مـؤمنـــة

  بطــلة كــربلاء
الاستاذة هناء محمد
  بسم الله الرحمن الرحيم
  الاهداء
  اليك يا سيد الاوصياء يا صنو النبي الأعظم يا حامل أعباء الولاية الكبرى يا أبا الحسن المهدي ، بحثي المتواضع هذا وهو صحيفة ولائي وعنوان حبي الناصع نضدته في تحقيق مرقد كريمتك ، وفروع دوحتك ، وثمرة فؤادك التي ربيتها بحكمتك فكانت كالزنبقة الناصعة تحت القطرة الهاطلة ، فأخذت شبابها من شبابك فكانت مجتمعة الشرف والورع وقوة الايمان وصلابة العقيدة ، فكانت بطلة الإسلام وكاسرة الشوكة الاموية ، زينب ( عليها السلام ) مرآة صافية تعاكست فيها المعاني التي غرستها في طبائع بنيك الاماجد ، فاشفعي لي ولوالدي .

  المقدمة
  ضمت واقعة الطف من جميع الشرائح الإجتماعية رجالاً ونسائاً ، عبيداً واحراراً شيباً وشباباً . . . ،كما شملت جميع الابعاد الرسالية وتجلت فيها أروع صور التنضحية والفداء والشجاعة والاباء من جانب ، ومن جانب آخر برزت فيها أبشع وافضع صور التوحش والخروج عن الحدود الانسانية وظهور الخسة باحط دركاتها ما لم تعرف البشرية له نظير . . .
  وقد كان للمرأة دور فاعل ومؤثر في هذه الواقعة منذ خرج الحسين ( عليه السلام ) من المدينة الى ساعة أستشهاده كما قامت بذلك الحوراء زينب ( عليها السلام ) ومن خلال تتبع احداث الطف ( سنجد للمراءة في هذه الثورة الكبيرة دوراً بارزاً مشرفاً ظهر بشكل ملفت حقاً وحتي المراءة الكوفية التي تخاذل رجلها واستسلم وتراجع وآثر الانحياز في النهاية الي جانب ابن زياد ، كانت تقف موقفاً عظيماً لم يتح للكثيرين من الرجال الشجعان انفسهم ) (1) .

  الحوراء زينب ( عليها السلام )
  يبدو لنا من خلال تتبع حياة هذه المرأة العظيمة ، والتي كان لها الدور البارز في واقعة عاشوراء ابتداءاً واستمراراً . . . انها كانت معدة اعداداً الهياً خاصاً للقيام بهذا الدور العظيم الذي حفظ الإسلام من التحريف ، بل من الانقراض والفناء ، فقد ذكر المورخون ان النبي ( ص ) حين علم بمولد زينب ( عليها السلام ) وجم وبكى وضمها الى صدره وهو يوسعها تقبيلاً ، ( حتى أثار ذلك عجب امها سيدة نساء العالمين فقالت : ( مايبكيك يا ابتي ؟ لا أبكى الله لك عينا ) ، فقال ( ص ) : ( يا فاطمة أعلمي أن هذه البنت بعدي وبعدك سوف تنصب عليها الرزايا والمصائب ) )(2) ، وكان الرسول الاكرم ( ص ) يقرأ مستقبل الإسلام ، ويعلم ماسوف تواجهه من عقبات وشدائد ومحن . . . وقد روى الترمذي في صحيحه ان الحوراء زينب ( عليها السلام ) جاءت الى جدها الامين ( ص ) فقالت : ( يا جداه ، رأيت رؤيا البارحة ) ، فقال ( ص ) : ( قصيها علي ) ، فقالت : ( رأيت ريحاً عاصفاً اسودت الدنيا منه وأظلمت ففزعت الى شجرة عظيمة فتعلقت بأحد فرعين من فروعها فكسرته العاصفة ايضاً ثم استيقضت من نومي ) فأجهش بالبكاء ، وفسر لها الرؤيا قائلاً : ( اما الشجرة فجدك أما الفرع الاول : فأمك فاطمة ، والثاني : أبوك علي والفرعان :الآخران هما أخواك الحسنان ، تسود الدنيا لفقدهم ، وتلبسين الحداد في رزيتهم ) (3) .
  ومن عناية أمير المؤمنين بأبنته أنه كان يطفأ مصابيح الضريح المقدس للنبي الاكرم ( ص ) عند زيارتها له فقد حدث يحيى المازني قائلاً : ( كنت في جوار أمير المؤمنين ( ع ) في المدينة مدة مديدة وبالقرب البيت الذي تسكنه زينب إبنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت اذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله ( ص ) تخرج ليلاً والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين ( ع ) أمامها ، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين ( ع ) فأخمد ضوء القناديل فسأله الحسن ( عليه السلام ) مرة عن ذلك فقال : أخشى أن ينظر أحد الى شخص أختك زينب (4) ، وفي بعض الروايات : ( ان الحسين ( عليه السلام ) اذا زارته زينب يقوم اجلالاً لها ، وكان يجلسها في مكانه ) (5) .
  وهكذا يتضح لنا أن العناية الفائقة التي حضت بها عقيلة بني هاشم من قبل جدها وابيها واخويها في جميع مراحل حياتها كانت تهدف إلى إعدادها إعداداً رسالياً لتحمل المسؤولية الكبيرة التي ستناط بها في مستقبل أيامها ، وما هذا الإهتمام الشديد إلا لعظم المسؤولية التي ستتحملها في مواجهة الاخطار التي ستواجه الرسالة ، وتقف عقبة في طريق حركتها ، فاننا نعلم أن اهتمامات رسول الله ( ص ) واهل بيتها الطاهرين لم تكن اهتمامات ذاتية عاطفية وانما هي اهتمامات رسالية مبدئية ، نشأت الحوراء زينب ( عليها السلام ) في مدرسة الوحي ترفل بالعناية الالهية من قبل جدها وابيها واومها واخويها تنهل من فيض علومهم ، وتحاكي سلوكهم وتتخلق بأخلاقهم ، فقد كانوا يزقونها العلم وترتشف من فيض بحرهم الطافح بالعلم والايمان والعمل ، وهكذا ارضعت لبن الوحي من ثدي الزهراء البتول ، وغذيت بغذاء الكرامة من كف ابن عم رسول الله ( ص ) فنشأة نشأة قدسية وربيت تربية روحانية متجلببة جلالبيب الجلال العظيمة ، مرتدية رداء العفاف والحشمة فالخمسة اصحاب العبا هم الذين قاموا بتربيتها وتثقيفها ، وتهذيبها وكفاك بهم مهذبين ومعلمين (6) ، وقد وصفها العلماء والكتاب والمؤرخون باسمى آيات الجلال والكمال ، قال السيد ابو القاسم الخوئي : ( اقول أنها شريكة اخوها الحسين ( ع ) في الذب عن الإسلام والجهاد في سبيل الله والدفاع عن شريعة جدها سيد المرسلين ، فتراها في الفصاحة كأنها تفرغ عن لسان ابيها ، وتراها في الثبات تنبئ عن ثبات ابيها ، لاتخضع عند الجبابرة ولاتخشى غير الله سبحانه وتعالى ، تقول حقاً وصدقاً لاتحركها العواطف ولاتزيلها العواصف ، فحقاً هي أُخت الحسين ( ع ) وشريكته في سبيل عقيدته وجهاده (7) .
  وقال ابن الاثير : ( زينب بنت علي بن ابي طالب . . . ادركت النبي ( ص ) وولدت في حياته ولم تلد فاطمة بنت رسول الله ( ص ) بعد وفاته شيئاً ، وكانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة زوّجها ابوها علي ( عليه السلام ) من عبدالله بن جعفر فولدت له عوناً الاكبر وعباساً ومحمداً (8) ، وام كلثوم وكانت مع اخيها الحسين ( رضي الله عنه ) لما قتل ، وحملت الى دمشق وحضرت عند يزيد بن معاوية ، وكلامها حين طلب الشامي اختها فاطمة بنت علي من يزيد مشهور ومذكور في التواريخ ، وهويدل على عقل وقوة جنان ) (9) ، وعلى كل حال فكلما قيل فيها فهو دون حقها وقدرها ، وكيف لا وهي ربيبة الوحي حملت بين جنبيها روح جدها الطاهر ، وقوة ابيها المرتضى وحلم اخيها الحسن وإباء اخيها الحسين وتحملت مصائب امها وزيادة ، فقابلتها بصبر عجيب فلا نبالغ اذا قلنا : بأنها اتصفت بكل مااتصف به ذويها من صفات الكمال ، وتحملت كل المصائب التي مرت عليهم ، فحفظت رسالتهم من التحريف ، والامة من الانحراف حين وضعتها على جادة الصواب ، واعادت لها روح الثورة والتحدي ، والرفض بما اوضحت لها من مناهج البقاء وسبل النجاة ، فكانت حقاً شريكة الحسين في ثورته ، ومتممة لمسيرته .
وتـشاطرت هـي والـحسين iiبـدعوة          حــتـم الـقـضـاء عـلـيـهما ان يـنـدبـا
هــــذا بـمـشـتبك الـنـصـول iiوهـــذه          في حيث معترك المكاره في السبا
  عالمة غير معلمة
  كانت الحوراء زينب ذات مستوى علمي رفيع وضعها في المسؤولية التي انيطت بها ، وقد أكد ذلك الإمام زين العابدين بشهادته لها حين قال : ( أنت بحمد الله عالمة غير معلمة ، وفاهمة غير مفهمة ) ، ومعنى ذلك بما انها عاشت في رحاب بيت النبوة الذي جسد الايمان العلم والعمل سلوكاً اخلاقياً وعقائدياً وجعله شاخصاً متمثلاً بهم وبما انها تميزت بذكاء فائق ورثته من جدها وابيها وامها ، وتلقت العلم منهم مباشرة بدون ان تتّلمذ على يد استاذ .
  ولعلمها الغزير وايمانها الراسخ ووعيها الرسالي الرفيع ، كانت لها نيابة خاصة عن الحسين ( ع ) وكان الناس يرجعون اليها في الحلال والحرام حتى برئ الإمام السجاد ( ع ) وكان مايخرج عنه ( ع ) من علم ينسب اليها ستراً على الإمام من كيد الطغاة .
  وقد ذكر كتاب رأي السيد ان العقيلة زينب ( ع ) كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن تحضره النساء (10) ، وقد احسن الكاتب الإسلامي الفذ العلامة محمد جواد مغنية ( رحمه الله ) حين كتب في بطلة كربلاء : ( ولا تأخذك الدهشة ايها القارئ اذا قلت لك ان صلاة السيدة زينب ليلة الحادي عشر من المحرم كانت شكراً لله على ما أنعم ، وانها كانت تنظر الى تلك الاحداث على انها نعمة خص الله بها اهل بيت النبوة ، من دون الناس اجمعين وانه لولاها لما كانت لهم هذه المنازل وهذه المراتب عند الله وعند الناس . . ، وزينب هي بنت امير المؤمنين ( ع ) لاتعدوه في ايمانهم ولافي نظرها الى طريق الخلود والكرامة ، ولذا لم تترك الصلاة شكراً لله حتى ليلة الحادي عشر من المحرم ، وحين مسيرها مسبية الى الكوفة والشام ، وحمدت الله وهي اسيرة في مجلس يزيد على ان ختم الله لأولهم بالسعادة ولآخرهم بالشهادة والرحمة (11) .
  ونتجة هذا الوعي الايماني استطاعت الحوراء زينب ( ع ) ان تؤدي الدور الذي انيط بها من قبل جدها ابيها ، وان تواصل ثورة اخيها وتحقيق جميع أهدافها بصورة مذهلة تقف عندها العقول والقلوب ، وقد استطاعت وهي اسيرة بأوحش صور السبي والاسر ان تهز عروش الظالمين ، وتحطم كبرياء الطغاة وتعلن الحق في قلاع الكفر وترفع صوت الإسلام المحمدي في ظروف كمت فيها الافواه ، واخضعت فيها الرؤؤس تحت سطوة السيوف التي استمرت تقطر دماً بلا توقف تقمع كل صوت حر يرتفع ، فأي قدرة تميزت بها الحوراء ؟ ! حتى استطاعت ان تحفظ رسالة الله وتعيدها الى مجراها الذي وضعها الله فيه ، تنسف كل مابناه معاوية ويزيد ، ومن خطط لهما على المدى الطويل .

  تقول الدكتورة بنت الشاطئ
  ( افسدت زينب اخت الحسين على زياد وبني امية لذة النصر وسكبت قطرات من السم الزعاف في كؤوس الظافرين . . . ان كل الاحداث السياسية التي ترتبت بعد ذلك ، من خروج المختار وثورة ابن الزبير ، وسقوط الدولة الاموية وقيام الدولة العباسية ، ثم تأصل مذهب الشيعة انما كانت زينب باعثة بذلك ومشيرته ) (12) .

  مواقف مذهلة
  لو تأملنا بعض مواقف الحوراء زينب الساخنة لعرفنا مدى القدرة والمعنوية التي تميزت بها هذه البطلة المؤمنة ولا عجب من ذلك اذا ما ادركنا ( انها كانت نتاج تربية امير المؤمنين ( ع ) وانها كانت تتمتع بالوعي الرسالي والادراك والعلم من مصدره الصحيح ، ادركنا ايضاً ان غيرها ماكان ليقدر على القيام بالمهام العديدة التي اخذت على عاتقها القيام بها ، ومنها الحفاظ على النساء والاطفال والقيام بمهمة الاعلام المضاد لدولة الانحراف الاموية اليزيدية ، وقد نجحت حقاً بلفت الانظار الا قضية الحسين كقضية للامة المسلمة وان الحسين ( ع ) كان يدافع عنها ويحرص على وجودها كأمة اسلامية لا كأمة دون هوية دون رسالة كبيرة ، كرسالة الإسلام التي حملتها ثم ارادت القيادات المنحرفة ان تتخلى عنها (13).
  ان المصائب التي مرت عليها وثبتت امامها لومرت على الجبال لفتتها ، وعلى البحار لبخرتها . . . امرأة ذات عواطف جياشة ترى بام عينها اعز خلق الله عليها من أخوتها وبنيها يقتلون امام اعينها ، ثم لا يكتفي بذلك بل تقطع الرؤوس ترفع على الرماح ويمثل بالاجساد ، مع شدة العطش الذي يفتت الاكباد ، وصراخ الاطفال وعويل النساء وهجوم الاعداء ، مع خستهم وقسوتهم واشتعال النار في الخيام .
  ورغم كل ذلك تقف متماسكة متوازنة ، لم تفقد صوابها ولم تخرج عن اتزانها ، وتحافظ على وعيها وتدير المعركة بكل جدارة ، ان هذا حقاً لامر مذهل تعجز عنها الرجال من اولياء الله فضلاً عن النساء ، ولاغرابة من ذلك فقد اعدت لتلك المهمة في مدرسة الوحي على يد جدها وابيها .
بـأبـي الـتي ورثـت مـصائب امـها          فــغــدت تـقـابـلـها بــصـبـر ابـيـهـا
لم تله عن جمع العيال وحفظهم          بــفــراق اخــوتـهـا وفــقـد iiبـنـيـها
  بذلك اصبحت مضهراً لقدرة الله تعالى التي تتجلى في عبادة الصابرين ، وتجلياً لشخصية محمد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ( صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) . . . ولنمر سريعاً على بعض مواقفها العظيمة والتي لا تزال آثارها ترن في مسامع الاجيال ، ونذكر من تلك المواقف موقفهاً حين رأت اخاها وحيداً فريداً تتناوشه سهام الغدر وسيوف الظلم الى ان سقط على الارض يجود بنفسه والاعداء تحيط به من كل جانب ( اي هول كانت ترى زينب وأية آلام هائلة كانت تعاني ؟ فمشهد الإمام الوحيد الجريح وهو يغالب حشد الاعداء ، ويقاومهم ويقف بوجوههم بذلك الصبر والثبات يتقي سيوفهم ورماحهم ونبالهم ، ويشد على فرسانهم وهو يقاتل على رجليه ، ثم يتلقى بعد ذلك عشرات من الطعنات الغادرة ، كأن هذا فوق طاقتها حتى وان كانت هي زينب بنت امير المؤمنين ( ع ) فهل ملك رسول الله ( ص ) نفسه دموعه وهو يرى ماسيجري على ولده في كربلاء حتى تملكها زينب فلا تفيض ولاتنطلق محاولة انقالذ اخيها ، واستنهاض ما مات من غيرة وشهامة في نفوس اولئك الذين ادعوا انهم من محبي ومالي رسول الله ( ص ) ؟ .
  كان الحسين ( عليه السلام ) في تلك الحال اذ خرجت زينب ( سلام الله عليها ) وهي تقول ليت السماء انطبقت على الارض ، وآاخاه وآسيداه وآاهل بيتاه .
  وقد دنا عمر بن سعد من الحسين ( ع ) فقالت : ( يا عمر ابن سعد ، ايقتل ابوعبدالله وانت تنظر اليه ) ، فدمعت عيناه وهي تسيل على خده ولحيته ، وصرف بوجهه عنها ولم يجيبها بشيء فنادت : ( ويلكم أما فيكم مسلم ) ، فلم يجيبها أحد بشيء (14) .

  اللهم تقبل منا هذا القربان
  ان القلم ليجف واللسان ليخرس والقلوب ترتجف عند هذه العبارة اذا وعينا الظرف الذي قيلت فيه . . . ( أية كلمة على قصرها ابلغ من هذه الفقرة القصيرة الكبيرة بمضمونها ، واهتز المشاهدون لهذا المشهد ، فزينب لم تصرخ ولم تبكِ انما قصدت جسد اخيها لتوعد الله يتقبل من هذا البيت الطاهر قربان العقيدة وفداء الايمان ) (15) ( اللهم تقبل منا هذا القربان ) ، هذه الكلمة التي سمرة قائد الجيش الاموي عمر إبن سعد ، وأذهلته ، وأفقدته وعيه وحتى ذلك الفظ الجلف شمر بن ذي الجوشن فقد اشاح بوجهه عنها ، ومهما حاول المشاهدون بالتظاهر باللامبالاة ولكن العوامل النفسية بدات تتصارع في اعماقهم ، ولا نقول ضمائرهم تحركت فضمائرهم قد احتضرت منذ تحركهم للمعركة (16) .
  انها كلمة الشكر لله تعالى والتحدي للظالمين ، وبيان لقيمة العقيدة التي يجب ان يقدم المؤمن من اجلها كل شيء ، فلو كان ذلك المقدم دم رسول الله ( ص ) فليس هناك اغلى واقدس من دم الحسين ( عليه السلام ) الذي هو دم رسول الله ( ص ) لان الحسين من رسول الله ورسول الله من الحسين ، ( حسين مني وانا من حسين ) .
  لوانتقلنا من هذا الموقف الرهيب الى موقف ارهب ، حيث تمر زينب وهي ترعى النساء والاطفال وامام عظيم تريد ان تحفظه من كيد الغادرين ، في هذه الحال تمر على الاجساد المقطعة الرؤوس ، والرؤوس منصوبة على الرماح نصب عينيها ، فترى الإمام السجاد ( ع ) يجود بنفسه من شدة الالم وهول المنظر وفظاعة الفاجعة ، التي شهدها بأم عينه وهو مقيد على الجمال ، هنا ترقب زينب هذه الحالة التي اخذت الإمام ( ع ) وهي حالة وجدانية تصيب الانسان من شدة الحزن . . . وليست حالة جزع كما وصفها الشيخ القرشي فالجزع لايتنافى مع شخصية المعصوم ( ع ) لكن قد ظهر عليه الحزن العميق والاسى الشديد كما اصيب النبي يعقوب ( ع ) بحزنه على ولده يوسف فلا عجب إذا كان الإمام زين العابدين ( ع ) يجود بنفسه وهي أعلى درجات الحزن ولكن لاتدخله في الجزع وانما القلب يحزن والعين تدمع ولايقول ما يغضب الرب كما جاء عن جده المصطفى ( ص ) .
  حين رأت الحوراء زينب ( ع ) تلك الحالة قد ظهرت على الإمام ( ع ) بادرت اليه مسلية ، وهي تقرأ ما يستبطن هذا المشهد المروع من أسرار لايعلمها الله والراسخون في العلم فقالت :
  ( مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأخوتي . . . فوالله ان ذلك لعهد من رسول الله ( ص ) إلى جدك وأبيك وعمك ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الامة ، لانعرفهم فراعنة الارض وهم معروفون في أهل السماوات انهم يجمعون هذه الاعظاء المتفرقة فيوارونها ، وهذه الجسوم المضرجة ، وينصبون لهذا الطف علما لقبر ابيك سيد الشهداء ، لايدرس أثره ولايعفو رسمه على كرور الليالي والايام ، وليجتهدن أئمة الكفر واشياع الظلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وامره إلا علواً ) (17) .
  ولعل الحوراء زينب ( ع ) ، لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أبيها ( ع ) ورأت عليه اثر الموت قالت له : ( يا ابتي حدثتني أم ايمن بكذا وكذا وقد احببت ان اسمعه منك ) ، فقال : ( يا بنيه الحديث كما حدثتك أم أيمن ).
  وهذا الحديث الطويل يؤكد ماقلناه أن الحسين ( ع ) هو ذخيرة الله في الارض لاحياء شريعته ، وان زينب ( ع ) اعدت اعداداً خاصاً من رسول الله ( ص ) وامير المؤمنين ( ع ) واخويها ( عليهما السلام ) لمواصلة ثورة الحسين ( عليه السلام ) وحفظها من التشويه الاعلامي ( وكان امراً في غاية الاهمية ان يصل صوته للامة كلها وان تعرف المعركة وما دار فيها من أمور وحوادث وما فعله الحسين وقاله وما فعلوه اصحابه وما فعلوه اعداءه ايضاً ، اذ كيف تتفاعل هذه الامة مع حدث لم تعرف تفاصيله وكأنها تشهده ؟! وكيف يتم الامر دون شهود حقيقين عاشوا الاحداث وشهودها ليرووا للامة تفصيلاتها بدقة وصدق بعيداً عن التلفيقات والاكاذيب الاموية ) (18) .

  خطبة زينب في الكوفة
  قال بشير بن خزيم الاسدي : نظرت الى زينب بنت علي ( ع ) يومئذٍ ولم ارى والله خفرة قط منها ، كأنما تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ( ع ) وقد اومأت الى الناس اسكتوا ، فأرتدت الانفاس وسكنت الاجراس ، ثم قالت : ( الحمد لله والصلاة على ابي محمد وآله الطيبين الاخيار اما بعد :
  يا أهل الكوفة يا اهل الختل والغدر ، اتبكون ؟ فلا رقأت الدمعة ، ولاهدأت الرنة ، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلاً بينكم الا وهل فيكم الا الصلف والنطف وملق الاماء ، وغمز الاعداء ، او كمد على دمنة ، او كفضة على ملحودة ، الا ساء ماقدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون ، اتبكون وتنتحبون اي والله فأبكوا كثيراً واضحكوا قليلاً ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً ، وانى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء ، وسيد شباب اهل الجنة ، وملاذ حيرتكم ومفزع نازلتكم ، ومنار حجتكم ، ومدرة سنتكم ؟ الا ساء ما تزرون وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبت الايدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة ، ويلكم يا اهل الكوفة اي كبد لرسول الله فريتم ؟ واي كريمة له ابرزتم ؟ واي دمٍ له سفكتم ؟ واي حرمة له انتهكتم ؟ لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سواء فقحاء - وفي بعضها : خرقاء شوهاء - كطلاع الارض وملاء السماء افعجبتم ان قطرت السماء دماً ؟ ولعذاب الاخرة اخزى وانتم لا تنصرون ، فلا يستخفنكم المهل ، فأنه لا تحفزه البدار ، ولايخاف فوت الثار ، وان ربكم لبالمرصاد ) .
  قال فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا يديهم في افواههم ، ورأيت شيخاً واقفاً الى جنبي يبيكي حتى اخضلت لحيته ، وهو يقول : بأبي انتم وامي ، كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ونساءكم خير النساء ونسلكم خير نسل ، لايخزى ولايبزى .

  نستنتج من خطبة زينب (عليها السلام ) مايلي
  1- لقد كشفت الظن الزائف ليزيد بل لجميع الطغاة على مر التاريخ حسبانهم ان ما حققوه من غلبة على اعدائهم بالظلم والعدوان كرامة وقوة وعظمة ، وهو في الحقيقة ضعف وخسارة ، لانه تجاوز على حدود العقل والشرع والمنطق السليم ، واستشهدت بقوله تعالى : ( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) .
  2 - كشف عمق الجريمة الاموية في هتك حرمات العائلة النبوية من خلال الاستعراض العام لحرائر آل محمد من بلد الى بلد وهي جريمة لاتدانيها جريمة اخرى وهي سبي بنات رسول الله ( ص ) وهذا ما لاتعرف له الانسانية مثلاً في سابق عهدها .
  3 - اعادت للاذهان ان ماقدم عليه يزيد امتداد لما اقدمت عليه جدته هند وجده ابو سفيان في حرب رسول الله ( ص ) وان هذه الجريمة هي امتداد لتلك الجريمة التي اقدمت عليها جدته حين مضغت كبد حمزة عم الرسول .
  4 - ثم تُعلم يزيد بقصر مدته ، وما سيقع فيه من ندم وحسرة يوم يقف بين يدي الله ، ويتمنى لو إنه شلت يداه وبكم لسانه لما سيلاقيه من عذاب اليم .
  5 - ثم اوضحت حقيقة الهية ان كل جريمة او فعل قبيح يقدم عليه الانسان انما يضر نفسه ، ويحرق بها مستقبله ولهذا تخاطب يزيد قائلة : ( فوالله ما فريت الا جلدك ، ولاحززت الا لحمك ) ، وان الموت الحقيقي قد حل بك وبأضرابك واسلافك ، وان الحياة الخالدة قد منحت للذين قتلتهم ومثلت بأجسادهم ورفعت رؤوسهم على الرماح واكدت ذلك بأستشهادها بقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ).
  6 - ورغم مااقدمت عليه يا يزيد من جريمة شنيعة ، فأن مصيرك الى بؤس وعذاب ، لانك خاصمت الله ورسوله ( ص ) ومن كان الله خصمه افلج حجته ، واهلكه في الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين .
  7 - ثم تستصغر قدر يزيد وتستحقره وتهينه بعبارة دامغة لاذعة فتقول انني اكبر من ان اخاطبك ، وانت احقر من ان اقرعك واوبخك ، لانك اصغر واحقر من ان توبخ ، فحتى التوبيخ والتقريع في حقك كثير فما انت الا كالانعام بل اضل سبيلا ، وهل تنتفع الانعام بالتوبيخ والتقريع ؟ .
  8 - ثم تبدي عجبها واستغرابها ، لتسلط حزب الشيطان المجرم على الاولياء من حزب الله تعالى النجباء الاطهار الازكياء .
  9 - ثم تتحداه ان يحقق اهدافه التي يصبو اليها ، وهي محو ذكر اهل البيت واماتت وحيهم .
  10 - ثم تحمد الله وتشكره على النعم العظيمة التي افاضها على آل محمد حيث ختم لاولهم وهو رسول الله ( ص ) بالسعادة والمغفرة في الدنيا والآخرة ولآخرهم وهو الحسين في اداء دوره الذي اناطه رسول الله ( ص ) به .

  خطبة فاطمة الصغرة
  الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش الى الثرى ، احمده وأومن به ، وأتوكل عليه واشهد ان لا اله الا الله ، وحده لاشريك له ، وان محمد عبده ورسوله ( ص ) وان ولده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا تراب .
  يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، فأننا اهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا ، فجعل بلائنا حسناً ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا عيبه علمه ووعاء فهمه وحكمته ، وحجته في بلاده ولعباده ، اكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد ( ص ) على كثير مما خلق تفضيلاً بيننا فكذبتمونا وكفرتمونا ، ورأيتم قتلنا حلالاً . . . الخ .
  ثم قالت تباً لكم يا اهل الكوفة ، اي ترات لرسول الله قبلكم ، ذحول له لديكم ، بما عندتم بأخيه علي ابن ابي طالب (عليه السلام ) جدي ، وبنيه عترة النبي الطاهرين الاخيار وافتخر بذلك مفتخركم فقال :
نـحن قتلنا عليا وبني iiعلي          بــسـيـوف هــنـديـة iiورمـــاح
وسبينا نساءهم سبي ترك          ونـطـحـنـاهم فــــأي نــطــاح
  ايها القائل الكثكث ، ولك الاثلب ، افتخرت بقتل قوم رعاهم الله وطهرهم واذهب عنهم الرجس ، فأكظم وأوقع ما اقعى ابوك ، انما لكل امرء ما قدمت يداه ،حسدتمونا وبلاكم على ما فضلنا الله عليكم .
فما ذنبنا ان جاش دهر بحورنا          وبـحرك سـاج لايـوارى iiالدعاما
  قال : فأرتفعت الأصوات بالبكاء وقالوا : حسبك يا ابنة الطيبين فقد احرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا ، واضرمت اجوافنا ، فسكتت عليها وعلى ابيها وجدها السلام .

  خطبة أُم كلثوم بنت الإمام علي
  خطبت ام كلثوم بنت الإمام علي ( ع ) في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت : يا أهل الكوفة سوءةٌ لكم ، مالكم خذلتم حسيناً وقتلتموه ، وانتهبتم امواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه ، فتباً لكم وسحقا .
  ويلكم اتدرون اي دواه دهتكم ؟ واي وزر على ظهوركم حملتم ؟ واي دماء سفكتموها ؟ واي كريمة اصبتموها ؟ واي صبية سلبتموها ؟ واي اموال انتهبتموها ؟ قتلتم خير رجالات بعد النبي ، ونزعت الرحمة من قلوبكم الا ان حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت :
قــلـتـم اخـــي صــبـراً فــويـلٌ iiلأمــكـم          ســتــجــزون نـــــاراُ حـــرهــا iiيــتــوقـدُ
سـفـكـتم دمـــاءً حـــرم الله iiسـفـكـها          وحــرمــهــا الـــقـــرآن ثــــــم مــحــمـدُ
الا فــأبــشـروا بــالــنـار انـــكــم iiغــــداً          لــفــي ســقـرَ حــقـا يـقـيـناً iiتـخـلـدوا
وإنـي أبـكي فـي حـياتي عـلى iiأخي          على خير الخدِ مني ذائباً ليس يجمدُ
  قال فضج الناس بالبكاء والنحيب والنوح ، ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن، وضربن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال فلم يرى باكية وباك اكثر من ذلك اليوم .

  نساء اخريات شاركن في واقعة الطف
  لم تكن نساء اهل البيت ( عليهم السلام ) وحدهن قد شاركن الحسين في واقعة الطف ، إنما هناك نساء أُخَر كان لهن دور فعّال ومؤثر في المعركة وقبلها وبعدها ، بل ان البعض من النساء لم تكتف بأستنكار الموقف المخزي الذي وقفته الدولة الاموية واعوانها من الحسين ( ع ) في معركة الطف ، وانما قيام بعضهن بالمشاركة في هذه المعركة ، ومرافقة ازواجهن وبنيهن الى كربلاء ، وبذل جهد كبير لحثهم على الدفاع عن الحسين ( ع ) ، بل والنزول الى الساحة بأنفسهم للمشاركة وقد قتلت احداهن فعلاً في تلك الساحة ، كما سيتضح لنا ذلك من خلال متابعة مواقفهن ، ونحن نذكر بعضاً من ذلك :
  1 - مارية ابنة سعد
  وهي نموذج نسائي يتسم بالوعي والتحضير للمعركة ،فقد كان بيتها مركزاً يجتمع فيه الشيعة ، ليتحدثوا في فضائل اهل البيت ، وقال يزيد بن نبيط من عبد القيس لاولاده وهم عشرة : ( ايكم يخرج معي ؟ فأنتدب منهم اثنين عبد الله وعبيد الله ، وقال له اصحابه في بيت تلك المراة : نخاف عليك اصحاب ابن زياد ، قال : اني والله لوقد استوت اخفافهما بالجدد لهان علي طلب من طلبني ، وصحبة مولاه عامر ، وسيف ابن مالك والادهم بن امية ، فوافوا الحسين ( ع ) بمكة ، وضموا رحلهم الى رحله حتى وردو إلى كربلاء ، وقتلوا معه ) (19) .
  2 - طوعة :
  وهي امرأة كانت للاشعث بن قيس فاعتقها فتزوجها اسيد الحضرمي فولدت له بلالاً ، وقصتها مع مسلم معروفة (20) . . . إلا إن جلالة موقفها يتجلا لنا من خلال ايوائها مسلم وهي تعرف به ، وتعرف بقسوة ووحشية ابن زياد ، وما سيحل بها لو كشف اختفاء مسلم في بيتها ورغم ذلك كله اخفته وتحملت كل المصاعب والمصائب ، وهي دلالة على قوة ايمانها وعمق ولائها ولم يكشف لنا التاريخ عن مصيرها بعد ذلك . . .
  3 - دلهم بنت عمر
  وهي زوجة زهير بن القين كان لها الدور الفاعل والمؤثر في تغير موقف زهير ، فحين تلكأ عن الاستجابة لدعوة الحسين ( ع ) له لنصرته انبرت بكل جرأة وشجاعة ايمانية الى زوجها فنادته بروح فياضة بالايمان والقداسة لاهل بيت النبوة فقالت : ( سبحان الله ايبعث اليك ابن بنت رسول الله ثم لاتأته فلو اتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت ) (21) .
  4 - ام وهب بنت عبد
  وهي زوجة عبد الله بن عمير بن عباس الكلبي وكان هذا الرجل بطلاً شجاعاً شريفاً ، نزل الكوفة ومعه زوجته ام وهب ، وعند قدوم الحسين ( ع ) الى الكوفة رأى ما يجري من استعداد لمقاتلته ، وتجمع قوى الضلال بالنخيلة يعرضون ليسرحوا الى الحسين فسأل عنهم فقيل له : يسرحون الى الحسين (عليه السلام ) بن فاطمة بنت رسول الله ( ص ) فقال والله لقد كنت على جهاد اهل الشرك حريصاً ، واني لارجو ان لايكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم ايسر ثوابا عند الله من ثوابه اياي في جهاد المشركين ، ثم دخل على امرأته فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد فقالت : اصبت اصب الله بك ارشد امورك ، افعل وأخرجني معك ،قال فخرج بها ليلاً حتى اتى الحسين ( ع ) فأقام معه ، استأذن ابو وهب الحسين ( عليه السلام ) للمبارزة ولما برز للقتال ، وراح يجندل الفرسان ولما قطعت يساره بضربة وجهها اليه سالم مولى يسار ، اقبل نحو الحسين وهو يرتجز امامه :
إن تـنـكـروني فــأنـا ابـــن iiالـكـلب          حسبي بيني في عليم حسبي
إنــــي امــــرؤ ذو مــــرة iiوعــصــب          ولــسـت بـالـخـوار عــنـد الــحـرب
انـــــي زعـــيــم لــــك ام iiوهــــب          بـالـطعن فـيـهم مـقـدما iiوالـحـرب
  وما ان رأت ام وهب بطولة زوجها حتى اخذت عموداً وهي تقول : فداك امي وابي قاتل دون الطيبين ذرية محمد (ص ) ، فأقبل اليها يردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ، لن ارجع دون ان اموت معك ، واستجاب الله لدعاء ام وهب حيث امر الخبيث الشمر غلامه رستم ان يضرب رأسها بالعمود فأستشهدت مكانها ، ويقول المؤرخ انها اول امرأة قتلت من اصحاب الحسين (عليه السلام) .

  الهوامش
  (1) محمد نعمه السماوي ـ موسوعة الثورة الحسينية .
  (2) القرشي ـ السيدة زينب رائدة الجهاد .
  (3) صحيح الترمذي 2 \ 308 نقلاً عن كتاب السيدة زينب للقرشي .
  (4) النقدي ـ زينب الكبرى .
  (5) النقدي ـ زينب الكبرى .
  (6)النقدي ـ زينب الكبرى .
  (7) السيد الخوئي ـ معجم رجال الحديث .
  (8) محمد بن عبد الله بن جعفر امه الخوصاء بنت حفصة من ثقيف . . . راجع ابصار العين في انصار الحسين .
  (9) ابن الاثير ـ اسد الغابة .
  (10) المحدث القمي ـ سفينة البحار .
  (11) السيد الامين ـ اعيان الشيعة .
  (12) القرشي ـ السيدة زينب ( ع ) 223 .
  (13) محمد نعمة السماوي ـ موسوعة الثورة الحسينية .
  14) محمد نعمة السماوي ـ موسوعة الثورة الحسينية .
  (15) محمد بحر العلوم ـ في رحاب السيدة زينب ( 6 ) .
  (16) محمد بحر العلوم ـ في رحاب السيدة زينب ( 6 ) .
  (17) ابن قولويه ـ كامل الزيارات وبحار الانوار والعوالم ( الإمام الحسين ) .
  (18) محمد نعنة السماوي ـ موسوعة الثورة الحسينية .
  (19) الطبري ـ تاريخ الامم والملوك ، والإمام الحسين ( علية السلام ) القرشي .
  (20) راجع ذكر خبرها في الارشاد والمناقب لآل ابي طالب .
  (21) الشيخ محمد مهدي الاصفي ـ في رحاب عاشوراء .