اتصل بنا مؤمنــــة البطاقات انتصار الدم مساجد البصرة واحة الصائم المرجعية الدينية الرئيسية

  المحصي
  الذي أحصى كلّ شيء بعلمه ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة .

  المبدىء المعيد
  فالمبدىء الذي أبدأ الأشياء اختراعاً وأوجدها .
  والمعيد الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات ، ثم يعيدهم بعد الممات إلى الحياة ، لقوله تعالى : ( وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (1) ولقوله : ( هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) (2).

  المحيي المميت
  فالمحيي هو : الذي يحيي النطفة الميتة فيخرج منها النسمة الحية ، ويحيي الأجسام بإعادة الأرواح إليها للبعث .
  والمميت : هو الذي يميت الأحياء ، تمدّح سبحانه بالإماتة كما تمدّح بالإحياء ، ليعلم أنّ الإحياء والإماتة من قبله .

  الحيّ
هو الذي لم يزل موجوداً وبالحياة موصوفاً ، لم يحدث له الموت بعد الحياة ولا العكس ، قاله البادرائي. وفي منتهى السؤول : أنه الفعّال المدرك ، حتّى أن ما لا فعل له ولا إدراك فهو ميّت ، وأقل درجات الإدراك أن يشعر المدرك نفسه ، فالحيّ الكامل هو الذي تندرج جميع المدركات تحت إدراكه ، حتى لا يشذّ عن علمه مدرك ولا

------------------------------------
(1) البقرة 2 : 28.
(2) البروج 85 : 13.

  أسماء الله الحسنى  _ 52 _

  عن فعله مخلوق ، وكلّ ذلك لله تعالى ، فالحيّ المطلق هو الله تعالى .

  القيّوم
  هو القائم الدائم بلا زوال بذاته ، وبه قيام كلّ موجود في إيجاده وتدبيره وحفظه ، ومنه قوله : ( أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) (1) أي : يقوم بأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم . وقيل : هو القيم على كل شيء بالرعاية له .
  ومثله : القيّام ، وهما من فيعول وفيعال ، من قمت بالشيء إذا توليته بنفسك وأصلحته ودبرته ، وقالوا : ما فيها ديّور ولا ديّار (2).
  وفي الصحاح : أن عمر (3) قرأ : الحي القيّام ، قال وهو لغة (4).

  الواجد
  أي : الغني ، مأخوذ من الجدّ ، وهو : الغنى والحظ في الرزق ، ومنه قولهم في الدعاء : ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد ، أي : من كان ذا غنى وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة ، إنّما ينفعه الطاعة والإيمان ، بدليل : ( يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونَ ) (5).
  أو يكون مأخوذاً من الجدة ، وهي : السعة في المال والمقدرة ، ورجل واجد أي : غني بين الوجد والجدة ، وافتقر بعد وجد ، ووجد بعد فقر ، وقوله تعالى : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ ) (6) أي : سعتكم ومقدرتكم .


------------------------------------
(1) الرعد 13 : 33.
(2) اُنظر : عدة الداعي : 308.
(3) أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ، روى عن النبي وعن أبي بكر وأبي بن كعب ، روى عنه أولاده وغيرهم ، قتل سنة (23 هـ).
طبقات الفقهاء 19 ، اسد الغابة 4 : 52 ، تهذيب التهذيب 7 : 438.
(4) الصحاح 5 : 2018 ، قوم. وقال الزمخشري في الكشّاف 1 : 384 : « وقرىء القيام والقيم ».
(5) الشعراء 26 : 88.
(6) الطلاق 65 : 6.

  أسماء الله الحسنى  _ 53 _

  وقد يكون الواجد : هو الذي لا يعوزه شيء ، والذي لا يحول بينه وبين مراده حائل من الوجود .

  الواحد الأحد
  هما دالان على معنى الوحدانية وعدم التجزي .
  قيل : والأحد والواحد بمعنى واحد ، وهو : الفرد الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء .
  وقيل : الفرق بينهما من وجوه :
  أ ـ أنّ الواحد يدخل الحساب ، ويجوز أن يجعل له ثانياً ، لأنه لا يستوعب جنسه ، بخلاف الأحد ، ألا ترى أنك لو قلت : فلان لا يقاومه واحد من الناس ، جاز أن يقاومه اثنان ، ولو قلت : لا يقاومه أحد ، لم يجز أن يقاومه أكثر ، فهو أبلغ ، قاله الطبرسي (1).
  قلت : لأنّ أحداً نفي عام للمذكر والمؤنث والواحد والجماعة ، قال تعالى : ( لستنَّ كأحدٍ من النساء ) (2) ولم يقل كواحدة ، لما ذكرناه.
  ب : قال الأزهري (3) : الفرق بينهما أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد ، والواحد اسم لمفتتح العدد.
  ج : قال الشهيد : الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الذات ، والأحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة إلى الصفات (4).


------------------------------------
(1) مجمع البيان 5 : 564 باختلاف .
(2) الأحزاب 33 : 32.
(3) أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهري الهروي ، أحد الأئمة في اللغة والأدب ، روى عن أبي الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري عن ثعلب وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : تفسير أسماء الله عزّ وجلّ ، والظاهر أن الكفعمي نقل قول الأزهري من هذا الكتاب ، مات سنة (370 هـ).
وفيات الأعيان 4 : 334 ، معجم الاُدباء 17 : 164 ، أعلام الزركلي 5 : 311.
(4) القواعد والفوائد 2 : 171 ، وفيه : «... وقيل الفرق بينهما : أن الواحد هو المنفرد بالذات لا يشابهه

  أسماء الله الحسنى  _ 54 _

  د : قال صاحب العدة : إن الواحد أعم مورداً ، لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا يطلق الأحد إلاّ على من يعقل (1).

  الصمد
  السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ، أي : يقصد ، وأصل الصمد : القصد. قال :
ما كنتُ أحسبُ أنّ بيتاً طاهراً      لـله  فـي أكنافِ مَكّة يَصمِدُ
  وقيل : هو الباقي بعد فناء الخلق .
  وعن الحسين عليه السلام : الصمد الذي انتهى إليه السؤدد ، والدائم ، والذي لا جوف له ، والذي لا يأكل ولا يشرب ولا ينام (2).
  قال وهب (3) : بعث أهل البصرة إلى الحسين عليه السلام يسألونه عن الصمد ، فقال : إنّ الله قد فسّره ، فقال : ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد ) (4) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ، ولا لطيف كالنفس ، ولا تنبعث منه البدورات كالنوم والغمّ والرجاء والرغبة والشبع والخوف وأضدادها ، وكذا هو لا يخرج من كثيف كالحيوان والنبات ، ولا لطيف كالبصر وسائر الآلات (4).


------------------------------------
أحد ، والأحد المتفرد بصفاته الذاتية ، بحيث لا يشاركه فيها أحد ».
(1) عدّة الداعي : 300.
(2) التوحيد : 90 حديث 3 ، مجمع البيان 5 : 565 ، باختلاف .
(3) أبو البختري وهب بن وهب بن عبدالله القرشي ، من الضعفاء ، يروي عن أبي عبدالله عليه السلام ، له عدّة كتب ، منها : الألوية والرايات ، وكتاب مولد أمير المؤمنين ، وكتاب صفات النبي وغيرها.
تنقيح المقال 3 : 281 ، معجم رجال الحديث 19 : 211.
(4) الإخلاص 112 : 3 ـ 4.
(5) التوحيد 91 حديث 5 ، مجمع البيان 5 : 565 ـ 566 ، باختلاف.

  أسماء الله الحسنى  _ 55 _

  ابن الحنفية (1) : الصمد هو القائم بنفسه الغني عن غيره (2).
  زين العابدين عليه السلام : هو الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء (3).
  زيد بن علي (4) : هو الذي « إذا أرادَ شيئاً أن يقول لهُ كُن فيكونُ » (5) وهوالذي أبدع الأشياء أمثالاً وأضداداً وباينها (6).
  وعن الصادق عليه السلام قال : قدم على أبي الباقر عليه السلام وفد من فلسطين (7) بمسائل منها الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، هو خمسة أحرف :
  الألف : دليل على إنّيّته ، وذلك قوله تعالى : ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ


------------------------------------
(1) أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب ، والحنفية لقب اُمّه خولة بنت جعفر ، كان كثير العلم والورع ، شديد القوة ، وحديث منازعته في الإمامة مع علي بن الحسين عليه السلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجر له مشهور ، بل في بعضها : وقوعه على قدمي السّجاد عليه السلام بعد شهادة الحجر له ولم ينازعه بعد ذلك بوجه ، توفي سنة (80 هـ) وقيل (81 هـ).
الطبقات الكبرى 5 : 91 ، وفيات الأعيان 4 : 169 ، تنقيح المقال 3 : 115.
(2) التوحيد : 90 ، مجمع البيان 5 : 565.
(3) التوحيد : 90 ، مجمع البيان 5 : 565.
(4) أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، من أصحاب السجاد والباقر ، اتفق علماء الإسلام على جلالته وثقته وورعه وعلمه وفضله ، وقد روي في ذلك أخبار كثيرة ، حتى عقد ابن بابويه في العيون باباً لذلك ، وأنّ خروجه ـ طلباً بثارات الحسين ـ كان بإذن الإمام عليه السلام ، واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة ولم يكن يريدها لمعرفته باستحقاق أخيه لها ، استشهد مظلوماً سنة (120 هـ) وقيل : (121 هـ) ولمّا بلغ خبر استشهاده أبا عبدالله عليه السلام حزن له حزناً شديداً عظيماً حتى بان عليه.
تنقيح المقال 3 : 467 ، معجم رجال الحديث 7 : 345.
(5) يس 36 : 82.
(6) التوحيد : 90 حديث 4 ، مجمع البيان 5 : 565.
(7) بالكسر ثم الفتح وسكون السين ، آخر كور الشام من ناحية مصر ، قصبتها البيت المقدّس ، ومن مشهور مدنها عسقلان والرملة وغزة.
معجم البلدان 4 : 274.

  أسماء الله الحسنى  _ 56 _

   هُوَ ) (1).
  واللام : تنبيه على إلهيّته ، وهما مدغمان لا يظهران ولا يسمعان ، بل يكتبان ، فإدغامهما دليل لطفه ، والله تعالى لا يقع في وصف لسان ولا يقرع الأذان ، فإذا فكّر العبد في إنّيّة الباري تعالى تحيّر ولم يخطر له شيء يتصوّر ، مثل لام الصمد لم تقع في حاسة ، وإذا نظر في نفسه لم يرها ، فإذا فكّر في أنّه الخالق للأشياء ظهر له ما خفي ، كنظره إلى اللام المكتوبة.
  والصاد : دليل صدقة في كلامه ، وأمره بالصدق لعباده .
  والميم : دليل ملكه الذي لا يحول ، وأنه ملك لا يزول .
  والدال : دليل دوامه المتعالي عن الزوال (2).

  القدير القادر
  بمعنى ، غير أن القدير مبالغة في القادر (3) ، وهو الموجد للشيء اختياراً من غير عجز ولا فتور .


------------------------------------
(1) آل عمران 3 : 18.
(2) التوحيد 90 ـ 92 حديث 5 ، مجمع البيان 5 : 566 ، باختلاف .
(3) في هامش (ر) : « والقدير [ الذي ] قدرته لا تتناهي ، فهو أبلغ من القادر ، ولهذا لا يوصف به غير الله تعالى ، والقدرة هي التمكن من إيجاد الشيء ، وقيل : قدرة الإنسان : هيئة يتمكن بها من الفعل ، وقدرة الله تعالى : عبارة عن نفي العجز عنه ، والقادر : هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك ، والقدير : الفعّال لما يشاء على ما يشاء ، واشتقاق القدرة من القدر ، لأنّ القادر يوقع الفعل على مقدار ما تقتضيه مشيّته ، وفيه دليل على أن مقدور العبد مقدور لله تعالى ، لأنه شيء وكلّ شيء مقدور له تعالى ، قاله البيضاوي في تفسيره .
وقال الطبرسي ـ قدّس الله سرّه ـ في كتابه مجمع البيان في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ 2 : 20 ]) إنّه عام ، فهو قادر على الأشياء كلّها على ثلاثة أوجه : على المعدومات بأن يوجدها ، وعلى الموجودات بأن ينفيها ، وعلى مقدور غيره بأن يقدر عليه ويمنع منه ، وقيل : هو خاص في مقدوراته دون مقدور غيره ، فإن مقدوراً واحداً بين قادرين لا يمكن ، لأنّه يؤدّي إلى أن يكون الشيء الواحد موجوداً معدوماً في حالة واحدة ، ولفظة كلّ قد تستعمل في غير العموم ، نحو قوله تعالى : ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [ 46 :25 ]) يعني : تهلك كلّ شيء مرّت به من الناس والدواب والأنعام ، لا من غيرهم. منه رحمه الله ».
اُنظر : أنوا ر التنزيل وأسرار التأويل 1 : 30 ـ 31 باختلاف ، مجمع البيان 1 : 59 باختلاف .

  أسماء الله الحسنى  _ 57 _

  وفي منتهى السَّؤول : القادر هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، وليس من شرطه أن يشاء (1) ، لأنّ الله قادر على إقامة القيامة الآن ، لأنّه لو شاء أقمها وإن كان لا يقيمها الآن ، لأنّه لم يشأ إقامتها الآن ، لما جرى في سابق علمه من تقدير أجلها ووقتها ، فذلك لا يقدح في القدرة ، والقادر المطلق هو الذي يخترع كلّ موجود اختراعاً يتفرد به ، ويستغني فيه عن معاونة غيره ، وهو الله تعالى .

  المقتدر
  هو التام القدرة الذي لا يطاق الامتناع عن مراده ولا الخروج عن إصداره وإيراده .
  وقال الشهيد : المقتدر أبلغ من القادر لاقتضائه الإطلاق ، ولا يوصف بالقدرة المطلقة غير الله تعالى (2).

  المقدّم المؤخّر
  هو المنزّل الأشياء منازلها ، ومرتّبها في التكوين والتصوير والأزمنة على ما تقتضيه الحكمة ، فيقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء .

  الأول الآخر
  فالأول هو : الذي لا شيء قبله ، الكائن قبل وجود الأشياء.
  والآخر : الباقي بعد فناء الخلق بلا انتهاء ، كما أنه الأول بلا ابتداء ، وليس معنى الآخر ما له الانتهاء ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء .


------------------------------------
(1) في هامش (ر) : « أي : ليس القدرة مشروطة بأن يشاء ، حتى إذا لم يكن يشاء لم يكن قادراً ، بل هو جلّت عظمته قادر مطلقاً من غير اعتبار المشيّة وعدمها. منه رحمه الله ».
(2) القواعد والفوائد 2 : 172.

  أسماء الله الحسنى  _ 58 _


  الظاهر الباطن
  فالظاهر أي : بحججه الظاهرة وبراهينه الباهرة الدالة على ثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته ، فلا موجود إلاّ وهو يشهد بوجوده ، ولا مخترع إلاّ وهو يعرب عن توحيده .
وفي كلّ شيء له آية      تـدلّ على أنّه iiواحدُ
  وقد يكون الظاهر بمعنى : العالي ، ومنه قوله صلى الله عليه وآله : أنت الظاهر فليس فوقك شيء .
  وقد يكون بمعنى : الغالب ، ومنه قوله تعالى : ( فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) (1).
  والباطن : المتحجب عن إدراك الأبصار وتلوث الخواطر والأفكار ، وقد يكون بمعنى : البطون وهو الخبر ، وبطنت الأمر عرفت باطنه ، وبطانة الرجل : وليجته الذين يطلعهم على سرّه .
  والمعنى : أنه عالم بسرائر القلوب والمطلع على ما بطن من الغيوب.

  الضارّ النافع
  أي : يملك الضر والنفع ، فيضرّ من يشاء وينفع من يشاء .
  وقال الشهيد : معناهما أنه تعالى خالق (2) ما يضرّ وينفع (3).

  المقسط
  هو العادل في حكمه الذي لا يجور ، والسقط بالكسر : العدل ، ومنه قوله


------------------------------------
(1) الصف 61 : 14.
(2) في المصدر : أي خالق.
(3) القواعد والفوائد 2 : 173.

  أسماء الله الحسنى  _ 59 _

  تعالى : ( قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ) (1) وقوله : ( ذَلِكُمْ أَقْسَطُ ) (2) أي : أعدل. وأقسط : إذا عدل ، وقسط بغير ألف : إذ جار ، ومنه : ( وأما القاسطون فكانوا لجهنّمّ حطباً ) (3).

  الجامع
  الذي يجمع الخلائق ليوم القيامة ، أو الجامع للمتباينات والمؤلف بين المتضادات ، أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء ، ويقال : الجامع الذي قد جمع الفضائل وحوى المكارم والمآثر .

  البرّ
  بفتح الباء ، وهو : العطوف على العباد ، الذي عمّ برّه جميع خلقه : ببرّه المحسن بتضعيف الثواب ، والمسيء بالعفو عن العقاب وبقبول التوبة. وقد يكون بمعنى الصادق ، ومنه : برّ في يمينه ، أي : صدق .
  وبكسر الباء ، قال الهروي : هو الاتساع والأحسان والزيادة ، ومنه سمّيت البريّة لاتساعها ، وقوله : ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) (4) البر : الجنّة .
  قال الجوهري : والبرّ بالكسر خلاف العقوق ، وبررت والدي بالكسر أي : اطعته ، ومن كسر باء البرّ في اسمه تعالى فقد وهم (5).
  قال الحريري (6) في كتابه درة الغواص : وقولهم برّ والدك وشمّ يدك


------------------------------------
(1) آل عمران 3 : 18.
(2) البقرة 2 : 282.
(3) الجنّ 72 : 15.
(4) آل عمران 3 : 92.
(5) الصحاح 2 : 588 برر ، باختلاف.
(6) أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري ، قرأ الأدب على أبي القاسم الفضل بن

  أسماء الله الحسنى  _ 60 _

  وهمٌ ، والصواب فتح الباء والشين (1) ، لأنهما مفتوحان في قولك : يبرّ ويشمّ ، وعقد هذا الباب : أن حركة أول فعل الأمر من [ جنس ] (2) حركة ثاني الفعل المضارع إذا كان متحركاً ، فتفتح الباء في قولك : برّ أباك ، لانفتاحها في قولك : يبرّ ، وتضمّ الميم في قولك : مدّ الحبل ، لانضمامها في قولك : يمدّ ، وتكسر الخاء في قولك : خف في العمل ، لانكسارها في قولك : يخف (3) (4).


------------------------------------
محمد القصباني ، له عدّة مصنّفات ، منها : درّة الغواص في أوهام الخواصّ ، وهو عبارة عن ذكر الأوهام التي وقعت لبعض الأعلام مع ذكر ما هو الصواب لها ، مات سنة (516 هـ).
المنتظم 9 : 241 ، معجم الاُدباء 16 : 261 ، وفيات الأعيان 4 : 63 ، النجوم الزاهرة 5 : 225.
(1) في المصدر : « ويقولون للمأمور بالبرّ والشمّ : بِرّ والدك بكسر الباء ، وشُمّ يدك بضمّ الشين ، والصواب أن يفتحهما جميعاً ».
(2) زيادة من المصدر.
(3) درّة الغواصّ في أوهام الخواصّ : 22.
(4) في هامش (ر) : « قلت : الفعل المضاعف الذي ماضيه فعل ـ نحو : ردّ وشدّ وعفّ وكلّ ـ إن كان متعدياً مضارعه يأتي على يفعل بالضم نحو يرّد ويشدّ ، وإن كان غير متعدّ فمضارعه يأتي على يفعل بالكسر نحو يعفّ ويكلّ. وما جاء على فعل ـ سواء كان متعدياً أو غير متعدّ ، فالمتعدي نحو شممته وعضضته ، وغير المتعدي نحو ظللت وبللت ـ فالمضارع منها يفعل بالفتح ، نحو : يشمّ ويعضّ ويلجّ ويظلّ ويبلّ ، وربما قالوا يبل بالكسر ، جعلوه من قبيل حسب يحسب ، ولا يأتي من هذا فعل بالضم ، قال سيبويه : لأنهم يستثقلون فعل والتضعيف. وقد يشتبه فعل يفعل هنا ، ألا ترى أنك تقول : حرّ يومنا وحرّ المملوك ، فلفظهما سواء ، وتقول في مستقبل حرّ يومنا : يحر بالفتح حراراً. وتقول : قرّ بالمكان يقر بالكسر قراراً ، وإن عنيت به قرة العين عند السرور بالشيء قلت : قرّ به عيناً يَقرّ ـ بالفتح ـ قرّة .
وأما الألفاظ المشتركة من يفعل بالضم ويفعل بالكسر ، فمنها : جدّ إن عنيت به القطع كان متعديا ، فتقول : جدّ الشيء يجدّه جداً فهو جادّ والأمر منه جدُ بالضم ، وإن عنيت به جدّ في الأمر إذا اجتهد كان لازماً ، فتقول : جدّ يجدّ بالكسر والأمر منه جد بالكسر .
ومنها : فرّ إن عنيت به الكشف عن سنّ الدابة كان متعدياً ، فتقول : فرّ عن الدابة يفرّ بالضم فراً ، وفرّ عن الغلام إذا نظر إلى ما عنده من العلم وإن عنيت به الهرب والفرار كان لازماً ، فتقول : فرّ مني زيد يفرّ بالكسر فراراً .
ومنها : صرّ إن عنيت به الشدّ كان متعدياً ، فتقول : صرّ الصرة يصرها بالضم صراً والصرة مصرور ، وإن عنيت به الصوت كان لازماً ، فتقول : صرّ الجندب أو الباب يصرّ صريراً والأمر صر بالكسر والنهي لا تصر ، ملخص من كتاب شرح الملوكي ، وكتاب عبد الواحد بن زكريا. منه رحمه الله ». )

  أسماء الله الحسنى  _ 61 _


  المانع
  الذي يمنع أولياءه ويحوطهم وينصرهم ، من المنعة. أو : يمنع من يستحق المنع (1) ، من المنع ، أي : الحرمان ، لأنّ منعه سبحانه حكمة وعطاؤه جود ورحمة ، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع .
  وقد يكون المانع : الذي يمنع أسباب الهلاك والنقصان بما يخلقه في الأبدان والأديان من الأسباب المعدة للحفظ .

  الوالي
  هو المالك للأشياء المتصرف فيها المتولي عليها ، وقد يكون بمعنى المنعم ، عوداً على بدء .
  وقوله تعالى : ( وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) (2) أي : من ولي ، أي : من ناصر ، والمولى والولي يأتيان بمعنى الناصر أيضاً ، وقد مرّ شرحهما .
  والولاية بفتح الواو : النصرة ، وبكسرة : الإمارة ، وقيل : هما لغتان كالدّلالة. والدلالة ، والولاية أيضاً الربوبية ، ومنه : ( هنالك الولاية لله الحقّ ) (3) يعني : يومئذ يتولّون الله ويؤمنون به ، ويتبرّؤون مما كانوا يعبدون .

  المتعالي
  قال البادرائي : هو المتنزّه عن صفات المخلوقين .
  وقال الهروي : المتعالي الذي جلّ عن إفك المفترين. وقد يكون المتعالي بمعنى العالي ، ومعنى : ( تعالى الله ) (4) أي : جلّ عن أن يوصف .


------------------------------------
(1) في (ر) ورد بعد لفظ المنع : « والحكمة في منعه اشتقاقه » ولم نثبته لاختلال المعنى به .
(2) الرعد 13 : 11.
(3) الكهف 18 : 44.
(4) النمل 27 : 63.

  أسماء الله الحسنى  _ 62 _


  التوّاب
  من أبنية المبالغة ، وهو : الذي يقبل التوبة من عباده ويسهّل لهم أسباب التوبة ، وكلّما تكررت التوبة من العبد تكرر منه القبول. والتوّاب من الناس : التائب ، والتوبة والتوب : الرجوع عن الذنب ، وقيل : التوب جمع توبة .

  المنتقم
  هو الذي يبالغ في العقوبة لمن يشاء ، وانتقم الله من فلان : عاقبه .
  وفي عبارة الشهيد : هو قاصم ظهور العصاة (1).

  الرؤوف
  هو الرحيم العاطف برحمته على عباده ، وقيل : الرأفة أبلغ الرحمة وأرقّها ، وقيل : الرأفة أخصّ والرحمة أعمّ.

  مالك الملك
  معناه أنّ الملك بيده ، وقد يكون معناه : مالك الملوك ، والملكوت من الملك ، كالرهبوت من الرهبة ، وتملّك كذا أي : ملكه قهراً .

  ذو الجلال والإكرام
  أي : ذو العظمة والغنى المطلق والفضل العامّ ، قاله الشهيد (2).
  وقيل : معناه أي : يستحق أن يجلّ ويكرم ، فلا يجحد ولا يكفر به ، قاله البادرائي.


------------------------------------
(1) القواعد والفوائد 2 : 169.
(2) القواعد والفوائد 2 : 172.

  أسماء الله الحسنى  _ 63 _


  ذو الطول
  أي : المتفضل بترك العقاب المستحق عاجلاً وآجلاً لغير الكافر .
  والطول بفتح الطاء : الفضل والزيادة ، وبضمها : في الجسم ، لأنه زيادة فيه ، كما أن القصر قصور فيه ونقصان ، وقولهم : طلت فلاناً ، أي : كنت أطول منه ، من الطول والطول جميعاً .

  ذو المعارج
  أي : ذو الدرجات التي هي مصاعد الكلم الطيب والعمل الصالح ، أو التي يترقّى فيها المؤمنون في الجنة ، وقوله تعالى : ( وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ) (1) أي : درج عليها يعلون ، واحدها معرج ومعراج ، وعرج في الدرجة أو السلم : ارتقى.

  النور
  قال البادرائي : هو الذي بنوره يبصر ذو العماية وبهدايته ينظر ذو الغواية ، وعلى هذا يتناول قوله تعالى : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (2) أي : منورهما .
  وقال الشهيد : النور المنّور مخلوقاته بالوجود والكواكب والشمس والقمر واقتباس النار ، أو نوّر الوجود بالملائكة والأنبياء ، أو دبّر الخلق بتدبيره (3).

  الهادي
  الذي هدى الخلق إلى معرفته بغير واسطة ، أو بواسطة ما خلقه من الأدلة على معرفته ، وهدى سائر الحيوان إلى مصالحها ، قال تعالى : ( الَّذِي أَعْطَى كُلَّ


------------------------------------
(1) الزخرف 43 : 33. (2) النور 24 : 35.
(3) القواعد والفوائد 2 : 173.

  أسماء الله الحسنى  _ 64 _

  شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) (1).

  البديع
  هو الذي فطر الخلق مبتدعاً لا على مثال سبق ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم .
  والبديع يقال على الفاعل والمنفعل ، والمراد هنا الأول ، والبدع الذي يكون أولاً في كلّ شيء ، ومنه قوله تعالى : ( مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ ) (2) أي : لست بأول مرسل .

  الباقي
  قال الشهيد : هو الموجود الواجب وجوده لذاته أزلاً وأبداً (3).
  وقال البادرائي وصاحب العدة : هو الذي بقاؤه غير متناه ولا محدود ، ولا تعرض عليه عوارض الزوال ، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما ، لأن بقاءه أزليّ أبديّ وبقاؤهما أبديّ غير أزليّ ، ومعنى الأزليّ : ما لم يزل ، والأبديّ : ما لا يزال ، والجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا (4).

  الوارث
  هو الباقي بعد فناء الخلق ، فترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاّك .

  الرشيد
  الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم ، أو ذو الرشد ، وهو الحكمة ، لاستقامة تدبيره ، أو الذي ينساق بتدبيراته إلى غايتها .


------------------------------------
(1) طه 20 : 50 .
(2) الأحقاف 46 : 9.
(3) القواعد والفوائد 2 : 174.
(4) عدّة الداعي : 301 ، باختلاف.

  أسماء الله الحسنى  _ 65 _


  الصبور
  هو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه، أو الذي لا تحمله العجلة بعقوبة العصاة ، لاستغنائه عن التسرع ، إذ لا يخاف الفوت .
  والصبور من أبنية المبالغة ، وهو في صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم ، إلاّ أن الفرق بينهما : أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور ، كما يسلمون منها في صفة الحليم .

  الربّ
  هو في الأصل بمعنى التربية ، وهي : تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ، ثم وصف به للمبالغة كالصوم والعدل .
  وقيل : هو نعت من ربّه يربّه فهو ربّ ، ثم سمّي به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربّيه ، ولا يطلق على غير الله تعالى إلاّ مقيداً ، كقولنا : ربّ الضيعة ، ومنه : ( ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ) (1).
  واختلف في اشتقاقه على أربعة أوجه :
  أ : أنّه مشتقّ من المالك ، كما يقال : ربّ الدار ، أي : مالكها ، قال بعضهم : لئن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن ، أي : يملكني .
  ب : أنّه مشتقّ من السيد ، ومنه : ( أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا) (2) أي : سيّده .
  ج : أنّه المدبّر ، ومنه قوله : ( وَالرَّبَّانِيُّونَ ) (3) وهم : العلماء ، سمّوا بذلك


------------------------------------
(1) يوسف 12 : 50.
(2) يوسف 12 : 41.
(3) المائدة 5 : 44.

  أسماء الله الحسنى  _ 66 _

  لقيامهم بتدبير الناس وتعليمهم ، ومنه : ربّة البيت ، لأنها تدبرّه .
  د : أنّه مشتقّ من التربية ، ومنه قوله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمُ ) (1) سمّي ولد الزوجة ربيبة لتربية الزوج له .
  فعلى هذا إن قيل : بأنّه تعالى ربّ لأنّه سيّد أو مالك ، فذلك من صفات ذاته ، وإن قيل : لأنّه مدبّر لخلقه أو مربّيهم ، فذلك من صفات أفعاله .

  السيّد
  الملك ، وسيّد القوم ملكهم وعظيمهم .
  وقال النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ : علي سيّد العرب ، فقالت عائشة (2) : أولست سيّد العرب ؟ ! فقال ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، فقالت : وما السيد ؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : هو من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي (3).
  فعلى هذا الحديث السيد هو : الملك الواجب الطاعة ، قال صاحب العدّة (4).
  قال الشهيد في قواعده : ومنع بعضهم من تسميته تعالى بالسيد (5).
  قلت : وهذا المنع ليس بشيء .
  أمّا أولاً : فلما ذكرناه من قول صاحب العدة ، وقد أثبته (6) في الأسماء الحسنى في عبارته .


------------------------------------
(1) النساء 4 : 23.
(2) اُمّ عبدالله عائشة بنت أبي بكر ، روت عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعن أبيها وعمر وغيرهم ، روت عنها اُختها اُمّ كلثوم وأخوها من الرضاعة عوف ابن الحارث وغيرهما ، ماتت سنة (58 هـ) وقيل (57 هـ).
اُسد الغابة 5 : 501 ، تهذيب التهذيب 12 : 435.
(3) اُنظر إحقاق الحق 4 : 36.
(4) عدّة الداعي : 305 ، باختلاف .
(5) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف .
(6) أي : صاحب العدّة.

  أسماء الله الحسنى  _ 67 _

  وأمّا ثانياً : فلأنه قد جاء في الدعاء كثيراً ، وورد أيضاً في بعض الأحاديث : قال السيد الكريم.
  وأمّا ثالثاً : فلأن هذا الاسم لا يوهم نقصاً ، فيجوز إطلاقه على الله تعالى إجماعاً .

  الجواد
  هو الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم : أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس ، ورجل جواد أي : سخي ، ولا يقال : الله تعالى سخيّ ، لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين ، و[ يقال : ] (1) أرض سخاوية وقرطاس سخاويّ إذا كان ليّناً ، وسمّي السخيّ سخيّاً للينه عند الحوائج. هذا آخر كلام صاحب العدة (2).
  قلت : وقوله ولا يقال الله تعالى سخيّ ، ليس بشيء ، لأنّ السخاء مرادف للجود (3) ، وهو صفة كمال ، فيجوز إطلاقه عليه تعالى ، مع أنه قد ورد به الإذن ، ففي دعاء الصحيفة المذكور في مهج ابن طاووس (4) قدس الله سره :


------------------------------------

(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ر) و(ب) وأثبتناه من المصدر وهو الأنسب.
(2) عدّة الداعي : 312 ، باختلاف .
(3) في هامش (ر) : « في كثير من الأدعية ، وإضافة السخاء فيها إليه كما في دعاء الجوشن الكبير المروي عن السجاد زين العابدين عن أبيه عن جدّه عن علي عليهم السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله ، في قوله : يا ذا الجود والسخاء ، ففرق بين السخاء والجود لترادفهما على اسم الكريم. منه رحمه الله ».
انُظر : المصباح ـ للمصنف ـ : 248.
(4) أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني ، السيد الأجلّ الأورع ، ويظهر من مواضع من كتبه خصوصاً كشف المحجة أن باب لقائه الإمام المنتظر روحي له الفدا كان مفتوحاً ، وكان من عظماء المعظمين لشعائر الله ، يروي عنه العلامة الحلي وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : مهج الدعوات ومنهج العنايات ، ذكر فيه الأحراز والقنوتات والحجب والدعوات والتعقيبات وأدعية الحاجات ، توفي سنة (664 هـ).
الكنى والألقاب 1 : 327 ، أعيان الشيعة 8 : 358 ، الذريعة 23 : 287 ، معجم رجال الحديث

  أسماء الله الحسنى  _ 68 _

  سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصاً وقد ورد في الدعوات ، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى .
  قلت : أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره ، كما ذكره صاحب العدة .
  إن قلت : إنّ اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضدّ الخشونة ، وفي دعوات المصباح (1) : ولنت في تجبرك (2) ، أي : حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه ، لأنّ التوّاب من الناس : التائب ، والصبور : كثير حبس النفس عن الجزع ، وهما في صفته تعالى كما مرّ في شرحهما ، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه (3).


------------------------------------
12 : 188.
(1) كتاب المصباح لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن الشيخ المفيد وغيره ، يروي عنه والده الشيخ حسن وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ـ وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية ومالا يتكرر ، وقدّم فصولاً في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف ، توفي سنة (460 هـ) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه.
تنقيح المقال 3 : 104 ، أعيان الشيعة 9 : 159 ، الذريعة 211 : 118.
(2) مصباح المتهجّد : 387.
(3) في هامش (ر) : « مع أنّا نقول : إنّ أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة ، وأرض سخواء : سهلة واسعة ، ويسمّى السخي سخياً لسهولة عطائه وسعته ، فالله تعالى أحق باسم السخاء ، لأنه وسع بعطائه المعطين وعمّ ببره المبرّين. مع أنّا لو سلّمنا للشيخ رحمه الله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى ، لوجب أن نترك كلّ اسم منها يحصل [ في ] اشتقاقه مالا يناسب عنده ، وهو باطل بالإجماع ، وأظنّ أنّه ـ رحمه الله ـ قلّد القاضي عبد الجبّار في شرحه الأسماء الحسنى في صحّة الإشتقاق ، لأنّه منع في شرحه أن يوصف الله تعالى بالحنّان ، قال : لأنّه يفيد معنى الحنين ، وهو لا يجوز عليه سبحانه وتعالى ، قلت : فكلام عبدالجبار أيضاً غير صحيح ، لاشتقاق الحنّان من غير الحنين ، قال الجوهري في صحاحه : الحنّان بالتخفيف : الرحمة ، والحنّان بالتشديد : ذوم الرحمة.
وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى : ( وحناناً من لدنّا [ 19 : 13 ] ) أي : رحمة ، قال : والحنّان من صفات الله بالتشديد : الرحيم ، وبالتخفيف : العطف والرحمة. وفي الحديث : أنّه صلّى الله عليه وآله مرّ على رجل يعذب ، فقال : لأتخذنه حناناً ، أي : لأتعطفن عليه ولأترحّمن ، ثم نرجع ونقول : على ما ذهب إليه صاحب العدة وعبد الجبار لا يجوز

  أسماء الله الحسنى  _ 69 _

  وهنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسقر قناعها ونحدر لفاعها ، وهي :
  ان الاسماء التي ورد بها السمع ولا شيء منها يوهم نقصاً ، يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعاً ، وما عدا ذلك فأقسامه ثلاثة :
  أ : ما لم يرد به السمع ويوهم نقصاً ، فيمتنع إطلاقه عليه تعالى إجماعاً ، كالعارف والعاقل والفطن والذكي ، لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره ، والعقل هو المنع عما لا يليق ، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك ، وكذا المتواضع لأنه يوهم الذلة ، والعلاّمة لأنه يوهم التأنيث ، والداري لأنه يوهم تقدّم الشك .
  وما جاء في الدعاء من قول الكاظم عليه السلام في دعاء يوم السبت يا من لا يعلم ولا يدري كيف هو إلا هو (1) ، يعطي جواز هذا ، فيكون مرادفاً للعلم .
  ب : ما ورد به السمع ، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص ، فلا يجوز ، كأن يقول : يا ماكر أو يا مستهزىء ويحلف به .
  قال الشهيد : ومنع بعضهم أن يقال : اللّهم امكر بفلان ، وقد ورد في دعوات المصباح : اللهم استهزىء به ولا تستهزىء بي (2).


------------------------------------
أن يسمّى الله تعالى شاكراً ، وقد ورد به في القرآن في قوله : ( فإنّ الله شاكرٌ عليم [ 2 : 158 ]) لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي : هو المظهر للإنعام عليه ، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة ، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازاً وتوسعاً. قال الإمام الطبرسي رحمه الله : ومعنى أنه شاكر أي : مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب ، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفاً لعباده ومظاهرة في الإحسان والإنعام عليهم ، كما قال : ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً [ 2 : 245 ]) والله تعالى لا يستقرض من عوز ، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف ، أي : يعامل عباده معاملة المستقرض ، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته ، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [ من حيث أنّه ] يوجب الثناء له الثناء له والثواب سمّى نفسه شاكراً. منه رحمه الله ».
اُنظر : الصحاح 5 : 1204 حنن ، مجمع البيان 1 : 239 ـ 240.
(1) المصباح ـ للمصنّف ـ : 102 ـ 103.
(2) القواعد والفوائد 2 : 177 ، باختلاف.

  أسماء الله الحسنى  _ 70 _

  ج : ما خلا عن الإيهام إلاّ أنّه لم يرد [ به ] السمع ، كالنجيّ والأريحي . قال الشهيد : والأولى التوقف عمّا لم تثبت التسمية به ، وإن جاز أن يطلق معناه عليه إذا لم يكن فيه إيهام (1).
  إذا عرفت ذلك فنقول :
  قال الشيخ نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (2) قدّس الله سره في فصوله : كلّ اسم يليق بجلاله ويناسب كماله مما لم يرد به إذن جاز إطلاقه عليه تعالى ، إلاّ أنه ليس من الأدب ، لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر (3).
  قلت : وعنده يجوز أن يطلق عليه تعالى الجوهر ، لأن الجوهر قائم بذاته غير مفتقر إلى الغير ، والله تعالى كذلك .
  وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل في كتابه منتهى السؤول في شرح الفصول : لا يجوز أن يطلق على الواجب تعالى صفة لم يرد الشرع المطهّر إطلاقها عليه وإن صح اتصافه بها معنى ، كالجوهر مثلاً بمعنى القائم بذاته ، لجواز أن يكون في ذلك مفسدة خفية لا نعلمها ، فإنه لا يكفي في إطلاق الصفة على الموصوف ثبوت معناها له ، فإن لفظتي عزّوجلّ لا يجوز إطلاقها على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وإن كان عزيزاً جليلاً في قومه ، لأنّهما يختصّان بالله تعالى ، ولولا


------------------------------------
(1) المصدر السابق.
(2) أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، كان رأساً في العلوم العقلية فيلسوفاً علاّمة بالأرصاد ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في زمانه ، يروي عن أبيه وعن الشيخ ميثم البحراني ، يروي عنه العلاّمة الحلي والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب فرحة الغري والمولى قطب الدين اُستاذ الشهيد وغيرهم ، له عدّة مصنّفات لم ير عين الزمان مثلها ، منها : فصول العقائد ، مرتّب على أربعة فصول : في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد ، وفصول العقائد أصله فارسي معروف : بالاُصول النصيرية ، ترجمه المولى ركن الدين محمد بن علي الجرجاني ـ من تلامذة العلاّمة ـ إلى العربية ، توفي سنة (673 هـ ).
الذريعة 1 : 26 ، 4 : 122 ، 16 : 246 ، معجم رجال الحديث 17 : 194 ، أعلام الزركلي 7 : 30.
(3) فصول العقائد : 9.

  أسماء الله الحسنى  _ 71 _

  عناية الله ورأفته بعباده في إلهام أنبيائه أسماءه وصفاته لما جسر أحد من الخلق ولا تهجّم في إطلاق شيء من هذه الأسماء والصفات عليه سبحانه .
  قلت : وهذا الكلام أولى من قول صاحب الفصول ، لأنّه إذا جاز عدم المناسبة ولا ضرورة داعية إلى التسمية ، وجب الامتناع من جميع ما لم يرد به نص شرعي من الأسماء ، وهذا معنى قول العلماء : إن اسماء الله تعالى توقيفية ، أي : موقوفة على النص والإذن.
  ولقد خرجنا في هذا الباب بالإكثار عن حدّ الاختصار ، غير أن الحديث ذو شجون .

  شديد العقاب
  أي للطغاة ، والشديد : القوي ، ومنه : ( وشددنا ملكهُ ) (1) أي : قوّيناه ، وشدّ الله عضده أي : قوّاه ، واشتدّ الرجل : إذا كان معه دابة شديدة ، أي : قويّة ، والمشدّ : الذي دوابه شديدة قوية ، والمضعف : الذي دوابه ضعيفة .

  الناصر
  هو النصير ، والنصير مبالغة في الناصر ، والنصرة : المعونة ، والنصير والناصر : المعين ، ونصر الغيث البلد : إذا أعانه على الخصب والنبات ، وقوله تعالى : ( وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) (2) أي : يعاونون .

  العلاّم
  مبالغة في العلم ، وهو الذي الذي لا يشذ عنه معلوم ، وقالوا رجل علاّمة ، فألحقوا الهاء لتدل على تحقيق المبالغة ، فتؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة ، ولا يوصف


------------------------------------
(1) ص 38 : 20.
(2) البقرة 2 : 48 و86 و123 ، الأنبياء 21 : 39 ، الدخان 44 : 41 ، الطور 52 : 46.

  أسماء الله الحسنى  _ 72 _

  سبحانه بالعلاّمة ، لأنه يوهم التأنيث.

  المحيط
  هو الشامل علمه ، وأحاط علم فلان بكذا أي : لم يعزب عنه.

  الفاطر
  أي المبتدع ، لأنّه فطر الخلق أي : ابتدعهم وخلقهم من الفطر وهو الشقّ ، ومنه : ( إذا السماء انفطرت ) (1) كأنه تعالى شقّ العدم بإخراجنا منه .
  وقوله ( فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (2) أي : مبتدىء خلقهما ، قال ابن عباس (3) ما كنت أدري ما فاطر السماوات ، حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها (4). وقوله ( إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي ) (5) أي : خلقني .

  الكافي
  هو الذي يكفي عباده جميع مهامهم ويدفع عنهم مؤذياتهم ، فهو الكافي لمن توكّل عليه ، فيكفيه ما يحتاج إليه ، والكفية : القوت ، والجمع الكفا .


------------------------------------
(1) الإنفطار 82 : 1.
(2) الأنعام 6 : 14 ، يوسف 12 : 101 ، إبراهيم 14 : 10 ، فاطر 35 : 1 ، الزمر 39 : 46 ، الشورى 42 : 11.
(3) أبو العبّاس عبدالله بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، كُنّي بأبيه العباس وهو أكبر ولده ، كان يسمّى « البحر » لسعة علمه ويسمّى « حبر الاُمة » ، شهد مع علي ـ عليه السلام ـ صفّين وكان أحد الاُمراء فيها ، توفي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وله ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، توفي سنة (68 هـ) وقيل : (71 هـ) وقيل غير ذلك.
الإصابة 2 : 330 ، طبقات الفقهاء : 30 اُسد الغابة 3 : 192.
(4) مجمع البيان 2 : 279.
(5) الزخرف 43 : 27.

  أسماء الله الحسنى  _ 73 _


  الأعلى
  الغالب ، ومنه : ( لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ) (1) أي : الغالب ، وقوله : ( وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) (2) أي : الغالبون المنصورون بالحجة والظفر ، وعلوت قرني : غلبته ، وقوله : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ) (3) أي : غلب وتكبّر وطغى ، وقد يكون بمعنى المتنزه عن الأمثال والأضداد والأنداد والأشباه .

  الأكرم
  معناه الكريم : وقد يجيء أفعل بمعى فعيل ، كقوله تعالى : ( وهو أهون عليه ) (4) أي : هيّن ( لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ) (5) ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) (6) يعني : الشقي والتقي .
  قال :
إنّ الذي سَمَكَ السماءَ بنى لنا      بَـيتاً دعـائمه أعَزُّ iiوأطولُ
  أي : عزيزة طويلة .

  الحفيّ
  أي : العالم ، ومنه : ( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ) (7) أي : عالم بوقت


------------------------------------
(1) طه 20 : 68.
(2) آل عمران 3 : 139. محمد 47 : 35.
(3) القصص 28 : 4.
(4) الروم 30 : 27.
(5) الليل 92 : 15.
(6) الليل 92 : 17.
(7) الأعراف 7 : 187 ، وفي النسخ : يسئلونك عن الساعة كأنك حفيّ عنها ، والظاهر أن المصنف أورد لفظ عن الساعة تفسيرا .

  أسماء الله الحسنى  _ 74 _

  مجيئها .
  وقد يكون الحفيّ بمعنى اللطيف ، ومعناه : المحتفي بك ، أي : الذي يبرك ويلطف بك ، ومنه : ( إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) (1) أي : باراً معيناً .

  الذارىء
  الخالق ، والله ذرأ الخلق وبرأهم ، أي : خلقهم ، وأكثرهم على ترك الهمزة ، وقوله : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا ) (2) أي : خلقنا .

  الصانع (3)
  فاعل الصنعة ، والله تعالى صانع كلّ مصنوع وخالق كلّ مخلوق ، فكل موجود سواه فهو فعله .
  وفي الحديث أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) اصطنع خاتماً من ذهب (4) ، أي : سأل أن يصنع له ، كما تقول : اكتتبَ ، أي : سأل أن يكتب له. وامرأة صناع اليدين ، أي : حاذقة ماهرة بعمل اليدين ، وخلافها الخرقاء ، وامرأتان صناعان ، ونسوة صنع ، ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين ، وصنع اليدين بفتحتين ، أي : حاذق ، والصنعة والصناعة : حرفة الصانع .

  الرائي
  العالم ، والرؤية : العلم ، ومنه : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ) (5) أي : ألم تعلم .
  والرؤية بالعين تتعدّى إلى مفعول واحد وبمعنى العلم إلى مفعولين ، تقول :


------------------------------------
(1) مريم 19 : 47.
(2) الأعراف 7 : 179.
(3) في هامش (ر) : « والفرق بين الخالق والصانع والبارىء : أن الصانع هو : الموجد للشيء المخرج له من العدم إلى الوجود ، والخالق هو : المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته سواء اُخرجت إلى الوجود أولا ، والبارىء هو : الموجد لها من غير تفاوت ، أو المميز لها بعضاً عن بعض بالصور والأشكال ، قاله الشيخ العلاّمة شرف الدين المقداد في لوامعه ، منه رحمه الله ».
(4) صحيح البخاري 8 : 165 ، مسند أحمد 3 : 101.
(5) الفجر 89 : 6. الفيل 105 : 1.

  أسماء الله الحسنى  _ 75 _

  رأيت زيداً عالماً ، والأمر من الرؤية : إرء ورء .
  وقوله : ( وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ) (1) أي : علّمنا ، وقوله : ( أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) (2) أي : يعلم ، وقوله : ( وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ ) (3) أي : عرّفناكهم .

  السبّوح
  المنزّه عن كلّ سوء ، وسبّح الله : نزّهه ، وقوله : ( سبحانك ) (4) أي : اُنزهك من كلّ سوء .
  وقال المطرزي (5) : وقولهم : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، معناه : سبحتك بجميع آلائك وبحمدك سبحتك (6).
  وسمّيت الصلاة تسبيحاً ، لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلّ سوء ، قال تعالى : ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) (7) أي : وصلّ ، وقوله : ( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ ) (8) أي : المصلين.
  قال الجوهري : سبوح من صفات الله ، وكل اسم على فعول مفتوح الأول ، إلاّ سبّوح قدّوس ذرّوح (9) ، وسبحات ربنا بضم السين والباء أي


------------------------------------
(1) البقرة 2 : 128.
(2) النجم 53 : 35.
(3) محمد 47 : 30.
(4) البقرة 2 : 32 ، آل عمران 3 : 191 ، المائدة 5 : 116 ، الأعراف 7 : 143 ، يونس 10 : 10 ، الأنبياء 21 : 87 ، النور 24 : 16 ، الفرقان 25 : 18 ، سبأ 34 : 34.
(5) أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي ، الفقيه الحنفي النحوي ، قرأ على أبيه وعلى أبي المؤيّد الموفق بن أحمد ، سمع الحديث من أبي عبدالله محمد بن علي التاجر ، له عدّة مصنّفات ، منها : المغرب ، تكلّم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب ، مات سنة (610 هـ). وفيات الأعيان 5 : 369 ، مرآة الجنان 4 : 20.
(6) المغرب في ترتيب المعرب 1 : 240 سبح.
(7) غافر 40 : 55.
(8) الصافّات 37 : 143.
(9) في هامش (ر) وردت حاشية مضطربة الأول والآخر فلم نثبتها.

Copyright © 2018 bascity Network, All rights reserved
                   BASRAHCITY.NET