تاريخ حوادث بغداد والبصرة
تأليف
عبد الرحمن بن عبد الله السويدي البغدادي
المتوفى سنة 1200 هـ / 1785 م
حققه وقدمه وعلق عليه
الدكتور عماد عبد السلام


تمهيد
   ما زال تاريخ العراق في القرون الاخيرة في حاجة الى بحوث جديدة الى بحوث ودراسات مختلفة تلقي الضوء على جوانب مهمة منه ، فتبين طبيعة علاقاتة السياسية ، وتركيبه الاجتماعي ، واصوله الاقتصادية ، وتطور ثقافته ، وسماة حياته العقلية ، وتعنى بالكشف عما خلفه من تراث ، وما تركه من آثار مادية وفكرية على حد سواء وتقييمها تقييماً علمياً ، واذا ما كان القول بأن حيوية الامة قد فترت في هذه القرون صحيحاً ، نتيجة للظروف السياسية التي توالت عليها منذ انتهاء العصر العباسي ، فان قابليتها على استعادة تلك الحيوية لم تكن تفنى ، فقد شهد العراق في هذا العصر ، وبخاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، محاولات متفرقة ، وان كانت بطيئة الوقع ، في مختلف المجالات السياسية والحضارية ، تمثلت في نشوء الحكومات المحلية القوية ، وانبعاث فكرة توحيد العراق تحت سيادة بغداد المركزية ، واستعادة المدن ، وبخاصة بغداد ، بسط نفوذها الاداري والحضاري على الريف والبادية ، وتقليل الأعتماد على قوى الدولة العثمانية المركزية والارتباط بها ، عن طريق انشاء قوات عراقية محلية ، وتحسين طرق المواصلات بتاسيس الخانات والمحطات والجسور وحراستها والزيادة السريعة بحجم المصنوعات المحلية لتصديرها ، ونشاط تجارة الترانسيت ، واضطراد اعداد السكان في المدن ، وتقوية تنظيماتهم الاجتماعية ، وبخاصة اصناف الحرفيين والتجار .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 2 ـ
  ومن ناحية اخرى ، شهدت هذه الفترة ايضاً نشاطاً مماثلاً في مجالات الحياة الادبية ، فانشئت اعداد من المدارس وخزائن الكتب في المدن العراقية الرئيسية ، ونمت ظاهرة المجالس الادبية التي اعتيد عقدها في بيوت المثقفين ، وتعاظم دور العلماء كطبقة فعالة مؤثرة ، على نحو لم تشهده العهود السابقة من قبل ، واضحت المدن العراقية مراكز جذب شديد لفئات عديدة من القرى والارياف المجاورة لم يجد النابهون منها سوى العلم مجالاً للأرتقاء الاجتماعي ، فبرزت اسر مهمة رفدت الحياة الثقافية للمراكز المدنية بحيوية جديدة ، ولعبت ادواراً كبيرة في احياء الثقافة العربية للبلاد وتجديدها ، وحسر الثقفات الداخلية عن مجالاتها ، واغناء التراث العربي بآثارها ، نسخاً وشرحاً وتأليفاً وتعليقًا واضافة ، فألى أسر الآلوسيين والسوديين والحيدريين والبندنجيين والمدلجيين والعامليين والراويين يعزى الفضل في اذكاء الحركة الادبية القومية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، وإلى امثالهم من المدرسين والمؤلفين والمثقفين غير المعروفين لنا الآن ينسب الدور الكبير في الحفاظ على لغة البلاد وادآبها حية طيلة ذلك العصر .
   ولقد غلبت النزعة الادبية على حركة التأليف في العراق في العصر العثماني الى الحد الذي غدت فيه اهم سماتها ، ورغم ان طائفة من المؤلفين كتبوا في علوم بحتة ، كالطب والحساب والهيئة ، وما اشبهها ، فأن معظمهم كان يولي النواحي الادبية جل ٍ اهتمامه ، من شعر ، ونثر ، ولغة ، وعلومها ، فضلاً عن اهتمام الجميع بدراسة الامور الدينية ، وهذه الامور ، وان لم تخل من نزعات تجديدية واضحة ، او لمحات فكرية ذكية ، الا انها بقيت في اطارها العام ملتزمة بالتقليد اسلوباً ومنهجاً وغاية .
  وكان لعلم التاريخ من حركة التأليف تلك نصيب متميز بالقياس الى عدد من العلوم الاخرى ، فقد شهد هاذا العلم تطوراً محسوساً في مختلف مجالاته وفروعه على يد كتاب ادباء ، ومؤرخين محترفين ، كتبوا في تواريخ المدن

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 3 ـ

المهمة ، ودونوا اخبار القبائل ، وبحثو في علاقاتها وانسابها ، وأرخوا للدول والامارات التي حكمت بلادهم ، وتناولوا في بحثهم تواريخ الدول الاسلامية الغابرة ، والدول المعاصرة ، وبخاصة المجاورة لهم ، وقام بعض النابهين منهم بسياحات عديدة الى بلدان نائية ، فزاروا اوربا والعالم الجديد تاركين وراءهم كتباً ورسائل تاريخية تتحدث عما شاهدوه من بلدان وشعوب .
   كما اهتم كثيرون بالترجمة لمعاصريهم من الحكام والامراء والادباء والقضاة والعلماء والشعراء والمتصوفة والاولياء والنساء ، وكتب بعضهم رسائل مستقلة في ترجمة ذواتهم او معاصريهم من اساتذتهم او آبائهم او ولاتهم ، وعكف آخرون على دراسة تاريخ الموسسات الدينية المهمة .
   ومثلما تنوعت مواضيع الكتابة التاريخية ، تنوعت ايضاً اساليبها ، فمال بعض المؤرخين الى الاخذ بطريقة التدوين الحولية ، والتزام آخرون بدراسة الاحداث كوحدات تاريخية موضوعية ، بينما أخذ غيرهم بالجمع بين الطريقتين ، مما طور علم التاريخ في العراق ، واغناه بتجارب مهمة .
   ومن الملاحظ ان جل ما كتبه العراقيون في التاريخ كان باللغة العربية ، وقليل منهم من كتب باللغات المعاصرة الاخرى ، كالتركية والفارسية والكلدانية والاوربية ، بمعنى ان لغة الكتابة التاريخية كانت عربية طيلة هذه الحقبة الممتدة لاكثر من ثلاثة قرون تقريباً .
   والكتاب الذي عنوناه ( تاريخ حوادث بغداد والبصرة ) ـ الذي تقوم بنشره الآن ـ هو واحد من المصنفات التاريخية المهمة التي كتبها مؤرخ عراقي محترف ، عاش في القرن الثامن عشر ، هو الشيخ عبد الرحمن ابن عبد الله السيويدي البغدادي ، وهو ـ في الاصل ـ نموذج واضح لفن كتابه (المذكرات الشخصية ) التي يؤرخ فيها اصحابها لاحداث عصرهم ، من خلال تأريخهم لفترة معينة من فترات حياتهم ، وهو ـ بذلك ـ اقرب الى فن كتابة الرحلات

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 4 ـ
  منه الى كتابة السير الشخصية ، لان السيرة الشخصية تلتزم بذكر المعلومات الاساسية عن حياة صاحبها على نحو متسلسل منذ النشأة الأولى ، والدراسة ، ومشايخه . . الخ ، اما الرحلة او السياحة فهي تهتم بالدرجة الاولى بذكر ما شاهده المؤلف من خلال تنقله بين البلدان المختلفة ، وما عاصره من احداث بارزة اثناءها ، وربما طالت اقامته في بلد معين ، فتغدو ملاحظاته ذات اهتمامات عامة ، وتخرج من طور المذكرات الشخصية القاصرة على وصف ما مر به من احداث ، الى وصف الاحداث ذاتها ، وتمسى لذلك تاريخاً لعهد بأكمله او تسجيلاً لاحداث بذاتها من خلال سيرة المؤلف الشخصية اثناءها .
  ويمكننا ان نعتبر عبد الرحمن السويدي رائداً لهذا النوع من الكتابة التاريخية ، فكتابه هذا تأليف بارع ، لم نعلم ان احداً من العراقيين سبقه فيه ، بين اسلوب تدوين الرحلات ، وكتابة المذكرات الشخصية ، وتسجيل الاحداث كوحدات موضوعية ، بحيث يصعب تصنيفه تحت واحد من هذه الاساليب ، وتصبح الحدود الفاصلة بين سيرة المؤلف الذاتية التي قضاها متنقلا بين مدن شتى ، والاحداث العنيفة التي عاصرها وساهم في معظمها ، حدوداً غير واضحة الى حد كبير .
  فميزة السويدي اذن انه قدم لنا احداثاً ساهم في صنعها بنفسه ، وكان احد زعمائها المؤثرين .
  وتدلنا سيرته المفعمة باالمواقف العنيفة على قوة شخصيته ، واعتداده بها ، الى الحد الذي ترك آثارها واضحة على اسلوبه ، بحيث امسى ما دونه شبيه ان يكون ضرباً من المذكرات الشخصية ، دون إخلال بوحدة الموضوع الذي تناوله ، او إرتباك في تسلسل احداثه .
  وصف السويدي في كتابة هذا فترة مهمة من تاريخ العراق الحديث في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد ( الثاني عشر للهجرة ) ، امتدت من سنة 1772 م / 1186 هـ وحتى 1778 م / 1192 هـ ، وهي فترة حفلت ـ رغم قصرها ـ بأحداث سريعة متتالية ، وبتغيرات جسيمة ، كان لها أثرها على الفترات اللاحقة

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 5 ـ
من تاريخ العراق العثماني ، ففي سنة 1772 م / 1168 هـ وفد الطاعون على بغداد ، فالحلة ، فالبصرة ، ثم الزبير ، وغير ذلك من المدن والقصبات ، مخلفاً وراءه مآسي وآلاماً جمة .
  وفي السنة التالية حاصرت جيوش كريم خان البصرة ، فمكثت محاصرة لها اكثر من سنة ، ودخلتها بعد ذلك رغم ما ابدته المدينة من بسالة في الدفاع والمقاومة .
  وفي هذه الاثناء كانت الاحداث تتوالى بسرعة في بغداد ، فقد طالب عمر باشا الوالي المسلوكي بنجدات عسكرية سريعة لمواجه الموقف ، بينما ارتفعت اصوات اخرى متهمهة اياه بتسببه في ضياع البصرة ، ووجدت الدولة العثمانية فرصتها في ضرب نظام المماليك والتخلص من زعامتهم في البلاد ، فأيدت خصوم عمر باشا في دعواهم ، وان اظهرت تايدها لمطالبه بارسال حملة عسكرية كبيرة ، ولكن هدف هذه الحملة الاول كان القضاء على عمر باشا نفسه ، اذ ما ان استقر قادتها ببغداد حتى اعلنوا عزل عمر باشا ، ثم قتلوه في وسط ظروف مريبه ، ولم يكن الوالي الجديد مصطفى باشا الاسبيناقجي ، وهو احد رجال الحملة ، قادراً على انقاذ الموقف في البصرة ، كما لم يعد قادراً على إرضاء المماليك ، فعين عبدي باشا ، زميله في الحملة ، خلفاً له ، في نفس الوقت الذي كانت فيه المساعي تبذل لدى الباب العالي لاقناعه بضرورة الاعتماد على نظام المماليك من جديد ، وقد نجحت تلك المساعي فعلاً ، فعين عبد الله باشا ، وهو احد مماليك عمر باشا ، والياً على بغداد سنة 1776 م / 1190 هـ ، ولكن ضعف شخصية هذا الوالي ثم مرضه ، حالاً دون اي تحسن في الموقف ، وانتهز احد ذوي النفوذ في السراي ، وهو عجم محمد الفارسي الاصل ، الفرصة ليستحوذ على مقاليد الأمور في الولاية ، وبلغ من نفوذه ودهائه أنه أستطاع أن يجلب إلى صفه سليم أفندي ، وهو المبعوث الرسمي للباب العالي في بغداد ، طامعاً في ان يتولى الحكم هذه المرة ، وشك معظم سكان بغداد بنوايا عجم محمد ، فانقلبوا ضده ، وتزعم مؤرخ هذه الاحداث عبد الرحمن السويدي تجمعهم اول الامر ، ثم تولى زعامتهم أمراء

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 6 ـ
قبيلة العبيد العربية ، وبخاصة سليمان بك ومحمد بك ابنا عبد الله بك الشاوي ، فلعب هذان دوراً كبيراً في قيادة البغداديين ضد مشاريع عجم محمد .
  نشبت الفتنة بين الفريقين اكثر من سنتين استعملت في خلالها انواع الاسلحة الثقيلة ، ولم تتوقف الا بعد تكليف الدولة لاحد قادة المماليك في ماردين ، وهو حسن باشا ، ان يتولى اقرار النظام ببغداد ، وفوجيء البغداديون بضعف واليهم الجديد وتردده بعد ان عقدوا عليه آمالهم ، مما ادى الى فرار عجم محمد الى حليف له من قطاع الطرق في شرق بغداد ، واعلن نفسه والياً ، وشرع بتهديد بغداد ، وتجميعة للقوات هناك ، وفشلت المحاولات المتكررة للقضاء على هذا الخطر الجديد بسب حسن باشا وعجزه عن اتخاذ القرارات المناسبة ، وشعرت القايادات المحلية بمدى خطورة الوضع ، فقامت ، سنة 1780 م / 1194 هـ ، بحركة تمرد ضده ، انتهت بخروجه من بغداد ، وتعين سليمان باشا ، من المماليك السابقين ، والياً على بغداد وتوابعها .
  وكنا قبل ان نعثر على مؤلف السويدي هذا ، لا نجد بين ايدينا من المصادر التاريخية عن هذه الفترة الحافلة بالحداث سوى بضع فقرات ، كتبها مؤرخان عراقيان متاخران ، اولهما عثمان بن سند البصري الوائلي ( 1834 م / 1250 هـ ) في كتابة عن سيرة داود باشا آخر ولاة المماليك ، المسمى ( مطالع السعود بطيب اخبار الوالي داود ) ، ولم يطبع كتابة هذا ، وإنما طبع مختصر له لا يمثل الاصل تماماً بسب بعض التغيرات والاضافات (1) ، وثانيهما رسول حاوي الكركوكلي ، المؤرخ الرسمي لحكومة المماليك ، في كتابه ( دوحة الوزراء في سيرة بغداد الزوراء ) (2)

**************************************************************
(1) اختصره الشيخ امين بن حسين الحلواني ، وطبعه في بومبي على الحجر سنة 1303 هـ . ثم اعيد طبعه بتحقيق محب الدين الخطيب في القاهرة 1371 هـ .
(2) ألفه بالتركية ، وطبعة ببغداد سنة 1246 هـ ثم ترجمه الى العربية موسى كاظم نورس ، وطبع في بيروت دون تاريخ .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 7 ـ
   وثمة اختلافات مهمة بين روايتي هذين المؤرخين ، ورواية السويدي المذكورة ، رغم اتفاق الروايات على الخط الرئيسي لتسلسل الاحداث ، ويتمثل هذا الاختلاف في تركيز عثمان بن سند اهتمامه على دور المماليك اثناء تلك الظروف ، المتمثل بزعامة إسماعيل اغا كتخدا بغداد ومرشحهم لتولي السلطة ، وهو ان تقارب في روايته ـ أحياناً ـ مع السويدي ، فذلك لتقارب موقف المماليك من موقف البغدايين بعد أبتعاد إسماعيل أغا عن مسرح الاحداث في بغداد ، اما الكركوكلي فهو اقرب الى الاخذ بوجهة النظر العثمانية الرسمية ، حيث يبدي نحو المندوب العثماني وعجم محمد تفهماً خاصاً ، ويصر على تسمية الاخير بمحمد باشا ، تأكيداً على سلطة مندوب السلطان الشخصي ، بل لا يتردد في اتهام زعامة البغدادين بمشاركتهما في مسؤولية الفتنة .
  يمثتل السويدي وجهة نظر الزعامة البغدادية المحلية تمثيلاً صادقاً ، نظراًً لموقعه القريب منها ، واطلاعه الدقيق على ظروفها ، وهو خلافاً للمؤرخين الآخريين ، لا يهتم بابراز دور المماليك ، او دور المندوب العثماني ، قدر اهتمامه بأظهار دور القيادة البغدادية ، المتمثلة بزعماء قبلية العبيد العربية ، وعدد من الأسر والعشائر والاحياء من اهل الجانبين الشرقي والغربي ، بل لا يخفي سخطه واحتقاره للمندوب العثماني ونبزه ، وحليفة عجم محمد ، باقسى الالفاظ ، ورغم انه اهدى كتابه هذا الى حسن باشا ، والي بغداد الجديد ، الا أن ذلك لم يمنعه من التلميح ، والتصريح احياناً ، الى عجز الوالي المذكور وتخاذله وضعفه .
  لقد قدم لنا السويدي تفصيلات هامه وفريدة عن دور البغداديين ، قيادة وشعباً ، في الدفاع عن مدينتهم ضد مؤمرات الطامعين ، امثال عجم محمد وسليم افندي ، وضد تخاذل الولاة من مثل عبد الله باشا وحسن باشا ، فهو بذلك قد رسم صورة حية لدور الشعب في فترة حرجه من تاريخ العراق الحديث ، وهي صورة مشرقة لأنها كشفت عن تعاون فئاته ، وكفاحة ضد

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 8 ـ
لعدو المشترك ، كما انها اظهرت بشكل واضح مدى ما لعبته روح المدينة من دور في مجريات التاريخ المحلي للعراق آنذاك .
  اهدى السويدي كتابه هذا ، بعبارات تقليدية فخمة ، الى والي بغداد حسن باشا (1778 ـ 1780 م / 1192 ـ 1194 هـ ) قائلاً ( خدمت بها من انقشعت بوجوده والياً علينا سحابتها المدلهمة . . . للوزير الكبير والعلم الشهير الذي ان عدت الوزراء فاز بالقدح المعلى ، وان ذكرت الكرماء فله من بينهم الحظ الاوفى ) ، والذي نراه انه اراد ان يقدم اليه تقريراً مفصلاً يبين فيه وجهة نظر البغداديين اثناء الاحداث المذكورة ، وما عانوه خلالها من متاعب وما خاضوه من شدائد واهوال ، الا ان العجز الصريح الذي اتسم به هذا الوالي ، والضعف الذي ابداه ازاء اعوان عجم محمد وتساهله معهم ، ادى بالمولف الى تغير هدف كتابه ، فحذف منه اهداءه المطول ، وشطب على معظم عبارات الثناء والاحترام التي اضافها عليه اثناء ورود اسمه في تضاعيف الكتاب ، ولم يكتف بهاذا فحسب ، بل دفعه السخط الى ابدال اسمي عجم محمد وسليم افندي بالفاظ نبز ، مثل الخبيث ، والكلب ، واللئيم وما شابه ذلك من الفاظ .
  والكتاب ـ بعد هذا ـ مفعم بالحيوية عند عرضه لوقائع الفترة التي يؤرخها ، مليء بالملاحظات الذكية والاشارات المفيدة ، وفيه بيانات عديدة عن نواح مهمة من الحيات السياسية والاجتماعية لمدينة بغداد والبصرة في ذلك العهد ، مثل اسماء الفرق العسكرية المختلفة ، وعناوين الوظائف الرسمية العثمانية ، والملابس والامتعة والسلاح والطعام ، فضلاً عن معلومات خططية جديدة فيها إيضاح لمواقع بعض المعالم البغدادية البارزة ، من جوامع ودور وجسور ودروب واسوار ، وهو يقدم مادة تاريخية اساسية للباحث في التاريخ السياسي والاجتماعي للعراق في العصر الحديث .
  من الكتاب نسخة خطية فريدة ، بخط مؤلفها ، في خزانة كتب المدرسة

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 9 ـ

القادرية العامة الكائنة في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني ببغداد ، وقفنا عليها اثناء اعدادنا فهرس هذه الخزانة (3) ، وقد كتب عليها بخط متأخر العبارة الآتية ( مؤلفه عبد الرحمن السويدي ) وليس من الصعب التثبت من انها من تاليف المؤرخ عبد الرحمن السويدي المتوفى سنة 1785 م / 1200 هـ ، وذلك لان مؤلف الكتاب صرح في اوله انه من (معاشر آل السويدي ) (4) فحصر دائرة البحث في افراد هذه الاسرة ، وبما انه يروي احداثاً معاصرة له ، فليس امامنا إلا القول بأن الكتاب لأحد افراد الاسرة المذكورة المعاصرين للأحداث ، وهم ـ على سبيل الحصر ـ عبد الرحمن السويدي ، واخواه الأصغران محمد سعيد واحمد ، ولم يؤثر عن الاخيرين اهتمام بالكتابة التاريخية وتدوين الاحداث على خلاف اخيهما المذكور ، ويزيد من تأكيد القول انه لعبد الرحمن دون غيره ، التشابه الشديد بين اسلوب الكتاب ، وبين اسلوبه بين في كتابه ( حديقة الزوراء في سيرة الزوراء ) وفي كتبه الاخرى ، وهو تشابه يمتد ليشمل الصياغة ، والاخيلة ، واللغة ، بل والأخطاء أحياناً ، مما يؤكد انها لمؤلف واحد دون ريب ، ويعزز هذا الرأي ويقطع به اننا وقفنا على نماذج ممتعدة من خط عبد الرحمن (5) قابلناها على خط مؤلف الكتاب ، فتبين لنا انها بخط كاتب واحد .
  وكان المرحوم عباس العزاوي قد اشار عن ترجمته لعبد الرحمن ان له

 *************************************************
(3) يقع هذا الفهرس في اربعة مجلدات ، وهو بعنوان ( الآثار الخطية في المكتبة القادرية ) وطبعت المجلدات الثلاثة الاول ببغداد ( 1974 و 1977 و 1978 ) .
(4) الورقة 4 ب
(5) منها كتاب ( شرح المقدمة الحضرمية ) وقد دون عليه السويدي حواش وشروح وقعها بإسمه ( مخطوط في المكتبة القادرية برقم 472 ) وكتابه الذي سماه ( زينة الاملاك في شرح تشريح الافلاك ) ومسودته بخطه في مكتبة الاوقات العامة ببغداد برقم ( 2 / 6281 مجاميع ) ، ( عبد الله الجبوري : فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الاوقاف العامة في بغداد 4 /146 ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 10 ـ
( رسالة صغيرة في الولاة التالين [ لحسن باشا وابنه احمد باشا ] من المماليك في ايامه ، وهي صفحة لا بأس بها تجلوا ما غمض من حوادث أيامهم المضطربة لم قبل سليمان باشا الكبير ، وتعد وثيقة معاصرة ) (6) ، ولم يشر العزاوي إلى مكان وجود هذه الرسالة ، ولكن وصفه لها ينطبق على صفة المخطوطة موضوعة البحث ، فلا يبقى شك في صحة نسبتها إلى الشيخ عبد الرحمن السويدي .
  تقع المخطوطة في ( 56 ) ورقة ، مقياسها 20 × 16 سم ، وفي كل صفحة منها 11 سطراً ، وهي بخط نسخ معتاد ، واضح ، وقد شطب المؤلف على بعض العبارات ، مما رأى ان يغيره ، وكتب فوقها ، او بجوارها على الهامش عبارات اخرى بدلها ، وحرف بعض الاسماء احياناً ، فجعل سليم افندي على شكل ( لئيم افندي ) ثم عاد فطمسها وكتب فوقها الرومي ، او الخبيث .
  ولغة الكتاب عربية بينة ، وفيها سجع احياناً ، وابيات قليلة من نظم المؤلف ، ولا يخلو الكتاب من اخطاء املائية ونحوية ، ولكنها قليلة ، واغلبها يتعلق بطريقة رسم الهمزة او الألف المقصورة .
   اتبعنا في تحقيقنا لهذا الكتاب والتعليق عليه الخطوات التالية :
1 ـ حافظنا على عبارة المؤلف ولم نمسها بأي تغير ، ما عدا اصلاح الأخطاء النحوية والاملائية أشرنا الى ذلك في الهامش .
2 ـ اعتمدنا نص المؤلف الاخير اساساً في التحقيق ، على حسب القاعدة المتبعة بهذا الشأن ، ونقلنا العبارات التي غيرها ، الى الهامش ، باعتبارها تمثل المسودة الاولى للكتاب ، الا في مواضع قليلة جداً ، حينما رأينا ان التغيرات التي أدخلها على النص تربكه وتخفي معانيه .
3 ـ تابعنا المؤلف فيما ساقه من اخبار وحوادث ، فقابلناه على المصادر

 *************************************************
(6) تاريخ الادب العربي في العراق 2 / 218 (بغداد 1962 ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 11 ـ

التارخية التي تعرضت الى الفترة نفسها ، واشرنا الى وجود الاختلاف حيثما وجدت ، ورجحنا الرواية الاصح ، معتمدين على عدد من الادلة والقرائن .
4 ـ علقنا على ما ورد في تضاعيف النص من كلمات ومصطلحات غير عربية ، او التي لها مدلولها التاريخي الخاص ، بشروح تستوفي في معانيها ، كما ترجمنا للاعلام الذين وردة الاشارة اليهم بترجمات استخرجناها من كتب معاصرة ، ووثائق خطية ، وعلقنا على اسماء المدن والنواحي والمباني والدروب وسائر الخطط بتعليقات مفيدة توضح مبهمها ، وتبين مواطنها واثبتنا ذلك كلة في مواضعه من الكتاب .
5 ـ حصرنا ما اضفناه الى النص من كلمات يقتضيها السياق بأقواس معقوفة ، هكذا : [    ] .
6 ـ لم يضع المؤلف لكتابه عنواناً ، فوضعنا له عنواناً مناسباً يدل على محتواه .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 12 ـ

مؤلف الكتاب
عبد الرحمن السويدي

اسرته
  ينتمي عبد الرحمن السويدي الى اسرة عراقية عربية قديمة ، سكنت بلدة (الدور ) في شمال بغداد حيناً من الدهر ، ثم نزحت إلى بغداد منذ أوآخر القرن السادس عشر (العاشر للهجرة ) فسكن رجالها في جانبها الغربي ، ونسبو اليها .
  ولسنا نعلم على وجه التحديد اول من نزل بغداد منهم ، ولكننا نعلم انه كان منهم في أوآخر القرن السادس عشر رجل يدعى ناصر الدين ، هو الجد الثالث لعبد الله السويدي والد المؤلف عبد الرحمن ، قدم الى بغداد ، ووثق نسب اسرته لدى نقيب الاشراف ، وبمحضر من القاضي والمفتي وجمهرة من العلماء ، فكان على النحو الآتي : ناصر الدين بن الحسين بن علي بن حمد بن محمد المدلل بن الحسين بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علي بن ابي بكر بن الفضل بن احمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن احمد بن الموفق طلحة بن جعفر بن محمد بن الرشيد بن محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي (7)

 *************************************************
(7) ذكر كاظم الدجيلي انه رأى نسخة هذا النسب الاصلية عند يوسف افندي السويدي وتاريخ كتابتها يرتقي الى سنة 975 هـ / 1567 م وهي موقعه بتواقيع جماعة من العلماء المشهورين في عصرهم منهم الشيخ عبد الرحمن الرحبي مفتي الشافعية في بغداد ، ومنهم محمد سعيد القادري ، والمولى الحكم (اي القاضي ) ببغداد محمد رشيد ، والشيخ علاء الدين الموصلي ، والشيخ عبد الله الانصاري وغيرهم ( مجلة لغة العرب 2 (1912 ) ص 219 ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 13 ـ

  وفي بغداد ولد لناصر الدين مرعي ، فولد لهذا بدوره الملا حسين ، وهو رجل يدل لقبه على انه كان يعمل بمهنة تعليمية دينية (8) ، وقد تزوج حسين هذا من امرأة من اسرة علمية ايضاً ، كانت تتولى اوقاف مسجد الشيخ معروف الكرخي وخدمته في ببغداد ، اشتهر منهم الملا احمد بن سويد ، اخو زوجته المذكورة .
   وولد لحسين من زوجته تلك ، ولد سماه عبد الله ، وكناه بأبي البركات ، ثم توفى وليس لولده من العمر الا ست سنوات ، فكلفه خاله الشيخ احمد بن سويد ، واخذ بتهذيبه وتعليمه ، ثم ارسله الى المدرسة العمرية الكائنة قرب جامع قمرية بالكرخ ، ليدرس على يد الملا نوح الحديثي مدرسها ، وبعد انتظم عبد الله بدراسته ، فارقه خاله المذكور لسبب من الاسباب ، واخذ يرسل اليه معنونة كلآتي ( يصل الكتاب الى الملا عبد الله بن اخت الملا احمد بن سويد ) فأختصر زميل لعبد الله ، هو الملا الحسين افندي الراوي ، الاسم الى السويدي ، فكان عبد الله هو اول من عرف بهذا اللقب ، وبه اشتهر اولاده من بعده (9) .
   نبغ عبدالله نبوغاً كبيراً ، وأخذ العلم عن مشايخ وأساتذة كبار في بغداد والموصل ، ثم تصدر للتدريس في داره ، وفي جامع الإمام أبي حنيفة ، وفي جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني ، وفي المدرسة المرجانية (10) ، واشتهر بتمثيله
 *************************************************
(8) ليس لدينا من معلومات عن حسين هذا الاّا ما ذكره ولده عبد الله في كتابه ( النفحة المسكية في الرحلة المكية ) حيث قال ( اما ابي حسين فكان من الاخيار الاجواد ، ذا عقل رصين وشجاعة وبراعة ، كبير قومه وعشيرته يرجع امرهم اليه . . وكان ذا مال غزير صرفه كله على الفقراء والضيوف حتى افتقر آخر عمره فكان يبيع من متاع البيت ويصرفه على الفقراء والضعاف حتى مات مديوناً ) ( ص 7 ) .
(9) النفحة المسكية ص 10 - 27 ( مخطوط ) .
(10) قال في النفحة المسكية ( ص 17 ) واصفاً مكانته الاجماعية ( وصرت والحمد لله بحيث يشار اليَّ بالبنان ويؤقرني العامة والاعيان وترفع محلي الولاة وتتمنى رؤيتي القضاة ، مسموع الكلمة ، نافذ الامر . . وكل هذا ايها الواقف على هذه الرحلة من بركات العلم ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 14 ـ

  الجانب العثماني في موتمر النجف بحضور نادر شاة سنة 1743 هـ / 1156 م ، وبتأليفه كتب ورسائل عديده في الرحلات والادب والنحو والتصوف والشعر ، وتوفى في 11 شوال سنة 1174 هـ / 1760 م ودفن في جوار معروف الكرخي ببغداد .
  ولعبد السويدي خمسة أولاد ، أربعة منهم من الذكور ، هم :
1 ـ عبد الرحمن ، ابو الخير .
2 ـ محمد سعيد ( ولد سنة 1141 وتوفي 1223 هـ / 1728 - 1808 م ) .
3 ـ ابراهيم (ولد سنة 1146 ولم نعلم وفاته ) .
4 ـ احمد ( ولد سنة 1153 وتوفي 1210 هـ / 1740 - 1795 م ) .
5 ـ سارة ( توفيت سنة 1171 هـ / 1757 م ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 15 ـ

سيرته
  ولد عبد الرحمن السويدي ، على ما ذكر المرادي في ترجمتة القصيرة التي اوردها له ، في عام 1134 هـ ( 1721 م ) ، ويفهم مما اورده هو عن نفسه ، انه كان يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة يوم حصار نادر شاة الاول لبغداد سنة 1145 فيكون قد ولد سنة 1133 هـ (1720 م ) اي في الفترة الاخيرة من حكم والي بغداد القوي حسن باشا ( تولى بغداد من 1116 الى 1136 هـ / 1704 - 1723 م ) وهي فترة تميزة عن سواها من العهود العثمانية بالاستقرارالسياسي ، وتوطيد الامن ، وازدياد اهمية المدن العراقية وتنامي نشاطها الحضاري ، وبسط نفوذها على القبائل في الريف نسبياً ، وتشكيل اول حكومة عراقية مركزية تعتمد في دفاعها عن القطر على قواها الذاتية بالدرجة الاولى وبغلت قوة هذه الحكومة وسطوتها ذروة مجدها عندما شرعت عام 1134 هـ / 1721 م ، وهو العام الذي ولد فيه ، او في الذي يليه مؤخرنا ، بالحملات العسكرية الواسعة التي ادت الى فتح كرمنشاه ولورستان وعدد آخر من المدن والقرى الأيرانية وضمها الى ادارة ولاية بغداد المباشرة .
  ولقد خلفت تلك الاحداث ذكريات مجيدة تغنى بها البغداديون سنين طويلة ، وتأثر بها عبد الرحمن فيما بعد تأثراً شديداً بما سمعه من افراد اسرته من المعاصرين لها من اخبار ، ونقله عنهم من روايات واشعار يغلب عليها الفخر والحماسة .
  وفي عهد والي بغداد التالي احمد باشا بن حسن باشا (1136 - 1160 هـ / 1723 - 1747 م ) اخذ نجم اسرة المؤرخ بالصعود ، نتيجة للمكانه التي نالها عميدها الشيخ عبد الله السويدي في الاوساط الثقافية بعلمه وسعة اطلاعه ، وفي المجالات الاجتماعية بعمله ونشاطه وتنوع اهتماماته العامة ، وربما بنسبه العباسي ايضا ، وسرعان ما اتصل نجم هذه الاسرة بنجم احمد باشا الصاعد ، وكان الاخير يميل الى تقريب العلماء والادباء اليه ، رغبة منه في خلق مجتمع بغدادي مثقف ، يسانده في مشاريعه وخططه ، كما رأى في هؤلاء نموذجاً

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 16 ـ

  جديداً لحاكم عراقي طموح ، لم تشهد البلاد مثله منذ أمد بعيد ، فنشأت بين الباشا والشيخ صداقة وثيقة ، كان من آثارها عدد من القصائد الطوال التي مدح بها الاخير واليه ، وأرخ فيها اعماله ومشروعاته ، ورغم ما عرف عن احمد باشا من اعطياته السخية للشعراء والادباء ، فأننا نسحب ان الامر لم يخلو من اعجاب حقيقي اثبته السويدي في جميع قصائد التي اهداها اليه ، ونظرة الاعجاب والاكبار هذه هي ما ورثه ابنه عبد الرحمن منه فيما بعد ، وظهرت جلية في مؤلفاته التاريخية واعماله الادبية كافة .
  نشأ عبد الرحمن في منزل اسرته ، الكائن في محلة خضر الياس من محال الكرخ القديمة من بغداد ، وكان هذا الحي يمتاز ، على نحو واضح ، بصبغته العربية الخاصة ، حيث كان مطوناً للأسر العربية الكبيرة النازحة الى المدينة من البادية ، او من اطرافها ، مثل آل الشاوي زعماء قبيلة العبيد القحطانية ، وكانت دورهم مجاورة تقريباً لدار اسرته (11) ، والآلوسيين والحسينيين الذين كانوا قد نزحوا من بلدتهم آلوس على الفرات منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر (12) ، والعشاريين القحطانيين القادمين من نواحي الفرات الاعلى قبل ذلك (13) ، وغير هؤلاء ، وكانت اقامت تلك الاسر النازحة في حي واحد ، وتعرضها الى ظروف متشابهة ، يساعد على خلق روح جماعية مترابطة (14 ) ، وهي روح اثرت الى حد عميق في شخصية المؤرخ الاديب عبد الرحمن ، الى

 *************************************************
(11) المخطوطة . الورقة 50 ب .
(12) حديقة الورود . مخطوط .
(13) ديوان العشاري ، بتحقيق د . عماد عبد السلام رؤوف ووليد الاعظمي ، مقدمة التحقيق ( بغداد 1977 ) .
(14) كان وجود دجلة بين الجانين يعد حاجزاً طبيعياً بين السلطة العثمانية المتمركزة في السراي بالجانب الشرقي ، وزعامة هذه البيوتات والقبائل العربية في الجانب الغربي ، مما جعل قبضة الحكومة ضعيفة الى حد كبير على الجانب الاخير ، وهو وضع استفادت منه تلك القوى في تأكيد اهميتها وتزعمها .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة  ـ 17 ـ

الحد الذي دفعه الى تزعم ذلك الحي في عدد من المناسبات والظروف ، كما سنرى .
  اتاحت البيئة المثقفة التي نشأ فيها عبد الرحمن ، ان يتلقى ، منذ نعومة اظفاره ، تعليماً جيداً ، فقد كان معظم رجال اسرته ، وبخاصة والده الشيخ عبد الله ، معدوداً من العلماء البارزين ، وفي عام 1145 هـ / 1732 م حصل على اول اجازة علمية صوفية بكتب الصحصاح الستة ، وروايات متسلسة اخرى ، وبلبس الخرقة ، وهي احدى شعائر الطرق الصوفية التقليدية ، من عالم حجازي كبير ، كان قد قدم بغداد في تلك الفترة هو الشيخ محمد بن احمد بن سعيد المعروف بعقيلة الحنفي المكي ( المتوفي سنة 1150 هـ / 1737 م (15) ، ويبدو أن عبد الرحمن كان يظهر ، منذ طفولته وصباه ، شيئاً كثيراً من الذكاء وقوة الملاحظة ، دليلنا على ذلك انه عندما ارسل اشرف خان الافغاني ، حاكم ايران ، بهديته الى السلطان العثماني ، وكان فيلاً ضخماً ، ومر ذلك الفيل ببغداد ، خرج المؤلف ، وهو طفل صغير لم يتجاوز عمره السابعة ليشاهده عن قرب ، ويدل وصفه لهذا الحادث عند تسجيله اياه ، بعد اكثر من عشرين عاماً على دقة ملاحظته وقوة انتباهه .
  وزاد من تأثر عبد الرحمن ببيئته العربية ، وتمسكه بروح المدينة التي يعيش فيها ، تعرضها صيف عام 1145 هـ / 1732 م ، وهو في الثانية عشرة من عمره ، الى خطر حصار نادر شاه لها ، وشاءت الصدف ان يشاهد المؤلف ، وهو في تلك السن المبكرة ، مجريات محاولة الفرس اقتحام السور الذي كان الكرخيون قد شادوه على عجل للدفاع عن جانبهم ، ورأى بأم عينه جموع اهل حية وهم يخرجون ، بأسلحتهم ، لملاقات جيش نادر شاه ، ومنهم ابوه وبعض اقاربه واهليه ، الذين رووا له ـ فيما بعد ـ مجريات تلك الاحداث بدقة

 ************************************************
(15) حديقة الزوراء . الورقة 113 والمرادي : سلك الدرر 4 / 30 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 18 ـ

وتفصيل (16) ، وكانت دار السويدي تشرف على مكان المعركة ، مما اتاح له فرصة مشاهدتها بنفسه ، قال ( كنت ذلك اليوم ابن اثنتي عشرة سنة وكنا مع اهل الجانب الغربي وكنت انام مع والدتي في الدار ولم اخرج مع ابي واقاربي ليلاً الى الاسوار فلم نشعر في نصف الليل الأخير في غرة رمضان الا باصوات جسيمة وغوغاء عظيمة ينخلع لها قلب الجبان وترعد لها اكباد الشجعان ، وسمعت اصوات تفاك متوالية ، وابصرت ازدحام اقدام في الطرقات غادية عادية ، فأيقظت والدتي حينئذ وعيوني تدمع خوفاً مما قد ارى واسمع ، فقلت : يااماه ما هذا الصخب الذي رج الآفاق ، وما هذا التجادل والشقاق ؟ فقالت : يابني ، الظاهر والله اعلم ان العجم قاربت الحصون وعبروا على رجالنا من حيث لا يشعرون فأدع الله في هذا الوقت بتثبيت اقدام المسلمين ، وسل الله ، ان يحفهم بالنصر المبين ، فبعد هنيهة طرق الباب زوج خالتي واسرج فرسه وودعنا وسار الى الجهاد . . ) (17) ، ووصف ما شاهده بنفسه و صفا اديباً فيه شيء كثير من التأثر ، فقال ( كنت على علية في دارنا مشرفة على محل الوقعة ، فأنظر الى الخيل تعثر في الرجال والى السيوف تحط رؤوس الابطال حتى صار العدو اضعافهم وكثر فنائهم فأبصرت خيل عسكرنا ولت على ادبارها ، وجدت في جريها لفرارها ، وابصرت رجالنا ثبتوا ثبات الرجال ، وقارعت الابطال منهم الابطال ، وقاتلوا قتال من لا يريد الحياة ، وكثر الرهج من جميع الجهات ) (18) .
  وكان لهذا الاحداث ، اثرها في تكوين شخصية مؤرخنا ، فقد رأى بجلاء ان الخطر الذي داهم اهل جانبه لم يكن يفرق بين فئات مجتمعه ، بل كان يستهدف الجميع دونما تمييز ، ورأى كيف شارك الجميع في الدفاع عن اسرهم ووجودهم وبيوتهم بحماس شديد ، ولاحظ ان والده ورجال اسرته

 *************************************************
( 16 ) حديقة الزوراء ، الورقة 115 .
( 17 ) حديقة الزوراء ، الورقة 118 .
( 18 ) المصدر نفسه ، الورقة 119 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 19 ـ

لم يتخلفوا عن دورهم في تلك الحرب ، رغم كونهم من العلماء المفترغين للدرس والكتاب ، ودللينا على عظم تأثير هذه الاحداث على نفسيته ، انه لم يتردد عن لعب الدور نفسه ، عندما تزعم اهل الجانب الغربي غير مرة ، كلما تعرضت المدينة الى خطر داهم ، آخرها ما حدث سنة 1190 ـ 1191 هـ / 1776 ـ 1777 م ، حينما تصدى لمحاولة آفاق مجهولة الاصل ، يدعى عجم محمد التوصل الى منصب ولاية بغداد ، مقتديا بأبيه ، طارحاً عنه زي العلماء وهدؤهم ، متقلداً سيفه ، ليشرع في تنظيم مقاومة فعالة ، وفي ترتيب خطط الدفاع كأي قائد عسكري محنك .
  وفضلاً عن مشاركة اسرة السويدي في احداث الحصار العسكرية ، فأنها ساهمت في المجالات السياسية ، فقد تولى عبد الله السويدي انشاء الرسائل التي بعث بها احمد باشا الى خصمه نادر شاه وربما كان له دور في صياغة افكارها ايضاً (19) ، وكافأ احمد باشا الشيخ عبد الله بتعينه مفتياً في قصبتي النجف وكربلاء (20) ، وخصص له راتباً سنوياً من مزروعات كربلاء (21) .
  وسافر عبد الرحمن صحبه والده الى النجف ، حيث قضى هناك اياماً سعيدة ( في السرور والفرح ، وزاول الشرور والفرح ) (22) ، الا ان سعادته تلك لم تستمر اذ سرعان ما تواردت الانباء ، عن قرب مجيء نادر شاه الى العراق مرة اخرى ، فأضطر عبد الله السويدي الى ترك ولده لدى بعض اسر السادة من اهل النجف ، بينما هاجر هو الى الموصل بصحبه متولي النجف ، وعاش عبد الرحمن اياماً عصبية في دار اولئك السادة الذين يصفهم بأن لهم ( شيمة حسنة ، واخلاق مستحسنة ) فلا يخرج الا متنكراً بزي اهل البادية ، ويقضي معظم اوقاته متخفياً بعيداً عن الأنظار ، وعند انسحاب نادر شاه ، وعقد معاهدة الصلح بين الطرفين ، عاد عبد الله السويدي الى النجف ، حيث اصطحب

 *************************************************
(19) المصدر نفسه، الورقة 123 .
(20) المصدر نفسه ، الورقة 126 .
(21) المصدر نفسه ، الورقة 206 .
(22) المصدر نفسه ، الورقة 127 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 20 ـ

معه ولده ، وقدم الى بغداد ، وفي قصيدة له يمدح فيها احمد باشا ، نلمح مدى قلقه وخوفه على اسرته في تلك الأيام العصيبة (23) .
  وفي بغداد ، واصل عبد الرحمن دراسته ، وكان يومذاك صبياً ابن خمسة عشر عاماً ، فانتظم طالباً في المدرسة الاحسائية (24) بالجانب الشرقي من المدينة ، واخذ بدراسته الازهرية (25) في النحو ، على يد شيخه وشيخ والده ايضاً (26) ، ياسين الهيتي المعروف بابن البصير (27) ، كما اخذ العلم على ايدي علماء آخرين ، منهم والده ، والشيخ فصيح الدين الهندي ، وغيرهم .
   وبرزت مواهب عبد الرحمن الادبية في تلك المرحلة من حياته ، حيث بدأ بقرض الشعر متأخر بأبيه وبيئته الادبية ، ونظم وهو في الثانية والعشرين من عمره قصيدة تائية في مدح احمد باشا وتهنئته بمناسبة ولادة ابنه المسمى علي بك سنة 1155 هـ / 1742 م ، فكانت تلك اولى قصائده التي سجلها ، ومعلوماتنا عن حياته في هذه الفترة قليلة جداً ، الا اننا نفهم مما ذكره هو عن نفسه ، انه كان يعمل مدرساً في بعض مدارس بغداد ، وانة له تلاميذ يدرسون عليه العلوم (28) .
  وجائت احداث سنة 1156 هـ / 1743 م لتذكي مواهب عبد الرحمن الادبية والفكرية وتبرز حسه القومي ، وتخرجه عن نطاق الاغراض ، التقليدية من

 *************************************************
(23) المصدر نفسه ، الورقة 128 .
(24) تقع هذه المدرسة في المسجد الذي كان معروفاً بجامع الاحسائي نسبة الى مؤسسة ودفينه الشيخ محمد الاحسائي الحنفي ( المتوفي 1083 هـ / 1769 م ) ثم جدد عمارته والي بغداد داود باشا سنة 1231 هـ / 1815 واقام فيه الشيخ خالد النقشبندي ، مجدد الطريقة النقشبندية ، فنسب اليه وعرف بالتكية الخالدية ، وما زال يعرف بهذا الاسم ، وموقعه شرقي المحكمة الشرعية ، على نهر دجلة .
(25) المقدمة الازهرية في علم العربية ، متن مشهور في النحو ، لخالد عبد الله الازهري ( توفي سنة 905 هـ / 1499 م ).
(26) المرادي سلك الدرر 3 / 85 .
(27) توفي سنة 1172 هـ / 1758 م وترجم له المرادي في سلك الدرر 4 / 238 .
(28) حديقة الزوراء الورقة 171 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة   ـ 21 ـ

مدح وتهنئة لرجال الحكم ، ففي تلك السنة قدم نادر شاه بجيوش ضخمة ، فحاصر المدن العراق الرئسية ،ومنها بغداد والموصل والبصرة ، ورغم ان تلك الجيوش التي كانت اضخم ما رآه العراقيون من حملات طيلة العصر العثماني واكثرها معدات واسلحة ، الا انهم تمكنوا من الثبات في مدنهم مبدين من الشجاعة والبسالة ضروباً افسدت معها خطط نادر شاه وافشلتها .
  ولقد اضطر عبد الرحمن هذه المرة الى مشاركة أهل الجانب الغربي في نزوحهم الجماعي للتحصن بأسوار الجانب الشرقي ، ولم يكن له من ملجأ في موطنه الجديد سوى ان يقيم في جامع العاقولي ، احد جوامع بغداد الشرقية ، قريباً من الجسر ، وأن يتخذ من غرفة إمام الجامع مسكناً له ولاخيه محمد سعيد البالغ من عمره آنذاك خمسة عشر عاماً ، ويصف المؤلف معاناته من اقامته تلك وحنينه الشديد الى محلته الاولى وجيرته ، فيقول ( وبقينا في هذه المدة نعاني كرب الفراق ، ونقاسي شدائد المشاق ، ونتعهد الدور في النهار ، ونحن الى الايام الماضية حنين الثكلى باجراء الدمع ، ونأن عمى الاوطان الخالية انين الحبلى وقت الوضع ، وقد انتبهت سحر بعض الليالي فأشتقت الى الكرخ وصلاة الفجر بين هاتيك الأطلال ، فجرى دمعي تؤماً وكاد ان يكون دماً (29) ويورد شعراً نظمه وهو في تلك الحال يفيض لوعة ، ويعبر عن صدق احساس نادر :
عرج  عن الكرخ وانزل في iiمعانيه      واسأله  كـيف خـلت منه غوانيه
عـهـدي بـه وهو معسور iiبـسادته      وجـه الـصحب كـانو في iiنواديه
عـهدي بـه وهو محفوف يكل iiهنا      والشمل مـجتمع والـسعد iiتـاويه
والـنَّور والـنُور في ارجائه سطعاً      والـورد  والآس تـاها في iiنواحيه
ولـلصبا ارج تـحيي الـنفوس iiبه      ممـا عـلى الارض عطر كامن iiفيه
والطير فوق اصول البان في iiطربٍ      والغصن في بالخود يزري في تثنيه
فقالة  ذهـبت اصـحابه iiوعـفت      آ ثــاره  وخــوت مـنه اعـاليه

 *************************************************
(29) حديقة الزوراء ، الورقة 171 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 22 ـ
لهفي  على  الجانب  الغربي iiاجمعه      فجانب الشرق (30) طيباً   لا   يدانيه
بالله    قف    بدلي   فيه   iiكسارية      ولم  تزل  من صدى التفريق iiتروية
وقف  وقوفي  به يوم الرحيل iiضحى      حيث  العقيق  على  الخدين  اجرية
  ولا يكتم المؤلف انه خطر بباله ، في بعض ايام الحصار ، الهرب بتلاميذه الى حلب ، بعد ان ضعف امل اهل بغداد بالنجاة ، وباتت المدينة على وشك السقوط ، الا انه عاد فنحى عنه هذه الخواطر جانباً ، مفضلاً ان يقتل بأيدي الاعداء على الهرب (31) .
  هزت هذه الاحداث وجدان عبد الرحمن المؤرخ ، فوصف اخبارها بتفصيل بليغ في تاريخه ، وهزته شاعراً أدبياً فسجلها في شعره ونثره .
  وعند فك الحصارات المضروبة ، وجلاء جيوش نادر شاه ، بعد توقيع صلح سنة 1157 هـ / 1744 م ، كتب قصيدة الهمزية ، التي يصف فيها ثبات اهل الموصل وشجاعتهم في اثناء فترة الحصار ، وكان حصار مدينتهم اشد من حصار غيرها واقسى ، فجاءت قصيدته من أحسن ما نظم من قصائد ، وفيها شيئ كثير من الانفعال والحماسة والحقيقة (32) .
   ثم ألتفت الى حصار بغداد ، ودور اهلها في الدفاع عن مدينتهم ، وما أظهروه من معاني الشجاعة والبسالة ، في ارجوزة مطولة عارض بها ارجوزة مثلها كان قد ارسلها الى بغداد شاعر موصلي عاش فترة الاحداث ، هو خليل ابن علي البصير ( 33 ) .

 *************************************************
(30) في الاصل : الشرقي .
(31) حديقة الزوراء ، الورقة 171 .
(32) حديقة الزوراء ، الورقة 174 ومنشآت السويدي ( مخطوط ) .
(33) اديب شاعر ، اشتهر في عصره بجزالة شعره ورقته ، ارخ الاحداث حصار نادر شاه الموصل في عدد من الاراجيز التاريخية المطولة احداها سعيد الديوهجي في مجلة المجمع العلمي العراقي ( بغداد / المجلد 13 [ 1966 ] ص 247 ـ 264 ) وله ارجوزة تعليمية مطولة في احوال حرروف الجر استشهد فيها بآي القرآن الكريم ، نشرناها في مجلة المجمع العلمي العراقي ( بغداد / المجلد 25 [1974] ص 208 ـ 245 ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 23 ـ
   وفي قصيدة دالية ثالثة وصف الشاعر تفاصيل حصار نادر شاه للبصرة ، وما حدث في أثناء ذلك من معارك ووقائع (34) ، فجاءت قصائده تلك تسجيلاً جيداً لاحداث تاريخية مهمة ، فضلاً عن انها نماذج حسنة لشعر صادق العاطفة القومية ، واضح التأثر ، نظمه شاهد عيان عاش تلك الوقائع بنفسه .
   ويظهر ان إستقراراً ساد حياة الأسرة السويدية بعد انقضاء فترة حروب نادر شاه ، فتوطدت مكانتها ، وتوثقت صلتها بأحمد باشا ، خاصة بعد ان أدى عميدها عبد الله المهة الذي كلفه بها احمد باشا بتمثيل الجانب العثماني في المؤتمر المعقود بالنجف للتوفيق بين المذاهب باشراف نادر شاه سنة 1156 هـ / 1743 م .
   ويفهم مما اورده عبد الرحمن السويدي من اشارات أن الأسرة كانت تعيش ايام مجدها في السنين الاخيرة لحكم أحمد باشا ، ففي سنة 1157 هـ / 1744 م انتهز ضابط قصبة الحسين فرصة سفر عبد الله السويدي لاداء فريضة الحج ، فقطع عنه وعن ولده عبد الرحمن المخصصات المالية السنوية التي كان احمد باشا قد رتبها لهما من ضرائب القصبة ، فسارع عبد الرحمن الى الشكوى للوالي المذكور طالباً إعادة تلك المخصصات على ما كانت عليه من قبل (35) ، ويبدو أن الشكوى لقيت آذاناً صاغية في الحال ، وزادة حظوة عبد الله وأولاده لدى أحمد باشا عند عودته من الحج ، حتى أصبحو ممن يتوسط بهم عنده ، من ذلك أن محمد سعيد ، اخا عبد الرحمن الاوسط مدح احمد باشا بقصيده مطولة ( عن لسان بعض الاصدقاء يستمنح الوزير بها حين اخنى عليه الدهر بكلكله . . ) (36) ، وإلتمس بعظهم من عبد الرحمن طلباً مشابهاً ( يستمنح الوزير ويستطعفه حين أفتغر بعد غناه ) (37) ، وهذا كله يدل على مكانة اسرة

 *************************************************
(34) عن حصار نادر شاه البصرة انظر بحثنا : صمود البصرة أثناء حصار نادر شاه سنة 1743 ( مجلة الاستاذ التي تصدرها كلية التربية ـ جامعة بغداد / العدد 1 [1978] ص 271 ـ 321 ) .
(35) حديقة الزوراء ، الورقة 206.
(36) حديقة الزوراء ، الورقة 212.
(37) حديقة الزوراء ، الورقة 213.

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 24 ـ
عبد الرحمن الرفيعة ، مما لم يكن يتوصل اليه ( اولاد الاكابر) على حد تعبيره ، في سنة 1159 هـ / 1746 م أهدى احمد باشا لعبد الله السويدي فرساً ، فتعاون ولداه عبد الرحمن ومحمد سعيد على نظم قصيدة في شكره ومدحه (38) .
   وكانت وفاة أحمد باشا سنة 1160 هـ 1747 م تمثل لعبد الرحمن نهاية جهد سعيد مستقر عاش وأسرته فيه عيشة مرضية مريحة وأرتقى في أثنائه ، من طور الطفولة ، الى طور الاكتمال ، وجاء تاريخه لبغداد ، الذي أسماه ( حديقة الزوراء في سيرة الوزراء ) تسجيلاً حياً لمراحل هذا العهد ، الذي حكم خلاله حسن باشا وابنه أحمد باشا قرابة نصف قرن ، ضمنه الكثير من ذكرياته الشخصية ، وروايات ابيه ،واحاديث اُناس عرفهم في حياته .
  و معلوماتنا عن حياة عبد الرحمن بعد وفاة احمد باشا وفراغه من تأليف ( حديقة الزوراء ) قليلة للغاية ، حيث لا تقدم لنا المصادر المعاصرة ما يمكن أن يكمل سيرته ، والظاهر انه حافظ على شيئ من مكانته في عهد الوالي التالي سليمان باشا ، المملوك السابق لأحمد باشا وزوج ابنته عادلة خانم ، ونجد في مجموعته الشعرية (39) ، قصيدة يؤرخ فيها وصوله إلى بغداد والياً سنة 1162 هـ 1749 م (40) ، واخرى يسجل فيه انتصاره على عثمان باشا وأخوه قوج باشا البابانيين سنة 1164 هـ / 1750 م (41) ، كما نجد له قصائد اخرى في الاخوانيات تتردد فيها أسماء عدد من رجالات ذلك العهد ووجهائه ، منهم مصطفى جلبي هاشم زادة ، وعبد الرزاق جلبي الحاج هاشم زاده ، وعلي بك بن الامير محمد باشا ، وعثمان بن الدفتردار ، وآخرين لم تذكر أسمائهم ، واتسمت حياته في هذه الفترة بالهدوء والرقابة ، فقد اتهمه بعض أصحابه ذات

 *************************************************
(38) حديقة الزوراء ، الورقة 214 .
(39) مخطوطة في المكتبة القادرية في بغداد وسياتي التعريف بها .
(40) ص 8 .
(41) مجموعة أشعار السويدي ص 2 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 25 ـ
مرة بالخمول ، مما حداه بالدفاع عن نفسه متذرعاً بإنشغاله في توفير ( قوت العيال ) وتدبير أسباب الرزق (42) .
   ولكن ايام الدعة ولاستقرار سرعان ما تبددت ، فقد نشبت الفتنة في بغداد بعد وفاة سليمان باشا بسبب تنافس سبعة من كتخدائيته ( نوابه ومساعديه ) على شغل منصب الشاغر ، وقد ادى العلماء دوراً مهماً في هذه الفتنة ، لإنهم ـ على ما يذكر الكركوكلي ـ كانوا يقومون بتهدئة الأحوال ويأخذون على عاتقهم ضبط النظام (43) ، ويظهر أن عبد الرحمن كان من بين الذين تولو دوراً بارزاً في تلك المهة ، إذ نقرأ في قصيدة له هنأ بها علي باشا على توليه منصب الولاية ، انه كان ممن استخدم سيفه في اثناء تلك الاحداث ، وهو لم يضع سلاحه الا عند وصول الوالي نفسه ، وتأكده من القضاء على الفتنة ، وإزالة الشقاء ، وأمان الناس من الذعر والخوف (44) .
   بيد ان تولي علي باشا الحكم لم يؤدي الى هدوء الأحوال ، في سنة 177 هـ 1736 م إغتاله الكتخداوات السابقون ، وعين عمر باشا ، وهو زوج عائشة خانم بنت أحمد باشا ، مكانه فمدحه عبد الرحمن السويدي بقصيدة ، يحمل كل بيت منها تاريخ تلك السنة ، وفيها تعريض مر بالوالي السابق (45) ثم هنأه بقصيدة أخرى بمناسبة غزوه خزاعة في انحاء السماوة سنة 1179 هـ / 1765 م (46) .
   ورغم الأوصاف الفخمة التي وصفه بها في قصائده ، فإننا نلمح له رأيا آخراً فيه أودعه في قصيدة ارسلها في الى عثمان بن علي العمري دفتردار بغداد ، وكان عمر باشا قد عزله ونفاه في قرية سميكة من أعمال الدجيل ،

 ************************************************
(42) المجموعة نفسها ص 23 .
(43) دوحة الزوراء ص 133 .
(44) مجموعة أشعار السويدي ص 33 ( مخطوط ) .
(45) مجموعة أشعار السويدي ص 6 .
(46) المجموعة نفسها 38 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 26 ـ
   حيث وصف من تسبب في نفيه بالطاغية اللئيم (47) ، واسهب في وصف لوعته وألمه لما حل به قائلاً :
غبد الرحمن في الكرخ باك      بـعيون  لـها العيون iiقوام
   ونلمح في قصائد اخرى له ، نظمها في الفترة نفسها ، شكوى مرة من صروف الزمان ، وضيق مما ألم به من امور ، ففي قصيدة نظمها في ( خطب اعتراه ) وكان عمره يوم ذاك خمسة واربعين عاماً ، اي في حدود 1178 هـ / 1764 م ، نراه يشكو من الضيم ، وجور الاعادي وجهل الجبارة والباغين ، منذراً اياهم بالزوال (48) :
الا من يخبر الاعداء  (49)  عنا      بـأنا  فـوق جـهل الـجاهلينا
وان الله دام لــنـا iiنـصـيرا      وان  الله مـولـى iiالـمـسلمينا
وان الـبـغي مـرتـعه وخـيم      وان عـدونـا لـم يـبق iiحـينا
وأضطر ، وهو في الثالثة والخمسين من عمره ، الى ان يطلب النجاة من طاعون جارف كان قد داهم العراق سنة 1186 هـ / 1772 م والانتقال الى البصرة ، حيث استقبل هناك استقبالاً حسناً ، وأشتغل بألقاء الدروس في بعض المساجد والمدارس الكبيرة ، ثم انتقل الى الكويت ، فمكث فيها مدة يدرس العلوم الدينية وبخاصة الحديث . وعند زوال الطاعون عاد الى البصرة ، ليرحل منها الى بغداد ، ولاكنه اضطر الى المتثال لامر عمر باشا بالعمل فيها قاضيا (50) . وبما ان كان قد ارسل زوجته الى بغداد ، فقد عمد الى الزواج مجددا من امرأة بصرية تدعى زينب هونت عليه شقاءة ووحدته ، ولم يمض عليه الا نحو سنة او اكثر ، حتى تبادرت اليه الاخبار بقرب حصار كريم خان الزندي

 ************************************************
(47) المجموعة نفسها ص 39 ومشأت السويدي سنة 23 ( مخطوط ) .
(48) مجموعة شعر السويدي نفسه ص 13 .
(49) في الاصل : الاعادي .
(50) منشأت السويدي . الورقة 17 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 27 ـ
للبصرة ، فتركها وفيها زوجته المذكورة ، وسافر الى بغداد ليرى الاوضاع قد تغيرت ، وان الطاعون قد ادى الى هلاك جماعة كبيرة من اصدقائه ومعارفه ، فاعتكف في داره مشتغلا بالبقراءة والدرس ،ولم يخرجه من اعتكافه هاذا ، الا ان علمه بأن ثمة موامرة يدبرها المبعوث العثماني ، ورجل دعي يدعى انه عجم محمد ، للاستيلاء على الحكم ، وتعين الاخير واليا بغداد ، فتزعم عبد الرحمن - عند ذاك - اهل الجانب الغربي ، وشرع بتهيئة الدفاعات الازمة ، وترتيب الخطط - ذاك المؤيدة الى عرقلة مشاريع خصومة .
ثم انضم الى زعامة ال شاوي امراء قبيلة العبيد العربية ، التي تولت قيادة ثورة البغدادين من اهل الجانبين الشرقي والغربي ، وتولى امر تدريبه الذخيرة المستخدمة في المقاومة .
ولم تنته هذه الاحداث ، الا بوصول سليمان باششا المعوف بالكبير ( 1164 - 1217 هـ / 1780 - 1802 م ) واليا على بغداد ، وكان عبد الرحمن صديقا له منذ ايام قامته في البصرة ، حيث كان سليمان مستلما لها اذ ذاك ، ولاكننا لا نعلم شيئا عن احواله في خلال الفترة التالية لوصول الوالي ، ويبدو انه توقف عن الكتابة في تلك السنين ، وربما لتقمه في السن ، او لمرض الم به ، وكانت وفاته في 20 ربيع الثاني سنة 1200 هـ / 1 شباط سنة 1786 ودفن الى جوار الشيخ احمد ، وسليمان بك الشاوي ، والشيخ علي افندي البغدادي ، وغيرهم .
ترك من العقب ، ولدا واحد هو محمد ، وبنتا اسها زينب ، واعقب محمد ولدين كل منهما كان عالما ادبيا مؤرخا هما عبد الرحيم ( توفي سنة 1277 هـ / 1812 م ) وسلمان ( توفي سنة 1230 هـ / 1815 م ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 28 ـ
آثاره

اولاً : في التاريخ والسير

1 ـ حديقة الزوراء في سيرة الوزراء .
وهو في سيرة واليي بغداد الوزيرين حسن باشا ( 1116 - 1136 - هـ / 1704 - 1723 م ) وابه احمد باشا ( 1136 - 1147 هـ / 1723 - 1734 م ) .
نشر الدكتور صفاء خلوصي القسم الاول منه ، وهو الخاص بسيرته حسن باشا ( بغداد 1961 ـ 128 ص ) واقوم باعداد طبعة علمية ، محققة ، ومزدودة بدراسة وتعليقات وشروح ، للكتاب بقسميه ، مقابلاً على نسخ خطية متعددة .
2 ـ الكتيبة في السير ، وهو من كتبه الضائعة ، اشار اليه يوسف بن محمد العبادي في كتابه المسمى بالجمانات السنية شرح المنظومة السليمانية (51) ، واسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين (52) .
3 ـ تاريخ حوادث بغداد والبصرة من سنة 1186 الى سنة 1192 هـ وهو هذا الكتاب .

ثانيـاً : فــي الفقــة
4 ـ الدرة السنية على شرح الحضرمية ، وهي حاشية على الشرح المنسوب لاحمد بن محمد بن محمد بن الحجر الهيتمي الشافعي ( ت 974 هـ / 1566 م ) للمقدمة الحضرمية في فروع الشافعية تأليف عبد الله عبد الرحمن بافضل الحضرمي الشافعي ، مخطوط لم يطبع ، منه نسخة في المكتبة القادرية ببغداد برقم 473 ، وتاريخها 1234 هـ
وتقع في ورقة 213 (53) .

 ************************************************
(51) مخطوط منه كاظم الدحيلي في مجلة لغة العرب 2 ( 1912 ) ص 280 .
(52) ج2 ص 556 .
(53) الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج2 ص 282 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 29 ـ
5 ـ حاشية على تحفة المحتاج لشرح المناهج لاحمد بن محمد بن محمد بن علي ، ابن حجر الهيتمي السعدي الانصاري ( 974 هـ / 1566 م ) و ( مناهج الطالبين ) في فقه الشافعي ليحيى بن شرف النووي ( ت 676 هـ ) وهو مرتب على اربعة ارباع ، شرح السويدي في حاشية ربع العبادات واشار اليه العبادي في الجمانات السنية المقدم ذكره (54) والبغدادي في الهدية (55) والمرادي (56) .
6 ـ ارواء المحتمي من كؤوس الشبراملسي ، وهو حاشية على حاشية ابي الضياء نور الدين الشبراملسي على نهاية المحتاج لشرح المنهاج ، اشار اليه العبادي (57) ، والبغدادي (58) .


ثالثاً : في الحكمة والعقائد والتصوف
7 ـ الهبة الالهية في شرح الشيبانية ، وهو في شرح ( العقيدة الشبانية ) في علم الكلام والعقائد ، اشار اليه البغدادي في الذيل على كشف الظنون ونقل اوله (59) ، وفي الهدية (60) ، العبادي (61) .
8 ـ حديقة الجاني في حل قصيدة الشيباني .
شرح فيه ( القصيدة الشيبانية ) في علم الكلام ، وفرق منه في جمادى الاولى سنة 1158 هـ / 1745 م منه نسخة في المكتبة القادرية برقم 585 كتبها كاظم بن الحاج عبد الله سنة 1235 هـ / 1819 م ويقع في 26 ورقة (62) .
 ************************************************
(54) لغة العرب 2 / 279 .
(55) هدية العارفين 1 / 556 .
(56) سلك الدرر 2 / 330 .
(57) لغة العرب 2 / 279 .
(58) هدية العارفين 1 / 556 .
(59) ايضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون 2 / 716 .
(60) هدية العارفين 1 / 556 .
(61) لغة العرب 2 / 279 .
(62) الآثار الخطية في المكتبة القادرية 2 / 429 ـ 430 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 30 ـ
9 ـ الاجوبة الهندية في المحكمة الالهية ، في علم الحكمة ، كذا سماه العبادي (63) وعند البغدادي ( الاجوبة العندية في المحكمة الربانية ) (64) .
10 ـ كشف الحجب المسبلة شرح التحفة المرسلة ، و ( التحفة المرسلة ) رسالة في موضوع ( وحدة الوجود ) تاليف الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري الهندي الصوفي المتوفي سنة 1029 هـ / 1619 م ، و قد رد السويدي في شرحه لها على مدعي الحلول ، نوه به البغدادي (65) وطبع في مصر .
11 ـ هبة المنان شرح كلمات الشيخ رسلان . في التصوف ، ذكره البغدادي ، ونقلة اوله ( 66 ) ، وسماه العبادي ( شرح الرسلانية ) (67) .
12 ـ شرح قصيدة للشيخ الاكبر [ لعله : محيي الدين ابن عربي المتوفى 631 هـ / 1233 م ] في التصوف ، ذكره العبادي (68) .
13 ـ شرح الصلوات المشيشية ، في التصوف ، والصلوات للشيخ عبد السلام ابن مشيش ، من اهل القرن الثاني عشر للهجرة ( الثامن عشر للميلاد ) ، طبع في مصر ، في ذيل كشف الحجب المتقدم .
14 ـ رسالة في الدراويش ، منه نسخة في مكتبة الاوقات ببغداد برقم [ 3 / 4715 ] (69) .

 ************************************************
(63) لغة العرب 2 / 276 .
(64) هدية العارفين 2 / 556 .
(65) هدية العارفين 2 / 556 وايضاح المكنون 2 / 359 .
(66) ايضاح المكنون 2 / 717 .
(67) لغة العرب 2 / 279 .
(68) لغة العرب 2 / 279 .
(69) فهرس المخطوطات العربية 2/ 293 .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 31 ـ
رابعاً : في النحو والبلاغة
15 ـ الغيث الهامي على شرح القطر للعصامي ، وهو حاشية على حاشية عبد الملك بن جمال الدين بن صدر الدين العصامي الاسفرائيني المشهور بملا عصام ( توفي سنة 1037 / هـ 1628 م ) على شرح عبد الله بن يوسف ابن هشام النحوي ( توفي 762 هـ / 1360 م ) لمقدمته المشهورة في النحو ( قطر الندى وبل الصدى ) . ومنه نسخة في مكتبة المتحف العراقي ببغداد برقم 3342 وتقع في 291 ص (70) .
16 ـ التبيان شرح الجمان ، سشرح فيه كتاب ( جمان الاستعارات ) الذي الفة والده في الاستعارة ، وكان ابوه قد ابتدأ بشرحه حتى المقصد الاول ، ثم كلفة ابنه عبد الرحمن سنة 1168 هـ / 1754 م باتمام ما بدأ فيه ، منه نسخة في المكتبة القادرية برقم (1080) كتبت سنة 1341 هـ / 1922 م وتقع في ( 30 ورقة ) (71) واخرى في مكتبة الاوقاف ببغداد برقم ( 13799 ) في ( 83 ورقة ) وثالثة في المكتبة المتحف العراقي برقم 7758 في ( 80 ص ) .
17 ـ حاشية على شرح لامية الافعال ، والشرح لابن حجر ، واللامية لجمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي المتوفى سنة 672 هـ / 1273 م . اشار اليها البغدادي (72) .

خامساً : في الادب والشعر
18 ـ مجموعة منشآته من الرسائل التي كتبها الى معاصريه او التي كتبها عن لسان بعضهم ، وهو دفتر يفتح طولاً ، بخطه ، محفوظ في المكتبة القادرية ببغداد (73) .

 ************************************************
(70) اسامة النقشبندي : المخطوطات اللغوية في مكتبة المتحف العراقي ص 27 .
(71) الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج3 ص242 .
(72) هدية العارفين 2 / 556 .
(73) الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج4 ( غير مطبوع ) .

تاريخ حوادث بغداد والبصرة    ـ 32 ـ
19 ـ جامعة الامثال عزيزة المثال ، اشار اليه البغدادي (74) .
20 ـ مجموعة اشعاره وتضم قصائد ومقطعات عديدة نظمها في مناسبات تاريخية واجتماعية شتى ، آخرها مؤرخ في سنة 1179 هـ 1765 م ، وقد جمعت في حياته ، على يد احد اخوته جع انه احمد السويدي كما تدل على ذ لك قرائن عدة ، (75) نسخة خطية في المكتبة القادرية ، على هيئة دفتر يفتح طولاً ، وعدد اوراقه 58 ورقة ، (76) واخرى كانت في مكتبة عباس العزاوي (77) .

سادساً : في علم الفلك
21 ـ زينة الاملاك في تشرح الافلاك . وهو حاشية على شرح تشريح الافلاك تأليف عبد الله الفخرى الموصلي توفى سنة 1188 هـ / 1774 م ، تشريح الافلاك : في الهيئة ، لبهاء الدين محمد بن حسن بن عبد الصمد العاملي الهمداني المتوفى سنة 1031 هـ / 1621 م ، منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الاوقاف العامة ببغداد برقم ( 2 / 6281 ) مجاميع ، وتقع في 14 ورقة (78) .
22 ـ شرح مسألة الشعيرة لمحمود بن محمد بن عمر الجغيمني ( توفى ضناً سنة 618 هـ / 1221 م ) منه نسخة خطية في مكتبة الاوقاف العامة ببغداد برقم [ 3 / 6281 مجاميع ] ، وتقع في 12 ورقة (79) .

 ************************************************
(74) هدية العارفين 2 / 556 .
(75) عبد الرحمن الكيلاني : المخطوط رقم 1355 / شعر في المكتبة القادرية . ( مجلة المجمع العلمي العراقي 19 [ 1970 ] ص 165 ) .
(76) الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج4 .
(77) تاريخ الادب العربي في العراق 2 / 284 .
(78) عبد الله الجبوري ، فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الاوقاف العامة في بغداد ج4 ص 245 وعز الدين علم الدين في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق 8 / 449 .
(79) الفهرس نفسه ج4 ص 129 .