3 ـ التغيير والتجديد في النبوة
  27/ رجب المكرم /1388
  بمناسبة أروع ذكرى مرت في حياة الانسان، في يوم هو أشرف يوم في تاريخ الانسان سواء قيمنا الايام بما تشتمل عليه من احداث او بما تتمخض عنه من نتائج، فان هذا اليوم يبقى هو اليوم الاول في تاريخ الانسان، لانه اليوم الذي استطاع فيه الانسان ان يبلغ الذروة، التي رشحته لها عشرات الألاف من الرسالات والنبوات، فاصبح قاب قوسين أو أدنى، متمثلاً في شخص النبي صلى اللّه عليه وأله وسلم .
  وكذلك اذا لاحظنا ما تمخض عنه هذا اليوم العظيم، يمكننا ان نتصور المقدار العظيم من الطاعات والعبادات والاعمال النبيلة الزاخرة، بكل معاني النبل والاخلاق، التي أوتي بها بعد هذا اليوم.
  ويمكننا ان نتصور العروش التي حُطمت والجبابرة الذين قُضي عليهم، وعهود الظلم والطغيان، التي قوضت باسم هذا اليوم .
  ويمكننا تصور الشخصيات العظيمة، و البطولات المستميتة في سبيل اقامة العدل على الأرض باسم هذا اليوم .
  هذا اليوم هو اليوم الاول في تاريخ البشرية، سواء قيمنا على أساس ما حدث فيه أو على أساس ما نتج عنه، لانه يوم النبوة الخاتمة .
  وبمناسبة النبوة الخاتمة، اريد ان اتحدث اليكم عن فكرة التغيير والتجديد في النبوة، فكرة التغيير والتجديد التي عاشتها ظاهرة النبوة في تاريخ الانسان على مر الزمن، حتى وضع لها الحد النهائي، على يد الرسالة الاسلامية الخاتمة .

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 34 _

  والتغيير والتجديد في النبوة له اسباب عديدة معقولة يمكن ان يقوم على اساس أي واحد من هذه الاسباب، كما يمكن ان يقوم على اساس اكثر من سبب واحد من هذه الاسباب .
  السبب الأول:
  وهو فيما اذا كانت هذه النبوة قد استنفدت اغراضها، واستكملت اهدافها، وأنهت شوطها المرسوم لها ففي مثل هذه الحالة، لا بد لها وان تخلي الميدان لنبوة تحمل اهدافاً جديدة، وتحمل شوطاً جديداً لا بد ان تؤديه في خدمة الانسان، وتصعيده الى المستوى المطلوب .
  واقصد بكون النبوة تستنفد اغراضها، ان تكون النبوة بالذات ، وصفة لمرض طارئ في حياة البشرية .
  هناك نقاط من الضعف، تطرأ بين حين وحين، في بعض الازمنة والامكنة ، في بعض المجتمعات البشرية .
  تطرأ بعض الامراض المعينة من الناحية الفكرية والروحية والاخلاقية وهذه الامراض تستفحل بموجب شروط معينة موضوعية خاصة، وتحتاج هذه الامراض الى نوع من العلاج يترفق المولى سبحانه وتعالى في انزال وحي معين لاجل بيانه .
  وبطبيعة الحال سوف تكون الوصفة المقدمة من قبل هذه الرسالة لعلاج هذا المرض، قائمة على اساس هذا الحال الاستثنائي، المنحرف الذي يعيشه انسان عصر هذه النبوة، ومن المنطقي والمعقول ان لاتصح وصفة من هذا القبيل على كل زمان او مكان ، فكل انسان منا قد يستعمل وصفة معينة في حالة مرضية ، الا ان هذه الوصفة نفسها ، لايمكن ان تصبح غذاء اعتيادياً للانسان في كل زمان او مكان .
  فحينما تكون النبوة في طبيعة تركيبها قد جاءت لعلاج مرض معين طارئ في حياة الانسان، وتكون في طبيعة رسالتها قد صممت وفق هذه الحاجة فحينما تكون هذه النبوة هكذا، وتدخل شوط عملها وجهادها، وتحارب وتكافح في سبيل استئصال هذا المرض الاستثنائي، بعد هذا تكون النبوة قد

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 35 _

  استنفدت اغراضها، لانها جاءت لمعركة جزئية محددة بظروف زمانية ومكانية خاصة، وهذه المعركة انتهت بانقضاء هذه الظروف .
  فمثلاً ما يقال عن المسيحية، من انها كانت تتجه الى نزعة روحية مفرطة والتركيز على الجانب الطبيعي بدرجة اكبر بكثير من التركيز على أي جانب من جوانب الحياة المعاشة المحسوسة. يقال عادة: ان بعض التركيز على الجانب الغيبي اللامنظور، التركيز على جعل النفس منقطعة عن كل علائق الدنيا، هذا التركيز الذي قامت على اساسه بعد هذا، فكرة الرهبنة، هذا التركيز، كان علاجاً لمرض عاشه شعب بني اسرائيل، حينما ظهرت المسيحية في ذلك الوقت .
  هذا المرض، الانغماس المطلق في الدنيا، وفي علائق الدنيا، هذه الحالة النفسية التي كانت تجعل الانسان اليهودي مشدوداً الى درهمه وديناره، ويومه وغده، هذه الحالة كانت بحاجة الى وصفة، هذه الوصفة تحاول ان تنشل هذا الانسان اليهودي من ضرورات يومه وغده، وتذكره بأمسه وربه، لهذا كان في المسيحية هذا النوع، من الافراط المناسب مع حالة موضعية زمانية معينة في التاريخ الطويل للإنسان .
  اما هذا النوع من الافراط حينما يؤخذ كخط عام للإنسان، يعتبر شذوذاً وانحرافاً، لانه دواء للمريض وليس طعاماً للصحيح .
  فمن هذه الاسباب التي تجعل التغيير في النبوة امراً معقولاً، هو ان النبوة تستنفد اغراضها وتستوفي اهدافها، باعتبارها رسالة صممت لعلاج حالة طارئة وقد استنفدت اغراض العلاج .
  من جملة الاسباب المعقولة لتغيير النبوة هو ان لا يبقى منها تراث يمكن ان يقام على اساسه العمل والبناء ...
  اذا افترضنا، ان نبَّوة جاءت ومارست دورها في قيادة البشرية وهدايتها ووصلها بربها ، وتطهيرها من شوائبها ، الا ان هذه النبوة بعد ان مات شخص النبي، تولدت ظروف وانحرافات أكلت كل ذلك التراث الروحي والمفاهيمي الذي خلّفه ذلك النبي الذي قاد تلك المعركة، بقيت النبوة مجرد

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 36 _

  رؤى تاريخية وشعار غامض غائم بارد، دون ان يكون معبراً عن أي كيان فكري مفاهيمي، محدد في اذهان القاعدة الشعبية المرتبطة بتلك النبوة، في مثل هذه الحالة، لا يمكن ان تواصل هذه الدفعة الالهية المتمثلة في تلك النبوة عملها، لان الدفعة الالهية لا يمكن ان تواصل عملها بدون مصباح منير وبدون كتاب منير، على ما يصطلح عليه القرأن الكريم، وهذا الكتاب المنير، عبارة عن ذاك التراث الفكري والمفاهيمي الذي يمثل القاعدة للعمل النبوي، ويمثل الاطار للحياة التي يقدمها النبي ويدعو اليها، فاذا ماتت تلك القاعدة وذلك الاطار باضمحلال ذلك التراث، وبقيت النبوة مجرد مسألة تاريخية لا يوجد بالفعل في حياة الناس ما يجسد مفهومها ومنظارها الى الحياة، ففي مثل ذلك، لا بد من دفعة جديدة، لكي يستأنف العمل ويستأنف الشوط في سبيل اعادة البشرية الى ربها، واقامة دعائم العدل والحق والتوحيد على وجه الأرض.
  وأيضاً هذا السبب نجده الى درجة كبيرة في المسيحية بالذات. فالمسيحية بعد ان غادر السيد المسيح عليه السلام مسرح الدعوة والعمل، لم يبق من المسيحية شيء حقيقي يمكن ان يقام على اساسه العمل النبوي، الانجيل الذي يحدث عنه القرأن الكريم فقد نهائياً، لان الانجيل الذي يحدث عنه القرأن الكريم كتاب انزل على السيد المسيح (عليه السلام)، والاناجيل التي تعيش اليوم وكانت تعيش بالامس هي كتب الفَّها طلاب السيد المسيح (عليه السلام) على أفضل التقادير، فالرسالة المتمثلة في الكتاب السماوي قد انطفأت، والحواريون كانوا من حيث القلة والتشتت والاضطراب الذهني، ما يجعلهم غير قادرين على حماية التراث الباقي في أذهانهم من السيد المسيح (عليه السلام)، بدليل مراجعة هذه الاناجيل التي كتبوها ، فان هذه الاناجيل لا تحمل في الحقيقة وفي مجملها الا سيرة السيد المسيح (عليه السلام) ، مع ابراز الجانب الغيبي والمعاجزي من هذه السيرة .
  اذن لم يبق من السيد المسيح (عليه السلام) بعد انتهاء دوره على المسرح حصيلة مضيئة يمكن القيام على اساسها على الخط الطويل، العمل النبوي.
  لم تبق الا فكرة غائمة غامضة عن انسان بات ليصلح ، وقال، وعلّم ،

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 37 _

  ثم انتهى، اما ماذا قال ؟ وكيف انتهى ؟ وماذا خلّف ؟ وما هي شريعته ؟ كل هذا بقي غائماً غامضاً ، ولهذا ملئ بالتدريج بأيد بشرية تزعمت بعد هذا، المسيحية، ملئت هذه الفراغات الكبيرة التي تركها السيد المسيح (عليه السلام)، خاصة بعد ان اصبحت المسيحية رومانية، ودخلت الامبراطورية الرومانية في الديانة المسيحية رسمياً اولاً وشعبيا ثانياً، في مثل هذه الحالة .
  اذن هذه ايضاً من الاسباب المعقولة لتغيير النبوة، وهي ان لا يبقى من ذلك النبي تراث حي يمكن ان يقام على اساسه العمل، وترتكز بموجبه الدعوة الى الله سبحانه وتعالى .
  ايضاً من الاسباب التي يمكن ان يقام على اساسها التغيير في النبوة، هو ان تكون الرسالة التي هبطت على النبي، محدودة باعتبار محدودية نفس النبي، وان كان مفهوماً عاماً، الا ان هذا المفهوم العام على ما يقول المناطقة، يصدق على افراده بالتشكيك، هناك على ما تقول الروايات نبي للبشرية، ونبي للقبيلة، وهناك نبوات تختلف من حيث السعة والضيق، باختلاف طبيعة النبي نفسه، باعتبار مستوى كفاءة القيادة الفكرية والعملية في شخص النبي، فحمدودية الكفاءة القيادية في المجالين الفكري والعملي، مما يؤثر في تحديد الرسالة التي يحملها النبي، لان كل انسان على الارض، لا يمكن ان يحمل رسالة يحارب ويدافع عنها حقيقة، الا اذا كان مستوعباً لها استيعاباً كاملاً شاملاً، وهذا الاستيعاب الكامل الشامل، يتطلب من هذا الداعية ان يكون على مستوى هذه الرسالة .
  ومن الواضح ان الانبياء كغير الانبياء، يتفاوتون في درجات تلقيهم للمعارف الالهية عن طريق الوحي من قبل اللّه سبحانه وتعالى، ولهذا كانت بعض الرسالات محدودة بحكم محدودية قابلية الانبياء انفسهم، حيث ان هذا النبي ليس مؤهلاً لان يحمل هموم البشرية على الاطلاق وفي كل زمان ومكان، بل هو مهيأ لان يحمل هموم عصره فقط، أو هموم مدينته فقط، أو هموم قبيلته فقط، لأن ذاك الشخص الذي يحمل هموم البشرية على الاطلاق، ويعيش مشاكلها على الاطلاق، ليكتوي بنارها على الاطلاق، ليس الا الدرجة العالية الى اللّه سبحانه وتعالى من الانبياء والاوصياء .

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 38 _

  فاذا كانت النبوة محدودة بطبيعة قابليات هذا النبي، كان لا بد في خارج هذه الحدود الزمانية والمكانية، من نبوة اخرى تمارس عملها في سبيل اللّه سبحانه ...
  واخيراً من جملة الاسباب التي تدعو الى تغيير النبوة، هو تطور البشرية، وتطور نفس الانسان المدعو، لا محدودية الانسان الداعي، كما فيما سبق، وكون الانسان المدعو يتصاعد بالتدريج لا بالطفرة، وينمو على مر الزمن في احضان هذه الرسالات الالهية، فيكتسب من كل رسالة الهية درجة من النمو، تهيئه وتُعدّه، لكي يكون على مستوى الرسالة الجديدة واعبائها الكبيرة، ومسؤولياتها الأوسع نطاقاً .
  وفكرة التطور هنا لا بد و أن تحدد إجمالاً ملامحها ومعالمها .
  ويمكننا ان نبرز ثلاثة خطوط يتطور على وفقها الانسانية، الا ان عامل التطور في النبوة يرتبط بالتطور، في خطين من هذه الخطوط الثلاثة، ولا يرتبط بالخط الثالث من هذه الخطوط، والخطوط هي: خط وعي التوحيد ... خط المسؤولية الاخلاقية للدعوة لحمل اعباء الدعوة ... خط السيطرة على الكون والطبيعة ...
  الخط الأول:
  النبوة ترتبط بالواقع بالخطين الاول والثاني من هذه الخطوط الثلاثة، بالوعي التوحيدي عند الانسان، وبخط المسؤولية الاخلاقية لحمل اعباء الدعوة في العالم ولا ترتبط النبوة بالخط الثالث من خطوط التطور وهو مدى السيطرة للإنسان على عالم الطبيعة والكون، ذلك لأن النبوة تستهدف ان تصنع الانسان من داخله، تستهدف ان تصنع للإنسان قاعدة فكرية يقوم على اساسها بناؤه الداخلي ثم يقوم على اساس هذا البناء الخارجي، وهذه القاعدة الاساسية التي يقوم على اساسها البناء الداخلي وبالتالي البناء الخارجي هي: التوحيد.
  فكرة التوحيد وربط الانسان بكامل وجوده وجوانب حياته برب واحد أحد.
  هذه الفكرة هي القاسم المشترك بين كل النبوات والرسالات التي عاشها الانسان منذ ان خلقه اللّه سبحانه وتعالى على وجه الارض.

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 39 _

  الا ان هذه الفكرة فكرة التوحيد ليست ذات درجة حدية، وانما هي بنفسها ذات درجات من العمق والاصالة والتركيز والترسيخ، فهذه الدرجات متفاوتة، كان لا بد بمقتضى الحكمة الالهية ان يهيأ الانسان لها بالتدريج ، هذا الانسان الذي غرق بمقتضى تركيبه العضوي والطبيعي في حسه ودنياه، حينما يدعى الى فكرة التوحيد، لا بد من ان ينتزع من عالم حسه ودنياه بالتدريج، لكي ينفتح على فكرة التوحيد التي هي فكرة الغيب .
  فالغيب يجب ان يعطى له على مراحل، وعلى درجات، كل درجة تهيئ ذهنه لتلقي التوحيد .
  ونحن بامكاننا الالتفات الى فكرة التوحيد المعطاة من التوراة والانجيل ، والقرأن الكريم، ان نفهمه مثالا على هذا المعنى، التوراة والانجيل والقرأن ، كل هذه الكتب تعطي فكرة التوحيد، وبقولي التوراة والانجيل أقصد التوراة والانجيل الذي يعيش بيننا اليوم، لان التوراة والانجيل الموجودين بين ايدينا اليوم على أي حال ، قد يقصدان تصوير الفكرة الدينية في شعب موسى وشعب عيسى في قوم موسى وقوم عيسى ، ولا شك في انه ايضاً يحتفظ بجزء من النص الديني الى حد قليل أو كثير، خاصة في التوراة، ولهذا لا يمكن ان نستلهم من الكتابين، في سبيل تقدير وتحديد الروح الدينية العامة لمرحلتين من مراحل الانسان التي عاشها مع النبوة، بطبيعة الحال، هنا نرى فرقاً فارقاً بدرجة ، وتطوراً في مفهوم التوحيد المعطى، فبينما التوحيد في الكتاب الاول يقوم على اساس اعطاء إله، وهذا الإِله، لا يستطيع هذا الكتاب ان ينزع عنه الطابع القومي المحدود، فيشد هذا الاله جماعة معينة الى شعب معين ، هذا الشعب المعين الذي قدر ان ينزل الرسالة فيه، ان يكون النبي منه ، فكانت التوراة باستمرار ، تقدم الاله في إطار قومي كأنه اله هؤلاء في مقابل الاصنام، والأوثان التي هي ألهة الشعوب والقبائل ، فلم تقل التوراة بكل صريح عميق لهؤلاء ان هناك الهاً واحداً للجميع ، و ان هذه الاصنام والاوثان يجب ان ترفضها البشرية، وانما عوضت هؤلاء بالخصوص عن صنم ووثن معين ، بإله يعبدونه بدلاً عن هذا الصنم، هذا الشيء الذي يوجد في نفوس هؤلاء القوم تأريخياً الشعور بالاعتزاز ، والشعور بالزهو والخيلاء على بقية الشعوب الاخرى، هذا الشعور الذي لم يوجد في شعوب متأخرة نزلت فيها

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 40 _

  نبوات التوحيد، على اساس ان الاله الذي اعطي اليهم كان الهاً مشوباً بشيء من المحدودية والطابع الذري، فخيل لهم على مر الزمن، انهم يحتكرون اللّه لأنفسهم، بينما الشعوب والقبائل الاخرى، هي ذات ألهة شتى واصنام شتى، ويشير القرأن الكريم الى فكرة الاحتكار التي كان يعتقدها اليهود بالنسبة الى اللّه تعالى .
  في الكتاب الثاني صعدت فكرة اللّه مرتبة، وذلك لان الطابع القومي انتزع عن هذه الفكرة، اصبح الاله المقدم من قبل تلامذة السيد المسيح عليه السلام للعالم، الهاً عالمياً لا فرق فيه بين شعب وشعب، هو اله العالم على الاطلاق، لم يغادر منطقة قريبة من ذهن الانسان المحسوس، لم يجرد تجريداً كاملاً عن عالم الحس، بقي على صلة وثيقة جداً بالانسان الحسي، كأنه ابوه، وبهذا يعبر في الاناجيل كثيراً عن الانسان بانه ابن اللّه .
  المسيحية الرسمية تفسر هذا الانسان بعيسى بن مريم، وأن عيسى بن مريم هو ابن اللّه، لكني لا أظن ان يقصد به هذا، الاناجيل تعبر عن أي انسان انه ابن الّله لا عن عيسى بن مريم بالخصوص انه ابن اللّه، لانها تعطي فكرة عن اللّه فكرة الاب الواحد للجماعة البشرية، لافكرة الخالق، السيد المطلق المقتدر الوالد الكبير، فكرة اب له ابناء هؤلاء الابناء لهم لغات شتى، ولهم اتجاهات شتى، ولهم مذاهب شتى، ولهذا يجب ان يتأخوا لانهم ابناء أب واحد ، بينما الكتاب الثالث يعطي فكرة التوحيد بأنصع واوسع مما يمكن من التنزيه الذي يبقى محتفظاً بقدرته على تحريك الانسان، لانه يجرد هذه الفكرة عن طابع الابوة والعلائق المادية مع الانسان على الاطلاق .
  يجرد اللّه عن أي علاقة مادية مع أي انسان حتى مع اشرف انسان على وجه الارض،مع صاحب الرسالة بالذات محمد صلى اللّه عليه وأله وسلم ، يقف النبي محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) في لغة القرأن بين يدي اللّه، عبداً ذليلاً خاضعاً يتلقى الاوامر ، وليس له الا الطاعة والا ان ينفذ حرفياً، مثل هذه الفكرة هي اقصى ما يمكن ان يصل اليه التنزيه والتعميق والتنسيق في فكرة التوحيد، مع الحفاظ على فاعلية الفكرة وعلى محركيتها .
  هذا الخط، خط وعي التوحيد وفكرة التوحيد، هذا هو أول الخطوط

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 41 _

  التي تتغير مواقف النبوات بموجبها ، على اساس ان هذا الخط هو المرتبط بالقاعدة الفكرية الاساسية التي تعمل بموجبها كل النبوات، فمهما صعدت درجة الوعي لهذه القاعدة الاساسية يجب ان يعطي لها الصيغة العميقة المعمقة الاكبر .
  الخط الثاني:
  هو خط تحمل اعباء المسؤولية الاخلاقية للدعوة، يعني كون الانسان بالغاً الى درجة تؤهله لان يتحمل اعباء دعوة لها ضريبتها وواحباتها وألامها وهمومها .
  مثل هذا التحمل ايضاً له درجات، ولم يستطع الانسان بالطفرة، ان يصل الى درجة اعباء التحمل للرسالة العالمية الواسعة الغير محدودة الزمان والمكان، لم يستطع ان يصل الى هذا بالطفرة ، وانما استطاع ان يصل الى ذلك عبر مران طويل، على تحمل المسؤوليات .
  البشرية بقيت تتحمل المسؤوليات عبر مران طويل، ونمت خلال مرانها الطويل، حتى استطاعت ان تتحمل مسؤولية رسالة لاحد لها، ممتدة مع الزمان والمكان ، والا فأي مسؤوليات كانت تتحملها امم الانبياء السابقين، الأمم التي تنكشف امامنا اليوم تواريخها هي أمم موسى وعيسى ؟.
  ونحن بالمقارنة بين موسى وعيسى، والمسؤوليات التي تحملتها الامة الاسلامية حينما نزل الوحي على النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) بالرسالة الخاتمة، المقارنة ما بين هذا وذاك، يكشف درجة كبيرة في تحمل المسؤوليات، تعبر عن نمو الاستعداد على مر الزمن، وموسى مات وشعب بني اسرائيل في التيه، يعني وجه حياته وجه كل اعماله بكل ما يمكن من جهاد وتضحية، في سبيل اداء رسالته، ولكنه أنهى حياته وشعب بني اسرائيل في التيه، كتب اللّه جل جلاله عليهم التيه اربعين سنة لانهم لم يستجيبوا لمتطلبات الرسالة، لم يستجيبوا ابداً لما تقتضيه رسالة موسى بالنسبة اليهم، حتى خلفهم موسى حيارى ومات .
  اين هذا من امة حملت اعباء الرسالة ؟.

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 42 _

  الخط الثالث:
  وهو خط سيطرة الانسان على الكون والطبيعة .
  هذا الخط متطور قبل الاسلام وبعد الاسلام، ولن يقف هذا الخط عند مرحلة من المراحل على الاطلاق.
  والانسان سوف لن تقف سيطرته باذن اللّه جل جلاله، عند مرحلة من مراحل الاستيلاء على الكون والطبيعة، ان انتهى استيلاؤه على الارض سوف يفكر بالاستيلاء على السماء، في الاستيلاء على كل ابعاد الكون، اذن، فهو في نمو مستمر لا ينقطع ولا توضع له حدود مفترضة من هذه الناحية .
  فلو كانت النبوة مرتبطة بهذا الخط ايضاً لتحتم ان تتغير النبوات على مر الزمن، والى يومنا هذا، والى يوم القيامة، ولكن النبوة غير مرتبطة بهذا الخط، لان النبوة لم تجد التيه، لكي تأخذ بالانسان في مجال السيطرة على الكون والطبيعة، وانما جاءت لتصنع هذا الانسان المسيطر على الكون بالدرجة التي هيأته لها هذه الظروف ـ ظروفه الموضوعية ـ ان تجعل من هذا الانسان انساناً فاضلاً نبيلاً مدبراً حكيماً، سواء أكانت سيطرته على الطبيعة تهيئه لان ينتقل من بلد الى بلد على رجليه، أو على الحمير، أو في الطائرات أو في الصواريخ .
  على جميع هذه التقادير وفي جميع هذه المراحل التي تعبر عن درجات من سيطرة الانسان على الكون والطبيعة في جميع هذه المراحل، النبوة لايختلف دورها وطبيعة رسالتها .
  ومن هنا ليس من الحتم ان تتغير النبوة بين الحين والحين، وفقاً للخط الاول والخط الثاني، هذان الخطان اللذان ترتبط بهما التغييرات في النبوة، هذان الخطان لهما حد نهائي يصل اليه الانسان، هذا الحد النهائي هو الحد النهائي الذي وصل اليه الانسان حينما جاء الاسلام .
  الاسلام كرسالة شاملة كاملة عامة للحياة. جاءت على ابواب وصول الانسان الى رشده الكامل، من ناحية استعداده لتقبل وعي توحيدي صحيح كامل شامل، ومن ناحية تحمله لمسؤولية اعباء الدعوة.

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 43 _

  ونحن باستقراء تاريخنا المنظور، منذ جاء الاسلام الى يومنا هذا، لانجد أي تغير حقيقي في هذين الخطين، لا في مدى اتساع الوعي التوحيدي عند الانسان ولا في اتساع التحملات الاخلاقية في اعباء الدعوة.
  في كلا هذين الخطين لا نجد أي تغير حقيقي.
  نعم نجد التغيير الواسع جداً في الخط الثالث الذي يعتبر خارجاً عن نطاق عمل النبوة ورسالتها .
  والحمد للّه رب العالمين

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 45 _

4 ـ مضاعفات وفاة رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم)
  اليوم نجتمع بمناسبة أعظم فاجعة مرت علي تاريخ البشرية على الطلاق.
  بمناسبة الفاجعة المزدوجة التي يمثل الجزء الأول منها انقطاع الوحي في تاريخ البشرية .
  هذه الظاهرة التي لم يعرف الانسان في تاريخه الطويل الطويل ظاهرة يمكن أن تماثلها وأن تناظرها في القدسية والجلال والأثر في حياة الانسان وتفكيره ويمثل الجزء الأخر من الفاجعة الانحراف داخل المجتمع الاسلامي، على يد المؤامرة التي قام بها جناح من المسلمين بعد وفاة رسول الله ( ص) فانحرف بذلك الخط عما كان مقرراً له من قبل النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) ومن قبل الله تعالى .
  كان هذا اليوم المشؤوم بداية انحراف طويل ونهاية عهد سعيد بالوحي، تمثل في مائة وأربعة وعشرين ألف نبي كما في بعض الروايات وكان بداية ظلام ومحن ومأس وفواجع وكوارث من ناحية اُخرى تمثل في ما عقب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) من أحداث في تاريخ العالم الاسلامي هذه الأحداث المرتبطة ارتباطاً شديداً وقوياً بما تم في هذا اليوم من الفاجعة على ما في زيارة الجامعة التي نقرؤها (بيعتهم التي عمت شؤمها الاسلام، وزرعت في قلوب الأمة الأثار وعنفت سلمانها، وضربت مقدادها، ونفت جندبها، وفتحت بطن عمارها، وأباحت الخمس للطلقاء اولاد الطلقاء وسلطت اللعناء على المصطفين الاخيار، وأبرزت بنات المهجرين والانصار الى الذلة والمهانة وهدمت الكعبة واباحت المدينة وخلطت الحلال بالحرام الى غير ذلك من الاوصاف .

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 46 _

  والجزء الثاني من الفاجعة الذي تم في هذا اليوم تحدثنا عنه خلال الكلام عن حياة الائمة (عليه السلام) وسوف نتحدث عنه أيضاً خلال كلامنا عن مناسبات اخرى في حياة الائمة (عليه السلام).
  وأود الأن ان أقتصر على الجزء الاول من هذه الفاجعة يعني ان انظر الى الحدث الذي وقع في هذا اليوم بوصفه حدثا قد وضع حداً لتلك الظاهرة العظيمة التي اقترنت مع هبوط الانسان على وجه الارض، ظاهرة الوحي ظاهرة ارتفاع الانسان وتفانيه للإتصال المباشر مع الله سبحانه وتعالى .
  ففي مثل هذا اليوم وضع حد نهائي لهذه الظاهرة المباركة الميمونة وفي بعض الروايات ان جبرائيل (عليه السلام) حينما ارتفع ملائكة السماء بروح محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) الى ربها راضية مرضية، التفت الى الارض مودعاً ثم طار الى سماواته .
  هذا اليوم كان يوم انقطاع الانسانية عن الاتصال المباشر باللّه سبحانه بانتهاء حياة خاتم الانبياء والمرسلين .
  بهذه المناسبة اريد ان اعطي فكرة موجزة على مستوى بحث اليوم عن الوحي، الوحي الذي يتمثل في اتصال خاص بين الانسان وبين الله.
  فالوحي هو ضرورة من ضرورات تخليد الانسان على وجه الارض وبهذا خلق الله الانسان واودعه الاستعداد الكامل والارضية الصالحة بافاضة هذه الموهبة منه سبحانه لأن ضرورة الوحي يمكن ان توضع في قبال جانبين في الانسان الأن اقتصر على أحد الجانبين :
  الانسان خلق حسياً أكثر منه عقلياً خلق يتفاعل مع حسه أكثر مما يتفاعل مع عقله، يعني ان النظريات والمفاهيم العقلية العامة في اطارها النظري هذه المفاهيم حتى لو أمن بها الانسان إيماناً عقلياً حتى لو دخلت الى ذهنه دخولاً نظرياً مع هذا لا تهزه ولا تحركه ولا تبنيه ولا تزعزع ما كان فيه ولا تنشئه من جديد إلا في حدود ضيقة جداً. على عكس الحس فان الانسان الذي يواجه حساً، ينفعل بهذا الحس و ينجذب إليه، وينعكس هذا الحس على روحه

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 47 _

  ومشاعره وانفعالاته وعواطفه بدرجة لا يمكن أن يقاس بها انعكاس النظرية والمفهوم المجرد عن أي تطبيق حسي .
  وليس من الصدفة ان كان الانسان على طول الخط في تاريخ المعرفة البشرية أكثر ارتباطاً بمحسوساته من معقولاته وأكثر تمسكاً بمسموعاته ومنظوراته من نظرياته .
  فإن هذا هو طبيعة التسليم الفكري والمعرفي عند الانسان وليس من الصدفة ان قرن إثبات أي دين بالمعجرة وكانت أكثر معاجز الانبياء معاجز على مستوى الحس لأن الانسان يتأثر بهذا المستوى أكثر مما يتأثر بأي مستوى أخر إذن: ( فالإنسان بحسب طبيعة جهازه المعرفي وتكوينه النظري خلق حسياً أكثر منه عقلياً) خلق متفاعلاً مع هذا المستوى من الانخفاض من المعرفة أكثر مما هو متفاعل مع المستوى النظري المجرد عن المعرفة وهذا يعني ان الحس أقدر على تربية الانسان من النظر العقلي المجرد ويحتل من جوانب وجوده وشخصيته وابعاد مشاعره وعواطفه وانفعالاته أكثر مما يحتل العقل: المفهوم النظري المجرد .
  بناء على هذا كان لا بد للانسانية من حس مربي، زائد على العقل والمدركات العقلية الغائمة الغامضة التي تدخل الى ذهن الانسان بقوالب غير محدودة وغير واضحة .
  إضافة الى هذه القوالب كان لا بد لكي يربى الانسان على أهداف السماء على مجموعة من القيم والمثل والاعتبارات كان لا بد من ان يربى على أساس الحس وهذا هو السبب في ان كل الحضارات التي يعرفها تاريخ النوع البشري الى يومنا هذا الى حضارة الانسان الاوروبي التي تحكم العالم ظلماً وعدواناً كل هذه الحضارات التي انقطعت عن السماء رباهاً الحس ولم يربها العقل، لأن الحس هو المربي الاول دائماً فكان لا بد لكي يمكن تربية الانسان على اساس حس يبعث في هذا الانسان انسانيته الكاملة الممثلة لكل جوانب وجوده الحقيقية كان لا بد من خلق حس في الانسان يدرك تلك القيم والمثل والمفاهيم ويدرك التضحية في سبيل تلك القيم والمثل إدراكاً حسياً لا إدراكاً عقلانياً بقانون الحسن والقبح العقليين فقد وهذا يعني ما قلناه من ان ضرورة الانسان في خط التربية تفرض أن يودع في طبيعة تكوينه وخلقه أرضية تكون صالحة، لأن

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 48 _

  تكون فيه حسيا بحسن العدل بقبح الظلم بألام المظلومين، أن تكون فيه حسا بكل ما يمكن للعقل إدراكه وما لا يمكن إدراكه من قيم ومثل واعتبارات .
  وهذه الأرضية او هذا الاستعداد الكامل الذي كان الارتباط المباشر مع الله سبحانه وتعالى لكي تنكشف كل الصحف كل الستائر عن كل القيم وكل المثل وكل هذه الاعتبارات والاهداف العظيمة لكي ترى رؤية العين وتسمع سماع الاذن لكي يلمسها بيده يراها بعينه .
  كان لا بد من ان توجد بذرة مثل هذا الحس في النوع البشري الا ان وجدان هذه البذرة في النوع البشري لا يعني ان كل انسان سوف يصبح له مثل هذا الحس وينفتق إدراكه عنه وانما يعني ان الامكانية الذاتية موجودة فيه الا ان هذه الامكانية لن تخرج الى مرحلة الفعلية الا ضمن شروطها وظروفها وملابساتها الخاصة كأي إمكانية اخرى في الانسان .
  هناك شهوات وغرائز موجودة في الانسان منذ يخلق وهو طفل ولكنه لا يعيش تلك الشهوات ولا يعيش تلك الغرائز الى مراحل متعاقبة من حياته فإذا مر بمراحل متعاقبة من حياته تفتحت تلك البذور حينئذ اصبح يعيش فعلية تلك الشهوات والغرائز كذلك على مستوى هذا الحس الذي هو أشرف واعظم واروع ما اودع في طبيعة الانسان .
  هذا قد لا يعيشه مئات الملايين من البشر في عشرات الألاف من السنين، قد لا يتفتح يبقى مجرد استعداد خام و ارضية ذاتية تمثل الامكان الذاتي لهذه الصيغة فقط دون ان تتفتح عن وجود مثل هذا الحس لان تفتحه يخضع لما قلناه من الملابسات والشروط التي لها بحث أخر اوسع من كلامنا اليوم .
  أرضية ان يحس الانسان بتلك القيم والمثل تصبح امراً واقعياً في اشخاص مميزنين يختصهم الله تعالى بعنايته ولطفه واختياره وهؤلاء هم الانبياء والمرسلون الذين يرتفعون الى مستوى ان تصبح كل المعقولات الكاملة محسوسات لديهم يصبح كل ما نفهمه وما لا نفهمه من القيم والمثل أمراً حسياً لديهم يحسونه ويسمعونه ويبصرونه .
  ذلك ان الافكار التي ترد الى ذهن الانسان تارة ترد الى ذهنه وهو لا يدرك

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 49 _

  إدراكاً حسياً مصدر هذه الافكار، الافكار التي ترد الى الانسان كلنا نؤمن بأنها أفكار بقدرة الله وعنايته وردت الى ذهن الانسان و إلى فكره لكن إيماننا بذلك ايمان عقلي نظري لا حسيّ لأن اللّه سبحانه وتعالى هو مصدر العلم والمعرفة والأفكار الخيرة في ذهن الانسان ولهذا أي فكرة من هذا القبيل تطرأ في ذهن الانسان نؤمن عقلياً بأنها من اللّه سبحانه وتعالى .
  لكن هناك فارق كبير بين حالتين: بين حالة ان ترد فكرة الى ذهن الانسان فيحس بان هذه الفكرة القيت اليه من أعلى بحيث يدرك إلقاءها من أعلى كما تدرك أنت الأن أن الحجر وقع من أعلى يدرك هذا بكل حسه وبصره يدرك ان هذه القطرة هذا الفيض هذا الاشعاع قد وقع من اعلى ألقي عليه من اللّه سبحانه وتعالى .
  واخرى لا يدرك هذا على مستوى الحس يدركه عقلياً يدرك ان هناك فكرة تعيش في ذهنه نيرة خيرة لكنه لم ير بعينه ان هناك يداً قذفت بهذه الفكرة الى ذهنه .
  وهذه الافكار التي تقذف في ذهن الانسان فيتوفر لدى ذاك الانسان حس بها بأنها قذفت اليه من الله سبحانه وتعالى وافيضت عليه من واجب الوجود واهب الوجود وواهب المعرفة فهي ايضاً على اقسام.
  لأن هذا الانسان تارة قد بلغ حسه الى القمة فاستطاع ان يحس بالعطاء الالهي من كل وجوهه وجوانبه يسمعه ويبصره يراه في جميع جهاته يتعامل معه ويتفاعل معه بكل ما يمكن للحس ان يتفاعل مع الحقيقة هذا هو الذي يعبر عنه بمصطلح الروايات على ما يظهر من بعضها بمقام عال من الانبياء مقام الرسول الذي يسمع الصوت ويرى الشخص ايضاً.
  ويمكن ان نفترض ان هناك الواناً اخرى من الحس تدعم هذا الحس السمعي والبصري عند هذا الانسان العظيم فهو يحس بالحقيقة المعطاة من الله تعالى من جميع جوانبها يحس بها بكل ما اوتي من ادوات الحس بالنسبة اليه هذه هي الدرجة العالية من الحس وقابلية الاتصال مع العمل الإلهي.
  واخرى يفترض انه يحس بها من بعض جوانبها وهو الذي عبر عنه بانه

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 50 _

  يسمع الصوت ولا يرى الشخص هذا احساس الا انه احساس ناقص وقد يفترض انه اقل من ذلك وهو الذي عبر عنه في بعض الروايات بانه يرى الرؤيا في المنام هنا يرى هذه الرؤيا المنامية وهي طبعاً تختلف عن الرؤيات في اليقظة من حيث درجة الوضوح .
  فهنا فارق كيفي بين الحس والرؤيا المنامية والرؤيا في عالم اليقظة والانتباه الكامل .
  هناك درجات من الحس وعلى وفق هذه الدرجات وضعت مصطلحات الرسول والنبي والمحدّث والامام، ونحو ذلك من المصطلحات، انه الذي يمثل اعلى هذه الدرجات هو الوحي المتمثل في ملك يتفاعل معه النبي تفاعلاً حسياً من جميع جوانبه كما كان يعيش سيد المرسلين (صلى الله عليه وأله وسلم) مع جبرائيل (عليه السلام) هنا رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) يعيش الحقيقة الالهية عيشاً حسياً من جميع جوانبها ، يعيشها كما نعيش نحن على مستوى حسناً ووجود رفيقنا وصديقنا، لكن مع فارق بين هذين الحسين بدرجة الفارق بين المحسوسين .
  هذا الحس هو الذي استطاع ان يربي شخص النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) وأعد لكي يكون المثل الاول والرائد الاول لخط هذه القيم والمثل والاهداف الكبيرة .
  يعني هذا الحس قام بدور التربية للنبي (صلى الله عليه وأله وسلم) لانه استنزل القيم والمثل والاهداف والاعتبارات العظيمة من مستواها الغائم المبهم من مستواها الغامض العقلي من مستوى النظريات العمومية فأعطاها معالم الحس التي لا ينفعل الانسان كما قلنا بقدر ما ينفعل بها بهذا تصبح الصورة المحسوسة التي هبطت على النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) على أي نبي من الانبياء ملء وجوده ملء روحه ملء كيانه .
  تصبح همه الشاغل في ليله ونهاره لأنها امامه يراها يحسها ... يلمسها ويشمها بأروع مما نلمس ونشم ونسمع ونبصر .
  ثم هذا الشخص الذي استطاع ان يربيه الحس القائم على الوحي يصبح هو حساً مربياً للأخرين .
  فالأخرون من ابناء البشرية الذين لم تتح لهم الظروف، ظروفهم وملابساتهم وعناية الله ان يرتفعوا هم الى مستوى هذا الحس الذين لم يتح لهم هذا الشرف العظيم سوف يتاح لهم الحس لكن بالشكل

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 51 _

  غير المباشر حس بالحس لا حس بالحقيقة الالهية مباشرة، حس بالمرأة الحقيقية الالهية انعكست على هذه الحقيقة الالهية يعني المعطى الالهي ـ الثقافة الالهية ـ انعكست على هذه المرأة والأخرون يحسون بهذه المرأة بينما النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) نفسه كان يحس مباشرة بتلك الثقافة الالهية بما هي امر حسي لا بما هي امر نظري اما نحن نحس محمداً (صلى الله عليه وأله وسلم) بما هو رجل عظيم بما هو رجل استطاع ان يثبت للبشرية ان هناك اعتباراً وهدفاً فوق كل المصالح والاعتبارات فوق كل الانانيات فوق كل الامجاد المزيفة والكرامات المحدودة ان هناك انساناً لاينقطع نفسه اذا كان دائماً بيسير على خط رسالة الله سبحانه وتعالى هذا المضمون الذي للإنسان ان يدركه عقلياً هذا المضمون الذي حشد ارسطو وافلاطون مئات الكتب بالبرهنة العقلية عليه على امكانية الاستمرار اللامتناهي من اللامتناهي هذا المعنى اصبح لدى البشرية امراً محسوساً خرج من نطاق اوراق ارسطو وافلاطون التي لم تستطع ان تصنع شيئاً والتي لم تستطع ان تفتح قلب انسان على الصلة بهذا اللامتناهي واصبحت امراً حسياً يعيش مع تاريخ الناس لكي يكون هذا الامر المحسوس هو التعبير القوي دائماً عن تلك القيم والمثل وهو المربي للبشرية على اساس تلك القيم والمثل .
  فالوحي بحسب الحقيقة اذن هو المربي الاول للبشرية الذي لم يكن بالامكان للبشرية ان تربى بدونه لان البشرية بدون الوحي ليس لديها الا حس بالمادة وما على المادة من ماديات، والا ادراك عقلي غائم قد يصل الى مستوى الايمان بالقيم والمثل وباللّه الا انه ايمان عقلي على أي حال لا يهز قلب هذا الانسان ولا يدخل الي ضميره ولا يسمع كل وجوده ولا يتفاعل مع كل مشاعره وعواطفه .
  فكان لا بد أن يستنزل ذلك العقل على مستوى الحس لا بد ان تستنزل تلك المعقولات على مستوى الحس وحيث ان هذا ليس بالامكان ان يعمل مع كل الناس لأن كل انسان مهيأ لهذا ولهذا استصفي لهذه العملية اناس معينون اوجد الله تبارك وتعالى فيهم الحس القائد الرائد هذا الحس رباهم هم اولا وبالذات ثم خلق وجوداً حسياً ثانوياً هذا الوجود الحسي الثانوي كان هو المربي للبشرية .

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 51 _

  والخلاصة لئن بقيت القيم والمثل والاهداف والاعتبارات عقلية محضة فهي سوف تكون قليلة الفهم ضعيفة الجذب بالنسبة الى الانسان وكلما امكن تمثيلها حسياً اصبحت اقوى واصبحت اكثر قدرة على الجذب والدفع .
  اذا كان هذا حقاً فيجب أن نخطط لانفسنا ونخطط في علاقاتنا مع الأخرين على هذا الاساس .
  يجب أن نخطط في انفسنا على هذا المستوى ومعنى ان نخطط في انفسنا على هذا يعني ان لا نكتفي بأفكار عقلية نؤمن بها نضعها في زاوية عقلنا كايمان الفلاسفة بأرائهم الفلسفية لا يكفي ان نؤمن بهذه القيم والمثل ايماناً عقلياً صرفاً بل يجب ان نحاول ... ان نستنزلها الى اقصى درجة ممكنة من الوضوح الحسي طبعاً نحن لا نطمع ان نكون انبياء ولانطمع ان نحظى بهذا الشرف العظيم الذي انغلق على البشرية بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) ولكن مع هذا الوضوح مقول بالتشكيك على حسب اصطلاح المناطق ليس كل درجة من الوضوح معناها النبوة هناك ملايين من درجات الوضوح قبل ان تصبح نبياً ، يمكن ان تكسب ملايين من درجات الوضوح، وهذه المراتب المتصاعدة قبل ان تبلغ الى الدرجة التي اصبح فيها موسى (عليه السلام) في لحظة استحق فيها ان يخاطبه اللّه سبحانه وتعالى او قبل ان يصل الانسان الى الدرجة التي بلغ اليها محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) حينما هبط عليه اشرف كتب السماء هناك ملايين من الدرجات هذه الملايين بابها مفتوح امامنا ولا بد ان لا نقتصر ان لا نزهد في هذا التطوير العقلي للقيم والمثل الموجود عندنا لا بد لنا ان لا نقتصر وان نطمع في اكثر من هذا الوضوح وفي اكثر من هذا من التحدد ومن الحسية لا بد لنا ان نفكر في ان يعبأ كل وجودنا بهذا القيم والمثل لكي تكون على مستوى المحسوسات بالنسبة الينا .
  من اساليب استنزال هذه القيم والمثل الى مستوى المحسوسات هو التأثير الذهني عليها باستمرار حينما توحي الى نفسك باستمرار بهذه الافكار الرفيعة حينما توحي الى نفسك باستمرار بانك عبد مملوك للّه سبحانه وتعالى وان الله تبارك وتعالى هو المالك المطلق لامرك وسلوكك ووجودك وهو المخطط لوضعك ومستقبلك وحاضرك وانه هو الذي يرعاك بعين لا تنام في دنياك

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 53 _

  وأخرتك حينما توحي الى نفسك باستمرار بمستلزمات هذه العبودية من انك مسؤول امام هذا المولى العظيم مسؤول ان تطيعه ان تطبق خطه، أن تلتزم رسالته، ان تدافع عن رايته ان تلزم شعاراته حينما تسر الى نفسك وتؤكد على نفسك باستمرار ان هذا المعنى للعبودية لانك دائماً وابداً يجب ان تعيش مع الله.
  حينما توحي الى نفسك بانك يجب ان تعيش للّه سوف تتعمق دقة العيش للّه في ذهنك سوف تتسع سوف تصبح بالتدريج شبحاً يكاد ان يكون حسياً بعد ان كان نظرياً عقلياً صرفاً .
  أليس هناك اشخاص من الاولياء والعلماء والصديقين قد استطاعوا ان يبصروا محتوى هذه القيم والمثل بام اعينهم ولم يستطيعوا ان يبصروها بام اعينهم الا بعد ان عاشوها عيشا تفصيلياً مع الالتفات التفصيلي الكائن وهذه عملية شاقة جداً لان الانسان كما قلنا ينفعل بالحس وما اكثر المحسوسات من امامه ومن خلفه الدنيا كلها بين يديه تمتع بحسه في مختلف الاشياء وهو يجب عليه دائماً وهو يعيش في هذه الدنيا التي تنقل الى عينه مئات المبصرات، وتنقل مئات المسموعات، يجب عليه ان يلقن نفسه دائماً بهذه الافكار ويؤكد هذه الافكار خاصة في لحظات ارتفاعه وفي لحظات تساميه لان اكثر الناس الا من عصم الله تحصل له لحظات التسامي، وتحصل له لحظات الانخفاض .
  ليس كل انسان يعيش محمداً (صلى الله عليه وأله وسلم) مئة بالمئة والا لكان كل الناس من طلابه الحقيقيين كل انسان لا يعيش محمداً الا لحظات معينة تتسع وتضيق بقدر تفاعل هذا الانسان برسالة محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) .
  اذن ففي تلك اللحظات التي تمر على أي واحد منا ويحس بان قلبه منفتح لمحمد (صلى الله عليه وأله وسلم) وان عواطفه ومشاعره كلها متأججة بنور رسالة هذا النبي العظيم (صلى الله عليه وأله وسلم). في تلك اللحظات يغتنم تلك الفرصة ليخترن وانا اؤمن بعملية الاختران يعني أؤمن بان الانسان في هذه اللحظة اذا استوعب افكاره وأكد على مضمون معين وخزنه في نفسه سوف يفتح له هذا الاختران في لحظات الضعف بعد هذا حينما يفارق هذه الجلوة العظيمة حينما يعود الى حياته الاعتيادية سوف يتعمق بالتدريج هذا الرصيد هذه البذرة التي وضعها في

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 54 _

  لحظة الجلوة في لحظة الانفتاح المطلق على اشرف رسالات السماء تلك البذرة سوف تشعره وسوف تقول له في تلك اللحظة اياك من المعصية اياك من ان تنحرف قيد انملة عن خط محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) .
  كلما ربط الانسان نفسه في لحظات الجلوة والانفتاح بقيود محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) واستطاع ان يعاهد نبيه العظيم (صلى الله عليه وأله وسلم) على ان لا ينحرف عن رسالته على ان لا يتململ عن خطه على ان يعيشه ويعيش اهدافه ورسالته واحكامه حينئذ بعد هذا حينما تفارقه هذه الجلوة وكثيراً ما تفارقه اذا أراد ان ينحرف يتذكر عهده يتذكر صلته بمحمد (صلى الله عليه وأله وسلم) تصبح العلاقة حينئذ ليست مجرد نظرية عقلية بل هناك اتفاق هناك معاهدة هناك بيعة اعطاها لهذا النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) في لحظة حس في لحظة قريبة من الحس .
  كان كأنه يرى النبي امامه فبايعه .
  لو ان أي واحد منا استطاع ان يرى النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) بأم عينه. أو رأى امامه امام زمانه عجل اللّه تعالى فرجه رأى قائده بأم عينه وعاهده وجهاً لوجه على ان لا يعصي على ان لا ينحرف على ان لا يخون الرسالة هل بالامكان لهذا الانسان بعد هذا لو فارقته تلك الجلوة ولو ذهب الى ما ذهب ولو عاش أي مكان واي زمان هل بإمكانه ان يعصي؟ هل يمكنه ان ينحرف او يتذكر دائماً صورة ولي الامر عجل اللّه تعالى فرجه وهو يأخذ منه هذه البيعة وهذا العهد على نفسه .
  نفس هذه العملية يمكن ان يعملها أي واحد منا لكن في لحظة الجلوة في لحظة الانفتاح.
  كل انسان من عندنا يعيش لحظة لقاء الامام عجل اللّه تعالى فرجه من دون ان يلقى الامام عجل اللّه تعالى فرجه ولو مرة واحدة في حياته هذه المرة الواحدة او المرتين والثلاثة يجب ان نعمل لكي تتكرر لأن بالامكان أن نعيش هذه اللحظة دائماً هذا ليس امراً مستحيلاً بل هو امر ممكن والقصة قصة اعداد وتهيئة لأن نعيش هذه اللحظة حتى في حالة وجود لحظات أكثر بكثير تعيش

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 55 _

  فيها الدنيا تعيش فيها أهواء الدنيا ورغبات الدنيا وشهوات الدنيا مع هذا يجب أن تخلف فينا هذه اللحظة رصيداً يجب ان تخلق فينا بذرة منعة عصمة قوة قادرة على ان تقول: لا، حينما يقول الاسلام: لا ، ونعم حينما يقول الاسلام ذلك .
  هذه اللحظة يجب ان نغتنمها ويجب ان نختزن لكي تتحول بالتدريج هذه المفاهيم الى حقائق وهذه الحقائق الى محسوسات وهذه المحسوسات الى جهاد نعيشه بكل عواطفنا ومشاعرنا وانفعالاتنا أناء الليل واطراف النهار ونحن ما احوجنا الى ذلك لان المفروض أننا نحن الذين يجب أن نبلغ للناس نحن الذين يجب اننشع بنور الرسالة على الناس. نحن الذين يجب أن نحدد معالم الطريق للأمة والمسلمين اذن فما احوجنا الى ان يتبين لنا الطريق تبيناً حسياً تبيناً اقرب ما يكون الى تبين الانبياء وطرقهم .
  ليس عبثاً وليس صدفة ان رائد الطريق دائماً كان انساناً يعيش الوحي لانه كان لا بد له ان يعيش طريقه بأعلى درجة ممكنة للحس حتى لا ينحرف حتى لا يتململ حتى لا يضيع حتى لايكون سبباً في ضلال الأخرين .
  ونحن يجب ان ندعو ان نتضرع الى اللّه دائماً لان يفتح امام اعيننا معالم الطريق ان يرينا الطريق رؤية عين لا رؤية عقل فقط ان يجعل هذه القيم وهذه المثل والطريق الى تجسيد هذه القيم وهذه المثل شيئاً محسوساً بكل منعطفات هذا الطريق وبكل صعوبات هذا الطريق وما يمكن ان يصادفه في اثناء هذا الطريق .
  لا بد لنا ان نفكر في ان نحصل اكبر درجة ممكنة من الوضوح في هذا الطريق هذا بيننا وبين انفسنا..
  واما العبرة التي نأخذها بالنسبة الينا مع الأخرين نحن ايضاً يجب ان نفكر في اننا سوف لن نطمع في هداية الأخرين عن طريق اعطاء المفاهيم فقط عن طريق اعطاء النظريات المجردة فقط وتصنيف الكتب العميقة كل هذا لا يكفي القاء المحاضرات النظرية لا يكفي .
  لا بد لنا ان نبني تأثيرنا في الأخرين ايضاً على مستوى الحس يجب ان نجعل الأخرين يحسون منا بما ينفعلون به انفعالاً طيباً طاهراً مثالياً فان الأخرين مثلنا ، الأخرون هم بشر والبشر ينفعلون بالحس أكثر مما ينفعلون

أهل البيت (ع) تنوع ادوار ووحدة هدف _ 56 _

  بالعقل فلا بد اذن ان نعتمد على هذا الرصيد أكثر مما نعتمد على ذلك الرصيد .
  كتاب مئة كتاب نظري لا يساوي ان تعيش الحياة التي تمثل خط الانبياء حينما تعيش الحياة التي تمثل خط الانبياء بوجودك بوضعك باخلاقك بايمانك بالنار والجنة ايمانك بالنار والجنة حينما ينزل الى المستوى الحس الى مستوى الرقابة الشديدة الى مستوى العصمة حينما ينزل الى هذا المستوى يصبح امراً محسوساً يصبح هذا الايمان امراً حسياً حينئذ سوف يكهرب الأخرين ولا نطمع بالتأثير عليهم على مستوى النظريات فحسب فان هذا وحده لا يكفي وان كان ضرورياً ايضاً ولكن يجب ان نضيف الى التأثير على مستوى النظريات تطهير انفسنا وتكميل ارواحنا وتقريب سلوكنا من سلوك الانبياء (صلى الله عليه وأله وسلم) وأوصياء هؤلاء الانبياء لنستطيع ان نجسد تلك القيم والمثل بوجودنا امام حس الأخرين قبل ان نعطيها بعقول الأخرين او توأماً مع اعطائها لعقول الأخرين ...
  اللهم وفقنا للسير في خط اشرف انبيائك والالتزام بتعالميه غفر اللّه لنا ولكم جميعاً .