حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثنا أبي عن الزّبير بن الخِريت، عن أبي لبيد الجهضَميّ، عن الحارث بن قيس، قال : عرضَ نفَسه - يعني عبيد الله بن زياد - عليَ، فقال : أمَا واللهِ إني لأعرفُ سوءَ رأيٍ كانَ في قومِكَ، قالَ : فرقَقْتُ له، فأردفتُهُ على بغلتِي، وذلك لَيلاً فأخذتُ على بني سُلَيم، فقال : مَن هؤلاء ؟ قلتُ : بنو سُلَيم، قال : سلِمنا إن شاء الله ، ثمَ مررنا ببني ناجية، وهم جلوسٌ، ومعهم السلاحُ، وكان النّاسُ يتحارَسون إذْ ذاك في مجالسهم، فقالوا : مَن هذا ؟ قلتُ : الحارثُ بن قيس، قالوا : امضِ راشداً، فلماّ مضينا قال رجلٌ منهم : هذا واللهِ ابنُ مرجانةَ خلفَه، فرماهُ بسهمٍ فوضعَه في كُورِ عمامتِه، فقال : يا أبا محمّدٍ مَن هؤلاء ؟ قال الذينَ كنتَ تزعُمُ أنهّم مِن قريشٍ، هؤلاء بنو ناجية، قال : نجونا إن شاء اللهُ، ثمَ قال : يا حارث إنّك قد أحسنتَ وأجملتَ، فهل أنت صانعٌ ما أشيرُ به عليك ؟ قد علمتَ منزلةَ مسعود (1) بن عَمْرو في قومِه وشرفِه وسنه وطاعةِ قومِهِ له، فهل لك أن تذهبَ بي إليه فأكونَ في دارِه ؟، فهي وسط الأزد، فإنّك إنْ لم تفعلْ صدع عليك أمر قومِك، قلتُ : نعم، فانطلقت به، فما شعر مسعودٌ بشيءٍ حتى دخلنا عليه، وهو جالسٌ ليلتئذٍ يُوقد بقضيبٍ على لبِنَةٍ، وهو يُعالج خُفَيه، قد خلَع أحدهما وبقي الآخر، فلماّ نظر في وجوهِنا عَرفنا، وقال : إنّه كان يتعَوَذُ من طوارق السُوء، فقلتُ له : أ فتُخرجُه بعدما دخل عليكَ بيتَك ؟
  قال : فأمرَهُ فدخل بيت عبد الغافر بن مسعود - وامرأةُ عبد الغافر يومئذٍ خيَرَْة بنت خُفاف بن عَمْرو - قال : ثمَ رَكِبَ مسعود من ليلتِه ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافُوا في الأزدِ وجالسهم، فقالوا : إنَ ابن زياد قد فُقِد، وإنّا لا نأمَن أن تلطّخُوا به فأصبحُوا في السلاح، وفقد النّاسُ ابن زيادٍ، فقالُوا : أين توجَهَ ؟ فقالُوا : ما هُو إلاّ في

*************************************************
(1) مسعود بن عَمْرو العتكيّ، زعيمٌ من بني عتيك، مِن الأزد، من اليمانييّن، كان رئيس الأزد وربيعة في البصرة، وهو الذي سهَل لعبيد الله بن زياد الهرب للشام، إذْ أجاره وأرسل معه مائةً من الأزد أوصلوه إلى الشّام، قتلهُ نافعُ بن الأزرق الخارجيُ غفلةً . ينظر : الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 219 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 277 ـ

  الأزد، قال وهب : فحدّثنا أبو بكر بن الفضل عن قبيصة بن مروان أنهّم جعلُوا يقولون : أين ترونه توجَهَ ؟ فقالت عجوزٌ مِن بني عقيل : أينَ ترونَهُ توجَه ؟ اندحَسَ واللهِ في أجَمََةِ أبيه.
  وكانت وفاةُ يزيد حين جاءت ابن زياد وفي بيوت مال البصرة ستّة عرَ ألفَ ألفٍ، ففرَقَ ابنُ زيادٍ طائفةً منها في بني أبيه، وحمل الباقي معه، وقد كان دعا البخاريَة إلى القِتالِ معهُ ودعا بني زياد إلى ذلك فأبَوا عليه) (1) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني زهير بن حربٍ، قال : حدّثنا الأسود بن شيبان عن عبد الله بن جرير المازنيّ، قال : بعث إليَ شقيقُ بن ثور فقال لي : إنّهُ قد بلغنِي أنَ ابن منجوف (2) هذا وابن مسمع يُدلجَِان باللّيل إلى دار مسعود ليردّا ابن زياد إلى الدار ليصلُوا بين هذَين الغارَيْن، فيهرقُوا دماءَكم، ويُعِزُوا أنفسَهم، ولقد هممتُ أن أبعثَ إلى ابن منجوف فأشدَه وثاقاً، وأخرجَه عنّي، فاذهب إلى مسعود فاقرأ عليه السّام مني، وقُل له إنَ ابنَ منجوفٍ وابنَ مَسمَعٍ يفعلانِ كَذا وكَذا، فاخرج هذَين الرّجلينِ عنك، قال وكان معه عبيد الله وعبد الله ابنا زياد . قال : فدخلتُ على مسعود وابنا زياد عنده، أحدُهما عن يمينه والآخر عن شمالِه، فقلتُ : السلامُ عليك أبا قَيس، قال : وعليك السلام، قلت : بعثني إليك شقيق بن ثور يقرأ عليك السّلام، ويقول لك : إنّه بلغني، فردَ الكلامَ بعينِهِ إليّ (فأخرِجْهمُا عنك)، قال مسعود : والله فعلتُ ذاك، فقال عبيدُ الله : كيفَ أبا ثور ؟ - ونسيَِ كُنيَتَهُ ؟ إنمّا كانَ يُكنَى أبا الفَضل -، فقال أخوه عبد الله : وإنّا والله لا نخرجُ عنكم، قد أجرتمُونا وعقدتُم لنا ذمَتكُم، فلا نخرجُ حتّى نُقتَلَ بينَ أظهرِكُم فيكونَ عاراً عليكم إلى

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 292 _ 293 .
(2) ابن منجوف هو سويد بن منجوف السّدوسي، وهو سدوس بن شيبان بن ذهيل بن ربيعة، كنيته أبو المنهال، عداده في أهل البصرة، رأى الإمامَ علياً (ع) وروى عنه . ينظر : البخاريّ، التاريخ الكبير : ج 4، ص 134 ، ابن حِبّان البستيّ، الثقات : ج 4، ص 323 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 278 ـ

  يومِ القيامة) (1) .

خبرُ أختيار عبدالله بن الحارث (ببة) لولاية البصرة (65 هـ / 684 م)

  (قال وهب (2) : حدّثنا الزبير بن الخريت عن أبي لَبيد، أنَ أهلَ البصرةِ اجتمعُوا فقلَدُوا أمرَهم النُعمان بن صَهبان الراسبيّ (3) ورجلاً من مضرَ ليختاروا لهم رجلاً فيولُوه عليهم، وقالوا مَن رضيتمُا لنا فقد رضِينَاه، وقالَ غيرُ أبي لبيد : الرجلُ المضريُ قيسُ بن الهيثم السُلَميّ، قال أبو لبيد ورأيُ المضريّ في بني أُميّة، ورأيُ النُعمان في بني هاشم، فقال النُعمانُ : ما أرى أحدَاً أحقُ بهذا الأمرِ مِن فلان - لرجلٍ من بني أميّة - قال : وذلك رأيُك ؟ قال : نعم، قال : قد قلّدتُك أمري، ورضيتُ مَن رضيتَ، ثمَ خرجَا إلى النّاس، فقال المضريُ : قد رضيتُ مَن رضيَ النّعمان، فمَن سمّى لكم فأنا به راضٍ، فقالوا للنعمان : ما تقول ؟ فقال : ما أرى أحداً غيرَ عبد الله بن الحارث - وهو ببّه - فقال المضريُ : ما هذا الذي سمَيت لي ؟ قال : بل لَعمري إنّه لهو، فرضيَ النّاس بعبدِ اللهِ وبايعُوه، قال أصحابُنا : دعت مضُر إلى العبّاس بن الأسود بن عوف الزهريّ ابن أخي عبد الرحمن بن عوف، ودعت اليمن إلى عبد الله بن الحارث بن نوفل، فتراضىَ النّاس أن حكّموا قيس بن الهيثم والنعمان بن صهبان الراسبيّ لينظرا في أمر الرجلينِ، فاتّفقَ رأيهمُا على أن يوليَا المضريّ الهاشميّ إلى أن يجتمعَ أمرُ النّاس على إمامٍ، فقيل في ذلك :

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 293 _ 294 .
(2) نفس سلسلة السّند السابقة عن (عمر بن شبَة قال : حدّثني زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب ابن جرير، قال : حدّثنا أبي عن الزّبير بن الخريت عن أبي لبيد الجهضميّ عن الحارث بن قيس ... ) ، الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 292 .
(3) النُعمان بن صبهان الراسبيّ من أصحابِ الإمامِ علي (ع) شارك معه في الجمل، وكان في جند معقل ابن قيس في مقاتلة الخريت النّاجي رئيس الخوارج، وقتل الخِريت . ينظر : النمازيّ الشاهروديّ، مستدركات عِلم رجال الحديث : ج 8، ص 81 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 279 ـ

نـزعْنَا وولَينا وبكرُ بنُ iiوائلٍ      تجرُ خُصاهَا تبتغِي مَن تحالِفُ
  فلماّ أمَروا ببّه على البصرة ولىّ شرطتَه همِْيان بن عديّ السَدُوسيّ) (1) .

خبرُ خروج عبيدالله بن زياد من البصرة (65 هـ / 684 م)

  (وأمّا عمر فإنَه حدّثني في أمر خروج عبد الله إلى الشام، قال : حدّثني زهير، قال : حدّثنا وهب بن جرير بن حازم، قال : حدّثنا الزبير بن الخِريت، قال : بعث مسعود مع ابن زياد مائةً مِن الأزد عليهم قُرَة بن عَمْرو بن قيس (2) ، حتّى قدمُوا به الشّام) (3) .
  (وحدّثني عمر، قال : حدّثنا أبو عاصم النبيل عن عَمْرو بن الزبير وخلاد بن يزيد الباهليّ والوليد بن هشام، عن عمّه، عن أبيه، عن عَمْرو بن هبرة، عن يساف بن شريح اليشكريّ، قال وحدّثنيه عليّ بن محمّد، قال :
  قد اختلفوا فزاد بعضهم على بعض أنّ ابن زياد خرج من البصرة، فقال ذات ليلة إنّه قد ثقل على ركوب الإبل، فوطئوا لي على ذي حافر، قال فأُلقيت له قطيفةٌ على حمار، فركبه، وإنّ رجليه لتكاد أن تخدّان في الأرض، قال اليشكريُ : فإنَه لَيسيرُ أمامي إذ سكت سكتةً فأطالها، فقلتُ في نفسي : هذا عبيد الله أمير العراق أمس، نائمٌ السّاعة على حمار، لو قد سقط منه أعنتُهُ ! ثمّ قلت : والله لئن كان نائماً لأنغصَنَ عليه نومَه، فدنوتُ منه، فقلتُ : أ نائمٌ أنت ؟ قال : لا، قلت : فما أسكتك ؟ قال : كنتُ أحدثُ نفسي، قلت : أ فلا أُحدثُك ما كنتَ تحدثُ به نفسَك ؟ قال : هاتِ، فوالله ما أراك تكيسُ ولا تُصيب، قال : قلت : كنتَ تقول : ليتني لم أقتُل الحُسين، قال : وماذا ؟ قلتُ : تقول : ليتني لم أكن

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 294 .
(2) قرة بن عَمْرو بن قيس الأزديّ الجهضميّ البصريّ، ورد مع عبيد الله بن زياد دمشق لما هرب من البصرة بعد موت يزيد بن معاوية . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 49 ، ص 310 .
(3) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 402 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 280 ـ

  قتلتُ مَن قتلت، قال : وماذا ؟ قلتُ : كنت تقول : ليتني لم أكن بنيتُ البيضاءَ (1) ، قال : وماذا ؟ قلتُ : تقول : ليتني لم أكن استعملتُ الدّهاقين، قال : وماذا ؟ قلت : وتقول : ليتني كنت أسخى ممّا كنتُ ؟
  قال : فقال : واللهِ ما نطقتَ بصواب، ولا سكتَ عن خطأ، أمّا الحُسين فإنَه سار إليَ يريد قتلي، فاخترتُ قتله على أن يقتلني، وأمّا البيضاء فإنيّ اشتريتُها من عبيد الله بن عثمان الثقفيّ، وأرسل يزيد بألف ألف فأنفقتها عليها، فإن بقيت فلأهلي، وإن هلكت لم آسَ عليها ممّا لم أعنف فيه، وأمّا استعمال الدّهاقين فإنَ عبد الرحّمن بن أبي بكرة وزاذان فروخ وقعا فيّ عند معاوية، حتى ذكرا قشور الأرز، فبلغا بخراج العراق مائة ألف ألف، فخيرّني معاوية بين الضمّان والعَزل، فكرِهت العَزل، فكنتُ إذا استعملتُ الرّجلَ مِن العَرب فكسر الخراج فتقدّمت إليه، أو أغرمت صدور قومه، أو أغرمت عشيرته، أضررتُ بهم، وإن تركتُه تركتُ مال الله، وأنا أعرف مكانه، فوجدتُ الدّهاقين أبصر بالجباية، وأوفى بالأمانة، وأهوى في المطالبة منكم، مع أنيّ قد جعلتُكم أمناء عليهم ، لئلاّ يظلمُوا أحداً.

*************************************************
(1) البيضاء هي دار عمّرها عبيد الله بن زياد بالبصرة، ولما تمَ بناؤها أمر وكلاءه أن لا يمنعوا أحداً من دخولها، وأن يتحفّظوا كلاماً إن تكلّم به أحدٌ، فدخل فيها إعرابيٌ وكان فيها تصاوير، ثمَ قال : لا ينتفع بها صاحبها ولا يلبث فيها إلا قليلاً، فأتى به ابنَ زياد وأخبر بمقالته، فقال له : لمَِ قلتَ هذا ؟ قال : لأني رأيت فيها أسداً كالحاً، وكلباً نابحاً، وكبشاً ناطحاً، فكان الأمر كما قال، ولم يسكنها إلا قليلاً حتى أخرجه أهل البصرة إلى الشام، ولم يعد إليها، وفي خبرٍ آخر إنّه لما بنى البيضاء أمر أصحابه أن يستمعوا ما يقول النّاس، فجاءوه برجلٍ، فقيل له : إنّ هذا قرأ وهو ينظر إليها { أَتَبْنُونَ بِكُلِ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَخِذُونَ مَصَانعَِ لَعَلَكُمْ تخَْلُدُونَ } (الشعراء : 128 )، فقال : ما دعاك إلى هذا ؟ فقال : آيةٌ من كتاب الله عرضت لي، فقال : والله لأعملنّ بك بالآية الثالثة { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَارِينَ } (الشعراء : 130 )، ثمَ أمر فبُنيَ عليه ركنٌ مِن أركان القصر) . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 2، ص 416.

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 281 ـ

  وأمّا قولك في السّخاء، فوالله ما كان لي مالٌ فأجود به عليكم، ولو شئتُ لأخذتُ بعضَ مالكم فخصصت به بعضكم دون بعض، فيقولون : ما أسخاه، ولكني عممتُكم، وكان عندي أنفع لكم، وأمّا قولك : ليتني لم أكن قتلتُ مَن قتلت، فما عملت بعد كلمة الإخلاص عملاً هو أقرب إلى الله عندي من قتلي مَن قتلت من الخوارج، ولكنّي سأخبرك بما حدّثتُ به نفسي، قلت : ليتني كنتُ قاتلتُ أهلَ البصرة، فإنهّم بايعوني طائعين غير مكرهين، وأيم الله، لقد حرصت على ذلك، ولكنّ بني زياد أتوني، فقالوا : إنّك إذا قاتلتهم فظهروا عليك لم يُبقُوا منّا أحداً، وإن تركتهم يغيب الرّجلُ منّا عند أخواله وأصهاره، فرفقتُ لهم، فلم أقاتل، وكنتُ أقول : ليتني كنتُ أخرجتُ أهل السّجن فضربتُ أعناقهم، فأمّا إذا فاتت هاتان، فليتني كنتُ أقدم الشام ولم يبُرموا أمراً.
  قال بعضهم : فقدم الشام ولم يبُرموا أمراً، فكأنمّا كانُوا معه صبياناً، وقال بعضهم : قدم الشام وقد أبرموا، فنقضَ ما أبرموا إلى رأيه) (1) .

خبرُ استعفاء ببة من ولاية البصرة (65 هـ / 684 م)

  (وأمّا عمر بن شبَة فإنَه حدّثني في أمر عبد الملك بن عبد الله بن عامر بن كريز (2) ، وأمر ببَه، ومسعود وقتله، وأمر عمر بن عبد الله، غير ما قال هشام بن عوانه، والذي حدّثني عمر بن شبَة في ذلك أنّه قال : حدّثني عليّ بن محمّد عن أبي مقرن عبيد الله الدهنيّ، قال :

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 402 _ 403 .
(2) عبد الملك بن عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن خبيب بن عبد شمس، تزوّج هند بنت الزبير، اجتمع أهل البصرة على اختياره أميراً عليهم سنة 65 هـ حتى يجتمع النّاس على خليفة، فأصبح والياً مدّة شهر واحد فقط. ينظر الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 406 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 46 ، ص 6 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 282 ـ

  لما بايع النّاس ببَه ولىّ ببَه شرطته هميان بن عديّ، وقدم على ببَه بعض أهل المدينة، وأَمر هميان بن عدي بإنزاله قريباً منه، فأتى هميان داراً للفيل مولى زياد التي في بني سليم، وهَمَ بتفريغها ليُنزلها إيّاه، وقد كان هرب وأقفل أبوابه، فمنعت بنو سليم هميان حتى قاتلوه، واستصرخوا عبد الملك بن عبد الله بن عامر بن كريز، فأرسل بخاريَته ومواليه في السلاح حتى طردوا هميان، ومنعوه الدار، وغدا عبد الملك من الغد إلى دار الإمارة ليسلم على ببَه، فلقيه على الباب رجلٌ من بني قيس بن ثعلبة، فقال : أنت المعين علينا بالأمس ؟ فرفع يده فلطمه، فضرب قومٌ من البخاريّة يد القيسيّ فأطارها، ويقال بل سلِم القيسيّ وغضب ابن عامر فرجع، وغضبت له مضر، فاجتمعت وأتت بكر بن وائل أشيم بن شقيق بن ثور فاستصرخوه، فأقبل ومعه مالك بن مسمع حتى صعد المنبر، فقال : أيّ مضريٍ وجدتموه فاسلبوه، وزعم بنو مسمع أنّ مالكاً جاء يومئذٍ متفضلاً في غير سلاح ليردّ أشيم عن رأيه، ثمَ انصرفت بكر وقد تحاجزوا هم والمضريّة، واغتنمت الأزد ذلك، فحالفوا بكراً، وأقبلوا مع مسعود إلى المسجد الجامع، وفزعت تميم إلى الأحنف، فعقد عمامته على قناةٍ ودفعها إلى سلمة بن ذؤيب (1) الرياحيّ، فأقبل بين يديه الأساورة (2) حتى دخل المسجد، ومسعود يخطب، فاستنزلوه فقتلوه، وزعمت الأزد أنّ الأزارقة قتلوه، فكانت الفتنة، وسفر بينهم عمر بن عبيد الله بن معمر، وعبد الرّحمن بن الحارث (3) بن هشام، حتى رضيت الأزد من مسعود بعشر ديات، ولزم عبد

*************************************************
(1) سلمة بن ذؤيب بن عبد الله الرياحيّ، كان قد دعا لبيعة ابن الزبير في ناحية المربد. خليفة بن خيّاط، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص 198 .
(2) الأساورة، قومٌ من الفرس كانوا قد نزلوا في بني تميم بالبصرة، واختطّوا بها خطّةً وانتموا إليها . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 1، ص 156 .
(3) عبد الرحّمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزوميّ القرشي، يكنى أبا محمّد، مات سنة 143 هـ . ينظر : ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علماء الأمصار : ص 109 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 34 ، ص 265 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 283 ـ

  الله بن الحارث بيته، وكان يتديّن، وقال : ما كنتُ لأصلح النّاس بفساد نفسي) (1) .

خبرُ مبايعة أهل البصرة عبدالله بن الزبير (65 هـ / 684 م)

  (قال عمر : قال أبو الحسن : فكتب أهل البصرة إلى ابن الزّبير، فكتب إلى أنس بن مالك يأمره بالصلاة بالنّاس، فصلىّ بهم أربعين يوماً) (2) .

خبرُ ولاية عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي على البصرة (65 هـ / 684 م)

  (حدّثني عمر، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد، قال : كتب ابن الزبير إلى عمر بن عبيد الله بن معمر التميميّ بعهده على البصرة، ووجّه به إليه، فوافقه وهو متوجهٌ يريد العمرة فكتب إلى عبد الله (3) يأمره أن يصليّ بالنّاس، فصلى بهم حتى قدم عمر) (4) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثني أبي، قال : سمعتُ محمّد بن الزبير، قال : كان النّاس اصطلحوا على عبد الله بن الحارث الهاشميّ، فوليَ أمرهم أربعة أشهر، وخرج نافع بن الأزرق إلى الأهواز، فقال النّاس لعبد الله : إنّ النّاس قد أكل بعضهم بعضاً، تؤخذُ المرأة من الطريق فلا يمنعها أحدٌ حتى تُفضَح، قال : فتريدون ماذا ؟ قالوا : تضع سيفك وتشدّ على النّاس، قال : ما كنتُ لأصلحهم بفساد نفسي، يا غلام ناولني بغلي، فانتقل، ثمَ لحق بأهله، وأمّر النّاس عليهم عمر بن عبيد الله بن معمر التيميّ، قال أبي عن الصعب بن زيد : إنّ الجارف (5)

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 406 _ 407 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 407 .
(3) عبد الله بن عبيد الله بن معمر .
(4) الطبريّ، تاريخ : ج 7، ص 407 .
(5) يقصد به : الطاعون الجارف، ينظر عنه موضوع (خبرُ الطاعون الجارف).

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 284 ـ

  وقع وعبد الله على البصرة، فماتت أمُه في الجارف، فما وجدوا لها مَن يحملها حتى استأجروا لها أربعة أعلاجٍ فحملوها إلى حُفرتها، وهو الأميرُ يومئذٍ) (1) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : كان ببَه قد تناول في عمله على البصرة أربعين ألفاً من بيت المال، فاستودعها رجلاً، فلماّ قدم عمر بن عبيد الله أميراً أخذ عبد الله بن الحارث فحبسه، وعذَب مولىً له في ذلك المال حتى أغرمه إيّاه) (2) .
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ بن محمّد عن القافْلانيّ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، قال : قلتُ لعبد الله بن الحارث بن نوفل : رأيتُك زمان استُعمِلت علينا أصبت من المال واتّقيت الدم، فقال : إنّ تبعة المال أهون مِن تبعة الدم) (3) .

خبر الطاعون (1) الجارف (65 هـ / 684 م)

  (حدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثني زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثني أبي عن المصعب بن زيد أنّ الجارف وقع وعبيد الله بن عبيد الله بن مَعمر

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 7، ص 407 _ 408 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 7، ص 408 .
(3) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 7، ص 408 .
(4) اختلف المؤرّخون في تحديد تاريخ وقوع الطاعون الجارف بالبصرة، فهناك مَن ذكر أنّه وقع سنة 65 هـ أمثال عمر بن شبَة، كما ورد أعلاه، وفيهم مَن رأى أنّه وقع سنة 80 هـ ، وقيل غير ذلك، إلا أنّ أغلب المؤرّخين أكّدوا وقوعه سنة 69 هـ ، وهو الأرجح، وقيل : إنّه كان ثلاثة أيّام، مات في كل يوم سبعون ألفاً، وهو أمر مبالَغٌ به، إلا أنّه يعكس فداحة ما أوقعه الطاعون من خسائر بشريّة ، لذلك سمي بالجارف . ينظر : ابن قتيبة الدينوريّ، المعارف : ص 601 ، البلاذريّ، أنساب : ج 6، ص 81 _ 82 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 58 ، ص 336 ، ابن الجوزيّ، المنتظم : ج 6، ص 211 ، ابن الأثر، الكامل : ج 4، ص 26 ، الذهبيّ، العبر : ج 1، ص 76 ، 77 ، معرفة القرّاء الكبار : ج 1 ، ص 60 ، ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة : ج 1، ص 183 ، ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب : ج 1، ص 76 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 285 ـ

  عل البرة، فاتت أمُه ي اجارف، فا وجدوا ها مَن حملُها حتى استأجروا ها أربعة علوجٍ فحملوها إى حفرها، وهو اأمرُ يومئذٍ) (1) .

خبرُ واقعة دولاب (2) (65 هـ / 684 م)

  (أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ عن عمر بن شبَة، عن المدائنيّ، وأخبرني بها عبد الله ابن محمّد الرازيّ، عن الخزّاز، عن المدائنيّ : أنّ نافع بن الأزرق (3) لما تفرّقت آراء الخوارج ومذاهبهم في أصول مقالتهم، أقام بسوق (4) الأهواز وأعمالها لا يعترض النّاس، وقد كان متشككاً في ذلك، فقالت امرأتُه :
  إن كنتَ قد كفرت بعد إيمانك وشككت فيه فدع نحلتك ودعوتك، وإن كنتَ قد خرجت من الكفر إلى الإيمان فاقتل الكفّار حيث لقيتهم، وأثخِن في النساء والصبيان، كما قال نوح : { رَبِ لاَ تَذَرْ علَىَ الأَْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَاراً } (5) .
  فقبِل قولها، واستعرض النّاس، وبَسَطَ سيفَه، فقَتَلَ الرّجال والنّساء والوِلدان،

*************************************************
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 746 .
(2) دولاب : قرية بينها وبين الأهواز أربعة فراسخ كانت بها وقعة بين أهل البصرة وبين الخوارج . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 323 .
(3) نافع بن الأزرق بن قيس الحنفيّ البكريّ الوائلي الحروريّ أبو راشد، رأس الأزارقة، وإليه نسبتهم، من أهل البصرة، كان يذهب إلى سوق الأهواز ويعترض النّاس، قاتل مع ابن الزبير، ولمّا بويع ابن الزّبير بالخلافة أراد نافع وأصحابه أن يعلموا رأي ابن الزّبير في عثمان، فكان جواب ابن الزّبير قد أثار غضب نافع فخرج في البصرة، وكان نافع جبّاراً فتّاكاً، قاتله المهلّب بن أبي صُفرة، وقُتل في يوم دولاب على مقربة مِن الأهواز . ينظر : الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 351 _ 352 .
(4) سوق الأهواز : من مدن الأهواز، قيل غزا المغيرة بن شعبة سوق الأهواز في ولايته آخر سنة 15 هـ أو أوّل 16 هـ ، وصالحه دهقانها، ثمَ نكث، فغزاها أبو موسى الأشعريّ ، ففتح سوق الأهواز عُنوة سنة 17 هـ ، والأهواز كورة بين البصرة وفارس، ياقوت الحمويّ. معجم البلدان : ج 1، ص 227 .
(5) سورة نوح / آية 26 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 286 ـ

  وجعل يقول : إنَ هؤلاء إذا كبروا كانُوا مِثلَ آبائهم، وإذا وطِئَ بلداً فعل مثل هذا به، إلى أن جيبَه أهلُه جميعاً، ويدخُلُوا مِلَته، فيرفعُ السّيف، ويضعُ الجِباية، فيجيءُ الخَراج، فعظُم أمرُه، واشتدّت شوكتُه، وفشا عماّله في السّواد، فارتاع لذلك أهلُ البصرةِ، ومشَوا إلى الأحنف بن قيس فشكوا إليه أمرهم، وقالوا له : ليس بيننا وبين القوم إلاّ ليلتان، وسيرتهُم كما ترى، فقال لهم الأحنف : إنّ سيرتهَم في مصركم إن ظفِروا به مثل سيرتهم في سوادكم، فخذوا في جهاد عدوكم.
  وحرّضهم الأحنف، فاجتمع إليه عشرةُ آلاف رجل في السلاح، فأتاه عبد الله بن الحارث بن نوفل، وسأله أن يؤمر عليهم أميراً، فاختار لهم مسلم بن عبيس بن كريز ابن ربيعة، وكان فارساً شجاعاً ديناً، فأمّره عليهم، وشيّعه، فلماّ نفذ من جسر البصرة أقبل على النّاس، وقال : إنيّ ما خرجتُ لامتياز ذهبٍ ولا فضّةٍ، وإنيّ لأُحارب قوماً إن ظفِرتُ بهم فما وراءهم إلاّ سيوفُهم ورماحُهم، فمَن كان مِن شأنِهِ الجِهاد فلينهض، ومن أحبَ الحياة فليرجع.
  فرجع نفرٌ يسير، ومضى الباقون معه، فلماّ صاروا بدولاب خرج إليهم نافع بن الأزرق، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى تكسرّت الرّماح وعُقرت الخيل وكثُرت الجراح والقتل، وتضاربوا بالسيوف والعُمُد، فقُتِل في المعركة ابن عُبيس، وهو على أهل البصرة، وذلك في جمادى الآخرة سنة خمس وستّين، وقُتل نافع بن الأزرق يومئذٍ أيضاً، فعجب النّاس من ذلك، وإنّ الفريقين تصابروا حتى قُتل منهم خلقٌ كثيرٌ، وقُتل رئيسَا العسكرَين، والشرُاة (1) يومئذٍ ستمائة رجل، فكانت الحدّة يومئذٍ وبأس الشرّاة واقعاً ببني

*************************************************
(1) الشراة : الخوارج سُمّوا بذلك لأنهّم غضبوا ولجوا، فقالوا نحنُ الشراة ، لقوله عزَ وجلَ : { وَمِنَ النَاسِ مَنْ يشَرِْي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهَِ } ، أي : يبيعُها ويبذلها في الجهاد، وثمنها الجنّة، وقوله تعالى : { إِنَ اللهََ اشتْرََى مِنَ المُْؤْمِنيِنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهَُمْ بِأَنَ لهَُمُ الجَْنَةَ } ، وقيل سمُوا بذلك لقولهم إنّا شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي بعناها بالجنّة حتى فارقنا الأئمّة الجائرة، وهم الخوارج الذين خرجوا

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 287 ـ

  تميم وبني سَدوس، وأتى ابنُ عبيسٍ وهو يجودُ بنفسه، فاستخلف على النّاس الرّبيعَ ابن عَمْرو الغُدّانيّ، وكان يُقال له الأجذم، كانت يدُه أُصيبت بكابل (1) مع عبد الرحّمن ابن سمُرة، واستخلف نافع بن الأزرق عبيد الله بن بشير (2) بن الماحوز أحد بني سَليط ابن يَربوع، فكان رئيساً للمسلمين والخوارج جميعاً مِن بني يَربوع، رئيس المسلمين من بني غُدانة بن يَربوع، ورئيس الشرُاة من بني سَليط بن يَربوع، فاتّصلت الحرب بينهم عشرين يوماً) (3) .
  (حدّثني حبيب بن نصر المهلّبيّ، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، قال : حدّثنا خلاّد الأرقط، قال : كان الشرُاة والمسلمون يتوافقون ويتساءلون بينهم عن أمر الدين وغير ذلك على أمانٍ وسكون فلا يهَيج بعضُهم بعضاً، فتوافَق يوماً عبيدة بن هلال اليشكُريّ (4) وأبو حُزابة التميميّ، وهما في الحرب، فقال عبيدة : يا أبا حُزابة، إنيّ أسألك عن أشياء أَفَتَصْدُقُنِي في الجواب عنها ؟ قال : نعم إن تضمّنتْ لي مثلَ ذلك ، قال : قد فعلت، قال : سل عماّ بدا لك، قال : ما تقول في أئمّتكم ؟
  قال : يبيحون الدم الحرام والمال الحرام والفَرْج الحرام، قال : ويحك فكيف فعلهم في المال ؟ قال : يجبُونه مِن غير حِلّة، وينفقونه في غير حقه، قال : فكيف فعلهم في اليتيم ؟

*************************************************
عن طاعة الإمام . ينظر : ابن منظور، لسان العرب : ج 14 ، ص 430 .
(1) كابل : ولاية ذات مروج كبيرة بين الهند وغزنة، ونسبتها إلى الهند . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 7، ص 111 .
(2) عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطيّ اليربوعيّ التميميّ، رئيس الأزارقة الخوارج في لاهور وما حولها، استخلفه نافع بن الأزرق، كانت له معركة مع عثمان بن عبيد الله بن معمر قتل فيها عثمان، ومعارك مع المهلّب فقتل فيها سنة 65 هـ . الزركليّ، الأعلام : ج 4، ص 191 .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 6، ص 151 _ 153 .
(4) عبيدة بن هلال اليشكريّ من رؤساء الأزارقة وشعرائهم وخطبائهم، سير إليه الحجَاج سفيان بن الأبرد الكلبيّ في جيشٍ عظيمٍ فقتله سنة 77 هـ . الزركلي، الأعلام : ج 4، ص 199 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 288 ـ

  قال : يظلمونه ماله، ويمنعونه حقَه، وينيكون أُمّه، قال : ويلك يا أبا حُزابة، أ فمِثل هؤلاء تتّبع ؟! قال : قد أجبتُ، فاسمَع سؤالي ودع عنك عتابي على رأيي، قال : قل.
  قال : أيُ الخمر أطيب : أ خمرُ السّهلِ أم خمرُ الجبل ؟ قال : ويلك أتسأل مثلي عن هذا ؟ قال : قد أوجبتَ على نفسِك أن تجيبَ، قال : أمّا إذْ أبيتَ فإنَ خمر الجبل أقوى وأسكر، وخمر السّهل أحسنُ وأسلس، قال أبو حُزابة : فأيُ الزواني أفْره : أ زواني رامَهُرْمُز (1) أم زواني أرَجان (2) ، قال : ويلك إنّ مثلي لا يُسأل عن مِثل هذا ...) (3) .
  (حدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثنا زهير بن حرب، قال : حدّثنا وهب بن جرير، قال : حدّثنا أبي عن محمّد بن الزّبير أنّ عبيد الله بن عبيد الله بن معمر بعث أخاه عثمان بن عبيد الله (4) إلى نافع بن الأزرق في جيشٍ فلقيهم بدولاب، فقَتَل عثمانَ وهَزَمَ جيشَه) (5) .
  (قال عمر : قال زهير : قال وهب : وحدّثنا محمّد بن أبي عيينة عن سيرة بن نخْف، أنّ ابن مَعمر عبيد الله بعث أخاه عثمان إلى ابن الأزرق فهزم جندَه وقُتِل، قال وهب : فحدّثنا أبي أنّ أهل البصرة بعثُوا جيشاً عليهم حارثة بن بدر فلقيهم، فقال لأصحابه :

*************************************************
(1) رامَهُرْمُز : مدينةٌ مشهورةٌ بنواحي خوزستان. ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 382 .
(2) أرّجان : مدينةٌ كبيرةٌ كثيرةُ الخير، وهي برّيّة بحريّة سهليّة جبليّة، بينها وبين البحر مرحلة، وبينها وبين شيراز ستّون فرسخاً، وقيل كُوْرة أرَجان بعضها إلى أصبهان وبعضها إلى اصطخر وبعضها إلى رامَهُرْمُز، فصُيرت في الإسلام كُوْرة واحدة من كُوَر فارس. ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 1، ص 120 .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 6، ص 158 .
(4) عثمان بن عبيد الله بن مَعمر التميميّ القرشيُ، قائد مِن الشُجعان من أهل الحجاز، نعته المهلَب ابن أبي صُفرة بالعَجِل المفرط، بعثه أخوه في اثني عشر ألفاً محاربة الأزارقة في سوق الأهواز، فقُتل بالمعركة وانهزم أصحابه. الزركليّ، الأعلام : ج 4، ص 209 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 476 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 289 ـ

كـرنِـبُوا  iiودولِـبُـوا      وحيثُ شئتم فاذهبُوا (1)
  (حدّثنا عمر، قال : حدّثنا زهر، قال : حدّثنا وهب، قال : حدّثنا أبي ومحمّد بن أبي عيينة، قال : حدّثنا معاوية بن قرّة، قال : خرجنا مع ابن عُبيس فلقيناهم، فقتل ابن الأزرق وابنان أو ثلاثة للماحوز، وقُتل ابن عُبيس) (2) .
  (الجوهريّ وأحمد بن عبيد الله بن عماّر، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، قال : حدّثنا الأصمعيّ، قال : لمّا كان يوم دولاب وأفضت الحرب إلى حارثة بن بدر، صاح : مَن جاءنا مِنَ الموالي فَلَه فريضةُ العرب، ومَن جاءنا مِن الأعراب فَلَهُ فريضةُ المهاجِر، فلماّ رأى ما يلقى أصحابُه مِن الأزارقة، قال :
أيـرُ الحمار فريضةٌ iiلشبابكم      والخصيتان فريضةُ الأعرابِ
عضَ  الموالي جلدَ أير iiأبيهم      إنّ  الـموالي معشرُ iiالخيّابِ
  ثم قال :
كـرنِـبُوا و iiدولِـبُـوا      وشـرّقُـوا iiوغـرّبُـوا
وحيثُ شئتُم فاذهبَوا (3)


*************************************************
(1) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 476 .
(2) الطبريّ، المصدر نفسه : ج 4، ص 476 _ 477 .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 8، ص 425 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 290 ـ

خبرُ ولاية الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة (1)
القباع (2) على البصرة (66 هـ / 685 م)


  (... قال : حدّثنا عمر بن شبَة، قال : حدّثني عبد الله بن محمّد الطائي، قال : حدّثنا خالد بن سعيد، قال : استعمل ابن الزّبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فأتوه بمكيالٍ لهم، فقال لهم : إنَ مكيالكم هذا لَقُباعٌ، فَغَلَب عليه، وقال أبو الأسود الدُؤليّ، وقد عتبَ عليه، يهجوه ويخُاطب ابن الزّبير :
أميرَ المؤمنينَ جُزيتَ خيراً      أرِحنا من قُباع بني المُغيرة
بـلـوناه  ولـمُناه iiفـأعيا      عـلينا مـا يُمِرُ لنا iiمَريرة
عـلى أنّ الفتى نَكِحٌ iiأكولٌ      وولاّجٌ مـذاهبُهُ كثيرة ii(3)

خبرُ قتل عبيد الله بن زياد سنة (66 هـ / 685 م)

  (وذكر عمر بن شبَة، قال : حدّثني أبو أحمد الزبيريّ عن عمه، قال : قال أبو عمر البزاز كنتُ مع إبراهيم بن مالك الأشتر (4) لمّا لقي عبيد الله بن زياد – لعنه الله – بالخازَر (5) فعددنا القتلى بالقصب لكثرتهم، قيل : كانوا سبعينَ ألفاً، وصَلَبَ إبراهيمُ ابنَ

*************************************************
(1) الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزوميّ، استعمله عبد الله بن الزبير على البصرة، مرّ بمكيال البصرة فقال : إنّ هذا القُباع صالحٌ، فلقّبوه بالقُباع، كان خطيباً عفيفاً، وكان فيه سواد ، لأنّ أمّه حبشيّة نصرانيّة، ثمّ عزله ابن الزبير عن البصرة، وكانت ولايته عليها سنة. ابن سعد، الطبقات : ج 5، ص 28 _ 29 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 11 ، ص 444 .
(2) القُباع بالضم، مكيالٌ ضخمٌ، ومكيالٌ قُباعٌ : واسع، وهو لقبٌ أُطلق على الحارث بن عبد الله والي البصرة ، أنّه والي البصرة وغيرّ مكاييلهم . ابن منظور، لسان : ج 8، ص 259 .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 1، ص 119 .
(4) إبراهيم بن مالك الأشتر بن الحارث النخعيّ، قائدٌ شجاعٌ، وجَهه مصعب بن الزّبير لحرب عبد الملك في مسكن، فقُتِل ودُفن بقرب سامراء سنة 71 هـ . الزركليّ، الأعلام : ج 1، ص 58 .
(5) الخازر نهر بين إربل والموصل، وهو موضع كانت عنه وقعة بين عبيد الله بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر سنة 66 هـ . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 4، ص 208 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 291 ـ

  زيادٍ منكَساً، فكأنيّ أنظرُ إلى خِصيتيه كأنهّا جُعلان) (1) .

خبرُ عزل القُباع وولاية مصعب بن الزبير على البصرة (67 هـ / 686 م)

  (فحدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : حدّثني الشعبيّ، قال : حدّثني واقد بن أبي ياسر، قال : كان عَمْرو بن سرح مولى الزّبير يأتينا فيحدّثنا، قال : كنتُ والله في الرَهط الذين قدموا مع مصعب بن الزّبير مِن مكّة إلى البصرة، قال : فقدِم متلثماً حتى أناخ على باب المسجد، ثمَ دخل فصعِد المنبر، فقال النّاس : أمير أمير، قال : وجاء الحارث ابن عبد الله بن أبي ربيعة - وهو أميرُها - قبلَه، فسفَر المصعب فعرفوه، وقالوا : مصعب بن الزبير ! فقال للحارث : اظهَر اظهَر، فصعد حتى جلس تحته مِن المنبر درجة، قال ثمَ قام المصعب فحمِد الله وأثنى عليه، قال : فو الله ما أكثر الكلام، ثمّ قال : بِسمِ اللهِ الرحّمنِ الرّحيم {طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإ مُوسَى} إلى قوله : {إِنَهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (2) ، وأشار بيده نحو الشام {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَ عَلَى الَذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (3) ، وأشار بيده نحو الحجاز {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودهَمَُا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يحَْذَرُونَ} (4) وأشار بيده نحو الشام) (5) .
  (حدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثني عليّ بن محمّد عن عُوانة، قال : لما قدم مصعب البصرة خطبهم، فقال : يا أهلَ البصرة، بلغني أنّكم تُلقبون أُمراءكم، وقد سمّيت نفسي الجزَار) (6) .

*************************************************
(1) ابن نما الحلي، ذوبُ النضار : ص 144 .
(2) القصص / آية 1 _ 4 .
(3) القصص / آية 5 .
(4) القصص / آية 6 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 557 _ 558 .
(6) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 558 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 292 ـ

  حدثنا الخرائطيّ، حدثنا عمر بن شبَة، حدثنا الوليد بن هشام، قال : كان مصعب بن الزّبير يحسد النّاس على الجمال، فإنَه لَيخطبُ النّاس بالبصرة إذْ أهَلَ ابن جودان من ناحية الأزد، فأعرض بوجهه عن تلك الناحية إلى ناحيةِ بني تميم، فأقبل ابنُ حيران من تلك الناحية، فأعرض ببصره عنها ورمى ببصره إلى المسجد، فأقبلَ الحسن البصريّ من مؤخَر المسجد، فأخفَ مصعب ونزل عن المِنبر) (1) .

خبرُ قتل مصعب بن الزبير المشاركين مع المختار الثقفي (2) من أهل البصرة (67 هـ / 686 م)

  (وحدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد، قال : لما قُتِل المختار شاور مصعبٌ أصحابَه في المحصورين الذين نزلوا على حكمِه، فقال عبد الرحّمن بن محمّد (3) ابن الأشعث، ومحمّد بن عبد الرحّمن بن سعيد بن قيس، وأشباههم ممّن وتَرهم المختار : أقتلهُم، وضجّت ضبّة، وقالوا : دمُ منذر بن حسّان، فقال عبيد الله بن الحُرّ (4) : أيهُا

*************************************************
(1) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 58 ، ص 218 .
(2) أبو إسحاق المختار بن أبي عبيد الثقفيّ، من زعماء الثائرين على بني أميّة، وأحد الشجعان الأفذاذ، ومن أهل الطائف، انتقل مع أبيه للمدينة زمن عمر، وكان منقطعاً لبني هاشم، ثمّ تحوّل للبصرة، وكان من أصحاب الإمام علي (ع) ، ولما استشهد الإمام الحسين (ع) سنة 61 هـ ثار على عبيد الله ابن زياد، فقبض عليه وجلده وحبسه ونفاه إلى الطائف، ولما مات يزيد سنة 64 هـ ذهب للكوفة، وكان همُه أخذ الثأر من قتلة الإمام الحسين (ع) وتتبّع القتلة، فقتل منهم شمر ذي الجوشن قاتل الامام (ع) ، وخَولي بن يزيد الذي سار برأسه إلى الكوفة، وعمر بن سعد بن أبي وقّاص أمير الجيش الذي حاربه، وتمكّن من قتل عبيد الله بن زياد، حتى قتله مصعب بن الزبير . الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 192 .
(3) عبد الرحّمن بن محمّد بن الأشعث بن قيس الكنديّ، أمير سجستان، ظفر به الحجَاج وقتله وطيف برأسه سنة 84 هـ ، وكان قد خلع عبد الملك بن مروان ودعا لنفسه سنة 82 هـ ، فقُتِل بدير الجماجم . الصفديّ، الوافي بالوفيات : ج 18 ، ص 134 .
(4) عبيد الله بن الحر بن عَمْرو بن خالد بن المجمع الجعفيّ، من بني سعد العشيرة، كوفي، شهِد صفيّن مع معاوية، وكان عثمانيّاً، نزل الكوفة، دعاه الإمام الحسن (ع) لنصرته فأبى عليه، ثمّ ندم حتى

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 293 ـ

  الأمير، ادفع كلَ رجلٍ في يديك إلى عشيرته تمُنُ عليهم بهم، فإنهّم إن كانوا قَتَلُونا فقد قَتَلْنَاهم، ولا غنى بنا عنهم في ثغورنا، وادفع عبيدنا الذين في يديك إلى مواليهم، فإنهّم لأيتامنا وأراملنا وضعفائنا، يردّونهم إلى أعمالهم، واقتل هؤلاء الموالي ، فإنهّم قد بدا كفرُهم، وعظُم كبِرُهم، وقلّ شكرُهم، فضحِك مصعب، وقال للأحنف : ما ترى يا أبا بَحر، قال : قد أرادني زيادٌ فعصيتُه - يعرّض بهم - فأمر مصعب بالقوم جميعاً فقُتلوا، وكانُوا ستّة آلاف، فقال عقبة الأسدي :
قـتلتُم  ستّة الآلاف iiصبراً      مـع  العهد الموثَق iiمكتفينا
جعلتم  ذمّة الحَبَطِيّ iiجسراً      ذَلـولاً ظـهرُهُ iiلـلواطئينا
وما كانوا غداة دُعوا iiفغُرّوا      بـعهدهم  بـأوّلِ خـائنينا
وكنتُ أمرتهُم لو طاوعُوني      بضربٍ في الأزقَة مُصلتِينا
  وقُتِل المختار - فيما قيل - وهو ابن سبعٍ وستيّن سنةً، لأربع عشرة خَلَت من شهر رمضان في سنة 67) (1) .

خبرُ عزل مصعب وتولية حمزة (2) بن عبدالله بن الزبير البصرة (67 هـ / 686 م)

  (ما حدّثني به عمر، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : لم يزل المصعب على البصرة

*************************************************
كادت نفسه تفيض، وله أشعار في ذلك، ثمّ أغار على الكوفة أيّام ابن الزّبير وأعيا مصعباً أمرُه، ثمّ تفرّق عنه جمعُه، فألقى نفسه في الفرات فمات غريقاً سنة 68 هـ . النمازي الشاهرودي، مستدركات علم رجال الحديث : ج 5، ص 179 ، الزركليّ، الأعلام : ج 4، ص 192 .
(1) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 577 .
(2) حمزةُ بن عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد، وأُمُهُ الرّباب بنت أنيف بن عبيد، كان جواداً مخلطاً، يعطي أحياناً حتى لا يدع شيئاً، ويمنعُ أحياناً ما لا يُمنَع مثلُه، وظهرت خفّة وطيش في عقله، وسرعة في أمره، قيل : إنّه تولىّ البصرة سنةً كاملةً . ينظر : ابن كثير، البداية والنهاية : ج 8 ، ص 322 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 294 ـ

  حتى سار منها إلى المختار واستخلف على البصرة عبيد الله بن عبيد الله بن مَعمر، فقتل المختار، ثمّ وفد إلى عبد الله بن الزّبير فعزلَه وحَبَسَه عنده، واعتذر إليه مِن عَزْلِه، وقال : والله إنيّ أعلمُ أنّك أجرأُ وأكفأُ مِن حمزة، ولكنّي رأيتُ فيه رأي (1) عثمان في عبد الله بن عامر حين عَزَل أبا موسى الأشعريّ وولاّه) (2) .
  (أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عماّر، قال حدّثنا سليمان بن أبي شيخ عن مصعب الزُبيري، وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال حدّثنا عمر بن شبَة ... أنّ أنس بن زنيم اللَيثيّ كتب إلى عبد الله بن الزُبير :
أبـلِغ  أميرَ المؤمنينَ iiرسالةً      مِن ناصحٍ لك لا يُريك خِداعا
بُضْع  الفتاةَ بألفِ ألفٍ iiكاملٍ      وتبيتُ قادات الجيوش iiجِياعا
لو  لأبي حفصٍ أقول iiمقالتي      وأبـثُ  مـا أبثثتُكم iiلارتاعا
  فلماّ وصلت الأبيات إليه جزع، ثمَ قال : صدق والله، لو لأبي حفصٍ يقول : إنَ مصعباً تزوّج امرأتين بألفي ألف درهم لارتاع، إنّا بعثنا مصعباً إلى العراق فأغمد سيفَه وسلَ أيره وسنعزله، فدعا بابنه حمزة، وأمُه بنت منظور بن زَبّان الفزاريّ وكان لها منه محلٌ لطيف، فولاّه البصرة وعزل مصعباً، فبلغ قوله عبد الملك في أخيه مصعب، فقال : لكنّ أبا خُبَيب أغمد سيفَه وأيرَه وخيَرَْه.
  وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال، حدّثنا عمر بن شبَة،قال : هذه الأبيات

*************************************************
(1) ذكر أنّ عثمان أقرّ أبا موسى الأشعريّ على البصرة، وكان والياً عليها في أيّام عمر، ثمّ وفد رجل يُدعى غيلان بن خرشة الضبّيّ على عثمان، وقال له : (أمَا لكم صغير فتستشبوه فتولّوه البصرة، حتى متى يلي هذا الشيخ البصرة، يعني أبا موسى الأشعريّ) ، وكان واليها بعد موت عمر ستَ سنين، فعزله عثمان عنها، وبعث إلى ابن خاله عبد الله بن عامر، وعهد إليه ولاية البصرة، وعمره خمس وعشرون سنة. الطبريّ، تاريخ : ج 3، ص 319 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 578 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 295 ـ

  لعبد الله بن همّام السّلوليّ (1) ...) (2) .

خبرُ عزل حمزة بن عبدالله بن الزبير واعادة مصعب لولاية البصرة (68 هـ / 687 م)

  (وحدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : قدِم حمزةُ البصرة والياً، وكان جواداً سخيّاً مخلّطاً، يجود أحياناً حتى لا يدعَ شيئاً يملِكه، ويمنع أحياناً ما لا يُمنَع مثلُه، فظهرت منه بالبصرة خفّة وضعف، فيقال : إنَه ركِب يوماً إلى فَيض البصرة (3) ، فلماّ رآه قال : إنّ هذا الغدير إن رفقُوا به ليكفينّهم صيفَهم، فلماّ كان بعد ذلك ركب إليه فوافقه جازراً، فقال : قد رأيتُ هذا ذاتَ يوم، وظننتُ أن لن يكفيَهم، فقال له الأحنف : إنّ هذا ماءٌ يأتينا ثمّ يَغيضُ عنّا، وشخص إلى الأهواز، فلماّ رأى جبلها، قال : هذا قُعَيْقِعَان لموضعٍ بمكّة، فسمى الجبل قعيقعان وبعث إلى مَرْدانشَاه (4) فاستحثّه بالخراج، فأبطأ به، فقام إليه بسيفه فضربه فقتله، فقال الأحنف : ما أحدّ سيف الأمير !) (5) .
  (... وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال : حدّثنا عمر بن شبَة، وأخبرني عبيد الله بن محمّد الرازيّ والحسين بن عليّ، قال عبيد الله : حدّثنا أحمد بن الحارث عن المدائنيّ، وقال حدّثنا الحارث بن أبي أسامة عن المدائنيّ، عن أبي مخنف : فلماّ ولي ابنه حمزة

*************************************************
(1) عبد الله بن همّام بن نبيشة بن رياح بن مالك السّلوليّ، أبو عبد الرحّمن، شاعرٌ مشهورٌ من فحول الشعراء، من أهل الكوفة، وكان وجيهاً عند آل حرب، مكيناً حظياً عندهم. ابن سلام الجمحي : طبقات فحول الشعراء (تحقيق : حمود محمّد شاكر، دار المدني، جدة - د. ت) : ج 2، ص 625 ، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 33 ، ص 350 _ 351 .
(2) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 3، ص 357 _ 358 .
(3) فيض البصرة : نهر بالبصرة معروف، والفَيض محلّة بالبصرة قرب النهر المفضي إلى البصرة . ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 6، ص 452 .
(4) مردانشاه : وهو دهقان الأهواز آنذاك . ينظر : البلاذريّ، أنساب : ج 6، ص 434 .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 578 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 296 ـ

  البصرة أساء السّيرة، وخلّط تخليطاً شديداً، وكان جواداً شجاعاً أهوج، فوفدت إلى أبيه الوفودُ في أمره، وكتب إليه الأحنف بأمره، وما يُنكره النّاس منه، وأنّه يخشى أن تفسد عليه طاعتهم فعزله عن البصرة) (1)
  (قال أبو زيد : وحدّثني غير المدائنيّ أنّه سمع بذكر الجبل بالبصرة فدعا بعامله، فقال له : ابعث فآتنا بخراج الجبل، فقال له : إنَ الجبل ليس ببلد فآتيك بخراجه، وبعث إلى مَرْدَانشاه فاستحثّه بالخراج، فأبطأ به، فقام إليه بسيفه فقتله، فقال له الأحنف : ما أحدّ سيفَك أيهُا الأمير ! وهمّ بعبد العزيز بن شبيب (2) بن خيّاط أن يضربَه بالسّياط، فكتب إلى ابن الزّبير بذلك، وقال له : إذا كانت لك بالبصرة حاجةٌ فاصرف ابنك عنها وأعِد إليها مصعباً، ففعل ذلك) (3)

خبرُ وفاة عبد الله بن عباس (68 هـ / 687 م)

  (حدّثنا محمّد بن عليّ المدائنيّ، حدثنا أبو زيد عمر بن شبَة، قال : سمعتُ أبا نعيم يقول : مات ابن عبّاس سنة ثمان وستيّن) (4) .

أخبارُ أبي الاسود الدؤلي :

  (أخبرنا أبو أحمد عن الجوهريّ، عن أبي زيد، قال : تنازع أبو الأسود وامرأته في ولد منها إلى زياد، فقال : أنا أحقُ به منها، حملتُهُ قبلها ووضعتُهُ قبلها، فقالت حمله خفّاً ووضعه شهوةً، وحملتُه ثِقلاً ووضعتُه كُرهاً، قال زياد : صدقتِ، أنتِ أحقُ به ما لم

*************************************************
(1) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 3، ص 358 .
(2) لم أعثر على ترجمته .
(3) أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني : ج 3، ص 358 _ 359 .
(4) الطبراني، المعجم الكبير : ج 10 ، ص 233 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 297 ـ

  تزوَجي، أمّا لو أدركتنا يا أبا الأسود ودونك قوّة لاستعملناك على بعض أمورنا، فقال : ألِلصراع تريدني ؟ وكان ممّا يدل على بخله قوله لولده : لا تجاوروا الله فإنَه أجود وأمجد، ولو شاء أن يوسعَ على النّاس كلهم حتى لا يكونَ محتاجٌ فعل، ولا تجُهدوا أنفسكم في التوسّع على النّاس فتُهلِكوا أهلَ الأرض.
  وقال له بعض الأمراء : سمعتُ أنّك شديدٌ على حقك، وأنّه لا يذهب لك شيء على أحدٍ، فممَ ذلك ؟ قال : مِن سوءِ ظنّي بالنّاس، ومجانبتي أهل الأقام.
  وقيل له : ما كان أظرفَك لولا بخلٌ فيك، فقال : ما خيرُ ظرفٍ لا يحفظُ ما فيه) (1) .
  (أخبرنا أبو أحمد عن الجوهريّ عن أبي زيد، عن موسى بن إسماعيل، عن عسل بن معمر، عن سعيد بن يزيد، عن بعض أصحابه، قال : قال أبو الأسود لمعاوية : لو كنتُ مكان أبي موسى ما صنعتُ كما صنع (2) ، قال : وما كنتَ تصنعُ ؟ قال : كنتُ أنظر عدّةً مِنَ المهاجرينَ وعدّةً من الأنصار، ثمّ أشهدهم بالله تعالى أ المهاجرينَ أحقُ بالخلافة أم الطلقاء ؟ فقال معاوية : أقسمتُ عليك بالله لا تذكرُها أبداً ما عِشت) (3) .

خبرُ قدوم خالد بن عبدالله (4) بن خالد بن اسيد الى البصرة (70 هـ / 689 م)

  (فحدّثني عمر بن شبَة، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، قال : أقبل عبد الملك من الشام يريد مصعباً في سنة 70 هـ ، ومعه خالد بن عبد الله بن أُسيد، فقال خالد لعبد الملك : إنْ

*************************************************
(1) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 297 .
(2) يقصد ما صنعه أبو موسى الأشعريّ عند التحكيم .
(3) أبو هلال العسكريّ، الأوائل : ص 297 .
(4) أبو أميّة خالد بن عبد الله بن خالد بن أُسيد بن عليّ بن أبي العيص بن أميّة القرشي الأمويّ المكّيّ، كان مع مصعب بالعراق، ثمّ لحق بعبد الملك، وشهد معه قَتْلَ مُصعب، وولاّه البصرة، ثمَ عزله وأحضره واستوثق منه بالبيعة للوليد . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 16 ، ص 122 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 298 ـ

  وجّهتني إلى البصرة وأتبعتَنِي خيلاً يسيرة رجوتُ أن أغلبَ لك عليها، فوجَهه عبد الملك، فقدمها مستخفياً في مواليه وخاصَته حتى نزل على عَمْرو بن أصمع الباهليّ (1) ، قال عمر : قال أبو الحسن : قال مسلمة بن محارب : أجار عَمْرو بن أصمع خالداً وأرسل إلى عبّاد بن الحصين، وهو على شرطة ابن مَعْمر، وكان مصعب إذا شخَص عن البصرة استخلف عليها عبيد الله بن عبيد الله بن مَعْمر، ورجا عَمْرو بن أصمع أن يبايعه عبّاد ابن الحصين بأنيّ قد أجرتُ خالداً، فأحببتُ أن تعلمَ ذلك لتكونَ لي ظهراً، فوافاه رسوله حين نزل عن فرسه، فقال له عبّاد : قل له : والله لا أضعُ لِبْد فرسي حتى آتيكَ في الخيل، فقال عَمْرو لخالد : إنيَ لا أغرّك، هذا عباد يأتينا السّاعة ولا والله ما أقدرُ على منعِكَ، ولكن عليك بمالك بن مسمع، قال أبو زيد : قال أبو الحسن : ويقال : إنَه نزل على عليّ بن أصمع، فبلغ ذلك عبّاداً، فأرسل إليه عبّاد أنيّ سائرٌ إليك) (2)
  (حدّثني عمر، قال : حدّثني عليّ بن محمّد، عن مسلمة وعُوانة، أنّ خالداً خرج من عند ابن أصمع يركض، عليه قميص قُوهيٌ (3) رقيقٌ، قد حسر على فخذيه، وأخرج رجليه من الركابين، حتى أتى مالكاً، فقال : إنيّ قد اضطررت إليك فأجرني، قال : نعم، وخرج هو وابنه، وأرسل إلى بكر بن وائل والأزد، فكانت أوّلُ رايةٍ أتته رايةَ بني يشكر، وأقبل عبّاد في الخيل، فتواقفُوا، ولم يكن بينهم قتال، فلماّ كان مِن الغَد غدوا إلى جفرة (4)

*************************************************
(1) عَمْرو بن أصمع : هو عليّ بن أصمع الذي نزل عليه خالد بن عبد الله، ومن ولده الأصمعيّ، وهو عبد الملك بن قريب. البلاذريّ، أنساب الأشراف : ج 13 ، ص 232 .
(2) الطبريّ، تاريخ : ج 5، ص 3 .
(3) قُوهيّ : ضربٌ من الثّياب بيض، فارسيٌ، والثياب القوهيّة معروفةٌ، منسوبةٌ إلى قوهستان. ابن منظور، لسان العرب : ج 13 ، ص 532 .
(4) الجُفرة: سعةٌ في الأرض مستديرة، وجُفرة خالد موضع بالبصرة، ويوم الجُفرة وقعة كانت بين خالد بن عبد الله بن خالد بن أُسيد، وكان من قبل عبد الملك بن مروان، وبين أهل البصرة من أصحاب مصعب بن الزبير، وكان لعبد الملك شيعة بالبصرة، منهم مالك بن مسمع الربعيّ،

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 299 ـ

  نافع بن الحارث (1) ، التي نُسبت بعدُ إلى خالد، ومع خالد رجالٌ مِن بني تميمٍ قد أتوه، منهم صعصعة بن معاوية (2) ، وعبد العزيز بن بشر (3) ، ومرّة بن محكان (4) ، في عددٍ منهم . وكان أصحاب خالد جُفريّة ينسبون إلى الجُفرة، وأصحاب ابن مَعمر زُبيريّة، فكان من الجُفرية عبيد الله بن أبي بكرة، وحمران، والمغيرة بن المهلّب (5) ، ومِن الزّبيريّة قيس بن الهيثم السّلميّ، وكان يستأجر الرّجال يقاتلون معه، فتقاضاه رجل آجره، فقال غداً أعطيكما، فقال غطفان بن أنيف (6) ، أحد بني كعب بن عَمرو :
لبِئس ما حكمتَ يا جلاجِلُ      النّقدُ  دَينٌ والطعَانُ iiعاجلُ
وأنـتَ بالبابِ سميرٌ آجلُ


*************************************************
فأرسل عبد الملك خالد بن عبد الله في ألف فارس، فاجتمع بالجُفرة مع شيعته بالبصرة، ودامت الحرب بينهم وبين أهل البصرة أربعين يوماً، وكان خليفة مصعب على البصرة عبيد الله بن عبيد الله بن مَعمر التميميّ، فانهزم أهل الشام، وهرب مالك بن مسمع، ولحق بنجدة الحروريّ وبخالد ابن عبد الله، سُميت جفرة خالد . ينظر : ياقوت الحمويّ، معجم البلدان : ج 3، ص 64 .
(1) نافع بن الحارث بن كندة الثقفيّ، أخو أبي بكرة لأمه، أوّل مَن اقتنى الخيل بالبصرة، وهو أحد الشهود على المغيرة، وله قطيعة بالبصرة. ابن حَجَر العسقلاني، الإصابة : ج 6، ص 319 _ 320 .
(2) صعصعة بن معاوية، عمّ الأحنف بن قيس، أبو أيّوب، مات في أوّل ولاية الحجَاج على العراق . ابن حِبّان البستيّ، مشاهير علماء الأمصار : ص 153 .
(3) عبد العزيز بن بشر، أوّل مَن بدأ بالإنكار على حمزة بن عبد الله بن الزّبير، حتى طُرِد عن الأهواز . البلاذريّ، أنساب : ج 12 ، ص 391 .
(4) مرّة بن محكان الربيعيّ السعديّ التميميّ، شاعر مُقِلٌ، يكنى أبا الأضياف، كان سيّد بني ربيع، شهِد وقعة الجُفرة بن جيش عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزّبير، قتله صاحب شرطة مصعب . الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 206 _ 207 .
(5) المغيرة بن المهلّب بن أبي صفرة الأزديّ، أبو خداش العتكيّ، أحد شجعان العرب وفرسانهم، له وقائع مشهورة في قتال الخوارج مع أبيه، استخلفه أبوه على خراسان فمات فيها 82 هـ . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 60 ، ص 87 ، الزركليّ، الأعلام : ج 7، ص 278 .
(6) غطفان بن أنيف بن يزيد بن فهدة الكعبيّ التميميّ، من بني كعب بن عمرو . ينظر : الطبريّ، تاريخ : ج 4، ص 400 .

اخبار البصرة لعمر بن شبة النميري 875 م / 262 هـ ت   ـ 300 ـ

  وكان قيس يعلق في عنق فرسه جلاجل (1) ، وكان على خيل بني حنظلة بن عَمْرو ابن وبرة القحيفيّ، وكان له عبيد يؤاجرهم بثلاثين ثلاثين كلَ يوم، فيعطيهم عشرة عشرة، فقيل له :
لبِئس ما حكمتَ يا ابنَ وَبْرَة      تُعطَى ثلاثينَ وتُعطِي عَشرة
  ووجَه المصعب زَحر بن قيس (2) الجعفيّ مدداً لابن مَعْمر في ألف، ووجّه عبدُ الملك عبيد الله بن زياد (3) بن ظَبيان مدداً خالد، فكرِه أن يدخل البصرة، وأرسل مطر ابن التوأم (4) ، فرجع إليه فأخبره بتفرّق النّاس، فلحِق بعبد الملك) (5) .
  (قال أبو زيد : قال أبو الحسن : فحدّثني شيخ من بني عريف عن السّكن بن قتادة، قال : اقتتلوا أربعة وعشرين يوماً، وأصيبت عين مالك فضجر من الحرب، ومشت السُفراء، بينهم يوسف بن عبد الله (6) بن عثمان بن أبي العاص، فصالحه على أن يُخرج

*************************************************
(1) جلااجل : الجُلجُل الجرس الصّغير، وصوته الجَلجَلة، والجُلجُل هو الجرس الصّغير الذي يعلّق في أعناق الدّواب وغيرها . ابن منظور، لسان العرب : ج 11 ، ص 122 .
(2) زَحر بن قيس الجعفيّ الكوفيّ، أدرك عليّاً (ع) وشهد معه صفيّن، وكان شريفاً فارساً خطيباً بليغاً، بعث معه عبيد الله بن زياد رأس الإمام الحسن (ع) ، ورؤوس أصحابه إلى يزيد، وكان مع زَحر أبو بردة بن عوف الأزديّ، وطارق بن ظبيان الأزديّ، فخرجوا حتى قدموا بها الشام على يزيد . ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق : ج 18 ، ص 443 .
(3) عبيد الله بن زياد بن ظَبيان البكريّ، أبو مطر كان مقرّباً من عبد الملك بن مروان، وكان قائد تغلب في الجيش الأمويّ محاربة مصعب بن الزبير، وهو الذي قتل مصعباً وحمل رأسه إلى عبد الملك، ثمّ خرج على الحجَاج مع ابن عبد الله بن بشر بن الجارود، فلماّ قتل ابن الجارود انصرف إلى عمان ولجأ إلى ابن الجلنديّ الأزديّ، فخافه هذا، فدسّ له السّم فمات سنة 75 هـ . الزركليّ، الأعلام : ج 4، ص 193 .
(4) لم أعثر على ترجمته .
(5) الطبريّ، تاريخ : ج 5، ص 3 _ 4 .
(6) يوسف بن عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفيّ، كان مّن خرج مع ابن الأشعث فهرب، ثمّ