العوامل المؤثرة الأخرى
  ومما مضى يُعلم تأثر الجنين بتأثر أمه الخاصة بعد أن تلجه الروح وهو في الشهر الرابع لأن كل ما يأخذه من نمو جسدي أو روحي يكون منها . . فإذا اردت مخاطبة الحامل فأنك تخاطب شخصين لا يقل تأثر أحدهما عن تأثر الآخر . . وقد اثبت العلم الحديث بعدة عدة تجارب أن بعض الأفراد تكلّم بلغة لم يسمعها الاّ وهو في بطن امه ! .
  وتبدأ عملية التأثر من حين خروج النطفة من جميع البدن التي تأخذ ما فيه خير و شر والشبه وحتى الصفات الوراثية الى أن يشق طريقه في النمو لأنه يأكل ما تأكل ويشرب ما تشرب ، ومن هنا جاء أثر الأكل والشرب لأنّ ما يأخذ في نموه من لحم ودم وعصب وعظم هو منها فيقتضي والحال هذه اطعامها المأكولات التي تحتوي على مادة البروتينات والفيتامينات بدرجة عالية . . ويمكن تلخيص تأثرات الحامل بما يلي :
1 ـ الأكل : ومضى الكلام عنه ونضيف ما ذكرته الروايات من أكل الرطب والبطيخ والرمان والسويق والبيض باللحم .
2 ـ الشرب : وهو لا يختلف عن الأكل كثيراً .
3 ـ المسكن : وكلما كان واسعاً كان يجلب الراحة الى الحامل كان أثره على سلامة الجنين بيناً .
4 ـ المنظر : فكلّما كانت الألوان شفافة كالأبيض أو الأصفر أو الأخضر كان أثرها حسناً وبالمقابل يتجنب الأسود والأحمر وهذا يشمل كل ما حولها من أثاث وملابس غيرها . .
5 ـ التصورات والخواطر القلبية : ومضى تأثر الجنين بشهوة امرأة الغير اثناء الجماع وهو يشمل جميع التصورات الحسنة والتصورات السيئة .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 41 ـ

6 ـ النيّات : فللنية الحسنة أثر يختلف عن النية السيئة كثيراً وهذا الأختلاف البين هو الدافع لأن تفعل الأولى وتجتنب الثانية :
7 ـ الزمن : ولوقت الحمل أثناء الحرّ يختلف عن أثره أثناء البرد لصعوبة تحمل الطفل الحر اذا صادف حمله أيام البرد والعكس صحيح أيضاً .
8 ـ الأقوال : ومضى أثرها وأثر ذكرها الله سبحانه أثناء الجماع وأيضاً ينبغي أن نسمعه آيات القرآن الكريم أو الدروس الدينية أو صوت الآذان . . ونجنبه صوت الأغاني والليالي الحمراء الماجنة وغيرها من الأعمال الشيطانية كرؤية الأفلام الخليعة أو قراءة القصص الغرامية .
9 ـ الأفعال : وأظهرها مداومة الحامل على الوضوء وأثره في طهارته المعنوية .
10 ـ الملابس : فلضيق الملابس أثر سيء عليه عكس ما لان وخف .
11 ـ الأحوال : ويعني ضرورة تجنبها الحالات الغير عادية والاعتناء بها ومنع ايصال اي خبر سيء الى مسامعها ومنعها مزاولة الأعمال الشاقة أو المتعبة وحتى التي لا تشق عليها ولكنها تشق عليه .
12 ـ وهناك عوامل اخرى لا يقل اثرها عمى مضى كالعمر وأفضله من العشرين سنة الى الخمسة والثلاثين وكونه الطفل الأول أو الثاني وما بعده لزيادة خبرة الأم ومعرفة وما يضره وما ينفعه بالتجربة ، والحب للحمل وعدم التذمر منه . . وحمله زمن الحرب . .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 42 ـ

وسماع الأصوات المزعجة . . والحمل من الزنا الذي يدفع الأم الى حالة غير مستقرة وندم ومحاولة اسقاطه وعدم حبه . . وكراهة البنت لو عرفتها انثى وترك الأب الأم الحامل لوحدها أو عدم مساعدتها في مزاولة الأعمال المنزلية وغيرها من التأثرات . .

السعادة والشقاء للحمل
  وردت روايات عديدة تنص على شقاء الجنين أو سعادته في حياته على ما كتبُ وهو في بطن أمه ّ ! ، الأمر الذي أثار الاشكال القائل أنه من الجبر الذي يُكتب على الإنسان فإذا كتب عليّ أن أكون شقياً فلا تنفعني صلاتي ولا صومي لان مآلي الى النار لا محالة عكس من كتب سعيداً ! .
  وكل هذا لا يتعدى ما ذكرناه من اخطاء ترتكبها الأم أو الاب فيسببها في الجنين النتيجة لأن المقدمات تؤدي نتيجتها سواء رضينا أو أبينا . . وعليه فمن أراد السعادة لابناءه فعليه بتطبيق ما اسلفنا اعتماداً على ما أشارت اليه الروايات الشريفة أو ذكره العلم الحديث . . ومع كل هذا فللّه البداء في كل ما كتب الملكين على الجنين . . وبيده القضاء يفعل ما يشاء فلم يبق للوالدين الاّ الدعاء لسلامة وصلاح أبناءهم . .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 43 ـ

محمد فريد وجدي يكتب عن الحمل
  ولأهمية ما قاله تنقله بتمامه قال : الحمل : عند النساء هو كناية عن الحبل وهو دور من أدوار حياة المرأة تنشأ عنه امراض عدة كأضطراب الشهية أو التهوع والقيء ودوار الرأس ( الدوخة ) والاسهال وألم الأسنان والكلف الذي يظهر على مواضع من الجسم وألم البطن والفخذين واعضاء التناسل وارتشاح الاطراف السفلى وعسر التنفس وقد يحصل منه امتلاء دموي ينتج عنه ثقل في الرأس وطنين في الأذن واعظم ما ينشأ عنه امراض اعضاء البطن وسقطوط الجنين وكل هذا يسمى بالرحم لمنع هذه العوارض يجب على الحامل ان تتروض رياضة معتدلة وان تستنشق الهواء الجيد وتجتنب ما يثير العوارض المذكورة وان لا تأكل من الطعام الاّ ما كان خفيفاً سهل للانهضام ومن المضر للحبلى دوام الجلوس لان ذلك يضعف قوتها العضلية فتكون وقت الطلق غير كافية لأخراج الجنين ويزيد في انتفاخ اطرافها السفلى ، ويجب عليها الاستحمام بالماء الفاتر وتجنب جميع ما يؤثر على حواسها بشدة وقد يسقط الجنين من طول الامساك ويلزم أخذ بعض الأشربة المحللة والحقن الملينة . . أو المسهلة اسهالاً خفيفاً .
  ويجب على الرجل الامتناع عن الجماع في الشهر الثالث والرابع من الحمل وتقليله جداً في الشهر الأول والثاني وكذلك فيما بعد الرابع الى الثامن لأن أقل تهييج في الرحم قد يسقط الجنين فيكون الرجل بشره سبباً لقتل نفس زكية ويجب على المرأة الحامل أن تمتنع عن الأدوية القوية الفعل والأشربة المنبهة والأشربة الكحولية وبعد الولادة التي يجب ان تكون بعناية مولدة لا داية فإنه قد تطرأ حوادث عند نزول الجنين لا تدري الداية لها وسيلة فتذهب المرأة والولد معاً وقد أعتادت تلك الدايات أن يدهن باطن محل المرأة بالزيت أو بالزبد لسهولة أنزلاق الجنين وهو امر ضار لأن المحل بدل ان يتسع بهذا الدهان يجف ويضيق ولهن أمور أخرى ضررها أكبر من نفعها فيجب الاحتراس منهن والعناية بأحضار مولدة قانونية حرصاً على حياة الولد وأمه .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 44 ـ

  قلنا بعد الولادة يجب ان ترتاح الام بتركها على السرير الذي ولدت عليه ثم تغطى بغطاء جيد ويعمل لها من الوسائط العلمية وكل ما شأنه عدم تطرق البرد اليها كأن يبعد عنها الضوء المفرط واللغط خلافاً للعادة الجارية من الاحتفاف بالنفساء عقب الولادة مباشرة واصالة الكلام معها بصوت عال ، فإن هذه العادة ربما قضت على حياة النفساء ويلزم أن تبقى هادئة ساكنة الى اليوم الثامن فإن كان صحتها جيدة بعد ذلك اذن لها بمقابلة الزائرين والاّ فلا ، ومما يحسن أن تشربه في اليوم الأول من النفساء مغلي القرنفل او منقوع زهر البنفسج أو الزيزفون أو الماء الفاتر المحلى بالسكر ثم بعد ساعات تعطى مرقى وكذا تعطي مرقة في اليوم الثاني والثالث والرابع ثم يزداد المقدار تدريجاً ، واذا ضغط على النفساء لزيادة الأكل امتلأت معدتها وتنبهت وانقطع دم النفاس ونشأ عنه ألتهاب الرحم وقناة الهضم فيمتنع اللبن ، ويجب عليها الاستراحة في السرير سبعة أيام متوالية ومن الغلط زعم ان من الضرر تغيير ثياب النفساء فإن بقاء ثيابها الوسخة يسبب لها عفونة تنشأ منها أمراض فيجب ابدال ثيابها بثياب نظيفة ولكن مع الاحتراس من البرد .
  ويجمل بنا هنا أن نترجم فصلاً كتبه الاستاذ بلز في كتابه الطب الطبيعي عن القواعد التي يجب ان تسير عليها النساء الحوامل قال :
  الحمل ليس بمرض والحاملات اللاتي يعيشن ويعملن لسن في حاجة الى تغيير شكل معيشتهن العادي ولكن النساء اللاتي اعتدن نوعاً من المعيشة تخالف الطبيعة يجب عليهن خدمة لأنفسن ولأطفالهن أن يجعلن معيشتهن مدة الحمل أكثر ملائمة للطبيعة .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 45 ـ

  يجب على المرأة الحامل أن تجعل غذائها أكثر نباتاً فتجعل قاعدة غذائها الخبز واللبن الحامض والبيض ، ولا بأس بالخضر مع الزبد .
  ولكن يجب أخذ فواكه بكثرة جنية وجافة ، بهذه الوسيلة تتحصل المرأة على بطن حرة ، فإن الاكثار من الفاكهة وخبز الحبوب لا يدع حاجة لاستخدام الحقنة في إنزال الفضلات .
  ويلزم اجتناب الاشربة المدفئة والمهيجة مثل القهوة القوية والشاي والبير والنبيذ والعرقي ، ( على انه يكون احتمال القهوة والشاي إذا كان خفيفين جداً ) ويجب الامتناع أيضاً عن الآكل المبتلة والمملحة والحامضة .
  ويجب ان تستنشق الحامل الهواء الطلق ليلاً ونهاراً وان تروض جسمها ، فلا يجوز للحامل أن تهمل وجودها وقتاً كبيراً كل يوم في الهواء الطلق سواء بالعمل او بالرياضة فيه ، أما ليلاً فيجب عليها ان تنام والنوافذ مفتحة .
  ويفيدها أن تأخذ كل أسبوع حماماً من درجة 20 الى 25 من ترمو مترريومور على حسب احتمال جسمها ، أو أن تقمط الجزء العلوي من جسمها بخرقة مبتلة بالماء مرتين أو ثلاثة ، وبما يوصي به أيضاً غسل الجسم كله او بعضه بالماء .
  هذه الأعمال يجب أن تعمل حتى يوم الولادة بلا انقطاع فإنها لا تقوى المرأة وولدها فقط بل تحميها من شر الاعراض الخطيرة التي تصاحب الحمل .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 46 ـ

  أما الملابس فيجب ان تكون واسعة فلا يجوز لبس الكورسية أو غيره ، ويجب على الحامل ان تروض جسمها بكثرة ولكن مع احتياط وتبصر ، فإن الرياضات كالرقص والقفز مضرة جداً في مدة الحمل وخصوصاً بالنسبة للنساء الضعيفات المصابات بقلة الدم .
  ولا يجوز لها أيضاً أن توسع خطواتها في المشي ولا ان تجتاز غديراً أو حفرة بالافساح بين رجليها ولا ان تصعد على كرسي أو ترفع يديها الى فوق ، فإن هذه الأعمال تسبب الأجهاض غالباً .
  ثم ان الفرح وانبساط نفس الحامل له تأثير حسن على الجنين ، ومما يجب الالتفات اليه ان النوم العميق الهادىء المنتظم ضروري جداً للمرأة الحامل ، فإن أرادت المرأة الصحيحة الجسم ان تلد مولوداً صحيحاً سليماً فيجب عليها ان تعتني بذاتها كل العناية لأن كل ما ينالها ينعكس على جنينها ، وان المعيشة على حسب الطبيعة هي أحسن المهيئات للولادة (1) .

أجر الحامل
  لعل من أصعب الأوقات حرجاً وضيقاً على المرأة وقت الحمل . . ومن هنا اعطت الشريعة المقدسة الاجر الجزيل لمن تتحمل هذه المصاعب في سبيل انجاب اطفال صلحاء وذرية طيبة ولذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ليزيد من حرص الحامل على جنينها بشوق ولهفة وعدم تذمرها من الآلام الكثيرة التي تترك أثراً سيئاً على الجنين :

**************************************************************
(1) دائرة معارف القرن العشرين : ج 3 ، ص 605 ـ 607 وفي المصدر القطن بدل البطن .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 47 ـ

  ( والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ومبشراً ونذيراً ما من أمرأة تحمل من زوجها ولداً الاّ كانت في ظل الله ( عزّ وجلّ ) حتى يصيبها طلق يكون بها بكل طلقة عتق رقبة مؤمنة ، فإذ وضعت حملها وأخذت في رضاعه فما يمص الولد مصة من لبن امه الاّ كان بين يديها نوراً ساطعاً يوم القيامة يعجب رآها من الأولين والآخرين وكتبت صائمة ، وان كانت غير مفطرة كتب لها صيام الدهر كله وقيامه ، فإذا فطمت ولدها قال الحق جل ذكره : يا أيتها المرأة قد غفرت لكي ما تقدم من الذنوب فاستأنفي العمل ) (1) .
  وعن زيد بن علي عن آبائه ( عليه السلام ) قال : ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجهاد ، فقالت امرأة يا رسول الله ما للنساء من هذا شيء ؟ فقال : ( بلى للمرأة ما بين حملها الى فطامها من الاجر كالمرابط في سبيل الله ، فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة الشهيد ) (2) .

تسمية الولد
  جاء في الرواية عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قوله : ( سمو أولادكم قبل أن يولدوا ) (3) .

**************************************************************
(1) مستدرك الوسائل : ج 2 ، ب 47 ، ص 623 ، ح 1 ، طبع الحجر .
(2) بحار الأنوار : ج 104 ، ص 97 ، ح 56 .
(3) الوسائل : ج 21 ، ص 387 ، ب 21 ، ح 1 / فروع الكافي : ج 6 ، ص 18 ، ح 2 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 48 ـ

  أما تسميتهم فتكون بأحسن الاسماء كما ورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : ( سمو أولادكم اسماء الأنبياء وأحسن الاسماء عبد الله وعبد الرحمن ) (1) .
  وعن سليمان الجعفري قال : سمعت أبا الحسن ( عليه السلام ) يقول : لا يدخل الفقر بيتاً فيه أسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء ) (2) .
  وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد ان ينهى عن أسماء يتسمى بها وقبض ولم يسمها منها الحكم وحكيم وخالد ومالك وذكر أنها ستة أو سبعة مما لا يجوز أن يتسمى بها ) (3) .

**************************************************************
(1) مكارم الأخلاق : 220 .
(2) فروع الكافي : ج 6 ، 19 ، ح 8 .
(3) فروع الكافي : ج 6 ، ص 20 ، ح 14 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 49 ـ


آداب ما بعد الحمل
  لم تغفل الشريعة المقدسة آداب هذه المرحلة وهي اللحظات الأولى التي يرى فيها الجنين النور ويخرج الى عالم غريب عليه . .
  والآداب هي :
1 ـ أكل النفساء الرطب (1) .
2 ـ لفة في خرقة بيضاء (2) .
3 ـ الأذان في أذنه اليمنة والأقامة في اليسرى (3) .
4 ـ تحنيكه بالتمر وماء الفرات وبتربة قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) (4) .
5 ـ العقيقة عنه في اليوم السابع (5) .
6 ـ الختان يوم السابع (6) .

**************************************************************
(1) فروع الكافي : ج 6 ، ص 22 ، ح 4 / الوسائل : ج 21 ، ص 402 ، ب 33 ح 1 .
(2) الوسائل : 21 ، ب 36 ، 409 .
(3) الوسائل : ج 21 ، ص 405 ، ب 35 .
(4) الوسائل : ج 21 ، 407 ، ب 36 .
(5) الوسائل : ج 21 ، ص 407 ، ب 36 ، ب 44 .
(6) الوسائل : ج 21 ، ص 433 ، 52 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 50 ـ

كراهة البنت
  من العادات الجاهلية التي ورثها الناس كراهة ولادة البنت ! وكراهة الأم التي لا حول لها ولا قوة ! . . ولكن الشريعة المقدسة لم تغفل هذا الجانب واليك ما قاله الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( البنات حسنات والبنون نعمة فإنما يثاب على الحسانات ويسأل عن النعمة ) (1) .
  وعنه أيضاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( من عال ثلاث بنات او ثلاث أخوات وجبت له الجنة ، فقيل : يا رسول الله وأثنين ؟ فقال : واثنين ، فقيل : يا رسول الله وواحدة ؟ فقال : وواحدة ) (2) .
  وعن الحسن بن سعيد اللخمي قال : ولد لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فرآه متسخطاً فقال له أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ( أرأيت لو أن الله تبارك وتعالى اوحى اليك ان اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول : قال كنت أقول : يا رب تختار لي ، قال : فإن الله قد أختار لك ) (3) .

**************************************************************
(1) فروع الكافي : ج 6 ، ص 6 ، ح 8 .
(2) فروع الكافي : ج 6 ، ص 6 ، ح 10 .
(3) فروع الكافي : ج 6 ، ص 6 ، ح 11 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 51 ـ

لبن الأُم
  ولتأثير لبنها على جسم الطفل وروحه وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( ما من لبن رضع الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه ) (1) .
  وعن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( ليس للصبي خير من لبن امه ) (2) .
  أما الطب الحديث فقال : إن إرضاع الوليد من ثدي امه يحقق هدفين هما الرضاعة الغذائية والرضاعة الأنفعالية لما يرتبط بعملية الرضاعة عن احساس الرضيع بالدفىء والحب والحنان ، ان اللبن هو اكمل غذاء جسمي والحب هو اشهى غذاء نفس . . ونحنُ نعلم المزايا الجسمية للبن الأم أذ هو مكيف تكيفاً خاصاً للرضيع كأنسان ، فهو يحتوي على مكونات غذائية أكثر ملائمة للطفل أكثر من لبن البقر ، وهو يتناسب تماماً مع حاجات الطفل الفسيولوجية ومتطلباته الحيوية الأساساية وهو يكسب الطفل مناعة ضد كثير من امراض الطفولة ، وتدل الأحصائيات على ان معدل وفيات الأطفال الذين يتغذون بلبن البقر أو الألبان الصناعية يزيد عن معدل وفيات الأطفال الذين يتغذون بلبن الأم . . ويجب أن تكون الأم أثناء أرضاع رضيعها هادئة مستريحة معتدلة بدون تدليل زائد أو قسوة أو عصبية (3) .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 21 ، ص 468 ، ب 78 ، ح 5 .
(2) علم النفس النمو : 117 ـ 119 .
(3) الوسائل : ج 21 ، ص 468 ، ب 79 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 52 ـ

لبن المرضعة
  حذرت الروايات الشريفة كثيراً من اختيار المرضعة خوفاً من سريان ما عندها من صفات قبيحة الى الجنين . . وكان الإمام علي ( عليه السلام ) يقول : ( تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح ، فإن النكاح يغير الطباع ) (1) .

التربية
  كل ما ذكرناه يرجع الى اعداد الطفل سالماً سوياً صالحاً في جسده وروحه ونفسه . . وهي مرحلة تمهيدية للتربية الحسنة التي يضطلع بها الابوان ويصبحان مسؤلين عن امانة الهية يجب أن يؤدّوها الى أفضل ما تكون . . وقد اهتم الأسلام ـ وكما رأينا ـ بتربية الطفل من قبل انعقاد النطفة ثم سار معه ايام الحمل والى الولادة وهو في كل خطوة يعطي الأدب الأسلامي الرفيع ـ الذي اكتشف بعضه العلم الحديث بعد عشرات القرون ! ـ ليؤثر في نفسه وجسده ـ واليك مثالاً قد ذكرناه سابقاً وهو الاذان والاقامة في إذن الجنين ليكون أو ما يسمعه هو صوت الإيمان .
  ونرجىء الكلام عن التربية الى الكتب المختصة به ولخروجها عن عنوان كتابنا . . ومع هذا فنحنُ على امل كبير بدعاء القارىء الكريم لنخرج كتاباً عن التربية بهذا الحجم والمستوى .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 21 ، ص 468 ، ب 79 ، ح 1 .

آداب الحمل في الإسلام   ـ 53 ـ

الخاتمة
  وبودّنا الأشارة فيها الى أمور :
1 ـ بالنسبة الى عبارتنا في الهوامش ( ومثله ) يقصد بها المخالفة الجزئية سواء في أحرف أم كلمة . . أما ( وقريب منه ) فيقصد بها الموافقة في المعنى والمخالفة في بعض الألفاظ .
2 ـ قد يقال بارتفاع الكراهة عند أخذ ( قرص الحمل ) لعدم الخوف على الجنين . . ولكن النص يبقى على كراهته وان عدم الجنين .
3 ـ تركنا ( الأحكام الفقهية ) لأختلاف الفتاوى بين الفقهاء فيلزم رجوع كل حامل الى من تقلّده .
4 ـ يرجى بعد مطالعة الكتاب ايصاله أو هدائه الى مستحقه من متزوّج حديثاً أو يريد التزويج أو أمراة حامل لتعم الفائدة ولا يبقى الكتاب حبيس قفص المكتبة .
والحمد لله ربّ العالمين