أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه ما الله أهله من سلطانه وقدرته واصطفاه رسوله مع كلام ألفته ووضعته ، لرأيك فيه تضعيف ، ولابيك فيه تعنيف ، وذكرت فضل علي بن أبي طالب وقديم سوابقه وقرابته لرسول الله صلى الله عليه وآله ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول ، فكان احتجاجك علي وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربا صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك ، فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وآله نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا ، وفضله مبرزا علينا حتى اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله ما عنده ، و أتم له وعده ، وأظهر له دعوته وأفلج له حجته ، ثم قبضه الله إليه فكان أول من ابتزه حقه أبوك وفاروقه ، (5) وخالفاه في أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم إنهما ------------------------------------ (1) ( مشارفا ) حال من المضاف إليه في ركوبك بمعنى مفاخرا أو مقاربا أو مدانيا ، وأظلاف جمع ظلف ـ بكسر الظاء ـ وهو لما اجتز من الحوانات كالبقرة والظبى بمنزلة الحافر للفرس ، والسناسن جمع سنسن وسنسنة وهو طرف فقار الظهر ورأس المحالة وطرف الضلع التى في الصدر. (2) قدح واقتدح بالزند : حاول اخراج النار منه وروى الزند ـ كوعى ـ خرجت ناره ومنه قوله تعالى : ( فالموريات قدحا )، والضريم : الحريق ، وضرمت النار اشتعلت. (3) الاقراب جمع قرب ـ كاقفال وقفل ـ وقرب ـ بضم الراء ايضا ـ كاعناق وعنق بمعنى الخاصرة أو من الخاصرة إلى السرة ، والشموس من الخيل : الشامس وهو الفرس الذى تمنع ان يمكن أحدا من امتطائه ومن اسراجه أو إلجامه وكاد لا يستقر ، وقوله : ( تبس ) أى تسوق و الحواضن جمع حاضن يقال : حمامة حاضن وحمام حواضن اى جواثم ، والداحيات هكذا في النسخ ولعل المراد بها الادحيات ـ والادحى ككرسى ـ : مبيض النعام. (4) زرى عليه : عابه. (5) ( ابتزه حقه ) أى سلبه اياه. الاختصاص _ 127 _
وروي عن حكم بن جبير قال : قلت لابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام : إن الشعبي يروي عندنا بالكوفة أن عليا قال : خير هذه الامة بعد نبيها أبوبكر وعمر ، فقال : إن الرجل يفضل على نفسه من ليس هو مثله ، حبا وتكرما ، ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام فأخبرته ذلك ، فضرب على فخذي وقال : هو أفضل منهما كما بين السماء والارض. وروي عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قلت لابي نعيم الفضل بن الدكين : كان زهير بن معاوية يحرس خشبة زيد بن علي ؟ قال نعم وكان فيه شر من ذلك ، وكان جده الرحيل فيمن قتل الحسين عليه السلام ، وكان زهير يختلف إلى قائده وقائده يحرس الخشبة وهو زهير بن معاوية بن خديج بن الرحيل (2) . وروي عن سعيد بن عبدالعزيز قال : كان الغالب على مكحول علم علي بن أبي طالب عليه السلام وكان إذا ذكر عليا لا يسميه ويقول : أبوزينب (3) . وروي عن ابن عباس أنه كان يقول : إن بني امية وطئوا على صماخ الدين و ذبحوا كتاب الله بشفرة (4) . وروي عن ابن كدينة الاودي (5) قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله عزوجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (6) ) فيمن نزلت قال : في رجلين من قريش. وروي عن جابر الجعفي قال : كنت ليلة من بعض الليالي عند أبي جعفر عليه السلام ------------------------------------ (1) نقله المجلسى في البحار ج 11 ص 50 من الاختصاص. (2) نقله المجلسى في البحار ج 11 ص 50 من الاختصاص والمامقانى في التنقيح ج 1 ص 453 وقال بعد نقل الرواية من الكتاب : أقول : كان أبوه معاوية بن خديج صاحب معاوية فهو قاتل محمد بن أبي بكر بمصر فيكون نسبه أعرق في الخبث. (3) قال المامقانى : مكحول غير مذكور في رجالنا وانما عده أبوموسى من الصحابة واصفا له بمولى رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر ابن أبى الحديد في شرح النهج أنه كان من المبغضين لامير المؤمنين عليه السلام وروى هو عن زهير بن معاوية عن الحسن بن الحسن قال : لقيت مكحولا فاذا هو مضليع يعنى مملوء بغضا لامير المؤمنين عليه السلام فلم أزل به حتى لان وسكن ، انتهى (4) الشفرة : السكين العظيمة العريضة. (5) كذا والظاهر أنه أبوكريبة الازدى. (6) الحجرات : 2 ونقله البحرانى في تفسير البرهان عن الكتاب. الاختصاص _ 129 _( إذا رأوا ) الشكاك والجاحدون ( تجارة ) يعني الاول ( أو لهوا ) يعني الثاني انصرفوا إليها قال : قلت : ( انفضوا إليها ) قال : تحريف هكذا نزلت ( وتركوك ) مع علي ( قائما ، قل ) يا محمد ( ما عند الله ) من ولاية علي والاوصياء ( خير من اللهو ومن التجارة ) يعني بيعة الاول والثاني للذين اتقوا ، قال : قلت : ليس فيها للذين اتقوا ، قال : فقال : بلى هكذا نزلت الآية وأنتم هم الذين اتقوا ( والله خير الرازقين ) (1) . وروي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن يوم الجمعة وليلتها فقال : ليلتها غراء ويومها أزهر وليس على الارض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معتقا من النار من يوم الجمعة ، فمن مات يوم الجمعة عارفا بحق أهل البيت كتب له براءة من النار وبراءة من عذاب القبر ، ومن مات ليلة الجمعة اعتق من النار ، (2) وروى علي بن مهزيار رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : من مات ليلة الجمعة عارفا بحقنا عتق من النار وكتب له براءة من عذاب القبر (3) . الحمد لله وحده والصلاة على محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيرا. قرن إسرافيل برسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث سنين يسمع الصوت ولا يرى شيئا ثم قرن به جبرئيل عليه السلام عشرين سنة وذلك حيث اوحي إليه فأقام بمكة عشر سنين ، ثم هاجر إلى المدينة فأقا بها عشر سنين وقبض صلى الله عليه وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة (4) . ومات أبوبكر وهو ابن ثلاث وستين سنة وولي الامر سنتين وستة أشهر، (5) وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة وولي الامر عشر سنين وستة أشهر، وقتل عثمان وهو ابن إحدى وثمانين سنة وولي اثنى عشر سنة (6) . ------------------------------------ (1) نقله البحرانى من الكتاب في تفسير البرهان ج 4 ص 334 ، وفى جميع المواضع التى قال عليه السلام : ( هكذا نزلت ) أى نزلت بذلك التأويل نزلت كما هو الظاهر لمن تدبر او تتبع أخبار التحريف. (2) رواه الكلينى مسندا في الكافى ج 3 ص 415 ونقله المجلسى من دعائم الاسلام في ج 18 ص 747. (3) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد الثامن عشر ص 747. (4) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في المجلد السادس ص 553. (5) نقله المجلسى في البحار ص 272. (6) نقله المجلسى في البحار ج 8 ص 375. الاختصاص _ 131 _(أحاديث ووصايا النبي صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام) بسم الله الرحمن الرحيم أحمد قال : حدثنا عمرو بن حفص ، (1) وأبونصر ، عن محمد بن الهيثم ، عن إسحاق بن نجيح ، عن حصيب ، عن مجاهد ، عن الخدري قال : أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام : فقال : يا علي إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفها حين تجلس واغسل رجليها و صب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك فإنك إذا فعلت ذلك أخرج الله من دارك سبعين نوعا من الفقر ، وأدخل سبعين نوعا من البركة ، وأنزل عليك سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس(2) حتى تنال بركتها كل زاوية في بيتك وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص وأن لا تصيبها ما دامت في تلك الدار وامنع العروس في اسبوعها الاول من الالبان والخل والكزبرة والتفاحة الحامضة من هذه الاربعة الاشياء. قال علي عليه السلام : يا رسول الله ولاي شئ أمنعها هذه الاربعة الاشياء ؟ قال : لان الرحم يعقم ويبرد بهذه الاشياء عن الولد ، والحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد. قال علي عليه السلام : يا رسول الله فما بال الخل منع منه ؟ قال : إذا حاضت على الخل لم تطهر أبدا بتمام ، والكزبرة تبور الحيض (3) في بطنها وتشد عليها الولادة ، والتفاحة الحامضة تقطع حيضها فيصير ذلك داء عليها. ثم قال : يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره فإن الجنون والجذام والبرص يسرع إليها وإلى ولدها. ------------------------------------ (1) كذا في نسخة وفى الاخرى ( احمد : قال : حدثنا عمر بن حفص ). (2) ترفرف أى تبسط. (3) بار يبور بورا وبوارا أى هلك ، والسوق والسلعة : كسدت ، والعمل : بطل ، وفى بعض نسخ الحديث ( تثير الحيض في بطنها ) . الاختصاص _ 133 _يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضى بينكما ولد (1) يكون أعمى القلب ، بخيل اليد. يا علي لا تجامع امرأتك في نصف من الشعبان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون مشوما ذا شامة في شعره ووجهه. يا علي لا تجامع أهلك في آخر الشهر ـ يعني إذا بقي يومان ـ فإنه إن قضى بينكما ولد يكون معدما (2) يا علي لا تجامع أهلك في شهوة اختها فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالم أو يكون هلاك فئام الناس على يده ، (3) يا علي إذا جامعت أهلك فقل : ( اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان مما رزقتني ) فإنه إن قضى بينكما ولد لم يضره الشيطان أبدا. يا علي لا تجامع أهلك في سقوف البنيان فإنه إن قضى بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا. يا علي إذا خرجت في السفر فلا تجامع أهلك تلك الليلة فإنه إن قضى بينكما ولد ينفق ماله في غير حق وقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ). يا علي لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن فإنه إن قضى بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم. يا علي عليك بالجماع ليلة الاثنين فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حافظا لكتاب الله ، راضيا بما قسم الله عزوجل. يا علي إن جامعت أهلك في ليلة الثلثاء فقضى بينكما ولد يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ولا يعذبه الله عز وجل مع المشركين ويكون طيب النكهة من الفم (4) رحيم القلب ، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان. ------------------------------------ (1) كذا ونسخ الحديث ايضا هكذا ولعل جملة ( فانه ان قضى بينكما ولد ) زائدة من النساخ. (2) المعدم : الفقير المحتاج. (3) فئام الناس : جماعة منهم. (4) النكهة : ريح الفهم. الاختصاص _ 135 _حديث منطق بعض الحيوانات بسم الله الرحمن الرحيم قال : قال ابن عباس شهدنا مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فإذا نحن بعدة من العجم ، فسلموا عليه فقالوا : جئناك لنسألك عن ست خصال فإن أنت أخبرتنا آمنا وصدقنا وإلا كذبنا وجحدنا ، فقال علي عليه السلام : سلوا متفقهين ولا تسألوا متعنتين ، قالوا : أخبرنا ما يقول الفرس في صهيله ، والحمار في نهيقه ، والدراج في صياحه ، و القنبرة في صفيرها ، والديك في نعيقه ، والضفدع في نقيقه ؟ فقال علي عليه السلام : إذا التقى الجمعان ومشى الرجال إلى الرجال بالسيوف يرفع الفرس رأسه فيقول : ( سبحان الملك القدوس ) و يقول الحمار في نهيقه : ( اللهم العن العشارين ). ويقول الديك في نعيقه بالاسحار : ( اذكروا الله يا غافلين ) ويقول الضفدع في نقيقه : ( سبحان المعبود في لجج البحار ). ويقول الدراج في صياحه : ( الرحمن على العرش استوى ). وتقول القنبرة في صفيرها : ( اللهم العن مبغضي آل محمد ). قال : فقالوا : آمنا وصدقنا وما على وجه الارض من هو أعلم منك ، فقال عليه السلام : ألا افيدكم ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال : إن للفرس في كل يوم ثلاث دعوات مستجابات تقول في أول نهاره ( اللهم وسع على سيدي الرزق ) وتقول في وسط النهار ( اللهم اجعلني أحب إلى سيدي من أهله وماله ) ويقول في آخر نهاره : ( اللهم ارزق سيدى على ظهري الشهادة ) (1) . المسوخ وسبب مسخها بسم الله الرحمن الرحيم محمد بن أبي عاتكة الدمشقي قال : حدثني الوليد بن سلمة الازدي ، عن عبدالرحمن القرشي ، عن حذيفة بن اليمان قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ------------------------------------ (1) نقله المجلسي ـ رحمه الله ـ في البحار المجلد الرابع عشر ص 660 من الاختصاص. الاختصاص _ 137 _لجاريته اخرجي إلى الضيف فقولي له : إن مولاي غائب عن المنزل فيبيت الضيف بالباب جوعا ويبيت أهل البيت شباعا مخصبين (1) . كتاب معاوية إلى على عليه السلام وجواب على عليه السلام على يد الطرماح إليه كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لاضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح (2) ولا يطفئه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام. فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية فقد كذبت ، أنا علي بن أبي طالب ، وأنا أبوالحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك ، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم احد ، وذلك السيف بيدي ، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي ، لم أستبدل بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف بدلا والسلام على من اتبع الهدى. ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا مفوها طوالا (3) ، فقال له : خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه ، فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته ، ثم ركب جملا بازلا فتيقا مشرفا عليا في الهواء (4) ، فسار ------------------------------------ (1) نقله المجلسي من الكتاب في المجلد الرابع عشر من البحار ص 786. (2) كذا وفى بعض النسخ [ لا يذكيه الريح ]. (3) طرماح ـ بكسر الطاء وشد الميم ـ هوأخو حجر بن عدى كان من كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كما عده الشيخ تارة منهم قائلا رسوله عليه السلام إلى معاوية أو من اصحاب الحسين عليه السلام كما قاله الشيخ أيضا : والمفوه : المنطيق. (4) قال الجوهري : بزل البعير فطر نابه أى انشق فهو بازل ذكرا كان أو انثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة ، وقال : يقال : جمل فتيق اذا انفتق سمنا وفى بعض النسخ [ الفنيق ] بالنون وهو الفحل المكرم. الاختصاص _ 139 _المؤمنون فمن أمرك علينا ؟ فقال : ناولني كتابك ، قال : إني لاكره أن أطأ بساطك ، قال فناوله وزيري ، قال : خان الوزير وظلم الامير ، قال : فناوله غلامي ، قال : غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله ، قال : فما الحيلة يا أعرابي ؟ قال : ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغرا فخذه ، فقام معاوية صاغرا فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال : يا أعرابي كيف خلفت عليا ؟ قال : خلفته والله جلدا ، حريا ، ضابطا ، كريما ، شجاعا ، جوادا ، لم يلق جيشا إلا هزمه ولا قرنا إلا أرداه ولا قصرا إلا هدمه ، قال : فكيف خلفت الحسن والحسين ؟ قال : خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين ، فصيحين ، كريمين ، شجاعين ، جوادين ، شابين ، طريين مصلحان للدنيا والآخرة ، قال : فكيف خلفت أصحاب علي ؟ قال : خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم ، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا ، فقال له : يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك ، قال : ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت ، كيف لو رأيت الفصحاء الادباء النطقاء ، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي ، قال : الويل لامك ، قال : بل طوبى لها ولدت مؤمنا يغمز منافقا مثلك ، قال له : يا أعرابي هل لك في جائزة ؟ قال : أرى استنقاص روحك ، فكيف لا أرى استنقاص مالك (1) ، فأمر له بمائة ألف درهم ، قال : أزيدك يا أعرابي ؟ قال اسد يدا سد أبدا (2) ، فأمر له بمائة ألف اخرى ، فقال ثلثها فإن الله فرد ، ثم ثلثها ، فقال : الآن ما تقول ؟ فقال : أحمد الله وأذمك ، قال : ولم ويلك ؟ قال : لانه لم يكن لك ولابيك ميراثا ، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه. ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال اكتب للاعرابي جوابا فلا طاقة لنا به فكتب أما بعد يا علي فلاوجهن إليك بأربعين حملا من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات ، فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له : سوءة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك ؟ ويلك لو جمعت الجن والانس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت ، قال : ما كتبه عن أمري ، قال : ------------------------------------ (1) في غيره من نسخ الحديث ( اريد استقباض روحك من جسدك فكيف باستقباض مالك ). (2) كذا وفى البحار أى اعط نعمة تكون أبدا سيدا للقوم ، وفى بعض النسخ[ سديدا سديدا ]. الاختصاص _ 141 _ما قرأه أبو عبد الله عليه السلام بعد قراءة القرآن روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه إذا قرأ القرآن قال : " اللهم إنني قد قرأت ما قضيت لي من كتابك الذي أنزلته على نبيك الصادق ، فلك الحمد ربنا ، اللهم اجعلني ممن أحل حلاله وحرم حرامه وآمن بمحكمه ومتشابهه ، واجعله لي انسا في قبري وانسا في حشري وانسا في نشري ، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأتها لي درجة في أعلى عليين آمين رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم ، بسم الله اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلواتك عليه وآله وكلامك الناطق على لسان رسولك ، فيه حكمك وشرائع دينك ، أنزلته على نبيك وجعلته عهدا منك إلى خلقك وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك ، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك ، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة وقراءتي فيه فكرا وفكري اعتبارا ، واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه واجتنب معاصيك ، ولا تطبع عند قراءتي كتابك على قلبي ، ولا على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة ، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها بل اجعلني أتدبر آياته و أحكامه آخذا بشرائع دينك ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي منه هذرا إنك أنت الرؤوف الرحيم. الاختصاص _ 142 _النجوم ، وعينيه كالشمس والقمر ، ومنخيريه كالشمال والجنوب ، واذينه كالمشرق و المغرب ، وجعل لمحه كالبرق وكلامه كالرعد ومشيه كسير الكواكب وقعوده كشرفها ، وغفوه كهبوطها (1) وموته كاحتراقها ، وخلق في ظهره أربعة وعشرين فقرة كعدد ساعات الليل والنهار ، وخلق له ثلاثين معى كعدد الهلال ثلاثين يوما ، وخلق له اثنى عشر عضوا وهو مقدار ما تقيم الجنين في بطن امه (2) ، وعجنه من مياه أربعة فخلق المالح في عينيه فهما لا يذوبان في الحر ولا يخمدان في البرد ، وخلق المر في اذنيه لكيلا تقر بها الهوام ، وخلق المني في ظهره لكيلا يعتريه الفساد ، وخلق العذب في لسانه فشهد آدم أن لا إله إلا الله (3) وخلقه بنفس وجسد وروح ، فروحه التي لا تفارقه إلا بفراق الدنيا وبنفسه التي يرى بها الاحلام والمقامات وجسمه هو الذي يبلى ويرجع إلى التراب ـ كمل الحديث ـ (4) . يروى عن الصادق عليه السلام أنه قال : المؤمن هاشمي لانه هشم الضلال والكفر والنفاق والمؤمن قرشي لانه أقر للشئ ونحن الشئ وأنكر اللاشئ الدلام وأتباعه ، والمؤمن نبطي لانه استنبط الاشياء فعرف الخبيث من الطيب ، والمؤمن عربي لانه أعرب عنا أهل البيت ، والمؤمن أعجمي لانه أعجم عن الدلام فلم يذكره بخير والمؤمن فارسي لانه يفرس في الايمان لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله أبناء فارس يعني به المتفرس فاختار منها أفضلها واعتصم بأشرفها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله (5) . ------------------------------------ (1) غفوه أى نومه ، والغفوة : النومة الخفيفة. (2) اكثر الحمل على الاشهر اثنى عشر شهرا كما ذكره المجلسى ـ رحمه الله ـ.وروى الكلينى في باب النوادر من كتاب العقيقة الحديث الثالث عن أبي جعفر عليه السلام سئل عن غاية الحمل بالولد في بطن امه وكم هو ؟ فان الناس يقولون : ربما بقى في بطنها سنين ، فقال : كذبوا أقصى حد الحمل تسعة اشهر لا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل امه قبل ان يخرج. (3) في بعض النسخ [ وخلق العذب في لسانه ليجد طعم الطعام والشراب ]،وهكذا في البحار. (4) نقله في البحار ج 14 ص 461. (5) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في الجزء الاول من المجلد الخامس عشر من البحار ص 17 وذكر في توضيحه المراد بالشئ الحق الثابت وباللاشئ الباطل المضمحل ويمكن أن يكون بمعنى المشى اى ما يصلح أن تتعلق به المشية والحق كذلك و ( الدلام ) للاشئ ويكنى به غالبا عن المنافق. الاختصاص _ 144 _ |
للحرب أقوام لها | خلقوا وللتجارة والسلطان أقوام