النخل في تاريخ العراق ـ 91 ـ
إن التنظيمات لم تؤثر في التعامل المحلي ، وبصدور قانون الإعشار صار يلاحظ أمر الالتزام ، وما يتعلق بالملتزمين .
وأخذ الكفالة منهم إلى ما هنالك من أمور تتعلق بانضباطهم ، ويتناول موضوعهم الأحوال المتعلقة بماليتهم وبأشخاصهم وأن لا يكونوا من أعضاء مجلس الإدارة، أو ممن يدخل عضواً في إدارة الم زايدات .
وهذا أمر عام في أصول جباية أموال الدولة ، ولا يخص النخيل وحدها ، أو ينفرد بغيرها دونها .
أما مدحت باشا فإنه ذاكر الأهلين بذلك ، وأبدوا له مطالعاتهم فوافق على الجريب بعد المناقشات ، والمداولات مع أهل الخبرة ، فكانت قد عدت هذه الطريقة أسهل وأسلم من غيرها ، وليس فيها إجحاف بحق أحد .
ومن ثم كانت تجبى رسومات عن كل دونم (15) قرشاً سنوياً .
وألغي (الخرص) كما يفهم ذلك من القائمة المقدمة إلى (الباب العالي) .
فكانت تؤخذ المساحة كاملة ، ولا يترك منها ما هو غير مغروس ، ذلك ما دعا الناس أن يغرسوا الأ راضي الخالية ، وما يتحمله الجريب ، فلم تمض مدة حتى قام الأهلون بمهمة الغرس ، ونشطوا للعمل .
كانت واردات البصرة سنوياً (48) حملاً من النقود ، ثم بلغت بعد سنتين (70) حملاً ، وتجاوزت ذلك ، فانتفع الميري أكثر مما كان مأمولاً ، وجرى الأمر بانتظام وضبط تأمين .
أما المواطن البعيدة ، أو المنفصلة عن العمران فقد اعتبر لها طريق آخر في استيفاء الرسوم .
وذلك أن البصرة لم تكن مغروسة بأجمعها ، وبصورة متصلة ، وبعضها لم تغرس نخيلاً وانما تشاهد فيها أشجار ومحاصيل أخرى .
ومثل هذه يجب أن تنفرد بحكم
، ولكن الوالي مدحت باشا لم يرجع إلى الخرص بوجه ، وانما
النخل في تاريخ العراق ـ 92 ـ
رعى طريقة أخرى بان قدر النخلة الواحدة من (40) يارة إلى (3) قروش بصورة متفاوتة وعيّن لها رسماً مقطوعاَ
(1) .
وبذلك انتظم أمر النخل ، وجرت الدولة عليه بصورة دائمة لا تدعو إلى التذمر ، وليس من الصواب أن يقال انقطع التذمر .
ولا نازل نسمع بين حين وآخر اعتراضات وشكاوى ، ولكن دام الحال إلى وقت قريب منّا .
ويهمنا أن نعلم ما جرى ، وفي تاريخ الضرائب عبرة ، بها تتعيّن أخلاق الموظفين، وسلوك الدولة .
وهنا نقول : كان الأمر جارياً في البصرة على هذا المنوال نوعاً حتى حدث الاحتلال ، فأبقى الأمر كما كان ، ومضى في طريقه إلى أن تمّ تنفيذ (قانون الاستهلاك) الصادر في (16) تموز سنة (1933)م ، فكان مسبوقاً ببعض التحولات التي لا أهمية لها ، فكان ولا يزال معمولاً به .
وبموجب هذا القانون تأخذ الدولة ضريبة على الحاصل الذي يباع في الأسواق ، أو يدخل مخازن البيع ، وهكذا .
ولمعرفة تاريخ ذلك وتطوره تراجع القوانين العثمانية في الدساتير ، وقانون الأعشار وتعديلاته وقانون الاستهلاك وسائر القوانين في هذا الباب .
إلا أن الجمهورية العراقية الخالدة قد اتخذت تدابير جديدة بتعديل قانون الاستهلاك .
أقوال المؤرخين والسياحين
إن السيّاحين مؤرخون للحالة الحاضرة التي هي وضع مستمر إلى أيامهم ، نراهم يشاهدون ما لم يخطر ببال .
وما ذلك إلا لمألوفيتنا ، وفقدهم ما عندنا ، فينطقون بالمكانة ، ويقررون قيمة ما يكتبون لما يفاجأون به من أوضاع لم يألفوها ، وحالات لم يدركوها فتأتي الكلمة عفوا .
*************************************************
(1) تبصرهُ عبرت ص 100 ، وجريدة الزوراء عدد 13 الصادر في 1 جمادى الآخرة سنة 1286 هـ .
النخل في تاريخ العراق ـ 93 ـ
يهمنا أن نسمع أقوالهم ، لنكون على بينة ونتحقق ما هنالك من حقيقة ، وهؤلاء روّاد أهليهم ، وقد قيل الارئد لا يكذب أهله .
وجاءت أقوال مؤرخين عديدين في الأبّلة
(1) (العشار) ، من أقدمهم البلاذري والسمعاني وياقوت الحموي وعدوها من جنّات الدنيا .
وكتب جغرافية عديدة .
ومن أقدم السياحين ناصر خسرو قد بيّن في سياحته عن البصرة بيانات مهمة ، وكذا عن نهر معقل ، وأوضح أن الأبلة فيها أبنية عظمية ، وليس في العالم أكثر منها نضارة ولا بهجة .
ولما خرج من البصرة في منتصف شوال سنة (443) هـ ـ (1052) م ركب سفينة ومضى في نهر الأبلة لمسافة أربعة فراسخ شاهد خلالها البساتين والحدائق العديدة على ضفتي النهر .
وبيّن أن في كل جانب نهراً متفرعاً ، فلا تخلو مسافة إلا وفيها فرع من الأبلة .
وهكذا وصف ابن حوقل نهر الأبلّة موضحاً أن طوله أربعة فراسخ ما بين البصرة وبلدة الأبلة ، وعلى جانبي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد وقد مدت على خيط ... وفي آثار البلاد وأخبار العباد : أن الأبلّة طيبة جداً ، نضرة الأشجار ، متجاوبة الأطيار ، متدفقة الأنهار ، مونقة الرياض والأزهار ، لا تقع الشمس على كثير من أرضيها ولا تتبين القرى من خلال أشجارها .
وعد جنان الدنيا أربعة فكانت أبلة البصرة أحداها .
ومن السياحين :
1 ـ ابن بطوطة (2) قال :
*************************************************
(1) بسطنا القول فيها في جريدة البلاد في الأعداد الصادرة في 6 و 9 و 11 آذار سنة 1938 .
(2) التعريف بالمؤرخين ج 1 ص 201 ـ 205 ، وفية تفصيل ترجمة وكانت قد بدأت رحلت سنة 725 هـ ـ1325م وكان وروده العراق سنه 727 هـ ـ1326 م وورد بغداد في شوال سنة 748هـ ـ 1348 م .
النخل في تاريخ العراق ـ 94 ـ
(البصرة إحدى أمهات العراق الشهيرة الذكر في الآفاق ... ذات البساتين الكثيرة ، والفواكه والأثيرة ، توفر قسمها من النضارة والخصب ، لما كانت مجمع البحرين الاجاج والعذب .
وليس في الدنيا أكثر نخلاً منمها ، فيباع التمر في سوقها بحساب أربعة عشر رطلاً عراقية بدرهم .
ودرهمهم ثلث النقرة .
ولقد بعث إلي قاضيها حجة الدين بقوصرة تمر يحملها الرجل على تكلف ... ويصنع بها من التمر عسل يسمى (السيلان) وهو طيب كأنه الجلاب ... ثم ركبت من ساحل البصرة في سنبوق (سنبوك) وهو القارب الصغير إلى الأبلة وبينها وبين البصرة عشرة أميال في بساتين متصلة ، ونخيل مظللة عن اليمين واليسار ... ) 1 هـ
(1).
وفي هذا ما يعيّن كثرة نخل البصرة والأبلّة معاً .
2 ـ أبو الفداء (2)
قال في تقويم البلدان ما لا يقل عن هذا .
وبيّن أن جميعها بساتين ومزدرع .
3 ـ النخل في رحلة أولياجلبي (3)
قال (مؤرخو السلف عدّوا الكوفة والمدائن والعراق من الأرض المقدسة والحق أن أرضها صحراء مفرحة ، والأهلين فيها صيفاً وشتاءً في قلوب فرحة ، ووجوه حسنة ، وفي صحاريها القرى والقصبات معمورة خير عمارة بالخلجان والترع والعيون الجارية ، وجميع أنحائها لا تخلو من حدائق غنّاء ، وجنان نخل كأنها روضات الجنّات ، حارسها رضوان ، وبساتينها مشتبكة الأشجار .
*************************************************
(1) رحلة ابن بطوطة ج 1 ص 115 ، 117 طبعة مصر سنة 1938(60) التعريف بالمؤرخين ج 1
ص 168 و 169 .
(2) التعريف بالمؤرخين ج 1 ص 168 و 169 ) .
(3) أصله من استنبول ، ولد سنة 1020 هـ - 1611 م وهو ابن محمد ظلي الدرويش ، وكان والده (مذهبّاً) للسلطان ، يرجع إلى كرميان ومن أجداده أحمد يسوي الشاعر التركي المعروف ، ورحلته معروفة ، وتعد من أجل الرحلات ، وطبعت في عشرة مجلدات باللغة التركية واختصرها فيض الله بلبل مصاحب السلطان في مجلد واحد ، ورد بغداد يوم مولد الرسول (ص) سنة 1066 هـ ـ 1656 م .
النخل في تاريخ العراق ـ 95 ـ
وان جنان النخل فيها لا تخلو من فهود ونمور وآساد كثيرة .
يمتد نخيلها من البصرة إلى الإحساء ، وعمان ، والى الكوفة والنجف تشاهد بارزة للعيان ظاهرة في تلك الفيافي المحيطة بها .
وأنواع التمور تبلغ في العراق نحو سبعين نوعاً .
ومن بينها تمور جيدة كأنها العقيق اليماني ، ومنها تشحن مئات السفن إلى الهند وكذا تحمل مئات الألوف من الأبل تمراً ، يذهب العربان إلى ديار
همذان ، وبلاد أصفهان للتجارة .
تتوغل هذه النخيل في الصحاري ، ولا تخلو منها بقاع حتى اليمن ، ومكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، وليس لها صاحب أصلي ، وبينها ما يرتفع في سموه إلى أوج السماء .
وأن أمين عالي أفندي دفتري بغداد حينما كان فيها وصف النخل بقوله :
خاك بغدادي زين ايدن شجري ii
نخيل خرما صانير كورن iiأما طـوغلر دركه قالدي iiمنزلده ii
جـكيلوب كـيتدي لشكر iiخلفا |
ومعنى البيتين أن الأشجار التي زينت تربة بغداد يظنها من يراها أنها النخيل ، ولكنها الطوغات (نوع إعلام) بقيت في الديار حينما رحل عنها جيش الخلفاء .
والحق أن هذا الشاعر شبّه النخل بالطوغ ، فكان خير تشبيه ، فكل نخلة تضارع المنارة في سموها إلى العيوق ، وهي أشبه بالسرو العالي القد ، فلم أر مثلها في مصر ، ولا في السودان ، ولا في تلمسان في قدّها ا ارفعة رسها .
وفي شمال المدينة المنورة من الخارج طريق زيارة الحمزة (رض) نخل لا يتجاوز طوله علو القامة ، ولم أشاهد نخلاً بهذا الارتفاع .
وتأتي بعذق وآخر من التمر في كل سنتين أو ثلاث سنوات ويكون في متناول كل أحد ، فكان ذلك معجزة الرسول (ص) ، وكأنها عنب .
النخل في تاريخ العراق ـ 96 ـ
وعمرانها ، وأنهم في سرور دائم ، وخي ا رت وبركات متكاثرة ، بفضل أدعية العلماء الكمل والأنبياء العديدين .
وفي أرض العراق كنوز عظيمة ، ودفائن جواهر جسمية ، وخبايا كثيرة ومطالب عزيزة تعدّ بالألوف ، وفيها من الطلسمات الغريبة التي نسخ حكمها ما يعد بالمئات ، فيدعو لحيرة المرء .
وقال اولياجلبي :
أن جانب الكرخ يحوي نحو ألفي بستان وحديقة من النخيل ، ومعمورة أيضا
(1)
هذا وأن عمر النخيل التي ذكرها لا يتجاوز في البصرة الثمانين سنة في الأغلب في حين أن ثمرتها تتقدم ، وأما في لواءي بغداد وديالي فأنه ربما يبلغ المائة أو المائة والعشرين سنة كما فهمت ذلك من أناس عارفين ، ويتأخر ثمر النخلة في لواءي بغداد وديالي كما يتأخر عمرها .
ويعين عمرها مقدار كربها في صف أو في صفين اثنين .
وهذا لا يختلف فيه اثنان وتابع لقواعد ثابتة ، فهو أشبه بمقطع الأشجار الأخرى من ساقها ، فإن ذلك يعين عمرها ...
4 ـ مشاهدات نيبور قال الأستاذ نيبور في رحلته :
(في بقاع قليلة من العالم فقط ، يمكن العثور على كل هذه الأصناف العديدة من التمر ، كالأصناف المتوفرة في البصرة ، حتى أن العرب يقسمون هذه الأصناف ، كما هو الحال في أدويتهم ، إلى صنفين :
بارد وحار يعد أولهما مفيداً والآخر مضرا بالصحة ، إلا أن هذا التصنيف لايبين شيئاً بصورة عامة إلا في الإفادة بأن الصنف الذي يطلق عليه بلغة العامة اسم (البارد) يكون له طعم شهي وسعر غالٍ ، بينما يتوفر الصنف (الحار) بكميات كبيرة ، كما أن سعره رخيص ، ويكون الغذاء .
*************************************************
(1) رحلة أوليا جلبي ج 4 ، ص 432 .
النخل في تاريخ العراق ـ 97 ـ
الأساسي لفقراء الأهالي .
يعتبر النوع المسمى بالتمر الخستاوي ، أفضل الأنواع قاطبة وذلك لأنه لا يثقل على المعدة ، مهما كانت الكمية المتناولة منه بينما يعد النوع المسمى (بالزهدي) أردأ تمر في البصرة لتسبيبه غازات كثيرة .
وهو يعطي هناك للحيوانات كما يصنع منه الكحول .
والفقراء فقط ممن لا يستطيعون شراء طعام أفضل يسدون به جوعهم ، يكتفون بتناوله .
ولا ينظر في بغداد إلى هذا النوع بمثل هذه الاستهانة وربما ينمو هذا النوع من التمر في تلك التربة بشكل أفضل أو لا توجد في بغداد أصناف متعددة من التمر لغرض الانتخاب ، كما هو الحال في البصرة .
ونورد هنا الأنواع التالية بين أنواع التمر الأخرى التي تنمو في البصرة :
حلاوي ، استعمران ، شكر ، جوزي ، ديري ، خصاب ، خضراوي ، اسرسي ، بريم ، مكتوم ويوجد هذا النوع بجنسين أحدهما أحمر والآخر اصفر ، قنطار ، لولوي ، تمر بنت السبع ، خنيزي ، أصابع العروس ، ودكل وهذا أحمر وأصفر ، اشكر (جبجاب) ، (خصاوي البغل ) Tschabschab Schiis (حطري) Hottrie ، كسب (جسب) Kissib ، ( لعله بوبكي ) Bumkie مدادي Moddad وابراهيمي
(1) .
وجميع هذه الأصناف من التمر تستخدم لصنع الدبس الذي يتناوله الأعراب مع الخبز ولكن النوع الحلو من هذه التمور والمسمى بالحلاوة وهو أنسبها لصنعه .
ونواة التمر الصلبة ، هي الأخرى لا ترمي ، بل تحفظ لعلف الحيوانات وأظنني قرأت في أحد كتب الرحلات أن العرب في البصرة إذا شاؤا عرس نخلة جديدة فأنهم يعمدون إلى تكديس كمية كبيرة .
*************************************************
(1) وقد سمعتهم في بغداد يتحدثون عن الأصناف التالية فقط من التمر : خستاوي ، زهدي ، أصابع العروس ، دكل ، إبراهيمي، بيدراية Om Fattel , Kusi قوزي خورماسي ، Barben ( سعادة) ، (بربن ) Saade Owaraie كاوي ، Aescharsi سكّري ، ( اشرسي) Mrassa ، مرصع ، churmasi .
النخل في تاريخ العراق ـ 98 ـ
من نوى التمر يضعونها بشكل مجموعة أهرام الواحدة فوق الأخرى على الأرض، أما الآن فأنهم لا يبذلون كل هذا الجهد ، إذا على العكس من ذلك تغرس النخلة من نواة واحدة ، بل أن الحاجة لم تدع حتى إلى زرع النواة لتوفر الفسائل بدرجة كافية .
والفوائد المتعددة لمختلف أجزاء النخلة معلومة منذ
مدة طويلة)
(1) .
5 . النخل في سياحتنامه حدود
عدّ صاحبها مقاطعات شط العرب في ضفتيه ، وسائر مقاطعات البصرة ، وما كان في جزائر شط العرب .
وقال : غالب محاصيل هذه المقاطعات التمر .
وتزرع بعض الحبوبات بقلة إلا أنها لا تكفي أقوات الفلاحين اليومية ، وليس للملاكين حصة منها .
وهذه المقاطعات متفرعة من شط العرب ،
ومن كارون ، وبهمشير وما تفرع منها من أنهار وخروق أو سواقٍ ، وبينها ما يعود لإيران .
وكل مقاطعة تحوي بعض أكواخ الفلاحين وصرافهم وقلعة يقال لها الكوت
(2) .
وأكثر مأكولاتها التمر وأن كانوا لا يخلون من أرز وخبز .
وقل أن يشاهد الخبز الآخر منهم .
وذكر من ملابسهم زبون ومشلح وأثواب وكيفية وعقل ...
*************************************************
(1) مشاهدات نيبور في رحلته من البصرة إلى الحلة سنة 1765 ترجمها عن الألمانية الأستاذ سعاد هادي العمري ، طبعت ببغداد بمطبعة دار المعرفة سنة 1955 ص 31 ـ 33 .
(2) الكوت : هو القلعة الحصينة وتصغيره الكويت ، واللفظة هنية قطعاً ولم تكن برتغالية وقد سميت مدن كثيرة بهذا الاسم أو باسم ( قوت ) ومنها ( راجكوت ) التي ينتسب إليها صديقنا الأستاذ الفاضل الشيخ عبد العزيز الميمني الراجكوتي وكذا وردت (قالقوت) أي (قلعة قال) البلدة المعروفة في بلاد الهند ووردت في المؤلفات العربية مما يدل على قدم اللفظة وضبطها الرحالة ابن بطوطة (قالقوط) هي أحدى البنادر العظام ببلاد المليبار (الرحلة ج 1 ص 115 مطبعة مصطفى محمد بمصر سنة 1938 ) وتسمى الآن (كاليكوت) وهي التي وصلها ابن ماجد مع (فاسكودي جاما) وفي الجمهورية العراقية (الكوت) قاعدة أحد الألوية وقرى باسم كوت الزين وكوت معمر وكوت جار الله في لواء البصرة وكوت محينة في سوق الشيوخ من لواء الناصرية
=
النخل في تاريخ العراق ـ 99 ـ
ثم قال :
المزارع والبساتين هناك تجري بحساب الدونم .
أما النخيل وجناتها فإنها تقدر بالجريب ، وذلك أن الذراع هو مسافة ما بين المرفق وطرف الأصبع الوسطى وكل ستة أذرع تعتبر عصا .
وكل عشرين عصا طولاً ، ومثلها عرضاً من المساحة السطحية المربعة يقال لها (الجريب) وهو (400) عصا مربعة .
وأن كل جريب يكفي لغرس ثمانين نخلة .
أما إذا تجاوزت ذلك جرى تضييق على النخيل وقد يبلغ المائة ، وحينئذ يقلّ حاصلة ، وكل جريب من النخيل يأتي من الحاصل خمس كا ا رت صغار .
وأن كل كارة تأتي بعشرين بطماناً في البصرة من التمر ، وأن كل بطمان بصري يقدر بخمسين (أوقية) استنبول فتكون كل كارة تمر ألف (أوقية) استنبول .
وأما الكارة الكبيرة فأنها ضعف تلك .
وقيمة كل كارة من التمر تساوي (30) شامياً إلى (130) شامياً ، وأن معدّل ذلك من القيمة يبلغ 50 شامياً تقريباً .
تكون قيمة الكارة المعدلة (400) قرش باعتبار أن الشامي (8) قروش .
وهذا هو السعر العام للتمر ، ويحتمل الزيادة والنقصان .
وهذه المقاطعات جرى التعامل فيها بين الفلاحين و (التعابة) وأصحاب الأرضين بطريق المقاسمة على نصف الحاصل ، والفلاح يأخذ الربع من الحاصل ويترك لصاحب الأرض الباقي ، وفي
*************************************************
=
، وجاء في (سياحتنامه حدود) ص 12 ما ترجتمته : ( الكوت هو بوزن حوت مأخوذ من اللغة الهندية ويؤدي معنى القلعة في العراق أطلقت على القلاع التي تصنع من طين وجملة من الأماكن تسمى بهذا الاسم) عندي مخطوطتها الخزائنية تأليف خورشيد باشا وهي النسخة المقدمة للسلطان عبد المجيد 1272 هـ ، وكوت الاحساء ما كان مشتملاً على وسط المدينة المحتوي على السور الأول دون غيره وهو محل إمارتها ،أما الكويت فأنها عرفت في مدوناتنا التاريخية من سنة 1203 هـ وما بعدها إلى يومنا هذا كما في تاريخ العراق بين احتلالين من المجلد السادس إلى المجلد الثامن ويرجع تأسيسها على ما يظن إلى بني خالد أو إلى براك بن عريعر من أمرائهم في أواخر القرن الحادي عشر وكذا في (صفحات من تاريخ الكويت) تأليف الأستاذ يوسف بن ، عيسى القناعي : الطبعة الثانية 1374 هـ - 1954 .
النخل في تاريخ العراق ـ 100 ـ
بعض المقاطعات الأميرية يجري الأمر على هذا بأن يأخذ الفلاح ربعاً ، ويترك الباقي للحكومة .
وبعض المقاطعات في تصرف الفلاحين (التعابين) وحسب تحمل تلك الأرضين يقرر عليها بدل مقطوع على كل جريب إما عيناً واما نقداً كما في مقاطعة الدواسر ، وفي نهر جاسم فإنها تقاسم على الربع للفلاح وثلاثة أرباع للملتزمين .
وأن بعض المقاطعات التي في تصرف الفلاحين فتحصل رسومها على هذا الوجه: مقاطعة
السراجي عن كل جريب 8 شاميات، ومقاطعة اليهودي (تسمى الآن الحمزة) فيؤخذ عن الجريب 9
شاميات وربع
(1) .
ومن هذا يفهم تقريباً ما جرى هناك ، ولكنه لم يكن على سبيل الاستقصاء بل أن المؤلف رأى ناحية وقاس عليها الأنحاء الأخرى، أو كان ذكره عاماً ، ومجملاً ، ومن ثم نرى بعد مدة قليلة تحول الرسوم والضرائب ، فلم تجر على هذا المقياس وذلك أيام مدحت باشا مما مر تفصيله .
وتهمنا الإشارة إلى أن هذه الأمور لا تتغير إلا أن ذكرها أحيانا من سيّاح لا يدل على عدم وجودها قبله ، وانما الحالة مطردة ، وأن بيانات صاحب السياحة كافية وافية بالغرض إجمالاً إلا أنه لم يقدم إحصاء بالتمور ولا بالرسوم المستوفاة ، ولا ببدلات الالتزام لاختلاف الحكم وعدم الاطراد .
هذا ، ولو رجعنا إلى كل أقوال السيّاحين والمؤرخين لبلغ التكرار محله من السياحات العديدة ، وكفى أن نبين ما بينّا، ويعد أصلا .
ومن أرتاد الاستقصاء وذكر كل ما قيل فإن الباب مفتوح للمتتبع .
*************************************************
(1) سياحتنامه حدود مخطوطه خزائنية في خزانتي ص 24 ، وصفتها بسعة في المجلد الثاني من عشائر العراق ج 2 ص 8 .