نصروا السيد  (1)  الموفق ذا العدل      ودانـوا  بـذاك حـتى iiالـممات
لــعـن الله مـعـشرا قـتـلوه      ورمـاهـم  بـالخزي iiوالآفـات
  نصر : حدثنا عمر بن سعد ، عن الأعمش قال ، كتب معاوية إلى أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري (2) صاحب منزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكان سيدا معظما من سادات الأنصار ، وكان من شيعة علي ( عليه السلام ) ـ كتابا ، وكتب إلى زياد بن سمية ـ وكان عاملا لعلي ( عليه السلام ) على بعض فارس ـ كتابا ، فأما كتابه إلى أبي أيوب فكان سطرا واحدا : ( لا تنسى شيباء أبا عذرتها ، ولا قاتل بكرها ) ، فلم يدر أبو أيوب ما هو ؟ فأتى به عليا وقال : يا أمير المؤمنين ، إن معاوية ابن أكالة الأكباد ، وكهف المنافقين ، كتب إلى بكتاب لا أدري ما هو ؟ فقال له علي : وأين الكتاب ؟ فدفعه إليه فقرأه وقال : نعم ، هذا مثل ضربه لك ، يقول : ما أنسى الذي لا تنسى الشيباء ، لا تنسى أبا عذرتها ، والشيباء : المرأة البكر ليلة افتضاضها (3) ، لا تنسى بعلها الذي افترعها أبدا ، ولا تنسى قاتل بكرها وهو أول ولدها ، كذلك لا أنسى أنا قتل عثمان ، وأما الكتاب الذي كتب إلى زياد فإنه كان وعيدا وتهددا ، فقال زياد : ( ويلي على معاوية ابن أكالة الأكباد ، وكهف المنافقين وبقية الأحزاب ، يتهددني ويوعدني وبيني وبينه ابن عم محمد ، ومعه سبعون ألفا طوائع (4) سيوفهم عند أذقانهم ، لا يلتفت رجل منهم وراءه حتى يموت .

---------------------------
(1) في الأصل : ( نصروا أحمد ) والوجه ما أثبت من ح .
(2) هو خالد بن زيد بن كليب الأنصاري ، نزل عليه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما قدم المدينة فأقام عنده حتى بني بيوته ومسجده ، وتوفى في غزاة القسطنطينية سنة 52 ، الأصابة 2159 ، وفي الأصل : ( خالد بن أيوب ) صوابه في ح والإصابة .
(3) قيل ياء ( شيباء ) بدل من واو ، لأن ماء الرجل شاب ماء المرأة ؟ ولم يسمع الأصل ، جعلوه بدلا لازما ، كعيد وأعياد من العودة .
(4) طوائع : جعله جمعا لطائع والقياس طائعون ، وفي ح ( 2 : 281 ) : ( سبعون ألفا سيوفهم على عواتقهم ، يطيعونه في جميع ما يأمرهم ) .

واقعة صفين _ 361 _

  أما والله لئن خلص الأمر إلى ليجدني أحمر ضرابا بالسيف ، والأحمر يعني أنه مولى ، فلما ادعاه معاوية صار عريبا منافيا (1) ، قال نصر : و روى عمرو بن شمر ، أن معاوية كتب في أسفل كتاب أبي أيوب :
أبـلـغ  لـديك أبـا أيـوب iiمـالكة      أنـا وقـومك مـثل الـذئب iiوالـنقد
إمــا قـتلتم أمـير الـمؤمنين فـلا      تـرجوا الهوادة عندي آخر الأبد  (2)
إن الــذي نـلـتموه ظـالمين iiلـه      أبـقت حـرارته صـدعا على iiكبدي
إنـي  حـلفت يـمينا غـير iiكـاذبة      لـقـد  قـتلتم إمـاما غـير ذي iiأود
لا تـحسبوا أنـني أنـسى iiمـصيبته      وفي  البلاد من الأنصار من أحد  (3)
أعـزز  عـلي بـأمر لـست iiنـائله      واجـهد  عـلينا فـلسنا بـيضة iiالبلد
قـد أبـدل الله مـنكم خـير ذي iiكلع      واليحصبيين أهل الحق في الجند  (4)
إن  الـعـراق لـنـا فـقع iiبـقرقرة      أو  شـحمة بـزها شاو ولم يكد  (5)
والـشام  يـنزلها الأبـرار ، iiبـلدتها      أمـن  ، وحومتها عريسة الأسد  (6)
  فلما قرأ الكتاب على علي عليه السلام قال : لشد ما شحذكم معاوية (7)
---------------------------
(1) منافيا : منسوبا إلى عبد مناف .
(2) ح : ( منا آخر الأبد ) .
(3) في الأصل : ( مصابته ) ولم يقولوا في المصيبة إلا ( المصاب ) بالتذكير ، وأثبت ما في ح .
(4) ينو يحصب : بطن من حمير ، وحاؤه مثلثة ، والجند بالتحريك : مدينة باليمن بينها وبين صنعاء ثمانية وخمسون فرسخا ، ح : ( أهل الخوف والجند ) .
(5) الفقع ، بالفتح : ضرب من أردأ الكمأة ، والقرقرة : أرض مطمئنة لينة .
(6) ح : ( وبيضتها عريسة الأسد ) .
(7) في الأصل : ( لأشد ) صوابه في ح ( 2 : 281 ) .

واقعة صفين _ 362 _

  يا معشر الأنصار ، أجيبوا الرجل ، فقال أبو أيوب : يا أمير المؤمنين : ما أشاء أن أقول شيئا من الشعر يعيا به الرجال (1) إلا قلته ، قال : فأنت إذا أنت ، فكتب أبو أيوب إلى معاوية : أما بعد فإنك كتبت إلى : لا تنسى الشيباء (2) ـ وقال في هذا الحديث : الشيباء : الشمطاء ـ ثكل ولدها ، ولا أبا عذرتها فضربتها مثلا بقتل عثمان ، وما نحن (3) وقتل عثمان ؟ ! إن الذي تربص بعثمان وثبط يزيد بن أسد (4) وأهل الشام في نصرته لأنت ، وإن الذين قتلوه لغير الأنصار ! ، وكتب في آخر كتابه :
لا  تـوعدنا ابـن حرب إننا iiبشر      لا  نبتغي ود ذي البغضاء من iiأحد
فـاسعوا جميعا بني الأحزاب كلكم      لـسنا نريد ولاكم آخر الأبد  (5)
نـحن الـذين ضربنا الناس iiكلهم      حتي استقاموا وكانوا عرضة الأود
والـعام قـصرك منا أن أقمت iiلنا      ضـربا  يزيل بين الروح والجسد
أمــا عـلي فـإنا لـن نـفارقه      مـا رقرق الآل في الدوايه iiالجرد
إمـا تـبدلت مـنا بـعد iiنصرتنا      ديـن  الرسول أناسا ساكني iiالجند
لا  يـعرفون أضـل الله iiسـعيهم      إلا  اتـباعكم ، يـا راعـي iiالنقد
فقد  بغى الحق هضما شر ذي كلع      والـيحصبيون  طـرا بيضة البلد
---------------------------
(1) يعيا به : يعجز عنه ، وفي الأصل : ( يعبأ به ) وفي ح : ( يعتا به ) .
(2) في الأصل : ( أنت لا تنسى الشيباء ) وكلمه ( أنت ) محرفه عن ( كتبت ) التي في التكملة السابقة .
(3) في الأصل : ( وما أنا ) وأثبت ما في ح .
(4) هو يزيد بن أسد ، جد خالد بن عبد الله القسري ، وكان مطاعا في أهل اليمن عظيم الشأن ، وجهه معاوية لنصر عثمان في أربعة آلاف ، فجاء إلى المدينة فوجد عثمان قد قتل ، فلم يحدث شيئا ، انظر الإصابة 9229 .
(5) ولاكم : أي ولاءكم ، وفي ح : ( رضاكم ) .

واقعة صفين _ 363 _

ألا  نـدافع كفا دون iiصاحبها      حد الشقاق ولا أم ولا ولد  (1)
   فلما أتى معاوية بكتاب أبي أيوب كسره ، نصر ، قال : وذكر عمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي سليمان الحضرمي ـ وكان حضرها أبو سليمان مع علي ـ : أن الفيلقين التقيا بصفين ، واضطربوا بالسيوف ليس معهم غيرها إلى نصف الليل ، نصر ، قال عمر : وحدثني مجالد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر الحارثي وكان على مقدمة علي ، قال : شهدت مع علي بصفين ، فاقتتلنا ثلاثة أيام وثلاث ليال ، حتى تكسرت الرماح ، ونفدت السهام ، ثم صرنا إلى المسايفة (2) فاجتلدنا بها إلى نصف الليل ، حتى صرنا نحن وأهل الشام في اليوم الثالث يعانق بعضنا بعضا ، وقد قاتلت ليلتئذ بجميع السلاح ، فلم يبق شيء من السلاح إلا قاتلت به ، حتى تحاثينا بالتراب ، وتكادمنا ( بالأفواه ) ، حتى صرنا قياما ينظر بعضنا إلى بعض (3) ما يستطيع واحد من الفريقين ينهض إلى صاحبه ولا يقاتل ، فلما كان نصف الليل من الليلة الثالثة انحاز معاوية وخيله من الصف ، وغلب علي ( عليه السلام ) على القتلى في تلك الليلة ، وأقبل على أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأصحابه فدفنهم ، وقد قتل كثير منهم ، وقتل من أصحاب معاوية أكثر ، وقتل فيهم تلك الليلة شمر بن أبرهة ، وقتل عامة من أصحاب علي يومئذ ، فقال عمارة :
قـالت أمـامة : ما للونك iiشاحبا      والحرب تشحب ذا الحديد الباسل
أنـي  يكون أبوك أبيض iiصافيا      بـين الـسمائم فوق متن iiالسائل
---------------------------
(1) كذا ورد هذا البيت .
(2) في الأصل : ( صارت إلى المسايفة ) وأثبت ما في ح ( 2 : 281 ) .
(3) بعدها في الأصل : ( حتى صرنا قياما ) وهي عبارة مكررة .

واقعة صفين _ 364 _

تـغدو  الـكتائب حـوله iiويسوقهم      مـثل الاسـود بـكل لـدن ذابـل
خزر العيون من الوفود لدى iiالوغى      بالبيض تلمع كالشرار الطاسل  (1)
قـالوا  مـعاوية بـن حرب iiبايعوا      والـحرب  شـائلة كـظهر iiالبازل
فـخرجت مـخترما أجـر فضولها      حتى  خلصت إلى مقام القاتل  (2)
  وقال عمرو بن العاص :
إذا تحازرت وما بي من خزر  (3)       ثم خبأت العين من غير عور  (4)
ألـفيتني  ألوى بعيد المستمر  (5)       ذا صـولة فـي المصمئلات iiالكبر
أحـمل  مـا حلمت من خير iiوشر      كـالحية الصماء في أصل iiالصخر
  وقال محمد بن عمرو بن العاص :
لـو شهدت جمل مقامي وموقفي      بصفين يوما شاب منها iiالذوائب
غـداة  غـدا أهل العراق كأنهم      مـن الـبحر موج لجه متراكب
وجـئناهم نـمشي صفوفا iiكأننا      سحاب  خريف صفقته iiالجنائب
فـطار إلـينا بـالرماح iiكماتهم      وطرنا  إليهم والسيوف iiقواضب
فدارات رحانا واستدارت رحاهم      سـراة  النهار ما تولى iiالمناكب
---------------------------
(1) الطاسل : الجاري المضطرب ، من قولهم طسل السراب : اضطرب .
(2) مخترما : يخترم الأقران ، أي يستأصلهم ، وفي الأصل : ( محترما ) ، فضولها : أي فضول الدرع السابغة ، مقام القاتل ، يعني نفسه ، وبعده في الأصل : ( ويقرقعونه كقرن الحائل ) ، ولعلها رواية محرفة لعجز أحد الأبيات السابقة .
(3) التخازر : إظهار الخزر ، وهو ضيق العين وصغرها .
(4) ح ( 2 : 281 ) : ( ثم كسرت العين ) .
(5) الألوى : الشديد الخصومة .

واقعة صفين _ 365 _

إذا  قـلت يوما قد ونوا برزت iiلنا      كتائب حمر وارجحنت كتائب  (1)
فقالوا  : نرى من رأينا أن iiتبايعوا      عـليا  فقلنا بل نرى أن iiتضاربوا
فـأبنا  وقـد نـالوا سراة iiرجالنا      ولـيس لما لاقوا سوى الله iiحاسب
فـلم أر يـوما كـان أكـثر iiباكيا      ولا  عـارضا مـنهم كميا iiيكالب
كـأن تـلالي الـبيض فينا iiوفيهم      تـلألؤ برق في تهامة ثاقب  (2)
  فرد عليه محمد بن علي بن أبي طالب :
لـو شـهدت جـمل مـقامك iiأبصرت      مـقـام لـئيم وسـط تـلك iiالـكتائب
أتـذكر  يـوما لـم يـكن لـك iiفخره      وقـد ظهرت فيها عليك الجلائب  (3)
وأعـطـيتمونا مــا نـقـمتم iiأذلـة      على غير تقوى الله والدين واصب  (4)
  وروى : ( خوف العواقب ) نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم قال : والله إني مع علي حين أتاه علقمة بن زهير الأنصاري فقال : يا أمير المؤمنين ، إن عمرو بن العاص ينادي ثم :
أنـا الـغلام الـقرشي iiالمؤتمن      الـماجد  الأبـلج ليث iiكالشطن
يرضى به الشام إلى أرض عدن      يـا قـادة الكوفة من أهل iiالفتن
يـأيها  الأشراف من أهل iiاليمن      أضـربكم  ولا أرى أبـا iiحسن
---------------------------
(1) في الأصل : ( إذا قلت قد استهزموا ) وأثبت ما في ح ، كتائب حمر ، لما علاها من صدأ الحديد ، ح : ( كتائب منهم ) .
(2) تلالي ، مصدر من تلالا المسهلة ، كما تقول : تراضى تراضيا .
(3) الجلائب : العبيد يجلبون من بلد إلى غيره .
(4) واصب ، أي طاعته دائمة واجبة أبدا ، وفي الكتاب : ( وله الدين واصبا ) .

واقعة صفين _ 366 _

أعني عليا وابن عم المؤتمن      كـفى بهذا حزنا من iiالحزن
  فضحك علي ثم قال : أما والله لقد حاد عدى الله عني ، وإنه بمكاني لعالم ، كما قال العربي : غير الوهي ترقعين وأنت مبصرة (1) ، ويحكم ، أروني مكانه لله أبوكم ، وخلا كم ذم ، وقال النجاشي يمدح عليا :
إ
إنـي إخـال عـليا غـير iiمرتدع      حـتى يؤدى كتاب الله والذمم  (2)
حـتى  تـرى النقع معصوبا iiبلمته      نقع القبائل ، في عرنينه شمم  (3)
غـضبان يـحرق نـابيه iiبـحرته      كما يغظ الفنيق المصعب القطم  (4)
حـتى يزيل ابن حرب عن iiإمارته      كـما تنكب تيس الحبلة الحلم  (5)
أو أن تـروه كـمثل الصقر مرتبئا      يـخفقن مـن حوله العقبان والرخم
  وقال النجاشي أيضا يمدح عليا ويهجو معاوية وقد بلغه أنه يتهدده (6) :
يأيها الرجل المبدي عداوته      رو  لنفسك أي الأمر تأتمر
---------------------------
(1) في الأصل : ( عين الوهي ) صوابه في ح ( 2 : 282 ) ، والوهي ، بالفتح : الشق في الشيء .
(2) في الأصل : ( غير منتهى ) وهي من ضرورة الشعر ، لكن كتب بجوارها ( ن : مرتدع ) أي إنها كذلك في نسخة أخرى ، وهذه الأخيرة رواية ح .
(3) في الأصل : ( حتى ترى النقع ) وفي ح : ( أما ترى النقع ) .
(4) حرق نابيه يحرقهما ، بالضم والكسر : سحقهما حتى سمع لهما صريف ، المصعب : الفحل ، والقطم : المشتهي للضراب ، وفي الأصل : ( المغضب القطم ) والوجه ما أثبت من ح .
(5) الحبلة ، بالضم : ثمر عامة العضاه ، وهم ينسبون التيس أيضا فيقولون : ( تيس الربل ) وهو ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر ، انظر الحيوان ( 4 : 134 / 6 : 123 ) ، وفي الأصل : ( الجلة ) وفي ح : ( الخلة ) ولا وجه لهما .
(6) ح : ( قال نصر : ) وحدثنا عمر بن سعد عن الشعبي قال : ( بلغ النجاشي أن معاوية تهدده فقال ) .

واقعة صفين _ 367 _

لا  تـحـسبني كـأقـوام iiمـلـكتهم      طـوع  الأعـنة لـما تـرشح iiالعذر
ومـا  عـلمت بما أضمرت من حنق      حـتى أتـتني بـه الـركبان iiوالنذر
فـإن  نـفست عـلى الأمجاد مجدهم      فـابسط  يـديك فـإن الـخير مبتدر
واعـلم بـأن عـلى الـخير من iiنفر      مـثـل  الأهـلة لا يـعلوهم iiبـشر
لا يرتقي الحاسد الغضبان مجدهم  (1)       مـا  دام بـالحزن من صمائها iiحجر
بـئس  الـفتى أنـت إلا أن بـينكما      كـما  تـفاضل ضوء الشمس iiوالقمر
ولا إخـالـك إلا لـسـت iiمـنـتهيا      حـتى يـمسك مـن أظـفاره ظـفر
لا تـحـمدن أمـرأ حـتى iiتـجربه      ولا  تـذمن مـن لـم يـبله iiالـخبر
إنـي  امـرؤ قـلما أثـني على iiأحد      حـتى أرى بـعض ما يأتي وما iiيذر
إنـي  إذا مـعشر كـانت iiعـداوتهم      في الصدر أو كان في أبصارهم iiخزر
جـمعت  صبرا جراميزي بقافية  (2)       لا  يـبرح الـدهر مـنها فـيهم iiأثر
  فلما بلغ هذا الشعر معاوية قال : ( ما أراه إلا قد قارب ) ، نصر ، عن عمر بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الملك بن عبد الله ، عن ابن أبي شقيق ، أن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين كان يحمل على الخيل بصفين ، إذا جاء رجل من خزيمة فقال : هل من فرس ؟ قال : نعم ، خذ أي الخليل شئت ، فلما ولى قال ابن جعفر : إن يصب أفضل الخيل يقتل ، قال : فما عتم أن أخذ أفضل الخيل فركبه ، وحمل على الذي دعاه إلى البراز ، فقتله الشامي ، وحمل غلامان من الأنصار جميعا أخوان ، حتى انتهيا إلى سرادق معاوية فقتلا عنده ، وأقبلت الكتائب بعضها نحو بعض ، فاقتتلت قياما في الركب لا يسمع السامع إلا وقع السيوف على البيض والدرق ، وقال عمرو بن العاص :

---------------------------
(1) ح : ( لا يجحد الحاسد الغضبان فضلهم ) .
(2) جمع جراميزه ، إذا تجمع ليثب ، في الأصل : ( بعافية ) صوابه في ح ، وأراد بالقافية الشعر يقوله في الهجو .

واقعة صفين _ 368 _

أجـئـتم إلـينا تـسفكون iiدمـاءنا      ومـا  رمـتم وعر من الأمر أعسر
لعمري  لما فيه يكون حجاجنا  (1)       إلـى  الله أدهـى لـو عقلتم iiوأنكر
تـعـاورتم  ضـربا بـكل iiمـهند      إذا  شـد وردان تـقدم قـنبر  (2)
كـتـائبكم طــورا تـشد وتـارة      كـتائبنا  فـيها القنا والسنور  (3)
إذا مـا الـتقوا يـوما تدارك iiبينهم      طعان وموت في المعارك أحمر  (4)
  وقال مرة بن جنادة العليمي :
لـلـه در عـصابة فـي مـأقط      شـهدوا مجال الخيل تحت قتامها
شـهدوا لـيوثا ليس يدرك iiمثلهم      عند الهياج تذب عن آجامها  (5)
خـزر العيون ، إذا أردت iiقتالهم      برزوا  سماحا كلهم بحمامها  (6)
لا يـنكلون إذا تـقوض صـفهم      جزعا  على الإخوان عند iiجلامها
فـوق  البراح من السوابح iiبالقنا      يردين مهيعة الطريق بهامها  (7)
---------------------------
(1) في الأصل : ( حجامنا ) صوابه في ح .
(2) وردان : غلام عمرو بن العاص ، انظر ص 35 ، 36 ، وقنبر ، بوزن جعفر : مولى علي ، انظر الحاشية الرابعة من ص 43 .
(3) السنور : جملة السلاح ، وخص به بعضهم الدروع .
(4) في الأصل : ( إذا ما التقوا حربا ) و : ( في المبارك ) صوابهما في ح .
(5) الأجمة : الشجر الكثير الملتف ، في الأصل : ( يذب عند إجامها ) والصواب ما أثبت ، وهذه المقطوعة لم ترد .
(6) السماح : جمع سمح ، وهو الجواد ، بحمامها ، بحمام النفوس أي موتها المقدر لها .
(7) السوابح : الخيل تسبح في جريها ، يردين من الرديان ، وهو ضرب من السير .

واقعة صفين _ 369 _

   وقال العليمي :
يـا كـلب ذبـوا عن حريم iiنسائكم      كـما  ذب فحل الشول بين عشارها
ولا تـجزعوا إن الـحروب iiلـمرة      إذا  ذيـق مـنها الطعم عند iiزيارها
فــإن  عـليا قـد أتـاكم iiبـفتية      مـحـددة  أنـيابها مـع iiشـفارها
إذا نـدبوا لـلحرب سـارع مـنهم      فـوارس حـرب كالأسود iiابتكارها
يخفون  دون الروع في جمع iiقومهم      بكل قضوب مقصل في حذارها  (1)
  وقال سماك (2) بن خرشة الجعفي ، من خيل علي :
لـقد عـلمت غـسان عـند iiاعـتزامها      بـأنـا لـدي الـهيجاء مـثل الـسعائر
مـقـاويل أيـسـار لـهـاميم ســادة      إذا ســال بـالجريال شـعر iiالـبياطر
مـساعير  لـم يـوجد لـهم يـوم iiنبوة      مـطـاعين  أبـطـال غـداة الـتناحر
تـرانا  إذا مـا الـحرب درت iiوأنشبت      رواسيها ، في الحرب مثل الضباطر  (3)
فـلم  نـر حـيا دافـعوا مـثل iiدفـعنا      غــداة قـتـلنا مـكنفا وابـن iiعـامر
أكــر وأحـمى عـند وقـع iiسـيوفها      إذا سـافـت الـعقبان تـحت الـحوافر
هـم  نـاوشونا عـن حـريم iiديـارهم      غــداة  الـتـقينا بـالسيوف الـبواتر
  وقال رجل من كلب مع معاوية ، يهجو أهل العراق ويوبخهم :
لـقد  ضـلت معاشر من iiنزار      إذا  انـقادوا لـمثل أبي iiتراب
وإنـهـم  وبـيـعتهم عـلـيا      كواشمة التغضن بالخضاب  (4)
---------------------------
(1) القضوب : القاطع ، يعني السيف ، وفي الأصل : ( صعوب ) ، وهذه المقطوعة لم ترد في ح .
(2) سماك ، بوزن كتاب ، كما في القاموس والإصابة ، وخرشة ، بالتحريك ، وهما صحابيان يقال لكل منهما سماك بن خرشة ، ويفرق بينهما بالكنية ، أما أحدهما وهو أبو دجانة فلم يشهد صفين ، وشهدها الآخر ، انظر الإصابة 3458 .
(3) الضباطر : جمع ضبطر ، وهو الأسد الماضي الشديد ، وفي الأصل : ( الصياخر ) .
(4) التغضن : تكسر الجلد وتثنيه ، في الأصل : ( تغضر ) صوابه في ح .

واقعة صفين _ 370 _

تـزين  مـن سـفاهتها iiيديها      وتـحسر بـاليدين عن النقاب
فـإيـاكم  وداهـيـة نـؤودا      تسير إليكم تحت العقاب  (1)
إذا  هـشوا سـمعت iiلحافتيهم      دويا مثل تصفيق السحاب  (2)
يـجيبون  الصريخ إذا iiدعاهم      إلـى طعن الفوارس iiبالحراب
عـليهم  كـل سـابغة دلاص      وأبـيض  صارم مثل الشهاب
   وقال الأحمر ـ وقتل مع علي :
قد  علمت غسان مع iiجذام      إني كريم ثبت المقام  (3)
أحمى  إذا ما زيل iiبالأقدام      والتقت  الجريال iiبالأهدام
إني ورب البيت iiوالإحرام      لست أحامي عورة iiالقمقام
  وقال الشيخ بن بشر الجذامي :
يـا لهف نفسي على جذام iiوقد      هزت صدور الرماح iiوالخرق
كانوا لدى الحرب في مواطنهم      أسـدا  إذا انساب سائل iiالعلق
فـاليوم لا يـدفعون إن دهموا      ولا يـردون شامة الغلق  (4)
فـاليوم  لا يـنصفون إخوتهم      عـند وقـوع الحروب iiبالحق
  وقال الأشتر :
وسار ابن حرب بالغواية يبتغي      قتال  علي والجيوش مع iiالحفل
---------------------------
(1) النؤود : الداهية ، وفي الأصل : ( تروها ) صوابه في ح ( 2 : 283 ) ، والعقاب : راية معاوية ، كما سيأتي في قول النجاشي :
(2) في ح : ( إذا ساروا ) .
(3) الثبت ، بالفتح : الذي لا يبرح ، وحرك الباء للشعر .
(4) الشامة : الناقة السوداء ، والغلق : الجاني ، والأسير ، وفي الأصل : ( العلق ) .

واقعة صفين _ 371 _

رأيت اللواء لواء العقاب      يـقحمه  الشانئ الأخزر
فـسرنا إلـيهم جهرة في iiبلادهم      فـصلنا  عليهم بالسيوف وبالنبل
فـأهلكهم ربـي وفـرق iiجمعهم      وكان لنا عونا وذاقوا ردى الخبل
   ثم إن معاوية أرسل عمرو بن العاص في خيل عظيمة ، فلقيه حمزة بن عتبة بن أبي وقاص ، فقاتله حمزة ، وجعل حمزة يطعن بالرمح ويقول :
ماذا  يرجى من رئيس ملا      لست بفرار ولا زميلا  (1)
فـي قـومه مستبدلا iiمدلا      قـد سـئم الحياة iiواستملا
  وكل أغـــراض لـــه تمــلا (2) وذلك عند غروب الشمس ، وقال حمزة :
دعـاني عـمرو لـلقاء فلم iiأقل      وأي  جواد لا يقال له هنى  (3)
وولـي على طرف يجول iiبشكة      مقلصة  أحشاؤه ليس ينثنى  (4)
فـلو  أدركته البيض تحت iiلوائه      لغودر مجدولا تعاوره القنى  (5)
عـليه نـجيع مـن دماء iiتنوشه      قشاعم شهب في السباسب iiتجتنى
   فرجع عمرو إلى معاوية فحدثه فقال : لقد لقيت اليوم رجلا هو (6) .

---------------------------
(1) الزميل : الضعيف الجبان الرذل ، وفي الأصل : ( زملا ) تحريف .
(2) تملي العيش : استمتع به طويلا .
(3) هني ، أي ياهني ، أراد أن كل جواد يستدعي ويطلب ، وفي الأصل : ( وإني جواد ) ، ونحوه في الأسلوب قول ليلي الأخيلية : الحصان ، بالفتح : المرأة العفيفة ، وهلا بمعنى أسرعي .
(4) الطرف : الفرس الكريم الطرفين ، أي الأبوين ، ويجول ، من الجولة في الحرب ، وفي الأصل : ( يجوب ) ، والشكة : السلاح .
(5) مجدولا : صريعا ، وفي الأصل : ( مخذولا ) ، والقنى ، على وزن فعول : الرماح ، واحدها قناة .
(6) ليست في الأصل ، والخبر لم يرو في مظنه من ح .

واقعة صفين _ 372 _

  خليق أن تدرسه الخيل بسنابكها ، أو تذريه في مداركها ، كدوس الحصرم ، وهو ضعيف الكبد ، شديد البطش ، يتلمظ تلمظ الشمطاء المفجعة ، فأتاه غمر ـ فقال ـ إذ به عندنا والله ضرب كضرب القدار (1) ، مرن الشراسيف ، بالشفار الواقع ، تشمص له النشوز في سراعيف الخيل ، فحمل عليه فدخل تحت ، بطن فرسه فطعنه حتى جدله عن فرسه ، وجاء أصحابه فحملوه فعاش ثلاثة أيام ثم مات (2) ، وهو الذي جعل معاوية ابنه على عطائه ، وقتل حمزة يوم التليل المنفرد ، وقال حمزة :
تـعيرنا داء بـأمك iiمـثله      وأي حصان لا يقال لها هل
بلغا  عني السكون وهل iiلي      مـن  رسول إليهم غير iiآن
  لم أصــد السنان عن سبــق الخيل ولــم أتقي هــذام السنـــان (3) حين ضج الشعاع من ندبلخي ، للحرب وهر الكماة وقــع اللـدان (4) :
ومشى القوم بالسيوف إلى القوم      كـمشى  الـجمال بين iiالإران
  وقال عمرو بن العاص :
أن  لـو شـهدت فوارسا في iiقومنا      يـوم الـقوارع مـر مـر iiالأجهل
لـرأيت  مـأسدة شـوارع iiبـالقنا      جون الجلود من الحديد المرسل  (5)
---------------------------
(1) القدار ، بالضم : الجزار ، وفي الأصل : ( القداد ) تحريف ، قال مهلهل :
(2) في هذا الكلام تحريف لم أجد مرجعا لتحقيقه .
(3) سنان هذام : حديد قاطع .
(4) الشعاع ، بالفتح : ما تفرق وانتشر من الدم إثر الطعنة ، والندب ، آثار الجراحات ، والدان : جمع لدن ، وهو اللين من الرماح ، وفي الأصل : ( الجبان ) ولا وجه له ، قال المفضل بن المهلب :
(5) أي اسودت جلودهم من لبس الحديد والسلاح ، والجون بالضم : جمع جون ، بالفتح ، وهو الأسود ، وفي الأصل : ( دون ) تحريف .

واقعة صفين _ 373 _

ومن هر أطراف القنا خشية الردى      فـليس لـمجد صـالح iiبـكسوب
  وقال عنترة :
إنـا لـنضرب بـالصوارم iiهـامها      ضــرب  الـقدار نـقيعة iiالـقدام
حـلفنا لـهم والـخيل تردي بنا iiمعا      نـزايـلكم حـتى تـهروا الـعواليا
مـتـسربلين  سـوابـغا iiعـاديـة      ادفوا الملوك بكل عضب مقصل  (1)
يـمشون  فـي عنت الطريق iiكأنهم      أسـد  تـقلقل فـي غريف iiالحسكل
يـحمون  إذ دهـموا وذاك iiفـعالهم      عـند الـبديهة فـي عجاج iiالقسطل
الـنـازلون  أمــام كـل كـريهة      تـخشى عـوائدها غـداة الـفيصل
والـخـيل غـائرة الـعيون كـأنما      كـحلت  مآقيها بزرق الكعطل  (2)
يـعدون  إذ ضـج الـمنادي iiفـيهم      نـحو المنادي بذخة في القنبل  (3)
ودنـا  الـكماة مـن الكماة iiوأعملت      زرقـا  تـعم سراتهم كالمشعل  (4)
  وقال الأحمر : وجاء عدي بن حاتم يلتمس عليا ، ما يطأ إلا على إنسان ميت أو قدم أو ساعد ، فوجده تحت رايات بكر بن وائل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ألا نقوم حتى نموت ؟ فقال علي : ادنه ، فدنا حتى وضع أذنه عند أنفه فقال : ويحك ، إن عامة من معي يعصيني ، وإن معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه ، وقال أبو حبة بن غزية الأنصاري ، واسمه عمرو (5) ، وهو الذي عقر الجمل ، فقال بصفين :
كـل  امرئ لابد يوما iiميت      والموت حق فاعرفن وصيه
سائل  حليلة معبد عن iiفعلنا      وحـليلة اللخمي وابن كلاع
---------------------------
(1) ادفوا ، كذا وردت ، والمقصل : القطاع .
(2) كذا ورد هذا اللفظ .
(3) البذخة : المرة من البذخ وهو الكبر ، والقنبل ، بالفتح : الطائفة من الناس ومن الخيل .
(4) الزرق : الأسنة ، في الأصل : ( وأهملت زرقا ) والوجه ما أثبت .
(5) هو عمرو بن غزية ، بفتح العين وكسر الزاي وتشديد الياء ، بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري ، ترجم له ابن حجر في الإصابة 5922 .

واقعة صفين _ 374 _

واسـأل عـبيد الله عـن iiأرماحنا      لـمـا ثــوى مـتجدلا iiبـالقاع
وأسـأل مـعاوية الـمولى iiهاربا      والخيل  تعدو وهي جد سراع  (1)
مـاذا  يـخبرك الـمخبر iiمـنهم      عـنا  وعـنهم عند كل وقاع  (2)
إن يـصـدقوك يـخبروك بـأننا      أهل الندى قدما مجيبو الداعي  (3)
نـدعو  إلى التقوى ونرعى iiأهلها      بـرعاية الـمأمون لا iiالـمضياع
إن يـصـدقوك يـخبروك بـأننا      نـحمى  الـحقيقة عند كل مصاع
ونـسن  لـلأعداء كـل iiمـثقف      لــدن  وكـل مـشطب iiقـطاع
  وقال عدي بن حاتم بصفين :
أقـول لـما أن رأيت المعمعه      واجتمع  الجندان وسط iiالبلقعه
هـذا  عـلي والهدى حقا معه      يـا  رب فاحفظه ولا iiتضيعه
فـإنه يـخشاك ربـي iiفارفعه      ومن أراد عيبه فضعضعه  (4)
  وقال النعمان بن عجلان الأنصاري (5) يوم صفين :
سـائل  بـصفين عنا عند iiوقعتنا      وكيف كنا غداة المحك نبتدر  (6)
واسـأل  غـداة لقينا الأزد iiقاطبة      يوم البصيرة لما استجمعت iiمضر
---------------------------
(1) ح ( 2 : 283 ) : ( والخيل تمعج ) .
(2) الوقاع : المواقعة في الحرب ، وفي الأصل : ( دفاع ) وأثبت ما في ح .
(3) في الأصل : ( مستسمعون الداعي ) صوابه في ح .
(4) في الأصل : ( ومن أراد غيه ) صوابه في ح .
(5) هو النعمان بن عجلان بن النعمان بن عامر بن زريق الأنصاري ، كان لسان الأنصار وشاعرهم ، وذكر المبرد أن عليا استعمله على البحرين فجعل يعطى كل من جاءه من بني زريق ، فقال فيه الشاعر ، وهو أبو الأسود الدئلي : انظر الإصابة 8747 ، ح : ( بن جعلان ) تحريف .
(6) ح : ( أم كيف كنا إلى العلياء ) .

واقعة صفين _ 375 _

ري  فـتنة قـد ألـهت الناس iiعنكم      فـندلا  زريـق الـمال ندل الثعالب
فـإن ابـن عـجلان الذي قد iiعلمتم      يـبـدد  مـال الله فـعل الـمناهب
لـولا  الإلـه وقـوم قـد iiعـرفتهم      فيهم عفاف ، وما يأتي به القدر  (1)
لـما  تـداعت لـهم بالمصر iiداعية      إلا الكلاب ، وإلا الشاء والحمر  (2)
كـم  مـقعص قـد تـركناه iiبمقفرة      تـعوي  الـسباع لـديه وهو iiمنعفر
ومـا إن تـراه ولا يـبكي عـلانية      إلـى القيامة حتى تنفخ الصور  (3)
  وقال عمرو بن الحمق الخزاعي :
تـقول عـرسي لما أن رأت iiأرقي      مـاذا يـهيجك من أصحاب iiصفينا
ألـست  في عصبة يهدي الإله iiبهم      لا  يـظلمون  (4)  ولا بغيا iiيريدونا
فـقلت إنـي على ما كان من iiسدر      أخشى عواقب أمر سوف يأتينا  (5)
إدالـة الـقوم فـي أمـر يراد iiبنا      فـاقني حـياء وكـفي مـا iiتقولينا
   وقال حجر بن عدي الكندي :
يـا ربـنا سـلم لـنا عـليا      سـلم لـنا الـمهذب iiالـنقيا
الـمؤمن المسترشد iiالمرضيا      واجـعله هـادي أمـة مهديا
لا أخطل الرأي ولا غبيا  (6)       واحـفظه  ربي حفظك iiالنبيا
فـإنـه  كــان لـه iiولـيا      ثـم  ارتـضاه بـعده iiوصيا
---------------------------
(1) ح : ( وعفو من أبي حسن ، عنهم وما زال منه العفو ينتظر ) .
(2) ح ( 2 : 284 ) : ( ما إن يؤوب ولا ترجوه أسرته ) ,
(3 ) الصور ، بضم ففتح : جمع صورة ، وبها قرأ الحسن في كل موضع من الكتاب جاء فيه لفظ ( الصور ) بالضم ، انظر إتحاف فضلاء البشر ص 211 ، على أن بعض من قرأ ( الصور ) بالضم جعله أيضا جمعا لصورة كصوف وصوفة ، وثوم وثومة ، انظر اللسان ( 6 : 146 ) .
(4) في الأصل : ( أهل الكتاب ) وأثبت ما في ح .
(5) السدر ، بالتحريك : الحيرة ، وفي ح : ( رشد ) .
(6) في الأصل : ( بغيا ) ولا وجه له ، وقال اللحياني : ( لا يقال رجل بغي ) .

واقعة صفين _ 376 _

  وقال معقل بن قيس التميمي :
يـأيها الـسائل عـن iiأصـحابي      إن  كـنت تـبغي خبر iiالصواب
أخـبر عـنهم غـير مـا تكذاب      بـأنـهـم أوعـيـة iiالـكـتاب
صبر لدى الهيجاء والضراب  (1)       وسـل جـموع الأزد iiوالـرباب
  وســل بذاك معشــر الأحزاب وقال أبو شريح الخزاعي :
يا  رب قاتل كل من iiيريدنا      وكـد إلـهي كل من iiيكيدنا
حـتى يرى معتدلا iiعمودنا      إن عـلـيا لـلذي يـقودنا
وهو الذي بفقهه يؤودنا  (2)       عـن  قحم الفتنة إذ iiتريدنا
  وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي :
ألا أبـلغ مـعاوية بـن iiحرب      أمـالك  لا تنيب إلى iiالصواب
أكـل الـدهر مـرجوس iiلغير      تـحارب من يقوم لدي iiالكتاب
فـإن تـسلم وتبقي الدهر iiيوما      نـزرك  بجحفل شبه iiالهضاب
يـقودهم  الـوصي إليك iiحتى      يردك عن عوائك  (3)  وارتياب
وإلا فـالـتي جـربـت iiمـنا      لـكم  ضـرب المهند iiبالذؤاب
  وقال أبو واقد الحارث بن عوف الخشني :
سـائل  بـنا يوم لقينا iiالأزدا      والخيل تعدو شقرا ووردا  (4)
لـما  قـطعنا كـفهم iiوالزندا      واستبدلوا  بغيا وباعوا iiالرشدا
---------------------------
(1) في الأضل : ( صبرا ) وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح .
(2) آده : عطفه وثناه .
(3) من العواء اشتق اسم ( معاوية ) ، فإن المعاوية الكلبة تعاوي الكلاب ، وفي الأصل : ( غواتك ) تحريف .
(4) شقرا : جمع أشقر وشقراء ، وهو الأحمر ، وهن أكرم الخيل ، والورد ، بالضم : جمع ورد ، بالفتح ، وهو ما لونه أحمر يضرب إلى صفرة حسنة ، وفي الأصل : ( تفدو سفرا ووردا ) وإنما هما من العدو والشقرة ، وهذه المقطوعة ترد في مظنها من ح .

واقعة صفين _ 377 _

وضـيعوا فيما أرادوا iiالقصدا      سحقا لهم في رأيهم وبعدا  (1)
   وقال همام بن الأغفل الثقفي :
قـد قرت العين من الفساق  (2)       ومـن رءوس الـكفر iiوالـنفاق
إذ ظـهـرت كـتائب iiالـعراق      نحن  قتلنا صاحب المراق  (3)
وقـائـد  الـبـغاة iiوالـشـقاق      عثمان يوم الدار والإحراق  (4)
لـمـا لـفـفنا سـاقهم iiبـساق      بـالطعن والـضرب مع iiالعناق
وسـل  بـصفين لـدي iiالتلاقي      تـنبأ  بتبيان مع المصداق  (5)
أن قد لقوا بالمارق الممراق  (6)       ضربا  يدمي عقر الأعناق  (7)
  وقال محمد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشي :
نحن قتلنا نعثلا بالسيرة  (8)       إذ  صد عن أعلامنا iiالمنيرة
يحكم  بالجور على iiالعشيره      نـحن قـتلنا قـبله المغيره
نـالته  أرمـاح لنا iiموتوره      إنـا أنـاس ثابتو iiالبصيره
  إن عليـــا عالــــم بالسيرة وقال حويرثة بن سمي العبدي :
سائل  بنا يوم التقينا الفجرة      والخيل تغدو في قتام الغبره
---------------------------
(1) سحقا ، بالضم : بعدا ، وفي الكتاب : ( فسحقا لأصحاب السعير ) .
(2) في الأصل : ( المساق ) وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح .
(3) المراق : جمع مارق ، وفي الأصل : ( المراقي ) تحريف .
(4) يشير إلى ما كان من إحراق باب دار عثمان في أثناء حصاره ، انظر الطبري ( 5 : 131 ) .
(5) في الأصل : ( ثبنا بتبيان ) .
(6) المارق : السهم يمرق من الرمية ، أي ينفذ ، وقد عني به السيف .
(7) عقر الأعناق : أصلها ، وهو بضم العين ، وضم القاف للعشر ، وفي الأصل : ( عكر ) تحريف .
(8) نعثل : نبز لعثمان بن عفان ، انظر ما سبق في ص 229 .

واقعة صفين _ 378 _

تنبأ بأنا أهل حق نعمره  (1)       كـم  من قتيل قد قتلنا iiتخبره
ومـن  أسير قد فككنا iiمأسره      بالقاع من صفين يوم iiعسكره
  وقال عمرو :
لعمري  لقد لاقت بصفين خيلنا      سـميرا  فلم يعدلن عنه iiتخوفا
قـصدت لـه في وائل iiفسقيته      سمام  زعاف يترك اللون iiأكلفا
فـما جبنت بكر عن ابن معمر      ولـكن رجا عود الهوادة iiفانكفا
وخاف الذي لاقى الهجيمي قبله      تـفرق عـنه جـمعه iiفتخطفا
ونـحن قتلنا هاشما وابن iiياسر      ونـحن  قتلنا ابني بديل iiتعسفا

   وهذا سمير ، ابن الحارث العجلي ، وقال عرفجة بن أبرد الخشني :
ألا سـألت بنا والخيل شاحبة  (2)       تـحت  الـعجاجة والفرسان iiتطرد
وخـيل  كـلب ولـخم قد iiأضربها      وقاعنا  (3)  إذ غدوا للموت واجتلدوا
مـن  كـان أصبر فيها عند iiأزمتها      إذ الـدماء عـلى أبدنها جسد  (4)

  قال أيضا :
سـائل بـنا عكا وسائل iiكلبا      والحميريين وسائل شعبا  (5)

---------------------------
(1) في الأصل : ( ثبنا بأنا ) والوجه ما أثبت ، وفي هذا البيت وتاليه إقواء .
(2) الشحوب : التغير من هزال أو عمل أو جوع أو سفر ، وفي الأصل : ( ساجية ) ، وهذه المقطوعة لم ترد في مظنها من ح .
(3) الوقاع ، بالكسر : المقاتلة ، وفي الأصل : ( في قاعنا ) .
(4) الجسد : جمع جساد ، وهو بالكسر : الزعفران ، وفي الأصل : ( جسدوا ) تحريف .
(5) أي أهل شعب ، وهو جبل باليمن نزله حسان بن عمرو والحميري ، فمن كان منهم بالكوفة يقال لهم شعبيون ، منهم الشعبي الفقيه ، ومن كان منهم بالشام يقال لهم الشعبانيون ، ومن كان باليمن يقال لهم آل ذي شعبين ، ومن كان بمصر يقال لهم الأشعوب ، وقالوا في قوله : ، جارية من شعب ذي رعين ، : ليس يراد به الموضع ، بل القبيلة .

واقعة صفين _ 379 _

كيف رأونا إذ أرادوا الضربا      ألم نكن عند اللقاء غلبا  (1)
  لمــا ثوي معبدهــم منكبــا وقال المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب :
يـا شـرطة الـموت صـبرا لا يهولكم      ديـن  ابـن حـرب فإن الحق قد iiظهرا
وقـاتـلوا كـل مـن يـبغي iiغـوائلكم      فـإنما الـنصر فـي الضرا لمن iiصبرا
سيفوا الجوارح حد السيف واحتسبوا  (2)       فـي ذلـك الـخير وارجوا الله iiوالظفرا
وأيـقـنوا  أن مـن أضـحى يـخالفكم      أضـحى  شـقيا وأضـحى نفسه iiخسرا
فـيـكم وصــي رسـول الله iiقـائدكم      وأهـلـه  وكـتـاب الله قــد iiنـشرا
ولا  تـخـافوا ضــلالا لا أبـا iiلـكم      سـيحفظ  الـدين والـتقوى لمن iiصبرا
   وكتب علي إلى معاوية : أما بعد فإنك قد ذقت ضراء الحرب وأذقتها ، وإني عارض عليكم ما عرض المخارق على بني فالج (3) :
أيـا  راكـبا إمـا عرضت iiفبلغن      بني فالج حيث استقر قرارها  (4)
هـلموا إلـينا لا تـكونوا iiكـأنكم      بـلاقع أرض طـار عنها iiغبارها
سـليم بـن مـنصور أناس iiبحرة      وأرضهم أرض كثير وبارها  (5)

---------------------------
(1) الأغلب : الأسد الغليظ الرقبة .
(2) سافه يسيفه : ضربه بالسيف ، حد السيف ، أي بحد السيف ، فنزع الخافض .
(3) في الأصل : ( فاتح ) تحريف ، وانظر الحيوان ( 6 : 369 ) .
(4) في الأصل : ( بني فاتح ) وانظر التنبيه السابق .
(5) الحرة ، بالفتح : أرض ذات حجارة سود نخرة كأنما أحرقت بالنار ، وفي معجم البلدان : ( حرة سليم ، هو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ، قال أبو منصور : حرة النار لبني سليم ، وتسمى أم صبار ) ، وفي الأصل : ( تجرة ) صوابها ما أثبت ، وانظر الحيوان ( 4 : 71 ) ، والوبار : جمع وبر ، بالفتح : دويبة كالسنور .

واقعة صفين _ 380 _

   فأجابه معاوية : من معاوية إلى علي : أما بعد ـ عافانا الله وإياك ـ فإني إنما قاتلت على دم عثمان ، وكرهت التوهين (1) في أمره وإسلام حقه ، فإن أدرك به فبها ، وإلا فإن الموت على الحق أجمل من الحياة على الضيم ، وإنما مثلي ومثل عثمان كما قال المخارق : متى تسلي عن نصرتي السيد لا يجد لك السيد بيت السيد عندي مسلما (2) إذا حل بيتي عند جاري لم يخف غوائل ما يسري إذا الليل أظلما وقلت له في الرحب وجهك إنني سأمسك عنك الدار أن يتهدما (3) فكتب إليه علي بن أبي طالب : أما بعد فإنك وما ترى كما قال أوس ابن حجر :
وكـائن  يـرى من عاجز iiمتضعف      جنى الحرب يوما ثم لم يغن ما يجني
ألـم يـعلم الـمهدي الـوعيد iiبأنني      سـريع  إلـى مـا لا يسر له iiقرني
  وإن مكاني للمريديــــن بارز وإن برزوني ، ذو كؤود وذو حضن (4) فكتب إليه معاوية : عافانا الله وإياك ، إنا لم نزل للحرب قادة وأبناء ، لم تصب مثلنا ومثلك ، ولكن مثلنا كما قال أوس :

---------------------------
(1) التوهين : الإضعاف ، وفي الأصل : ( التدهين ) .
(2) السيد ، بالكسر : قبيلة من قبائلهم ، من بني ضبة .
(3) وجهك : أي الجهة التي تنتويها في السفر ، والدار مؤنثة ، وقد تذكر .
(4) الكؤود : العقبة الشاقة المصعد ، الصعبة المرتقى .

واقعة صفين _ 381 _

إذا الحرب حلت ساحة القوم أخرجت      عـيوب رجـال يعجبونك في iiالأمر
ولـلحرب يـجنيها رجـال iiومـنهم      إذا مـا جـناها مـن يعيد ولا iiيغني
  وقال الأحنف بن قيس التميمي بصفين وهو مع علي : هلكت العرب ! فقال له أصحابه : وإن غلبنا أبا بحر ؟ قال : نعم ، قالوا : وإن غلبنا ؟ قال : نعم ، قالوا : والله ما جعلت لنا مخرجا ، قال الأحنف : إن غلبنا لم نترك بها رئيسا إلا ضربنا عنقه ، وإن غلبنا لم يعرج ( بعدها ) رئيس عن معصية الله أبدا ، نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن الشعبي قال : ذكر معاوية يوما صفين بعد عام الجماعة وتسليم الحسن ( عليه السلام ) الأمر إليه ، فقال للوليد بن عقبة : أي بني عمك كان أفضل يوم صفين يا وليد ، عن وقدان الحرب واستشاطة لظاها ، حين قاتلت الرجال على الأحساب ؟ قال : كلهم قد وصل كنفتها (1) ، عند انتشار وقعتها ، حتى ابتلت أثباج الرجال ، من الجريال ، بكل لدن عسال ، وكل عضب قصال ، ثم قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد : أما والله لقد رأيتنا (2) يوما من الأيام وقد غشينا ثعبان مثل الطود الأرعن قد أثار قسطلا حال بيننا وبين الأفق ، وهو على أدهم شائل ، يضربهم بسيفه ضرب غرائب الإبل ، كاشرا عن أنيابه ، كشر المخدر الحرب ، فقال معاوية : والله إنه كان يجالد ويقاتل عن ترة له وعليه ، أراه يعني عليا (3) ، نصر : وحدثنا عمر بن سعد ، عن الشعبي قال : أرسل علي إلى معاوية : ان ابرز لي وأعف الفريقين من القتال ، فأينا قتل صاحبه كان الأمر له .

---------------------------
(1) الكنف والكنفة : جانب الشئ ، ح ( 2 : 284 ) : ( كنفيها ) .
(2) في الأصل : ( رأيت ) وأثبت ما في ح .
(3) هذه العبارة ليست في ح .

واقعة صفين _ 382 _

  قال عمرو : لقد أنصفك الرجل ، فقال معاوية : إني لا كره أن أبارز الأهوج الشجاع (1) ، لعلك طمعت فيها يا عمرو ، ( فلما لم يجب ) قال علي : ( وانفساه ، أيطاع معاوية وأعصى ؟ ما قاتلت أمة قط أهل بيت نبيها وهي مقرة بنبيها إلا هذه الأمة ) ، ثم إن عليا أمر الناس أن يحملوا على أهل الشام ، فحملت خيل علي على صفوف أهل الشام ، فقوضت صفوفهم ، قال عمرو يومئذ : على من هذا الرهج الساطع ؟ فقيل : على ابنيك عبد الله ومحمد ، فقال عمرو : يا وردان ، قدم لواءك ، فتقدم فأرسل إليه معاوية : ( إنه ليس على ابنيك بأس ، فلا تنقض الصف والزم موقعك ) ، فقال عمرو : هيهات هيهات !
الليث يحمي شبليه      ما خيره بعد iiابنيه
   فتقدم ( باللواء ) فلقى الناس وهو يحمل ، فأدركه رسول معاوية فقال : إنه ليس على ابنيك بأس فلا تحملن ، فقال له عمرو : قل له : إنك لم تلدهما ، وإني أنا ولدتهما ، وبلغ مقدم الصفوف فقال له الناس : مكانك ، إنه ليس على ابنيك بأس ، إنهما في مكان حريز ، فقال : أسمعوني أصواتهما حتى أعلم أحيان هما أم قتيلان ؟ ونادى : يا وردان ، قدم لواءك قدر قيس قوسي (2) ، ولك فلانة ـ جارية له ـ فتقدم بلوائه ، فأرسلي علي إلى أهل الكوفة : أن أحملوا ، وإلى أهل البصرة : أن احملوا ، فحمل الناس من كل جانب فاقتتلوا قتالا شديدا ، فخرج رجل من أهل الشام فقال : من يبارز ؟ فخرج إليه رجل من أصحاب علي فاقتتلا ساعة ، ثم إن العراقي ضرب رجل الشامي فقطعها ، فقاتل ولم يسقط إلى الأرض ، ثم ضرب يده فقطعها ، فرمى الشامي بسيفه بيده اليسرى إلى أهل الشام ثم قال : يا أهل الشام ، دونكم سيفي هذا فاستعينوا به على عدوكم ، فأخذوه ، فاشترى معاوية ذلك السيف من أولياء المقتول بعشرة آلاف .

---------------------------
(1) ح : ( الشجاع الأخرق ) .
(2) القيس ، بالكسر ، هو القدر ، ونحو هذه الإضافة : دار الآخرة ، وحق اليقين ، وحبل الوريد ، وحب الحصيد ، وفي ح : ( قيس قوس ) .

واقعة صفين _ 383 _

  وقال أبو زبيد الطائي يمدح عليا ويذكر بأسه :
إن  عـلـيا ســاد iiبـالـتكرم      والـحـلم عـند غـاية iiالـتحلم
هـداه ربـي لـلصراط الأقـوم      بـأخذه  الـحل وتـرك iiالمحرم
كالليث عند اللبوات الضيغم  (1)       يـرضعن أشـبالا ولـما تـفطم
فـهو يـحمي غـيرة iiويـحتمي      عـبل  الذراعين كريه شدقم  (2)
مـجوف  الـجوف نبيل iiالمحزم      نـهـد كـعادي الـبناء iiالـمبهم
يـزدجر الـوحي بصوت iiأعجم      تـسمع  بـعد الـزبر iiوالـتقحم
مـنه  إذا حـش له ترمرم  (3)       مـندلق الـوقع جرى المقدم  (4)
لـيث  الليوث في الصدام iiمصدم      وكـهمس الليل مصك ملدم  (5)
عـفروس آجام عقار الأقدم  (6)       كـروس الـذفرى أغم مكدم  (7)

---------------------------
(1) في الأصل : ( عنده الليوث ) .
(2) شدقم : واسع الشدق ، وفي الأصل : ( كريه الشدقم ) تحريف .
(3) كذا ورد هذا البيت .
(4) الاندلاق : الهجوم والتقدم ، وفي الأصل : ( مندلف ) تحريف .
(5) الكهمس : اسم من أسماء الأسد .
(6) العفروس ، من أسماء الأسد ، واشتقاقه من العفرسة وهو الصرع والغلبة ، ولم يذكر هذه اللغة ـ صاحب اللسان ، وفي القاموس : ( العفرس : بالكسر ، والعفريس والعفراس والعفروس والمفرنس كسفرجل : الأسد ) ، والعقار ، بالضم : القاتل ، وهو من قولهم : كلأ عقار ، أي قاتل للماشية ، وفي الأصل : (عفار ) ، والأقدم ، بفتح الدال : الأسد .
(7) الكروس : الضخم ، والذفري ، بالكسر : عظم شاخص خلف الأذن ، والأغم : الذي سال شعره فضاق وجهه وقفاه ، والمكدم : الغليظ الشديد ، وفي الأصل : ( كروس الذفرين عم المكرم ) .

واقعة صفين _ 384 _

ذو جـبـهة غـرا وأنـف iiأخـثم      يـكنى مـن البأس أبا محطم  (1)
قـسورة  النطر صفى شجعم  (2)       صـم صـمات صلخد صلدم  (3)
مصمت الصم صموت سرطم  (4)       إذا رأتـه الأسـد لـم ترمرم  (5)
مـن هـيبة الـموت ولـم iiتجمجم      رهـبة مـرهوب الـلقاء iiضـيغم
مـجرمز  شـان ضـرار iiشـيظم      عـند  العراك كالفنيق الأعلم  (6)
يـفري الـكمي بـالسلاح iiالـمعلم      مـنـه  بـأنـياب ولـما iiتـقضم
ركـن مما ضيغ بلحي سلجم  (7)       حـامي  الـذمار وهـو لـما iiيكدم
تـرى  مـن الفرس به نضح iiالدم      بـالنحر والـشدقين لـون الـعندم
أغلب ما رضى  (8)  الأنوف iiالرغم      إذا  الأسـود أحـجمت لـم iiيحجم
إذا  تـناجي الـنفس قـالت iiصمم      غـمـغمة فـي جـوفها iiالـمغمغم
أغـضف  رئبال خدب فدغم  (9)       منتشر العرف هضيم هيصم  (10)
  قالها أبو زبيد لعلي ، وقال علي :
أنا الذي سمتن أمي حيدره      رئبال آجام كريه iiالمنظره
---------------------------
(1) البأس : الشدة ، وفي الأصل : ( من الناس ) .
(2) القسورة : الشجاع ، والنطر ، كذا وردت .
(3) الصم ، بالكسر ، والصمة : من أسماء الأسد لشجاعته ، والصلخد : الشديد الماضي ، وفي الأصل : ( مصلخد ) ، ولا يستقيم به الوزن .
(4) السرطم : الواسع الحلق السريع البلع .
(5) أي لم تترمرم ، أي سكنت ولم تتحرك ، وفي الأصل : ( ألم ترترم ) تحريف .
(6) الأعلم : المشقوق الشفة العليا ، وفي الأصل : ( المعلم ) تحريف .
(7) ركن ، كذا وردت ، والمماضيغ : الأضراس : وفي الأصل : ( مما ضع ) ، ولحي سلجم : شديد ، انظر اللسان ( سلجم ) .
(8) كذا وردت هذه الكلمة .
(9) الفدغم : اللحيم الجسيم الطويل في عظم ، وفي الأصل : ( فدعم ) تحريف .
(10) الهضيم ، بالضاد المعجمة : اللطيف الكشحين ، والهيصم ، بالمهملة : الغليظ الشديد الصلب ، وهذه الأرجورة لم أجد لها مصدرا أعتمد عليه في تحقيقها .

واقعة صفين _ 385 _

عبل الذراعين شديد القسوره      أكيلهم  بالصاع كيل iiالسندره
  نصر قال : وحدثني رجل عن مالك الجهني ، عن زيد بن وهب ، أن عليا مر على جماعة من أهل الشام بصفين ، فيهم الوليد بن عقبة وهم يشتمونه ويقصبونه (1) فأخبروه بذلك ، فوقف في ناس من أصحابه فقال : ( انهدوا إليهم وعليكم السكينة وسيما الصالحين ووقار الإسلام ، والله لاقرب قوم من الجهل بالله ( عز وجل ) قوم قائدهم ومؤدبهم (2) معاوية ، وابن النابغة (3) ، وأبو الأعور السلمي ، وابن أبي معيط ، شارب الحرام ، والمجلود حدا في الإسلام وهم أولاء يقومون فيقصبونني ، ويشتمونني ، وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني ، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام ، فالحمد لله ولا إله إلا الله ، وقديما ما عاداني الفاسقون ، إن هذا هو الخطب الجليل ، إن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين ، وعلى الإسلام وأهله متخوفين ، أصبحوا وقد خدعوا (4) شطر هذه الأمة فأشربوا قلوبهم حب الفتنة ، فاستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان ، وقد نصبوا لنا الحرب ، وجدوا في إطفاء نور الله ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ، اللهم فإنهم قد ردوا الحق فافضض جمعهم ، وشتت كلمتهم ، وأبسلهم بخطاياهم (5) ؛ فإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .

---------------------------
(1) القصب : العيب والشتم ، ومثله التقصيب .
(2) ح ( 2 : 285 ) : ( أقرب بقوم من الجهل قائدهم ومؤدبهم ) .
(3) يعني عمرو بن العاص ، واسم أمه ( النابغة ) وهي من بني عنزة ، كما في أول ترجمته من الإصابة 5877 .
(4) في الأصل : ( حتى خدعوا ) وأثبت ما في ح ( 2 : 285 ) .
(5) الإبسال : الإهلاك ، وفي الكتاب : ( أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا ) .

واقعة صفين _ 386 _

  نصر ، عن نمير بن وعلة ، عن عامر الشعبي ، أن علي بن طالب مر بأهل راية فرآهم لا يزولون عن موقفهم ، فحرض الناس على قتالهم ـ وذكر أنهم غسان ـ فقال : إن هؤلاء القوم لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم (1) ، وضرب يفلق الهام ، ويطيح العظام وتسقط منه المعاصم والأكف ، حتى تصدع جباههم وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان ، أين أهل الصبر وطلاب الخير ؟ أين من يشري وجهه لله ( عز وجل ) ؟ ، فثابت إليه عصابة من المسلمين فدعا ابنه محمدا فقال له : امش نحو هذه الراية مشيا رويدا على هينتك ، حتى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك يدك حتى يأتيك أمري ورأيي (2) ، ففعل ، وأعد علي ( عليه السلام ) مثلهم مع الأشتر ، فلما دنا منهم وأشرع الرماح في صدورهم ، أمر علي الذين أعدوا فشدوا عليهم ، ونهض محمد في وجوههم ، فزالوا عن مواقفهم ، وأصابوا منهم رجالا ، واقتتل الناس بعد المغرب قتالا شديدا ، فما صلى كثير من الناس إلا إيماء ، وقال العديل بن نائل العجلي (3) :
لـست  أنـس مـقام غسان iiبالت‍ل      ولـو  عـشت ، مـا أظـل شمام
سـادة قـادة إذا اعصوصب iiالقوم      لـيوم  الـقراع عـند الكدام  (4)
ولـهـم أنـديـات نــاد iiكـرام      فـهم  الـغر فـي ذرى iiالأعـلام
نـاوشـونا  غـداة سـرنا إلـيهم      بـالعوالي  وبـالسيوف iiالـدوامي
فـتـولوا  ولـم يـصيبوا iiحـميا      عند وقع السيوف يوم اللغامي  (5)
---------------------------
(1) النسيم : الروح ، كالنسم ، قال الأغلب :
(2) في الأصل : ( ورايتي ) .
(3) لم أعثر له على ترجمة ، وفي شعرائهم : ( العديل بن الفرخ العجلي ) .
(4) اعصوصب القوم : اجتمعوا وصاروا عصابة واحدة ، والكدام : شدة القتال ، وفي اللسان : ( والكدم والمكدم : الشديد القتال ) ، وفي الأصل : ( الكهام ) ولا وجه له .
(5) كذا وردت هذه الكلمة .

واقعة صفين _ 387 _

ضرب القدار نقيعة iiالقديم      يفرق  بين النفس iiوالنسيم
ورضـينا بكل كهل iiكريم      ثابت أسه من القمقام  (1)
  نصر ، عن رجل ، عن محمد بن عتبة الكندي قال : حدثني شيخ من حضر موت شهد مع علي صفين فقال : كان منا رجل يدعى بهانئ بن نمر (2) ، وكان هو الليث النهد ، فخرج إليه رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة ، فلم يخرج إليه أحد فقال : سبحان الله ، ما يمنعكم أن يخرج منكم رجل إلى هذا ؟ فلولا أني موعوك وأني أجد لذلك ضعفا ( شديدا ) لخرجت إليه ، فما رد عليه رجل من أصحابه شيئا ، فوثب (3) فقال أصحابه : سبحان الله تخرج وأنت موعوك ؟ ! قال : والله لأخرجن إليه ولو قتلني ، فلما رآه عرفه ، وإذا الرجل من قومه يقال له يعمر بن أسيد (4) الحضرمي ، وبينهما قرابة من قبل النساء ، فقال له : يا هانئ ارجع ، فإنه أن يخرج إلى غيرك أحب إلى ، إني لست أريد قتلك ، قال له هانئ : ما خرجت إلا وأنا موطن نفسي على القتل ، ( لا والله ، لأقاتلن اليوم حتى أقتل ) ، ما أبالي قتلتني أنت أو غيرك ، ثم مشى نحوه فقال : اللهم في سبيلك وسبيل رسولك ، ونصرا لابن عم نبيك ، ثم اختلفا ضربتين ، فقتل هانئ صاحبه ، وشد أصحابه نحوه ، وشد أصحاب هانئ نحوه ، ثم اقتتلوا وانفرجوا عن اثنين وثلاثين قتيلا ، ثم إن عليا أرسل إلى الناس : أن احملوا ، فحمل الناس على راياتهم كل قوم بحيالهم (5) ، فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد ، لا يسمع إلا صوت ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين (6) .
ومرت الصلوات كلها ولم يصلوا إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة ، حتى تفانوا ورق الناس ، فخرج رجل بين الصفين لا يعلم من هو ، فقال : أخرج فيكم المحلقون ؟ قلنا : لا ، قال : إنهم سيخرجون ، ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمر من الصبر ، لهم حمة كحمة الحيات ، ثم غاب الرجل ولم يعلم من هو .

---------------------------
(1) القمقام : العدد الكثير ، قال ركاض بن أباق : من نوفل في الحسب القمقام .
(2) ح ( 2 : 285 ) : ( بن فهد ) .
(3) في ح : ( فقام وشد عليه سلاحه ليخرج ) .
(4) ح : ( بن أسد ) .
(5) ح ( 2 : 286 ) : ( كل منهم يحمل على من بإزائه ) .
(6) في الأصل : ( لا يسمع إلا صوت السنادين ) وأثبت ما في ح .

واقعة صفين _ 388 _

  نصر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي يحيى ، عن عبد الرحمن ابن حاطب (1) قال : خرجت ألتمس أخي في القتلى بصفين ، سويدا ، فإذا برجل قد أخذ بثوبي ، صريع في القتلى ، فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هل لك في الماء ؟ قال : لا حاجة لي في الماء قد أنفذ في السلاح وخرقني ، ولست أقدر على الشرب ، هل أنت مبلغ عني أمير المؤمنين رسالة فأرسلك بها ؟ قلت : نعم ، قال : فإذا رأيته فاقرأ عليه مني السلام ، وقل : ( يا أمير المؤمنين ، أحمل جرحاك إلى عسكرك ، حتى تجعلهم من وراء القتلى ، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ) ، ثم لم أبرح حتى مات ، فخرجت حتى أتيت عليا ، فدخلت عليه فقلت : إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام ، قال : وعليه ، أين هو ؟ قلت : قد والله يا أمير المؤمنين أنفذه السلاح وخرقه فلم أبرح حتى توفي ، فاسترجع ، قلت : قد أرسلني إليك برسالة ، قال : وما هي ؟ قلت : قال : يا أمير المؤمنين ، احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء القتلى ، فإن الغلبة لمن فعل ذلك ، قال : صدق والذي نفسي بيده ، فنادى منادي العسكر : أن احملوا جرحاكم إلى عسكركم ، ففعلوا ذلك ، فلما أصبح نظر إلى أهل الشام وقد ملوا من الحرب .

---------------------------
(1) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي ، وهو ممن ولد زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان ثقة قليل الحديث ، توفي سنة 68 ، وقيل قتل يوم الحرة ، وهذه كانت سنة 63 في أيام يزيد بن معاوية ، انظر الإصابة 6196 ومعجم البلدان ( حرة واقم ) .

واقعة صفين _ 389 _

  وأصبح علي فرحل الناس وهو يريد أن ينزل على أهل الشام في عسكرهم ، فقال معاوية : فأخذت معرفة فرسي (1) ، ووضعت رجلي في الركاب (2) حتى ذكرت أبيات عمرو بن الإطنابة :
أبـت  لـي عـفتي وأبي iiبلائي      وأخـذي  الـحمد بالثمن iiالربيح
وإجـشامي عـلى المكروه نفسي      وضربي هامة البطل المشيح  (3)
وقـولي كـلما جـشأت وجاشت      مـكانك تـحمدي أو iiتـستريحي
  فعدت إلى مقعدي فأصبت خير الدنيا ، وكان على إذا اراد القتال هلل وكبر ثم قال :
من أي يومي من الموت أفر      أيـوم  مـا قدر أم يوم iiقدر
  وأقبل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ومعه لواء معاوية الأعظم ، وهو يقول :
أنـا ابـن سيف الله ذاكم iiخالد      أضـرب كـل قـدم وسـاعد
بـصارم مـثل الشهاب iiالواقد      أنـصر  عمى إن عمي iiوالدي
بالجهد ، لأبل فوق جهد الجاهد      مـا أنـا فـيما نـابني iiبراقد
  فاستقبله جارية بن قدامة السعدي وهو يقول :
اثبت لصدر الرمح يا ابن خالد      اثـبت لـليث ذي فلول iiحارد
من أسد خفان شديد الساعد      ينصر  خير راكع iiوساجد
من حقه عندي كحق iiالوالد      ذاكـم علي كاشف iiالأوابد
  واطعنا مليا ، ومضى عبد الرحمن وانصرف جارية ، وعبد الرحمن لا يأتي على شيء إلا أهمده ، وهو يقول :
إني إذا ما الحرب فرت عن كبر      تـخالني أخـزر من غير iiخزر
أقـحم والـخطى في النقع iiكشر      كالحية الصماء في رأس iiالحجر
   أحمل ما حملــت من خيــر وشر ، فغم ذلك عليا ، وأقبل عمرو بن العاص في خيل من بعده فقال : أقحم يا ابن سيف الله فإنه الظفر ! وأقبل الناس على الأشتر فقالوا : يوم من أيامك الأول ، وقد بلغ لواء معاوية حيث ترى ، فأخذ الأشتر لواءه ثم حمل وهو يقول :
---------------------------
(1) معرفة الفرس : لحمه الذي ينبت عليه العرف ، وهي بفتح الميم والراء .
(2) في أمالي القالي ( 1 : 258 ) : ( في الركاب يوم صفين غير مرة ) ، وانظر القصة في الكامل 753 وعيون الأخبار ( 1 : 126 ) ومجالس ثعلب 83 ومعجم المرزباني 204 وديوان المعاني ( 1 : 114 ) ، ورواية الأبيات في حماسة البحتري ( وهي أول مقطوعة فيها ) ولباب الآداب 223 ـ 224 .
(3) في الأصل : ( وإعظامي ) وأثبت أقرب رواية إليها من المصادر المتقدمة ، وهي رواية المبرد ، وفي عيون الأخبار ولباب الآداب واللسان ( 3 : 331 ) : ( وإقدامي ) وفي معجم المرزباني : ( وإكراهي ) ، وفي الأمالي : ( وإعطائي على الإعدام مالي ) والبحتري : ( على المعسور مالي ) وديوان المعاني : ( على المكروه مالي ) .

واقعة صفين _ 390 _

إني أنا الاشتر معروف الشتر  (1)       إنـي انـا الأفـعى العراقي iiالذكر
لست من الحي ربيع أو مضر ii (2)       لـكنني  مـن مـذحج الغر iiالغرر
   فضارب القوم حتى ردهم على أعقابهم ، فرجعت خيل عمرو ، وقال النجاشي في ذلك :
رأيت اللواء لواء العقاب  (3)       يـقـحمه  الـشاني iiالأخـزر
كـليث الـعرين خلال العجاج      وأقـبل  فـي خـيله iiالأبـتر
دعونا  لها الكبش كبش iiالعراق      وقد خالط العسكر العسكر  (4)
---------------------------
(1) الشتر : انقلاب جفن العين من أعلى وأسفل وتشنجه .
(2) ربيع : مرخم ربيعة لغير نداء ، وفي الأصل : ( ربيعة ومضر ) ولا يستقيم به الوزن ، والصواب ما أثبت من مروج الذهب ( 2 : 21 ) .
(3) ح ( 2 : 285 ) : ( ولما رأينا اللواء العقاب ) .
(4) ح : ( وقد أضمر الفشل العسكر ) .

واقعة صفين _ 391 _

فـرد  الـلواء عـلى iiعـقبه      وفــاز بـحظوتها iiالأشـتر
كـما  كـان يـفعل في iiمثلها      إذا ناب معصوصب منكر  (1)
فـإن يـدفع الله عـن نـفسه      فحظ  العراق بها الأوفر  (2)
إذا  الأشتر الخير خلى iiالعراق      فـقد  ذهـب العرف iiوالمنكر
وتـلك العراق ومن قد iiعرفت      كـفقع  تـنبته الـقرقر  (3)
  وذكروا أنه لما رد لواء معاوية ورجعت خيل عمرو اشرأب (4) لعلي همام بن قبيصة ، وكان من أشتم الناس لعلي ، وكان معه لواء هوازن ، فقصد لمذحج وهو يقول :
قد علمت حوراء كالتمثال  (5)       أنـي إذا مـا دعـيت iiنـزل
أقـدم إقـدام الـهزبر iiالغالي      أهـل الـعراق إنكم من iiبالي
كـل  تـلادي وطريف iiمالي      حـتى  أنـال فـيكم iiالمعالي
أو أطـعم الموت وتلكم iiحالي      فـي نـصر عثمان ولا iiأبالي
  فقال عدي بن حاتم لصاحب لوائه : ادن مني ، فأخذه وحمل وهو يقول :
يا صاحب الصوت الرفيع العالي      إن  كنت تبغي في الوغى iiنزالي
---------------------------
(1) ناب : نزل ، والنوائب : النوازل ، وفي الأصل : ( ثاب ) صوابه في ح .
(2) بها ، أي بنفسه ، أو بتلك الفعلة ، وفي ح : ( به ) أي بشخصه .
(3) الفقع : البيضاء الرخوة من الكمأة ، والقرقر : الأرض المطمئنة اللينة ، يقال : ( أذل من فقع بقرقر ) ، لأن الدواب تنجله بأرجلها ، وتنبته : نماه وغذاه ، ولم أجد تفسير هذه الكلمة إلا في شرح الشنتمري للبيت الذي أنشده سيبويه في ( 1 : 368 ) ، وهو : وفي ح : ( تضمنه القرقر ) .
(4) اشرأب : ارتفع وعلا ، وفي الأصل : ( أشدب ) تحريف .
(5) في الأصل : ( قد علمت الخود ) ولا يستقيم بها الوزن ، ولم ترد المقطوعة في مظنها من ح .

واقعة صفين _ 392 _

إلا كـناشرة الـذي iiكـلفتم      كالغصن في غلوائه المتنبت
فادن فإني كاشف عن iiحالي      تـفدي  عليا مهجتي iiومالي
  وأسرتــي يتبعهـــا عيالـي فضربه وسلب لواءه ، فقال ابن حطان وهو شامت به :
هـمام لا تذكر مدى الدهر فارسا      وعـض عـلى ما جئته iiبالأباهم
سما  لك يوما في العجاجة iiفارس      شديد القفيز ذو شجا وغماغم  (1)
فـولـيته لـما سـمعت iiنـداءه      تـقول لـه خذ يا عدي بن iiحاتم
فـأصبحت مسلوب اللواء iiمذبذبا      وأعـظم  بـهذا من شتيمة iiشاتم
   ثم حمل خزيمة بن ثابت وهو يقول :
قـد مـر يومان وهذا iiالثالث      هـذا الذي يلهث فيه iiاللاهث
هـذا الذي يبحث فيه iiالباحث      كم ذا يرجى أن يعيش الماكث
الناس  موروث ومنهم iiوارث      هـذا عـلي من عصاه iiناكث
  فقتل ، ثم خرج خالد بن خالد الأنصاري وهو يقول :
هذا  علي والهدى iiأمامه      هـذا لـوا نـبينا قدامه
يـقحمه في بقعة iiإقدامه      لا جبنه نخشى ولا أثامه
   منــه غــداه وبـــه إدامــه ، فطعن ساعة ثم رجع ، ثم حمل جندب بن زهير وهو يقول :
هـذا  عـلي والـهدى حقا iiمعه      يـا رب فـاحفظه ولا iiتـضيعه
فـإنه يـخشاك ربـي iiفـارفعه      نـحن نـصرناه على من نازعه
صهر النبي المصطفى قد طاوعه      أول مــن بـايـعه iiوتـابـعه
---------------------------
(1) القفيز ، كذا في الأصل ، ولعلها : ( القصيري ) وهي أسفل الأضلاع ، وأنشد في اللسان :

واقعة صفين _ 393 _

لا  تـعدليني بظرب iiجعد      كز القصيري مقرف المعد
  وأقبل الأشتر يضرب بسيفه وهو يقول :
أضـربهم  ولا أرى iiمعاويه      الأخزر العين العظيم الحاوية
هوت  به في النار أم iiهاويه      جـاوره فـيها كلاب iiعاويه
  أغوى طغامــا لا هدتــه هاديــه قال : وذكروا أن عمرو بن العاص لما رأى الشر استقبل ، فقال له معاوية : ائت ببني أبيك فقاتل بهم ، فإنه إن يك عند أحد خير فعندهم ، فأتى جماعة أهل اليمن فقال : أنتم اليوم الناس وغدا لكم الشان ، هذا يوم له ما بعده من الأمر ، حملوا معي على هذا الجمع ، قالوا : نعم ، فحملوا وحمل عمرو وهو يقول :
أكـرم  بـجمع طـيب iiيـمان      جـدوا  تـكونوا أولياء iiعثمان
إنـي أتـاني خبر فأشجان  (1)       أن  عـليا قتل ابن عفان  (2)
خـلـيفة  الله عـلـى iiتـبيان      ردوا علينا شيخنا كما كان  (3)
  فرد على عمرو :
أبت شيوخ مذحج وهمدان      بـأن  نرد نعثلا كما iiكان
  خلقـا جديدا مثــل خلــق الرحمن (4) فقال عمرو بن الحمق : دعوني والرجل ، فإن القوم قومي ، فقال ابن بديل : دع الجمع يلقى بعضهم بعضا ، فأبي عليه ، وحمل وهو يقول :

---------------------------
(1) في الأصل : ( فجان ) صوابه مما سبق ص 228 .
(2) في الأصل : ( نال من عفان ) صوابه مما سبق ص 228 .
(3) في الأصل : ( مكاني ) صوابه مما سبق ص 228 .
(4) في الأصل : ( بعد خلق الرحمن ) صوابه مما سبق ص 228 .

واقعة صفين _ 394 _

بـؤسا لـجند ضـائع iiيـمان      مستوسقين كاتساق الضان  (1)
تـهوى إلـى راع لها iiوسنان      أقـحمها  عـمرو إلى iiالهوان
يـا  لـيت كفي عدمت iiبناني      وأنـكم بـالشحر مـن iiعمان
  مثــل الــــذي أفنـــاكم أبكانـي ثم طعن في صدره فقتله ، وولت الخيل ، وزال (2) القوم عن مراكزهم ، ثم إن حوشبا ذا ظليم ، وهو يومئذ سيد أهل اليمن ، أقبل في جمعه وصاحب لوائه يقول :
نـحن  الـيمانون ومنا iiحوشب      أذا ظـليم أين منا المهرب  (3)
فـينا الصفيح والقنا المعلب  (4)       والخيل أمثال الوشيج شزب  (5)
إن الـعـراق حـبلها iiمـذبذب      إن عـلـيا فـيـكم iiمـحـبب
  في قتــل عثمــان وكــل مذنــب فحمل عليه سليمان (6) بن صرد الخزاعي وهو يقول :
يالك يوما كاسفا عصبصبا  (7)       يالك يوما لا يواري كوكبا  (8)
يـأيها  الـحي الـذي iiتـذبذبا      لـسنا  نـخاف ذا ظليم iiحوشبا
---------------------------
(1) الاستيساق والاتساق : الاجتماع ، وفي اللسان ( 12 : 260 ) : ( واتسقت الإبل واستوسقت : اجتمعت ) .
(2) في الأصل : ( وأزال ) .
(3) أي يا ذا ظليم ، وفي الأصل : ( أنا ظليم ) تحريف .
(4) علب السيف والسكين والرمح ، فهو معلوب ، وعلبه تعليبا : حزم مقبضه بعلباء البعير ، والعلباء ، بالكسر : عصب العنق ، وفي الأصل : ( مغلب ) بالغين المعجمة ، تحريف .
(5) الوشيج : الرماح ، شزب : ضوامر ، جمع شازب ، وفي الأصل : ( شذب ) بالذال ، تحريف .
(6) في الأصل : ( سليم ) ، تحريف .
(7) الكاسف : العبوس ، وفي الأصل : ( كاشفا ) تحريف .
(8) كأن نجومه ظاهرة لشدة ظلامه واحتجاب شمسه ، لما ثار من الغبار .

واقعة صفين _ 395 _

لأن فـينا بـطلا iiمجربا      ابن بديل كالهزبر مغضبا
أمسى  علي عندنا iiمحببا      نـفديه بالأم ولا نبقي iiأبا
  فطعنه وقتله ، واستدار القوم ، وقتل حوشب وابن بديل ، وصبر بعضهم لبعض ، وفرح أهل الشام بمقتل هاشم ، وقال جريش السكوني مع علي :
  معاوي مــا أفـلت إلا بجـــرعة من الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا نجوت وقد أدميـــت بالسوط بطنه أزوما علـــى فأس اللجام مشذبــا (1) فلا تكفرنه واعلمـــن أن مثلهــا إلى جنبها ما دارك الجـرى أو كبــا (2) فإن تفخروا بابنــي بديــل وهاشم فنحن قتلنا ذا الكـــلاع وحوشبـــا وإنهما ممن قتلتم علــى الهـــدى ثواء فكفوا القــول ننسى التحوبــا (3) .
فـلما رأيـنا الأمـر قد جد جده      وقد  كان مما يترك الطفل iiأشيبا
صبرنا لهم تحت العجاج iiسيوفنا      وكان خلاف الصبر جدعا موعبا
فـلم نـلف فـيها خاشعين iiأذلة      ولـم  يـك فـيها حبلنا iiمتذبذبا
---------------------------
(1) الأزوم : الشديد العض ، وفي اللسان : ( وأزم الفرس على فاس اللجام : قبض ) ، وفي الأصل : ( لزوما ) تحريف ، والمشذب : الفرس الطويل ليس بكثير اللحم .
(2) دارك الجرى : تابعه ، وفي الأصل : ( مالا بك الجرى ) .
(3) الثواء : الإقامة ، والتحوب : التغيظ والتوجع .

واقعة صفين _ 396 _

كـسرنا  الـقنا حتى إذا ذهب iiالقنا      صبرنا وفللنا الصفيح المجربا  (1)
فـلم نـر في الجمعين صادف iiخده      ولا ثانيا من رهبة الموت منكبا  (2)
ولـم نـر إلا قـحف رأس iiوهامة      وساقا طنونا أو ذراعا مخضبا  (3)
   واختلط أمرهم حتى ترك أهل الرايات مراكزهم ، وأقحم أهل الشام من آخر النهار ، وتفرق الناس عن على ، فأتى ربيعة ليلا فكان (4) فيهم ، وأقبل عدي ابن حاتم يطلب عليا في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده ، فطاف يطلبه ، فأصابه في مصاف ربيعة فقال : ( يا أمير المؤمنين : أما إذ كنت حيا فالأمر أمم (5) ، ما مشيت إليك إلا على قتيل ، وما أبقت هذه الوقعة لنا ولهم عميدا ، فقاتل حتى يفتح الله عليك ؛ فإن في القوم بقية بعد ) ، وأقبل الأشعث يلهث جزعا ، فلما رأى عليا هلل وكبر وقال : يا أمير المؤمنين خيل كخيل ، ورجال كرجال ، ولنا الفضل ( عليهم ) إلى ساعتنا هذه ، فعد إلى مقامك الذي كنت فيه ، فإن الناس إنما يظنونك حيث تركوك ، وأرسل سعيد بن قيس ( الهمداني إلى علي ( عليه السلام ) : إنا مشتغلون (6) بأمرنا ( مع القوم ) وفينا فضل ، فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه ، وأقبل علي على ربيعة فقال : ( أنتم درعي ورمحي ) ـ قال : فربيعة تفخر بهذا الكلام إلى اليوم ـ فقال عدي بن حاتم : يا أمير المؤمنين ، إن قوما أنست بهم وكنت فيهم في هذه الجولة ، لعظيم حقهم علينا .

---------------------------
(1) الصفيح ، عني به السيوف ، والمجرب ، لعلها ( المحرب ) وهو المحدد المذرب .
(2) صدف خده : أعرض به ، وفي الأصل : ( صارف حده ) .
(3) الطنون : التي أطنها الضارب ، أي أسرع قطعها فطنت ، وهذا الوصف لم تذكره المعاجم ، وفي الأصل : ( ظنونا ) ووجهه ضعيف .
(4) في الأصل : ( وكان ) .
(5) أمم ، أي قريب ، وفي ح ( 2 : 286 ) : ( أهم ) تحريف .
(6) في الأصل : ( مستقبلون ) وأثبت ما في ح .

واقعة صفين _ 397 _

  والله إنهم لصبر عند الموت ، أشداء عند القتال ، وركب علي ( عليه السلام ) فرسه الذي كان لرسول الله ، وكان يقال له ( المرتجز ) ، ( فركبه ) ثم تقدم (1) أمام الصفوف ثم قال : بل البغلة بل البغلة . فقدمت له بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( الشهباء ) ، فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله السوداء ثم نادي : أيها الناس ، من يشر نفسه لله يربح ، هذا يوم له ما بعده ، إن عدوكم قد مسه القرح كما مسكم (2) ، فانتدب له ما بين عشرة آلاف (3) إلى اثنى عشر ألفا ( قد ) وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، وتقدمهم علي منقطعا على بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يقول :
دبـوا  دبيب النمل لا iiتقوتوا      وأصبحوا بحربكم  (4)  وبيتوا
حـتى تنالوا الثأر أو iiتموتوا      أولا  فـإني طـالما iiعصيت
قـد  قـلتم لو جئتنا ، فجيت      لـيس  لـكم ما شئتم iiوشيت
  بل ما يريـــد المحيى المميـــت وتبعه ابن عدي بن حاتم بلوائه وهو يقول :
أبـعد عـمار وبـعد iiهـاشم      وابـن  بـديل فارس iiالملاحم
نـرجو البقاء مثل حكم iiالحالم      وقـد  عضضنا أمس iiبالأباهم
فـاليوم  لا نـقرع سـن نادم      ليس امرؤ من يومه  (5)  بسالم

---------------------------
(1) في الأصل : ( ثم قدم علي ) صوابه من ح .
(2) القرح ، بالضم : ألم الجراح ، وبالفتح : الجراح بأعيانها ، وبهما قرئ قوله تعالى : ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ) ، انظر اللسان ( 3 : 392 ) .
(3) في الأصل : ( بين العشرة الآف ) صوابه من ح .
(4) ح : ( حربكم ) .
(5) ح : ( من حتفه ) .

واقعة صفين _ 398 _

   وتقدم الأشتر وهو يقول :
حـرب بـأسباب الـردى iiتأجج      يـهلك  فـيها الـبطل الـمدجج
يـكـفيكها هـمـدانها ومـذحج      قوم إذا ما أحمشوها أنضجوا  (1)
روحـوا إلـى الله ولا تـعرجوا      ديــن قـويم وسـبيل iiمـنهج
  وحمل الناس حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتقض ، وأهمدوا ما أتوا عليه (2) حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية (3) ، وعلي يضربهم بسيفه ويقول :
أضـربهم  ولا أرى iiمعاويه      الأخزر العين العظيم الحاويه
   هوت به في النــار أم هاويـــه فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب تمثل بأبيات عمرو بن الإطنابة (4) :
أبـت  لـي عـفتي وأبى iiبلائي      وأخـذي الـحمد بـالثمن iiالربيح
وإجشامي  (5)  على المكروه نفسي      وضـربي  هـامة البطل iiالمشيح
وولـي  كـلما جـشأت iiوجاشت      مـكانك تـحمدي أو iiتـستريحي
لأدفـع  عـن مـآثر iiصـالحات      وأحـمى بعد عن عرض iiصحيح
بـذي شـطب كلون الملح iiصاف      ونـفس  مـا تـقر عـلى القبيح

---------------------------
(1) في الأصل : ( انقبجوا ) ، والمقطوعة لم ترد في مظنها من ح .
(2) ح ( 2 : 286 ) : ( وأهمد أهل العراق ما أتوا عليه ) .
(3) المضرب ، بكسر الميم : فسطاط الملك .
(4) سبق إنشاد الأبيات في ص 395 .
(5) في الأصل : ( وإعظامي على المكروه ) وانظر ما سبق في ص 395 .

واقعة صفين _ 399 _

  وقال : ( يا ابن العاص ، اليوم صبر ، وغدا فخر ) ، صدقت ، إنا وما نحن فيه كما قال ابن أبي الأقلح (1) :
مـا علني وأنا رام نابل  (2)       والقوس فيها وتر عنابل  (3)
تزل عن صفحتها المعابل  (4)       الـموت  حـق والحياة iiباطل
   فثثى معاوية رجله من الركاب ونزل واستصرخ بعك والأشعريين ، فوقفوا دونه (5) وجالدوا عنه ، حتى كره كل من الفريقين صاحبه وتحاجز الناس ، قال الشني في ذلك :
أتـانا أمـير الـمؤمنين iiفـحسبنا      على الناس طرا أجمعين بها iiفضلا
عـلى حين أن زلت بنا النعل iiزلة      ولم  تترك الحرب العوان لنا iiفحلا
وقـد  أكـلت مـنا ومنهم iiفوارسا      كما تأكل النيران ذا الحطب الجزلا
وكـنا  لـه فـي ذلـك اليوم جنة      وكـنا  لـه مـن دون أنفسنا iiنعلا
فـأثني  ثـناء لـم ير الناس iiمثله      عـلى قـومنا طـرا وكنا له iiأهلا
ورغـبه  فـينا عـدي بـن iiحاتم      بـأمر  جميل صدق القول iiوالفعلا
فـإن يـك أهل الشام أودوا iiبهاشم      وأودوا بـعمار وأبـقوا لـنا iiثكلا

---------------------------
(1) ح ( 2 : 287 ) : ( كقول القائل ) ، وفي الأصل : ( ابن الأفلح ) وهو نقص وتحريف ، وابن أبي الأقلح ، بالقاف ، كما في الإصابة 4340 والقاموس ( قلح ) ، وهو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة الأنصاري ، وهو صحابي جليل ، وكان المشركون قد أرادوه بأذى ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته منهم ، وسمي لذلك : ( حمى الدبر ) .
(2) في اللسان ( عنبل ) : ( وأنا طب خاتل ) .
(3) الوتر العنابل ، بضم العين : الغليظ الصلب المتين .
(4) المعابل : جمع معبلة ، وهي النصل الطويل العريض ، وفي اللسان : ( صفحته ) أي صفحة الوتر ، لكن في اللسان ( 13 : 448 ص 11 ) : ( عن صفحتي ) ، وإخال هذه محرفة .
(5) في الأصل : ( فرفعوا دونه ) وأثبت ما في ح ( 2 : 287 ) .