وأنشد أبو دهبل هذه الأبيات لبعض إخوانه ، فشاعت وغنى بها المغنون ، فبلغت عاتكة ، فبعثت إليه بكسوة وجرت الرسل بينهما ، فلما صدرت عن مكة خرج معها إلى الشام ، فلما دخلت دمشق « جيرون » انقطعت عن لقائه في دمشق ، فنظم في ذلك قصيدة مطلعها :
(1) الأغاني 1 : 218 و 221 . (2) تاريخ آداب اللغة العربية 284 : 1 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 59 _رملة بنت معاوية بن أبي سفيانشبب عبد الرحمن بن حسان برملة بنت معاوية ، فقال :
عاتكة بنت عبدالله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان قال الاصفهاني : عاتكة التي يشبب بها الأحوص ، عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية (2) . زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كان ابن رهيمة يشبب بها ، ويغني يونس بشعره فافتضحت بذلك ، فاستعدى عليه أخوها هشام بن عبد الملك فأمر بضربه خمسمئة سوط ، وأن يباح دمه إن وجد قد عاد لذكرها ، وأن يفعل ذلك بكل من غنى في شيء من شعره ، فهرب هو ويونس (3) . زينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجاج بن يوسف الثقفي شبب ابن نمير الثقفي بزينب بنت يوسف بن الحكم ، فكان الحجاج يتهدده ويقول : لولا أن يقول قائل صدق لقطعت لسانه ، فهرب إلى اليمن (4) . --------------------------- (1) الأغاني 103 : 15 . (2) الأغاني 112 : 21 . (3) الأغاني 397 : 4 . (4) الأغاني 209 : 6 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 60 _سعدى بنت عبد الرحمن بن عوفشبب بها عمر بن أبي ربيعة فقال :
هند بنت كنانة بن عبد الرحمن بن نضلة بن صفوان بن أمية كان ابن محرز أحسن الناس غناء ، فمر بهند بنت كنانة ، فسألته أن يجلس لها ولصواحب لها ، ففعل وقال : أغنيكن صوتا أمرني الحارث بن خالد بن العاص أن أغنيه . . . (2) . سعدى بنت سعيد بن عمرو بن عثمان كان الوليد بن يزيد بن عبد الملك يتعشق سعدى بنت سعيد بن عمرو ابن عثمان فقال فيها :
كما أن الوليد بن يزيد كان يتعشق سلمى بنت سعيد بن عمرو بن عثمان كذلك ، فقال فيها : --------------------------- (1) الأغاني 161 : 17 و 162 . (2) الأغاني 366 : 1 ، وراجع أيضا 372 : 3 . (3) العقد الفريد لا بن عبد ربه 186 : 7 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 61 _
أم البنين زوج الوليد بن عبدالملك دخلت عزة صاحبة كثير على أم البنين زوج عبد الملك بن مروان (2) ، فقالت لها : أخبريني عن قول كثير :
ما هذا الدين الذي طلبك به ؟ قالت : وعدته بقبلة فتحرجت منها ، قالت : أنجزيها وعلي إثمها (3) . وروى أبو الفرج الإصفهاني أن وضاحا كان يهوى امرأة من كندة يقال لها : روضة ، فلما اشتهر أمره معها ، خطبها فلم يزوجها ، وزوجت غيره ، فمكثت مدة طويلة . . ثم شبب بأم البنين بنت عبد العزيز بن مروان زوجة الوليد بن عبد الملك ، فقتله الوليد لذلك (4) . زينب بنت سليمان بن علي ذكر ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان أن حماد عجرد كان يتغزل في زينب بنت سليمان بن علي ، على لسان محمد بن أبي العباس السفاح ، وكان عشقها ، ثم خطبها فمنعت منه ، فصار يتغزل فيها ، وحماد ينظم له الشعر على لسانه ، فبلغ ذلك أخاها محمد بن سليمان فغصب . --------------------------- (1) العقد الفريد 186 : 7 . (2) كذا في المصدر . والصواب زوج الوليد بن عبد الملك . (3) العقد الفريد 134 : 7 . (4) الأغاني 225 : 6 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 62 _واتفقت وفاة محمد ، فطلب ابن سليمان حماداً فتغيب منه ، ثم بلغه أنه هجاه بأبيات منها :
عائشة بنت المهدي العباسي قال ابن عبد ربه الأندلسي : خرج رسول عائشة بنت المهدي ـ وكانت شاعرة ـ إلى الشعراء ، فيهم صريع الغواني فقال : تقرؤكم سيدتي السلام ، وتقول لكم : من أجاز هذا البيت فله مئة دينار ، فقالوا : هاته ، فأنشدهم :
كتبت على تاجها :
ولا نريد أن نسرد أكثر من هذه الشواهد ، فقد أعرضنا عن كثير مراعاة لحرمة قرائنا الكرام من أن نشين أسماعهم بعبث نساء هؤلاء ، ومجون شعرائهم ، وهذا فيما كتب ، وما خفي كان أعظم ، وقد توخينا في عرضنا هذا إلى الأسباب والدوافع التي دفعت هؤلاء المؤرخين من بني مروان ، كأبي الفرج الإصفهاني صاحب الأغاني ، الذي استعرض أقاصيص وموضوعات حياة سكينة بنت الحسين ( عليهما السلام ) ، وما أخذه من آل الزبير من اختلاق هذه الأكاذيب ، كالزبير بن بكار ، ومصعب الزبيري وأمثالهم ، الذين ما فتؤوا من التحري عما يشين البيت العلوي ، دفعا لما ابتلي به أسلافهم من النساء كسكينة بنت خالد الزبيرية ، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله زوج مصعب بن الزبير ، وغيرهن من اللواتي ملئت صحائف تاريخهن بفضائح العبث ، ومجالس الغزل والغناء ، وما اشتهر عن عاتكة بنت معاوية ، وأم البنين بنت عبد العزيز زوجة الوليد بن عبد الملك ، وسعدى بنت عبد الرحمن بن عوف ، وأمثالهن من اللواتي آثرن حياة اللهو والغناء .
--------------------------- (1) لسان الميزان 426 : 2 رقم 2942 في ترجمة حماد عجرد . (2) العقد الفريد 197 : 6 . (3) شرح رسالة ابن زيدون بهامش شرح لامية العجم 11 : 1 ، عنه « سكينة بنت الحسين » للمقرم : 60 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 63 _
ومقابل هذا يرفل آل علي بقداسة الوحي ، وطهارة النبوة ، وهم المنافسون الأقوياء لأولئك الأمويين الذين سفكوا الدماء من أجل الإبقاء على دست الحكم ، والزبيريين الذين هتكوا الحرمات من أجل المنصب كذلك ، فمتى يستقيم لهؤلاء أمر ولا تزال الأمة تنظر إلى العلويين بكل إجلال وقداسة ؟ من هنا أمكننا معرفة الدوافع السياسية لاختلاق قصة سكينة بنت الحسين ، وإقحامها ملاحم اللهو الأموي والترف الزبيري . سكينة وابن سريج روى أبو الفرج الإصفهاني قال : أخبرني الحسين بن يحيى ، عن حماد ، عن أبيه ، عن مصعب الزبيري قال : حدثني شيخ من المكيين قال : كان ابن سريج قد أصابته الريح الخبيثة وآلى يمينا ألا يغني ، ونسك ولزم المسجد الحرام حتى عوفي ، ثم خرج وفيه بقية من العلة فأتى قبر النبي وموضع الصلاة ، فلما قدم المدينة نزل على بعض إخوانه من أهل النسك والقراءة ، فكان أهل الغناء يأتونه مسلمين عليه فلا يأذن لهم بالجلوس والمحادثة ، فأقام بالمدينة حولاً حتى لم يحس علته بشيء وأراد الشخوص إلى مكة ، وبلغ ذلك سكينة بنت الحسين فاغتمت اغتماماً شديداً وضاقت به ذرعاً ، وكان أشعب يخدمها ، وكانت تأنس بمضاحكته ونوادره وقالت لأشعب : ويلك أن ابن سريج شاخص ! وقد دخل المدينة منذ حول ولم أسمع غناءه قليلاً ولا كثيراً ، ويعز ذلك علي ، فكيف الحيلة في الاستماع منه ولو صوتاً واحداً ؟ عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 64 _
فقال لها أشعب : جعلت فداك وأنى لك بذلك والرجل اليوم زاهد ولا حيلة فيه ، فارفعي طمعك والحسي تورك تنفعك حلاوة فمك . فأمرت بعض جواريها فوطئن بطنه حتى كادت تخرج أمعاؤه ، وخنقته حتى كادت نفسه أن تتلف ، ثم أمرت به فسحب على وجهه حتى أخرج من الدار إخراجاً عنيفاً ، فخرج على أسوأ الحالات ، واغتم أشعب غماً شديداً وندم على ممازحتها في وقت لم ينبغ له ذلك ، فأتى منزل ابن سريج ليلاً فطرقه فقيل : من هذا ؟ فقال : أشعب ، ففتحوا له فرأى على وجهه ولحيته التراب والدم سائلاً من أنفه وجبهته على لحيته , وثيابه ممزقة وبطنه وصدره وحلقه قد عصرها الدوس والخنق ومات الدم فيها ، فنظر ابن سريج إلى منظر فظيع هاله وراعه فقال له : ما هذا ويحك ؟ ! فقص عليه القصة ، فقال ابن سريج : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماذا نزل بك والحمد لله الذي سلم نفسك لا تعودن إلى هذه أبداً . قال أشعب : فديتك هي مولاتي ولا بد لي منها ، ولكن هل لك حيلة في أن تصير إليها وتغنيها فيكون ذلك سبباً لرضاها عني ؟ قال ابن سريج : كلا والله لا يكون ذلك أبداً بعد أن تركته . قال أشعب : قطعت أملي ورفعت رزقي وتركتني حيران بالمدينة لا يقبلني أحد ، وهي ساخطة علي فالله الله في ، أنا أنشدك الله ألا تحملت هذا الإثم فيّ . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 65 _فأبى عليه ، فلما رأى أشعب أن عزم ابن سريج قد تم على الامتناع ، قال في نفسه : لا حيلة لي وهذا خارج وإن خرج هلكت ، فصرخ صرخة أذن أهل المدينة لها ، ونبه الجيران من رقادهم ، وأقام الناس من فرشهم ، ثم سكت فلم يدر الناس ما القصة عند خفوت الصوت بعد أن قد راعهم ، فقال له ابن سريج : ويلك ما هذا ؟ قال : لئن لم تصر معي إليها لأصرخن صرخة أخرى لا يبقى إلا صار بالباب ، ثم لأفتحنه ولأريهم ما بي ، ولأعلمنهم كذا وكذا . . .فلما رأى ابن سريج الجد منه قال لصاحبه : ويحك أما ترى ما وقعنا فيه ـ وكان صاحبه الذي نزل عنده ناسكاً ـ فقال : لا أدري ما أقول . . . نزل بنا من هذا الخبيث . . . إلى أن قال : فوقع ابن سريج فيما لا حيلة له فيه ، فقال : امضي لا بارك الله فيك ، فمضى معه فلما صار إلى باب سكينة قرع الباب فقيل : من هذا ؟ فقال : أشعب . . . إلى أن قال : ثم أندفع يغني :
فقالت له سكينة : فهل عندك يا عبيد من صبر ، ثم أخرجت دملجاً من ذهب كان في عضدها وزنه أربعون مثقالاً فرمت به إليه (1) . . . إلى آخر القصة ، وهي طويلة الذيل اقتصرنا على مورد الحاجة .
--------------------------- (1) الأغاني 45 : 17 ـ 51 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 66 _رجال الخبرالخبر مرسل ، فإن مصعب الزبيري رواه عن شيخ من المكيين لا يعرف من هو ، فالخبر مرسل لا اعتبار له من حيث الإرسال ، ومصعب الزبيري : ضعيف ، عرفت حاله ، والحسين بن يحيى : قال الذهبي في ميزان الاعتدال عن ابن الجوزي: يضع الحديث ، وكذلك ابن حجر في لسان الميزان (1) . فالخبر مرسل وفي سنده ضعفاء فهو ساقط عن الاعتبار . أين هم أزواج سكينة وبنو هاشم عن كل هذا ؟ اعتمد الخبر على رواية المتناقضات فأظهر زهد ونسك ابن سريج المغني وعبث السيدة سكينة ، مع أن الخبر أظهر في مطاويه الإشارة إلى حرمة الغناء وتجنب ابن سريج عن ذلك ، إلا أن السيدة سكينة كانت تصر على مخالفة مناهي الشريعة ، وترتكب ما هو حرام إشباعا لرغبتها في الاستماع ، لا سيما الخبر سرد أحداث القصة عند وقت متأخر من الليل ، وأظهر أن السيدة سكينة لا ترتبط مع أية علقة زوجية يمكنها أن تحتشم زوجها ـ على الأقل ـ في ارتكاب ما ينافي الشرع ومن ثم الأخلاق السائدة ، مع ما هولوه من تعدد أزواج « آمنة » سكينة بنت الحسين ، وبلغ عدد أزواجها أكثر من سبعة ، ومع هذا فلا نرى لواحد من هؤلاء الأزواج دور في التصدي إلى ماترتكبه السيدة سكينة من مخالفات شرعية وعرفية ، يأنف من خلالها الغيور على حرمه ، ولا يرضى في انتهاك حرمته بما يقع من حليلته ، وهي بين أجانب خلعاء تعقد لهم مجالس الغناء في بيته دون وازع ولا من رادع . --------------------------- (1) ميزان الاعتدال 541 : 1 ، لسان الميزان 386 : 2 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 67 _أي غيور يرضى لزوجته أن ترتكب مثل هذه الأفعال الشائنة بسمعته والمنافية لغيرته ؟ وإذا لم يكن هناك دور للزوج في مثل هذه القصص ، فأين كان الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وهو يرى أخته ترتكب خلاف الشريعة وما ينافي قيم الإسلام ؟ أين كان محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) عن هذه التصرفات ؟ أين كان بنو هاشم وهم ـ على الأقل ـ يجابهون عدوا لدودا يصطنع لهم الأكاذيب والافتراءات ؟ فكان عليهم مراعاة جانب أعدائهم إن لم يراعوا جانب حرمة الشريعة .مما يكشف سذاجه هؤلاء الوضاعين وبلادتهم حينما يختلقون أكاذيبهم بما ينافي الشرع والعادة والأعراف ، وليتهم توسلوا بغير ذلك لئلا ينكشف غباؤهم ولعبتهم الطائشة . إنه خراج بعض الكور ، وإذا صور رواة الخبر بذخ سكينة وهي تعطي لأحد المغنين دملجاً وزنه أربعين مثقالاً ، فإن هذه التصرفات هي سمة خلفائهم الذين شهدت لياليهم الحمراء بذخهم وعبثهم بأموال المسلمين . قال ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد : غنى إبراهيم الموصلي محمد بن زبيدة الأمين بقول الحسن بن هانئ فيه :
عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 68 _فقال الأمين: وهل ذلك إلا خراج بعض الكور (1) ؟هذه هي أعطيات الخلفاء في الليالي الحمراء ومن بيت مال المسلمين ، والمسلمون يعانون من الضيق في العيش والفقر والفاقة ، لذا فقد عمد هؤلاء الرواة إلى التستر على بذح أسيادهم ، وأتهام آل البيت عليهم السلام بتصرفات أعدائهم ؛ ليدفعوا عنهم تهورات هؤلاء وعبثهم . حكم الغناء في الشريعة المقدسة : ذهب علماؤنا ( رضوان الله تعالى عليهم ) إلى حرمة الغناء (2) ، وادعوا الإجماع عليه ، بل عدوه من ضرورات المذهب للأدلة الواردة في حرمته من آيات وروايات لعلها متواترة . كما ذهب إلى ذلك بعضهم ، فمن ذلك تفسير قوله تعالى: ( لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) (3) بالغناء كما في صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) (4) . وتفسير الغناء بالزور في قوله تعالى : ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) (5) كما في صحيحة زيد الشحام ، ومرسلة ابن أبي عمير ، وموثقة أبي بصير (6) . وما ورد في تفسير لهو الحديث بالغناء كما في صحيحة محمد بن مسلم (7) . --------------------------- (1) العقد الفريد 42 : 7 . (2) نقل الإجماع على ذلك السيد العاملي في مفتاح الكرامة 52 : 4 ، حيث قال : أما حكمه فلا خلاف ، كما في مجمع البرهان ، في تحريمه وتحريم الأجرة عليه وتعلمه وتعليمه واستماعه . . . (3) الفرقان 72 : 25 . (4) الوسائل 304 : 17 ، ب 99 من أبواب ما يكتسب به ، ح 5 . (5) الحج 30 : 22 . (6) الوسائل 303 : 17 و 305 ، ب 99 من أبواب ما يكتسب به ، ح 2 و 8 و 9 . (7) المصدر السابق : 304 ، ح 6 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 69 _ومن الروايات ما تواتر من حرمة الغناء كما في رواية يونس قال : سألت الخراساني ( صلوات الله عليه ) عن الغناء وقلت : إن العباسي ذكر عنك أنك ترخص في الغناء ، فقال : « كذب الزنديق ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء فقلت له: إن رجلا أتى أبا جعفر ( عليه السلام ) فسأله عن الغناء فقال : يافلان إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء ؟ قال: مع الباطل ، فقال: حكمت » (1) .وعن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الغناء وقلت : إنهم يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رخص في أن يقال : حيونا حيونا نحييكم ، فقال : « إن الله تعالى يقول : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) (2) ـ ثم قال ـ : ويل لفلان مما يصف ، رجل لم يحضر المجلس » (3) . وفي مرسلة المقنع عن الصادق عليه السلام: « شر الأصوات الغناء » (4) ، وفي الخصال بسنده عن الحسن بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : « الغناء يورث النفاق ويعقب الفقر » (5) . --------------------------- (1) الوسائل 306 : 17 ، ب 99 من أبواب ما يكتسب به ، ح 13 . (2) الأنبياء 16 : 21 ـ 18 . (3) الوسائل 307 : 17 ، ح 15 . (4) المصدر السابق : 309 ، ح 21 . (5) المصدر السابق : 309 ، ح 23 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 70 _ويعضده الأخبار الدالة على تحريم الاستماع له كما في صحيحة مسعدة بن زياد قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال له رجل : بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفا ولي جيران ، وعندهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن ، فقال : « لاتفعل » ، فقال الرجل والله ما أتيتهن وإنما هو سماع اسمعه بأذني ، فقال : « بالله أنت أما سمعت الله تعالى يقول : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) » ؟ فقال : بلى والله وكأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله تعالى من عجمي ولا عربي ، لا جرم أني لا أعود إن شاء الله تعالى ، وأني أستغفر الله ، فقال له : « فاغتسل وصل مابدا لك ، فإنك كنت مقيماً على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك ، إحمد الله وسله التوبة من كل ما يكره ، فإنه لا يكره إلا كل قبيح ، والقبيح دعه لأهله ، فإن لكلّ أهلا » (1) .وعن عنبسة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت الماء الزرع » (2) ، وما ورد في حرمة شراء المغنية وأن ثمنها سحت ، كما في الكافي عن الحسن بن علي الوشاء قال : سئل أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن شراء المغنية ؟ فقال : « قد تكون للرجل الجارية تلهيه ، وما ثمنها إلا ثمن الكلب ، وثمن الكلب سحت ، والسحت في النار » (3) . وعن سعيد بن محمد الطاطري ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سأله رجل عن بيع الجواري المغنيات ، فقال : « شراؤهن وبيعهن حرام ، وتعليمهن واستماعهن نفاق » (4) . --------------------------- (1) الوسائل 331 : 3 ، ب 18 من أبواب الأغسال المندوبة ، ح 1 . (2) الوسائل 316 : 17 ، ب 101 من أبواب ما يكتسب به ، ح 1 . (3) المصدر السابق : 124 ، ب 16 ، ح 6 . (4) المصدر السابق : 124 ، ح 7 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 71 _إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة ، وهي كما علمت مطلقة لا يمكن تخصيصها ، وإن التزم بعضهم ببعضها على أنها مخصصات للحرمة ، إلا أنها لا تصلح للتخصيص حقيقة لا كما فهمه البعض ، ولا مجال لذكر ما احتجوا بأنها مخصصات ، وكون الحرمة مشروطة بانضمام بعض المحرمات كمجالس اللهو ، ودخول الرجال على النساء وغير ذلك ، على أن المعارضات التي ذكرها البعض لا تقوى على معارضة ما ذكرناه من أخبار التحريم ؛ لمخالفتها لكتاب الله وموافقتها للعلامة ، وهي مرجحات لا يختلف في العمل بها أحد ، فتبقى حرمة الغناء ذاتا على حالها غير معارضة بما توهمه البعض بأنها معارضات .هذا حكم الغناء في الشريعة ، والقصة المذكورة منافية لضرورات الدين ، ولإجماع الطائفة الحقة منذ عهد أئمتهم ( صلوات الله عليهم ) حتى يومنا هذا ، فكيف ينسجم واقعهم مع هذه الموضوعات بعد ذلك ؟ ! حقيقة الأمر ما هي ؟ ابن سريج نائحاً أم مغنياً ؟ وإذا أمعنا في بطلان هذه القصة وأمثالها ، فإن الإصفهاني يؤكد فيما يرويه في موضع آخر تنافي هذه القصة مع الواقع ، وتعارضها مع خبر النياحة الذي اشتهر بها ابن سريج . فقد كان ابن سريج نائحاً ، وكانت السيدة « آمنة » سكينة تتحرى موارد النياحة بما يساعدها على التخفيف من مصائبهم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، بل كانت النياحة أسلوباً جديراً في بيان ما أصاب أهل هذا البيت من فجائع ، وتصرفات الدهور وتقلبات الأيام ونوائبها ، لذا حرص أهل البيت ( عليهم السلام ) على النياحة كأسلوب مهم من أساليب بيان مظلوميتهم ، ومشاركة العواطف والأحاسيس العامة مع مأساتهم التي سببتها الأنظمة السياسية الطامحة إلى سحق كل القيم من أجل الوصول إلى الحكم والسلطة ، لذا حرص الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إلى أساليب النياحة حينما وجدوا أن أحاسيس الناس تشاركهم متى ما أظهروا مصائبهم . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 72 _فالإمام زين العابدين ( عليه السلام ) طلب من الطرماح بن عدي أن يتقدم الركب الحسيني المفجوع عند دخوله المدينة ، وينعى الحسين ( عليه السلام ) ، مما حدى بالناس إلى الاجتماع واستقبال الإمام ( عليه السلام ) وعائلته بشكل يتناسب وعظم المصاب ، بل وإدانة النظام كذلك ، فكانت محاولة ناجحة للاحتجاج على السلطة بشكل لم يبق لاعتذار أزلامها في الإقدام على قتل سيد الشهداء ( عليه السلام ) مجال .وهكذا كان الإمام محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) يخصص مبلغا في كل عام للنياحة عليه ( عليه السلام ) في منى إمعانا في إظهار مظلوميتهم ، وإشارة إلى ما بلغه النظام من تنكيل وتقتيل لأهل هذا البيت العلوي الطاهر ، حتى انه ( عليه السلام ) أوصى بندبه عشر سنين في منى ، وهو موضع اجتماع الحجيج ؛ ليتسنى للمسلمين معرفة ماجرى على أهل هذا البيت ( عليهم السلام ) من ظلم واضطهاد . وهكذا كان الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) يقيم مجالس النياحة على جده الحسين ( عليه السلام ) حينما ينشده السيّد الحميري ويأمر أهله بالجلوس ، والإمام علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) كان يأمر عياله بالاستماع إلى مراثي الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ينشدها دعبل الخزاعي ، فيبكون ويأمرون شيعتهم بذلك . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 73 _هذا هو ديدن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، يتحرون مواضع الندبة والبكاء على فجائعهم ، وليمعنوا في بيان مظلوميتهم ، لذا فإن السيدة « آمنة » سكينة بنت الحسين ( عليهما السلام ) كانت تستشعر هذا الإحساس ، وقد حرصت على إبراز ما تكنه نفوسهم الطاهرة من أحزان وآلام ، وهي لا تزال تعايش مصائب الطف ، وقتل إخوتها وأبيها بشكل مروع ، وتسييرهم أسارى من بلد إلى بلد ، وشعور الحزن والألم يتفاقم وهم لا يزالون مهضومي الحق ، مدفوعين عن مقامهم ، لذا فإنها ( عليهما السلام ) قريبة عهد بفجائع الطف ، والمناسب أن تتحرى ما يخفف من أحزانها ، ويعزز من موقف أهلها الميامين ببيان ما جرى عليهم ، والرواية التالية تؤكد هذا المنحى والاتجاه : قال أبو الفرج الاصفهاني : إن سكينة بعثت إلى ابن سريج بمملوك لها يقال له : عبد الملك ، وأمرته أن يعلمه النياحة ، فلم يزل يعلمه مدة طويلة ، ثم توفي عمها أبو القاسم محمد بن الحنفية ، وكان ابن سريج عليلاً بعلة صعبة ، فلم يقدر على النياحة ، فقال لها عبدها عبد الملك : أنا أنوح لك نوحاً أنسيك نوح ابن سريج ، فقالت : أو تحسن ذاك ؟ قال : نعم ، فأمرته فكان في الغاية (1) .هذه الرواية إذا ما قارناها بخبر غناء ابن سريج للسيدة « آمنة » سكينة ، وجدنا أن مصعب الزبيري قد افتعل الخبر ونسجه على منوال نياحة ابن سريج ، فاستبدل الزبيري مفردات هذه الرواية بوضع خبر الغناء هكذا : 1 ـ استبدال النياحة بالغناء . 2 ـ استبدال عبارة « أن سكينة بعثت إلى ابن سريج بمملوك لها يقال له : عبد الملك ، وأمرته أن يعلمه النياحة » بعبارة خبر أشعب كالآتي : قالت لأشعب : ويلك أن ابن سريج شاخص ! وقد دخل المدينة منذ حول ولم أسمع غناءه . --------------------------- (1) الأغاني 249 : 1 و 250 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 74 _3 ـ استبدال اسم عبد الملك وهو مملوكها باسم « أشعب » الخليع الماجن ، مدعيا الخبر ملازمته للسيدة سكينة ؛ لمضاحكتها ومؤانستها على غرار ما كان يفعله مع خلفاء بني أمية وآل الزبير ، فقد عرف « أشعب » بولائه لآل الزبير ، وهو ابن حميدة سيئة السمعة والصيت ، فقد كانت مولاة لأسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير ، ولها تاريخها الأسود بما ذكر عنها بأنها : كانت تدخل بيوت أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتحرش بينهن ، فأمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتعزيرها ، وقيل: دعا عليها فماتت (1) .وقال ابن حجر في لسان الميزان : كانت تنقل كلام أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعضهن إلى بعض فتلقي بينهن الشر ، فدعا عليها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فماتت (2) . هذا هو أشعب الذي تربى في بيوت الزبيريين ، ونقل عنه ملاحم العبث معهم ما شهدت به مطولات التاريخ ، فمتى أتيح له أن يكون مع سكينة بنت الحسين لا يفارقها ، وهو حليف عدو الهاشميين الألداء آل الزبير ، الذين عرفوا بمنافستهم لآل علي ( عليه السلام ) وعدائهم وبغضهم لهم ، وهو أمر لا يستقيم مع ماذكر من مرافقته للسيدة سكينة ، وفي الوقت نفسه فهو مولى لآل الزبير ؟ ! على أن مرافقة أشعب للسيدة سكينة « آمنة » ـ كما نقله الخبر ـ يتعارض مع القيم الإسلامية والأخلاقية التي عرف بها آل علي ، من ورع وقداسة وتقوى تأبى معها مخالطة الرجال الأجانب والاجتماع بهم ومؤانستهم . --------------------------- (1) الإصابة في تمييز الصحابة 275 : 4 . (2) لسان الميزان 507 : 1 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 75 _وبهذا تنكشف جليا محاولات الوضع والتزوير على السيدة سكينة ، وما بذله أعداء آل البيت ( عليهم السلام ) من محاولات انتقاص هذا البيت الطاهر ، ودفع ما عرف به أعداؤهم من العبث والخلاعة ، وإلصاقها بهم ، ونسج مغامرات اللهو على منوال ما عرف به أعداء أهل البيت وشانئيهم .محاولات وضع وتزوير أُخر : لم يكتف آل الزبير وأتباعهم في اختلاق القصص ووضعها ، بل أنهم حاولوا ابتداع أسلوب آخر من تزوير الحقائق ، حيث جعلوا بعض الأسماء الصريحة المعروفة بالخلاعة والعبث وادعوا أنها هي سكينة بنت الحسين ، وهو أمر يثير الاستغراب حقا ، فالأسماء الحقيقية لهذه الوقائع شخصيات أثبتها المؤرخون في مواقع عدة والأشخاص معروفين ، في حين تأتي الروايات الزبيرية فتلصقها بالسيدة سكينة بنت الحسين ظلما وعدوانا ، ونماذج من هذا الخرق الذي ارتكبه الزبيريون تبينه الأخبار التالية : 1 ـ روى ابن عبد ربه الأندلسي أن الأحوص قال يوما لمعبد : إمض بنا إلى عقيلة حتى نتحدث إليها ونسمع من غنائها وغناء جواريها ، فمضيا فألفيا على بابها معاذا الأنصاري وابن صياد ، فاستأذنوا عليها فأذنت لهم إلا الأحوص ، فإنها قالت : نحن على الأحوص غضاب ، فانصرف الأحوص وهو يلوم أصحابه على استبدادهم بها وقال :
--------------------------- (1) العقد الفريد 22 : 7 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 76 _إلا أن الإصفهاني لسذاجته نسب عقيلة هذه إلى أنها من ولد عقيل بن أبي طالب ، فقال : وللأحوص مع عقيلة هذه أخبار قد ذكرت في مواضع أخر ، وعقيلة امرأة من ولد عقيل بن أبي طالب (1) ، وأكذوبة الإصفهاني على أنها من ولد عقيل لم تكف آل الزبير ، حتى أمعنوا في التحريف فجعلوا عقيلة هذه هي سكينة بنت الحسين ( عليهما السلام ) .قال الإصفهاني في نفس الموضع : وقد ذكر الزبير ، عن ابن بنت الماجشون ، عن خاله أن عقيلة هذه هي سكينة بنت الحسين كنى عنها بعقيلة (2) ، هكذا أمعن الزبيريون في تزوير الحقائق ، واتهام السيدة سكينة بأمور تتنافى وأبسط القيم الإسلامية ، ووسموها بأقبح الصفات من البذخ واللهو والعبث ، ولم يكتفوا حتى قرنوها بالأحوص الذي قال عنه الإصفهاني بأنه : كان قليل المروءة والدين ، هجاء للناس ، مأبونا فيما يروى عنه (3) . 2 ـ قال أبو الفرج الاصفهاني : كانت سعدى بنت عبدالرحمن بن عوف جالسة في المسجد الحرام ، فرأت عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت ، فأرسلت إليه : إذا فرغت من طوافك فأتنا ، فأتاها ، فقالت: لا أراك يابن ربيعة إلا سادرا في حرم الله ، أما تخاف الله ؟ ويحك إلى متى هذا السفه ؟ ! قال : أي هذه ، دعي عنك هذا من القول ، أما سمعت ماقلت فيك ؟ قالت : لا ، فما قلت ؟ فأنشدها قوله :
--------------------------- (1) الأغاني 258 : 4 . (2) المصدر السابق . (3) المصدر السابق : 231 . (4) الأغاني 12 : 16 . وقد مر الحديث حول القصة والأبيات ، فراجع صفحة : 49 ـ 52 و 74 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 77 _هذا ما ذكره الإصفهاني من الخبر وقصة الأبيات ، إلا أن المحرفين لم يرقهم ذلك فحرفوه ، وجعلوه على ألسنة المغنين بلفظ « سكينة » بدل « سعيدة » وقد اعترف الإصفهاني بهذه المشكلة فقال :وهذا الشعر تغني فيه :
« أسعيد » ما ماء الفرات وبرده . . . « أسُكين » ، وإنما غيره المغنون ، ولفظ عمر ما ذكر فيه في الخبر (1) ، أي الخبر المتقدم . 3 ـ روى أبو علي القالي في أماليه قول عمر بن أبي ربيعة هكذا :
(2) الأغاني : 162 . (3) أمالي أبو علي القالي 305 : 2 . عقيلة قريش آمنة بنت الحسين ( عليها السلام ) _ 78 _فأبدلوا لفظة « قريب » بلفظ « سكين » أي ترخيم سكينة .4 ـ روى ابن قتيبة في المعارف: إن عائشة بنت طلحة تزوجها مصعب بن الزبير فأعطاها ألف ألف درهم ، فقال أنس بن زنيم الديلي لأخيه [ عبد الله بن الزبير ] :
--------------------------- (1) المعارف لابن قتيبة : 233 . (2) الأغاني 164 : 16 . |