(1) ح ( 1 : 137 ) : ( ولم أنل به منك دنيا ) . (2) ح : ( وألفي به أن زلت النعل أصرع ) . (3) في الأصل : ( ولست نزعته ) والصواب من ح ، قال ابن أبي الحديد تعليقا على هذا البيت : ( قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : كانت مصر في نفس عمرو بن العاص لأنه هو الذي فتحها في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة عمر ، فكان لعظمها في نفسه وجلالتها في صدره وما قد عرفه من أموالها وسعة الدنيا لا يستعظم أن يجعلها ثمنا من دينه ) . (4) القز من الثياب أعجمي معرب ، وهو الذي يسوى منه الإبريسم ، وفي الأصل : ( بز ) ، والبز : الثياب ، أو ضرب منها . وأثبت ما في ح . واقعة صفين _ 41 _
--------------------------- (1) ماثل : قائم ، وفي الأصل وح : ( مائل ) . (2) في الأصل : ( لم تجز ) والصواب من ح . (3) الفوق ، بالضم ، هنا : الطريق الأول . (4) الكزاز : داء يأخذ من شدة البرد وتعتري منه رعدة ، وفي الأصل : ( يكن ) محرفة . (5) في الأصل : ( ولنا ) وأثبت ما في ح ، وفي الأصل : ( من عجن ) تحريف . (6) في الأصل : ( ولا ينقض طاعة شرطا ) وأثبت ما في ح ، وانظر الكامل للمبرد 184 ليبسك . واقعة صفين _ 42 _
واحد منهما صاحبه (1) ،
وكان مع عمرو ابن عم له فتي شاب ، وكان داهيا حليما (2) ، فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتي وقال : ألا تخبرني يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش ؟ أعطيت دينك ومنيت دنيا غيرك ، أترى أهل مصر ـ وهم قتلة عثمان ـ يدفعونها إلى معاوية وعلي حي ؟ وتراها إن صارت إلى معاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب ؟ فقال عمرو : يا ابن الأخ ، إن الأمر لله دون علي ومعاوية ، فقال الفتى في ذلك شعرا :
--------------------------- (1) قال ابن أبي الحديد ( 1 : 138 ) : ( تفسيره أن معاوية قال للكاتب اكتب على ألا ينتقض شرط طاعة ، يريد أخذ إقرار عمرو له أنه قد بايعه على الطاعة بيعة مطلقة غير مشروطة بشيء ، وهذه مكايدة له ، لأنه لو كتب ذلك لكان لمعاوية أن يرجع في إعطائه مصرا ولم يكن لعمرو أن يرجع عن طاعته ويحتج عليه برجوعه عن إعطائه مصرا ، لأن مقتضى المشارطة المذكورة أن طاعة معاوية واجبة عليه مطلقا سواء كانت مصر مسلمة إليه أو لا ، فلما انتبه عمرو على هذه المكيدة منع الكاتب من أن يكتب ذلك وقال : بل اكتب : على أن لا تنقض طاعة شرطا يريد أخذ إقرار معاوية له بأنه إذا كان أطاعه لا تقض طاعته إياه ما شارطه عليه من تسليم مصر إليه ، وهذا أيضا مكايدة من عمرو لمعاوية ، ومنع له من أن يغدر بما أعطاه من مصر ) . (2) الحليم : ذو الأناة والعقل ، وفي ح : ( وكان لعمرو بن العاص ابن عم من بني سهم أريب ) ، وفي الإمامة والسياسة : ( وكان مع عمرو بن العاص ابن أخ له جاءه من مصر ) ، وانظر ما سيأتي في س 5 هذه الصفحة من قوله : ( يا ابن الأخ ) وما سيأتي بعد القصيدة في الصفحة التالية . (3) أراد : دهي ، فسكن آخره للشعر ، وفي ح : ( رمى ) وكلاهما بالبناء للمفعول . (4) في الأصح وح : ( محش الكباد ) ، وإنما يريد أنه يخشى كيده . واقعة صفين _ 43 _
--------------------------- (1) الخدب : الضخم من كل شيء . (2) ح : ( لو كنت عند علي لوسعني ، ولكني الآن عنده ) . واقعة صفين _ 44 _
(1) يعني بالأبتر العاص بن وائل ، والد عمرو بن العاص ، وفيه نزل قول الله : ( إن شانئك هو الأبتر ) ، وبالأخزر عمرو بن العاص ، وكأنه كان أخزر ينظر بمؤخر عينيه . (2) أفجر : كذب ، أو عصى ، أو كفر ، ومثله فجر . (3) ح : ( بيعة قد خسرا ) . (4) قنبر بفتح القاف والباء : مولى علي ، وإليه ينسب المحدثان العباس بن الحسن وأحمد ابن بشر القنبريان . (5) الحذار : الحذر ، وفي الأصل : ( لن ينفع ) صوابه في ح . (6) الخمر ، بفتح الخاء المعجمة والميم : ما واراك من الشجر والجبال ونحوها ، والدبيب : المشى على هينة ، يقال للرجل إذا ختل صاحبه : هو يدب له الضراء ، ويمشي له الخمر ، وفي الأصل : ( لا ندب الحمرا ) والكلمتان محرفتان ، والصواب في ح ، والإرواد : الإمهال . (7) الغمر ، بتثليث أوله وبفتح أوله وثانيه : من لم يجرب الأمور ، وفي الأصل : ( عمرا ) محرف . واقعة صفين _ 45 _
فكتب إلى شرحبيل : ( إن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علي ابن أبي طالب بأمر فظيع ، فاقدم ) ، ودعا معاوية يزيد بن أسد ، وبسر بن أرطاة ، وعمرو بن سفيان ، ومخارق بن الحارث الزبيدي ، وحمزة بن مالك ، وحابس بن سعد الطائي ـ وهؤلاء رءوس قحطان واليمن ، وكانوا ثقات معاوية وخاصته ـ وبني عم شرحبيل بن السمط ، فأمرهم أن يلقوه ويخبروه أن عليا قتل عثمان ، فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه . --------------------------- (1) الجزر بفتحتين : اللحم الذي تأكله السباع ، يقال تركوهم جزرا إذا قتلوهم . (2) في الأصل : ( وإن تعلق يقلبه لم يخرجه شيء أبدا ) ، وأثبت الصواب من ح . واقعة صفين _ 46 _
فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي ، وهو صاحب معاذ بن جبل وختنه (1) ، وكان أفقه أهل الشام ، فقال : يا شرحبيل بن السمط ، إن الله لم يزل يزيدك خيرا مذ هاجرت إلى اليوم ، وإنه لا ينقطع المزيد من الله حت ينقطع الشكر من الناس ، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، إنه قد ألقى إلينا قتل عثمان ، وأن عليا قتل عثمان (2) ، فإن يك قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار ، وهم الحكام على الناس ، وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه ؟ لا تهلك نفسك وقومك . فإن كرهت أن يذهب بحظها جرير فسر إلى علي فبايعه على شامك وقومك (3) ، فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية ، فبعث إليه عياض الثمالي (4) ، وكان ناسكا :
--------------------------- (1) عبد الرحمن بن غنم ، أحد الرجال المختلف في صحبتهم للرسول . ومات سنة 78 ، انظر الإصابة 5173 و 6371 ، في الأصل : ( وحنثه ) وإنما هي ( وختنه ) كما جاء في ح . (2) بدلها في ح : ( إنه قد ألقى إلى معاوية أن عليا قتل عثمان ، ولهذا يريدك ) . (3) ح : ( عن شامك وقومك ) . (4) الثمالي : نسبة إلى ثمالة ، بطن من بطونهم ، وفي الأصل : ( اليماني ) صوابه في ح ومعجم المرزباني 269 ، قال المرزباني : ( شامي ، يقول لشرحبيل بن السمط لما بويع معاوية . . . ) وأنشد بعض أبيات القصيدة التالية . (5) شرح : مرخم شرحبيل ، وهذا بضم الشين وفتح الراء وسكون الحاء ، ولكنه سكن الراء للشعر ، وفي الأصل : ( شرخ ) بالخاء صوابه في ح . (6) الراغية : الرغاء ، والبكر ، بالفتح : ولد الناقة ، انظر أمثال الميداني ( 2 : 78 ) ، وهذا مثل يضرب في التشاؤم ، يشار به إلى ما كان من رغاء بكر ثمود حين عقر قدار ناقة صالح فأصاب ثمود ما أصاب ، انظر ثمار الفلوب 282 والمفضليات ( 2 : 195 طبع المعارف ) . واقعة صفين _ 47 _
--------------------------- (1) المداريك : المدركون ، جمع مدراك ، والوتر ، بالكسر : الثأر والذحل . (2) على العقب ، فيه إشارة إلى قول الله : ( يردوكم على أعقابكم ) ، وفي الأصل : ( العقد ) بالدال ، صوابه في ح . (3) يقال فلان من ولد الظهر ، بالفتح : أي ليس منها ، وقيل معناه أنه لا يلتفت إليه ، قال أرطاة بن سهية : واقعة صفين _ 48 _
--------------------------- (1) إلى هنا ينتهي اقتباس ح في ( 1 : 140 ) وينتقل إلى ( 1 : 249 ) . (2) في اللسان : ( اللفف : ما لففوا من ها هنا وها هنا ، كما يلفف الرجل شهادة الزور ) ، وفي اللسان أيضا : ( أحاديث ملففة : أي أكاذيب مزخرفة ) ، ح : ( ملفق ) بالقاف في آخره ، وهما وجهان صالحان كما رأيت . (3) قال ابن منظور : ( أطرأ القوم : مدحهم ، نادرة ، والأعرف بالياء ) ، ح : ( أطريت ) بالياء . (4) ح : ( ملفقا ) بقاف بعد الفاء ، وأنظر الحاشية الثانية من هذه الصفحة . واقعة صفين _ 49 _
وأما خلط العراق بالشام فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل ، وأما قولك إن عليا قتل عثمان فوالله ما في يديك من ذلك إلا القذف
بالغيب من مكان بعيد (1) ، ولكنك ملت إلي الدنيا ، وشئ كان في نفسك على زمن سعد بن أبي وقاص ، فبلغ معاوية قول الرجلين ، فبعث إلى جرير فزجره (2) ولم يدر ما أجابه أهل الشام ، وكتب جرير إلى شرحبيل (3) :
(1) انظر الآية 53 من سورة سبأ وأقوال أصحاب التفسير فيها . (2) في الأصل : ( فزجوه ) صوابه في ح . (3) ح : ( وكتب كتاب لا يعرف كاتبه إلى شرحبيل يقول ) . (4) ح : ( مالك اليوم . . . فاقطع ) . (5) الإرواد : الإمهال ، والفرط : السبق . (6) خ : ( ولا مالا عليه ولا قتل ) ، والممالاة : المساعدة والمعاونة . واقعة صفين _ 50 _
(1) أي الذي احتمله ، ح : ( بعض الذي احتمل ) . (2) ح : ( ومن باسمه في فضله يضرب المثل ) . (3) في الأصل : ( ليأكل به دنيا ابن هند ) . واقعة صفين _ 51 _
--------------------------- (1) الشنان ، كسحاب : لغة في الشنآن ، وهو البغض ، وأنشد للأحوص : (2) ح : ( غمرات الموت ) . (3) في الأصل : ( بيكم ) وإعجامه وإكماله من ح . (4) ح : ( إلا نساكا من أهل حمص ) . واقعة صفين _ 52 _
فبعث إليه النجاشي بن الحارث (1) ، وكان صديقا له :
--------------------------- (1) وكذا ورد في ح ، والمعروف في شعرائهم النجاشي الحارثي ، وأسمه قيس بن عمرو ابن مالك ، من بني الحارث بن كعب ، وهو ممن حده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لشربه الخمر ، انظر الشعراء 68 والخزانة ( 4 : 368 ) . (2) في الأصل : ( ولا بالتي لقوكها ) ، والصواب من ح ( 1 : 250 ) . (3) تقتدونه ، المعروف تعديته بالباء ، فقد عداه بتضمينه معنى تتبعونه ، وفي ح : ( يقتدي به ) . (4) أي ليس الذي جئته بصغير ، وفي ح : ( فليس الذي قد جئته بصغير ) . واقعة صفين _ 53 _
نصر ، عن محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني قال : كان معاوية أتى جريرا في منزله فقال : يا جرير ، إني قد رأيت رأيا . قال : هاته ، قال : اكتب إلى صاحبك يجعل لي الشام ومصر جباية ، فإذا حضرته الوفاة لم يجعل لأحد بعده بيعة في عنقي ، وأسلم له هذا الأمر ، وأكتب إليه بالخلافة ، فقال جرير : اكتب بما أردت ، وأكتب معك ، فكتب معاوية بذلك إلى علي فكتب علي إلى جرير : ( أما بعد فإنما أراد معاوية ألا يكون لي في عنقه بيعة ، وأن يختار من أمره ما أحب ، وأراد أن يريثك حتى يذوق أهل الشام ، وإن المغيرة بن شعبة قد كان أشار على أن أستعمل معاوية على الشام وأنا بالمدينة ، فأبيت ذلك عليه ، ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا ، فإن بايعك الرجل ، وإلا فأقبل ) ، وفشا كتاب معاوية في العرب فبعث إليه الوليد بن عقبة :
(1) حام : أمر من المحاماة ، والقنابل : الجماعة من الناس ، الواحدة قنبلة وقنبل بفتح = القاف والباء فيهما ، ح : ( بالصوارم ) . واقعة صفين _ 54 _
منه ما كنت حاذيا (1) قال : وكتب إليه أيضا :
القاف والباء فيهما ، ح : ( بالصوارم ) ، محشوش ، في اللسان : ( حشت اليد وأحشت وهي محش : يبست ، وأكثر ذلك في الشلل ، وحكى عن يونس حشت على صيغة ما لم يسم فاعله ) ، وفي ح : ( موهون الذراعين ) . (1) حذاه حذوا : أعطاه ، والبيت لم يرو في ح ، وفي الأصل : ( حداك ) و ( حاديا ) بالدال المهملة ، تحريف . (2) في الأصل وح : ( حربن حرة ) . (3) يقال ساغ الطعام والشراب وأساغه : إذا ألفاه سائغا سهل المدخل في الحلق ، ولم أجد هذه الصيغة من التضعيف في المعاجم . واقعة صفين _ 55 _
(1) الممالاة : المعاونة والمساعدة ، ويعني بأمير المؤمنين عثمان . (2) في الأصل : ( فحبلي ) صوابه في ح . (3) في الأصل وح : ( تجيبوا ) تحريف . والغوارب : أعالي الموج ، يستحلفهم بمن أرسى جبل ثبير في مكانه أن ينهضوا لمعاونته على عدوه لكثير العدد . (4) حكيم ، بهيئة التصغير ، هو ابن جبلة بن حصن العبدي ، وكان من عمال عثمان على السند ثم البصرة ، انظر مروج الذهب ( 1 : 440 ) والإصابة 1991 ، وعمار ، هو عمار ابن ياسر الصحابي ، ومحمد ، هو ان أبي بكر الصديق ، انظر مروج الذهب ( 1 : 440 ـ 442 ) ، والأشتر : لقب مالك بن الحارث الشاعر التابعي ، وكان قد قدم في نفر من أهل الكوفة ، انظر المعارف 84 ، والمكشوح ، هو المرادي ، وقد اختلف في اسمه ، انظر الإصابة 7307 . (5) يعني بصاحبه الأدنى ( الزبير بن العوام ) ، وقد قتل طلحة والزبير يوم الجمل . واقعة صفين _ 56 _
--------------------------- (2) الشان لغة في الشنآن وهو البغض ، انظر ما سبق في ص 50 ، والعوالي : عوالي الرماح . (3) ح : ( من شعره وقوله وكتب بذلك إلى علي ( عليه السلام ) . (4) ح : ( مخزبة ) . (5) انظر التنبيه الثالث من ص 28 . واقعة صفين _ 57 _
فلما انته الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب ، فقال : ( له ) يا معاوية ، إنه لا يطبع علي قلب إلا بذنب ، ولا يشرح ( صدر ) إلا بتوبة (1) ، ولا أظن قلبك إلا مطبوعا ، أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يدي غيرك ) ، فقال معاوية : ( ألقاك بالفيصل أول مجلس إن شاء الله ) ، فلما بايع معاوية أهل الشام وذاقهم قال : ( يا جرير الحق بصاحبك ) ، وكتب إليه بالحرب (2) ، وكتب في أسفل كتابه بقول كعب بن جعيل :
(1) في الأصل : ( ولا ينشرح إلا بتوبة ) وأثبت ما في ح . (2) لم يذكر لنا نصر نص رسالة معاوية ، وهي كما جاءت في كامل المبرد 184 : ( بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب ، أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان أجمعين ، ولكن أغريت بعثمان المهاجرين ، وخذلت عنه الأنصار ، فأطاعك الجاهل وقوي بك الضعيف ، وقد أبي أهل الشام إلا قتالك حت تدفع إليهم قتلة عثمان ، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين ، ولعمري ما حجتك على كحجتك على طلحة والزبير ، لأنهما بايعاك ولم أبايعك ، وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة ، لأن أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام ، وأما شرفك في الإسلام وقرابتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وموضعك من قريش فلست أدفعه ) ، وقد روى هذه الرسالة صاحب الإمامة والسياسة ( 1 : 87 ) وزاد بعد قوله : ( كانت شورى بين المسلمين ) هذا الكلام : ( وقد كان أهل الحجاز أعلى الناس وفي أيديهم الحق ، فلما تركوه صار الحق في أيدى أهل الشام ) ، وهذه العبارة الأخيرة توضح لنا السر في ارتياب ابن أبي الحديد في آخر الصفحة 252 من الجزء الأول ، في تمام الرواية التي رواها المبرد ، وقال في أول 253 : ( وما وجدنا هذا الكلام في كتابه ) ، وما هو ذا الكلام بتمامه بين يدي القارئ . (3) ح ( 1 : 158 ) : ( تكره أهل العراق ، وأهل العراق لهم ) ، وفي كامل المبرد 184 : ( تكره ملك العراق ، وأهل العراق لهم ) . واقعة صفين _ 58 _
--------------------------- (1) دناهم ، من الدين ، وهو القرض ، وفي قول الحماسي : ( دناهم كما دانوا ) ، يقرضونا ، من الإقراض ، وقد حذف نون الرفع ، وهو وجه جائز في العربية ، انظر التنبيه رقم 2 ص 4 ، وفي الأصل : ( يعرضونا ) صوابه في ح والكامل . (2) ح : ( ألا لا نرى ) . (3) قال المبرد : ( وأحسن الروايتين : يفض الشؤونا ، وفي آخر هذا الشعر ذم لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، أمكنا عن ذكره ) . (4) سيل : سئل ، حدا شبهة : ساقها في الأصل : ( عن السائلينا ) صوابه في ح . واقعة صفين _ 59 _
ولا ليضربهم بالعمى ، وما أمرت (1) فيلزمني خطيئة الآمر ، ولا قتلت فيجب على القصاص ، وأما قولك أن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز فهات رجلا من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة ، فإن زعمت ذلك كذبك المهاجرون والأنصار ، وإلا أتيتك به من قريش الحجاز ، وأما قولك : ادفع إلينا قتلة عثمان ، فما أنت وعثمان ؟ إنما أنت رجل من بني أمية ، وبنو عثمان أولى بذلك منك ، فإن زعمت أنك أقوى على دم أبيهم منهم فادخل في طاعتي ثم حاكم القوم إلى أحملك وإياهم على المحجة ، وأما تمييزك بين الشام والبصرة وبين طلحة والزبير فلعمري ما الأمر فيما هناك إلا واحد (2) ؛ لأنها بيعة عامة لا يثني فيها النظر ، ولا يستأنف فيها الخيار (3) ، وأما ولوعك بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حق العيان ، ولا يقين الخبر (4) . وأما فضلى في الإسلام وقرابتي من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وشرفي في قريش فلعمري لو استطعت دفع ذلك لدفعته ) ، وأمر النجاشي فاجابه في الشعر فقال
:
(1) ح : ( وما ألبت ) ، والتأليب : التحريض . (2) ح والكامل : ( إلا سواء ) ، وما في ح هنا نقل عن الكامل لا عن كتاب نصر . (3) ح والكامل : ( لأنها بيعة شاملة لا يستثني فيها الخيار ولا يستأنف فيها النظر ) . (4) الخبر : العلم ، والاختبار ، وفي الأصل : ( ولا بعين الخير ) والصواب من ح . (5) ح والكامل : ( ثم دعا النجاشي أحد بني الحارث بن كعب فقال له : إن ابن جعيل شاعر أهل الشام ، وأنت شاعر أهل العراق ، فأجب الرجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أسمعني قوله ، قال : إذا أسمعك شعر شاعر ، فقال النجاشي يجيبه ) . (6) روي المبرد هذين البيتين ، وقال في إثرهما : ( وبعد هذا ما نمسك عنه ) . واقعة صفين _ 60 _
--------------------------- (1) الجرداء : الفرس القصيرة الشعر ، والخيفانة : الخفيفة الوثابة ، والنهد ، من الخيل : الجسيم المشرف . (2) مخشية : مخوفة ، وفي الأصل : ( تحسبهم ) ، صوابه في ح ( 1 : 252 ) . (3) ح : ( آلوا ) ، أي حلفوا . (4) ح : ( تشيب النواهد ) . (5) قال ابن أبي الحديد : ( أبيات كعب بن جعيل خير من هذه الأبيات ، وأخبث مقصدا وأدمى وأحسن ) . واقعة صفين _ 61 _
نصر : صالح بن صدقة بإسناده قال : لما رجع جرير إلي على كثر قول الناس في التهمة لجرير في أمر معاوية ، فأجتمع جرير والأشتر عند علي فقال الأشتر : أما والله يا أمير المؤمنين لو كنت أرسلتني إلى معاوية لكنت خيرا لك من هذا الذي أرخى من خناقه ، وأقام ( عنده ) ، حتى لم يدع بابا يرجو روحه إلا فتحه (1) ، أو يخاف غمه إلا سده ، فقال جرير : ( والله لو أتيتهم لقتلوك ـ وخوفه بعمرو ، وذي الكلاع ، وحوشب ذي ظليم (2) ـ وقد زعموا أنك من قتلة عثمان ) ، فقال الأشتر : ( لو أتيته والله يا جرير لم يعيني جوابها ، ولم يثقل على محملها ، ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر ) ، قال : فائتهم إذا ، قال : الآن وقد أفسدتهم ووقع بينهم الشر ؟ نصر : عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن عامر الشعبي قال : اجتمع جرير والأشتر عند علي فقال الأشتر : أليس قد نهيتك يا أمير المؤمنين أن تبعث جريرا ، وأخبرتك بعداوته وغشه ؟ وأقبل الأشتر يشتمه ويقول : يا أخا بجيلة ، إن عثمان اشتري منك دينك بهمدان ، والله ما أنت بأهل أن تمشي فوق الأرض حيا (3) ، إنما أتيتهم لتتخذ عندهم يدا بمسيرك إليهم ، ثم رجعت إلينا من عندهم تهددنا بهم ، وأنت والله منهم ، ولا أري سعيك إلا لهم ، ولئن أطاعني فيك أمير المؤمنين ليحبسنك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه ، حتى تستبين هذه الأمور ويهلك الله الظالمين ، قال جرير : وددت والله أنك كنت مكاني بعثت ، إذا والله لم ترجع ، قال : فلما سمع جرير ذلك لحق بقرقيسيا ، ولحق به أناس من قسر من قومه (4) ، ولم يشهد صفين من قسر (5) غير تسعة عشر
.
--------------------------- (1) روحه ، أي ما فيه من روح ، والروح ، بالفتح : الراحة ، وفي ح ( 1 : 260 ) : ( يرجو فتحه ) . (2) ظليم ، بهيئة التصغير ، كما في القاموس ، وهو حوشب بن طخمة . (3) ح : ( بأهل أن تترك تمشى فوق الأرض ) . (4) قسر ، بفتح القاف ، هم بنو بجيلة رهط جرير بن عبد الله البجلي ، وفي الأصل : ( ولحق به أناس من قيس فسر من قومه ) ، صوابه في ح . (5) في الأصل : ( قيس ) والكلام يقتضي ما أثبت من ح . واقعة صفين _ 62 _
ولكن أحمس (1) شهدها منهم سبعمائة رجل ، وخرج عليٌّ إلى دار جرير فشعث منها وحرق مجلسه ، وخرج أبو زرعة بن عمر بن جرير فقال : أصلحك الله ، إن فيها أرضا لغير جرير ، فخرج علي منها إلي دار ثوير بن عامر فحرقها وهدم منها ، وكان ثوير رجلا شريفا ، وكان قد لحق بجرير ، وقال الأشتر فيما كان من تخويف جرير إياه بعمرو ، وحوشب ذي ظليم ، وذي الكلاع (2) :
(1) بنو أحمس ، هم من بطون بجيلة بن أنمار بن نزار ، وكانت بجيلة في اليمن ، انظر المعارف 29 ، 46 . (2) انظر ما سبق في ص 60 . (3) أي قول هؤلاء أخف من زف النعام ، والزف ، بالكسر : صغار ريش النعام . (4) دوام : داميات ، وقد عني بالبازي نفسه . (5) حاموا ، من الحوم ، وهو الدوران ، يقال لكل من رام أمرا : حام عليه حوما وحياما وحؤوما وحومانا ، وحاموا ، بفتح الميم ، من المحاماة والمدامعة . (6) الفلج : الظفر والنصر ، وعني بيوم الخصام اليوم الآخر . واقعة صفين _ 63 _
وقال السكوني :
(1) السكاسك : حي من اليمن ، أبوهم سكسك بن أشرس بن ثور بن كندي ، انظر اللسان ( 12 : 327 ) والاشتقاق 221 . (2) الحوانك : جمع حانك على غير قياس ، فهو من إخوان الفوارس ، واشتقاق الحانك من قولهم : ( حنكت الشيء فهمته ) ، انظر اللسان ( 12 : 299 س 19 ـ 20 ) . (3) أراد : أعظم بها مصيبة حري ، والحري : الحارة ، والتماحك : اللجاج والمشارة . واقعة صفين _ 64 _
قال نصر : وفي حديث صالح بن صدقة قال : لما أراد معاوية السير إلى صفين قال لعمرو بن العاص : إني قد رأيت أن نلقى إلى أهل مكة وأهل المدينة كتابا نذكر لهم فيه أمر عثمان ، فاما أن ندرك حاجتنا ، وإما أن يكف القوم عنا ، قال عمرو : إنما نكتب إلى ثلاثة نفر : راض بعلي فلا يزيده ذلك إلا بصيرة ، أو رجل يهوى عثمان فلن نزيده على ما هو عليه ، أو رجل معتزل فلست بأوثق في نفسه من علي ، قال : على ذلك ، فكتبا : ( أما بعد فإنه مهما غابت عنا من الأمور فلن يغيب عنا أن عليا قتل عثمان ، والدليل على ذلك مكان قتلنه منه ، وإنما نطلب بدمه حتى يدفعوا إلينا قتلته فنقتلهم بكتاب الله ، فإن دفعهم على إلينا كففنا عنه ، وجعلناها شورى بين المسلمين على ما جعلها عليه عمر بن الخطاب ، وأما الخلافة فلسنا نطلبها ، فأعينونا على أمرنا هذا وانهضوا من ناحيتكم ، فإن أيدينا وأيديكم إذا اجتمعت على أمر واحد ، هاب على ما هو فيه ، قال : فكتب إليهما عبد الله بن عمر (1) : أما بعد فلعمري لقد أخطأتما موضع البصيرة ، وتناولتماها من مكان بعيد وما زاد الله من شاك في هذا الأمر بكتابكما إلا شكا ، وما أنتما والخلافة ؟ وأما أنت يا معاوية فطليق (2) ، وأما أنت يا عمرو فظنون (3) . ألا فكفا عني أنفسكما ، فليس لكما ولا لي نصير ، وكتب رجل من الأنصار مع كتاب عبد الله بن عمر :
--------------------------- (1) في الإمامة والسياسة ( 1 : 85 ) أن صاحب الكتاب هو المسور بن مخرمة . (2) الطليق : واحد الطلقاء ، وهم ( اللين ) ؟ أطلقهم الرسول يوم الفتح ، انظر ص 29 ، وزاد في الإمامة والسياسة : ( وأبوك من الأحزاب ) . (3) الظنون ، بالفتح : المتهم ومن لا يوثق به ، ومثله الظنين . ح : ( فظنين ) . واقعة صفين _ 65 _
--------------------------- (1) يعني بالشيخين طلحة والزبير ، انظر ح ( 1 : 258 ) . (2) يعني بالرقراق السراب ، ترقرق : تلألأ ، وجاء وذهب . (3) ح : ( لا يضيره ) . (4) اقتصاصه : روايته وحكايته ، والرجيع : المكرر المعاد من القول ، ح : ( مما اقتصاصه يطول ) . (5) فما أنتما والنصر ، يجوز في نحو هذا التركيب الرفع على العطف ، والنصب على أنه مفعول معه انظر همع الهوامع ( 1 : 221 ) . (6) ح : ( لا يوازي به رجل ) . (7) حابس بن سعد ، قيل كانت له صحبة ، وقتل بصفين ، انظر تهذيب التهذيب ( 2 : 127 ) ، وقال ابن دريد في الاشتقاق 235 : ( كان علي طيئ الشام مع معاوية ، وقتل ، وكان عمر ولاه قضاء مصر ثم عزله ) ، ح : ( حابس بن سعيد ) محرف الشام . واقعة صفين _ 66 _
فقال له علي : نعم ، فمره بذلك ـ وكان اسم الرجل خفاف بن عبد الله ـ فقدم على ابن عمه حابس بن سعد بالشام ، وكان حابس سيد طيئ فحدث خفاف حابسا أنه شهد عثمان بالمدينة ، وسار مع علي إلى الكوفة ، وكان لخفاف لسان وهيئة وشعر ، فغدا حابس وخفاف إلى معاوية فقال حابس : هذا ابن عمي قدم الكوفة مع علي ، وشهد عثمان بالمدينة ، وهو ثقة ، فقال له معاوية : هات يا أخا طيئ ، حدثنا عن عثمان ، قال : حصره المكشوح ، وحكم فيه حكيم ، ووليه محمد وعمار (1) ، وتجرد في أمره ثلاثة نفر : عدي بن حاتم ، والأشتر النخعي ، وعمرو بن الحمق ؛ وجد في أمره رجلان ، طلحة والزبير (2) وأبرأ الناس منه علي . قال : ثم مه ؟ قال : ثم تهافت الناس على علي بالبيعة تهافت الفراش ، حتى ضلت النعل (3) وسقط الرداء ، ووطئ الشيخ ، ولم يذكر عثمان ولم يذكر له ، ثم تهيأ للمسير وخف معه المهاجرون والأنصار ، وكره القتال معه ثلاثة نفر : سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، ومحمد بن مسلمة . فلم يستكره أحدا ، واستغنى بمن خف معه عمن ثقل . ثم سار حتى أتى جبل طيئ ، فأتاه منا جماعة كان ضاربا بهم الناس ، حتى إذا كان في بعض الطريق أتاه مسير طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة ، فسرح رجالا إلى الكوفة فأجابوا دعوته ، فسار إلى البصرة فهي في كفه (4) ، ثم قدم إلى الكوفة ، فحمل إليه الصبي ، ودبت (5) ، إليه العجوز ، وخرجت إليه العروس فرحا به ، وشوقا إليه ، فتركته وليس همه إلا الشام ) .
--------------------------- (1) انظر التنبيه الرابع من ص 54 . (2) ح : ( حصره المكشوح والأشتر النخعي وعمرو بن الحمق ، وجد في أمره طلحة والزبير ) ، وفيه سقط كما ترى . (3) ح : ( ضاعت النعل ) . (4) ح : ( فإذا هي في كفه ) . (5) في الأصل : ( دنت ) والوجه ما أثبت من ح ، والدبيب : المشى على هينة . واقعة صفين _ 67 _
فذعر معاوية من قوله ، وقال حابس : أيها الأمير لقد أسمعني شعرا غير به حالى في عثمان ، وعظم به عليا عندي ، قال معاوية : أسمعنيه يا خفاف ، فأسمعه قوله شعرا :
(1) مائلا ، أي إلى الغيب ، والغمض ، بالضم : النوم ، في الأصل : ( راقب الليل ) تحريف ، هذا والبيت والستة الأبيات التي بعده لم ترو في ح . (2) الوقاف : المتأني الذي لا يعجل ، وفي حديث الحسن : ( إن المؤمن وقاف متأن ، وليس كحاطب الليل ) ، والوقاف أيضا : المحجم عن القتال . (3) لحق البطون ، عني بها الإبل ، ولحق : جمع لاحق ولاحقة ، واللاحق : الضامر . وفي ح : ( لحق البطون عجاف ) . واقعة صفين _ 68 _
(1) شبه الإبل بالقسى في تقوسها ، والشعث ، عنى بهم الحجاج الذين قد شعثت رؤوسهم أي تلبد شعرها واغبر ، والرصاف : العقبة التي تلوى فوق رعظ السهم إذا انكسر ، ورعظ السهم : مدخل سنخ النصل ، وفي ح : ( مثل السهام ) . (2) الصيحة : العذاب والهلكة ، وقوم الأحقاف هم عاد قوم هود ، انظر الآيات 21 ـ 26 من سورة الأحقاف ، والأحقاف : رمل فيما بين عمان إلى حضر موت ، ح : ( إن أتاكم علي ، صبحة مثل صبحة ) ، والصبحة : المرة من صبح القوم شرا : جاءهم به صباحا . (3) عاديا ، ينظر فيه إلى قوم عبد يغوث بن وقاص في المفضليات ( 1 : 156 ) : ) أنا الليث معدوا عليه وعاديا ) ، وعدا الليث : وثب ، وفي الأصل : ( غازيا ) وفي ح : ( غاديا ) ، والشجاع ، بالضم والكسر : الحية الذكر . (4) يذرى : يطيح ويلقي ويطير ، والشؤون : مواصل قبائل الرأس ، ح : ( يفري به ) . (5) الإتحاف : أن يتحفه بتحفة ، وهي ما تتحف به الرجل من البر واللطف ، في الأصل : ( للانحاف ) ، تحريف ، والبيت لم يرو في ح . واقعة صفين _ 69 _
--------------------------- (1) نادية القوم : دعوتهم ، وفي الحديث : ( فبينما هم كذلك إذ نودوا نادية ) ، في الأصل : ( نادبة ) بالباء الموحدة ، تحريف ، وفي ح : ( قبل بادرة القوم ) ، والبادرة : ما يبدر حين النضب من قول أو فعل ، ح : ( بسلم تهم ) . واقعة صفين _ 70 _رواية أبي محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز ، رواية أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن الوليد ، رواية أبي الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي ، رواية أبي يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر الحريري ، رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي ، رواية أبي البركات عبد الواهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي ، سماع مظفر بن علي بن محمد المعروف بابن المعجم ـ غفر الله له . بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أخبرنا الشيخ الثقة شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي ، قال : أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقراءتي عليه في ربيع الآخر من سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، قال أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي ، قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة ، قال أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز ، قال أبو الفضل نصر بن مزاحم ، عن عطية بن غنى (1) ، عن زياد بن رسم قال : كتب معاوية بن أبي سفيان إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب خاصة ، وإلى سعد بن أبي وقاص ، ومحمد بن مسلمة ، دون كتابه إلى أهل المدينة ، فكان في كتابه إلي ابن عمر : أما بعد فإنه لم يكن أحد من قريش أحب إلى أن يجتمع عليه الأمة (2) بعد قتل عثمان منك ، ثم ذكرت خذلك إياه وطعنك على أنصاره فتغيرت لك ، وقد هون ذلك علي خلافك على علي ، ومحا عنك بعض ما كان منك (3) فأعنا ـ رحمك الله ـ على حق هذا الخليفة المظلوم ، فإني لست أريد الإمارة عليك ، ولكني أريدها لك ، فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين ) . --------------------------- (1) ح ( 1 : 259 ) : ( عطية بن غناء ) . (2) ح : ( الناس ) . (3) في الأصل : ( وجزني إليك بعض ما كانت منك ) ، وأثبت ما في ح . واقعة صفين _ 71 _
وكتب في أسفل كتابه :
--------------------------- (1) هو الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ، واسمه سعد بن مالك بن أهيب ـ وقيل وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري ، وهو أحد الستة أهل الشورى ، ولي الكوفة لعمر ، وهو الذي بناها ، ثم عزل ووليها لعثمان ، توفى سنة 55 ، الإصابة 3187 . (2) الصعالك : جمع صعلوك ، وحذف الياء في مثله جائز ، والصعلوك : الفقير الذي لا مال له . (3) العوارك : الحوائض من النساء ، جمع عارك . (4) الحوارك : جمع حارك ، وهو أعلى الكاهل . (5) ح : ( أترك ) مع إسقاط كلمة : ( أني ) قبلها ، وفي ح أيضا ( وأتبعك ) بدل : ( واتبعتك ) . واقعة صفين _ 72 _
ولكن حدث أمر لم يكن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى فيه عهد ، ففزعت فيه إلى الوقوف (1) ، وقلت : إن كان هدى ففضل تركته ، وإن كان ضلالة فشر نجوت منه ، فأغن عنا نفسك (2) ) ، ثم قال لابن أبي غزية : أجب الرجل ـ وكان أبوه ناسكا ، وكان أشعر قريش ـ فقال :
(1) ح : ( ولكن عهد إلى في هذا الأمر عهد ففرغت فيه الوقوف ) ، تحريف ونقص . (2) أغن نفسك : اصرفها وكفها ، ومنه قول الله : ( لن يغنوا عنك من الله شيئا ) ، وفي الأصل : ( فأعزل عنا نفسك ) ، صوابه من ح . (3) انظر ما مضى في الصفحة السابقة . (4) أسد شابك : مشتبك الأنياب مختلفها ، والشابك أيضا من أسماء الأسد ، وفي الأصل : ( الشوائك ) تحريف . واقعة صفين _ 73 _
(1) انظر ما سبق في ص 62 . واقعة صفين _ 74 _
(1) في الأصل : ( حراما ) . (2) أراد انقطع الأمل ، وعراقي الدلو : جمع عرقوة ، قال الأصمعي : يقال للخشبتين اللتين تعترضان على الدلو كالصليب : العرقوتان ، وهي العراقي ، وفي الأصل : ( عوالي الدلو ) ولا وجه له ، وهذه القصيدة وسابقتها لم أجدهما في كتاب ابن أبي الحديد . (3) في الأصل : ( به ) صوابه في ح ( 1 : 260 ) . (4) ح : ( قد كرهت أوله وكرهت آخره ) . (5) أي الذي يكفيك مني الإباء . واقعة صفين _ 75 _
--------------------------- (1) ح : ( مبايعتك ) . (2) ح : ( أهل القبلة ) في المواضع الثلاثة . واقعة صفين _ 76 _
فقد أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما هو كائن قبل أن يكون ، فلما كان كسرت سيفي ، وجلست في بيتي (1) واتهمت الرأي على الدين ، إذ لم يصح لي معروف آمر به ، ولا منكر أنهى عنه ، وأما أنت فلعمري ما طلبت إلا الدنيا ، ولا اتبعت إلا الهوى ، فإن تنصر عثمان ميتا فقد خذلته حيا (2) ، فما أخرجني الله من نعمة ولا صيرني إلى شك ، إن كنت أبصرت خلاف ما تحبني به ومن قبلنا من المهاجرين والأنصار ، فنحن أولى بالصواب منك ) ، ثم دعا محمد بن مسلمة رجلا من الأنصار ، وكان فيمن يرى رأي محمد في الوقوف ، فقال : أجب يا مروان بجوابه فقد تركت الشعر ، فقال مروان ، لم يكن عند ابن عقبة الشعر (3) ، وفي حديث صالح بن صدقة بإسناده قال : ضربت الركبان إلى الشام بقتل عثمان ، فبينما معاوية ( يوما ) إذ أقبل رجل متلفف ، فكشف عن وجهه فقال : يا أمير المؤمنين ، أتعرفني ؟ قال : نعم ، أنت الحجاج بن خزيمة بن الصمة فأين تريد ؟ قال : إليك القربان (4) ، أنعى إليك ابن عفان ، ثم قال :
--------------------------- (1) يروى عن محمد بن مسلمة أنه قال : ( أعطاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سيفا فقال : قاتل به المشركين ما قوتلوا ، فإذا رأيت أمتي يضرب بعضهم بعضا فائت به أحدا فاضرب به حتى ينكسر ، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية خاطئة ، انظر الإصابة 7800 . (2) ح : ( فقد خذلته حيا ، والسلام ) وبذلك تنتهي هذه الرسالة في ح . (3) يفهم من هذا أن اسم هذا الأنصاري مروان بن عقبة . ( 4 ) القربان ، بالضم والكسر : الدنو . واقعة صفين _ 77 _
--------------------------- (1) قال ابن أبي الحديد في ( 1 : 253 ) : ( المتلئب : المستقيم المطرد ) ، وفي اللسان أيضا : اتلأب : أقام صدره ورأسه ، وفي الأصل : ( الملتبب ) ولا وجه له . (2) في الأصل : ( وجمع أهل الشام ) ، صوابه من ح . (3) الصعدة ، بالفتح : القناة المستوية ، والشأس ، أصل معناه المكان الغليظ الخشن ، قال ابن أبي الحديد : ( ومن رواه : للشاسي ، بالياء فأصله الشاصي بالصاد ، وهو المرتفع ، يقال شصا السحاب إذا ارتفع ، فأبدل الصاد سينا ، ومراده هنا نسبة علي ( عليه السلام ) إلى التيه والرفع عن الناس ) ، قلت : قد أبعد ابن أبي الحديد في التخريج ، إنما يكون : ( الشاسي ) مخفف ( الشاسيء ) وهو من المقلوب ، وفي اللسان ( مادة شأس ) : ( ويقال مقلوبا : مكان شاسيء وجاسيء : غليظ ) . (4) مهز : مصدر ميمي من الهز ، يقال هززت فلانا لخير فاهتز ، ح : ( أفيك مهز ) . (5) زاد ابن أبي الحديد : ( ولم يخاطب معاوية بأمير المؤمنين قبلها ) أي قبل هذه الزيارة ، وهذه العبارة تعليق من ابن أبي الحديد ، وتقرأ بفتح الطاء من ( يخاطب ) وإلا فإن الحجاج خاطبه قبلها بأمير المؤمنين في أول الحديث ، وانظر ص 80 س 6 . (6) كذا وردت العبارة في الأصل ، وح ، وهو وجه ضعيف في العربية ، إذ لا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد توكيده بالضمير المنفصل ، أو وجود فاصل بين المتبوع والتابع . واقعة صفين _ 78 _
فضاق معاوية ( صدرا ) بما أتاه ، وندم على خذلانه عثمان (1) ، وقال معاوية حين أتاه قتل عثمان :
(1) في الأصل : ( وهذه ) ، صوابها من ح . (2) ح : ( على خذلان عثمان ) . (3) ح : ( منهم قاتل ) . (4) أي عند طلبه الجواب ، وفي ح : ( عند دعائه ) . (5) يقال : قصرك أن تفعل كذا ، أي حسبك وكفايتك وغايتك ، كما تقول : قصارك وقصاراك ، الأولى بفتح القاف والأخريان بضمها . (6) أبو عمرو : كنية عثمان بن عفان ، وفي رثائه تقول زوجه نائلة بنت الفرافصة : ح : ( سأبغي ) أي سأطلب ثاره ، والبيض ، بالكسر : السيوف ، جمع أبيض ، والدارع : لابس الدرع . واقعة صفين _ 79 _
--------------------------- (1) الشجر : الطعن بالرمح . وفي حديث الشراة : ( فشجرناهم بالرماح ، أي طعناهم بها حتى اشتبكت فيهم ) ، وعنى بالخيل الفرسان . (2) الثفال ، بالكسر ، جلد يبسط تحت الرحى ليقي الطحين من التراب ، ولا تثفل الرحى إلا عند الطحن ، في الأصل : ( وأطحنهم ) وأثبت ما في ح ، وفي الأصل أيضا : ( بما أسدى إلي ) ، والوجه ما أثبت من ح . (3) في الأصل : ( من عامها ) . (4) الإخداج : النقص ، وفي الأصل : ( أخرجت ) بالراء ، تحريف ، يدك أبايعك على ما أحببنا وكرهنا ) ، فكان أول العرب بايع عليها مالك ابن هبيرة . |