مغامرة


  ليتني كنت أعلم   52

   جلست آسية في الموعد المحدد الذي حددته لصديقتها بيداء تنتظر قدومها وهي تتطلع إلى الساعة في قلق ولهفة فهي تستغرب من صديقتها طلب موعد واشتراط الخلوة فيه ولهذا كانت تترقب أن تجد لدى صاحبتها مشكلة غير مريحة ، ولم يطل انتظارها فقد وصلت بيداء بعد موعدها بدقائق وجلست آسية تنتظر أن تبدأ بيداء بالتحدث عما لديها من أنباء ، وكانت بيداء تبدو هادئة وهي تحاول أن تخفي بعض بوادر القلق والحيرة واستمر بها السكوت إلى فترة ثم قالت :
      أتراك تسمحين لي بسؤال يا آسية ؟
   فردت آسية قائلة :
      نعم وأُرحب بذلك.
   قالت بيداء :
      ويكون الجواب صريحاً ؟
   قالت :
      على عادتي معك دائماً يا بيداء ...

  ليتني كنت أعلم   53

   قالت :
      لماذا رفضت يد فؤاد يا آسية ؟
   فسكتت آسية قليلاً وكأنها فوجئت بسؤال لم تكن تتوقعه من قبل ثم قالت :
      والآن هل تسمحين لي أن أسأل ؟
   قالت بيداء :
      نعم بطبيعة الحال.
   قالت :
      ما الذي يدفعك إلى هذا السؤال يا بيداء ألا تجدين أن الجواب عنه قد يسبب لي بعض الاحراج ؟
   فأطرقت بيداء برهة ثم رفعت رأسها وهي تقول :
      لأنه يهمني يا آسية !
   قالت آسية :
      وماذا يهمك منه ؟ قريب تقدم لخطبتي فرفضته لأسباب خاصة...
   فترددت بيداء ثم قالت :

  ليتني كنت أعلم   54

      لأنه قد تقدم لخطبتي يا آسية وأنا أُريد أن أعرف السبب في رفضك إياه ؟
   قالت آسية :
      آه هكذا إذن. ثم سكتت.
   فأردفت بيداء قائلة في توسل :
      ولهذا تريني مضطرة لأن أسأل أو لستُ صديقتك يا آسية ؟ أو ليس أمري يهمك يا أختاه ؟
   قالت آسية :
      نعم ولأنك صديقتي ولأن أمرك يهمني سوف أقول لك السبب في رفضي إياه ولكن أنت ماذا تعرفين عنه لحد الآن ؟
   قالت :
      لقد عرفت أنه شاب مثقف جميل الشكل حسن التصرف ممدوح السيرة يتمتع بمركز اجتماعي مرموق !
   قالت آسية :
      نعم أنه كما تذكرين يا بيداء وأُزيدك أيضاً

  ليتني كنت أعلم   55

      أن حالته المادية جيدة ولكن هل أن ما ذكرتيه هو كل شيء ؟ فعلت وجه بيداء صفرة باهتة وتمتمت تقول : ولكنه غير ملتزم دينياً !!
   وقالت :
      إذن ومع علمك بهذا ما زلت تجهلين السبب في رفضي إياه ؟
   قالت :
      أنا أعترف أن الدين هو أهم من جميع هذه الصفات ولكن ذلك أمر يمكن إصلاحه على ما أعتقد.
   قالت آسية :
      وكيف ؟
   قالت :
      ألم يخطر ببالك أنك كنت تستطيعين أن تجعلي منه إنساناً صالحاً يا آسية.
   فرددت آسية بهدوء قائلة :
      وأنت هل يخطر ذلك ببالك يا بيداء ؟

  ليتني كنت أعلم   56

   قالت :
      بصراحة أنني أعتبر الرفض لوناً من الجبن أو الهروب !.
   قالت آسية :
      ما دمت تتكلمين بصراحة فأنا أرجو أن توضحي لي رأيك في الموضوع !.
   قالت :
      إنني أجد في جر فؤاد وأمثاله إلى الدين مكسباً دينياً ينبغي العمل من أجله.
   فابتسمت آسية وقالت :
      طبعاً فإن هذا أمر مفروغ منه ولكن عن أي طريق وعلى أي حساب ؟
   قالت بيداء :
      إن هذا طريق قد تهيأ لنا تلقائياً فلماذا لا نستغله يا آسية ؟ وبصراحة مرة ثانية ولماذا أرفض فؤاد مع جميع المميزات التي تتواجد فيه وأتركه لزوجة تبتعد به عن الدين أكثر فأكثر بدل أن أتقبله وأحاول جره إلى الايمان ؟

  ليتني كنت أعلم   57

   قالت آسية :
      إنها وجهة نظر لا أريد أن أُملي عليك خلافها فأنا لا أتمكن أن أفرض عليك أمراً يا بيداء ولكنها مغامرة خطرة وليس ما هو أصعب من أن يغامر الانسان بدينه أو بحياته الزوجية.
   قالت بيداء :
      أرجوك يا آسية لا تحاولي تهويل الأمر إلى هذا المستوى فإن الزواج بشكل عام لا يعدو أن يكون مغامرة وأنا أحس بمقدرتي على خوض هذه التجربة.
   قالت آسية :
      ولكنك غلطانة بزعمك هذا يا بيداء فشتان بين المغامرة مع شاب مؤمن يتمتع في سلوكه وتصرفاته بحصانة من تعاليم الاسلام والمغامرة مع شاب لا يحصنه ضدها سوى العرف والقانون وكلاهما يخضعان للتبديل والتطوير.
   قالت بيداء :

  ليتني كنت أعلم   58

      ولكنها مغامرة لو نجحت لكانت في صالح الدين ...
   قالت آسية :
      ها أنت تقولين ( لو نجحت ) وهذه ( اللو ) دليل على عدم ثقتك بنجاحها والحياة الزوجية بناء مقدس لا يمكن له أن يرتفع على أساس مضعضع.
   فأطرقت بيداء وكأنها كانت تقاوم الصراع الذي يعتلج في روحها ، ثم رفعت رأسها وهي تقول :
      إذن فما هو رأيك يا آسية ؟
   قالت آسية :
      الحقيقة أنني أخشى عليك من عواقب هذه المغامرة ولا أتمكن أن أُعطيك رأياً أكثر من هذا ولكنها لعبة خطرة يا بيداء فالزوج مهما كان لا يمكن له أن يخضع لفكرة زوجته ما دام غير مؤمن بها تلقائياً بل أنه هو الذي سوف يحاول أن يخضعها لفكرته ويجرها نحو الايمان بوجهة نظره وعند ذلك تقف الزوجة على مفترق طريقين فأما خراب بيت الزوجية وأما

  ليتني كنت أعلم   59

      خراب دينها وهو أقسى الأمرين وأهولهما كما تعلمين.
   قالت آسية هذا ثم سكتت تنتظر تأثير كلماتها على بيداء ... فسكتت بيداء برهة ثم قالت بصوت مبحوح :
      إذن ؟
   قالت آسية :
      إذن فأنا أجدك في غنى عن زج نفسك في موقف لا تحسدين عليه.
   قالت بيداء :
      لنفترض أنني أُجبرت على ذلك فماذا أصنع ؟
   قالت آسية :
      عليك أنتِ وحدك تقرير مصيرك يا بيداء وليس لك أن تخضعي لارادة أحد أياً كان.
   فأطرقت بيداء وكأنها تفكر وطالت اطراقتها تلك وهي تفتت بين أصابعها ورقة بيضاء صغيرة ثم رفعت رأسها وهي تقول في شبه تحدٍ :

  ليتني كنت أعلم   60

      ولكنني سوف أُغامر يا آسية وأرجو أن يكون النجاح حليفي.
   ولم يسع آسية إلا أن تنظر إليها نظرة طويلة معبرة ثم قالت في شيء من البرود :
      أنتِ وما تختارين لنفسك يا بيداء وأتمنى أن لا تندمي على قرارك هذا فيما بعد.
   وهنا لملمت بيداء أطراف أبرادها ثم نهضت وهي تقول :
      أرجو أن لا أكون قد أزعجتك يا آسية.
   قالت آسية :
      أنني لم أنزعج ولكنني تألمت فقط.
   ثم مدت بيداء يدها إلى آسية مصافحة فشيعتها آسية حتى الباب وعادت وهي تشعر أنها فقدت صديقتها إلى الأبد.

*   *   *

   جلست بيداء تنتظر عودة فؤاد والساعة تناهز الحادية عشرة مساء وأحست بالقلق من أجله فهو ما عودها التأخير منذ زواجها الذي مرت عليه ثلاثة أسابيع . وكانت تتابع عقارب الساعة حتى وجدتها تقترب من الحادية عشرة والنصف. وعند ذلك سمعت صوت الباب وهو يفتح ثم

  ليتني كنت أعلم   61

يغلق برفق. فنهضت من مكانها تتطلع نحو الباب لتجد فؤاد وهو يدخل فأشرق وجهها فرحاً.
   وقالت :
      لقد أبطأت عني يا فؤاد.
   فراعها أنها وجدت مسحة من ضيق تتراءى على وجهه حاول أن يخفيها بسرعة وهو يرد قائلاً :
   ولماذا لم تنامِ لحد الآن يا بيداء ؟
   قالت : كيف أنام وأنت لا تزال خارج البيت يا فؤاد ؟
   قال وهو يخلع عنه ملابسه ويستبدلها بملابس البيت :
      ولكن ذلك سوف يكلفك الكثير يا بيداء !
   قالت :
      وكيف ؟
   قال :
      لأني سوف لن أتمكن أن أعود مبكراً إلى البيت في أغلب الليالي ولهذا لا أجد ما يدعوك إلى السهر وحيدة...

  ليتني كنت أعلم   62

   فسكتت بيداء وقد هالها ما سمعت ثم حاولت أن تكذب سمعها أو تكذب فهمها فانتظرته حتى جلس ثم قالت :
      إن العشاء جاهز يا فؤاد.
   فابتسم على شيء من الخجل وقال :
      لقد تناولت عشائي في الخارج يا بيداء.
   قالت :
      آه وكيف ؟
   قال :
      لقد كنت مدعواً عند بعض أصدقائي في النادي ولم أستطع الرفض لأن الدعوة كانت على شرفي.
   قالت :
      هنيئاً مريئاً ولكن لماذا لم تخبرني من قبل ؟
   قال :
      لم أجد ما يدعو إلى إخبارك وأنا أعلم أنك سوف لن تذهبي معي إلى هناك !!
   قالت :

  ليتني كنت أعلم   63

      ولكن لكي لا أقلق من أجلك على الأقل...
   قال :
      ولكنك يجب أن تعرفي أنني انسان اجتماعي أعيش في وسط مثقف متحرر ولا أتمكن أن أعتكف في بيتي مع امرأة.
   قال هذا وفي نبرته بعض الحدة ثم أردف قائلاً :
      والآن تفضلي فتناولي عشاءك أنت يا بيداء !
   فجالت الدموع في مآقيها وهي تنظر إليه في حسرة ثم قالت :
      لست أشعر بالميل إلى الطعام .
   قال :
      إذن دعينا ننام !
   فاستجمعت فلول قوتها وقالت في نبرة وادعة :
      يبدو أنك قد أديت فريضة الصلاة ولهذا تريد أن تنام ؟
   قال في شيء من البرود :

  ليتني كنت أعلم   64

      إن الليل قد انتصف وبذلك ذهب وقت الصلاة !
   قالت :
      كلا لعله لم ينتصف بعد ثم أن وقتها الاضطراري لا يزال موجوداً.
   قال :
      كأنك لا تعلمين كم أنا مثقل وتعبان يا بيداء.
   قالت :
      ولكن التعب لا يكون عذراً شرعياً عن الصلاة يا فؤاد.
   فضحك في تهكم ثم قال :
      إن الله يقبل مني هذا العذر...
   قالت :
      ولكن هذا يعد تهاوناً منك في الصلاة ألم تتمسك بها ما دمت تحبني يا فؤاد ؟..
   وهنا بدت عليه دلائل الغضب فنهض وهو يقول :
      أرجوك أن لا تقرني حبك مع الصلاة

  ليتني كنت أعلم   65

      والصيام يا بيداء دعيني أحبك كما أريد أنا لا كما تريدين أنت ثم أنني لا أسمح لك بمحاسبتي في كل ليلة من أجل الصلاة.
   قال هذا ثم توجه نحو السرير وانصرف إلى النوم ... أما بيداء فقد تسمرت في مكانها من هول الصدمة إلى فترة وشعرت أن كلمات آسية قد بدأت تتجسد أمامها كواقع محسوس فما كان منها إلا أن لجأت إلى القرآن عساها تحصل من تلاوته على بعض الأمان والاطمئنان ففتحته من حيث اتفق فكانت الآية الاولى من الصفحة وهي ( وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ).
   واستمرت الأيام والأسابيع تتتابع وتتلاحق وبيداء لا تكاد تجد حيلة تكسب بها فؤاد إلى جانبها فهي كلما حدثته عن الدين جابهها بالسخرية تارة وبالنفور تارة أخرى ، وهي مهما هيأت له من أسباب الراحة والسعادة في البيت وجدته يتوق إلى الخارج أكثر فأكثر وفي ليلة من الليالي وقد أعياها السهر والانتظار عاد إليها فوجدته منفتح الصدر منبسط الوجه فحسبت أن الفرصة مواتيه لها لكي تتحدث معه بما تريد فقالت في نغمة حاولت أن تكون هادئة وناعمة :
      هل تعلم كم أتألم يا فؤاد ؟
   فأبدى فؤاد شيئاً من الدهشة وقال :

  ليتني كنت أعلم   66

      أنت تتألمين ولماذا ؟ ألم أهيىء لك جميع أسباب الراحة ؟
   قالت :
      نعم إنني أعترف أنك قد هيأت لي جميع أسباب الراحة ولكن المهم هو السعادة يا فؤاد فلا راحة بدون سعادة.
   قال :
      وكيف أو لست سعيدة يا بيداء ؟
   قالت :
      كيف أكون سعيدة وأنا أجدك بعيداً عني يا فؤاد ، نعم بعيداً عني في فكرك وقلبك وجسمك.
   قال :
      أما فكري فهو بعيد عن فكرك وأنا أعترف بذلك وأما جسمي فهو يتبعد عنك البعد الفكري. وهذا أمر طبيعي ، وأما قلبي فهو يحبك يا بيداء ولهذا اعترض على هذا القسم من كلامك يا عزيزتي.

  ليتني كنت أعلم   67

   قالت :
      ولكن الحب يقتضي إرضاء المحبوب وأنت تعلم أنني غير مرتاحة من وضعك يا فؤاد.
   قال :
      في دهشة غير مرتاحة من وضعي ؟ هل أسأت إليك في شيء ؟
   قالت :
      كلا أنت لم تسىء إلي إساءة مباشرة ولكنك تسيء إلى الفكرة التي أُؤمن بها والتي عاهدتني على احترامها في البداية وبعبارة أصرح إنك لا تلتزم بالدين بالشكل الذي يشدك إليّ يا فؤاد.
   قال :
      إنني لا أتمكن أن أُغير من وضعي شيئاً يا بيداء فهل من المعقول أن أُقاطع أصدقاء العمر أم هل من المعقول أن أعتزل الحياة الاجتماعية وأنطوي مغلقاً خلف هذه الجدران هل من المعقول أن أصلي الظهر

  ليتني كنت أعلم   68

   في المسجد وأصلي المغرب في الجامع لأن زوجتي تريد ذلك ، إن العبادة ينبغي أن تكون بدافع من إيمان شخصي أما أن أعبد الله لأنك أنت تريدين ذلك فإن هذا ليس سوف نفاق وخداع ، إنني رجل مستقيم مخلص في عملي أمين على حقوق الأخرين وفي علاقاتي مع أصدقائي فماذا تريدين أكثر من هذا يا عزيزتي ؟
   كانت بيداء تستمع وفؤادها يغور إلى الأعماق فردت عليه قائلة في شبه توسل :
      وأنا ؟ أين يكون مكاني من كل هذا ؟
   قال :
      أنتِ ؟ أنت زوجتي الحبيبة التي لا أُقدم أحداً عليك أبداً فتعالي إليّ لتعرفي أية سعادة سوف أُذيقك إيها يا بيداء.
   قالت :
      ماذا تعني من تعالي ؟
   قال :
      أعني أن تتركي هذه الفكرة المعقدة التي

  ليتني كنت أعلم   69

      تحجب عنك أنوار الحياة وتقبلي علي بروحك وقلبك وفكرك جميعاً لكي أُعرفك معنى الحياة التي ما زلت تجهلينها ومع كل الأسف أنك الآن على مفترق طريقين يا بيداء إما أن تعطيني يدك لآخذك معي إلى دنيا السعادة والهناء وإما تبقي سجينة دارك قانعة بما تجدين.
   قالت :
      وليس هناك شق ثالث يا فؤاد ؟
   فسكت لحظة ثم قال :
      نعم وهو أن نفترق وإن عز علي ذلك ولكنه مع رفضك للشق الأول أهون الشرين.
      .... فأطرقت بيداء وهي تود لو تصرخ ، لو تبكي ، لو تهرب من هذا البيت ، ولكن لم يكن في وسعها أن تعمل شيئاً سوى الإطراق.

*   *   *
  
   وأشرق الصباح أخيراً بعد ليلة ما طرق النوم فيها عيني بيداء وأنّى لها أن

  ليتني كنت أعلم   70

      تنام وهي بين نارين كل منهما كاوية وكل منهما قاسية وشديدة في قساوتها وكادت أن تجزم أمرها وتطلب الانفصال ولكن هذا الدبيب الذي في أحشائها يشدها إلى هذا البيت ويربطها مع هذا الزوج ، أنها الآن ليست زوجة فقط ولكنها سوف تصبح أماً عن قريب واعتراها دوار من الحيرة والسهر والتفكير ، فألقت برأسها على يدها واستسلمت لنوم هو أشبه بالاغماء... وانتبهت على صوت فؤاد وهو يناديها بصوت حنون قائلاً :
      بيداء . بيداء . مالك نائمة هكذا ؟
   ففتحت عينها لتبصره أمامها ضاحكاً مشرق الوجه وكأنه يجهل السبب فيما هي عليه فنظرت إليه ولم تفه بكلمة ... فقال في لهفة :
      مالك شاحبة اللون هكذا يا بيداء أتراك مريضة ؟
   قال هذا وأسندها لكي تجلس ثم جلس إلى جوارها فاستدارت نحوه وهي تقول في ذبول :
      هل حقاً أنك لا تعلم بما أُعاني يا فؤاد ؟

  ليتني كنت أعلم   71

   فضحك في لطف وقال :
      هبيني كنت أعلم فماذا عساي أن أصنع وأنا الذي فتحت لك قلبي على مصراعيه فما ذنبي إذا أغلقت أنت دونك ذلك الباب ؟ وبالمناسبة فإن عندي ضيوف هذه الليلة أرجو أن تستعدي لاستقبالهم بالشكل المناسب.
   قالت :
      ومن هم الضيوف يا فؤاد ؟
   قال :
      أنهم مجموعة من أصدقائي مع زوجاتهم.
   قال هذا وسكت ينتظر ردود الفعل عند بيداء ففكرت بيداء برهة ثم قالت :
      وهل سوف تكون الجلسة مشتركة بين النساء والرجال ؟
   قال :
      طبعاً طبعاً فأنا لا أتمكن أن أعيد عهد الحريم في بيتي من جديد.

  ليتني كنت أعلم   72

   قالت في انكسار :
      وأنا ؟
   قال :
      أنت حرة في تصرفك يا عزيزتي فأنا أترك الأمر لحسن اختيارك.
   وهنا صممت بيداء أن تقدم لزوجها بعض التنازلات حرصاً على الوئام والتفاهم فغالبت نفسها ثم قالت :
      سوف أكون حاضرة أيضاً.
   فاستطار فؤاد فرحاً وانحنى عليها يقبلها في لهفة وهو يقول :
      وهل حقاً ما تقولين يا بيداء ؟ ما أسعدني بك يا حبيبتي ها أنا سوف أصبح أسعد زوج ، سوف افتخر بك وبجمالك على أصدقائي وأجعلك الشمس التي تكشف زيف أنوارهم يا بيداء.
   وهنا ردت بيداء قائلة :
      ولكن اي دخل لجمالي في الموضوع ؟ انني وانسجاماً مع رغبتك وافقت أن أحضر مع حجابي يا فؤاد.

     
Next