73 ـ عوينة أيوب : في ششاثة والرحالية .
  74 ـ عَوَيْدي : نوع دقل ، جيء به من البصرة إلى لواء ديالي .
  75 ـ فلاح .
  76 ـ قلم حاج . اصله (قلعة مير حاج) محلة في مندلي فخفف ويقال له (مير حاج) .
  77 ـ كَصيباوية (قصيباوية) .
  78 ـ كنظار (قنطار) .
  79 ـ مانعي .
  80 ـ مايع .
  81 ـ مبكار .
  82 ـ مصطفى أغا .
  83 ـ معيرب خستاوي .
  84 ـ مكاوي أحمر .
  85 ـ مكتوم : في الحلة وبغداد وسائر الألوية التي فيها نخل .
  86 ـ مكتوم أحمر .
  87 ـ نباتي .
  88 ـ نجدية : في كربلاء .
  89 ـ نُهَيْرسِلّي .

النخل في تاريخ العراق   ـ 51 ـ
والتمر من هذه الأنواع يكون :
  1 ـ خلالا : وهذا مطبوخ أو غير مطبوخ .
  2 ـ منكَداً .
  3 ـ منصفاً .
  4 ـ شبه (ناضج) : ويسمى (لاحقاً) .
  5 ـ جامداً (مجموداً) .
  6 ـ شتوياً : خيرياً .
  7 ـ هرفياً : هو الاعتيادي ، ويختص بالتسمية ما كان شتوياً فقط .
  8 ـ أحمر .
  9 ـ أصفر .
  10 ـ مدعبل : مدوّر ، مدحرج .
  11 ـ جوزي : اختص بعضه بالتسمية بهذه الصفة .
  12 ـ غرقانة (غركَانة) .
  وهذه الأوصاف لا توجد في كل التم وانما بعضها ينعت ببعض هذه النعوت .

النخل في تاريخ العراق   ـ 52 ـ
  النخل والتمر (في الأرجاء العربية)
  أن غرس النخل وتكثيره من الفسيل ، أو من النواة متقارب ، ولا يختلف كثيراً ودرجة العناية تابعة للقلة أو الكثرة .
  وربما كان لصلاح التربة أو تعهدها من رجاءاً قلة صلاحها .
  والعمل متقارب نوعاً ، وفي البصرة الحالة ملائمة في تربتها ، ورطوبة جوها ، ووفرة مياها ... وفي الأقطار الأخرى نرى العناية تابعة لتعويض ما فات من نقص بقدر الإمكان .
  وما علينا عن بعض الأقطار العربية يصلح أن يكون نموذجاً .
  ومع هذا لم تحصل لنا الإيضاحات الوافية عن كل قطر ، فلم تصل نشرات أو رسائل توضح ما هم عليه في تربية الغرس ، والعناية بـ (النخلة) ، وبـ (تمرها) أو (ثمرتها) .

1 ـ في المملكة العربية السعودية
1 ـ في الإحساء
  وفيها من أنواع النخل الخلاص وهو أبيض اللون إذا كان رطباً، وأصفر اللون إذا كان تمراً ، وهو لذيذ الطعم وفيه يقول العلامة الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي العبد القادر :
وغـانية عـصيت الـلوم فيها      ii
فـمالي مـن هواها من iiمناص
فـكم اجـني لـذيذاً من iiجناها      ii
أحـب إلي من رطب iiالخلاص
تـقول جـنيت بالتقبيل iiفاغرم      ii
فـقلت لـها هلم إلى iiالقصاص
جـزاء الـحق مـثلي iiبـمثل      ii
فقالت  قد عفوت على الخلاص
لـعمري أنـت يعقوب القضايا      ii
وانك في الدها عمرو بن عاص

النخل في تاريخ العراق   ـ 53 ـ
  ومن أنواع النخل ما يأتي مبكراً في برج السرطان وهو (الطيار) ويأتي في أول هذا البرج و (الكاسبي) و (المخباز) و (الحليلي) و (البربكي) و (الغر) وهو من النوع الذيذ الطيب وكلها تؤكل رطباً في برج السرطان .
  ومن أنواع التمور (الرزيز) وهو أكثرها ويكون ثمره أسود إذا حرقت أرضه أو سمّد بالرماد والا يأتي أحمر اللون والأحمر من تموره غير مرغوب فيه ، و (الشيشي) وتمره من التمور اللذيذة وهو أحمر اللون في أعلاه طوق أبيض .
  و (الشيشي) وهو سمين يغيب فيه الضرس ، لذيذ الطعم و (الحاتمي) وهو أصفر اللون لذيذ الطعم . فهذه الأنواع الطيبة من التمور ، أما (الوصيلي) و (الزرعي) و (الكبكاب) و(الخصاب) فهي من التمور التي تعلف بها الدواب غالباً ومن أنواع التمور ما تؤكل غالباً رطباً وتم اًروهو (الخنيزي) و (المحمي) و (المرزبان) و (الحريزي) .
  ومن الأنواع ما يأتي متأخراً وأوله في برج النسبلة ويتأخر غالباً إلى برج القوس وهو (أم رحيم) و (الشهل) و (التناجيب) و (البرحي) وهو قليل في الإحساء ، وفد إليها من البصرة منذ سنين قريبة و (الحلاوي) و (الهلالي) ،ونوع من (الخصاب) الأحمر ، وأنواع كثيرة تركناها اختصاراً (1) .
  2 ـ أصناف تمور مقاطعة الهفوف (الإحساء)
  الأصناف التجارية المهمة هي : الخلاص ، الرزيز ، الشيشي ، الشبيبي ، الحاتمي ، الغرة .
  الخلاص : من التمور الصفراء الشفافة اللينة المتوسطة الحجم ، ممتازة في دوري الرطب والتمر أجود تمور الإحساء ولا نبالغ إذا قلنا أنها أجود صنف تجاري بالعالم .
  يعتمد عدد نخيل هذا الصنف بنسبة 20 % من نخيل الهفوف .

*************************************************
(1) تحفة المستفيد بتاريخ الإحساء في القديم والجديد ، تأليف الشيخ محمد بن عبد الله بن عبد المحسن آل عبد القادر الانصاري الإحسائي ، اشرف على طبعه وعلق عليه بعض الحواشي الأستاذ العلامة الشيخ حمد الجاسر ، طبع في مطابع الرياض سنة 1379 هـ 1960 م ص 51 ـ 52 .

النخل في تاريخ العراق   ـ 54 ـ
  الرزيز : التمر الذهبي داكن ، متوسط الحجم ، مستطيل ، لين ، غزير الحمل ، جيد .
  أكثر التمور انتشاراً في الهفوف .
  الشيبي : من التمور اللينة ، متوسط الحجم ، مستطيل ، أصفر ضارب للخضرة ، يقدر عدده بعشر نخيل الواحة والواحدة .
  الغرة : من التمور اللينة ، متوسط الحجم بيضي الشكل ، ذهبي ، مسمر غزير الحمل ، تنتابه عاهة التحشف وهو في دور البسر (الخلال) خاصة في النخل الفتي .
  وهناك أصناف أخرى جيدة الصفات إلا أنها أقل أهمية من الوجهة النجارية ومنها : الوصيلي ، دعالج ، حريزي ، خدج ، عذابي ، ازملي ، ابريحي ، كاسبي ، جبيلي ، سنيني ، زنابير ، محمي ، تناجيب ، طيار ، حليلي ، مجناز ، شهل ، أم ارحيم ، هلالي ، صبو ، خصاب .
  فالتمور المبكرة هي : الطيار ، الحليلي ، المجناز ، الغرة .
  والتمور المتأخرة هي : التناجيب ، الشهل ، أم ارحيم ، الصبو ، الهلالي ، الخصاب .
  وتوجد أصناف كثيرة أخرى لا أهمية لها كما توجد ادقال كثيرة والذي شجع تكثير الادقال هو زراعة الافحل من النوى .
  ذلك لأن ما يقرب من نصف النوى الذي ينمو ويكون نخلاٌ يكون إناثاً ولا يمكن تفريق الإناث عن الذكور حتى تثمر ، واذا أثمرت الفسيلة كانت لها قيمة حينئذٍ ويستقبلها الزراع فيزيد بذلك ادقاله (1) .
  والملحوظ :   إن بعض هذه الأجناس مشترك في هذا المصدر وسابقه وفي كل منهما إيضاح ليس في الآخر فثبتناهما معاً .

*************************************************
(1) مجلة الزراعة العراقية ج 8 ، ص 656 و 657 .

النخل في تاريخ العراق   ـ 55 ـ
  3 ـ نخل نجد وتمرها   احيمصية ، اشقر ، أصابع العروس ، أم الأصابع ، أم البيض صفراء ، أم حمام بيضا ، أم حمام صفراء ، أم الخشب ، أم رحيم ، أم كبار ، أم النحاوة ، برحية ، بريمة ، بيدنجانة حمراء ، تناجيب ، خصى البغل ، الجامدة ، جوزة حمراء ، جوزة صفرء ، جيب غراب ، حساوية ، حلوة البسر ، حلوة صفراء ، حلوة عربية ، حلوة عرينية ، حلوة المدينة ، حلوة واسط ، حمرة المذنب ، حميلية ، خصيّة (بالتصغير) ، خضيرية حمراء ، خنزير ، الخوخة ، الذاوية ، رزيزي ، رسينية صفراء ، رشودية ، روثانة بيضاء ، روثانة صفراء ، شقراء ، حمراء ، زلفية حمراء ، سالمية سداوية ، سكرية القرعا ، سكرية الجمعة ، سكرية زعاق ، سكرية القدهي ، سكرية المذنب ، سلجة ، صبيحة حمراء ، صقعية ، طيارة ، غريبية ، الفحلة ، قطارة حمراء ، قنطارة ، قهارة ، كُلْ واشكر ، كُلْ والتذ ، لاحمية صفراء ، متروثنة ، مسكانية ، المصياف ، مفرحة ، مكتومية ، منيعية حمراء ، منيعية صفراء ، نبتة ابن ارشد ، نبتة الحصان ، نبتة حوشان ، نبتة السعيد ، نبتة سيف ، نبتة شعا ، نبتة الصرينح ، نبتة العقيلي ، نبتة عيد ، نبتة محمد ، نبتة مزعل ، نبتة منيف ، نبتة يوسف ، ونانة حمراء (1)
  4 ـ أصناف نخيل المدينة
  من أصناف النخيل المشهورة في المدينة ما يأتي :
  1 ـ العنبرة : نخيل هذا الصنف قليل وعزيز .
  الثمرة كبيرة الحجم جداً مستطيلة الشكل .
  حمراً في دور البسر .
   يرغب الحجاج شراء هذا التمر وان سعره مرتفع .
  النخلة متوسطة الحمل يتأخر نضجه .

*************************************************
(1) مجلة لغة العرب ج 9 ص 758 ـ 768 وفيها تفصيل .

النخل في تاريخ العراق   ـ 56 ـ
  2 ـ العجوة : تأتي بعد العنبرة من حيث ارتفاع السعر يرغبها الحجاج لورود حديث فيها .
  الثمرة حمراء في دور البسر مستديرة الشكل متوسطة الحمل ، قليلة الانتشار ، تحتاج إلى كمية كبيرة من اللقاح لعقد الثمار .
  3 ـ الشلبي : من الأصناف الممتازة ، الثمرة كبيرة الحجم اسطوانية غليظة البسر محمر معظم تمرها يصخل (يشيص) (1) أما شيص هذا الصنف فكبير الحجم ويباع بثمن يفوق ثمن التمر الطبيعي لرغبة الحجاج الهنود فيه .
  وهذا الصنف شبيه بصنف الحويز الموجود في البصرة ، حمل النخلة عادة قليل .
  4 ـ الصفاوي : الثمرة بقدر ثمرة الشلبي ، البسر أحمر اللون ، النخلة غزيرة الحمل .
 ويعتبر من الأصناف الممتازة .
  5 ـ الحلوة : من الأصناف التي يرغب الا زرع المدني في زرعها .
  البسر أحمر متوسط الحجم ، يؤكل ثمرة في أربعة أدوار : في دور البلح وهو أخضر ، في دور البسر ، الرطب ، والتمر ، يلقط البلح من الشماريخ ويدفن بالتبن لمدة 24 ساعة ثم يباع باسم سريان .
  وهذا مما يخفف من حمل النخلة الذي في العادة يكون غزيراً يبلغ حوالي 24 مداً (2) تشحن ثمارها في أدوار البسر والرطب والتمر إلى جدة ومكة حيث تباع بأسعار مرتفعة .
  الأصناف ذات البسر الحلو :
  الخالي من المادة القابضة هي : الحلوة ، الحلية ، روثان ، سكرة ينبع . وقد يغلي بسر هذه الأصناف ويجفف ويباع كقلائد . (خلال مطبوخ)

*************************************************
(1) الشيص : أو الصخل كما يبسميه المدنيون هو التمر الخالي من النوى بسبب عدم تلقيحه .
(2) المد : كيلة تساوي ثلاثة اصواع وصاع التمر يساوي حوالي 3150 غراماً .

النخل في تاريخ العراق   ـ 57 ـ
  الأصناف المبكرة : الحلية ، الربيعة ، روثان ، سكر ينبع ، الخضرية .
  الأصناف المتأخرة : السويدة ، البرطجي ، الحلوة .
  يقدر عدد أصناف تمور المدينة المنورة بمائة وعشرين صنفاً حسب إحصاء دائرة الزراعة في المدينة المنورة (1) .
 ملحوظة :
  ;عقد مؤتمر دولي للتمور في تونس من 4 ـ 12 تشرين ثاني سنة 1950 ولم تتيسر لنا معلومات مفصلة عنه سوى ما ذكره الأستاذ عبد الجبار البكر فإنه تعرض لذكر التمور في الجمهورية التونسية فاقتضت الإشارة إلي (2) .

*************************************************
(1) مجلة الزراعة العراقية ، ج 9 ، ص 21 و 32 ، من مقال للأستاذ عبد الجبار البكر ثم أعقبه بنشر جدول مرتب على حروف الهجاء في أسماء تمور المدينة المنورة ، كما تناول بحوثاً عديدة في نخيل وتمور المملكة العربية السعودية نشرها في المجلة المذكورة ج 8 ، و 9 .
(2) مجلة الزراعة العراقية ، ج 6 ، ص 127 ـ 138 و 244 ـ 260 .

النخل في تاريخ العراق   ـ 58 ـ
أمراض النخيل والتمور
  قد تصاب النخلة في جذعها ، أو في سعفها ، وجمّارتها وما مائل من حوادث طبيعية كالريح العاصف ، أو الثلج المتساقط ، أو الجراد الذي يأتي بكثرة في بعض المواسم ، وكلّها من الأمور التي ليس في وسع المرء صدها ، أو اتخاذ تدبير ناجح للخلاص منها إلا قليلا .
  وأما الأمراض والعوارض الخاصة فهي :
  1 ـ الدوباس :
  وهذا يصيب النخلة فتخرج منها عصارة أشبه بالدبس وكأن النخلة قد طليت بقطران ، فيغشاها السواد .
  وهذا المريض فتاك مؤثر على الحاصل .
  وكثرة الأمطار تشفي النخيل من علّته ، أو تغسله مما أصابه .
  وان التدابير الفنية فيها كلفة كبيرة وربما تكون قليلة الجدوى .
  2 ـ الجرنيب :
 وهو عارض يؤدي إلى تآكل جذع النخلة ، ولا شك في أنه دودة سوداء تأكل العذق ، والجرنيب الأبيض يأكل الجذع فتموت النخلة .
  3 ـ التنجيم :
  هذا من علل النخل ، ويؤدي إلى موت النخلة وذلك بأن تصفر فتيبس .
  4 ـ الشيص :
  ويحصل من نقص في التلقيح ، أو فقدانه ، فلا يكون النتاج صالحاً أي لا يصير تمراً ، وانما يسمّى بالشيص .

النخل في تاريخ العراق   ـ 59 ـ
  5 ـ المضروب :
  وهذا التمر قد يلحق قشرته ما هو أشبه بالغبار فتذهب منها نضرتها ولذتها وطراوتها ، وهناك ما يسمّى بالمضروب إذا كان قبل نضجه يلتقط ، أو مما تساقط من النخلة ، فيعمل فيه عمل صناعي بضربه بآلة صلبة فتؤثر فيه ويصير أشبه بالرطب سواء قبل اصفرار البلح ، أو بعد اصفراره ، وقبل نضجه .
  6 ـ الشوراث :
  هو أن يستولي ما هو أشبه بالدود الصغار الحمر .
  أو يصير فيه الدود فيبدل من طعمه ، ولا تقبله نفس آكله .
  7 ـ التحميض :
  قد يصيب المطر التمر بعد التقاطه ، أو وهو في جذع النخلة فتتولد فيه حموضة ، وربما تنعدم الفائدة منه إذا كان الطر قد سبق أوانه ، وصار هرفياً ، فيتضرّر أصحاب التمر من جراء ذلك .
   ولم تتخذ وسائل فنية لإقتطافه في حينه قبل أوان المطر .
  8 ـ الحشف :
 وهذا تيبس فيه التمرة ، فتكون غير صالحة للأكل .
   وسبب ذلك حضرة يقال لها (الحميرة) ولم يتخذ لها تدبير لحدّ الآن، وقد تستولي على العذق كلّه ، أو على عذوق النخلة جميعها .
 9 ـ خياس طلع النخيل (1) :
  وعلى كل حال إن طرق الوقاية في مثل هذه الأمور قليلة ، وبعضها يمكن تدارك خطرها .

خرافة شائعة في نخيل البصرة :

*************************************************
(1) مجلة الزرعة ، خياس طلع النخل ، ج 4 ، ص 182 ـ 186 ، ومرض خياس طلع النخيل وطرق الوقاية منه ، ج6 ص ، 259 ـ 298 للسيد عبد الرزاق الأعظمي ، وج 15 ، ص 19 ـ 24 ، خياس طلع النخيل انتشاره وعأرضه ومكافحته للسيد خالد الدباغ ، وآفات النخل والتمر في المملكة العربية السعودية من مقال للأستاذ عبد الجبار البكر ج 8 ، ص 657 ـ 659 .

النخل في تاريخ العراق   ـ 60 ـ
  1 ـ إنك لو التمست ذبابة واحدة على الرطب في البساتين لما أمكن أن تجد شيئاً منها ، وهكذا لا تعرف في المعاصر والمكابس ... ومثل هذه كما يظهر أن الذباب يهلك بيضه بسب ما فيه من مادة التصاقية فلا يعيش الذباب ، ولا يستطيع أن يفرخ ، ومن ثم لا يصير هناك ذباب .
  2 ـ إننا لا نجد غراباً على التمر ، أو غراباً ساقطاً على النخلة في بساتينها ، قالوا ولولا لطف الله تعالى لتساقطت ثمرات النخيل بنقر الغربان وزعم بعضهم إن ذلك نتيجة طلسم عليها ، ومثل هذه تعزى لأسباب طبيعية ، ورأى آخرون أن الغربان من آكلة اللحوم والجيف فلا تعيش على مثل هذه أو كان الباعث غي ذلك مما لم نتمكن من معرفته ، فلا يعوّل على أقول مثل هذه ، ولعلّ الأخير أقرب .

النخل وغرسه
  إن البدو عندنا في أول خطوة يميلون إلى الأرياف وعيشتهم بدوية إلا أنها تتقدم إلى الحضارة وهي أنها تزرع أرضاً ، فتستقر ، وهذا الاستقرار لم يفقد من عوائدهم إلا القليل ، فيمضون إلى الزرع وهو استقرار نوعاً ، أو تنقل محدود غير متوالي ، وخطوة أخرى تجعلهم كأنهم قد غرسوا في الأرض فنبتوا فيها وذلك عندما يتولون الغرس ، فكأنهم يغرسون أنفسهم ، فلا يطيقون الانصراف عنها ، أو مازيلتها ، وهذه أكبر خطوة إلى الحضارة ،وبسببها تتكون القرية ، ولا تحيد عن مكانها ، وما الحضارة إلا أن تعظم هذه القرية ، وتكبر حتى تصير مدينة ، أو عاصمة ... فالغرس أكبر وسيلة لتوطين العشائر وتحضيرهم واستقرارهم في مكان بعينه ، وهذا لا يأتيه البدوي رأساًولا يطيقه ابتداءً فلا ترى بدوياً مال إلى المدن أو إلى الغرس .
  وترك بداوته ، بل نشاهد .

النخل في تاريخ العراق   ـ 61 ـ
  ذبك يجري بخطوات ، ومن ثم يفقد مزايا عديدة من عرف وأدب قبائلي ، وبيئته الجديدة لا تقطع صلته بباديته ، فهي حلقة وسطى بين الحضارة والبداوة بل هي الحجر الثاني للحضارة ولم يتقدم البدوي إلا للأرياف فيزرع ، ثم يميل إلى الغرس .
  شاهدنا عشيرة الضفير قد سكنت العراق في أنحاء البصرة من مدة طويلة ، ولكنها بقيت على بداوتها ولم تتعاط الزراعة وانما هناك بعض أفاردها مالوا إلى الزراعة مما لا يعدّ ميلاً صادقاً ، أو أنها لم تتعاطاها أبداً بالنظر لمجموع العشيرة ، ولذا فلا يؤمل أن تمضي إلى الغرس قبل أن تقطع مرحلة في الزرع لتتمكن نوعاً ، وتكتسب ألفة ما في هذه الخطوة ، والأمثلة كثيرة عندنا ، فغالب البدو يقطعون المرحلة الأولى للزراعة حتى يألفوا مكانهم ثم يصيرون إلى الغرس (1) .
  ولعل البصرة لا يستطيع زراعها (أهل الأرياف) أن يبقوا في زراعتهم ،وانما يمضون بسرعة نحو الغرس أو غرس النخل وهذه الحالة مرحلتان (الفلاحة) ، و (التعابة) وفي غير البصرة لا يختص وانما يعقدون (المغارسات) مع الملاكين .
  وهؤلاء نشاهد الكثيرين منهم يأتون متوالين لمايرون من ميل إلى أقاربائهم ، فيكون تشويقاً لهم لأسباب القربى ، ولتكوين قوة ... وهذه يصعب حصرها ، ومراعاة التعاقد عليها بالنظر للألوية واستعمالها ومألوف عقودها ، ولماكانت البصرة أكثر اتصالاً بغرس النخل آثرنا تقديم الكلام عليها .

المغارسات وعقودها
  إن الغرس ضروري لعلاقته بالحياة الاجتماعية علاقة متصلة أو متلازمة .
  وعقود المغارسة قديمة كقدم النخيل وقدم الأشجار المغروسة في العراق .
  وان المدونات عنها معروفة في شريعة

*************************************************
(1) في عشائر العراق ، ج 1 ، تفصيل عن العشائر البدوية وعن عشيرة الضفير خاصة ، ص 295 وعن انتقال 29 ـ العشائر من البادية إلى الأرياف ، ج 3 ، ص 18 .

النخل في تاريخ العراق   ـ 62 ـ
   حمورابي ، والشرائع التالية ، وتسمى عند الفقهاء بالمغارسة والمعاملة ، وان بعض الفقهاء لم يقبل بمثل هذه العقود كأمثال الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى باعتبار أنها عقد على مجهول إلا أن المختارعلى خلاف ذلك للتعامل الجاري من قديم الزمان على قبولها نظراً للضرورة القطعية والحاجة الحياتية الماسة كما أن تعامل الناس حجة ، فلم يؤثر تشريع على خلاف مجرى التعامل فكانت أن تعامل الناس حجة ، فلم يؤثر تشريع على خلاف مجرى التعامل فكانت الفتوى على رأي الإمام أبي يوسف خلافاً لارأي الإمام أبي حنيفة .
  إن التجارب المتوالية والعديدة لمختلف العصور ولدت أحكاماً شرعية وقانونية صانت حقوق الملاكين والمغارسين أو التعابين والفلاحين وأصحاب الص ا رفة وأصلها كسائر العقود تستند إلى حرية العقود ، وأنها ماضية على سنة عادلة وقواعد عامة وخاصة ، وان كتب الفقه طافحة بمباحث المغارسات والمعاملات ، فخصتها أحكاماً كما أنها دخلت ضمن عقود المعاوضة .
  وان الملاكين والمغارسين قد خولتهم تلك التجارب تقيّدات وشروطاً من شأنها العقود والجري بمقتضاها دون الإخلال بها ، وليس فيها حيف كما يتبادر لذهب الرائي وانما الغرض ضبط العقود وتحقيق ما جاء فيها من الأحكام .
  وأن آراء الفقهاء واختلافها في التشريع مما يدعو للاستفادة ويحقق لنا أحكاماً تشريعية مهمة في هذا الموضوع ... ولا نجد في أمة أحكاماً تشريعية خاصة في المغارسات كما هو الشأن عندنا ، فإنها بلغت غاية المنتهى ، وان المادة 64 المعدلة من أصول المرافعات الحقوقية قبلت عقود المغارسات واعتبرتها ، بالرغم من أحكام قانون الاراضي فسوغت التصرف بالأ ا رضي بموجب تلك المقاولات ثم ألغيت هذه المادة بإلغاء قانون المرافعات الحقوقية ، وجاء القانون المدني العراقي المعمول به من تاريخ (8) أيلول سنة (1953) .
  وصرح بذلك في المواد (824) إلى (833) مبيناً أحكاماً واسعة .

النخل في تاريخ العراق   ـ 63 ـ
   في هذا الباب .
   وفي العهد الجمهوري ظهر قانون الإصلاح الزراعي في (30) أيلول سنة (1958) مع تعديلاته فأكد أحكام القانون المدني وقرر أحكاماً جديدة تتعلق بالإصلاح الزراعي.
  وكان حظ الفلاح أو المغارس ضئيلاً ونصيبه ضعيفاً ، واستفادته محدودة فيما مضى ... وقد قبله اضطراراً دفعاً لحاجته المعاشية الضرورية فجاء هذا القانون مخففاً أعباءه ومستعيداً حقوقه فأازل الإجحاف عنه .
   وبذلك صار واسطة لنفع المجتمع العراقي بعد أن كان مقصود الفائدة على الملاكين وتحكمهم .
   فاكتسبت الأرضون وضعاً ثابتاً ونالها الاستقرار نوعاً والأمل إن تكتسب حقها من العناية والتنظيم .
  أما أملاك فأصبح لا يملك أكثر من دونمات محدودة لا تتجاوز الألف في الأراضي التي تسقى سيحاً أو بالواسطة ، والألفي دونم من الديمية .

1 ـ المغارسات في لواء البصرة
  إن نخل البصرة يحتاج إلى أيد عاملة كثيرة ليتمكن الملاّكون وأصحاب الأراضي من الإنتاج الكثير من التمر نظراً للحاجة إليه ، فقد جمع العدد الكبير من العمال في هذه السبيل فتطبعوا على خصال أهل المدن ، وبالتعبير الأولى أن علمهم بقدر ما يسدّ حاجة معاشهم .
   فلم يستطيعوا الالتفات إلى جهات الثقافة ، أو وسائل الحضارة وما ماثل من رغد العيش وانما كان ذلك نصيب الملاكين ، وهؤلاء هم أصحاب الأرض، وهم الذين يجهزون العمال بالغرس ، ويمدونهم بالمعيشة حتى يقووا ، ويحصل لهم تمر يستفاد منه ، وفي الوقت نفسه فهم واسطة التفاهم مع الدولة .
  إن التجارب العديدة مكنت من استقرار الحالة في أن يقسم هؤلاء العمال في نظر الملاك إلى ( فلاحين ) ، والى ( تعابين ) ، وكل من هؤلاء يتولى عقود ( الفلاحة ) ، وعقود ( التعابة ) .
   وهي ليست كيفما يشاء الملاكون ، وانما هي تابعة لعرف جار متبع بين الطرفين المتعاقدين .

النخل في تاريخ العراق   ـ 64 ـ
1 ـ الفلاحة :
  العقود بين الملاك والعامل قد تكون على مقدار الحاصل ، فيتعين له نصيب محدود ، وهذه يقال لها في عرف أهل البصرة (الفلاحة) ولصاحبها الفلاح .
   وهذا ليس له أرض يستقر فيها وانما هو تابع للمقاولة أو العقد ويستطيع الملاك أن يخرجه ، ولكن الغالب عليه أن يبقى ما لم يصدر منه ما يضرّ بصالح الملاك ، أو بصالح المغارسة .
  وفي هذه الحالة يكون العقد سنوياً ، وتابعاً للنتائج ، فلا يحق للفلاح المطالبة بأكثر من نصيبه .
  وجرى البصريون على ذلك منذ أمد قديم جداً ، فهو مألوف ومعتبر في ما بينهم ، ولا يختلف الحكم إلا في أن يكون للتعاب نصيب من الأرض والثمرة ، وللفلاح نصي بمن الثمرة وحدها .
  والفلاح في هذه الحالة لا يتكلف بالفسيل ، ولا بالتسميد ومصاريفه ، ولا بأي كلفة سوى سقي المغروسات وغرس الفسيل ، وتسميد الأرض عندما يأتي الملاك بالسّماد .
  وهنا تختلف العقود على مقدار الحاصل من ثلث أو نصف أو ثلثين ، بالنظر لقرب المحلّ من الأسواق ، وبعده عنها ، وما يدعو من مشقة وكلفة وفي كل هذه العقد معتبر بين الطرفين ، واذا لم يوجد عقد ، فالحكم للعرف الجاري في أمثالها ... ولا يختلف الفلاح في هذه الحالة عن العامل إلا أن حالته سيئة يتعب بلا أمل في نصيب ثابت ، ومن جراء الحاصل والتحكم ببيعه ومن جهة أن هؤلاء قد حرموا النقابات الموجهة .
  وفي العهد الجمهوري انتظم حالهم لأنهم أصبحوا ملاكين .

2 ـ التعابة :

النخل في تاريخ العراق   ـ 65 ـ
  هي في مصطلحنا (المغارسة) .
  ولا تختلف عنها بوجه إلا اننا لا نستطيع أن نقرر وضعاً ثابتاً للمغارسات ، وانما هي تابعة للعقد وشروطه ، فهو شريعة المتعاقدين ، ومن خصائص (التعابة) أن يكون للغارس نصيب في الأرض وفي المغروس والحاصل ، فهو لا يختلف عن الشريك فيما إذا قام بالشروط المطلوبه .
   وتختلف عقودها كثيراً تبعاً للمكان ، وقربه من الأسواق ، وسهولته أو صعوبة غرسه كأن يحتاج إلى شق أنهار وسواق وتسميد وتسوير وما ماثل مما يستدعي صرف مبالغ ، فالعقد يجري على تفاوت في المقادير المعطاة للمغارس (التعاب) و ا رعى فيه الشروط بكاملها ، وتتفاوت قلة وكثرة .
  واذا جرى الغرس دون عقد اتبع العرف المحليّ .
   وهذا غير عام في البصرة بل أنه يتباين بالنظر للمواطن المعتاد فيها الغرس .
  والأكثر أنهم يقومون بالشروط ، لتوخي فائدة الطرفين ومنفعتهما .
  واذا وقع الخلاف لعجرفة من أحد الطرفين ، أو تحكّم منه فلا شك في أن هذا النزاع تقوم المحاكم بحله .
  ومن تحكّم العقود وتراعى منطوياتها ، أو العرف الجاري بين المغارسين وحينئذ ينظر في أمر الإخلال بمنطويات العقد ، أو التقصير في الشروط والإخلال بها يؤدي إلى الفسخ أو تضرب مدة أخرى للمغارس لإكمال غرسه .
  ولا يتخذ ضياع عقد المغارسة وسيلة لضياع الحق بمراجعة التعامل المعروف ، فلا يكون ذلك سبباً في إخراج المغارس أو الاختلاف في نصيبه وهكذا .
  وللتعامل أحوال ثابتة في بعض المواطن دون الأخرى ، وكأن المحل قد قيس بمقياس قطعي ثابت بالنظر إليه ، فلا يختلف عن غيره ، ولا يصح أن يجور الواحد على الآخر في مطالبه ، بل الغالب أن تكون على وتيرة واحدة جرى عليها العرف المحلي .

النخل في تاريخ العراق   ـ 66 ـ
 فالتعابة تكون على الثلث أو النصف ، أو على الثلثين ، وحصتها في الأرض أغلبياً الربع ، وفي حالة القسمة تراعى الشروط .
 فإذا استكملت الغرس وأرادوا القسمة فهذه لها أحكام بمن يقوم بالقسمة ، وبالاختيار ، أو جعل ذلك للملاك وحده ، فيقسم التعاب وهو يختار نصيبه .. ومن ثم يعرف الفرق بين الفلاحة والتعابة ، فالفلاحة آنية ولزمن محدود وهذه شركة على العمل ، ومستمرة إلى إكمال الغرس ، ثم البقاء على الشركة ، أو القسمة ... وقوام المغارسة أن يعد الملاك مادة الغرس ويساعد التعاب (المغارس) على أعاشته حتى يكمل الغرس ومن ثم يستوفي منه ديونه منجمة ومقسطة بما يناسب ، فلا يتكلف الملاك بأكثر من ذلك مع حمايته للمغروسات في أمر تقدير الضريبة وما مائل ، وكل هذه تدابير يقصد منها إرضاء الأهلين نوعاً ولم يكن الدواء الشافي .
 وهذا غالب ما علمناه من رسالة الأستاذ سليمان فيضي ومن المرحوم السيد حامد النقيب وممن لهم علاقة بالموض وع ومن الدعاوي المتكونة بين الملاكين وأرباب التعبة والفلاحة .

3 ـ المد والجزر
 من الاعجوبات التي عدّها الجاحظ في البصرة (المدّ والجزر) يقبل عند حاجتهم اليه ، ويرتد عند استغنائهم عنه ، ثم لا يبطئ عنها غلا بقدر هضمها واستمرارها وجمامها واستراحتها ، لا يقتلها عطشاً ولا غرقاً ، يجئ على حساب معلوم ، وتدبير منظوم (1).
 تأتي مياه الأنهر م طريق المدّ فهي أعظم نعمة مبذولة وتجزر بعد مدة ، فتتمكن أن تروي البساتين الكثرة بموجبها ، فكأنها تعرف الكفاية ، فلا تأتي سرمداً فتضرّ بالمغروسات ، وانما تراعي المقادير المعينة للسقي بقدر الحاجة ، ولا تختلف ساعات المدّ تقديماً وتأخيراً والانهار الكبار لم تزل مملوءة من الماء عند المدّ إلا العشار فإنه يخلو من الماء تقريباً .
 واما الأنهار الصغار فإنها تخلو منه

*************************************************
(1) دائرة المعارف ، البستاني ، الطبعة الأولى.

النخل في تاريخ العراق   ـ 67 ـ
  أثناء الجزر .
  وهذه نعمة عظيمة يقدرها فاقدها وكثيراً ما لهج السياحون بها ، بل غالوا في مدح أنهارها وسقيها من طريق المد والجزر .
  وجاء تعليل المد والجزر بجاذبية القمر للملازمة المعروفة .
  وهذه الحالة المطردة نبهت إلى لزوم شق الأنهار من شط العرب للاستفادة من هذه المياه .
  وأنهار البصرة كثيرة لا تعد ولا تحصى ابتداء من القرنة حتى الفاو على جانبي شط العرب .
  ومن أشهرها :
  نهر الدير وكرمه علي ونهر معقل والأبلة .
  ويعرف اليوم بالعشار ونهر المناوي ونهر السراجي ونهر اليهودي ونهر الخور ونهر أبي الخصب ونهر أبي الفلوس ونهر العامية ونهر الفياضي ونهر الزين ونهر الخورة ونهر الدوا .
  ولو عددنا مقاطعتها لطال بنا المجال .
  وكلها ثروة عظيمة للإنتاج .
  ويعوزها التنظيم لتكون نافعة أكثر وتحصل منها أجل فائدة لغرس النخل .

4 ـ الحالة العامة
  هنا الملاكون قد يشتركون مع الفلاحين والتعابين في الضرر ، فقد حدثت مشاكل وتحكمات في تنظيم أمر تجارة التمور ، وعرضها للأسواق ومن أهمما جرى اتخاذ المعامل لتنظيمها وترتيبها إلا أن التجارة مازالت تلعب بها كثراً ، ولا يزال الحل غير مرض في نظر الأهلين .
  ولعل تأسيس جمعية التمور ومراعاة ما هنالك من أوضاع تدعو لمصلحة عمال التمر والملاكين وتبعث إلى الأمل في إصلاح الحالة ، وتكثير الرغبة ، والعمل لاستجلاب أرباب الأسواق العالمية ولكنها فشلت ، وأكبر .

النخل في تاريخ العراق   ـ 68 ـ
   مصيبة تعترض هي الإحتكار ، الذي لم تحل مشكلته بعد لتقوم بالنفع والفائدة ، ولا يازل يعتقد الأهلون أن حقوقهم أصابها الإجحاف ، وأن هذا الاحتكار من أعمال الاستعمار ، وأنه متغلب عليهم .
  ويرى الأكثر أن خير حل لمشكلة التمور تنظيم (نقابات) تنظر في المصالح ، وتستجلب مشترين من مختلف أسواق العالم ، أو كما هو مشهود من (جمعية التمور) وقيامها بالمهمة ، فصارت تراقبها الحكومة ، وتساعد في مصالحها نظراً للعلاقة لتكون واسطة نفع وفائدة للمجتمع ، إلا أنها لم تفلح .
  واذا كانت المكابس قد أكسبت التمور وضعاً منظماً وصحياً (1).
  فهذا لا يكفي وانما يحتاج الى عناية كبيرة لتامين العرض في الأسواق بصورة عامة .
 أما عمّال المكابس فإنهم لا يختلفون عن العمال الآخرين إلا أنهم عمّال موسميون وقد صان القانون حقوقهم ، والتجارب كفلت أوضاعهم وحقوقهم بقوانين إلا أنها في وضعها الارهن لم تستقر كما تقتضيها حالة القطر ، وشؤونه الثابتة .
  وجلّ ما يتوجه عليها أنها جاءتنا عيناً من الغرب ، ولم تنسجم وأوضاعنا ، وعليها سمات وأوصاف تشريعية لا تأتلف وما عندنا من تشريع سواء في التعويض أو غيره كوقوع الوفاة ، أو كالعطل في عضو العامل وما ماثل .
  وكل هذه تحتاج إلى إعادة نظر ، والى تمحيص وتحقيق أهداف سامية .
  ولا ننكر الحالات الخاصة في المواطن التشريعية ، وان كانت الغاية تستهدف أمراً واجب الرعاية وهو حماية العامل إلا أن التحكم بصاحب المعمل ، أو التحكم بالعامل يجب أن يارعى فيه الاعتدال .
   ولا سبيل للتوسع ، وأملنا أن يستهدف تشريعنا الوجهة الحقة من جميع أطرافها فلا يحمي ناحية دون أخرى .
   الضرورات تقدر بقدرها وقد جاءت الجمهورية العراقية الخالدة بأحكام عامة ومهمة تدعو .

*************************************************
(1) المراقبة الصحية ، نشرة لجمعية التمور .

النخل في تاريخ العراق   ـ 69 ـ
   إلى الإصلاح الكثير من الأوضاع وتأسست نقابات كما لوحظ أن أمر التعامل مع الخارج لم يعد مقيداً بدولته أو دول بعينها بل صار الباب مفتوحاً والتجارة حرة ، فلم يبق للاحتكار والتحكم محل .

2 ـ المغارسات في لواءي ديالي وبغداد :
  في مواطن كثرة النخل مغارساتها كثيرة .
   وان الملاكين لا يستطيعون القيام ، بأمرها بأنفسهم ، وانما يقوم بذلك مغارسون بموجب عقود وهذه في الحقيقة امة ومألوفة ، وغالب ما تدعو إليه الحاجة في مواطن كثرة النفوس وضيق الأرض .
  وهذه في الأراضي الموقوفة لها أحكام خاصة بسطها الفقهاء في تحديد مدة الغرس ، وأصول العقود عليها ، والأحكام الخاصة عند انتهاء المدة ، وانقضاء أمد العقد وقريب منها ما كان بين أصحاب الملك والمغارسين .
  وأكثر ما يلاحظ في ذلك أن السيط رة بيد الملاك أو المتوفي وله حق العقد والا أدى الأمر إلى مفاسد واضطراب في المقاطعات والأرضين .
  وذلك ما شوهد في أيام تطبيق قانون التسوية الصادر سنة (1932) ، فقد إستغل الفلاحون الامر ، فتوسّعوا في الغرس .
  وفي مثل هذه الحالة ان القانون حافظ على الوضع الراهن ، ولكن يجب أن يرافقه حكم صارم .
  وقد تضرر أرباب الأملاك والأوقاف من جراء ذلك بسبب أنّ القانون يراعي الغارس ، فيجعل له نصيباً وان كان غرس بغصب وتغلّب .
  وان الضرر أدى الى توزيع المياه الى المغروسات وحرمان المقاطعات من الزراعة أو تعطيلها تماماً .
  هذا ما كان يجري أيام العهد العثماني وما تلاه من عود الى ثورة (14) تموز سنة (1958) مالتي وضعت تشريعات جديدة في تمليك أراضي الوقف للمغارسين بمبالغ تؤدي بعد تقدير قيمة الأراضي

النخل في تاريخ العراق   ـ 70 ـ
  وبهذا ازلت رقبة الوقف وصارت المغارسات ملكاً للمغارسين وهكذا كان الحكم في المغروسات في الأراضي الأميرية المفوضة حسب المقاييس القانونية لتمليك المغارسات لغارسيها بعد الاستيلاء عليها وتقديرها بالوجه القانوني .

3 ـ المغارسات في ألوية كربلاء والديوانية والحلة :
  وهذه لا تختلف كثيراً عن لواءي ديالي ، وبغداد ، بل هي متقاربة ، ولا تتفاوت إلا في بعض الوجوه تبعاً لماهية العقود .
  وذلك أن أنحاء النجف والديوانية تنفرد بأمور خاصة مثل (الصرافة) .
   وهذه تابعة للعقود بأن يجهز المتوّل المال للمغارس ، ويقال له (الصاّرف) ولعمله الصرافة ، ويسمى العامل بـ (الفلاح) ، وربّ الملك هو (الملاك) ، فيتعاقدون على الثلث لكل واحد منهم .
  وهذه العقود تقبل التداول ، كأن يببيع الصراف صرافته أو الفلاح فلاحته لآخر .
  ويكون هؤلاء جميعاً شركاء ، وقد يشتري الفلاّح الصِرافة فيكون مالكاً للثلثين .

4 ـ المغارسات في الأولوية الأخرى :
  لا تختلف عن الألوية السابقة وفي بقية الألوية من يغرس في الأرض الأميرية ، وحينئذ يعامل الغارس كمعاملته مع صاحب الأرض فتحل الحكومة محلهخ إلا أنه إذا كان مضى على غرسة عشر سنوات فأكثر فيحق له أن يسجلها بدون طابو المثل والا أدى بدل طابو المثل وتملك إذا كان مضى على غرسة أكثر من ثلاث سنوات ، والا كان بإمكان الموظف المختص أن يقلع ما غرسه بلا إذن .
  وعلى كل حال تكون من المغارسات حقوق وعقود ، وصارت موضوع بحث الفقهاء وأرباب القوانين للدولة المتعاقبة ، وترتب عليها أحكام دعت إلى التدوين ، وظهرت فيها مقر رأت تمييزية عديدة .

النخل في تاريخ العراق   ـ 71 ـ
  فلم يهمل الشرع ولا القانون أمر ذلك لما يترتب عليه من خطر ، ونزاعا ينقطع إلا عن طريق المحاكم ، أو تدخلات الإدارة.
  وجاء قانون التسوية مصرحاً بلزوم حل النزاع في المحاكم المدنية فيما جرت تسويته وتمت ، فلا تبقى للإدارة علاقة به .
  ومن ثم علمنا علاقة كل من الفلاح والتعاب ، والصراف ، والمغارس والملاك بالأرض المغروسة ، وما يترتب على ذلك من حلّ نزاع إتباعاً لأحكام العقود ، أو التعامل الجاري فيما لم يوجد فيه عقد ما وما هنالك من تشريعات فقهية وقانونية .

التمور وما يعمل منها
  تعد التمور من خير الأغذية (1) لكثير من الأهلين ، وتكون رطباً وقسباً .
 وقالوا التمر ثمر النخل ، ومن ثمرها الجمّار والطلع ، وكانت قديماً توضع في (الخصّاف) أو (الحلان) وهي أكياس من الخوص أو من الجلود، وتسمى (كَيشاً) ، ويوضع فيها الخستاوي وهو رطب .
  ويرسل إلى الأنحاء ، أو يصرف في الأسواق وكمياته وافرة جداً ، وأما القسب فأنه من الزهدي اليابس خاصة ، وغالب ما يصرف إلى البدو في أنحاء كربلاء والنجف وما والاهما ، أو أن يتخذ منه الخمور أو النحل .
  أما الآن فإن تمر البصرة في مكابس ، ويوضع في صناديق مغلقة أو في علب ويحشى باللوز والجوز فيطيب أكله .
  وهذا مصروفاته كثيرة في العراق وخارجه .
  ومن الممكن معرفة مصروفاته ، فهو مدوّن في دوائر الكمرك وتابع للاستهلاك أيضاً ولا يدخل التهريب على ما هو المشهود .

*************************************************
(1) القيمة الغذائية للتمور العراقية : مطبعة التفيض بغداد ، باللغتين العربية والإنكليزية وهي النشرة رقم 2 لجمعية التمور .

النخل في تاريخ العراق   ـ 72 ـ
 أن الأطباء عندنا من قديم الزمان بحثوا كثيراً في الأمور الصحية ، وفي طبيعة التمر والرطب والقسب والبسر والبلح ، وقرروا أوصافها ومنافعها للبدن كسائر ما بحثوا فيه من المأكولات والمشروبات منها ومن غيرها وعلاقتها بالمعدة والهضم بالنظر لطبيعة البدن ، وأدركوا فوائدها ومضارها ودوّنوها .
 قالوا : أصناف التمر كثيرة وأردؤها أغلظها جرماً وأعظمها ، وما أسود منها ، واشدها حرارة ، وأصدقها حلاوة ، واقبضها إمساكاً وأغذاها وأغذاها وأحلاها .
 وجميع أصناف التمر عبرة الهضم وما .( ينفذ منها في البدن من الغذاء فهو لا محالة غليظ ، وربما كان لزجاً إذا كان التمر لحمياً ... (1) وجاء فيها ذكر الخل والمخللات والأشربة مما لا محل لاستقصائه ، ومنه في كتب طبية كثيرة .

ومن مأكولات التمور
  التمر يؤكل لوحده ويعد من خير الأكلات أداماً ومع هذا تصنع منه أكلات أخرى أشهرها :
  1 ـ الأيلة : أكلة قديمة ، وتكون من تمر يدق باللبن ، ولعل اللبن هو الشائع عندهم فيتخذ منه .
 وكأنها منسوبة إلى الأيلة البلدة التي تصنعها ولا تعرف اليوم في أنحائنا .
  2 ـ المدقوقة : هي من نوع سابقتها وذلك أن يدق التمر الزهدي بالسمسم ، ويضاف إليه (الجثي) وهو اللبن اليابس ، وهذا من نوع سابقة وفي البادية لا يوجد سمسم فيستعاض عنه بالحليب أو الجثي .
  3 ـ الحنيني : يداف التمر الخستاوي بالسمن المغلي ويضاف إليه بيض أيضاً ، وأكله لذيذ جداً .
  4 ـ حلاوة التمر : هذه من التمر الخستاوي ، والسمن ، وقليل من طحين ، وفي الغالب توزع خيرات للأموات .

*************************************************
(1) كتاب الأغذية والأشربة للسمرقندي .

النخل في تاريخ العراق   ـ 73 ـ
  5 ـ الخلال : وهذا يراد به المطبوخ ، فأنه شائع جداً في أنحاء البصرة ، ويصدّر إلى المواطن الأخرى ، ويطلق الخلال عندنا على ما لم ينضج بعد ، ويؤكل من الكثيرين ، ولم يكن صحياً ، ومنه ما يضرب أو يرص بآلة قوية ليظهر انه قد نضج ويقال له (المضروب) ، أو أنه يلين لحالة وهو نوع من المضروب ويسمى (فضيخاً) .
  6 ـ الدبس : ينطق به بكسر الدال وضمها وخير تعريف له أنه عسل التمر ، ويتكوّن إما من سيلان مايعه بلا كلفة كما في البصرة ويقال له (السيلان) وهو ما يسيل من التمر في أحواض خاصة به .
  وهذا معتبر ، واسمه مشتق من حدوثه واما أن يطبخ التمر فيصير دبساً ، واما من طريق المكابس (بازرات) أو (معاصر) .
  وبهذه الواسطة يمكن جعله دبساً ، ومنها الكثير في بغداد ، والحلة ، وكربلاء ومواطن أخرى .
  اشتهر دبس كربلاء بصفرته من جراء أنهم يضعون له (عِرْق الحلاوة) وغالبه من الزهدي ، و (دبس الخستاوي) معتبر ولا يعرض على الأسواق ، بل يتخذه الملاكون غذاء لهم ، وقد يهدون منه لأصدقائهم .
  ومصروفات الدبس في البادية كثيرة جداً ، ويعدّ غذاءهم الوحيد مع الخبز ، فأنهم إذا ذوّبوا السمن بالدبس ، ووضعوا عليه بيضاً أو بلا بيض كان غذاء طيباً عندهم لاسيما في أيام الشتاء .
  ومن بقايا عصير الدبس (البثل) يكون غذاء لبعض المواشي ، والنوى يستعمل وقوداً أو يعطي علفاً للدواب .

النخل في تاريخ العراق   ـ 74 ـ
ومما يعمل من التمر
  1 ـ الخل : يستخرج من التمر ويتكون من عصيره المتحمض .
  وفي المدن يصرف منه الكثير ، ويعتبر (أداماً) ، وفي الحديث الشريف (نعم الأدام الخلّ ) .
  ولم يشع عند أهل البادية. ويتخذ للمخللات ، أو أن يوضع على المأكولات خالصاً .
  2 ـ النبيذ : وهذا غير مستعمل في هذه الأيام في بغداد ولا في الأنحاء العراقية ، يتخذ من الفضيخ ، وهو التمر الذي لم يكمل نضجه تماماً ، وانما يضرب بالمفضخة ويصب عليه الماء ، وينقع ليلته ، ويشرب عصيره ، فإن عصر بالأيدي فيسمى عصيره (الدستغشار) وهي ليست بعربية .
  ويراد به في الفصحى (الدرياقة) .
  وكان يختار من أنواع التمور لصنع النبيذ (البتىّ ) ، و (الحواري) ، وهما نوعان منه معروفان ، وما اتخذ من النبيذ من الرطب وحده قيل له (الغربي) أي (النبيذ الغربي) ، فإذا حمل على النبيذ عسل أو دبس ليقوى سميّ حينئذ (فِتاتاً) .
  ومن الفقهاء من يحرمه وآخرون يحلّونه ، والمحرمون يقولون بأنه يفتح الباب لشرب الخمر سداً للذرائع ، ودفعاً لما يجرّ إليه ، ومنهم من يقول لا توجد حدود فاصلة بينه وبين الخمر ، ولا فرق بين أن يكون من التمر أو من الزبيب ، ونبيذ الزبيب لايازل مستعملا معروفاً عندنا ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقع له التمر والزبيب فيشربه ثلاثاً .
  فإذا جاز لذلك أمر به فسكب ، أو سقاه الخدم ، لأنه بعد ثلاث يتغير شيئاً فشيئاً فينزه عنه (1) .
  والأصل في هذا أن يدع المرء ما يريبه إلى ما يريبه .
  3 ـ الخمر : وعندنا يستخرج المسكر من التمر الزهدي خاصة ، ويسمى بـ (العرق) ولا يازل مستعملاً ، وكان يتخذ من طريق (المعصرة) أو الأنبيق .
  والآن اتخذت آلات خاصة لاستخراجه فنياً وبكميات

*************************************************
(1) كتاب الأشربة لابن قتيبة وفيه تفصيل الحل والحرمة وفي كتاب فصول التماثيل سعة زائدة .