لانوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلها واستكبر ، وترفع ، وكان بابائه ذلك وتكبره من الكافرين .
  (3)
  102 ـ وقال على بن الحسين (عليهما السلام) : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ قال : يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه ، إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره ، رأى النور ، ولم يتبين (4) الاشباح .
  فقال : يا رب ما هذه الانوار ؟

--------------------
(1) ( المتعصبين لنا ) س ، ص ، ق ، د .
(2) ( مقرون ) البحار : 11 .
(3) عنه تأويل الايات : 1/ 44 ح 18 (قطعة) والبحار : 11/ 149 صدر ح 25 ، وج 45/ 90 ح 29 قطعة ، وج 26/ 326 صدر ح 10 .
(4) تبين الشئ : تأمله وتعرفه . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 221 _
  قال الله عزوجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك ، إذ كنت وعاء لتلك الاشباح .
  فقال آدم : يا رب لو بينتها لي ؟ فقال الله عزوجل : انظر يا آدم إلى ذروة العرش .
  فنظر آدم ، ووقع (1) نور أشباحنا من (2) ظهر آدم على ذروة العرش ، فانطبع فيه صور (3) أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأي أشباحنا .
  فقال : يا رب ما هذه الاشباح ؟ قال الله تعالى : يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي : هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي ، شققت له اسما من اسمي .
  وهذا علي ، وأنا العلي العظيم ، شققت له اسما من اسمي .
  وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارض ، فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم (4) فشققت لها اسما من اسمي .
  وهذان الحسن والحسين وأنا المحسن ـ و ـ المجمل شققت اسميهما من اسمي هؤلاء خيار خليقتي كرام بريتي ، بهم آخذ ، وبهم أعطي ، وبهم أعاقب ، وبهم أثيب ، فتوسل إلي بهم .
   يا آدم ، وإذا دهتك داهية ، فاجعلهم إلي شفعاءك ، فاني آليت على نفسي قسما حقا ـ أن ـ لا أخيب بهم آملا ، ولا أرد بهم سائلا .

--------------------
(1) ( واقع ) أ ، وينابيع المودة ، ( رفع ) ط ، والتأويل ، واقع الامور : دانا وباشرها ، وقع الحق : ثبت .
(2) ( في ) أ .
(3) ( صورة ) ب ، ط .
(4) ( يغربهم ويشينهم ) التأويل ، ( يعتريهم ويشينهم ) البحار ، وفى ( ب ، س ، ص ، ط ، ق ، د ) يشينهم بدل ) يسيئهم ، عره عرا : ساءه ، وشانه يشينه شينا : ضد زانه . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 222 _
  فذلك حين زلت منه الخطيئة ، دعا الله عزوجل بهم ، فتاب عليه وغفر له . (1) قوله عزوجل : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلامنها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ، فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين ، فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم ، قلنا اهبطوا منها جميعا فأما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون ) : 35 ـ 39 .
  103 ـ قال الامام (عليه السلام) : إن الله عزوجل لما لعن إبليس بابائه ، وأكرم الملائكة بسجودها لآدم، وطاعتهم لله عزوجل أمر بآدم وحواء إلى الجنة وقال : (يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلامنها) من الجنة (رغدا) واسعا (حيث شئتما) بلا تعب .
  ـ الشجرة التى نهى الله عنها ، وأنها شجرة علم محمد (صلى الله عليه وآله) : ـ (ولا تقربا هذه الشجرة) ـ شجرة العلم ـ شجرة علم محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) الذين آثرهم الله عزوجل بها دون سائر خلقه .
  فقال الله تعالى : (ولا تقربا هذه الشجرة) شجرة العلم فانها لمحمد وآله خاصة دون غيرهم ، ولا يتناول منها بأمر الله إلا هم ، ومنها ماكان يتناوله النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (2) صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والاسير حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب ولا نصب .
  وهى شجرة تميزت من بين أشجار الجنة .
  إن سائر أشجار الجنة ـ كان ـ كل نوع منه يحمل نوعا من الثمار والمأكول

--------------------
(1) عنه تأويل الايات : 1/ 44 ح 19 ، والبحار : 11/ 150 ضمن ح 25 ، وج 26/ 337 ضمن ح 10 ، والبرهان : 1/ 88 ح 13 ، وينابيع المودة : 97 .
(2) ( والحسنين ) ب ، ط . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 223 _
  وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والاطعمة .
  فلذلك اختلف الحاكون التلك (1) الشجرة ، فقال بعضهم : هي برة .
  وقال آخرون : هي عنبة ، وقال آخرون : هي تينة ، وقال آخرون : هي عنابة ، قال الله تعالى : (ولا تقربا هذه الشجرة) تلتمسان بذلك درجة محمد ـ وآل محمد ـ في (2) فضلهم ، فان الله تعالى خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم ، وهي الشجرة التي من تناول منها باذن الله عزوجل ألهم علم الاولين والآخرين من غير تعلم ، ومن تناول ـ منها ـ بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه (فتكونا من الظالمين) بمعصيتكما والتماسكما درجة قد أوثر بها غير كما إذا أردتماها (3) بغير حكم الله.
   (4) ـ وسوسة الشيطان ، وارتكاب المعصية : ـ 104 ـ قال الله تعالى : (فأزلهما الشيطان عنها) عن الجنة بوسوسته وخديعته وإيهامه ـ وعداوته ـ وغروره ، بأن بدأ بآدم فقال : (ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) إن تناولتما منها تعلمان الغيب ، وتقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة (أو تكونا من الخالدين) لا تموتان أبدا .
  (وقاسمهما) حلف لهما (إني لكما لمن الناصحين) (5) ـ الصالحين ـ.
   وكان إبليس بين لحيي (6) الحية أدخلته الجنة ، وكان آدم يظن أن الحية هي

--------------------
(1) ( لذكر ) أ ، س ، ص ، ق ، د ، التأويل والبرهان ، ( بذكر ) البحار .
(2) ( و ) البرهان .
(3) ( اذا رمتما ) ب ، ص ، ط ، ق ، د والبحار ، ( كما أردتما ) التأويل .
(4) عنه تأويل الايات : 1/ 45 ح 20 ، والبحار : 11/ 189 صدر ح 46 ، وج 8/ 179 ح 135 (قطعة) ، والبرهان : 1/ 79 صدر ح 1 .
(5) الاعراف : 20 ، 21 .
(6) ( لحيتى ) أ ، وكذا بعدها ، واللحى : عظم الحنك ، واللحيان : العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 224 _
  التي تخاطبه ، ولم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها ، فرد آدم على الحية : أيتها الحية هذا من غرور إبليس لعنه الله كيف يخوننا ربنا ؟ أم كيف تعظمين الله بالقسم به وأنت تنسبينه إلى الخيانة وسوء النظر ، وهو أكرم الاكرمين ؟ أم كيف أروم التوصل إلى ما منعني منه ربي عزوجل ، وأتعاطاه (1) بغير حكمة ؟ فلما أيس إبليس من قبول آدم منه ، عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها ، وقال : يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عزوجل حرمها عليكما ، قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له ، وتوقيركما إياه ؟ وذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة ـ الذين (2) معهم حراب يدفعون عنها سائر حيوان الجنة ـ لا تدفعك عنها إن رمتها (3) فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك ، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه ، الآمرة الناهية فوقه .
  فقالت حواء : سوف أجرب هذا .
  فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تدفعها (4) عنها بحرابها .
  فأوحى الله تعالى إليها (5) : إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره ، فأما من جعلته ممكنا مميزا مختارا ، فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه ، فان أطاع استحق ثوابي ، وإن عصى وخالف ـ أمري ـ استحق عقابي وجزائي .
  فتركوها ولم يتعرضوا لها ، بعد ما هموا بمنعها بحرابهم ، فظنت أن الله نهاهم عن منعها لانه قد أحلها بعد ما حرمها .

--------------------
(1) ( أو نعاطى ) أ .
(2) كذا في المستدرك ، وفى الاصل : التى .
(3) رام الشئ : أراده ، وفى البحار بلفظ ( لا يدفعونكما عنها ان رمتما فاعلما بذلك ) .
(4) ( تمنعها ) أ .
(5) أى إلى الملائكة . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 225 _
  فقالت : صدقت الحية ، وظنت أن المخاطب لها هي الحية ، فتناولت منها ولم تنكر (1) من نفسها شيئا .
  فقالت لادم: ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا ؟ تناولت منها فلم تمنعني أملاكها ، ولم أنكر شيئا من حالي (2) .
  (فذلك حين) (3) أغتر آدم وغلط فتناول ، فأصابهما ـ ما ـ قال الله تعالى في كتابه : (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما) بوسوسته وغروره (مما كانا فيه) من النعيم (4) (وقلنا) يا آدم وياحواء ويا أيتها الحية ويا إبليس (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) آدم وحواء وولدهما عدو للحية ، وإبليس والحية وأولادهما أعداؤكم (ولكم في الارض مستقر) منزل ومقر للمعاش (ومتاع) منفعة (إلى حين) الموت (5)
  105 ـ قال الله تعالى : ( فتلقى آدم من ربه كلمات ) يقولها ، فقالها (فتاب) الله (عليه ـ بها ـ إنه هو التواب الرحيم) ـ التواب ـ القابل للتوبات ، الرحيم بالتائبين (قلنا اهبطوا منها جميعا) كان أمر في الاول أن يهبطا ، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا ، لا يتقدم أحدهم الآخر .
  والهبوط إنما كان (6) هبوط آدم وحواء من الجنة ، وهبوط الحية أيضا منها فانها كانت من أحسن دوابها ، وهبوط إبليس من حواليها ، فانه كان محرما عليه دخول الجنة .
  (فاما يأتينكم مني هدى) يأتيكم (7) ـ وأودلاكم من بعدكم ـ مني هدى .

--------------------
(1) تنكر الرجل : تغير عن حال تسره إلى حال يكرهها .
(2) ( ذلك ) ب س ، ص ، ط ، ق ، د والبرهان .
(3) ( فلذلك حين ) أ ، ( فلذلك ) البحار .
(4) ( النعم ) ب ، ط .
(5) عنه البحار : 11/ 190 ضمن ح 47 ، والبرهان : 1/ 79 ح 1 ، ومستدرك الوسائل : 2/ 286 ح 7 .
(6) ( هو ) أ .
(7) ( يأتينكم ) أ ، ص . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 226 _
  يا آدم ويا إبليس (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون ، ولاهم يحزنون إذا يحزنون .
  ـ توسل آدم (عليه السلام) بمحمد (صلى الله عليه وآله) وقبول توبته بهم (عليهم السلام) : ـ قال (عليه السلام) : فلما زلت من آدم الخطيئة ، واعتذر إلى ربه عزوجل ، قال (1) : يا رب تب علي ، واقبل معذرتي ، وأعدني إلى مرتبتي ، وارفع لديك درجتي فلقد تبين نقص (2) الخطيئة وذلها في أعضائي وسائر بدني .
  قال الله تعالى : يا آدم أما تذكر أمري إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك ، وفي النوازل ـ التي ـ (3) تبهظك ؟ قال آدم : يارب بلى .
  قال الله عزوجل (له : فتوسل بمحمد) (4) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا ، فادعني أجبك إلى ملتمسك ، وأزدك فوق مرادك .
  فقال آدم : يارب ، يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل ـ إليك ـ بهم تقبل توبتي وتغفر خطيئتي ، وأنا الذي أسجدت له ملائكتك ، وأبحته (5) جنتك وزوجته حواء أمتك ، وأخدمته كرام ملائكتك ! قال الله تعالى : يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك ـ و ـ بالسجود ـ لك ـ إذ كنت وعاءا لهذه الانوار ، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها ، وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحترز منه لكنت قد جعلت (6) ذلك .
  ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي ، فالآن فبهم فادعني لاجبك .
--------------------
(1) ( وقال ) البحار .
(2) ( بعض ) الاصل ، وما في المتن من التأويل والبحار والبرهان .
(3) من البحار . بهظه الامر : أثقله وسبب له مشقة ، وفى ( أ ) النوازل ينهضك ، وهو تصحيف .
(4) ( فهم محمد ) أ ، س .
(5) ( والجنة ) أ ، واستظهرها : اسكنته .
(6) ( فعلت ) التأويل والبرهان . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 227 _
  فعند ذلك قال آدم : ( اللهم ـ بجاه محمد وآله الطيبين ـ (1) بجاه محمد وعلي وفاطمة ، والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت ـ علي ـ بقبول توبتي وغفران زلتي (2) وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي ) .
   فقال الله عزوجل : قد قبلت توبتك ، وأقبلت برضواني عليك ، وصرفت آلائي ونعمائي إليك وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي ، ووفرت نصيبك من رحماتي .
  فذلك قوله عزوجل : (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) (3) .
  106 ـ ثم قال عزوجل : للذين أهبطهم ـ من آدم وحواء وإبليس والحية ـ : (ولكم في الارض مستقر) مقام فيها تعيشون ، وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي للاخرة ، فطوبى لمن (تزود منها) (4) لدار البقاء (ومتاع إلى حين) لكم في الارض منفعة إلى حين موتكم ، لان الله تعالى منها يخرج زروعكم وثماركم ، وبها ينزهكم وينعمكم ، وفيها أيضا بالبلايا (5) يمتحنكم .
  يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكركم (6) نعيم الآخرة الخالص ، مما ينقص (7) نعيم الدنيا ويبطله ، ويزهد فيه ويصغره ويحقره .
  ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي ـ قد ـ تكون في خلالها (الرحمات ، وفي تضاعيفها

--------------------
(1) من التأويل والبحار والبرهان .
(2) ( خطيئتى ) البرهان .
(3) عنه تأويل الايات : 1/ 46 ح 21 ، والبحار : 11/ 191 ضمن ح 47 ، والبرهان : 1/ 87 صدر ح 12 ، وغاية المرام : 394 صدر ح 7 .
(4) ( تروضها ) أ ، ( يروضها ) س ، ص ، ق ، د ، والبحار ، راض يروض روضا ورياضة المهر : ذلله وطوعه وعلمه السير .
(5) ( بالبلاء ) ب ، ط .
(6) ( لتذكروا ) ب ، س ، ص ، ط ، ق ، د ، والبحار .
(7) ( ينغص ) ق ، د . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 228 _
  النعم التي) (1) ، تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب (2) الابد الذي لا يشوبه عافية ، ولا يقع في تضاعيفه راحة ولا رحمة .
  ( فتلقى آدم ) قد فسر ، ( وقلنا اهبطوا ) قد فسر .
  ثم قال الله عزوجل : (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) : الدالات على صدق محمد (صلى الله عليه وآله) على ما جاء به من أخبار القرون السالفة ، وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي (عليه السلام) وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيد البريات (اولئك) الدافعون لصدق محمد في إنبائه ـ والمكذبون له في نصبه (3) لاوليائه ـ علي سيد الاوصياء ، والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين (أصحاب النارهم فيها خالدون) (4).
  قوله عزوجل : ( يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى اوف بعهدكم واياى فارهبون ) .
   40 107 ـ قال الامام (عليه السلام) : قال الله عزوجل : (يا بني إسرائيل) ولد (5) يعقوب إسرائيل الله (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) لما بعثت محمدا (صلى الله عليه وآله) ، وأقررته في مدينتكم ، ولم أجشمكم الحط والترحال إليه ، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله .
  (وأوفوا بعهدي) الذي أخذته على أسلافكم ، أنبياؤهم (6) وأمروهم (7) أن يؤدوه

--------------------
(1) ( الزحمات وفي تضاعيفها النقمات المجحفة ) الاصل ـ والظاهر أنها تصحيف بقرينة العبارة اللاحقة ، وما في المتن كما في البحار .
(2) ( عقاب ) أ .
(3) ( تصديقه ) ص ، البحار .
(4) عنه البحار : 11/ 192 ضمن ح 47 إلى قوله ( الطيبين الطاهرين ) ، والبرهان : 1/ 88 ذ ح 12 ، وغاية المرام : 394 ح 7 إلى قوله ( راحة ولا رحمة ) .
(5) ( أولاد ) ب ، س ، ص ، ق ، د ، ط .
(6) ( أنبياؤكم ) البحار : 9 .
(7) ( وأمرهم ) أ . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 229 _
  إلى أخلافهم ليؤمنوا بمحمد العربي ـ القرشي ـ الهاشمي ، المبان بالآيات ، والمؤيد بالمعجزات التي منها : أن كلمته ذراع مسمومة ، وناطقه ذئب ، وحن إليه عود المنبر وكثر الله له القليل من الطعام ، وألان له الصلب (1) من الاحجار ، وصلب له المياه السيالة (2) ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها .
  والذى جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالب (عليه السلام) شقيقه ورفيقه ، عقله من عقله ، وعلمه من علمه ، ـ وحكمه من حكمه ـ وحلمه من حلمه ، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر ، وعلمه الفاضل ، وفضله الكامل .
  (أوف بعهدكم) الذي أوجبت به لكم نعيم الابد في دار الكرامة ومستقر لرحمة .
  (وإياي فارهبون) في مخالفة محمد (صلى الله عليه وآله) ، فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي ، وهم لايقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي (3).
  قوله عزوجل : ( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لم معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا واياى فاتقون ) .
   41 108 ـ قال الامام (عليه السلام) : ـ ثم ـ قال الله عزوجل لليهود : (وآمنوا) أيها اليهود (بما أنزلت) على محمد ـ نبيي ـ من ذكر نبوته ، وإنباء إمامة أخيه علي (عليه السلام) وعترته ـ الطيبين ـ الطاهرين (مصدقا لما معكم) فان مثل هذا الذكر (4) في كتابكم أن محمدا النبي سيد الاولين والآخرين ، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين فاروق هذه الامة ، وباب مدينة الحكمة ، ووصي رسول ـ رب ـ (5) الرحمة .
  (ولا تشتروا بآياتي) المنزلة لنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ، وإمامة علي (عليه السلام) ، والطيبين

--------------------
(1) ( الصلد ) أ ، صلدت الارض: صلبت .
(2) ( السائلة ) س ، السيال : الشديد السيل .
(3) عنه تأويل الايات : 1/ 50 ح 25 ، البحار : 9/ 178 صدر ح 6 ، ج 26/ 287 ح 47 والبرهان : 1/ 90 ح 1 .
(4) ( لذكر ) أ .
(5) من التأويل والبحار . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 230 _
  من عترته (ثمنا قليلا) بأن تجحدوا نبوة النبي ـ محمد ـ (صلى الله عليه وآله) وإمامة الامام ـ علي ـ (عليه السلام) ـ وآلهما ـ وتعتاضوا عنها عرض (1) الدنيا ، فان ذلك وإن كثر فالى نفاد وخسار وبوار .
  ثم قال الله عزوجل : (وإياي فاتقون) في كتمان أمر محمد (صلى الله عليه وآله) وأمر وصيه (عليه السلام) .
  فانكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي ، بل حجج الله عليكم قائمة ، وبراهينه بذلك واضحة ، قد قطعت معاذيركم ، وأبطلت تمويهكم .
  وهؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وخانوه ، وقالوا : نحن نعلم أن محمدا نبي ، وأن عليا وصيه ، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا ـ يشيرون إلى علي (عليه السلام) ـ فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم ، وخفافهم التي في أرجلهم ، يقول كل واحد منها للابسه : كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) هذا ، والوصي علي هذا ، ولو أذن الله (2) لنا لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم .
  فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن الله عزوجل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات .
   ولو تزيلوا (3) لعذب ـ الله ـ (4) هؤلاء عذابا أليما ، إنما يعجل من يخاف الفوت (5) قوله عزوجل : " ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين .
   أتأمرون الناس بالبر

--------------------
(1) العرض ـ بالفتح ـ : اسم لما لادوام له ، حطام الدنيا .
(2) ( أذنا ) أ ، ( أذن ) البحار : 9 .
(3) ( يزيلوا ) أ ، وتزايلوا : تفرقوا ، أى لو تميزت ذرياتهم المؤمنات عن أصلابهم لعذبهم الله.
(4) من التأويل والبحار : 24 .
(5) عنه تأويل الايات : 1/ 51 ح 26 ، البحار : 9/ 179 ضمن ح 6 ، وج 24/ 393 ح 113 ، وج 69/ 341 (قطعة) ، وج 70/ 267 (قطعة) والبرهان : 1/ 91 ح 1 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 231 _
  وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون .
  واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين.
  الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وانى فضلتكم على العالمين .
  (واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون .
  واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) : 42 ـ 49 .
  109 ـ قال الامام (عليه السلام) : خاطب الله بها قوما من اليهود لبسوا (1) الحق بالباطل بأن زعموا أن محمدا (صلى الله عليه وآله) نبي ، وأن عليا وصي ، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة .
  فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أترضون التوراة بيني وبينكم حكما ؟ قالوا : بلى .
  فجاؤا بها ، وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها ، فقلب الله عزوجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون ، وهو في يد قراءين (2) منهم ، مع أحدهما أوله ، ومع الآخر آخره فانقلب ثعبانا ، له رأسان ، ـ و ـ تناول كل رأس منهما يمين من هو في يده ، وجعل يرضضه ويهشمه ، ويصيح الرجلان ويصرخان .
  وكانت هناك طوامير أخر فنطقت وقالت : لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرءا مافيها من صفة محمد (صلى الله عليه وآله) ونبوته ، وصفة علي (عليه السلام) وإمامته على ما أنزل الله تعالى فيها (3) .
  فقرءاه صحيحا ، وآمنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله.

--------------------
(1) ( ألبسوا ) ب ، ط ، والبرهان .
(2) ( قارئين ) التأويل ، والبحار ، والقراء ـ بفتح القاف وتشديد الراء ـ الحسن القراءة ، ج قراؤون .
(3) أى في التوراة ، وفى ب ، ص ، ط ، والبحار : فيه . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 232 _
  فقال الله عزوجل (ولا تلبسوا الحق بالباطل) بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه (وتكتموا الحق) من نبوة هذا ، وإمامة هذا (وأنتم تعلمون) أنكم تكتمونه وتكابرون علومكم وعقولكم ، فان الله إذا كان قد جعل أخباركم حجة ، ثم جحدتم لم يضيع ـ هو ـ حجته ، بل يقيمها من غير جهتكم (1) فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم وتقاهرونه (2).
  ثم قال الله عزوجل لهؤلاء : (وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة واركعوا مع الراكعين) .
  110 ـ قال : (أقيموا الصلوة) المكتوبات (3) التي جاء بها محمد (صلى الله عليه وآله) ، وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين الذين علي سيدهم وفاضلهم .
  (وآتوا الزكوة) من أموالكم إذا وجبت ، ومن أبدانكم إذا لزمت ، ومن معونتكم إذا التمست .
  (واركعوا مع الراكعين) تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله عزوجل في انقياد لاولياء الله: لمحمد نبي الله، ولعلي ولي الله، وللائمة بعدهما سادة أصفياء الله(4).
  ـ حديث ان الصلوات الخمس كفارة للذنوب :
  111 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من صلى الخمس كفر الله عنه من الذنوب ما بين كل صلاتين ، وكان كمن على بابه نهرجار يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ـ و ـ لا يبقي عليه

--------------------
(1) ( حجتكم ) البحار : 9 .
(2) عنه تأويل الايات : 1/ 52 ح 27 ، والبحار : 9/ 307 صدر ح 10 ، والبرهان : 1/ 91 صدر ح 1 ، ومدينة المعاجز : 79 ح 199 .
(3) ( المكتوبة ) ق ، د .
(4) عنه تأويل الايات : 1/ 53 ح 28 ، والبحار : 24/ 395 ح 114 ، وج 74/ 308 صدر ح 62 ، وج 96/ 6 (قطعة) والبرهان : 1/ 92 ذ ح 1 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 233 _
  من الدرن (1) شيئا إلا الموبقات التي هي جحد النبوة و (2) الامامة أو ظلم إخوانه المؤمنين أو ترك التقية حتى (3) يضر بنفسه وباخوانه المؤمنين (4).

فضل الزكاة

  112 ـ ومن أدى الزكاة من ماله طهر من ذنوبه .
  ومن أدى الزكاة من بدنه في دفع ظلم قاهر عن أخيه ، أو معونته على مركوب له ـ قد ـ سقط عنه (5) متاع لا يأمن تلفه ، أو الضرر الشديد عليه ـ به ـ قيض الله له في عرصات القيامة ملائكة يدفعون عنه نفخات (6) النيران ، ويحيونه بتحيات أهل الجنان ، ويرفعونه (7) إلى محل الرحمة والرضوان .
  ومن ادى زكاة جاهه بحاجة يلتمسها لاخيه فقضيت له ، أو كلب سفيه (يظهر) (8) غيبته فألقم ذلك الكلب بجاهه حجرا ، بعث الله عليه في عرصات القيامة ملائكة عددا كثيرا وجما غفيرا لا يعرف (9) عددهم إلا الله، يحسن فيه بحضرة الملك الجبار

--------------------
(1) ( الذنوب ) ص ، البحار والمستدرك ، قال ابن منظور في لسان العرب : 13/ 153 : وفى حديث : الصلوات الخمس تذهب الخطايا كما يذهب الماء الدرن ، أى الوسخ .
(2) ( أو ) البحار .
(3) ( لمن ) أ ، ( حين ) ص .
(4) عنه البحار : 74/ 308 ضمن ح 62 ، وج 82/ 219 ح 40 ، ومستدرك الوسائل : 1/ 170 ح 10 ، وج 2/ 374 ح 6 .
(5) ( عليه ) أ ، والمستدرك .
(6) ( نفخات ) ب ، ط ، والبحار ، والظاهر أن ما في المتن كما في قوله تعالى ( ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك )الانبياء : 46 أى ( أدنى شئ من العذاب ) كما في تفسير الفيض الكاشانى ، أو ( قطعة منه ) كما في كتب اللغة ، أقول لعلهما تصحيف ( لفحات ) باعتبار أن اللفح لكل حار ، والنفح لكل بارد كما قال الجوهرى وابن الاعرابى ، ومصداق ذلك قوله تعالى ( تلفح وجوههم النار ) المؤمنون : 104 (انظر لسان العرب : 2/ 578 و 623) .
(7) ( يزفونه ) أ ، البحار والمستدرك ، ( يرقونه ) س ، ص ، ق ، د ، زف : أسرع، ورقي : صعد .
(8) ( سفه بظهر ) أ .
(9) ( يعلم ) أ ، ص ، البحار . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 234 _
  الكريم (1) الغفار محاضرهم ويجمل فيه قولهم ، ويكثر عليه ثناؤهم ، وأوجب الله عزوجل له بكل قول من ذلك ما هو أكثر من ملك الدنيا بحذافيرها مائة ألف مرة (2).

حديث من تواضع لاخوانه المؤمنين

  113 ـ ومن تواضع مع المتواضعين ، فاعترف بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وولاية علي والطيبين من آلهما ، ثم تواضع لاخوانه وبسطهم (3) وآنسهم ، كلما ازداد بهم برأ ازداد لهم استيناسا وتواضعا ، باهى الله عزوجل به كرام ملائكته من حملة عرشه والطائفين به (4) .
  فقال لهم : أما ترون عبدي هذا المتواضع لجلال عظمتي (5)؟ ساوى نفسه بأخيه المؤمن الفقير ، وبسطه ؟ فهو لا يزداد به برأ إلا ازداد له تواضعا ؟ أشهدكم أني قد أوجبت له جناني ، ومن رحمتي ورضواني ما يقصر عنه أماني المتمني (6) .
  ولارزقنه من محمد سيد الورى ، ومن علي المرتضى ، ومن خيار عترته مصابيح الدجى ، الايناس (7) والبركة في جناني ، وذلك أحب إليه من نعيم الجنان ولو تضاعف ألف ألف ضعفها ، جزاء على تواضعه لاخيه المؤمن (8).
   114 ـ ثم قال الله عزوجل لقوم من مردة اليهود ومنافقيهم المحتجنين (9) الاموال

--------------------
(1) ( المالك ) أ .
(2) عند البحار : 74/ 309 ضمن ح 62 ، ومستدرك الوسائل : 2/ 266 ح 4 (قطعة) .
(3) (نشطهم ) أ ، بسطه ـ بالتحريك ـ : سره .
(4) ( به مباهاة ) ب ، س ، ص ، ط ، ق ، د .
(5) ( بجلالى عظمته ) أ .
(6) ( المتمنين ) أ .
(7) ( الاستيناس ) خ ل .
(8) عنه البحار : 74/ 309 ذ ح 62 .
(9) احتجن المال : ضمه إلى نفسه واحتواه ، وفى ( أ ، ب ، س ، ط ، ق ، د ) المحتجبين ، وكذا مايأتي ، حجبه :ستره ، قال المجلسى (ره) : والاول أظهر . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 235 _
  الفقراء ، المستأكلين للاغنياء (1) الذين يأمرون بالخير ويتركونه ، وينهون عن الشر ويرتكبونه ، قال :يا معاشر اليهود (أتامرون الناس بالبر) بالصدقات وأداء الامانات (وتنسون أنفسكم) أفلا تعقلون (2) ما به تأمرون (وأنتم تتلون الكتاب) : التوراة الآمرة بالخيرات الناهية عن المنكرات ، المخبرة عن عقاب المتمردين ، وعن عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين .
  (أفلا تعقلون) ما عليكم من عقاب الله عزوجل في أمركم بما به لا تأخذون ، وفي نهيكم عما أنتم فيه منهمكون .
  وكان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود وعلمائهم احتجنوا أموال الصدقات المبرات ، فأكلوها واقتطعوها ، ثم حضروا رسول الله صلى الله عليه وقد حشروا (3) عليه عوامهم يقولون : إن محمدا (صلى الله عليه وآله) تعدى طوره ، وادعى ما ليس له .
  فجاءوا بأجمعهم إلى حضرته (صلى الله عليه وآله) ، وقد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقتلوه ، ولو أنه في جماهير أصحابه ، لا يبالون بما أتاهم به الدهر .
  فلما حضروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا بين يديه ، قال لهم رؤساؤهم ـ وقد واطؤوا عوامهم ـ على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم .
  فقال رؤساؤهم (4) : يا محمد (5) تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى وسائر الانبياء (عليهم السلام) المتقدمين ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أما قولي إني رسول الله فنعم ، وأما أن أقول (6) إني نظير

--------------------
(1) يستأكل الاغنياء : يأخذ أموالهم .
(2) ( تفعلون ) البحار .
(3) ( هرشوا ) أ ، ( حرشوا ) ص ، ق د ، والبحار ، هرش بين الناس : أفسد ، والحرش : الخديعة ، وحشر الناس : جمعم .
(4) ( فقالوا ) أ .
(5) ( يا محمد حيث ) أ ، ( جئت يا محمد ) البحار .
(6) ( قولى ) أ . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 236 _
  موسى و ـ سائر ـ الانبياء فما أقول هذا ، وما كانت لاصغر ما (قد) عظمه الله تعالى من قدري ، بل قال ربي : يا محمد إن فضلك على جميع النبيين والمرسلين والملائكة المقربين كفضلي ـ وأنا رب العزة ـ على سائر الخلق أجمعين .
  وكذلك قال الله تعالى لموسى (عليه السلام) لما ظن أنه قد فضله على جميع العالمين .
  فغلظ ذلك على اليهود ، وهموا بقتله ، فذهبوا يسلون سيوفهم ، فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف ، يابسا لا يقدر أن يحركها ، وتحيروا .
  فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ و ـ قد ـ (1) رأى مابهم من الحيرة ـ : لا تجزعوا فخير (2) أراده الله تعالى بكم ، منعكم من الوثوب على وليه ، وحبسكم على استماع حجته في نبوة محمد ووصية أخيه علي .
  ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ـ يا ـ معاشر اليهود هؤلاء رؤساؤكم كافرون ، ولاموالكم محتجنون ولحقوقكم باخسون ، ولكم ـ في قسمة من بعدما اقتطعوه ـ ظالمون يخفضون ، ويرفعون .
  فقالت رؤساء اليهود : حدث عن مواضع الحجة ، أحجة نبوتك ووصية علي أخيك هذا ، دعواك الاباطيل ، وإغراؤك قومنا بنا ؟فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ـ لا ـ (3) ولكن الله عزوجل قد أذن لنبيه أن يدعو بالاموال التي خنتموها بهؤلاء الضعفاء ، ومن يليهم ، فيحضرها ههنا بين يديه ، وكذلك يدعو حسباناتكم (4) فيحضرها لديه ، ويدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فينطق باقتطاعهم جوارحهم ، وكذلك ينطق باقتطاعكم جوارحكم .
  ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا ملائكة ربي احضروني أصناف الاموال التي اقتطعها

--------------------
(1) من البحار .
(2) ( فحين ) أ ، تصحيف ظ .
(3) ليس في البحار .
(4) ( حساباتكم ) أ ، وكذا بعدها ، والمعنى واحد ، فالحسبان ـ بالضم ـ : الحساب . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 237 _
  هؤلاء الظالمون لعوامهم .
  فاذا الدراهم في الاكياس والدنانير ، وإذا الثياب والحيوانات وأصناف الاموال منحدرة عليهم ـ من حالق ـ (1) حتى استقرت بين أيديهم .
  ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ائتوا بحسبانات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الفقراء (2) .
  فاذا الادراج (3) تنزل عليهم ، فلما استقرت على الارض، قال : خذوها .
  فأخذوها فقرأوا فيها : نصيب كل قوم كذا وكذا .
  فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا ملائكة ربي اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوه منه (4) وبينوه (5) .
  فظهرت كتابة بينة : لابل نصيب كل واحد (6) كذا وكذا ، فاذاهم قد خانوا عشرة أمثال ما دفعوا إليهم .
  ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا ملائكة ربي ميزوا بين (7) هذه الاموال الحاضرة ـ في ـ كل ما فضل ، عما بينه (8) هؤلاء الظالمون لتؤدى إلى مستحقه .
  فاضطربت تلك الاموال ، وجعلت تنفصل بعضها من بعض ، حتى تميزت أجزاء كما ظهر في الكتاب المكتوب ، وبين أنهم سرقوه واقنطعوه؟؟ ، فدفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى من حضر من عوامهم نصيبه ، وبعث إلى من غاب ـ منهم ـ فأعطاه ، وأعطى ورثة من قد مات ، وفضح الله رؤساء اليهود وغلب الشقاء على بعضهم وبعض العوام

--------------------
(1) من البحار ، ( خالق ) أ ، ( سارح ) البرهان ، يقال : جاء من حالق : من أى كان مشرف .
(2) ( الضعفاء ) ص .
(3) الدرج : ما يكتب فيه .
(4) ( منهم ) الاصل ، وما في المتن كما في البحار والبرهان .
(5) قال المجلسى (رحمه الله) : أى وما بينوه وأظهروه وأعطوه مستحقه ، أو هو بصيغة الامر خطابا للملائكة ، وهو أظهر .
(6) ( قوم ) أ ، والبرهان .
(7) ( من ) أ ، ص .
(8) ( بينه وبين ) ب ، س ، ص ، ط والبرهان . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 238 _
  ووفق (1) الله بعضهم .
  فقال ـ له ـ (2) الرؤساء الذين هموا بالاسلام : نشهد يا محمد أنك النبي الافضل ، وأن أخاك هذا ـ هو ـ الوصى الاجل الاكمل فقد فضحنا الله بذنوبنا ، أرأيت إن تبنا ـ عما اقتطعنا ـ وأقلعنا؟؟ ماذا تكون حالنا ؟ قال رسول الله: إذن أنتم في الجنان رفقاؤنا ، وفي الدنيا ـ و ـ في دين الله إخواننا ويوسع الله تعالى أرزاقكم ، وتجدون في مواضع هذه الاموال التي أخذت منكم أضعافها ، وينسى هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم .
  فقالوا : ـ ف ـ انا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك يا محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله .
   وأن عليا أخوك ووزيرك ، والقيم بدينك ، والنائب عنك والمقاتل (3) دونك ، وهو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك .
  فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فأنتم (4) المفلحون (5).
  115 ـ ثم قال الله عزوجل لسائر اليهود والكافرين المظهرين : (6) (واستعينوا بالصبر والصلوة) ـ أي بالصبر ـ عن الحرام ـ و ـ (7) على تأدية الامانات ، وبالصبر على الرئاسات الباطلة ، وعلى الاعتراف لمحمد بنبوته ولعلي بوصيته .
  (واستعينوا بالصبر) على خدمتهما ، وخدمة من يأمرانكم (8) بخدمته على

--------------------
(1) ( وقى ) س .
(2) من البحار .
(3) ( الفاضل على من ) أ . ( المناضل ) س ، ص ، ق ، د ، والتأويل والبحار .
(4) ( فاذا أنتم ) س ، ص .
(5) عنه تأويل الايات : 1/ 53 ح 30 باختصار ، والبحار : 9/ 308 ضمن ح 10 ، والبرهان : 1/ 92 ح 1 ، ومستدرك الوسائل : 2/ 363 ح 2 (قطعة) .
(6) ( المشركين ) س ، ص ، ق .
(7) من التأويل ، وفيه وفى خ ل ( عن ) بدل على ، وصبر على الامر : شجع وتجلد فهو صابر ،وصبر عن الشئ : أمسك ، يقال : صبرت على ما أكره ، وصبرت عما أحب .
(8) ( يأمركم ) أ . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 239 _
  استحقاق الرضوان والغفران ودائم نعيم الجنان في جوار الرحمن ، ومرافقة خيار المؤمنين ، والتمتع بالنظر إلى عزة (1) محمد سيد الاولين والآخرين ، وعلي سيد الوصيين والسادة الاخيار المنتجبين ، فان ذلك أقر لعيونكم ، وأتم لسروركم ، وأكمل لهدايتكم من سائر نعيم الجنان .
  واستعينوا أيضا بالصلوات الخمس ، وبالصلاة على محمد وآله الطيبين (على قرب الوصول إلى جنات النعيم) (2).
  (وإنها) أي هذه الفعلة من الصلوات الخمس ، و ـ من ـ الصلاة على محمد وآله الطيبين مع (3) الانقياد لاوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم ؟ وكيف ؟ (لكبيرة) ـ ل ـ عظيمة .
  (إلا على الخاشعين) الخائفين من عقاب (4) الله في مخالفته في أعظم فرائضه .
   (5)
  116 ـ ثم وصف الخاشعين فقال :( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون ) الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم ، اللقاء الذي هو أعظم كراماته لعباده وإنما قال : (يظنون) لانهم لا يدرون بماذا يختم لهم (6) والعاقبة مستورة عنهم (وأنهم إليه راجعون) إلى كراماته ونعيم جناته ، لايمانهم وخشوعهم ، لا يعلمون ذلك يقينا لانهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا (7).

--------------------
(1) ( غرة ) س ، ص ، والتأويل ، ( عترة ) ب ، ط ، والبحار .
(2) ( مع الانقياد لاوامرهم والايمان بسرهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف ) أ ، وهو من اشتباهات النساخ ، ظ .
(3) ( و ) أ .
(4) ( عذاب ) أ .
(5) عنه تأويل الايات : 1/ 54 ح 31 ، والبحار : 24/ 395 ح 114 ، وج 82/ 192 (قطعة) والبرهان : 1/ 94 صدر ح 1 .
(6) ( بهم ) أ .
(7) عنه المحتضر : 22 ، والبحار : 6/ 176 صدر ح 2 ، وج 71/ 366 صدر ح 13 ، والبرهان : 1/ 94 ضمن ح 1 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 240_
ورود ملك الموت على المؤمن، واراءته منازله وسادته
  117 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة ، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع (1) روحه وظهور ملك الموت له .
  وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته ، وعظيم (2) ضيق صدره بما يخلفه من أمواله ، ولما هو (3) عليه من ـ شدة ـ اضطراب أحواله في معامليه وعياله (4) ـ و ـ قد بقيت في نفسه حسراتها ، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها .
  فيقول (5) له ملك الموت : مالك تجرع (6) غصصك ؟ فيقول : لاضطراب أحوالي ، واقتطاعك لي دون ـ أموالي و ـ آمالي (7) .
  فيقول له ملك الموت : وهل يحزن (8) عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا ؟ فيقول : لا .
  فيقول ملك الموت : فانظر فوقك ، فينظر ، فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الاماني ، فيقول ملك الموت : تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا ، فهم (9) هناك معك أفترضى به (10) بدلا مما هناك (11) ؟ فيقول : بلى والله.
  ثم يقول : انظر . فينظر ، فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين

--------------------
(1) ( نزوع ) أ ، والبرهان .
(2) ( عظم ) ب ، ط ، والتأويل .
(3) ( وعياله وماهو ) التأويل ، البحار : 24 .
(4) ( معاطبه وعقباته ) البرهان ، وفى ( أ ) معاملته بدل ( معامليه ) .
(5) ( قال ) أ ، ب ، س ، ط .
(6) ( تتجرع ) التأويل والبحار : 24 ، جرع الماء : ابتلعه بمرة .
(7) ( أمانى ) ب ، س ، ط ، والتأويل .
(8) ( يجزع ) التأويل ، والبحار : 24 ، والبرهان .
(9) ( فهو ) أ .
(10) ( بهم ) أ .
(11) ( ههنا ) ب ، ط ، ق ، د ، والتأويل ، ( هنالك ) المحتضر . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 241 _
  فيقول ـ له ـ : أو تراهم ؟ هؤلاء ساداتك وأئمتك ، هم هناك جلاسك (1) واناسك ـ أ ـ فما ترضى بهم بدلا مما (2)تفارق ههنا ؟ فيقول : بلى وربي .
  فذلك ما قال الله عزوجل : (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا) (3) فما أمامكم من الاهوال فقد كفيتموها (ولا تحزنوا) على ما تخلفونه من الذراري والعيال ـ والاموال ـ، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) هذه منازلكم ، وهؤلاء ساداتكم واناسكم وجلاسكم (4) .
  (5) ثم قال الله عزوجل : ( يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين )
   118 ـ قال الامام (عليه السلام) : قال : اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم أن بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة ، فهديناهم (6) إلى نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ووصية ـ علي ـ وإمامة عترته الطيبين .
  وأخذنا عليكم (7) بذلك العهود والمواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين (8) لكراماته ورضوانه .
  (وأني فضلتكم على العالمين) هناك ، أي فعلته بأسلافكم ، فضلتهم دينا ودنيا :

--------------------
(1) ( جلساؤك ) أ ، والجلاس : جمع الجليس ، والاناس ـ جمع الانس ـ من تأنس به .
(2) ( ممن ) أ .
(3) فصلت : 30 .
(4) ( جلساؤكم ) خ ل .
(5) عنه تأويل الايات : 2/ 537 ح 1 ، والمحتضر : 22 ، والبحار : 6/ 176 ضمن ح 2 وج 24/ 26 ح 4 ، وج 71/ 366 ذ ح 13 (قطعة) والبرهان : 4/ 111 ح 12 ، ومدينة المعاجز : 187 .
(6) ( فهديناكم ) أ ، ( فهدينا ) ب ، ط .
(7) ( عليهم ) أ ، والمقصود أوفوا بعهدى الذى أخذته عليكم بلسان أنبيائكم وأسلافكم لتؤمنن بمحمد .
(8) ( المستحقين ) أ ، ب ، س ، ط ، والبرهان . (*)


تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 242 _
  أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم نبوة محمد ـ وولاية علي ـ (1) وآلهما الطيبين .
  وأما ـ تفضيلهم ـ في الدنيا فبأن ظللت (2) عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المن والسلوى وسقيتهم من حجر ماءا عذبا ، وفلقت لهم البحر ، فأنجيتهم وأغرقت أعداءهم فرعون وقومه ، وفضلتهم بذلك ـ على ـ عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم ، وحادوا عن سبيلهم ثم قال الله عزوجل ـ لهم ـ : فاذا كنت ـ قد ـ فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولايه محمد وآله ، فبالحري (3) أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما آخذ من العهد والميثاق عليكم .
   (4) 119 ـ ثم قال الله عزوجل : (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) لا تدفع عنها عذابا قد استحقته (5) عند النزع .
  (ولا يقبل منها شفاعة) يشفع (6) لها بتأخير الموت عنها ،(ولا يؤخذ منها عدل) لا يقبل ـ منها ـ فداء ـ ب ـ مكانه يمات (7) ويترك هو .

بيان الاعراف ، ووقوف المعصومين عليه

  قال الصادق (عليه السلام) : وهذا ـ اليوم ـ يوم الموت ، فان الشفاعة والفداء لا يغني عنه .
  فأما في القيامة ، فانا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ، ليكونن (8) على الاعراف بين الجنة والنار (محمد (9) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) والطيبون من

--------------------
(1) ( ولاية محمد وعلى ) أ ، س ، ص ، ق ، د ، والبرهان ، ( ولاية محمد ) ب ، ط ، وما في المتن من البحار .
(2) ( فضللت ) أ .
(3) ( فبالاحرى ) البحار : 9 ، الحرى : الخليق والجدير والمناسب ، والاحرى : الاول.
(4) عنه البحار : 9/ 311 ضمن ح 10 ، وج 24/ 62 ح 47 ، وفيه : من العهود والمواثيق عليكم ، والبرهان : 1/ 95 صدر ح 4 .
(5) ( استحقه ) أ ، س ، والبحار : 9 .
(6) ( من يشفع ) التأويل .
(7) ( يموت الفداء ) التأويل .
(8) ( لنكونن ) أ .
(9) ( بمحمد ) أ . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 243 _
  آلهم ) فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ـ ممن كان منهم مقصرا (1) ـ في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظائرهم في (2) العصر الذي يليهم ، ثم في كل عصر إلى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقور صيدها ، فيزفونهم إلى الجنة زفا .
  وإنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام (3) فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب ، وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا .
  وسيؤتى ـ ب ـ الواحد من مقصري شيعتنا في أعماله ، بعد أن قد حاز (4) الولاية والتقية وحقوق إخوانه ، ويوقف بازائه مابين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصاب ، فيقال له : هؤلاء فداؤك من النار .
  فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة ، وأولئك (5) النصاب النار .
  وذلك ما قال الله عزوجل : (ربما يود الذين كفروا) يعني بالولاية (لو كانوا مسلمين) (6) في الدنيا منقادين للامامة ، ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار (7) (8).
  ثم قال الله عزوجل : ( واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) :
   49 120 ـ قال الامام ( عليه السلام) : قال تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل (إذ نجيناكم)

--------------------
(1) ( مضطرا ) أ .
(2) ( إلى ) أ .
(3) ( كالهمام ) خ ل .
(4) ( صان ) التأويل والبحار ، ( خار ) أ ، حاز الشئ : ضمه ، حصل عليه ، وصان الشئ : حفظه ، وخار : فتر وضعف .
(5) ( هؤلاء ) ب ، ط ، والبرهان .
(6) الحجر : 2 .
(7) كذا في التأويل ، وفى الاصل : من النار فداءهم .
(8) عنه تأويل الايات : 1/ 55 ح 32 ، والبحار : 8/ 44 ح 45 وص 337 ح 13 ، وج 9/ 311 ذ ح 10 ، والبرهان : 1/ 95 ضمن ح 4 ، وج 2/ 325 ح 4 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 244 _
  أنجينا أسلافكم (من آل فرعون) وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته (1) وبدينه ومذهبه (يسومونكم) كانوا بعذبونكم (سوء العذاب) شدة العذاب كانوا يحملونه عليكم .

فضل الصلاة على النبى وآله (صلى الله عليه وآله)

  قال : وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل ، فأمر بتقييدهم (2) فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح : فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن (3) ولا يحلفون بهم (4) إلى أن أوحى الله عزوجل إلى موسى (عليه السلام) : قل لهم : لا يبتدؤن عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم .
  فكانوا يفعلون ذلك ، فيخف عليهم ، وأمر كل من سقط وزمن ممن نسي الصلاة على محمد وآله الطيبين أن يقولها على نفسه إن أمكنه ـ أي الصلاة على محمد وآله ـ أو يقال عليه إن لم يمكنه ، فانه يقوم ولا يضره ذلك (5) ففعلوها ، فسلموا .
  (يذبحون أبناءكم) وذلك لما قيل لفرعون : إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك ، وزوال ملكك .
  فأمر بذبح أبنائهم ، فكانت الواحدة ـ منهن ـ تصانع (6) القوابل عن نفسها ـ لئلا

--------------------
(1) ( بالقرابة ) ب ، ط .
(2) ( بقيدهم ) خ ل.
(3) زمن ـ بالميم المكسورة ـ : أصابته الزمانة وهى العاهة.
(4) ( يفلجون ) أ ، لا يحفل : لا يبالي ، وفلج له : حكم له على خصمه.
(5) ( ولاتقلبه يد ) س ، ق ، د ، البحار ، يريد : أنه يقوم من غير أن تقلبه يد ويداويه أحد.
(6) المصانعة : المداراة، الرشوة. (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 245 _
  ينم (1) عليها ـ ـ ويتم ـ حملها ، ثم تلقي ولدها في صحراء ، أو غار جبل ، أو مكان غامض وتقول عليه عشر مرات الصلاةعلى محمد وآله ، فيقيض الله ـ له ـ ملكا يربيه ، ويدر من اصبع له لبنا يمصه ، ومن اصبع طعاما ـ لينا ـ يتغذاه إلى أن نشأ بنو إسرائيل وكان من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل .
 (ويستحيون نساءكم) يبقونهن (2) ويتخذونهن إماء ، فضجوا إلى موسى وقالوا : يفترعون (3) بناتنا وأخواتنا .
  فأمر الله تلك البنات كلما رابهن (4) ريب من ذلك صلين على محمد وآله الطيبين فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال ، إما بشغل أو مرض أو زمانة أو لطف من ألطافه فلم يفترش منهن أمرأة ، بل دفع الله عزوجل ذلك عنهن بصلاتهن (5) على محمد وآله الطيبين .
  ثم قال الله عزوجل : (وفي ذلكم) أي في ذلك الانجاء الذي أنجاكم منهم (6) ربكم (بلاء) نعمة (من ربكم عظيم) كبير .
   قال الله عزوجل : يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة على محمد وآله الطيبين ، أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموه ، وآمنتم به كانت النعمة عليكم أعظم ـ وأفضل ـ وفضل الله عليكم ـ أكثر ـ وأجزل ؟ (7)

--------------------
(1) ( هم ) أ ( يتم ) خ ل ، ينم : من النميمة وهى نقل الحديث من قوم إلى قوم ، وهم بالشئ : عزم عليه وقصده .
(2) ( يثقونهن ) أ .
(3) ( يفترشون ) ب ، ط ، والبحار : 94 ، والبرهان ، افترشه : وطئه ، وتسمى المرأة فراشا لان الرجل يفترشها ، والافتراع : ازالة البكارة .
(4) ( رآهن ) أ ، والبحار : 13 ، رابه ريبا : رأى منه ما يكرهه .
(5) ( لصلاتهن ) ب ، ط .
(6) ( منه ) ب ، ط .
(7) عنه البحار : 13/ 47 ح 16 ، وج 94/ 61 ح 48 ، والبرهان : 1/ 96 ح 1 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 246 _
  قوله عزوجل : ( واذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ، واذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ، ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون واذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ).
  50 ـ 53 121 ـ قال الامام (عليه السلام) : قال الله عزوجل : واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه من بعض ( فأنجيناكم ) هناك وأغرقنا (1) فرعون وقومه ( وأنتم تنظرون ) إليهم وهم يغرقون

نجاة بنى اسرائيل لاقرارهم ولاية محمد (صلى الله عليه وآله) ، وتجديدها

   وذلك أن موسى (عليه السلام) لما انتهى إلى البحر ، أوحى الله عزوجل إليه : قل لبني إسرائيل : جددوا توحيدي وأمروا (2) بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي ، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين ، وقولوا :اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء ، فان الماء يتحول لكم أرضا .
  فقال لهم موسى ذلك ، فقالوا : أتورد علينا ما نكره ، وهل فررنا (3) من ـ آل ـ فرعون إلا من خوف الموت ؟ وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات ، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا ؟ فقال لموسى (عليه السلام) كالب بن يوحنا (4) ـ وهو على دابة له ، وكان ذلك الخليج

--------------------
(1) ( أفرقنا ) أ ، أ فرق غنمه : أضلها وأضاعها .
(2) ( أقروا ) ب ، ط ، والبرهان .
(3) ( فردنا ) أ ، فرد ـ بالفتح ـ عن الشئ : تنحى واعتزل .
(4) ( يوقيا ) أ ، وذكره الطبرى في الجزء الاول من تاريخه ـ وفى أماكن متعددة منه ـ: كالب بن يوفنا ، وفى العرائس : كالب بن يوقتا ، وهو ختن موسى (عليه السلام) . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 247 _
  أربعة فراسخ ـ : يا نبي الله أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل (1) الماء ؟ فقال : نعم .
  قال : وأنت تأمرني به ؟ قال : بلى .
  ـ قال : ـ (2) فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد وولاية علي بن أبي طالب والطيبين من آلهما ما أمره به ، ثم قال : اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء .
  ثم أقحم فرسه ، فركض على متن الماء ، وإذا الماء من تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج ، ثم عاد راكضا ، ثم قال لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان ، ومغاليق أبواب النيران ، ومنزل (3) الارزاق، وجالب على عباد الله وإمائه رضى ـ الرحمن ـ المهيمن الخلاق .
  فأبوا ، وقالوا : ـ نحن ـ لا نسير إلا على الارض.
  فأوحى الله إلى موسى : (أن اضرب بعصاك البحر) (4) وقل :اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته .
  ففعل ، فانفلق ، وظهرت الارض إلى آخر الخليج ، فقال موسى (عليه السلام) : ادخلوها ، قالوا : الارض وحلة نخاف أن نرسب فيها .
  فقال الله عزوجل : يا موسى قل : اللهم بحق محمد وآله الطيبين جففها .
  فقالها ، فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت ، وقال موسى : ادخلوها ، فقالوا : يا نبي الله نحن اثنتا عشرة قبيلة بنو اثني عشر أبا ، وإن دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه ، ولا نأمن وقوع الشر بيننا ، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لامنا ما نخافه .

--------------------
(1) ( تقوله وتدخل ) أ .
(2) من البحار .
(3) ( متنزل ) ب ، ط ، ( مستنزل ) س ، ص ، ق ، د .
(4) الشعراء : 63 . (*)

تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) _ 248 _
  فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشرة ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع ، ويقول : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الارض لنا وأمط (1) الماء عنا .
   فصار فيه تمام اثني عشر طريقا ، وجف قرار الارض بريح الصبا فقال : ادخلوها .
   فقالوا : كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين .
  فقال الله عزوجل : فاضرب كل طود (2) من الماء بين هذه السكك .
   فضرب وقال : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت في هذا الماء طيقانا (3) واسعة يرى بعضهم بعضا ـ منها ـ (4) ، فحدثت طيقان واسعة يرى بعضهم بعضا ـ منها ـ (5) ثم دخلوها .
  فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه ، فدحل بعضهم ، فلما دخل آخرهم ، وهم أولهم بالخروج أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم ،فغرقوا ، وأصحاب موسى ينظرون إليهم فذلك قوله عزوجل : (وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) إليهم .
  قال الله عزوجل لبني إسرائيل في عهد محمد (صلى الله عليه وآله) : فاذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد (صلى الله عليه وآله) ، ودعاء موسى ، دعاء تقرب بهم ـ إلى الله ـ (6) أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله إذ ـ قد ـ شاهدتموه الآن ؟ (7) 122 ـ ثم قال الله عزوجل : (وإذ واعدنا موسى (8) أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل

--------------------
(1) أى أبعد .
(2) ( خلود ) أ ، والخوالد والاطواد : الجبال .
(3) ( طبقات ) أ ، والبحار ، وكذا التى تلى ، والطاق : ما عطف من الابنية أى جعل كالقوس من قنطرة ونافذة ، جطاقات وطيقان .
(4 و 5 و 6) من التأويل والبحار : 13 .
(7) عنه تأويل الايات : 1/ 56 ح 33 ، والبحار : 13/ 138 ح 345 ، وج 94/ 6 ح 8 والبرهان : 1/ 96 ح 1 ومستدرك الوسائل : 1/ 372 ح 10 .
(8) ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشرفتم ميقات ربه أربعين ليلة ) الاعراف : 142 ، والتمام خلاف النقص . (*)