اتصل بنا | مؤمنــــة | البطاقات | انتصار الدم | مساجد البصرة | واحة الصائم | المرجعية الدينية | الرئيسية | ||||
مجمع القرآن وتاريخه
كما لا نجد المبرر الذي يدعو الحجاج الى مثل هذا العمل الذي يحصل في طياته الخطر العظيم على مجمع القرآن وتاريخه .
جمع القرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع القرآن له معنيان احدهما حفظه على سبيل الاستيعاب ومنها قولنا جمّاع القرآن أي حفاظه والمعنى الآخر لجمعه كتابته وتسجيله . فاما جمع القرآن بمعنى حفظه واستظهاره في لوح القلب فقد اوتيه رسول اللّه قبل الجمع فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الحفاظ وأول الجمّاع كما كان يرغب المسلمين باستمرار في حفظ القرآن وتدارسه واستظهاره ويدفع كل مهاجر جديد الى أحد الحفاظ من الصحابة ليعلمه القرآن ويستعمل مختلف اساليب التشجيع لتعميم حفظ القرآن واشاعة تلاوته حتى اصبح مسجد الرسول نادياً عامراً بتلاوة القرآن يضج بأصوات القراء فأمرهم النبي ان يخفضوا اصواتهم لئلا يتغالطوا وشاعت قراءة القرآن في كل مكان في المجتمع الاسلامي وافتتن المسلمون بتلاوته وشغفوا بقراءته والاستماع اليه وكان همهم الذي ملك عليهم قلوبهم حتى روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال (اني لاعرف اصوات رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون واعرف منازلهم من اصواتهم بالليل وان كنت لم أرَ منازلهم حين نزلوا بالنهار) وكان تدارس القرآن واستظهاره رائجاً بين الرجال والنساء . اما جمعه بمعنى كتابته وتسجيله فقد عرفنا في بحث ثبوت النص القرآني ان القرآن الكريم قد تم جمعه زمن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن الرأي السائد في ابحاث علوم القرآن ان جمعه قد تم في عهد الشيخين وقد عرفنا أيضاً سلامة النص القرآني من دون فرق بين الفرضية الاولى والثانية واشرنا الى بعض الشبهات التي اُثيرت حول الجمع بناء على الفرضية الثانية وناقشناها . وهناك بعض الشبهات الاخرى تثار حول فرضية الجمع في عهد الشيخين أيضاً نذكر منهما الشبهتين التاليتين. ولعل من الجدير بالذكر ان هاتين الشبهتين قد اثيرتا في الابحاث الاسلامية فضلاً عن ابحاث المستشرقين ومقلديهم من الباحثين . الشبهة الاولى : ان بعض النصوص التاريخية المروية عن أهل البيت (عليه السلام) وغيرهم تذكر وجود مصحف خاص لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يختلف عن المصحف الموجود المتداول بين المسلمين في الوقت الحاضر، ويشتمل هذا المصحف على زيادات وموضوعات ليست موجودة في المصحف المعروف. وتتحدث هذه النصوص عن مجيء علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذا المصحف الى الخليفة الاول ابى بكر بقصد أن يأخذ المصحف المذكور مكانه من التنفيذ بين المسلمين. ولكن ابا بكر لم يقبل بذلك ورفض هذا المصحف . ولما كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة علماً وديناً والتزاماً بالاسلام وحفاظاً عليه.. فمن الواضح حينئذ ان يكون المصحف الموجود فعلاً قد دخل عليه التحريف والنقصان نتيجة للطريقة الخاطئة التي اتبعت في جمعه والتي عرفنا بعض تفاصيلها . ومن اجل ايضاح هذه الشبهة يورد انصارها بعض هذه النصوص التاريخية وهي : 1 ـ النص الذي جاء في احتجاج علي على جماعة من المهاجرين والانصار : فقال له علي (عليه السلام) يا طلحة ان كل آية انزلها اللّه جل وعلا على محمد عندي باملاء رسول اللّه وخط يدي ، وتأويل كل آية انزلها اللّه على محمد وكل حرام وحلال أو حد أو حكم أو شيء تحتاج اليه الامة الى يوم القيامة مكتوب باملاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وخط يدي حتى ارش الخدش (1) . 2 ـ النص الذي يتحدث عن احتجاج علي (عليه السلام) على الزنديق والذي جاء فيه : انه اتى بالكتاب على الملأ مشتملاً على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ لم يسقط منه حرف الف ولا لام فلم يقبلوا منه (2) . 3 ـ النص الذي رواه محمد بن يعقوب الكليني في الكافي عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال: ما يستطيع احد ان يدعي ان عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء (3) . 4 ـ النص الذي رواه محمد بن يعقوب الكليني أيضاً في الكافي عن الباقر (عليه السلام) ما ادعى احد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزله اللّه تعالى الا علي بن أبي طالب (عليه السلام) والائمة من بعده (عليه السلام). وتناقش هذه الشبهة : انه قد لا نشك في وجود مصحف لعلي (عليه السلام) يختلف مع المصحف الموجود فعلاً من حيث الترتيب بل قد يختلف عنه أيضاً لوجود اضافات أخرى فيه . ولكن الشك في حقيقة هذه الزيادة، اذ لا دليل على انها زيادات قرآنية وانما تفسير هذه الزيادات على انها تأويلات للنص القرآني بمعنى ما يؤول اليه الشيء أو انها تنزيلات من الوحي الالهي نزلت على صدر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير وشرح القرآن وعلمها اخاه علي بن أبي طالب . وليست كلمتا التأويل والتنزيل تعنيان في ذلك الوقت ما يراد منهما في اصطلاح علماء القرآن، حيث يقصد من التأويل حمل اللفظ على غير ظاهره والتنزيل خصوص النص القرآني وانما يراد منهما المعنى اللغوي الذي هو في الكلمة الاولى ما يؤول اليه الشيء ومصداقه الخارجي . وفي الثانية ما انزله اللّه وحياً على نبيه سواء كان قرآناً أو شيئاً آخر. وعلى أساس هذا التفسير العام للموقف تتضح كثير من الجوانب الاخرى حيث يمكن ان تحمل الروايات التي اشارت لها الشبهة على معنى ينسجم مع هذا الموقف أيضاً كما فعل العلامة الطباطبائي ذلك في بعض هذه الروايات (4) . وبالاضافة الى ذلك نجد بعض هذه الروايات ضعيفة السند لا يصح الاحتجاج أو الاعتماد عليها في قبال ثبوت النص القرآني. الشبهة الثانية : ان مجموعة كبيرة من الروايات الواردة من طريق أهل البيت (عليه السلام) دلت على وقوع التحريف في القرآن الكريم الامر الذي يجعلنا نعتقد ان ذلك كان نتيجة للطريقة التي تم بها جمع القرآن الكريم أو لاسباب طارئة أخرى أدت الى هذا التحريف . وتناقش هذه الشبهة : بان الموقف تجاه هذه الروايات المتعددة يتخذ اسلوبين رئيسيين : الاول : مناقشة اسانيد وطرق هذه الروايات فان الكثير منها قد تم أخذه من كتاب أحمد بن محمد الباري الذي تم الاتفاق بين علماء الرجال على فساد مذهبه وانحرافه (5) وكتاب علي بن أحمد الكوفي الذي رماه علماء الرجال بالكذب (6) . وبعض هذه الروايات وان كان صحيح السند الا انه لا يشكل قيمة كبيرة وان كان مجموع هذه الروايات قد يوجب حصول الاطمئنان ـ كما يقول السيد الخوئي ـ بصدور بعضها عن الامام (عليه السلام). الثاني : مناقشة دلالتها على وقوع التحريف في القرآن بمعنى وقوع الزيادة أو النقيصة فيه. ومن أجل ان يتضح الاسلوب الثاني من المناقشة يجدر بنا ان نقسم هذه النصوص الى أقسام أربعة تبعاً لاختلافها في المضمون وما تطرحه من دعاوى واحكام . القسم الاول : النصوص التي جاء التصريح فيها بوقوع التحريف في القرآن الكريم عن طريق استعمال كلمة التحريف فيها ووصف القرآن بها. ومن هذه النصوص الروايات التالية : 1 ـ عن ابي ذر قال : لما نزلت هذه الآية (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ترد امتي على يوم القيامة على خمس رايات... ثم ذكر ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يسأل الرايات عما فعلوا بالثقلين فتقول الراية الاولى : اما الاكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا . واما الاصغر فعاديناه وابغضناه وظلمناه. وتقول الراية الثانية اما الاكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه واما الاصغر فعاديناه وقاتلناه.. 2 ـ عن جابر الجعفي عن ابي جعفر (عليه السلام) قال : دعا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمنى فقال : ايها الناس اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب اللّه وعترتي والكعبة والبيت الحرام ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) اما كتاب اللّه فحرفوا، واما الكعبة فهدموا واما العترة فقتلوا ، وكل ودائع اللّه قد نبذوا ومنها قد تبرؤا . 3 ـ عن علي بن سويد قال كتبت الى ابي الحسن موسى (عليه السلام) وهو في الحبس كتاباً... الى ان ذكر جوابه (عليه السلام) بتمامه وفيه قوله (عليه السلام) : اؤتمنوا على كتاب اللّه فحرفوه وبدلوه . 4 ـ عن عبد الاعلى قال : قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : أصحاب العربية يحرفون كلام اللّه عز وجل عن مواضعه . ولا دلالة في هذه الروايات جميعها على وقوع التحريف في القرآن بمعنى الزيادة والنقيصة وانما تدل على وقوع التحريف فيه بمعنى حمل بعض الفاظه على غير معانيها المقصودة للّه سبحانه . ونحن في الوقت الذي لا نشك بوقوع مثل هذا التحريف في القرآن الكريم نظراً لاختلاف التفاسير وتباينها.. لا نرى فيه ما يضر عظمة القرآن ويفيد في تأييد هذه الشبهة. وقد يدل بعضها على تحريف بعض الكلمات القرآنية بمعنى قراءتها بشكل يختلف عن القراءة التي انزلت على صدر رسول اللّه. وهذا ينسجم مع الرأي الذي ينكر تواتر القراءات السبعة ويرى انها نتيجة لاختلاف الرواية أو الاجتهاد. القسم الثاني : الروايات التي تدل على ان القرآن الكريم قد صرح بذكر بعض أسماء أئمة أهل البيت (عليه السلام) أو تحدث عن خلافتهم بشكل واضح ومنها النصوص التالية : 1 ـ عن محمد بن الفضيل عن الحسن (عليه السلام) قال : ولاية علي بن أبي طالب مكتوبة في جميع صحف الانبياء ولن يبعث رسولاً الا بنبوة محمد وولاية وصيه صلى اللّه عليهما وآلهما . 2 ـ رواية العياشي عن الصادق (عليه السلام) لو قرأ القرآن كما انزل لألفينا مسلمين . 3 ـ رواية الكافي والعياشي عن الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) القرآن نزل على أربعة أرباع : ربع فينا وربع في عدونا، وربع سنن وامثال، وربع فرائض واحكام ولنا كرائم القرآن . والموقف اتجاه هذا القسم من النصوص يتخذ أشكالاً ثلاثة : الاول : اننا قد ذكرنا سابقاً ان بعض التنزيل ليس من القرآن الكريم وانما هو مما اوحى إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولعل هذا هو المقصود من هذه الروايات حيث جاء ذكرهم في التنزيل تفسيراً لبعض الآيات القرآنية لا جزءاً من القرآن الكريم نفسه . الثاني : اننا نكون مضطرين لرفض هذه الروايات ان لم نوفق لتفسيرها بطريقة تنسجم مع القول بصيانة القرآن الكريم من التحريف للسببين التاليين : أ ـ مخالفة هذه الروايات للكتاب الكريم، وقد وردت نصوص عديدة من طريق أهل البيت تدل على ضرورة عرض أخبار أهل البيت على القرآن الكريم قبل الاخذ بمضمونها . ب ـ مخالفة هذه الروايات للأدلة المتعددة التي تحدثنا عنها في بحث ثبوت النص القرآني . الثالث : ان هناك نصوص وقرائن تاريخية تدل على عدم ورود أسماء الائمة في القرآن الكريم بشكل صريح . ومن هذه القرائن حديث الغدير حيث نعرف منه ان الظروف التي أحاطت بقضية الغدير تنفي ان يكون هناك تصريح من القرآن باسم علي (عليه السلام) والا فلماذا يحتاج النبي الى التأكيد على بيعة علي، وحشد هذا الجمع الكبير من المسلمين من أجل ذلك بل لماذا يخشى الرسول الناس في اظهار هذه البيعة بعد ان صرح القرآن بتسميته ومدحه الامر الذي أدى الى ان يؤكد القرآن الكريم عصمة اللّه له من الناس ؟. ومن هذه القرائن أيضاً : ان التاريخ لم يحدثنا ان علياً أو احداً من أصحابه احتج لامامته بذكر القرآن لاسمه.. مع انهم احتجوا على ذلك بأدلة مختلفة. ولا يمكن ان نتصور اهمال هذا الدليل لو كان موجوداً . (عن ابي بصير قال سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عز وجل (اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم) فقال : نزلت في علي بن ابي طالب والحسن والحسين (عليه السلام) فقلت له : ان الناس يقولون : فما له لم يسم علياً واهل بيته (عليه السلام) في كتاب اللّه عز وجل ؟ قال : فقال : قولوا لهم : ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) نزلت عليه الصلاة ولم يسم اللّه لهم ثلاثاً واربعاً حتى كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي فسر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهماً درهم.. الحديث) (7) . وهذا الحديث يكون موضحاً للمعنى المراد من الاحاديث التي ساقتها الشبهة لانه يقف منها موقف المفسر وينظر الى موضوعها ويوضح عدم ذكر القرآن لاسماء الائمة صريحاً . القسم الثالث : الروايات التي تدل على وقوع الزيادة والنقصان معاً في القرآن الكريم وان طريقة جمع القرآن أدت الى وضع بعض الكلمات الغريبة من القرآن مكان بعض الكلمات القرآنية الاخرى بالنصين التاليين : 1 ـ عن حريز عن ابي عبد اللّه (عليه السلام) (صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين). 2 ـ عن هشام بن سالم قال سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قوله تعالى : (ان اللّه اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران)، قال : هو آل ابراهيم وآل محمد على العالمين فوضعوا اسماً مكان اسم. ويناقش هذا القسم من الروايات بالمناقشتين التاليتين : الاول : ان الامة الاسلامية بمذاهبها المختلفة اجمعت على عدم وقوع التحريف في القرآن الكريم بالزيادة ، بالاضافة الى وجود النصوص الكثيرة الدالة على عدم وجود مثل هذا التحريف. الثانية : ان هذا القسم يتنافى مع الكتاب نفسه. وقد أمر الأئمة من أهل البيت (عليه السلام) بلزوم عرض أحاديثهم على الكتاب الكريم وان ما خالف الكتاب فيضرب عرض الجدار . القسم الرابع : الروايات التي دلت على ان القرآن الكريم قد تعرض للنقصان فقط ، مثل ما رواه الكليني في الكافي عن أحمد بن محمد ابي نصر : (قال دفع الى ابي الحسن (عليه السلام) مصحفاً وقال لا تنظر فيه ففتحته وقرأت فيه لم يكن الذين كفروا...) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم. قال فبعث الي : ابعث الي بالمصحف) (8) . ويناقش هذا القسم بان الزيادة الموجودة في مصحف ابي الحسن (عليه السلام) أو غيره تحمل على ما سبقت الاشارة اليه من انها في مقام تفسير بعض الآيات، وفي المورد الذي لا يمكن ان يتم فيه مثل هذا الحمل والتفسير لا بد من طرح الرواية تمسكاً بالكتاب الكريم الذي أمرنا أهل البيت بعرض أحاديثهم عليه قبل الاخذ بمضمونها . صالحهم ويقضي على آمالهم. ------------------------------------ (1) احتجاج الطبرسي : 1/223. (2) تفسير الصافي المقدمة السادسة ص 11. (3) أصول الكافي 1/228. (4) ن. م 1/228. (5) جامع الرواة 1/67. (6) ن. م 1/553. (7) الكافي : 1/286 - 287. (8) المصدر السابق : 2/631. |
|||||||||||
|
BASRAHCITY.NET | ||||||||||