ومن تأدب بأدب الله عزوجل أداه إلى الفلاج الدائم ، ومن استوصى بوصية الله كان (1) له خير الدراين (2) .
سد الابواب عن المسجد دون باب على (عليه السلام)
4 ـ ألا انبئكم ببعض أخبارنا ؟ قالوا : بلى يابن أمير المؤمنين .
قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما بنىمسجده بالمدينة وأشرع فيه بابه ، وأشرع المهاجرون والانصار (أبوابهم) أراد الله عزوجل إبانة محمد وآله الافضلين بالفضيلة ، فنزل جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى بأن سدوا الابواب عن مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن ينزل بكم العذاب .
فأول من بعث إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمره بسد الابواب العباس بن عبدالمطلب فقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله ، وكان الرسول معاذ بن جبل .
ثم مر العباس بفاطمة (عليها السلام) فرآها قاعدة على بابها ، وقد أقعدت الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فقال لها : مابالك قاعدة ؟ انظروا إليها كأنها لبوة
(3) بين يديها جرواها
(4) تظن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج عمه ، ويدخل ابن عمه .
فمر بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها : ما بالك قاعدة؟ قالت : أنتظر أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد الابواب .
فقال لها : إن الله تعالى أمرهم بسد الابواب ، واستثنى منهم رسوله ـ إنما ـ أنتم نفس رسول الله ثم إن عمر بن الخطاب جاء فقال : إني أحب النظر إليك يا رسول الله إذا مررت إلى مصلاك ، فاذن لي في فرجة
(5) أنظر إليك منها؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : قد أبي الله عزوجل ذلك .
قال : فمقدار ما أضع عليه وجهي .
قال :قد أبى الله ذلك .
قال : فمقدار ما أضع ـ عليه ـ إحدى عيني .
قال : قد أبى الله ذلك ، ولو .
--------------------
(1) ( فان ) أ .
(2) عنه البحار : 92/ 214 ح 13 ، وج 85/ 10 ح 1 (إلى نهاية الاية) .
(3 ، 4) اللبوة : ( انثى الاسد ، والجرو : ولد الاسد) .
(5) ( كوة ) أ ، ( خوخة ) البحار ، وهما بمعنى ، (*) .
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_19 _
قلت : قدر طرف إبرة لم آذن لك ، والذي نفسي (1) بيده ما أنا أخرجتكم ولا أدخلتهم ، ولكن الله أدخلهم وأخرجكم .
ثم قال (صلى الله عليه وآله) : لا ينبغي لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت في هذا المسجد جنبا إلا محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والمنتجبون من آلهم ، الطيبون من أولادهم .
قال (عليه السلام) : فأما المؤمنون فقد رضوا وسلموا ، وأما المنافقون فاغتاظوا لذلك وأنفوا ، ومشى بعضهم إلى بعض يقولون ـ فيما بينهم ـ : ألا ترون محمدا لا يزال يخص بالفضائل ابن عمه ليخرجنا منها صفرا؟ والله لئن أنفذنا له في حياته لنأبين (2) عليه بعد وفاته ! وجعل عبدالله بن أبي يصغي إلى مقالتهم ، ويغضب تارة ، ويسكن أخرى ويقول لهم : إن محمدا (صلى الله عليه وآله) لمتأله ، فاياكم ومكاشفته ، فان من كاشف المتأله انقلب خاسئا حسيرا ، وينغص عليه عيشه وإن الفطن اللبيب من تجرع على الغصة لينتهز الفرصة .
فبيناهم كذلك إذ طلع ـ علهيم ـ رجل من المؤمنين يقال له زيد بن أرقم ، فقال لهم :يا أعداء الله أبالله تكذبون ، وعلى رسوله تطعنون ودينه (3) تكيدون؟ والله لاخبرن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكم .
فقال عبدالله بن أبي والجماعة : والله لئن أخبرته بنا لنكذ بنك ، ولنحلفن ـ له ـ فانه إذا يصد قنا ، ثم والله لنقيمن عليك من يشهد عليك عنده بما يوجب قتلك أو قطعك أو حدك .
قال (عليه السلام) : ـ فأتى زيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأسر إليه ما كان من عبدالله بن أبي وأصحابه فأنزل الله عزوجل .
--------------------
(1) ( نفس محمد ) ب ، ط .
(2) ( لنتأبين ) البحار، من الاباء ، أي الامتناع .
(3) ( والله ودينه ) البحار . (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 20 _
(ولا تطع الكافرين) (1) المجاهرين (2) لك يا محمد فيما دعوتهم إليه من الايمان بالله ، والموالاة لك ولاوليائك والمعاداة لاعدائك .
(والمنافقين) الذين يطيعونك في الظاهر ، ويخالفونك في الباطن (ودع أذاهم) بما يكون منهم من القول السئ فيك وفي ذويك (وتوكل على الله) في إتمام أمرك وإقامة حجتك .
فان المؤمن هو الظاهر ـ بالحجة ـ وإن غلب في الدنيا ، لان العاقبة له لان غرض المؤمنين في كدحهم في الدنيا إنما هو الوصول إلى نعيم الابد في الجنة ، وذلك حاصل لك ولآلك ولاصحابك وشيعتهم .
(3) ثم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يلتفت إلى ما بلغه عنهم، وأمر زيدا (4) فقال ـ له ـ: إن أردت أن لا يصيبك(5) شرهم ولا ينالك مكرهم فقل إذا أصبحت :( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فان الله يعيذك من (6) شرهم ، فانهم شياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .
وإذا أردت أن يؤمنك بعد ذلك من الغرق والحرق والسرق (7) فقل إذا أصبحت :( بسم الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ) بسم الله ( ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله ) بسم الله ( ما شاء الله، ما يكون من نعمة فمن الله، ) بسم الله ( ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) بسم الله ( ما شاء الله ـ و ـ صلى الله على محمد وآله الطيبين) .
فان من قالها ثلاثا إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والسرق حتى يمسي .
ومن قالها ثلاثا إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والسرق حتى يصبح.
--------------------
(1) الاحزاب : 48 .
(2) ( المجاهدين ) خ ل .
(3) ( شيعتك ) ط .
(4) ( الرجل زيدا ) أ ، والبحار .
(5) ( ولا يبذءك ) أ ، بذأت الرجل بذاءا : رأيت منه حالا كرهتها .
(6) ( يقيك ) ب ، ط ، خ ل .
(7) ( الشرق ) خ ل ، وهو الغصة بالريق أو الماء ، (*).
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 21 _
وإن الخضر وإلياس (عليهما السلام) يلتقيان في كل موسم ، فاذا تفرقا تفرقا عن هذه الكلمات .
وإن ذلك شعار شيعتي (1) ، وبه يمتاز أعدائي من أوليائي يوم خروج قائمهم (صلى الله عليه وآله) .
قال الباقر (عليه السلام) : لما أمر العباس بسد الابواب ، وأذن لعلي (عليه السلام) في ترك بابه جاء العباس وغيره من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فقالوا : يا رسول الله ما بال علي يدخل ويخرج؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ذلك إلى الله فسلموا له تعالى حكمه ، هذا جبرئيل جاءني عن الله عزوجل بذلك .
ثم أخذه ما كان يأخذه إذا نزل عليه الوحي ثم سرى عنه فقال : يا عباس يا عم رسول الله إن جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أن عليا لم يفارقك في وحدتك ، وأنسك في وحشتك ، فلا تفارقه في مسجدك لو رأيت عليا ـ وهو يتضور (2) على فراش محمد (صلى الله عليه وآله) واقيا روحه بروحه ، متعرضا لاعدائه ، مستسلما لهم أن يقتلوه شر قتلة ـ لعلمت أنه يستحق من محمد الكرامة والتفضيل ، ومن الله تعالى التعظيم والتبجيل - إن عليا قد انفرد عن الخلق في البيتوتة على فراش محمد ووقاية روحه بروحه فأفرده الله تعالى دونهم بسلو كه في مسجده ـ لو رأيت عليا ـ يا عم رسول الله ـ وعظيم منزلته عند رب العالمين ، وشريف محله عند ملائكته المقربين ، وعظيم شأنه في أعلى عليين لاستقللت ما تراه له ههنا .
إياك يا عم رسول الله وأن تجد (3) له في قلبك مكروها فتصير كأخيك أبي لهب فانكما شقيقان .
يا عم رسول الله لو أبغض عليا أهل السماوات والارضين لاهلكهم الله ببغضه ، ولو أحبه الكفار أجمعون لاثابهم الله عن محبته بالخاتمة (4) المحمودة بأن يوفقهم للايمان
--------------------
(1) ( شعاث سيفى ) ب ، ط .
(2) ( يتصور ) أ ، أي يمتثل ويظهر نفسه كالرسول اشتياقا ورغبة .
(3) ( تتخذ ) أ .
(4) ( بالخلقة ) البحار (*) .
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 22 _
ثم يدخلهم الجنة برحمته .
يا عم رسول الله إن شأن علي عظيم ، إن حال علي جليل ، إن وزن علي ثقيل ـ و ـ ما وضع حب علي في ميزان أحد إلا رجح على سيئاته ، ولا وضع بغضه في ميزان أحد إلا رجح على حسناته .
فقال العباس: قد سلمت ورضيت يا رسول الله.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عم انظر إلى السماء .
فنظر العباس ، فقال : ماذا ترى يا عباس ؟ فقال : أرى شمسا طالعة نقية من سماء صافية جلية .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا عم رسول الله إن حسن تسليمك لما وهب الله عزوجل لعلي ـ من ـ الفضيلة أحسن من هذه الشمس في ـ هذه ـ السماء ، وعظم بركة هذا التسليم عليك أعظم وأكثر (1) من عظم بركة هذه الشمس على النبات والحبوب والثمار حيث تنضجها وتنميها ـ وتربيها ـ ، واعلم أنه قد صافاك بتسليمك لعلي قبيلة (2) من الملائكة المقربين أكثر عددا من قطر المطر وورق الشجر ورمل عالج ، وعدد شعور الحيوانات وأصناف النباتات ، وعدد خطى بني آدم وأنفاسهم وألفاظهم وألحاظهم كل يقولون : اللهم صل على العباس عم نبيك في تسليمه لنبيك فضل أخيه علي .
فاحمد الله واشكره ، فلقد عظم ربحك ، وجلت رتبتك في ملكوت السماوات .
(3) قوله عزوجل :( بسم الله الرحمن الرحيم ).
5 ـ قال الامام (عليه السلام) : ـ ( الله ) هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق ـ و ـ عند انقطاع الرجاء من كل من دونه وتقطع (4) الاسباب من جميع من سواه فيقول :
بسم الله ـ الرحمن الرحيم ـ أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة
--------------------
(1) ( أكبر ) ب ، ط .
(2) ( فضيلة ) ب ، ط .
(3) عنه البحار : 39/ 22 ح 9 وج 86/ 260 ح 29 (قطعة) ، وفى الوسائل : 1/ 489 ح 21 وج 4/ 848 ح 1 (قطعة) .
(4) ( قطع ) ب ، ط ، (*).
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 23 _
إلا له ، المغيث إذا استغيث ، والمجيب إذا دعي .
6 ـ قال الامام (عليه السلام) وهو ما قال رجل للصادق (عليه السلام) :
يابن رسول الله دلني على الله ما هو ؟ فقد أكثر المجادلون علي وحيروني .
فقال ـ له ـ (1) : يا عبدالله هل ركبت سفينة قط ؟ قال : بلى .
فقال : هل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك ؟ (2) قال : بلى .
قال : فهل تعلق قلبك هنا لك أن شيئا من الاشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك ؟ قال : بلى .
قال الصادق (عليه السلام) : فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء حين لامنجي ، وعلى الاغاثة حين لا مغيث (3) .
الافتتاح بالتسمية عند كل فعل
7 ـ وقال الصادق (عليه السلام) : ولربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فيمتحنه الله بمكروه ، لينبهه على شكر الله تعالى والثناء عليه ، ويمحو
(4) عنه وصمة تقصيره عند تركه قول ( بسم الله ـ الرحمن الرحيم) .
لقد دخل عبدالله بن يحيى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين يديه كرسي فأمره بالجلوس ، فجلس عليه ، فمال به حتى سقط على رأسه ، فأوضح عن عظم رأسه وسال الدم
--------------------
(1) من المعانى والتوحيد ، وفي ( ب ، ط ) الامام (عليه السلام) .
(2) ( ولا ساجة نعينك ) أ ، والساج : خشب يجلب من الهند ، واحدته ساجة ،
(لسان العرب : 2/ 303) .
(3) عنه البحار : 92/ 240 ح 48 ، وعنه الوسائل : 4/ 1193 صدر ح 2 ، والبحار : 3/ 41 ح 16 وعن التوحيد : 230 صدر ح 5 (باسناده عن محمد بن القاسم ، عن يوسف بن محمد ، وعلى بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي (عليهما السلام) ،
ورواه أيضا في معانى الاخبار : 4 ح 2 ، وأخرجه في البحار : 4/ 182 ح 7 والبرهان :
1/ 44 صدر ح 8 عن التوحيد والمعانى .
(4) ( يمحق ) التوحيد ، (*).
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 24 _
فأمر أمير المؤمينن (عليه السلام) بماء ، فغسل عنه ذلك الدم .
ثم قال : أدن مني فدنا منه ، فوضع يده على موضحته ـ وقد كان يجد من ألمها ما لا صبر ـ له ـ معه ـ ومسح يده عليها ، وتفل فيها ـ فما هو إلا أن فعل ذلك ـ حتى اندمل وصار كأنه لم يصبه شئ قط .
ثم قال أمير المؤمينن (عليه السلام) : يا عبدالله ، الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم (1) لتسلم ـ لهم ـ (2) طاعاتهم ويستحقوا عليها ثوابها .
فقال عبدالله بن يحيى : يا أمير المؤمنين! ـ و ـ إنا لا نجازى بذنوبنا إلا في الدنيا ؟ قال : نعم أما سمعت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر ؟ يطهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم ـ به ـ من المحن ، وبما يغفره لهم ، فان الله إن الله تعالى يقول : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) (3) حتى إذا وردوا القيامة ، تو فرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم .
(4) وان أعداء محمد وأعداءنا (5) يجازيهم على طاعة تكون منهم في الدنيا ـ وإن كان لا وزن لها لانه لا إخلاص معها ـ حتى إذا وافوا القيامة ، حملت عليهم ذنوبهم وبغضهم لمحمد (صلى الله عليه وآله) وخيار أصحابه ، فقذفوا لذلك في النار .
ولقد سمعت محمدا (صلى الله عليه وآله) يقول : إنه كان فيما مضى قبلكم رجلان أحدهما مطيع ـ لله مؤمن ـ والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه ، ولكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الارض، فمرض الكافر فاشتهى سمكة في غير
أوانها ، لان ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقت في اللجج حيث لا يقد رعليه ، فآيسته الاطباء من نفسه وقالوا ـ له ـ : استخلف على ملكك من يقوم به ، فلست (6) بأخلد من أصحاب (7)
--------------------
(1) ( بمحنتهم ) ب ، ط .
(2) ( بهم ) البحار : 67 .
(3) الشورى : 30 .
(4) ( طاعتهم وعبادتهم ) أ .
(5) ( أعداء آل محمد ) البحار .
(6) ( فما أنت ) أ .
(7) ( أهل ) أ (*)
تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)
_ 25 _
القبور ، فان شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها ، ولا سبيل إليها .
فبعث الله ملكا وأمره أن يزعج ـ البحر ب ـ تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها فاخذت له ـ تلك السمكة ـ (1) فأكلها ، فبرء من مرضه ، وبقي في ملكه (2) سنين بعدها .
ثم ان ذلك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها ، مثل علة الكافر ، واشتهى تلك السمكة ، ووصفها له الاطباء .
فقالوا : طب نفسا ، فهذا أوانها تؤخذ لك فتأكل منها ، وتبرأ .
فبعث الله ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكة ـ كله ـ من الشطوط إلى اللجج لئلا يقدر عليه فيؤخذ (3) حتى مات المؤمن من شهوته ، لعدم دوائه .
فعجب من ذلك ملائكة السماء وأهل ذلك البلد ـ في الارض ـ حتى كادوا يفتنون لان الله تعالى سهل على الكافر ما لا سبيل إليه ،وعسر على المؤمن ما كان السبيل إليه سهلا .
فأوحى الله عزوجل إلى ملائكة السماء وإلى نبي ذلك الزمان في الارض: إني أنا الله الكريم المتفضل القادر ، لا يضرني ما أعطي ، ولا ينفعني ما أمنع ، ولا أظلم أحدا مثقال ذرة ، فأما الكافر فانما سهلت له أخذ السمكة في غير أوانها، ليكون جزاء على حسنة كان عملها ، إذ كان حقا علي أن لا أبطل لاحد (4) حسنة حتى يرد القيامة ولا حسنة في صحيفته، ويدخل النار بكفره .
ومنعت العابد تلك السمكة بعينها ، لخطيئة كانت منه أردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة ، إعدام ذلك الدواء ، ليأتين ولا ذنب عليه ، فيدخل الجنة .
فقال عبد الله بن يحيى : يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني ، فان رأيت (5) أن
--------------------
(1) من البحار .
(2) ( مملكته ) ب ، ط .
(3) ( ولم يقدر عليه ولم يؤخذ ) أ ، ( فلم توجد ) البحار .
(4) ( لعبد ) أ .
(5) ( أردت ) البحار .