مغامرة سمكة

  يحكى أن سمكة كبيرة وابنتها، كانتا تلعبان في بحر أزرق هادئ، فشاهدتا ثلاث سفن تبحر في البعيد .

  قالت السمكة الكبيرة: إنهم بنو البشر .

  صاحت السمكة الصغيرة بانفعال: ليتني أعرف إلى أين هم ذاهبون!‏ - في رحلة مخاطرة للاستكشاف.‏

  - كم أتمنى أن أقوم بمثل هذه الرحلة!. أريد أن أتعرف إلى خلجان أخرى وبحار أخرى.‏

  - ربما في يوم ما، وليس الآن يا عزيزتي. فأنتِ ما زلت صغيرة على مخاطر الاستكشاف.‏

  - أنا لست صغيرة كما تظنين يا أمي.‏

  - أقصد عندما تكبرين أكثر يا ابنتي، سيكون العالم كله تحت تصرفك . وقتذاك تكتشفين فيه ما تشائين .

  قالت متذمرة: كيف يكون ذلك، وأنا لم أجد حتى الآن أحداً يساعدني ، على الأقل، لأحصل على فرصتي من اللعب واللهو!.‏ سمع السرطان نتفاً من حديث السمكة الصغيرة، فسألها: ما هو الشيء الذي أسمعك متذمرة منه؟ ألأنك لا تأخذين ما يكفي من متعة اللهو ؟ في رأيك، غلطة مَن هذه ؟.

  - لا أعرف. فأنا أرغب في القيام برحلة استكشافية، وأمي تقول إنني ما زلت صغيرة، وعليّ الانتظار حتى أكبر.‏ شارك طائر النورس في الحديث، وقال: أمك على حق.‏ - أراك أنت أيضاً تقف أمام رغبتي، ولا تساعدني .

  - خوفاً عليك، فقد تضلين طريقك وتضيعين، ونحن لا نريد لك ذلك.‏ ردت السمكة الصغيرة محتجة: لن أضل طريقي ولن أضيع .‏ لماذا لا تستطيعون أن تروا أني كبيرة بما يكفي ، لأقوم بالمغامرة التي أريد؟‏ ومن غير أن يشعر بها أحد، انسلت خارج الخليج باتجاه المجهول، فلمحت واحدة من تلك السفن المبحرة، التي رأتها هي وأمها من قبل .

  سبحت بسرعة بقدر ما تستطيع لتصل إليها، إنما قدرتها على ذلك كانت أقل كثيراً مما تظن .‏ انتظريني أيتها السفينة! صرخت بكل قوتها.‏ لم يسمع أحد من البحارة النداء، وفي لحظات غابت السفينة وراء الأفق .

  أحست السمكة الصغيرة بالتعب وبالخيبة، فقررت العودة إلى موطنها.‏ لكنها كانت ضائعة، ولا تدري كيف تصل إلى الخليج الذي يحتضن أسرتها وأصدقاءها ، فكل ما حولها كان غريباً وغير مألوف .

  وبينما هي تسبح حائرة قلقة، صادفت أخطبوطاً، فسألته: هل تعرف أين الطريق إلى بيتي ؟‏ نفض الأخطبوط جسده، وبسط أرجله في جميع الاتجاهات، وتجاهل السؤال.‏ فأسرعت نحو بعض المحار النائم، وسألتهم: لقد أضعت الطريق إلى بيتي ، هل يمكن أن تساعدوني لأجده ؟. ‏ وأيضاً لم تلق جواباً، فتوسلت إلى قنديل بحر:‏ ليتك تدلني إلى طريق يوصلني إلى بيتي ؟ ‏ وأيضاً لم تلق السمكة الصغيرة جواباً، ولم تجد من يساعدها للوصول إلى موطنها، فالكل لاهون عنها، غير مكترثين بمحنتها .

  - ماذا أفعل الآن، وما هو مصيري؟ كانت أمي وأصدقائي على صواب، عندما قالوا إنني صغيرة على القيام بمغامرة وحدي.‏ وفجأة، لاحظت أن الأسماك التي حولها تسبح بسرعة هائلة.‏ وقبل أن تسأل عما يجري هنا، سقط عليها ظل كبير. فشعرت بسكون المياه وبرودتها، وعرفت أن القادم هو سمك القرش، وأنَّ الأسماك هربت خوفاً منه .

  حاول سمك القرش، أن يمسك بالسمكة الصغيرة، ويبتلعها ، لكنها تمكنت من أن تحشر نفسها بين صخور دقيقة، يصعب على صاحب الحجم الكبير الدخول إليها .

  وحينما أحست بزوال الخطر خرجت من مكمنها، ومن غير أن تلتفت وراءها سبحت بكل قوتها بعيداً ، فوجدت نفسها في موطنها.‏ في الحقيقة، هي لا تعرف كيف وصلت، إنما تعرف أنها لن تعود للمغامرة من جديد وهي في هذه السن الصغيرة .

  هكذا قالت لأمها ولأصدقائها، الذين رحبوا بها وفرحوا كثيراً بعودتها سالمة إلى أحضان الخليج الآمن .