11 ـ مع أبي أحمد الخراساني
  سأله أبو أحمد الخراساني : الكفر أقدم أم الشرك ؟
  فقال (عليه السلام) ما لك ولهذا ، ما عهدي بك تكلّم الناس ؟
  قال : أمرني هشام بن الحكم أن أسألك.
  فقال (عليه السلام) : قل له الكفر أقدم ، أول من كفر إبليس ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (1) ولا يخفى أن الكفر شيء واحد ، والشرك يثبت واحداً ويشرك معه غيره (2)
  12 ـ مع عبد الغفار
  جاءه رجل يقال له عبد الغفار فسأله عن قوله تعالى : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) (3) .
  قال أرى هنا خروجاً من حجب وتدلياً إلى الأرض ، وأرى محمداً رأى ربه بقلبه ونسب إلى بصره فكيف هذا ؟
  فقال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) : دنا فتدلى فإنه لم يزل عن موضع ولم يتدلّ ببدن.
  فقال عبد الغفار : أصفه بما وصف به نفسه حيث قال : دنا فتدلى ، فلما يتدلى عن مجلسه إلا وقد زال عنه ولولا ذلك لم يصف بذلك نفسه.
  فقال الإمام (عليه السلام) : إن هذه لغة في قريش إذا أراد رجل منهم أن يقول قد سمعت ، يقول : قد تدليت وإنما التدلي هو الفهم.
  ـ وسئل (عليه السلام) عن رجل قال :
  والله لأتصدقن بمال كثير فما يتصدق ؟
  فقال (عليه السلام) : إن كان الذي حلف من أرباب شياه ، فليتصدق بأربع وثمانين شاة ، وإن كان من أصحاب النعم ، فليتصدق بأربع وثمانين بعيراً ، وإن كان من أرباب الدراهم ، فليتصدق بأربع وثمانين درهماً والدليل عليه قوله تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) (4) .
  فعدد مواطن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة وثمانين موطناً (5)
  ـ سئل (عليه السلام) عن رجل نبش قبر ميت ، وقطع رأس الميت ، وأخذ الكفن.
  فقال (عليه السلام) : يقطع يد السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز.
  ويلزم مائة دينار لقطع رأس الميت ، لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح (6)

---------------------------
(1) سورة البقرة ، الآية 34.
(2) بحار الأنوار ، ج 11 ، ص 253.
(3) سورة النجم ، الآيتان 8 ـ 9.
(4) سورة التوبة ، الآية 25.
(5) بحار الأنوار ، ج 11 ، ص 353.
(6) بحار الأنوار ، ج 11 ، ص 253.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 143 _

  13 ـ مع المهدي العباسي أيضاً
  أمر المهدي بتوسعة المسجد الحرام مع الجامع النبوي ، فسأل فقهاء العصر عن جواز إجبارهم على ذلك ، فأشار عليه علي بن يقطين أن يرفع استفتاءً في المسألة إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) فاستصوب رأيه فردّ الإمام على سؤاله وكتب له : بعد البسملة : إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس ، فالناس أولى ببنائها وإن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة فالكعبة أولى بفنائها.
  ولما انتهى الجواب إلى المهدي أمر بهدم الدور وأضافها إلى ساحة المسجدين ففزع أصحابها إلى الإمام (عليه السلام) والتمسوا منه أن يكتب لهم رسالة إلى المهدي ليعوضهم عن ثمن دورهم ، فأجابهم وكتب إلى المهدي رسالة في ذلك فلما وصلت إليه أوصلهم وأرضاهم (1) .
  ولم يكن ذلك من الاستملاك الذي يعبر عنه في الوقت الحاضر بالاستملاك للمصلحة العامة كما فهمه بعض المعاصرين بل إن هذا حكم شرعي يتبع أدلته الخاصة التي نصت على أن للجامع فناءً وإن من نزل به لا حرمة لما يقيمه فيه من بناء.
  وعن داود بن قبيصة : قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : سئل أبي (عليه السلام) : هل منع الله ما أمر به ، وهل نهى عما أراد ، وهل أعان على ما لم يرد ؟
  فقال (عليه السلام) : أما ما سألت : هل منع الله عما أمر به ؟ فلا يجوز ذلك ، ولو جاز لكان قد منع إبليس عن السجود لآدم ، ولو منع إبليس لعذره ولم يلعنه.
  وأما ما سألت هل نهى عما أراد ؟ فلا يجوز ذلك ، ولو جاز لكان حيث نهى آدم عن أكل الشجرة أراد منه أكلها ، ولو أراد منه أكلها لما نادى صبيان الكتاتيب : ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) (2) والله تعالى لا يجوز عليه أن يأمر بشيء ويريد غيره.
  وأما ما سالت عنه من قولك : هل أعان على ما لم يرد ؟
  ولا يجوز ذلك ، وجلّ الله تعالى عن أن يعين على قتل الأنبياء وتكذيبهم وقتل الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) والفضلاء من ولده ، وكيف يعين على ما لم يرد ؟ وقد أعد جهنم لمخالفيه ، ولعنهم على تكذيبهم لطاعته ، وارتكابهم لمخالفته ، ولو جاز أن يعين على ما لم يرد لكان أعان فرعون على كفره وادعائه أنه رب العالمين ، أفترى أراد الله من فرعون أن يدّعي الربوبية؟ يستتاب هذا القول فإن تاب من كذبه على الله وإلا ضربت عنقه (3) .

---------------------------
(1) البحار ، ج 4 ، ص 248.
(2) سورة طه ، الآية 121.
(3) الاحتجاج ، ج 2 ، ص 158.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 144 _

في سبيل درر من حكمه الخالدة
  كان هدف أهل البيت من تعاليمهم النافعة ، وحكمهم العالية ، وأحاديثهم التوجيهية دعوة الأمة نحو الخير والصلاح ، معتمدين السبل القويمة لنشر الإسلام ، وإعلاء كلمة الله عزّ وجلّ ، ولم تقتصر تعاليمهم على إلقاء الخطب والوصايا ، بل كانوا يفيضون على من حولهم من توجيهاتهم القيمة جوامع الكلم ذات معان كبيرة في شتى نواحي الأخلاق والآداب والمواعظ الاجتماعية الثمينة ، ولو قمنا بعملية إحصاء لكل إمام منهم (عليه السلام) لحصلنا على كتاب ضخم ، وأثر نفيس في دنيا الأخلاق والمواعظ.
  وقد فضلنا نموذجاً مختصراً عن بعض ما أثر عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) من الدرر الحكيمة الخالدة مدرجة حسب الأبجدية علّنا نفي بالهدف المطلوب.
  (أ) قال (عليه السلام) عند قبر حضره : إن هذا شيئاً آخره لحقيق أن يزهد في أوله ، وإن شيئاً هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره.
  ـ اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات : ساعة لمناجاة الله ، وساعة لأمر المعاش ، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن ، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم ، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات.
  ـ إياك أن تمنع في طاعة الله ، فتنفق مثليه في معصية الله.
  ـ اشتدت مؤونة الدنيا والدين ، فأما مؤونة الدنيا فإنّك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجراً قد سبقك إليه ، وأما مؤونة الآخرة فإنّك لا تجد أعواناً يعينوك عليه.
  ـ أولى العلم بك ما لا يصلح لك العلم إلا به ، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عن العمل به ، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك ، وأظهر لك فساده ، وأحدّ العلم عاقبة ما زاد في علمك العاجل ، فلا تشغلن بعلم ما لا يضرك جهله ، ولا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 145 _

  ـ أداء الأمانة والصدق يجلبان الرزق ، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق.
  وسأله رجل يدعى عبيد الله بن إسحاق المدائني : إن الرجل يراني فيحلف بالله أنه يحبني ، أفأحلف بالله أنه لصادق ؟ فقال (عليه السلام) : امتحن قلبك فإن تحبه فاحلف وإلا فلا.
  ـ أفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج.
  ـ إن صلاحكم من صلاح سلطانكم ، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم ، وأكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم.
  ـ إذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيراً حتى يعرف ذلك منه.
  ـ أخذ أبي بيدي ، قال يا بني : إن أبي محمد بن علي أخذ بيدي ، وقال : إن أبي علي بن الحسين أخذ بيدي ، وقال : يا بني : افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه ، وإن لم يكن له بأهل كنت أهله ، وإن شتمك رجل عن يمينك ثم تحوّل عن يسارك واعتذر إليك فاقبل منه.
  ـ سأله رجل عن الجواد : فقال (عليه السلام) : إن لكلامك وجهين ، فإن كنت تسأل عن المخلوقين ، فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع لأنه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك وإن منعك منعك ما ليس لك.
  ـ إن قوماً يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفاً هم الآمنون يوم القيامة.
  ـ إن أهل الأرض لمرحومون ما تحابوا ، وأدوا الأمانة ، وعملوا بالحق.
  ـ إنّ الأنبياء وأولاد الأنبياء وأتباع الأنبياء خصّوا بثلاث خصال : السقم في الأبدان ، وخوف السلطان ، والفقر.
  ـ إن الله عزّ وجلّ يقول : إني لم أغن الغني لكرامة له عليّ ، ولم أفقر الفقير لهوان به عليّ ، وهو ممّا ابتليت الأغنياء بالفقراء ، ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنّة.
  ـ إذا لم تستح فاعمل ما شئت.
  ـ أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله.
  ـ قال علي بن جعفر : سألت أخي موسى بن جعفر فقلت له : أصلحك الله ، أيكون المؤمن بخيلاً ؟
  قال : نعم.
  فقلت : أيكون خائناً ؟

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 146 _

  قال : لا ولا يكون كاذباً ثم قال : إن أبي حدّثني عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنه قال : كل خلة يطوي المؤمن عليها ليس الكذب والخيانة.
  ـ قال (عليه السلام) : جاء رجل إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال له : يا رسول الله ما حق ابني علي ؟ فقال (صلّى الله عليه وآله) : أن تحسن اسمه وأدبه.
  (ت) وقال (عليه السلام) : التحدث بنعم الله شكر ، وترك ذلك كفر ، فارتبطوا نعم ربكم بالشكر ، وحصّنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا البلاء بالدعاء ، فإن الدعاء منجية ، ترد البلاء وقد أبرم إبراماً.
  وقال (عليه السلام) : التودد إلى الناس نصف العقل.
  وقال (عليه السلام) : تعجّب الجاهل من العاقل أكثر من تعجّب العاقل من الجاهل.
  (ر) وقال (عليه السلام) : رأس السخاء أداء الأمانة.
  (س) وقال (عليه السلام) : السخي الحسن الخلق في كنف الله ، لا يتخلى الله عنه حتى يدخل الجنة ، وما بعث الله نبياً إلا سخياً ، وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخلق حتى مضى.
  (ص) وقال (عليه السلام) : الصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي دين أو حسب ، والله ينزل المعونة على قدر المؤونة ، وينزل الصبر على قدر المصيبة.
  (ض) قال علي بن سويد : سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن الضعفاء ـ أي ضعفاء العقيدة ـ فكتب (عليه السلام) لي : الضعيف من لم ترفع له حجّة ، ولم يعرف الاختلاف ، فإذا عرف الاختلاف فليس بمستضعف.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 147 _

  (ع) وقال (عليه السلام) : العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً ، ومنها أن يؤمن العبد بربّه فيتمنّ على الله عزّ وجلّ ، ولله المنّة عليه فيه.
  وقال (عليه السلام) : العجلة هي الخرق.
  وقال (عليه السلام) : عونك للضعيف من أفضل الصدقة.
  وقال (عليه السلام) : عليكم بالدعاء ، فإنّ الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضى ولم يبق إلا إمضاؤه ، فإذا دعي الله عزّ وجلّ وسئل صرف البلاء.
  (ف) وقال (عليه السلام) : فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشد على إبليس من ألف عابد ، لأن العابد همه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، ولذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف عابد.
  وقال (عليه السلام) : فضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب.
  (ق) وقال (عليه السلام) : قلة الشكر تزهد في اصطناع المعروف.
  وقال (عليه السلام) : قلة الوفاء عيب بالمروءة.
  وقال (عليه السلام) : قلة العيال أحد اليسارين.
  (ك) وقال (عليه السلام) لعلي بن يقطين : كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان.
  وقال (عليه السلام) : كثرة الهم تورث الهرم.
  وقال (عليه السلام) : كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون ، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدّون.
  وقال (عليه السلام) ردّاً على سؤال موسى بن بكر عن الكفر : (الكفر أقدم من الشرك وهو الجحود قال عزّ وجلّ : ( إِلاَ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) (1) .

---------------------------
(1) سورة البقرة ، الآية 34.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 148 _

  (ل) قال (عليه السلام) : لا تكن إمعة فتقول : أنا مع الناس ، إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : إنما هما نجدان : نجد خير ونجد شر ، فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير.
  وقال (عليه السلام) : لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك وابق منها ، فإن ذهابها ذهاب الحياء.
  وقال (عليه السلام) : لو ظهرت الآجال ، افتضحت الآمال.
  وقال (عليه السلام) : لا تصلح المسألة إلا في ثلاث : في دم منقطع ، أو غرم مثقل ، أو حاجة مدفعة.
  وقال (عليه السلام) : لا خير في العيش إلا لمستمع واع ، أو عالم ناطق.
  وقال (عليه السلام) : لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرره عليك أعظم من منفعته لهم.
  وقال (عليه السلام) : لا تضيع حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه ، فإنّه ليس بأخ من ضيعت حقه ، ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته.
  وقال (عليه السلام) لبعض ولده : لا تخرجن نفسك من حدّ التقصير في عبادة الله وطاعته ، فإنّ الله عزّ وجلّ لا يعبد حق عبادته.
  (م) وقال (عليه السلام) : المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنتان.
  وقال (عليه السلام) : ما تسابّ اثنان إلا انحطّ الأعلى إلى مرتبة الأسفل.
  وقال (عليه السلام) : ليس حسن الجوار كف الأذى ، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى.
  وقال (عليه السلام) : المؤمن أعز من الجبل ، الجبل يستغل بالمعاول ، والمؤمن لا يستغل دينه بشيء.
  وقال (عليه السلام) : المؤمن مثل كفتيّ الميزان ، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه.
  وقال (عليه السلام) : ما أهانت الدنيا قوم قط إلا هنّأهم الله إياّها ، وبارك لهم فيها ، وما أعزّها قوم قطّ إلا بغّضهم الله إياها.
  وقال (عليه السلام) : من أتى إلى أخيه مكروهاً فبنفسه بدأها.
  وقال (عليه السلام) : من ولده الفقر أبطره الغنى.
  وقال (عليه السلام) : المؤمن أخو المؤمن لأمه وأبيه وإن لم يلده أبوه ، ملعون من اتهم أخاه ، ملعون من لم ينصح لأخيه ، ملعون من استأسر لأخيه ، ملعون من احتجب عن أخيه ، ملعون من اغتاب أخاه.
  وقال (عليه السلام) : المعروف تلو المعروف غلّ لا يفكه إلا مكافأة أو شكر.
  وقال (عليه السلام) : من لم يكن له من نفسه واعظ تمكن منه عدوه ـ يعني الشيطان.
  وقال (عليه السلام) : المغبون من غبن من عمره ساعة.
  وقال (عليه السلام) : من ترك التماس المعالي لانقطاع رجائه فيها لم ينل جسيماً.
  وقال (عليه السلام) : من تكلم في الله هلك ، ومن طلب الرياسة هلك ، ومن دخله العجب هلك.
  وقال (عليه السلام) : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أصبح وهو لا يهتم بظلم أحد غفر الله بما اجترم (1) .
  وقال (عليه السلام) : من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض.

---------------------------
(1) اجترم : اكتسب.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 149 _

  (ن) قال (عليه السلام) : نعم المال النخل الراسخات في الوحل ، المطعمات في المحل.
  (و) وقال (عليه السلام) : وجدت علم الناس في أربع : أولها : أن تعرف ربك ، والثانية : أن تعرف ما صنع بك ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك.
  (ي) قال (عليه السلام) : يعرف شدة الجور من حكم به عليه.
  وقال (عليه السلام) : ينادي مناد يوم القيامة ألا من كان له على الله أجر فليقم ، فلا يقوم إلا من عفا وأصلح فأجره على الله.
  وقال (عليه السلام) : ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ، ولا يتهمه في قضائه.

كوكبة من رواته وأصحابه
  قامت مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) بمجهود كبير وعظيم بمواصلة أعمالها من أجل تثقيف الجيل وتطوير المجتمع الإنساني وتقدم المسلمين في ميادين النهضة الفكرية والعلمية والحضارية ، وقد ربّت خلال فترة زمنية محدودة جيلاً صالحاً أدى رسالته الإصلاحية الشاملة وقام بمساع جليلة إلى الأجيال الصاعدة ، وببركة هذه المدرسة ومجهود المسؤول عنها (عليه السلام) نضجت العقلية الإسلامية بواسطة معارف الإسلام وتعاليمه الخيّرة من المحيط النظري إلى التطبيق العملي في مشارق الأرض ومغاربها.
  ولما فجع العالم الإسلامي برحيل العالم الكبير والإمام العظيم الصادق (عليه السلام) نهض الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بعد أبيه يتسلم شؤون تلك المدرسة التي أغنت العالم الإسلامي ، وأعزت العلم ورفعت مناره ، واصبح بعد وفاة أبيه عميداً للشيعة في كل أمورهم ، ومرشداً للنهضة الفكرية في عصره ، وقد أقبل عليه العلماء وطلاب العلم من كل حدب وصوب ينهلون من نمير علمه ، واحتفى به رجال الفكر لا يفترقون عنه ، حتى بلغ الأمر بهم من شدة احتفائهم به وتقديرهم له ، أنه إذا نطق بكلمة أو أفتى بموضوع بادروا إلى تدوين ذلك للحال 365 .

---------------------------
(1) الأنوار البهية ، ص 91.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 150 _

  وقد روى عنه هؤلاء العلماء جميع أنواع المعارف على اختلافها وتباعد أطرافها ، من حكمة ، وتفسير للذكر الحكيم ، وفقه إسلامي بجميع أبوابه ، وتوضيح أمور عالقة ، وردود على أسئلة مختلفة من قريب أو بعيد ، كما رووا عنه في الآداب الاجتماعية المواعظ والنصائح القيّمة ، وأيضا فقد حثهم على العلم المفيد لهم ولمجتمعهم.
  تلك الكوكبة من العلماء والرواة التي يزيد عددها على أربعة آلاف لم يكن أفرادها على مستوى واحد من حيث الثقة والعدالة ، وهذا قد يحدث في كل عصر ، فكان بينهم عدد من المنافقين والمتكسبين باعوا ضمائرهم بثمن رخيص ، فلم يتحرجوا من الوضع والكذب في الحديث على لسان النبي (صلّى الله عليه وآله) وعترته الميامين ليأخذوا عوض ذلك بعض الدريهمات من السلطة الحاكمة التي أفسدت عقيدة المسلمين وخدّرت عقولهم ومزقتهم شيعاً وأحزاباً ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (1) .
  كما كان بينهم جمهرة أخرى من الضعفاء والمجهولين غير موثوق بهم تماماً.
  ولا ريب أن الفئة الغالبة كانوا من العدول والثقات الذين عرفوا بالصدق والأمانة واليهم يرجع الفضل في ضبط الأحكام الإسلامية ونشر فقه أهل البيت (عليهم السلام) ، ونظراً لوجود هذه الطوائف المختلفة من رواة الأثر فقد انقسم الحديث إلى أصناف فكان : الحديث الصحيح ، والحسن ، والموثق ، والضعيف ، (فبعد استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) نشأت الأحزاب والفرق التي اتخذت شكلاً دينياً كان له أبلغ الأثر في قيام المذاهب الدينية في الإسلام) (2) .
  (وقد حاول كل حزب دعم ما يدعم بالقرآن والسنة ، ومن البديهي ألاّ يجد كل حزب ما يؤيد دعواه في نصوص القرآن الكريم ، فعمدوا إلى تحريف السنة الشريفة بالتحريف والزيادة ، حتى وضعوا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما لم يقل) (3) .
  لكنهم فشلوا ولم يحققوا مبتغاهم : لأن للحديث النبوي ضوءاً كضوء النهار يعرف به (4) وللحديث المكذوب ظلمة كظلمة الليل تنكره العقول المستقيمة إن معرفة سيرة الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله) وهديه فيما يأمر به وينهى عنه وفيما يحبه ويكرهه ، ثم التعرف على جميع أحواله فيما يجوز وفيما لا يجوز ، وكل ما نطق به من أقوال وقام به من أعمال ، كل هذا يمنحنا النور الكاشف لأنظارنا والاطمئنان المريح لأنفسنا.

---------------------------
(1) سورة المؤمنون ، الآية 53.
(2) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، ص 89.
(3) نقد الحديث في علم الرواية وعلم الدراية للمؤلف ، ج 1 ، ص 397.
(4) المصدر نفسه عن قواعد التحديث ، ص 165.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 151 _

  وعلى أي حال فإن الكثيرين من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) قد قاموا بدور مهم في التأليف والتصنيف ونشر الحضارة الإسلامية حتى ملأوا المكتبة العربية والإسلامية في عصرهم بنتاجهم القيّم ، الأمر الذي دلّ بحق على أن لهم اليد الطولى في رفع منار العلم ، وتهذيب الأفكار ، وتقويم الأخلاق.
  أما عدد أصحابه فقد ذكر أحمد بن خالد البرقي أنهم كانوا مائة وستين شخصاً (1) وهو اشتباه ظاهر إن كان مراده الحصر ، ولعله أراد بهذا العدد الأعلام النابهين منهم دون أن يليهم في مراتب العلم والفقه والحديث ، والحقيقة أن أغلب المنتمين لمدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) قد بقوا بعد وفاته ينهلون من علم الإمام الكاظم (عليه السلام) ويتلقون العلوم والفقه منه ، وسوف نعرض طائفة من أصحابه ورواة حديثه مرتبته على حروف الهجاء :
  (أ)
  1 ـ إبراهيم بن أبي البلاد
  هو يحيى بن سليم وكنى بأبي البلاد ، كان إبراهيم ثقة جليلاً رفيع المنزلة عظيم الشأن ، روى عن أبي عبد الله والكاظم والرضا ، وأرسل له الإمام الرضا (عليه السلام) رسالة أعرب فيها عن ثنائه وإكباره له (2)
  2 ـ أحمد بن الحسن
  هو ابن إسماعيل النمار ، مولى بني أسد ، كان من أصحاب الإمام الكاظم وروى عن الإمام الرضا (عليه السلام) وقال النجاشي : هو على كل حال ثقة صحيح الحديث معتمد عليه له كتاب نوادر (3)
  3 ـ أحمد بن عمرو
  هو ابن أبي شعبة الحلبي روى عن الإمام الكاظم والرضا وروى أبوه عن أبي عبد الله وهو من بيت عرف بالتقوى والصدق والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) (4) .
  4 ـ إسماعيل بن عبد الخالق
  مولى لبني أسد ، وجه من وجوه الشيعة ، وفقيه من فقهائها ، وقد عرف أهله بالعدالة والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن وله كتاب (5)
  5 ـ إسحاق بن جرير
ثقة من أهل العلم روى عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) وله كتاب ، وعدّه الشيخ من أصحاب أبي الحسن موسى (6)
  6 ـ أبو أيوب الحر
  الملقب بالجعفي ثقة جليل روى عن أبي عبد الله ، وأبي الحسن روى عنه يحيى بن عمران الحلبي وأبو عبد الله البرقي وقال الشيخ أنه ثقة وله كتاب (7)
  7 ـ إبراهيم بن محمد الأشعري
  القمي ، روى عن الإمام الكاظم ، وأبي الحسن الرضا ، وثقه جماعة من الأعلام (8)

---------------------------
(1) رجال البرقي بخط الأستاذ الشيخ علي الخاقاني رحمه الله في مكتبته.
(2) جامع الرواة ، ج 1 ، ص 16 ، ولسان الميزان ، ج 1 ، ص 47.
(3) نفسه ، ج 1 ، ص 44 ، والنجاشي ، ص 55.
(4) تنقيح المقال وجامع الرواة.
(5) منهج المقال ، ص 57.
(6) تنقيح المقال ، ج 1 ، ص 112.
(7) الفهرست لابن النديم ولسان الميزان ، ج 1 ، ص 478.
(8) كشف المحجة ، والوجيزة.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 152 _

  (ب)
  8 ـ بكر بن الأشعث
  هو أبو إسماعيل الكوفي ، روى عن الإمام ، ووثقه جماعة من الأعلام (1)
  9 ـ بكر بن محمد
  هو ابن نعيم الأزدي الغامدي ، ثقة جليل من بيت رفيع بالكوفة ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الكاظم ، عمّر عمراً طويلاً ، وله كتاب ، وروى عنه عبد الله بن مسكان واحمد بن حنبل (2)
  (ث)
  10 ـ ثعلبة بن ميمون
  الأسدي الكوفي ، قال النجاشي : كان وجهاً من أصحابنا قارئاً فقيهاً نحوياً لغوياً راوية ، وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن له كتاب تختلف الرواية عنه ، قد رواه جماعة من الناس (3) وحكي أنه لما حجّ هارون مرّ بالكوفة فلما صار إلى الموضع الذي يعرف بمسجد (سماك) كان ثعلبة ينزل في غرفة على الطريق فسمعه هارون يدعو بلسان فصيح فوقف يسمع دعاءه وأقبل على الفضل بن الربيع فقال له : تسمع ما أسمع ؟ فقال له : نعم ، فقال هارون : إن أخيارنا بالكوفة (4)
  وكان يلقب بأبي إسحاق الفقيه ويعد في الطليعة من علماء هذه الطائفة بالإضافة إلى ورعه وتقواه ، وقد روى عنه محمد ابن عبد الله المزخزف وعلي بن اسباط والحسن بن علي الخزاز وطريف بن ناصح (5)
  (ج)
  11 ـ جعفر بن خلف
  الكوفي عدّه الشيخ من أصحاب أبي الحسن موسى ، وقال إنه سمع الإمام يقول : سعد امرإ لم يمت حتى يرى منه خلفاً ، وقد أراني الله ابني هذا خلفاً ـ وأشار لولده الرضا (6)

---------------------------
(1) الوجيزة.
(2) لسان الميزان ، ج 2 ، ص 84 ، والتنقيح ، ج 1 ، ص 179.
(3) النجاشي.
(4) التعليقات ، ص 16.
(5) لسان الميزان ، ج 2 ، ص 83.
(6) تنقيح المقال ، ج 1 ، ص 215.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 153 _

  12 ـ جميل بن دراج
  ابن عبد الله النخعي الكوفي من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) والكاظم (عليه السلام) ، وكان ثقة جليلاً من كبار العلماء ، وهو أحد الستة الذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم ، وكان كثير الحديث ، روى عنه خلق كثير : كالحسن بن محبوب ، وصالح بن عقبة ، وأبو مالك الحضرمي وغيرهم ، له مؤلفات منها كتاب اشترك في تأليفه هو ومرازم بن حكيم ، وله أصل انفرد بتأليفه ، وتوفي في أيام الرضا (1)
  13 ـ جميل بن صالح
  الأسدي الكوفي ، ثقة جليل من أصحاب الإمام الصادق ، والكاظم (عليه السلام) ، له أصل ، روى عنه جماعة منهم عمار بن موسى الساباطي وغيره (2)
  14 ـ جهم بن أبي جهيم
  ثقة جليل الشأن ، رفيع المنزلة ، روى عن الإمام الكاظم (عليه السلام) له أصل (3)
  (ح)
  15 ـ حبيب بن المعلل
  الخثعمي المدايني ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن قال النجاشي : ثقة صحيح الحديث ، وقال الكشي مثل ذلك وأضاف أن له كتاباً (4)
  16 ـ حذيفة بن منصور
  الخزاعي ، قال النجاشي : إنه ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن ، له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا ، وثقة الشيخ المفيد (5)
  17 ـ الحسن بن الجهم
  هو ابن بكير بن أعين أبو محمد الشيباني ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام موسى (عليه السلام) ووثقه ، وهو ثقة روى عن أبي الحسن وولده الرضا ، وله كتاب (6)

---------------------------
(1) الفهرست ، جامع الرواة ، منهج المقال.
(2) منهج المقال ، ص 92.
(3) النجاشي ـ الكشي.
(4) منهج المقال ، ص 92.
(5) التنقيح ، ج 1 ، ص 258.
(6) نفسه ، ج 1 ، ص 229.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 154 _

  18 ـ الحسن بن علي
  ابن فضال بن عمرو بن أنيس التيمي الكوفي ، روى عن الإمام موسى (عليه السلام) والإمام علي بن موسى (عليه السلام) وابراهيم بن محمد الأشعري ومحمد بن عبد الله بن زرارة وعلي بن عقبة وغيرهم ، وروى عنه الفضل بن شاذان ، وبالغ في الثناء عليه بالزهد والعبادة ، وكان من المؤلفين ، له كتاب : الزيارات ، وكتاب البشارات ، وكتاب النوادر ، وكتاب الرد على الغالية ، وكتاب الناسخ والمنسوخ ، وكتاب التفسير وكتاب الابتداء والمبتدأ ، توفي سنة 224 هـ (1)
  19 ـ الحسن بن محبوب
  السراد ، كوفي ثقة ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام موسى ، روى عن الإمام الرضا (عليه السلام) وروي عن ستين رجلاً من أصحاب أبي عبد الله ، وكان جليل القدر يعد من أعلام عصره ، ألّف كتباً كثيرة منها : كتاب الحدود ، وكتاب الديّات ، وكتاب الفرائض ، وكتاب النوادر ، يقع في ألف ورقة ، وكتاب التفسير (2)
  20 ـ الحسين بن محمد
  ابن الفضل الهاشمي ثقة جليل من شيوخ بني هاشم ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ، وألّف كتاباً أسماه : (مجالس الرضا مع أهل الأديان) وقال الشيخ المفيد : كان الحسين بن محمد من خاصة الكاظم وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفضل من شيعته (3)
  21 ـ الحسين بن زيد
  ابن علي بن الحسين ، يلقب بذي الدمعة ، كان الإمام الصادق قد ربّاه ، وزوجته بنت الأرقط ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن وقال رواة الأثر إنه نشأ في حجر الإمام الصادق منذ قتل أبوه ، وأخذ منه علماً كثيراً ، وكان لا يجالس أحداً ولا يدخل إليه إلا من يثق به ، وإنما لقّب بذي الدمعة لكثرة بكائه ، قالت له زوجته : ما أكثر بكاؤك ؟!
  فأجاب : وهل ترك لي السهمان والنار سروراً يمنعني من البكاء ؟ توفي سنة 140 هـ وعمره ست وسبعون سنة (4)

---------------------------
(1) لسان الميزان ، ج 2 ، ص 225.
(2) الفهرست للشيخ الطوسي ، الفهرست لابن النديم ، وتنقيح المقال.
(3) الإرشاد.
(4) تنقيح المقال ، ج 1 ، ص 328 والسهمان اللذان قتل بهما أبوه زيد وأخوه يحيى ، والنار هي التي أحرق بها أبوه زيد.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 155 _

  (خ)
  22 ـ خالد بن نجيح
  كوفي ، يكنى أبا عبد الله ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن قال الكشي : كان خالد خادماً عند أبي الحسن موسى وهو الذي روى عنه في شأن ولده الرضا (عليه السلام) أنه قال فيه : (عهدي إلى ابني علي أكبر ولدي وخيرهم وأفضلهم) (1) .
  23 ـ خالد بن سعيد
  القمّاط ، عدّه الشيخ في رجاله في باب الكنى من أصحاب الإمام الكاظم ، ووثّقه النجاشي وقال : إنه روى عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) وله كتاب (2)
  24 ـ خف بن حماد
  الكوفي إمامي حسن الحال ، من أصحاب الإمام الكاظم وروى عنه (3)
  (د)
  25 ـ داود بن أبي يزيد
  الكوفي العطار ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن وله كتاب (4)
  26 ـ داود بن سليمان
  عدّه الشيخ المفيد من خاصة أبي الحسن موسى (عليه السلام) وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه ، وممن روى النص عن الإمام موسى على إمامة ولده الرضا ، فقد قال فيه : إني سألت أباك ـ من الذي يكون بعده ؟
  فأخبرني أنك أنت ، فلما توفي أبو عبد الله ذهب الناس يميناً وشمالاً وقلت لك أنا وأصحابي ، فأخبرني من الذي يكون بعدك ؟
  (عليه السلام) : ابني فلان ـ يعني الرضا ـ وترجمه الشيخ في الفهرست وقال إن له أصلاً (5)
  27 ـ داود بن فرقد
  الأسدي ، كوفي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى وله وكتاب (6)

---------------------------
(1) التنقيح ، ج 1 ، ص 388.
(2) نفسه ، ج 1 ، ص 391.
(3) نفسه ، ج 1 ، ص 401.
(4) النجاشي ، ص 121.
(5) تنقيح المقال ، ج 1 ، ص 410 وجامع الرواة.
(6) منهج المقال ، ص 135.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 156 _

  (ذ)
  28 ـ ذريح بن محمد
  ابن يزيد أبو الوليد المحاربي عربي من بني محارب من بني خصفة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ، ذكره ابن عقدة وابن نوح وله كتاب ، ووثّقه الشيخ والعلامة وغيرهما (1)
  (ر)
  29 ـ ربعي بن عبد الله
  ابن الجارود بن أبي سبرة الهذلي ، أبو نعيم ، بصري ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) وصحب الفضيل بن يسار وأكثر الأخذ عنه وكان خصيصاً به وقال الشيخ : له أصل (2)
  30 ـ رفاعة بن موسى
  الأسدي النحاس ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) ، كان ثقة في حديثه ، مسكوناً في روايته ، لم يُعترض له بشيء من الغمز ، حسن الطّريقة ، له كتاب مبوب في الفرائض ، ذكره العلامة في القسم الأول من (الخلاصة) وورد توثيقه في الوجيزة ، ومشتركات الكاظمي ، والحاوي وغيرها (3)
  (ز)
  31 ـ زكريا بن إدريس
  القمي روى عن أبي عبد الله ، وأبي الحسن ، والرضا (عليهم السلام) وكان وجيهاً عند الإمام الرضا وله كتاب (4)
  (س)
  32 ـ سعد بن أبي خلف
  كوفي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ، له كتاب يرويه جماعة منهم : ابن أبي عمير (5) عدّه ابن داود في القسم الأول من رجاله ، وورد توثيقه في (الوجيزة) و (البلغة) و (الحاوي).

---------------------------
(1) النجاشي ، ص 124 ، والفهرست.
(2) الفهرست ، قال النجاشي له كتاب.
(3) تنقيح المقال ، ج 1 ، 433.
(4) جامع الرواة ، ج 1 ، ص 332.
(5) النجاشي ، ص 135.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 157 _

  33 ـ سعيد بن جناح
  كوفي الأصل نشأ في بغداد ومات فيها ، روى عن أبي الحسن والرضا ، له كتاب في (صفة الجنة والنار) وكتاب (قبض روح المؤمن والكافر) عدّه ابن داود في القسم الأول ، ووثقه في الوجيزة والبلغة (1) .
  34 ـ سليم الفراء
  كوفي روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) ثقة له كتاب يرويه جماعة منهم محمد بن أبي عمير (2)
  35 ـ سيف بن عميرة
  النخعي عربي ثقة روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) له كتاب ترويه جماعات من أصحابنا ، وهو ثقة وعدّه ابن النديم من فقهاء الشيعة (3)
  (ش)
  36 ـ شعيب بن يعقوب
 ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ثقة ، له كتاب يرويه حماد بن عيسى وغيره ، وورد توثيقه في الوجيزة والبلغة والحاوي (4)
  (ص)
  37 ـ صالح بن خالد
  المحاملي ، أبو شعيب الكناسي ، روى عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ، له كتاب يرويه جماعة منهم عباس بن معروف ، وثّقه الشيخ في رجاله في باب الكنى كما ورد توثيقه في الوجيزة والبلغة (5)
  38 ـ صباح بن موسى
  الساباطي ثقة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليه السلام) (6)

---------------------------
(1) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 26 ، وجامع الرواة ، ج 1 ، ص 359.
(2) النجاشي ، ص 146.
(3) النجاشي ، ص 143 ، والفهرست.
(4) النجاشي ، ص 147 ، والكشي ص 277.
(5) النجاشي ، ص 151.
(6) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 92.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 158 _

  39 ـ صفوان بن يحيى
  أبو محمد البجلي ، كوفي ثقة ، قال الشيخ الطوسي : إنه أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وغيرهم ، وكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ، ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ، ويخرج زكاة ماله في كل سنة ثلاثة مرات ، والسبب في ذلك أنه تعاقد هو وعبد الله بن جندب ولعي بن النعمان في بيت الله الحرام أنه إن مات واحد منهم أن يقوم من بقي منهم بالصلاة والزكاة والحج عنهم فمات صاحباه وبقي صفوان فوفى لهما بذلك ، فكان جميع ما يفعله من البر والخير يجعله ثلاثة أقسام ، قسم له وقسمان لصاحبيه ، وكان من الزهاد المتعبدين والمحتاطين ، فقد كلفه شخص وهو مسافر أن يجعل معه دينارين إلى أهله في الكوفة ، فقال له : إن جمالي مكرية فلابدّ أن أستأذن الأجراء.
  ويكفي للتدليل على وثاقته أنه كانت له منزلة عند الإمام الرضا (عليه السلام) وكان وكيلاً له ، ألّف ثلاثين كتاباً منها : كتاب الصلاة ، وكتاب الصوم ، وكتاب الحج ، وكتاب الزكاة ، وكتاب الطلاق ، وكتاب الفرائض ، وكتاب الشراء والبيع ، وكتاب العتق والتدبير ، وكتاب البشارات ، وكتاب مسائل عن أبي الحسن موسى وغير ذلك.
  توفي سنة 210 هـ بالمدينة ، وبعث إليه أبو جعفر بحنوطه وكفنه ، واقر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه (1)
  (ض)
  40 ـ الضحاك الحضرمي
  أبو مالك ، كوفي عربي ، أدرك أبا عبد الله (عليه السلام) وقال قوم : إنه روى عنه وقال آخرون : إنه روى عنه وعن أبي الحسن موسى (عليه السلام) وكان متكلماً ثقة في الحديث ، له كتاب في الحديث رواه علي بن الحسن الطاطري (2)
  (ع)
  41 ـ عبد الحميد بن سعيد
  عدة الشيخ من صحاب الإمام موسى (عليه السلام) وروى عنه صفوان بن يحيى (3) .

---------------------------
(1) النجاشي ، الكشي ، منهج المقال ، الفهرست.
(2) النجاشي ، ص 45 والخلاصة.
(3) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 136.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 159 _

  42 ـ عبد الله بن الحارث
  المخزومي ، أمه من ولد جعفر بن أبي طالب ، وقد وثّقه الشيخ المفيد في (الإرشاد) وعدّه من خاصة الإمام الكاظم (عليه السلام) وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه (1)
  43 ـ عبد الله بن جندب
  البجلي ، عربي ، كوفي ، من أصحاب الإمام الكاظم والرضا (عليهما السلام) قال الشيخ الطوسي : كان وكيلاً للإمام موسى وولده الرضا ، وكان عابداً رفيع المنزلة وروى الكشي في حقه أنه قال للإمام أبي الحسن : ألست عني راضياً ؟ قال (عليه السلام) : أي والله ، ورسول الله والله عنك راض ، وعن علي بن إبراهيم عن أبيه ، قال : رأيت عبد الله بن جندب بالموقف ـ أي موقف عرفة ـ فلم أر موقفاً كان أحسن من موقفه ، ما زال ماداً يده إلى السماء ، ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض فلما انصرف الناس قلت له : يا أبا محمد ما رأيت موقفاً قط أحسن من موقفك !!
  قال لي : والله ما دعوت فيه إلا لإخواني ، وذلك لأن أبا الحسن موسى (عليه السلام) أخبرني أنه من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب نودي من العرش ولك بكل واحدة مائة ألف وكرهت أن أدعو مائة ألف لواحدة لا أدري تستجاب أم لا ؟
  وقد وثق الرجل في الوجيزة والحاوي ومشتركات الطريحي وقد أجمع المترجمون له أنه لم يغمز بوجه ، وإنه ثقة بلا خلاف (2)
  44 ـ عبد الله بن المغيرة
  هو أبو محمد البجلي كوفي ، ثقة لا يعدل به أحد لجلالته ودينه وورعه ، روى عن أبي الحسن موسى ، قيل أنه صنف ثلاثين كتاباً ، منها كتاب (الوضوء) وكتاب الصلاة.
  وقد روى هذه الكتب كثير من أصحابنا ، قال : أتيت المدينة ووقفت على باب الرضا (عليه السلام) وقلت للغلام ، قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداء الإمام وهو يقول : ادخل يا عبد الله بن المغيرة ، فدخلت فلما نظر إليّ قال : قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينه ، فقلت : أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه (3)
  45 ـ علي بن جعفر
  أخو الإمام موسى (عليه السلام) ثقة جليل من عيون الهاشميين ومن خيارهم ، وفي طليعة الرواة الثقات ، روى عن أبيه وبعد وفاته اختص بأخيه موسى ، وروى عنه الشيء الكثير ، وقد أفرد المجلسي في بحاره فصلاً لرواياته عنه ، وقد ألف رسالة في الأحاديث التي رواها عن أخيه موسى ، وكان قوي الإيمان ، صلب العقيدة ، دخل عليه بعض الواقفية فقال له : ما فعل أخوك أبو الحسن ؟

---------------------------
(1) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 176.
(2) جامع الرواة ، ج 1 ، ص 479 ، والروضة ج 1 ، ص 162 ، وتنقيح المقال ، ج 1 ، ص 175.
(3) النجاشي ، ص 159 وتنقيح المقال ، ج 2 ، ص 218.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 160 _

  ـ قد مات ؟ ـ وما يدريك ؟
  ـ قسمت أمواله ، ونطق الناطق من بعده.
  ـ ومن الناطق ؟ ـ ابنه علي.
  ألف كتاباً في الحلال والحرام ، وروى عنه جماعة منهم ابنه أحمد ومحمد وحفيده عبد الله بن الحسن ، توفي سنة 210 هـ (1)
  46 ـ علي بن حمزة
  ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو والد سيدنا حمزة المدفون بقرب الحلة الذي يزار ويتبرك بقبره ، وهو ثقة روى وأكثر الرواية ، له نسخة يرويها عن الإمام موسى (عليه السلام) (2)
  47 ـ علي بن عبيد الله
  ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال فيه النجاشي : إنه أزهد آل أبي طالب وأعبدهم في زمانه ، اختص بالإمام موسى (عليه السلام) والإمام الرضا (عليه السلام) ، وقال : إنه له كتاباً في الحج يرويه كله عن الإمام موسى (عليه السلام) (3)
  48 ـ عمر بن محمد
  ابن يزيد أبو الأسود كوفي ، ثقة جليل الشأن ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن وأثنى عليه الإمام أبو عبد الله (عليه السلام) فقال له : أنت والله منا أهل البيت ، جعلت فداك ، من آل محمد ؟ من أنفسهم أما تقرأ كتاب الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) له كتاب : مناسك الحج وفرائضه (4)

---------------------------
(1) الكشي ، ص 269 ، والنجاشي ، ص 190 ، وتهذيب التهذيب ، ج 7 ، ص 293.
(2) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 288.
(3) النجاشي ، ص 194.
(4) الكشي ، ص 212 ، والنجاشي ، ص 217 ، راجع سورة آل عمران ، الآية 68.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 161 _

  49 ـ علي بن يقطين
  ولد بالكوفة سنة 124 هـ في أواخر دولة الأمويين ، ونشأ وترعرع على أرضها ، كان أبوه يقطين يحمل الأموال والألطاف إلى الإمام الصادق (عليه السلام) ، طلبه مروان الحمار فهرب منه وهربت زوجته بولديه علي وعبيد الله إلى المدينة ، ولما زالت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية عادت بولديها إلى وطنها وفي ذلك الوقت انتشر صيت يقطين ، فقد اتصل بالسفاح وبالمنصور والمهدي ثم وشي عليه بأنه يذهب إلى (الإمامة) ولكن الله تعالى صرف عنه كيد الغادرين ولما توفي قام ولده علي مقامه فاتصل اتصالاً وثيقاً بالعباسيين وتولى بعض المناصب المهمة في الدولة ، وكان في الوقت نفسه عوناً وغوثاً للشيعة ، يدفع عنهم الخطوب ، وكان من عيون المؤمنين الصالحين ، فكان يستنيب جماعة في كل سنة ليحجوا عنه ، فقد حدث سليمان بن الحسين كاتبه فقال : أحصيت لعلي بن يقطين من يحج عنه ، في عام واحد مائة وخمسين رجلاً ، أقل من أعطاه منهم سبعمائة درهم ، واكثر من أعطاه عشرة آلاف درهم.
  وقد انفق أموالاً ضخمة في وجوه البر والإحسان منها أنه أوصل الإمام موسى (عليه السلام) بصلات كبيرة تتراوح ما بين المائة ألف درهم إلى ثلاث مائة ألف درهم ، وقد زوج ثلاثة من أولاد الإمام منهم أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ، كما دفع ثلاثة آلاف دينار للوليمة ، وكان يعول بعض عوائل الشيعة ، فقد قام بنفقة الكاهلي وعياله حتى توفي ، إلى غير ذلك من وجوه البر والإحسان كل ذلك يدل على إيمانه وحسن عقيدته.
  تقلد علي منصب أزمة الأزمة في أيام المهدي ، ومن بعده عينه هارون وزيراً له ، وقد تقدم بطلب إلى الإمام موسى (عليه السلام) يطلب منه الإذن في ترك منصبه والاستقالة منه فنهاه عن ذلك وقال له : (يا علي إن لله تعالى أولياءً مع أولياء الظلمة يدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي).
  وقد سمح له الإمام في بقائه في وظيفته ليقوم بالإفراج عن الشيعة الذين اضطهدتهم السلطات العباسيّة حتى حرمتهم من جميع الحقوق المشروعة.
  كان الإمام (عليه السلام) يكن لعلي أخلص الود والولاء ، فقد زاره يوماً فقال (عليه السلام) لأصحابه : من سره أن يرى رجلاً من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلينظر إلى علي بن يقطين.
  فانبرى إليه بعض الحاضرين قائلاً : أهو من أهل الجنة ؟
  فقال الإمام (عليه السلام) : أما أنا فاشهد أنه من أهل الجنة.
  كان الإمام (عليه السلام) حريصاً على ابن يقطين ، وكان يخاف عليه من سطوة هارون وبطشه ، لأن أمر تشيّعه لم يكن خافياً على العملاء الذين يتقربون إلى السلطة بكل وسيلة ، وقد علم (عليه السلام) أنهم لا يتركونه حتى يقظون عليه ، فتصدّى إلى تسديده ورفع الخطر عنه.
  فقد ردّ له (الدراعة المذهبة) التي أهداها له هارون حتى لا يكشف أمره.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 162 _

  مؤلفاته : كان علي بن يقطين من عيون أهل العلم ومن الفضلاء المعروفين في عصره وهذه بعض مؤلفاته :
  1 ـ (الملاحم) أخذها من الإمام الصادق (عليه السلام).
  2 ـ (مناظرة الشاك).
  3 ـ (المسائل) أخذها من الإمام موسى (عليه السلام).
  وقد ورد في الفهرست للشيخ الطوسي أن الذين أخبر بهذه الكتب محمد بن محمد بن النعمان ، والحسين بن عبيد الله ومحمد بن الحسن (1)
  وفاته : انتقل علي بن يقطين إلى دار الحق بمدينة السلام سنة 182 هـ.
  وله من العمر سبع وخمسون سنة ، وكان الإمام موسى (عليه السلام) آنذاك في ظلمات السجون (2)
  50 ـ العيص بن القاسم
  ابن ثابت بن عبيد بن مهران ، البجلي ، كوفي عربي ، يكنى أبا القاسم ثقة عين ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى (عليهما السلام) وله كتاب (3)
  (غ)
  51 ـ غياث بن إبراهيم
  التميمي الأسدي بصري ، سكن الكوفة ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) ، له كتاب مبوب في الحلال والحرام يرويه جماعة (4)
  (ف)
  52 ـ فضالة بن أيوب
  عربي سكن الأهواز ، ثقة في حديثه ، روى عن الإمام موسى (عليه السلام) وعدّه الكشي ممن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنهم من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) وتصديقهم والإقرار لهم بالفقه والعلم ، وله كتاب (الصلاة) (5) .

---------------------------
(1) الفهرست ، لابن النديم ، ص 328 ، والفهرست للشيخ الطوسي.
(2) الكشي ، ص 270.
(3) النجاشي ، ص 232.
(4) النجاشي ، ص 240.
(5) تنقيح المقال ، ج 2 ، ص 6.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 163 _

  53 ـ الفيض بن المختار
 الجعفي ، الكوفي ، روى عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله ، وأبي الحسن (عليهم السلام) ، ثقة عين ، له كتاب يرويه ابنه جعفر ، وهو أول شخص سمع النص من أبي عبد الله على إمامة ولده موسى (عليه السلام) وقد تقدم ذكره في الحديث عن (النص على الإمامة) (1) .
  (ق)
  54 ـ قيس بن موسى
  الساباطي ، أخو عمار الساباطي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن وهو ثقة مقبول الحديث (2)
  (م)
  55 ـ محمد بن جعفر
  ابن سعد الأسلمي ، كتب وصية الإمام موسى (عليه السلام) الأولى ، وشهد في وصيته الثانية (3)
  56 ـ محمد بن حكيم
  الخثعمي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ، يكنى أبا جعفر ، له كتاب يرويه جعفر بن محمد بن حكيم ، وأثنى عليه في (الوجيزة) (4) .
  57 ـ محمد بن زرقان
  ابن الحباب صاحب الإمام موسى وله نسخة يرويها عنه ، ومصاحبته للإمام (عليه السلام) دليل وثاقته ونباهة شأنه (5)
  58 ـ محمد بن أبي عمير
  الأزدي ، بغدادي الأصل والمقام ، من أشهر علماء هذه الطائفة ومن عيون رواتها ، وقد أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه وعلى عد مراسيله مسانيد ، عاصر الإمام الكاظم ، والرضا ، والجواد (عليهم السلام) وسوف نلخص بعض أحواله.
  علمه : كان من عيون العلماء ، ومن كبار الفقهاء ، وقد أجمعت الأكثرية على الإقرار له بالفقه والعلم ، وقد لازم ثلاثة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأُشبع من نمير علومهم وقد زود الفقه الإسلامي بالشيء الكثير من أحاديثه التي سمعها من الأئمة الميامين ، ومراسيله بمنزلة الصحاح عند الفقهاء ، وفي هذا دليل على سمو مكانته العلمية.

---------------------------
(1) النجاشي ، ص 242.
(2) رجال ابن داود.
(3) الكافي للشيخ الكليني.
(4) النجاشي ، ص 276.
(5) نفسه ، ص 286.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 164 _

  مؤلفاته : ألف من الكتب أربعاً وتسعين كتاباً منها : كتاب المغازي ، وكتاب الكفر والإيمان ، وكتاب البداء ، وكتاب الاحتجاج في الإمامة ، وكتاب الحج ، وكتاب فضائل الحج ، وكتاب المتعة ، وكتاب الاستطاعة ، وكتاب الملاحم ، وكتاب يوم وليلة ، وكتاب مناسك الحج ، وكتاب الصيام ، وكتاب اختلاف الحديث ، وكتاب المعارف ، وكتاب الطلاق ، وكتاب الرضاع.
  ولكن من المؤسف أن هذه المؤلفات قد تلفت ، والسبب في ذلك كما رووا أنه تركها في غرفة فسال عليها المطر فأتلفها ، وقيل أن أخته دفنت كتبه أثناء حبسه فضاعت ، وضاع بذلك علم هذا العالم الكبير.
  عبادته : كان محمد من عيون المتقين الصالحين ، فقد تربّى في بيت الإمامة ، وسار على خطّ أهل البيت (عليهم السلام) من رفض الدنيا المادية ، وعدم الاهتمام بملذاتها وشهواتها ، ويكفي للتدليل على مدى عبادته ما رواه الفضل بن شاذان قال : دخلت العراق فرايت شخصاً يعاتب صاحبه ويقول له : أنت رجل ذو عيال ، وتحتاج أن تكسب لهم ، وما آمن عليك أن تذهب عيناك لطول سجودك ، وأكثر عليه التوبيخ والتقريع ، فالتفت إليه وقال له : (لو ذهبت عين أحد من السجود ، لذهبت عين ابن أبي عمير ما ظنك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر فما رفع رأسه إلا عند زوال الشمس.
  وقد عظمه وبجله جمع من المشايخ ، ولا ريب أن تعظيم أولئك الأتقياء الصالحين له وإكبارهم لمنزلته ممّا يدل على سمو مكانته وعلو شأنه.
  مع هارون والسجون : كان محمد بن أبي عمير من الشخصيات البارزة في العالم الشيعي نظراً لاتصاله الوثيق بأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وفي الوقت نفسه كان عنده السجل العام الذي يتضمن أسماء الشيعة ، ولقد ضاق على هارون ذلك ، فأمر أن يلقى في ظلمات السجون ، فبقي فيها سبعة عشر عاماً.
  ثم جيء به إلي الطّاغية هارون وهو مكبل بالقيود ، فطلب إليه أن يعرفه بأسماء الشيعة الذين يحتفظ بأسمائهم ، فامتنع وأبى ، فأمر الظالم أن يضرب هذا المؤمن التّقيُّ مائة سوط ، فضرب ، وبلغ به الألم الشديد مبلغاً عظيمًا ، يقول : كدت أن أسمي إلا أني سمعت نداء يونس بن عبد الرحمن يقول لي : (يا محمد بن أبي عمير ، اذكر موقفك بين يدي الله ، فتقويت بقوله وصبرت على الألم ولم أخبر ، والحمد لله رب العالمين) (1) .

---------------------------
(1) الكشي ، ص 364 ، والنجاشي ، ص 250 ـ 251.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 165 _

  من هذه الحادثة وأمثالها نقف على مدى الظلم والجور والضغط الهائل الذي واجهته الشيعة في تلك الأدوار المظلمة من الحكام العباسيين الذين كان جل همهم السلطة والمال والدنيا والملذات.
  وفاته : انتقل إلى دار الخلود سنة 217 هـ (1) فهنيئاً له على صلابة عودة وقوة عقيدته ، وتمسكه بحبل أهل البيت الذي ما تمسك به أحد إلا نجا من الضلال ، وكسب رضى الله جلّ وعلا.
  59 ـ محمد بن الصباح
  عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) وقال فيه النجاشي : إنه كوفي ثقة ، له كتاب أخبرنا عنه أحمد بن عبد الواحد وذكره ابن داود في القسم الأول من رجاله (2)
  60 ـ محمد بن يونس
  عده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام موسى ، وقال إنه ثقة ، وذكره العلامة في الخلاصة وورد توثيقه في كل من الوجيزة والبلغة (3) .
  61 ـ مسعدة بن صدقة
  العبدي يكنى أبا محمد وقيل أبو بشر ، روى عن أبي عبد الله ، وأبي الحسن موسى (عليهما السلام) وله كتاب ، منها كتاب (خطب أمير المؤمنين) (4) .
  62 ـ المفضل بن عمر
  الجعفي الكوفي ، من كبار العلماء ، ومن عيون المتقين والصالحين ، ومن أفذاذ عصره ، له منزلة مرموقة ومكانة عليا عند أهل البيت (عليهم السلام).
  ولادته : ولد بالكوفة في نهاية القرن الأول ، في أيام الإمام الباقر (5)
  نشأته : ونشأ بالكوفة في وقت كان الجو السياسي مضطرباً ، وكانت الأحزاب السياسية والجمعيات الدينية منتشرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وخصوصاً بالكوفة ، فقد كانت مصدر الانطلاق لجميع الأحزاب ، ونشأ المفضل في وسط هذا الخضم الهائل ، وقد تغذى بحب أهل البيت (عليهم السلام) ، فاتصل بهم اتصالاً وثيقاً.

---------------------------
(1) النجاشي ، ص 251.
(2) تنقيح المقال ، ج 3 ، ص 132.
(3) تنقيح المقال ، ج 3 ، ص 203.
(4) النجاشي ، ص 325.
(5) النجاشي ، ص 325.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 166 _

  وثاقته : كان من عيون الثقات الصالحين ، ومن ذوي البصيرة في دينهم والدليل القاطع على ورعه وكالته عن الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) في قبض أموالهما ، وقبض الحقوق الشرعية الراجعة لهما وصرفها بحسب نظره من إصلاح ذات البين وإعطائها للفقراء والبائسين ، وبلا شك أن هذا التفويض ينم على سمو منزلته وثقته عندهم (عليهم السلام) قال في حقه الإمام الصادق (عليه السلام) : (نعم العبد والله الذي لا إله إلا هو المفضل بن عمر الجعفي) ، وقال في حقه أيضاً الإمام الرضا في تأبينه : (إن المفضل كان أنسي ومستراحي) وأخبار كثيرة تدل على إيمانه الصادق وورعه واجتهاده في طاعة الله تعالى.
  علمه : كان من كبار العلماء ومن قادة الفكر في عصره ، اقتبس العلوم من الإمام الصادق (عليه السلام) اختص به سنين طويلة ، وكان من عيون أصحابه الذين أخذوا العلم عنه ، ويكفي للتدليل على غزارة علمه كتابه القيم (توحيد المفضل) الذي أملاه عليه الإمام الصادق (عليه السلام) ، يعد الكتاب من مفاخر التراث الإسلامي الذي يعتز به ، وقد حقق الكتاب صدر الدين العاملي واثنى على المفضل بقوله : (ومن نظر في حديث المفضل المشهور عن الإمام الصادق (عليه السلام) علم أن ذلك الخطاب البليغ ، والمعاني العجيبة ، والألفاظ الغريبة ، لا يخاطب الإمام بها إلا رجلاً عظيماً كثير العلم ، ذكي الحس ، أهلاً بتحمل الأسرار الرفيعة ، والدقائق البديعة) (1) .
  اقرّ الإمام الصادق (عليه السلام) بمواهبه العلمية فقد حدث الفيض بن المختار : فما أكاد أشك لاختلافهم في حديثهم حتى أرجع إلى المفضل فيقضي من ذلك ما تستريح إليه نفسي ويطمئن إليه قلبي ، فقال له الإمام : أجل هو كذلك وعده الشيخ المفيد من ثقات الفقهاء الصالحين (2) .
  مؤلفاته :
  ألف المفضل عدة كتب مختلفة المواضيع تدل على طول باعه في هذه العلوم وهذه بعضها :
  1 ـ كتاب (يوم وليلة).
  2 ـ كتاب (فكر).
  3 ـ كتاب (بدئ الخلق والحث على الاعتبار).
  4 ـ كتاب (علل الشرائع).
  5 ـ كتاب (وصيّة المفضل).

---------------------------
(1) شرح توحيد المفضل ، ص 17.
(2) الإرشاد للشيخ المفيد.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 167 _

  وصيّته للشيعة : أوصى المفضل جماعة من إخوانه الشيعة بهذه الوصية القيمة الحافلة بأخلاق أهل البيت (عليهم السلام) وآدابهم وسيرتهم والحقيقة أنها يمكن أن تكون درساً حافلاً بالقيم والنصائح ومنهاجاً قويماً في الاجتماع والدين والأخلاق لكل مسلم ومسلمة (1)
  63 ـ منصور بن حازم
  أبو أيوب البجلي الكوفي ثقة عين صدوق من أجلاء الشيعة ، ومن عيون الفقهاء ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى (عليهما السلام) ، ألف عدة كتب منها : كتاب (أصول الشرائع) وكتاب (الحج) وقد أجمع المترجمون على توثيقه وسعة علمه في الفقه (2)
  64 ـ موسى بن إبراهيم
  المروزي ، اختص بالإمام موسى (عليه السلام) لما كان في سجن الطاغية السندي ابن شاهك لأنّه كان معلماً لولده ، وقد فسح له المجال للاتصال بالإمام ، وقد ألّف كتاباً ممّا سمعه من الإمام (3) ، وقد أسماه (مسند الإمام موسى بن جعفر) توجد نسخة منه في المكتبة الظاهرية بدمشق ضمن المجموع رقم (34 ـ 70) وقد استنسخها وصوّر بعض فصولها العلامة الجليل السيد محمد الحسين الحسيني الجلالي ، وهي حسب تحقيقه يرجع عهدها إلى القرن السادس الهجري وعليها عدة تواريخ أقدمها سنة 531.
  وقد عني السيد الجلالي عناية بالغة بتحقيق المسند فترجم لمؤلفه ترجمة وافية فذكر شيوخه ومن روى عنه ، كما ذكر سند الكتاب حسب ما نص عليه الشيخ الطوسي والنجاشي ، ويحتوي على 59 حديثاً شريفاً.
  (ن)
  65 ـ نصر بن قابوس
  اللخمي القابوسي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى والإمام الرضا (عليهم السلام) ، وكانت له منزلة عندهم وله كتاب ، وعدّه الشيخ من خاصة الإمام الكاظم (عليه السلام) ومن ثقاته ، ومن أهل الورع والعلم من شيعته.
  وقال الشيخ الطوسي : إنه كان وكيلاً عند الإمام الصادق (عليه السلام) عشرين سنة وهو أحد رواة النص على إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) ، وهذا يظهر عدالته ووثاقته (4) .

---------------------------
(1) تنقيح المقال ، ج 3 ، ص 237 ، وشرح توحيد المفضل ، ص 17 ، والإرشاد ، والنجاشي ، ص 226 .
(2) النجاشي ، ص 323 ، والبلغة ، والخلاصة ، ورجال ابن داود.
(3) النجاشي ، ص 319.
(4) النجاشي ، ص 333 ، والإرشاد ، والغيبة ، والكشي.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 168 _

  66 ـ نشيط بن صالح
  ثقة ، روى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) وله كتاب وروى العلامة أنه كان خادماً عند الإمام موسى وهو أحد رواة النص على إمامة الرضا (1)
  (هـ)
  67 ـ هشام بن سالم
  الجواليقي الجعفي ، وهو من عظماء هذه الطائفة ومن عيونها ، روى عن أبي الحسن ، وقد عيّنه الإمام الصادق (عليه السلام) للمناظرة في التوحيد مع رجل من أهل الشام ، وفي هذا دلالة على وفور علمه وتقدّمه في الفضل ، وقد اعترف له بالفضل والوثاقة كثير من مترجميه (2)
  68 ـ هند بن الحجاج
  عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) وذكر المترجمون له حديثاً مع الإمام الكاظم (عليه السلام) يدل على وثاقة الرجل واختصاصه بالإمام (3)
  69 ـ الهيثم بن عبد الله
  الرماني الكوفي ، روى عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ، والإمام الرضا (عليه السلام) وله كتاب (4)
  70 ـ هشام بن الحكم
  من كبار علماء الأمّة الإسلامية وفي طليعة المدافعين عن مبدأ أهل البيت (عليهم السلام) ، ناضل كثيراً وجاهد جهاداً مباركاً في نصرة الحق والدفاع عن الشريعة الإسلامية في عصر انعدمت فيه الحرّيات العامة ، وكان الذاكر لفضائل أهل البيت ( عليهم السلام) عرضة للتنكيل والانتقام من قبل الحكام العباسيين الذين بذلوا كل امكاناتهم من أجل إضعاف كيان آل الرسول (عليهم السلام) ، لكن هشاماً الجريء الشجاع لم يهتم بكل ذلك ، بل ناظر خصومه وتفوّق عليهم ، وقد تحدثت الأندية العلمية عن قوة استدلالية ، وبراعة برهانه ، الأمر الذي ينم عن مدى حبه لأهل البيت (عليهم السلام) ، وهذه باختصار بعض شؤونه وأحواله.
  ولادته : ولد بالكوفة ، وليس لدينا نص يعين السنة التي ولد فيها.

---------------------------
(1) النجاشي ، ص 335 ، والخلاصة ، والكشي.
(2) الكشي ، والوجيزة ، والبلغة.
(3) تنقيح المقال ، ج 3 ، ص 304.
(4) النجاشي ، ص 341.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 169 _

  نشأته : المرجح عند المترجمين أنه نشأ في مدينة واسط (1) وكان يتعاطى التجارة وانتقل أخيراً إلى بغداد فنزل في جانب الكرخ في قصر وضاح (2) ، كان من أصحاب الجهم بن صفوان (3) لكنه لما التقى بالإمام الصادق (عليه السلام) وحاوره الإمام فلم يعد يقدر على مفارقته أبداً ، ومنذ ذلك الحين أخذ يتلقى العلم والمعارف منه حتى أصبح في طليعة العلماء ومن أفذاذهم (4)
  تخرجه : انقطع هشام إلى الإمام الصادق (عليه السلام) حتى أصبح من أبرز رجال مدرسته ، ولما انتقل الإمام الصادق إلى دار الخلود اختص بولده الإمام الكاظم (عليه السلام) وأخذ يتلقى منه العلم والفضل وبذلك يكون قد أخذ العلم من منبعه الصحيح ونال شرف التلمذة عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
  رواته : روى عنه جماعة من كبار الرواة الأحاديث التي سمعها من أهل البيت (عليهم السلام) وهم كثر توجد رواياتهم عنه في كتب الفقه والحديث من هؤلاء نذكر : محمد بن أبي عمير ، صفوان بن يحيى البجلي الكوفي ، النضر بن سويد الصيرفي الكوفي ، نشيط بن صالح ، يونس بن عبد الرحمن ، حماد بن عثمان ، علي بن معبد البغدادي ويونس بن يعقوب (5)
  اختصاصه : اختص هشام في علم الكلام فكان من كبار المتكلمين في عصره ، ومناظراته التي أجراها مع كبار المفكرين تنمّ عن تفوّقه في هذا الفن ، قال ابن النديم في ترجمته : كان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة ، وممن فتق الكلام في الإمامة ، وهذّب المذهب والنظر ، وكان حاذقاً بصناعة الكلام (6)
  وقد ناظر هشام الفلاسفة في مختلف الميادين العلمية حتى تفوّق عليهم وكانت نوادي بغداد تعجّ بمناظراته القيّمة التي دلّت على تفوّقه في هذا الفن.
  ومن مناظراته هذه مناظرته مع عمرو بن عبيد.
  طلب الإمام الصادق (عليه السلام) من هشام أن يقصّ عليه مناظرته مع عمرو الزعيم الروحي للمعتزلة ، فامتثل هشام لأمر الإمام وأخذ يحدثه بقصته قائلاً له : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم ذلك عليّ ، لأنه كان ينكر الإمامة ، ويقول : مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا وصي ، فخرجت إليه ودخلت البصرة فأتيت مسجدها ، وإذا أنت بحلقة كبيرة ، وإذا أنا بعمرو بن عبيد وعليه شملة سوداء مؤتزر بها ، وشملة أخرى مرتدٍ بها والناس يسألونه فاستفرجت الناس فأخرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم ثم قلت له : أيها العالم أنا رجل غريب ، أتأذن لي أن أسألك عن مسألة ؟

---------------------------
(1) تنقيح المقال وتأسيس الشيعة ، ص 360.
(2) تأسيس الشيعة ، ص 360.
(3) تاريخ الإسلام للذهبي ، ج 5 ، ص 56 ، وفرق الشيعة ، ص 6 و 9 وتاريخ ابن كثير.
(4) هشام بن الحكم ، ص 55.
(5) تنقيح المقال.
(6) الفهرست ، ص 263.

باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) _ 170 _

  قال : نعم ، فقلت له : ألك عين ؟ فما ترى بها ؟ ـ أرى بها الألوان والأشخاص ، ثم تابع يسأله ... ألك أنف ؟ ألك فم ؟ ألك إذن ؟ ألك يدان ؟ ألك رجلان ؟ ألك قلب ؟ قال : أميز به كلما ورد على هذه الجوارح ، فسأله هشام : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا.
  قال هشام : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟
  فقال عمرو : يا بني ، إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو ذاقته ، فتؤديه إلى القلب ، فيتيقن اليقين ، ويبطل الشك.
  فإنما أقام الله القلب لشكّ الجوارح ؟ قال عمرو : نعم ، فقال هشام : فلابدّ من القلب ، وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال عمرو : نعم.
  وبعدما أخذ هشام من عمرو هذه المقدمات كرّ عليه في إبطال ما ذهب إليه من أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مات بلا وصي فقال له هشام : (يا أبا مروان إن الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح ، وينقي ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ترد حيرتك وشكك ؟!
  فسكت عمرو ولم يطق جواباً لأن هشام قد سدّ عليه كل نافذة يخرج منها.
  وكان له جولات عديدة أخرى ومناظرات مع كبار المفكرين منهم :
  ـ يحيى بن خالد البركي : الذي طلب إليه أن يخبره هل يكون الحق في وجهتين مختلفتين ؟ فأجابه بلباقة وحنكة (1)
  ـ وله مناظرة مع النظام الذي يسأل : هل أن أهل الجنة غير مخلدين فيها ، وأنه لابدّ أن يدركهم الموت ؟ فأجابه هشام وانصرف النظام مخذولاً لا يجد برهاناً على ما يذهب إليه (2)
  ـ ومع ضرار الضبي : الذي كان جاحداً للإمامة.
  أجابه هشام قائلاً : (الإمام لابدّ له من علم يقيمه الرسول له ، فلا يسهى ، ولا يغلط ، ولا يحيف ، معصوم من الذنوب مبرأ من الخطايا يحتاج إليه ولا يحتاج إلى أحد) (3) .

---------------------------
(1) الفصول المختارة ، ج 1 ، ص 24 ، وعيون الأخبار ، ج 2 ، ص 15.
(2) الكشي ، ص 165 ـ 184.
(3) بحار الأنوار ، ج 11 ، ص 291 ـ 292.