حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثنا أبي عن الزّبير بن الخِريت، عن أبي لبيد الجهضَميّ، عن الحارث بن قيس، قال : عرضَ نفَسه - يعني عبيد الله بن زياد - عليَ، فقال : أمَا واللهِ إني لأعرفُ سوءَ رأيٍ كانَ في قومِكَ، قالَ : فرقَقْتُ له، فأردفتُهُ على بغلتِي، وذلك لَيلاً فأخذتُ على بني سُلَيم، فقال : مَن هؤلاء ؟ قلتُ : بنو سُلَيم، قال : سلِمنا إن شاء الله ، ثمَ مررنا ببني ناجية، وهم جلوسٌ، ومعهم السلاحُ، وكان النّاسُ يتحارَسون إذْ ذاك في مجالسهم، فقالوا : مَن هذا ؟ قلتُ : الحارثُ بن قيس، قالوا : امضِ راشداً، فلماّ مضينا قال رجلٌ منهم : هذا واللهِ ابنُ مرجانةَ خلفَه، فرماهُ بسهمٍ فوضعَه في كُورِ عمامتِه، فقال : يا أبا محمّدٍ مَن هؤلاء ؟ قال الذينَ كنتَ تزعُمُ أنهّم مِن قريشٍ، هؤلاء بنو ناجية، قال :
نجونا إن شاء اللهُ، ثمَ قال : يا حارث إنّك قد أحسنتَ وأجملتَ، فهل أنت صانعٌ ما أشيرُ به عليك ؟ قد علمتَ منزلةَ مسعود (1) بن عَمْرو في قومِه وشرفِه وسنه وطاعةِ قومِهِ له، فهل لك أن تذهبَ بي إليه فأكونَ في دارِه ؟، فهي وسط الأزد، فإنّك إنْ لم تفعلْ صدع عليك أمر قومِك، قلتُ : نعم، فانطلقت به، فما شعر مسعودٌ بشيءٍ حتى دخلنا عليه،
وهو جالسٌ ليلتئذٍ يُوقد بقضيبٍ على لبِنَةٍ، وهو يُعالج خُفَيه، قد خلَع أحدهما وبقي الآخر، فلماّ نظر في وجوهِنا عَرفنا، وقال : إنّه كان يتعَوَذُ من طوارق السُوء، فقلتُ له : أ فتُخرجُه بعدما دخل عليكَ بيتَك ؟ قال : فأمرَهُ فدخل بيت عبد الغافر بن مسعود - وامرأةُ عبد الغافر يومئذٍ خيَرَْة بنت خُفاف بن عَمْرو - قال : ثمَ رَكِبَ مسعود من ليلتِه ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافُوا في الأزدِ وجالسهم، فقالوا : إنَ ابن زياد قد فُقِد، وإنّا لا نأمَن أن تلطّخُوا به فأصبحُوا في السلاح، وفقد النّاسُ ابن زيادٍ، فقالُوا : أين توجَهَ ؟ فقالُوا : ما هُو إلاّ في ************************************************* (1) مسعود بن عَمْرو العتكيّ، زعيمٌ من بني عتيك، مِن الأزد، من اليمانييّن، كان رئيس الأزد وربيعة في البصرة، وهو الذي سهَل لعبيد الله بن زياد الهرب للشام، إذْ أجاره وأرسل معه مائةً من الأزد أوصلوه إلى الشّام، قتلهُ نافعُ بن الأزرق الخارجيُ غفلةً . ينظر : الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 219 .
الأزد، قال وهب : فحدّثنا أبو بكر بن الفضل عن قبيصة بن مروان أنهّم جعلُوا يقولون : أين ترونه توجَهَ ؟ فقالت عجوزٌ مِن بني عقيل : أينَ ترونَهُ توجَه ؟ اندحَسَ واللهِ في أجَمََةِ أبيه. وكانت وفاةُ يزيد حين جاءت ابن زياد وفي بيوت مال البصرة ستّة عرَ ألفَ ألفٍ، ففرَقَ ابنُ زيادٍ طائفةً منها في بني أبيه، وحمل الباقي معه، وقد كان دعا البخاريَة إلى القِتالِ معهُ ودعا بني زياد إلى ذلك فأبَوا عليه) (1) . (حدّثني عمر، قال : حدّثني زهير بن حربٍ، قال : حدّثنا الأسود بن شيبان عن عبد الله بن جرير المازنيّ، قال : بعث إليَ شقيقُ بن ثور فقال لي : إنّهُ قد بلغنِي أنَ ابن منجوف (2) هذا وابن مسمع يُدلجَِان باللّيل إلى دار مسعود ليردّا ابن زياد إلى الدار ليصلُوا بين هذَين الغارَيْن، فيهرقُوا دماءَكم، ويُعِزُوا أنفسَهم، ولقد هممتُ أن أبعثَ إلى ابن منجوف فأشدَه وثاقاً، وأخرجَه عنّي، فاذهب إلى مسعود فاقرأ عليه السّام مني، وقُل له إنَ ابنَ منجوفٍ وابنَ مَسمَعٍ يفعلانِ كَذا وكَذا، فاخرج هذَين الرّجلينِ عنك، قال وكان معه عبيد الله وعبد الله ابنا زياد . قال : فدخلتُ على مسعود وابنا زياد عنده، أحدُهما عن يمينه والآخر عن شمالِه، فقلتُ : السلامُ عليك أبا قَيس، قال : وعليك السلام، قلت : بعثني إليك شقيق بن ثور يقرأ عليك السّلام، ويقول لك : إنّه بلغني، فردَ الكلامَ بعينِهِ إليّ (فأخرِجْهمُا عنك)، قال مسعود : والله فعلتُ ذاك، فقال عبيدُ الله : كيفَ أبا ثور ؟ - ونسيَِ كُنيَتَهُ ؟ إنمّا كانَ يُكنَى أبا الفَضل -، فقال أخوه عبد الله : وإنّا والله لا نخرجُ عنكم، قد أجرتمُونا وعقدتُم لنا ذمَتكُم، فلا نخرجُ حتّى نُقتَلَ بينَ أظهرِكُم فيكونَ عاراً عليكم إلى ************************************************* (1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 292 _ 293 . (2) ابن منجوف هو سويد بن منجوف السّدوسي، وهو سدوس بن شيبان بن ذهيل بن ربيعة، كنيته أبو المنهال، عداده في أهل البصرة، رأى الإمامَ علياً (ع) وروى عنه . ينظر : البخاريّ، التاريخ الكبير : ج 4، ص 134 ، ابن حِبّان البستيّ، الثقات : ج 4، ص 323 . |
نـزعْنَا وولَينا وبكرُ بنُ | وائلٍ تجرُ خُصاهَا تبتغِي مَن تحالِفُ
كـرنِـبُوا | ودولِـبُـوا وحيثُ شئتم فاذهبُوا (1)
أيـرُ الحمار فريضةٌ عضَ الموالي جلدَ أير أبيهم إنّ الـموالي معشرُ الخيّابِ | لشبابكم والخصيتان فريضةُ الأعرابِ
كـرنِـبُوا و وحيثُ شئتُم فاذهبَوا (3) | دولِـبُـوا وشـرّقُـوا وغـرّبُـوا
أميرَ المؤمنينَ جُزيتَ خيراً أرِحنا من قُباع بني المُغيرة بـلـوناه ولـمُناه فـأعيا عـلينا مـا يُمِرُ لنا مَريرة عـلى أنّ الفتى نَكِحٌ أكولٌ وولاّجٌ مـذاهبُهُ كثيرة (3) |
قـتلتُم ستّة الآلاف جعلتم ذمّة الحَبَطِيّ جسراً ذَلـولاً ظـهرُهُ لـلواطئينا وما كانوا غداة دُعوا فغُرّوا بـعهدهم بـأوّلِ خـائنينا وكنتُ أمرتهُم لو طاوعُوني بضربٍ في الأزقَة مُصلتِينا | صبراً مـع العهد الموثَق مكتفينا
أبـلِغ أميرَ المؤمنينَ بُضْع الفتاةَ بألفِ ألفٍ كاملٍ وتبيتُ قادات الجيوش جِياعا لو لأبي حفصٍ أقول مقالتي وأبـثُ مـا أبثثتُكم لارتاعا | رسالةً مِن ناصحٍ لك لا يُريك خِداعا
لبِئس ما حكمتَ يا جلاجِلُ النّقدُ دَينٌ والطعَانُ وأنـتَ بالبابِ سميرٌ آجلُ | عاجلُ
لبِئس ما حكمتَ يا ابنَ وَبْرَة تُعطَى ثلاثينَ وتُعطِي عَشرة |