تعد البصرة أول أرض عربية خارج الجزيرة العربية مصرت عام (14 ه) ، وكانت دائما تعيش في ضمير الصحابة ، ووجدانهم لما سمعوه وعقلوه عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصرح باسمها ، ويحدد موقعها ، ويمتدحها بالفضل ذاكرا مسجدها العشار ، وشهداءها الذين لهم ما لشهداء بدر ، وانها مهاجر الصحابة والتابعين من بعدهم ، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إن أناسا من أمتي ينزلون بحائط (بغائط) يسمونها البصرة ، وعنده نهر يقال لها دجلة ، يكون من أمصار المسلمين المهاجرين) ،ولقوله (صلى الله عليه وآله ) : (إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم) وحين علم النبي (صلى الله عليه وآله) دنو أجله أوصى المسلمين وصايا كثيرة في خطبه من على منبره في المسجد النبوي ، أو في مناسبات مختلفة ، ومنها وصيته لانس بن مالك في قوله (صلى الله عليه وآله) : (يا أنس إن الناس يمصرون أمصارا ، وإن مصرا منها يقال لها البصرة ، أو البصيرة ، فان مررت بها أو دخلتها فاياك وسباخها وكلاءها وسوقها وباب أمرائها ، وعليك بضواحيها) ، فكان أنس من المهاجرين إليها ، ومات فيها ودفن بها ، وله قبر يتبرك به الناس .
وإذا كانت مكة المكرمة مهبط الوحي والتنزيل ، قد عبدت على أرضها المباركة الاصنام والاوثان ، فإن البصرة لم يعبد الصنم قط على ظهرها ، وكانت قد تشرفت بمقدم أول خلق الله سبحانه ، أبينا آدم (عليه السلام ) ، وكان (عليه السلام) اختار مكانا يعد اليوم قبلة المسجد الجامع ، وبقي يناجي ربه أربعين صباحا .
وليهنأ الناس ممن سكن البصرة أن عليا (عليه السلام) سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : (أرض يقال لها البصرة ، أقوم الارضين قبلة ، قارؤها أقرأ الناس ، وعابدها أعبد الناس ، ومتصدقها أكثر الناس صدقة ، وتاجرها أعظم الناس تجارة ، منها الى قرية يقال لها ألابلة أربعة فراسخ ، يستشهد عند مسجدها سبعون ألفا ، الشهيد منهم كالشهيد في يوم بدر) .
وقد أدرك الحسن البصري فيها خمسمائة من الصحابة ، ثم هاجر الالاف من المسلمين ليسكنوا فيها ، ووصلت أعدادهم في أيام زياد بن أبيه من المقاتلة ثمانية آلاف وعيالاتهم مائة وعشرين ألف .
وقد آثر البعض ممن هاجر إليها ، السكن ، والاستقرار فيها ، ومنهم العلماء وطلبة العلم ، حتى صارت للبصرة مدارس تعرف بها ، وتميزت بالرأي ، والفكر ، وفي عام ( 210 هـ) ، أمر الخليفة العباسي ان يحصى من كان في البصرة من المدرسين وطلبة العلم ،
فظهر فيها سبعمائة مدرس ، وأحد عشر ألف من طلبة العلوم ، حينها طلب الخليفة تآليف العلماء في العلوم المختلفة ، فجمع له ما ألف في عشرين عاما ما زاد على ( 200 ألف مجلد ) حملتها ثلاث سفن الى بغداد .
ما ذكرناه الشيء اليسير جدا من تراثنا العلمي ، لذا يعد تراث أمتنا الاسلامية ، أغنى تراث بين الامم المتحضرة ، في فنون المعرفة كافة ، وقد أولى علماء المسلمين أهمية كبرى له ، وبالاخص السنة النبوية الشريفة ، لانها المصدر الثاني في التشريع بعد القرآن الكريم ، وخلاصة القول إن السنة النبوية الشريفة لم تدون ، ولم تجمع في حياة النبي (صلى الله عليه وآله ) ، ولا في زمن خلفائه كما دون ، وجمع القرآن الكريم ، لاختلاف آراء الصحابة حول أمر النبي (صلى الله عليه وآله) في تدوينها بين مجوز ، وناف للجواز ، فالبعض من الصحابة كان يكتب كل ما يسمع ويشاهد عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وكان يأمر في تدوينها وجمعها حتى عرفت المدونات بأسمائهم ، والبعض الاخر كان يمنع من تدوينها وجمعها ، بل البعض دونها وجمعها ثم اتلفها بالاحراق مرة ، وبالمحو بالماء أخرى ، وبدفنها بالتراب ثالثة ، بل كان من الصحابة من يمنع من تدوينها وروايتها ، وإن لزم الامر كان يهدد بالعقوبة ، وحجتهم خوف الاختلاط بالقرآن الكريم ، فبقيت السنة النبوية غير مدونة ، وإن أحتيج لها فهي بالصدور ، حتى تسنم عمر بن عبد العزير حكم بني أمية ، فأمر بتدوين السنة النبوية وجمعها ، وكان ذاك بعد
قرن من الزمان ، كانت قد توسعت الدولة الاسلامية من أقصى الشرق الى أقصى الغرب ، ودخل أبناء البلدان المفتوحة في الاسلام ، البعض منهم عن إعتقاد إن الدين الجديد دين الحق ، والبعض الاخر دون إعتقاد ، وهؤلاء كادوا للاسلام كيدا عظيما ، فكذبوا على النبي
(صلى الله عليه وآله) ، ووضعوا آلاف الاحاديث ، بالمقابل تصدى لهم أكابر علماء المسلمين ، وفضحوا أكاذيبهم ، ثم وضعوا قواعد وضوابط عمن يؤخذ العلم ، وقبول الرواية ، أو ردها ، ومن بين هؤلاء العلماء ، علماء البصرة الاعلام ، ومحدثوهم .
وعود على بدء ، ومن بين المهاجرين الذين اتخذوا مصر البصرة سكنا لهم ، وموطنا يعرفون به ، فصاروا يعدون من أهلها ، فاذا ذكر العلماء أحدهم قالوا (يعد في البصريين) أو يعد (من أهل البصرة) ، من الصحابة والتابعين ، نساء صالحات ، عابدات ، بعضهن هاجرن وبايعن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وشاركن في غزواته (صلى الله عليه وآله) ، وروين عنه أقواله ، وأفعاله ، وهذه تدعى بالسنة الشريفة ، ومنهن لم يدركنه (صلى الله عليه وآله ) ، وأدركن أزواجه أمهات المؤمنين (رض) ، فروين عنهن ، عنه (صلى الله عليه وآله) ، وأخريات روين عمن روى عن الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، فكن بحق خير من حفظ السنة النبوية ورواها ، ولا يبعد إن البعض منهن دون وجمع السنة الشريفة ، فكان لهؤلاء المحدثات الاثر البالغ في مؤلفات ومدونات علماء الحديث وفي أبواب الفقه كافة ، فقد ساهمن في حفظ شريعة السماء ، وكان ذكرهن يفصح عنهن ، عابدات ساجدات قانتات ، وفي ضوء ما روي عنهن عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أفتى العلماء (في العبادات والمعاملات) بما لايقبل مخالفة الشريعة السماوية السمحاء .
وبعزم الباحث المحقق ، وبعد مراجعة المصادر الاولية والمراجع الثانوية عند عامة المذاهب الاسلامية ، أورد أدناه أسماء مشاهير نساء البصرة المحدثات، وما أشتهرن به من رواية الاحاديث :
1 ـ أسماء بنت يزيد القيسية البصرية ، تابعية ، روت عن أنس القيسي البصري عن أبن عباس (رض) ، روى عنها سليمان التيمي ، روى لها النسائي في باب تحريم النبيذ .
2 ـ أمة الله بنت أبي بكرة الثقفية ، صحابية ، بايعت النبي (صلى الله عليه وآله) ، وسمعت منه ، وروت عنه (صلى الله عليه وآله) ، روى عنها عطاء بن أبي ميمونة ، أنفرد الزبيدي بكتابه تاج العروس بقوله : ( تابعية ) .
3 ـ أنيسة بنت خبيب بن يساف ، وقيل (أساف) بن عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج الانصارية ، سكنت البصرة بعد تمصيرها ، لذا عدها العلماء (عدادها في أهل البصرة) ، أسلمت ، وبايعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
وحجت معه ، روى عنها خبيب بن عبد الرحمن ، روت أحاديث عدة ، وأشتهرت في حديث الاذان عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله : (إذا أذن ابن أم مكتوم ، فكلوا ، واشربوا ) ، وروي بلفظ آخر : (إن ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا ، واشربوا ، حتى ينادي
بلال ) ، أو : (إن بلالا ينادي بليل ، فكلوا ، واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم) ، وروي عنها قولها : وكان يصعد هذا وينزل هذا ، فنتعلق به ، فنقول : كما أنت حتى نتسحر .
4 ـ تحية الراسبية البصرية ، لم تنسب ، تابعية ، روت عن عائشة ، عن طريق أم نضرة ، روى عنها مسلم بن ابراهيم .
5 ـ حبابة بنت عجلان الخزاعية البصرية ، تابعية ، روت عن أمها (أم حفص) عن أم حكيم بنت وادع الخزاعية ، روى عنها موسى بن اسماعيل ، وابو سلمة التبوذكي ، أشتهر عنها روايتها عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله : (تهادوا فانها تضعف الحب ،
وتذهب بالغوائل) ، وفي لفظ : (غوائل الصدر) ، ويوافقه ما روي عن عائذ بن شرع عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله) : (تهادوا فان الهدية قلت أو كثرت تذهب بالسخيمة وتورث المودة ) ، وكذا حديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي ( صلى الله عليه وآله) : (تهادوا فان الهدية تذهب بالضغائن) .
وروت حديثا آخر : (عجلوا الافطار وأخروا السحور) ، وثقها ابن ماجه ، ولم يجرحها علماء الجرح والتعديل .
6 ـ حفصة بنت سيرين (ام الهذيل) ، اخت محمد بن سيرين ، تابعية ، ثقة ، فقيهة ، صادقة ، فاضلة ، كبيرة القدر ، روت عن أنس بن مالك و سلمان بن عامر وخليفة بن كعب وابو العالية ، وعن أم عطية ، روى عنها عمار الدهني وأياس بن معاوية المزني وأيوب
السختياني ، وغيرهم ، قرأت القرآن في سن اثنتي عشرة سنة ، وماتت عن عمر يناهز السبعين عاما ، مكثت ثلاثين عاما لا تخرج من مصلاها الا لقائلة ، او قضاء حاجة ، وكانت
عديمة النظير في نساء عصرها ، قال أياس بن معاوية : ما أدركنا أحدا أفضل من حفصة ، أخرج لها البخاري أحاديث في الوضوء ، والجنائز ، والجهاد ، روت عن أم عطية عن عائشة قولها : (كنا لانعتد بالصفرة والكدرة بعد الظهر) ، وروت عن أبي العالية قوله : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي فجاء رجل في بصره سوء فوقع في بئر عند المسجد ، فضحك القوم ، فقال (صلى الله عليه وآله) : (من ضحك فليعد الوضوء والصلاة) ، ماتت بحدود عشر ومائة للهجرة .
7 ـ خديجة بنت علي بن ابراهيم بن يوسف الشقيقي البصرية ، أخت أبي الحسن محمد بن علي الشقيقي ، روت عن أبيها علي بن ابراهيم عن ابن عباس ، اشتهرت بحديث : (اطلبوا الخير من صباح الوجوه) ، وروي بلفظ آخر : (فابتغوا الخير في صباح الوجوه ) ،
أو (التمسوا الخير عند صباح الوجوه ) .
وفي ضوء الحديث قيل لابن عباس : كم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج ، قال : إنما يعني حسن الوجه عند طلب الحاجة ، وروي الحديث بالفاظ مختلفة فيها زيادة ، (عند صباح الوجوه) ، (واني جعلت فيهم رحمتي ، ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم ، فاني
جعلت فيهم سخطي) ، (وشر ما اعطى الرجل قلب سوء في صورة حسنة) .
ولحسان بن ثابت شعر في معنى الحديث :
قـد سـمعنا نبينا قال iiقولا للذي يطلب الحوائج iiراحه اغـتدوا فـاطلبوا iiالحوائج من زين الله وجهه بصباحه |
وذكروا ذات المعنى لشاعر آخر :
سيدي أنت أحسن الناس iiوجها كن شفيعي في يوم هول iiكربه قـد روى صحبك الكرام iiحديثا اطلبوا الخير عند حسان الوجوه |
ويوافق هذا الحديث مارواه ابن عمر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : أهل القرآن ، قالوا ثم من يا رسول الله ، قال : ثم أهل العلم ، قالوا ثم من يا رسول الله ، قال : ثم صباح الوجوه ).
8 ـ خولة بنت عبد الله الانصارية البصرية ، صحابية ، روت عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، روت عنها رقية بنت سعد ، أشتهر عنها روايتها عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله : (الناس دثار والانصار شعار ، اللهم أغفر للانصار ، ولابناء الانصار ،
ولابناء أبناء الانصار) ، ويوافق هذه الرواية ، ما رواه أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله ) : ( الناس دثار ، والانصار شعار ، الانصار كرشي وعيبتي ، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الانصار) ، وفي رواية إن زيد بن أرقم كتب كتابا يعزي
فيه أنس بن مالك بولده ، وأهله ، الذين أصيبوا يوم الحرة ، فرد عليه بكتاب ، يقول فيه : وإني مبشرك بشرى من الله ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (اللهم أغفر للانصار ولابناء الانصار ولابناء ابناء الانصار ... ) .
9 ـ ذفرة ، وقيل ( دقرة ) بنت غالب الراسبية البصرية ، أم عبد الرحمن بن أذينة ، وكان قاضيا على البصرة أيام زياد بن أبيه ، والحجاج الثقفي ، صحابية ، روت عن عائشة ، روى عنها محمد بن سيرين ، وبديل بن ورقاء ، ذكرها ابن أبي حاتم في أسماء الرجال ظنا منه إنها رجل ، وهو وهم منه ، أشتهرت بروايتها عن عائشة حديث التصليب ، قولها : (كنا نطوف بالبيت مع عائشة فرأت على إمرأة بردا فيه تصليب ، فقالت عائشة : اطرحيه ، اطرحيه ، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا رأى نحو هذا قضبه ).
ويوافق هذا الحديث ما رواه العلامة الحلي (رحمه الله) ، قال : يكره التصليب في الثوب ، لان عائشة قالت : (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لايترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا قضبه يعني قطعه ولما فيه من التشبه بالنصارى ) .
وأيضا روت عن عائشة في النبيذ .
10 ـ رابعة بنت اسماعيل البصرية (رابعة العدوية) ، تكنى بأم الخير ، مولاة آل عتيك ، ولدت بالبصرة ، وعاشت ثمانين عاما ، أشتهرت بالصلاح والعبادة والنسك ، ولها فيه شعر ، خطبها الحسن البصري ولم تجبه ، كانت تصلي الليل كله ، فاذا طلع الفجر هجعت
هجعة حتى يسفر ، وحمل الناس عنها حكمة كثيرة ، عاصرت سفيان الثوري ، والحسن البصري ، وروى عنها شعبة بن الحجاج ، وعبدة بنت أبي شوال ، كتب ابن الجوزي سيرتها في جزء من مؤلفاته.
روي إن رجلا قال لرابعة العدوية : إني قد عصيت الله أفترينه يقيلني إن أنا أنبت اليه ؟ فقالت له : ويحك انه يدعو المدبرين عنه ، فكيف لا يقيل المقبلين عليه ؟ وذكر العلماء قولها :
لك ألف معبود مطاع iiأمره دون الاله وتدعي التوحيدا |
وهذا المعنى نفسه ما أراد أن يقوله مالك بن دينار ، حيث يقول : لولا اني مأمور من الله تعالى بقراءة هذه الاية ما كنت أقرؤها قط ، لاني كاذب فيها : ((إياك نعبد وإياك نستعين)) .
ولها أبيات شعرية ، ذكرها العلماء في مرتبة الاخلاص :
كـلهم يعبدونك من خوف iiنار ويـرون الـنجاة حظا iiجزيلا أو بان يسكنوا الجنان iiفيحظوا بـقصور ويـشربوا iiسلسبيلا ليس لي في الجنان والنار حظ أنـا لا أبـتغي بـحبي iiبديلا |
وهذه الابيات هي تجسيد لما قاله سيد البلغاء والمتكلمين الامام علي بن أبي طالب (ع) : (ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك ... ).
وعن ابن عباس (رض) قال : (إستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين) ، وفي ضوء ذلك ذكر العلماء قول لرابعة العدوية : إستغفارنا يحتاج الى إستغفار كثير.
واشتهر عنها إنها كانت لا تنام الليل ، وتقول : أخاف أن أؤخذ على بيات ؟ وكانت تنام وهي تمشي في الدار ، فاذا قيل لها في ذلك ، ترد بقولها :
وكيف تنام العين وهي iiقريرة ولم تدر في أي المنازل تنزل |
وروي عنها قولها بعد أن سألها أحدهم : (هل رقى لك الى الله عز وجل عمل بلا رياء ؟ قالت : لا ، ثم قالت : بلى ، علمي بتقصيري يرقى الى الله عز وجل بلا رياء) ، ماتت سنة ( 135 هـ) ودفنت بالبصرة ، واشتبه على البعض من ان قبرها في القدس (في جبل الطور) ، انما ذاك لرابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري الكاتب من بلاد الشام .
11 ـ الرباب بنت صليع الضبية البصرية ، تكنى بأم الرائح ، تابعية ، روت عن سليمان بن عامر الضبي ، روت عنها حفصة بنت سيرين ، روى لها البخاري وعلماء آخرون في الصحاح سوى مسلم ، اشتهرت بروايتها ثلاثة أحاديث أولهما : (اذا أفطر أحدكم
فليفطر على تمر ، فان لم يجد فليفطر على ماء فانه طهور ، وثانيهما : (ومع الغلام عقيقته ، فاميطوا عنه الاذى ، واهريقوا عنه دما) ، وثالثهما : (الصدقة على ذي القرابة اثنتان ، صدقة ، وصلة ) ، وروي هذا الحديث بلفظ ، (صدقتك على ذي الرحم ، صدقة ، وصلة) ، وفي لفظ : (الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة ، وصلة ) .
12 ـ رجاء ، وقيل (زجاء) ، الغنوية البصرية ، صحابية ، سكنت البصرة ، روى عنها محمد بن سيرين ، اشتهرت بروايتها عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه جاءته أمرأة بابن لها ، فقالت يا رسول الله أدع لي فيه بالبركة ، فانه توفي لي ثلاثة ، فقال لها رسول
الله (صلى الله عليه وآله) أمنذ أسلمت ، قالت : نعم ، فقال (صلى الله عليه وآله) : (جنة حصينة) .
13 ـ رميثة البصرية ، لم تنسب ، روت عن عائشة ، روى عنها سليمان التيمي ، أشتهرت بروايتها عن عائشة قولها : أتعجز أحداكن أن تأخذ كل عام جلد أضحيتها تجعله سقاء تنبذ فيه ، وقالت نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الجر أن ينبذ فيه ، وعن وعائين آخرين الا الخل .
ويوافق هذا الحديث في الخل ، ما رواه مسلم وابو داود والترمذي وابن ماجه ، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) سأل أهله الادم ، فقالوا : ما عندنا الا الخل ، فجعل يأكل و يقول : (نعم الادام الخل ، نعم الادام الخل ، نعم الادام الخل).
وفيه قال جابر الانصاري (رض) : فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من النبي (صلى الله عليه وآله ) ، وفي ضوء ذلك ، قال طلحة بن نافع : وما زلت أحب الخل منذ سمعتها من جابر .
14 ـ سبيعة بنت حبيب الضبعية البصرية ، صحابية ، روى عنها ثابت البناني ، أشتهرت في حديثها عن النبي (صلى الله عليه وآله ) ، في المتحابين في الله ، انها قالت : ان رجلا كان جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) ، فمر به رجل ، فقال : يا رسول الله اني أحبه في الله ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : أعلمته ذلك ؟ قال : لا ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : فاذهب ، فقال : أحبك الله الذي أحببتني له .
15 ـ سمية البصرية ، لم تنسب ، روت عن أمهات المؤمنين ، عائشة ، وصفية (رض) ، روى عنها ثابت البناني ، أشتهرت بروايتها عن عائشة في النبيذ ، قولها : ان خشيت من ينبذك ، فاكسره بالماء ؟ وهذا يخالف ما أثبته العلماء بروايتهم عن عائشة ، تحريم كل ما أسكر كثيره ، وكسر النبيذ بالماء يوافق قول عمر بن الخطاب : انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الابل في بطوننا ان تؤذينا ، فمن رابه من شرابه شئ
فليمزجه بالماء .
واشتهرت أيضا بحديثها عن السيدة صفية بنت حيي (رض) قولها : ان النبي (صلى الله عليه وآله) حج بنسائه فبرك بصفية جملها ، فبكت ، وجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده وهي تبكي ، وهو ينهاها ، فنزل (صلى الله عليه وآله) بالناس ، فلما كان عند الرواح ، قال لزينب بنت جحش : افقري اختك جملا ، وكانت من أكثرهن ظهرا ، فقالت :أنا أفقر يهوديتك ، فغضب( صلى الله عليه وآله) ، فلم يكلمها حتى رجع الى المدينة ، وتركها ذا الحجة ومحرم ، وصفر ، فلم يأتها ولم يقسم لها ، فلما كان ربيع الاول ، دخل عليها ، وروي بلفظ آخر عنها عن عائشة قولها : ان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) كان في سفر فاعتل بعير لصفية ، وفي ابل زينب بنت جحش فضل ، فقال لها : ان بعيرا لصفية اعتل ، فلو اعطيتها بعيرا ، فقالت : أنا أعطي تلك اليهودية ، فتركها رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ذا الحجة والمحرم ، شهرين ، أو ثلاثة لا يأتيها ،
قالت زينب : حتى يئست منه .
16 ـ شميسة بنت عزيز بن عاقر العتكية الوشقية البصرية ، روت عن عائشة ، روى عنها شعبة بن الحجاج ، وهشام بن حسان ، أشتهرت بروايتها عن عائشة في الكحل ، بقولها : أشتكت عيني وأنا محرمة ، فسألت عائشة عن الكحل، فقالت : اكتحلي بأي كحل شئت
غير الاثمد ، أو قالت : غير كل أسود ، أما انه ليس بحرام ولكنه زينة نحن نكرهه ، وقالت : ان شئت كحلتك بصبر ، فأبيت .
وروت أيضا عن عائشة : ان النبي (صلى الله عليه وآله نهى عن نبيذ الجر)
وروت كذلك : انها قالت في تأديب اليتيم : ( اني لاضربه حتى ينبسط ) .
17 ـ عائشة بنت عرار البصرية ، تابعية ، روت عن بكر بن عبد الله المزني ، وابن سيرين ، والحسن البصري ، ومعاذة العدوية ، روى عنها هشام بن حسان ، ومعان بن حمضة ( ابو محفوظ ) ، اشتهرت بروايتها عن عائشة قولها عن النبي (صلى الله عليه وآله ) وهو يأمر بغسل أثر الغائط والبول : (مرن أزواجكن بغسل أثر الغائط ، والبول ، فاني أستحي أن آمرهم بذلك ، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله ) كان يفعله ).
وروت حديث التلبية ، عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر قوله : ان النبي (صلى الله عليه وآله ) كان يلبي ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك لبيك ، ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .
وروي ان الحسن البصري التقى مع عائشة بنت عرار وقال لها : لولا ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن مصافحة النساء لصافحناك ، ويوافق هذا الحديث ما رواه أنس بن مالك ، قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مصافحة
النساء .
18 ـ غبطة ، وقيل (غيطة) بنت عمرو المجاشعية البصرية ، تكنى بأم عمرو ، تابعية ، تروي عن عمتها أم الحسن عن جدتها عن عائشة ، روى عنها مسلم بن ابراهيم الازدي ، ونصر بن علي الجهضمي ، أشتهرت بروايتها عن عائشة مبايعة هند بنت عتبة للنبي (صلى الله عليه وآله ) ، في عام الفتح ، قالت : جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة الى رسول الله
(صلى الله عليه وآله) لتبايعه ، فنظر الى يديها ، فقال لها (صلى الله عليه وآله) : اذهبي فغيري يديك ، قالت : فذهبت فغيرتها بحناء ، ثم جاءت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال : أبايعك على أن لاتشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ، ولا تزني ، قالت : أو تزني الحرة ؟ قال : ولا تقتلي أولادك خشية املاق ، قالت : وهل تركت لنا أولادا نقتلهم ؟ قالت : فبايعته ، ثم قالت له وعليها سواران من ذهب : ما تقول في هذين السوارين ؟ قال : جمرتان من جمر جهنم .
وروي الحديث بلفظ آخر ، عن مقاتل ، لما أنزلت الآية الكريمة ((ولا يقتلن أولادهن)) يوم الفتح ، فبايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال على الصفا ، وعمر يبايع النساء تحتها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما قال : ولا
يقتلن أولادهن ، قالت هند : ربيناهم صغارا ، فقتلتموهم كبارا ، فضحك عمر حتى أستلقى .
19 ـ كيسة بنت أبي بكرة الثقفية البصرية ، وأبو بكرة اسمه نفيع ، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، صحابية ، بايعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، روت عن أبيها ، روى عنها بكار بن عبد العزيز ، وعطاء بن أبي ميمونة ، أشتهرت بروايتها
عن أبيها عن النبي (صلى الله عليه وآله) بالنهي عن الحجامة يوم الثلاثاء : ( ان يوم الثلاثاء يوم الدم ، وفيه ساعة لا يرقأ فيها الدم) ، ويعني لا يرقأ : أي لا ينقطع .
20 ـ معاذة بنت عبد الله العدوية البصرية ، تكنى بأم الصهباء ، صالحة ، عابدة ، ثقة ، كانت تحيي الليل ، وتصلي ستمائة ركعة باليوم ، ولم توسد فراشا بعد أبي الصهباء حتى ماتت ، واجتمع عندها النساء يوما بعد استشهاد زوجها وابنها ، فقالت لهن : مرحبا بكن ان كنتن جئتن للهناء ، وان كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن ، وكانت تقول : والله ما أحب البقاء الا لاتقرب الى ربي بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وابنه في
الجنة .
وروي انها يوما اشتكت من بطنها ، فمر بها أبو بشر ، وهو شيخ من هل البصرة ، قال : أتيت معاذة ، فقالت : وصف لي نبيذ الجر ، فاتيتها منه بقدح ، فوضعته ، فقالت : اللهم ان كنت تعلم ان عائشة حدثتني : ان النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن نبيذ الجر ، فاكفنيه بما شئت ، قال : فانكفأ القدح وأهريق ما فيه ، واذهب الله تعالى ما كان بها .
روت عن علي بن أبي طالب (ع) ، وهشام بن عامر الانصاري ، وعائشة ، وأم عمرو بنت عبد الله بن الزبير ، روى عنها اسحاق بن سويد ، وأوفى بن داهم العدويان ، وايوب السختياني ، وعاصم الاجول ، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، وغيرهم .
اخرج أحاديثها البخاري في أبواب منها باب الحيض ، وباب اللباس ، وكذا في تفسير سورة الاحزاب ، من رواياتها ، انها دخلت على عائشة في نسوة من أهل البصرة، فقالت عائشة : مرن أزواجكن ، فاني أستحيهم فليغسلوا سبيل الغائط والبول .
وذكر ابن قتيبة الدينوري عن سليمان عن معاذة العدوية ، قالت : سمعت علي بن أبي طالب (ع) على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، يقول : (أنا الصديق الاكبر ، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر) .
21 ـ نسيبة بنت الحارث الانصارية ، تكنى بأم عطية ، من كبار نساء الصحابة ، أسلمت ، وبايعت النبي (صلى الله عليه وآله) ، وغزت معه سبع غزوات ، كانت تمرض الجرحى ، وتخلفهم في متاعهم ، ثقة ، جليلة القدر ، صالحة ، شهدت غسل ابنة النبي (صلى الله عليه وآله) ، وأتقنت الغسل ، وحدثت به ، وحديثها في غسل الميت يعد أصل في هذا الباب ، لذا كان جماعة من الصحابة وعلماء التابعين في البصرة يروون عنها حديثها .
روت عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وعلي بن أبي طالب (ع) ، وعمر بن الخطاب ، روى عنها أنس بن مالك ، واسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية ، ومحمد بن سيرين ، وحفصة بنت سيرين ، وأم شراحيل .
روى عنها العلماء أربعين حديثا عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وروت عنها أم شراحيل ، قولها : ان النبي (صلى الله عليه وآله) بعث عليا (ع) في سرية فسمعته يقول : (اللهم لا تمتني حتى تريني عليا) .
وروى عنها محمد بن سيرين قولها : نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ، وأمرنا بالخروج يوم الفطر ، ويوم الاضحى ، وان نخرج ذوات الخدور ، والحيض ، وننحي الحيض عن مصلى النساء ، ليشهدن جماعة المسلمين ، ودعوتهم ، عاشت الى حدود سنة ( 70 هـ ).
22 ـ هند ، وقيل(هنيدة) بنت شريك بن زبان البصرية ، روت عن عائشة ، روى عنها عبد الملك القيسي (أبو طود) ، وسميع بن زاذان ، أشتهرت بحديث النهي عن النبيذ في الدباء والنقير والمزفت والحنتم ، وروي عنها أنها لقيت عائشة بالخريبة ، فسألتها عن العكر ، فنهتها عنه ، ثم قالت لها : أنبذي عشية ، واشربيه غدوة ، وأوكي عليه ، ونهتها عن الدباء والنقير ، والمزفت ، والحنتم .
ويوافقه ما رواه جعفر بن محمد الصادق (ع) عن آبائه عن علي بن أبي طالب (ع) ، قول مالك بن عمير : (كنت قاعدا عند علي بن أبي طالب (ع) ، فجاء صعصعة بن صوحان فسلم ، ثم قام فقال : يا أمير المؤمنبن انهنا عما نهاك عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال : نهانا عن الدباء ، والحنتم ، والمزفت ، والنقير).
23 ـ أم اسحاق الغنوية ، من غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان ، صحابية ، أسلمت ، وهاجرت ، وبايعت ، روت عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، روت عنها مولاتها أم حكيم بنت دينار ، وبشار بن عبد الملك المزني البصري ، أشتهرت في حديث الاكل والشرب ، قولها : انه دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي صائمة ، فأكلت معه ، وكانت ناسية ، فقال لها (صلى الله عليه وآله) : (لايضرك ، أتمي صومك ، فانما هو رزق ساقه الله اليك).
24 ـ أم سالم بنت مالك الراسبية البصرية ، تابعبة ، صالحة ، ثقة ، عابدة ، زاهدة ، أحرمت من البصرة سبع عشرة مرة ، روى عنها جعفر بن برد الراسبي الدباغ ، وعنه محمد بن سيرين ، ومالك بن دينار ، روت عن عائشة قولها : ان النبي (صلى الله عليه وآله ) اذا أهدي اليه اللبن ، قال للذي يأتيه : كم في بيتك ، بركة ، أو ثنتين ) ، وروي بلفظ آخر ، ( بركة ، أو بركتين) .
وروت عن عائشة أيضا ، قالت : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : (والذي نفس حمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) .
25 ـ أم نهار بنت الدفاع ، وقيل (الرفاع) القيسية البصرية ، تابعية ، روت عن أمينة بنت عبد الله القيسية ، عن عائشة ، روى عنها يونس بن محمد ، ومسلم بن ابراهيم ، وحوثرة بن أشرس ، وغيرهم ، رأت أنس بن مالك ، وذكرت انه كان يعتم بعمامة سوداء وعلى رأسه قلنسوة .
روت حديثا عن أمينة عن عائشة قالت : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلعن القاشرة ، والمقشورة ، والواشمة ، والمستوشمة ، والمستوصلة.
وروت عن جدتها ، انها سألت عائشة عن النبيذ ، فقالت : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحرم الحنتمة ، والنقير ، والدباء ، وكل مسكر ، ثم قالت لها : أما تضحين ، فاتخذي اهاب شاتك سقاء فانتبذي به ، وصريه صرا شديدا ، ثم اشربي فيه ، ثم سألتها عن الحناء ، فقالت : لا بأس به ، بقلة يابسة ، غلبها بقلة رطبة ، ولا تخضبن وأنتن حيض .