يتزوّج بها في زمن عدّتها بخلاف غيره ـ أي غير الواطيء ـ فإنّه لايجوز له ذلك على الأقوى.
  6 ـ لا فرق في حكم وطء الشبهة من حيث العدّة ونحوها بين أن يكون مجرّداً عن العقد أو معه ، بأن وطىء المعقود عليها بتوهّم صحّة العقد مع فساده واقعاً ـ أي لوكان قد اعتقد صحة العقد ولكنّه كان باطلا في الواقع ـ فلا يسقط وجوب العدّة على المرأة التي وُطئت اشتباهاً على هذا النحو.
  7 ـ إذا كانت الموطوءة شبهة معتدّة بعدّة الطلاق أو الوفاة فوُطئت شبهة، أو وُطئت شبهة ثمّ طلّقها زوجها أو مات عنها فعليها عدّتان ـ على الأحوط وجوباً ـ فإن كانت حاملا من أحدهما تقدّم عدّة الحمل، فبعد وضعه تستأنف العدّة الاُخرى أو تستكمل الاُولى ـ أي تتمّم ما بقي من العدّة ، وإن لم تكن حاملا تقدّم الأسبق منهما، وبعد تمامها تستقبل عدّة اُخرى من الآخر، وهكذا الحكم فيما إذا وطىء المرأة رجل شبهة ثمّ وطئها آخر كذلك فإنّ عليها عدّتان منهما من غير تداخل ـ على الأحوط وجوباً ـ أي لكلّ سبب عدّة على حدة ـ نعم لا إشكال في التداخل إذا وطئها رجل شبهة مرّة بعد اُخرى.
  8 ـ إذا طلّق زوجته بائناً ثمّ وطئها شبهةً ، فهل تتداخل العدّتان، تستأنف عدّة للوطء وتشترك معها عدّة الطلاق ، أو لا تتداخل؟ قولان أقواهما الأوّل من دون فرق بين كون العدّتين من جنس واحد أو من جنسين، بأن يطلّقها حاملا ثمّ يطأها شبهة، أو يطلّقها حائلا ثمّ يطأها شبهة فتحمل منه .
  9 ـ مبدأ عدّة وطء الشبهة المجرّدة عن التزويج حين الفراغ من الوطء ، وأمّا إذا كان مع التزويج الفاسد فهل هو كذلك ، أو من حين تبيّن الحال ؟ وجهان ، والأحوط لزوماً الثاني.

احكام المرأة والأسرة 227
عدة المتمتع بها
  1 ـ عدّة المتمتع بها في الحامل مدّة حملها ، وفي الحائل ـ أي غير الحامل ـ المدخول بها ـ غير الصغيرة واليائسة ـ حيضتان كاملتان ، ولا تكفي فيها حيضة واحدة على الأحوط وجوباً ، هذا إذا كانت ممّن تحيض ، وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فعدّتها خمسة وأربعون يوماً .
  2 ـ مبدأ عدّة المتمتع بها من حين انقضاء المدّة أو هبتها ـ أي يبرأها الزوج ويهبها المدّة ـ فإذا انقضت مدّتها وهي لا تدري ، أو وهبها لها ولم يبلغها الخبر إلاّ بعد مدّة حاضت خلالها مرّتين مثلا، فقد انقضت عدّتها وليس عليها عدّة بعد بلوغ الخبر إليها.
  3 ـ إذا مات زوج المتمتع بها في أثناء مدّتها وجبت عليها عدّة الوفاة كما في الدائمة، وأمّا لومات بعد انقضاء المدّة أو هبتها وقبل تمام عدّتها لم تنقلب عدّتها إلى عدّة الوفاة، لأنّها بائنة وقد انقطعت عصمتها ، وأمّا إذا مات مقارناً للانقضاء ـ أي كان وقت موته مقارناً لانقضاء العدّة، فيحتملّ وجوب عدّة الوفاة عليها، ولكنّ الأظهر عدم ثبوتها أيضاً.
  4 ـ إذا عقد على امرأة بالعقد المنقطع، ثمّ وهبها المدّة بعد الدخول ، ثمّ تزوّجها دواماً أو انقطاعاً ، ثمّ طلّقها أو وهبها المدّة قبل الدخول ، ففي جريان حكم الطلاق ، أو هبة المدّة قبل الدخول في عدم ثبوت العدّة عليها وعدمه ـ أي وعدم جريان حكم الطلاق ـ وجهان أقواهما الثاني، ولكنّه لايجب عليها استئناف العدّة، بل اللازم إكمال عدّتها الاُولى.

احكام المرأة والأسرة 228
5 ـ عدّة الوفاة
  1 ـ إذا توفّي الزوج وجب الاعتداد على زوجته ، صغيرة كانت أم كبيرة، يائسة كانت أم غيرها ، مسلمة كانت أم كتابيّة ، مدخولا بها أم غيرها، دائمة كانت أم متمتعاً بها ، ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير والعاقل وغيره.
  ويختلف مقدار العدّة تبعاً لوجود الحمل وعدمه ، فإذا لم تكن الزوجة حاملا اعتدّت أربعة أشهر وعشرة أيام ، وإن كانت حاملا كانت عدّتها أبعد الأجلين أكثرهما مدّة من هذه المدّة أي الأربعة شهر وعشرة أيام ووضع الحمل ، فتستمر الحامل في عدّتها إلى أن تضع ، ثمّ ترى فإن كان قد مضى على وفاة زوجها حين الوضع أربعة أشهر وعشرة أيام فقد انتهت عدّتها ، وإلاّ استمرت في عدّتها إلى أن تكمل هذه المدّة.
  2 ـ المراد بالأشهر هي الهلاليّة ـ أي الهجريّة القمريّة ـ فإن توفي الزوج أول رؤية الهلال اعتدّت زوجته بأربعة أشهر هلاليّات ، وضمّت إليها من الشهر الخامس عشرة أيام، وإن مات في أثناء الشهر فعليها أن تجعل ثلاثة أشهر هلاليّات في الوسط ، وتكمل نقص الشهر الأوّل من الشهر الخامس ثلاثين يوماً على الأحوط وجوباً ، وتضيف إليها عشرة أيام أخرى، والأحوط الأولى ـ أي الأفضل ـ أن تحتسب الشهور عدديّة بأن تعدّ كلّ شهر ثلاثين يوماً، فتكون المدّة مائة وثلاثين يوماً .
  3 ـ إذا طلّق زوجته ثمّ مات قبل انقضاء العدّة، فإن كان الطلاق رجعيّاً بطلت عدّة الطلاق واعتدّت عدّة الوفاة من حين بلوغها الخبر ، فإن كانت حائلا اعتدّت

احكام المرأة والأسرة 229
  أربعة أشهر وعشراً ، وإن كانت حاملا اعتدّت بأبعد الأجلين منها ومن وضع الحمل كغير المطلّقة، وإن كان الطلاق بائناً اقتصرت على إتمام عدّة الطلاق ولا عدّة عليها بسبب الوفاة.
  4 ـ كما يجب على الزوجة أن تعتّد عند وفاة زوجها، كذلك يجب عليها الحداد مادامت في العدّة، والمقصود به ترك ما يعدّ زينة لها سواء في البدن أم في اللباس ، فتترك الكحل والطيب والخضاب والحمرة والخطاط، ونحوها ، كما تجتنب لبس المصوغات الذهبيّة والفضيّة وغيرها من أنواع الحلي ، وكذا اللباس الأحمر والأصفر ونحوهما من الألوان التي تعدّ زينة عند العرف ، وربّما يكون اللباس الأسود كذلك إمّا لكيفيّة تفصيلة أو لبعض الخصوصيّات المشتمل عليها مثل كونه مخطّطاً، أي مقلّماً .
  وبالجملة، عليها أن تترك في فترة العدّة كلّ ما يعدّ زينة للمرأة بحسب العرف الاجتماعي الذي تعيشه ، ومن المعلوم اختلافه بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة والتقاليد ، وأمّا ما لا يعدّ زينة لها مثل تنظيف البدن واللباس وتقليم الأظفار والاستحمام وتمشيط الشعر ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة وتزيين أولادها فلا بأس به .
  5 ـ لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والكتابيّة ، كما لا فرق بين الدائمة والمتمتع بها ، وهل يجب على الصغيرة والمجنونة أم لا؟ قولان ، أشهرهما الوجوب ، بمعنى وجوبه على وليّهما فيجنّبهما التزيين ما دامتا في العدّة، وفيه إشكال ، بل لا يبعدعدم وجوبه عليها (1).
  6 ـ لافرق في الزوج المتوفّى بين الكبير والصغير، ولابين العاقل والمجنون ،

(1) أي لايجب الحداد على الصغيرة والمجنونة.

احكام المرأة والأسرة 230
  فيجب الحداد على زوجة الصغير والمجنون عند وفاتهما، كما يجب على زوجة الكبير والعاقل عندها .
  7 ـ الظاهر أنّ الحداد ليس شرطاً في صحة العدّة، بل هو تكليف استقلالي في زمانها ، فلو تركته عصياناً أو جهلا أو نسياناً في تمام المدّة أو في بعضها لم يجب عليها إستئنافها ، أو تدارك مقدار ما اعتدّت بدونه ، فيجوز لها التزوّج بعد انقضاء العدّة على كلّ تقدير .
  8 ـ لايجب على المعتدّة عدّة الوفاة أن تبقى في البيت الذي كانت تسكنه عند وفاة زوجها ، فيجوز لها تغيير مسكنها والانتقال إلى مسكن آخر للاعتداد فيه .
  كما لا يحرم عليها الخروج من بيتها الذي تعتدّ فيه، إذا كان لضرورة تقتضيه ، أو لأداء حقّ أو فعل طاعة ، أو قضاء حاجة ، نعم يكره لها الخروج لغير ما ذكر، كما يكره لها المبيت خارج بيتها على الأقرب.
  9 ـ مبدأ عدّة الوفاة فيما إذا كان الزوج حاضراً من حين وقوعها، وأمّا إذا كانّ غائباً فمن حين بلوغ الخبر الى زوجته، بل لايبعد ذلك في الحاضر أيضاً إذا لم يبلغها خبر وفاته ، إلاّ بعد مدّة لمرض أو حبس أو غير ذلك فتعتدّ من حين إخبارها بموته ، وفي عموم الحكم للصغيرة والمجنونة إشكال، فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، أي يشمل هذا الحكم الصغيرة والمجنونة على الأحوط وجوباً .
  10 ـ هل يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه أن يكون حجّة شرعاً ، كأن يكون بيّنة عادلة أو موجباً للعلم أو الاطمينان؟ وجهان، أظهرهما ذلك ـ أي يعتبر في الإخبار أن يكون عن طريق بيّنة أو يكون موجباً للعلم والاطمئنان ـ فلو أخبرها شخص بوفاة زوجها الغائب ولم تثق بصحة خبره لم يجب عليها الاعتداد من حينه ،

احكام المرأة والأسرة 231
  ولو اعتدّت ثمّ ظهر صحّة الخبر لم تكتفِ بالاعتداد السابق، بل عليها أن تعتدّ من حين ثبوت وفاته عندها .

في أحكام المفقود زوجها
المفقود المنقطع خبره عن أهله على قسمين : القسم الأوّل:
  من تعلم زوجته بحياته ولكنّها لاتعلم في أيّ بلد هو، وحكمها حينئذ لزوم الصبر والانتظار إلى أن يرجع إليها زوجها، أو يأتيها خبر موته أو طلاقه أو ارتداده، فليس لها المطالبة بالطّلاق قبل ذلك وإن طالت المدّة، بل وإن لم يكن له مال ينفق منه عليها ولم ينفق عليها وليّه من مال نفسه .
  نعم ، إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي أنّه قد هجرها تاركاً أداء مالها من الحقوق الزوجيّة، وقد تعمّد إخفاء موضعه لكي لا يتسنّى للحاكم الشرعي ـ فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه ـ أن يتّصل به ويلزمه بأحد الأمرين: إمّا أداء حقوقها ، أو طلاقها .
   ويطلّقها ـ أي الحاكم الشرعي ـ لو تعذّر إلزامه بأحدهما ، ففي هذه الحالة يجوز للحاكم الشرعي أن يطلّقها فيما إذا طلبت منه ذلك .
القسم الثاني:
  من لاتعلم زوجته حياته ولاموته ، وفيه حالتان:
الحالة الاُولى:
  أن يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته ، أو يقوم وليّه بالإنفاق عليها من مال نفسه، وفي هذه الحالة يجب على الزوجة الصبر والانتظار كما في القسم الأوّل المتقدّم، وليس لها المطالبة بالطلاق مادام ينفق عليها من مال زوجها أو من مال وليّه وإن طالت المدّة.
الحالة الثانية:
  أن لايكون للزوج مال ينفق منه على زوجته ، ولاينفق عليها وليّه

احكام المرأة والأسرة 232
  من مال نفسه ، وحينئذ يجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله في ذلك ، فيؤجّلها أربع سنين ويأمر بالفحص عنه خلال هذه المدّة، فإن انقضت السنين الأربع ولم تتبيّن حياته ولاموته أمر الحاكم وليّه بطلاقها ، فإن لم يقدم على الطّلاق أجبره على ذلك ، فإن لم يمكن إجباره ، أو لم يكن له وليّ طلّقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتدّ أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا خرجت من العدّة صارت أجنبيّة عن زوجها ، وجاز لها أن تتزوّج ممّن تشاء .
   والظاهر اختصاص هذا الحكم بالنكاح الدائم فلا يجري في المتعة.
  1 ـ ظاهر كلمات جمع من الفقهاء قدّس الله أسرارهم أنّه كما لا يحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته أن تطالب بالطلاق إلاّ مع عدم توفّر مال للزوج ينفق منه عليها ، وعدم إنفاق وليّه عليها من مال نفسه ، كذلك لايحقّ لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي مطالبة إيّاه بتأجيلها أربع سنوات ، والفحص عن زوجها خلال ذلك إلاّ بعد انقطاع الإنفاق عليها من مال الزوج ومن مال وليّه ، ولكنّ الظاهر أنّه يحقّ لها المطالبة بالتّأجيل والفحص في حال الإنفاق عليها أيضاً ، إذا احتمل نفاد مال الزوج وانقطاع وليّه عن الإنفاق عليها قبل تبيّن حياته أو وفاته .
  وفائدة ذلك أنّه لو انقضت السنوات الأربع وقد فحص خلالها عن الزوج ولم تتبيّن حياته ولا مماته جاز لزوجته المطالبة بالطّلاق ، متى انقطع الإنفاق عليها من ماله ومن مال وليّه من غير حاجة إلى الانتظار أربع سنوات اُخرى ، وتجديد الفحص خلالها عنه .
  2 ـ إذا كان للمفقود الذي لاتعلم حياته زوجات اُخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم ، ويجوز للحاكم طلاقهنّ إذا طلبن ذلك ، فيجتزىء بمضيّ المدّة المذكورة

احكام المرأة والأسرة 233
  والفحص عنه بعد طلب إحداهنّ.
  3 ـ المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم أنّه لايحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق وإن مضى على فقده أربع سنوات، مع تحقّق الفحص خلالها عنه إذا لم يكن ذلك بتأجيل من الحاكم الشرعي وأمره بالفحص عنه خلال تلك المدّة، ولكن لا يبعد الاجتزاء بالفحص عنه أربع سنوات بعد فقده مع وقوع جزء من الفحص بأمر الحاكم الشرعي وإن لم يكن بتأجيل منه ، فلو رفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم بعد أربع سنوات مثلا ـ من فقد زوجها ـ مع قيامها بالفحص عنه خلال تلك المدّة أمر الحاكم بتجديد الفحص عنه مقداراً ما ـ مع احتمال ترتّب الفائدة عليه ـ فإذا لم يبلغ عنه خبر أمر بطلاقها على ما تقدّم .
  4 ـ تقدّم أنّه لايحقّ لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطّلاق مادام للمفقود مال ينفق منه عليها، أو ينفق وليّه عليها من مال نفسه ، وليس الحكم كذلك فيما إذا وجد متبرّع بنفقتها من شخص أو مؤسسة حكوميّة أو أهليّة ، فيجوز لها المطالبة بالطّلاق بالشروط المتقدّمة إذا لم ينفق عليها من مال الزوج أو من مال وليّه ، وإن وجد من ينفق عليها من غير هذين الطريقين.
  5 ـ الولي الذي لايحقّ لزوجة المفقود المطالبة بالطّلاق منه مادام ينفق عليها من مال نفسه ، والذي يأمره الحاكم الشرعي ـ مع عدم إنفاقه عليها ـ بطلاقها ، ويجبره على الطلاق لو امتنع منه ، هو أبو المفقود وجدّه لأبيه ، وإذا كان للمفقود وكيل مفوّض إليه طلاق زوجته كان بحكم الولي من جهة الطلاق.
  6 ـ لا فرق في المفقود ـ فيما ذكر من الأحكام ـ بين المسافر والهارب، ومن كان في معركة قتال ففقد ، ومن انكسرت سفينته في البحر فلم يظهر له أثر، ومن أخذه

احكام المرأة والأسرة 234
  قطّاع الطّرق أو الأعداء فذهبوا به ، ومن اعتقلته السلطات الحكوميّة فانقطعت أخباره ولم يعلم مكان اعتقاله.
  7 ـ ليس للفحص عن المفقود كيفيّة خاصة ، وطريقة معيّنة ، بل المدار على ما يعدّ طلباً وفحصاً وتفتيشاً ، ويختلف ذلك باختلاف أنواع المفقودين، فالمسافر المفقود يبعث من يعرفه باسمه وشخصه أو بحليته (1) إلى مظانّ وجوده للظفر به ، أو يكتب إلى من يعرفه ليتفقّد عنه فيما يحتمل وجوده فيه من البلاد ، أو يطلب من المسافرين إليها من الزوّار والحجّاج والتّجار وغيرهم أن يتفقّدوا عنه في مسيرهم ومنازلهم ومقامهم ، ويستخبر منهم إذا رجعوا من أسفارهم.
  وأمّا المفقود في جبهات القتال فتراجع بشأنه الدوائر المعنيّة بأحوال الجنود المشاركين في المعركة، أو يُسأل عنه رفاقه العائدون من الجبهات، والأسرى العائدون من الأسر.
  وأمّا المعتقل المفقود فتسأل عنه دوائر الشرطة والجهات الأمنيّة ذات العلاقة، وهكذا .
  8 ـ مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام ـ كما تقدّم ـ ولا يعتبر فيه الاتّصال التّام ، بل يكفي فيه تصدّي الطلب عنه بحيث يصدق عرفاً أنّه قد فحص عنه في تلك المدّة.
  9 ـ المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثاله ، فالمسافر المفقود في بلد مخصوص أوجهة مخصوصة إذا دّلت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث عنه في ذلك البلد أو تلك الجهة، ولايعتبر استقصاء البلد والجهات، ولايعتنى باحتمال

(1) الحلية: أي العلامة التي تدل عليه كالرقم أو الشيء الذي كان معه .

احكام المرأة والأسرة 235
  وصوله الى بلد احتمالا بعيداً .
  10 ـ المسافر المفقود إذا علم أنّه كان في بلد معيّن في زمان ثمّ انقطع أثره، يتفحّص عنه أوّلا في ذلك البلد على النحو المتعارف، بأن يسأل عنه في جوامعه ومجامعه وفنادقه وأسواقه ومنتزهاته ومستشفياته وسجونه ونحوها ، ولايلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش والسؤال، بل يكتفي بالبعض المعتدّ به من مشاهيرها ، ويلاحظ في ذلك زيّ المفقود وصنعته وحرفته، فيتفقّد عنه في المحالّ المناسبة له ويسأل عنه أبناء صنفه وحرفته ، فإذا كان من طلبة العلم ـ مثلا ـ فالمحل المناسب له المدارس ومجامع العلم، فيسأل عنه العلماء وطلبة العلم، وهكذا بقيّة الأصناف كالتّجار ، والحرفيّين والأطباء ونحوهم .
  فإذا تمّ الفحص في ذلك البلد ولم يظهر منه أثر، ولم يعلم موته ولاحياته ، فإن لم يحتمل انتقاله منه إلى محلّ آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص والسؤال ، واكتفي بانقضاء مدّة التربص أربع سنين كما تقدّم ، وإن احتمل الانتقال احتمالا معتدّاً به ، فإن تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه إليها تفحّص عنه في تلك الجهات، ولايلزم الاستقصاء بالتفتيش في كلّ قرية قرية ، ولا في كلّ بلدة بلدة، بل يكتفي ببعض الأماكن المهمّة والمعروفة في كلّ جهة ، مراعياً للأقرب فالأقرب إلى البلد الأوّل، وإذا كان احتمال انتقاله إلى بعضها أقوى فالّلازم جعل محلّ الفحص ذلك البعض، ويكتفي بالفحص فيه إذا بعد احتمال انتقاله إلى غيره .
  هذا فيما إذا علم أنّ المسافر المفقود كان في بلد معيّن في زمان ، وأمّا إذا علم أنّه كان في بعض الأقطار كإيران والعراق ولبنان والهند ثمّ انقطع أثره، كفى الفحص عنه مدّة التربّص في بلادها المشهورة التي تشدّ إليها الرحال مع ملاحظة صنف

احكام المرأة والأسرة 236
  المفقود وحرفته في ذلك .
  وإذا علم أنّه خرج من منزله قاصداً التوجّه إلى بلد معيّن ـ كالعراقي إذا خرج برّاً يريد زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) في مشهده المقدّس بخراسان ثمّ انقطع خبره ـ يكفي الفحص عنه في البلاد والمنازل الواقعة على طريقه إلى ذلك البلد ، وفي نفس ذلك البلد، ولايجب الفحص عنه في الأماكن البعيدة عن الطريق ، فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف ذلك القطر.
  وإذا علم أنّه خرج من منزله مُريداً للسفر ، أو هرب ولايدري إلى أين توجّه ، وانقطع أثره ، لزم الفحص عنه مدّة التربّص في الأطراف والجوانب التي يحتمل وصوله إليها احتمالا معتدّاً به ، ولا ينظر إلى ما بَعُد احتمال توجّهه إليه.
  11 ـ يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص وإن كان النائب نفس الزوجة ، فإذا رفعت أمرها إليه فقال: تفحصّوا عنه إلى أن تمضي أربع سنوات ، ثم تصدّت الزوجة أو بعض أقاربها للفحص والطلب حتى مضت المدّة كفى .
  12 ـ لا تشترط العدالة في النائب وفيمن يستخبر منهم عن حال المفقود ، بل يكفي الاطمينان بصحة أقوالهم.
  13 ـ إذا تعذّر الفحص فالظّاهر عدم سقوطه ، فيلزم زوجة المفقود الانتظار إلى حين تيسّره ، نعم إذا علم أنّه لايجدي في معرفة حاله ، ولا يترتّب عليه أثر أصلا فالظاهر سقوط وجوبه ، ولكن لايجوز طلاقها قبل مضيّ المدّة على الأحوط.
  14 ـ إذا تحقّق الفحص التامّ قبل انقضاء المدّة، فإن احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيداً ـ أي ولو كان احتمال الوجدان ضعيفاً ـ لزم الفحص ، وإن تيقّن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص، ولكن يجب الانتظار إلى تمام المدّة على

احكام المرأة والأسرة 237
  الأحوط (1).
  15 ـ إذا تمّت السنوات الأربع واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب ، بل يكتفي بالفحص في المدّة المضروبة ـ أي المحدّدة شرعاً ـ وهي الأربعة أشهر وعشرة أيام.
  16 ـ يجوز للزوجة اختيار البقاء على الزوجيّة بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلَّق ولو بعد تحقّق الفحص وانقضاء الأجل ، فليست هي ملزَمة ـ أي لايجب عليها ـ باختيار الطلاق ، ولها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار الطّلاق ، وحينئذ لايلزم تجديد ضرب الأجل والفحص ـ أي لايجب عليها الفحص مرّة اُخرى ـ بل يكتفي بالأوّل .
  17 ـ العدّة الواقعة بعد الطلاق من الولي أو الحاكم عدّة طلاق وإن كانت بقدر عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ـ أي بعد انتهاء مدّة الفحص تبدأ العدّة ـ وهو طلاق رجعيّ فتستحقّ النفقة أيّامها ـ أي في أيّام العدّة ـ وإذا حضر الزوج أثناء العدّة جاز له الرجوع إليها ـ وإذا مات أحدهما في العدّة ورثه الآخر ، ولو مات ـ أي أحدهما ـ بعد العدّة فلا توارث بينهما ، وليس عليها حداد بعد الطّلاق في أيّام العدّة.
  18 ـ إذا تبيّن موت الزوج المفقود قبل انقضاء المدّة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدّة الوفاة ، وإذا تبيّن انقضاء العدّة ـ أي عدّة الطلاق اكتفى بها ـ أي بمدّة البحث عن الزوج ـ سواء أكان التبيّن ـ أي العلم بموت الزوج ـ قبل التزوّج من غيره أم بعده ، وسواء أكان موته المتبيّن وقع قبل الشروع في العدّة أم بعدها ، أم في أثنائها أم بعد التزوّج من الغير ، وأمّا لوتبيّن موته في أثناء العدّة تستأنف عدّة الوفاة من حين

(1) الاحتياط هنا وجوبي.

احكام المرأة والأسرة 238
  التبيّن، أي تعيدها حين تبيّن وفاة الزوج.
  19 ـ إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل، فإن كان قبل الطلاق فهي زوجته ، وإن كان بعده ، فإن كان في أثناء العدّة فله الرجوع إليها كما تقدّم ، كما أنّ له إبقاءها على حالها حتى تنقضي عدّتها وتبين ـ أي تنقطع بينهما صلة الزوجيّة فليست بزوجته بعد انتهاء العدة ـ منه ، وإن كان بعد انقضائها ـ أي بعد انتهاء العدّة ـ فإن تزوّجت من غيره فلا سبيل له عليها ـ يعني أنّ زواجها صحيح ولاحقّ للزوج السابق عليها ـ وإن لم تتزوّج ففي جواز رجوعها إليه وعدمه قولان ، أقواهما الثاني، أي لايجوز رجوعها إليه إلاّ بعقد جديد .
  20 ـ إذا تبيّن بعد الطلاق وانقضاء العدّة عدم وقوع المقدّمات على الوجه المعتبر شرعاً ، كأن تبيّن عدم تحقّق الفحص على وجهه ـ أي لم يكن الفحص على الطريقة المطلوبة شرعاً ـ أو عدم انقضاء مدّة أربع سنوات ، أو عدم تحقّق شروط الطلاق أو نحو ذلك، لزم التدارك ولو بالاستئناف (1)، وإذا كان ذلك ـ أي عدم وقوع المقدّمات على الوجه المعتبر ـ بعد تزوّجها من الغير كان باطلا ـ أي كان زواجها الثاني باطلا ـ وإن كان الزوج الثاني قد دخل بها جاهلا بالحال حرمت عليه أبداً على الأحوط وجوباً ، نعم إذا تبيّن أنّ العقد عليها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل أن يبلغ خبره إليها فالعقد وإن كان باطلا إلاّ أنّه لايوجب الحرمة الأبديّة حتى مع الدخول; لعدم كونها حين وقوعه ذات بعل ولاذات عدّة .
  21 ـ إذا حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراكم الأمارات العلم بموته جاز لها ـ بينها وبين الله تعالى ـ أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلى مراجعة الحاكم،

(1) المقصود من الاستئناف اعادة الفحص والطلاق والعدّة جميعاً .

احكام المرأة والأسرة 239
  وليس لأحد عليها اعتراض مالم يعلم كذبها في دعوى العلم، نعم في جواز الاكتفاء بقولها لمن يريد الزواج بها ، وكذا لمن يصير وكيلا عنها في إيقاع العقد عليها إشكال ، أي لايمكن لمن يريد الزواج منها أو من يريد أن يكون وكيلا عنها الاكتفاء بقولها ، ولا بدّ من الاعتماد على قول الحاكم الشرعي.

طلاق الخلع والمباراة
  الخلع في اللغة: هو الإزالة والنّزع ، فإذا قيل : خلعت ثوبي ، فمعنى ذلك أنّه نزعه من جسده .
  وقد ذهب الفقهاء إلى أنّ إطلاق اسم الخلع على هذا النوع من الطلاق مستوحى من الآية الكريمة في قوله تعالى : {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (1)، فوصفت الآية الكريمة أنّ كلاّ من الزوجين بمثابة اللّباس والستر للآخر ، وحينما يقع الطلاق يخلع هذا اللباس.
  1 ـ الخلع في اصطلاح الفقهاء : هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ، وإذا كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة ، وإن كانت الكراهة من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعاً ولا مباراة .
  فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق ، فإذا انضمّ إلى أحدهما تطليقتان حرمت المطلَّقة على المطلِّق حتى تنكح زوجاً غيره ، أي لا تصبح المرأة بائناً في طلاق الخلع إلاّ إذا انضمّ إليه تطليقتان .
  2 ـ يشترط في الخلع جميع ما تقدّم اعتباره في الطلاق ، وهي ثلاثة أُمور:

(1) البقرة 2:187.

احكام المرأة والأسرة 240
  الأوّل: الصيغة الخاصّة ، وهي هنا قوله : (أنتِ أو فلانة أو هذه طالق على كذا) ، ـ أي يذكر الشيء الذي تفدي به المرأة وتعطيه للزوج حتى يطلّقها ـ وهو الشيء المعلّق عليه طلاق الخلع ، أو يقول للزوجة: (خلعتك على كذا) ، أو (أنتِ أو فلانه أو هذه مختلِعة على كذا) بكسر كلمة مختلعة، وفي صحته بالفتح إشكال (1)، ولايعتبر في الأوّل ـ أي في عبارة (أنتِ أو فلانه أو هي طالق على كذا) ـ إلحاقها بقوله: (أنتِ أو فلانه أو هي مختلِعة على كذا) ، أي لايجب أن يقول هذه العبارات بعد أن قال العبارة الأولى، كما لا يعتبر في الأخيرتين ـ أي عبارة : أنتِ أو فلانه أو هي مختلِعة على كذا ـ إلحاقهما بقوله : (فهي أو فأنت طالق على كذا) وإن كان الإلحاق أحوط استحباباً وأولى.
  ولايقع الخلع بالتقايل ـ أي لا يقع طلاق الخلع بفسخ العقد بين الزوجين ـ كما لايقع بغير لفظي الطلاق والخلع، أي بلفظ (فديتك أو أبرأتك على كذا) أو أي لفظ آخر لايشتمل على كلمة الطلاق أو الخلع.
  الثاني : التنجيز ، فلو علّق الخلع على أمر مستقبليّ معلوم الحصول ـ كما إذا قال : (أنتِ مختلِعة على كذا لو صار فصل الصيف) أو متوقّع الحصول كما إذا قال : (أنتِ مختلِعة على كذا لو قدم الحاج أو المسافر بعد اسبوع) أو أمر حاليّ محتمل الحصول كما إذا قال : (أنتِ مختلِعة على كذا لو ثبت أنّ اليوم آخر شهر رمضان) وكان لايعلم طبعاً بأنّه آخر الشهر ، من غير أن يكون مقوّماً لصحة الخلع بطل ، أي الخلع.
  ولايضرّ تعليقه على أمر حاليّ معلوم الحصول ولكنّه كان مقوّماً لصحة الخلع ، كما لوقال : (إن كنتِ زوجتي ، أو إن كنتِ كارهةً لي).

(1) أي لا يقع الخلع لو قال: (انتِ أو فلانة، أو هذه مختَلَعة).

احكام المرأة والأسرة 241
  الثالث: الإشهاد، بمعنى إيقاع الخلع بحضور رجلين عادلين يسمعان الإنشاء.
  3 ـ يشترط في الزوج الخالع جميع ما تقدّم اعتباره في المطلِّق من البلوغ والعقل والقصد ـ أي لم يكن هازلا ـ والاختيار ـ أي عدم كونه مُجبراً ـ والإشكال المتقدّم في طلاق من بلغ عشر سنين جار في خلعه أيضاً ، فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه ـ أي لا يصحّ خلع الزوج زوجته إن كان عمره عشر سنين ـ.
  ويشترط في الخالع مضافاً إلى ذلك أن لايكون كارهاً لزوجته، وإلاّ لم يقع خلعاً ، بل يكون مباراة إذا كانت هي أيضاً كارهة لزوجها كما مرّ .
  4 ـ يشترط في الزوجة المختلِعة جميع ما تقدّم اعتباره في المطلّقة من كونها زوجة دائمة ، وكونها معيّنة بالاسم أو بالإشارة الرافعة للإبهام ، وكونها طاهرة من الحيض والنفاس ، إلاّ في الموارد المستثناة، وهي: أن لايكون مدخولا بها ، وأن تكون مستبينة الحمل، وأن يكون المطلّق غائباً ، ولا يعتبر فيها البلوغ ولا العقل، فيصحّ خلع الصغيرة والمجنونة ، ويتولّى وليّهما بذل الفداء، أي الشيء الذي يُعطى للزوج في مقابل خلعه وطلاقه للمرأة .
  5 ـ يشترط في المختلِعة ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ أمران آخران:
  الأمر الأوّل: بلوغ كراهتها له حدّاً يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجيّة، وعدم إقامة حدود الله تعالى فيه .
  6 ـ الكراهة المعتبرة في الخلع أعمّ من أن تكون ذاتيّة ناشئة من خصوصيّات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك، وأن تكون عرضيّة من جهة عدم إيفائه بعض حقوقها المستحبّة، أو قيامه ببعض الأعمال التي تخالف ذوقها كالتزوّج عليها بأُخرى .

احكام المرأة والأسرة 242
  وأمّا إذا كان منشأ الكراهة وطلب المفارقة إيذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها ، فأرادت تخليص نفسها منه فبذلت شيئاً ليطلّقها ، فالظاهر عدم صحّة البذل، وبطلان الطلاق خلعاً ، بل مطلقاً على الأقرب، أي لا يقع الطلاق أصلا بأيّ نحو من أنحائه.
  ولو كان منشأ الكراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة كالقسم ـ أي حقّ المبيت عندها ـ والنفقة، فهل يصحّ طلاقها خلعاً أم لا؟ فيه وجهان، أقربهما الأوّل، أي يصح الخلع حينئذ .
  7 ـ لو طلّقها بعوض مع عدم كراهتها لم يصحّ الخلع، ولم يملك الفدية، ولكن هل يصح الطلاق؟ فيه إشكال، والأقرب البطلان ـ أي لايصحّ الطّلاق ـ إلاّ إذا أوقعه بصيغة الطّلاق أو أتبعه بها ـ أي قال: (أنتِ مختلعة وأنتِ طالق) وملك الفدية بسبب مستقلّ قد أخذ الطّلاق شرطاً فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلّقها فإنّه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، ولايكون الطلاق حينئذ خلعيّاً بل يكون رجعيّاً في مورده ـ أي في هذا المورد بالخصوص ـ حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلاّ أنّه يحرم عليه مخالفة الشرط، غير أنّه إذا خالف ورجع صحّ رجوعه، ويثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلّف الشرط.
  الأمر الثاني: ممّا يعتبر في المختلِعة أن تبذل الفداء لزوجها عوضاً عن الطّلاق، ويعتبر في الفداء أن يكون مما يصحّ تملّكه ـ أي لايكون ممّا لايملك كالكلب والخنزير والخمر ـ أو ما بحكمه كأن تبذل ديناً لها في ذمّته.
  وأن يكون ـ أي الفداء ـ متموّلا ـ أي مالا قابلا للتملّك ـ عيناً كان أو ديناً أو منفعة

احكام المرأة والأسرة 243
  وإن زاد على المهر المسمّى ـ أي المذكور حين العقد ـ وأن يكون معلوماً، فلو خالعها على ألف ولم يعيّن ـ أي لم يقل: ألف دينار، أو ألف تومان مثلا ـ بطل الخلع، بل الأحوط لزوماً أن يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات ـ أي في البيع والشراء ـ بأن يكون معلوماً بالكيل في المكيل، وبالوزن في الموزون، وبالعدّ في المعدود، وبالمشاهدة فيما يعتبر بها ـ أي المشاهدة ـ نعم إذا كان المبذول مهرها المسمّى فالظاهر كفاية العلم به على نحو العلم المعتبر في المهر، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وإن جهل كيلها أو وزنها أوعدّها أو ذرعها .
   ويصحّ جعل الفداء إرضاع ولده ولكن مشروطاً بتعيين المدّة، واذا جعل كليّاً في ذمّتها ـ كألف دينار ـ يجوز جعله حالاّ ومؤجّلا مع ضبط الأجل ـ أي إمّا أن تسلّمه الفداء كلّه وقت الخلع، أو تجعله في ذمّتها لمدّة معينة .
  8 ـ يعتبر في الفداء أن يكون بذله باختيار الزوجة، فلا يصحّ مع إكراهها على البذل، سواء أكان الإكراه من الزوج أم من غيره .
  9 ـ يعتبر في الفداء أن يكون مملوكاً للمختلعة أو ما بحكمه كألف دينار على ذمّتها ، أو منفعة دارها إلى عشر سنوات مثلا ، ولايصحّ لوكان مملوكاً للغير ، فلو تبرّع الأجنبي ببذل الفداء لزوجها لم يصحّ طلاقها خلعاً، نعم لايبعد صحّة البذل والطّلاق إذا أوقعة بصيغة الطّلاق ـ أي لا بصيغة الخلع ـ أو أتبعه بها ـ أي: يقول : (أنتِ مختلِعة على كذا فأنتِ طالق) ـ ويكون رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده .
  وهكذا الحال ـ أي يصحّ الطّلاق والبذل ولايكون خلعاً ـ فيما إذا أذن الغير لها في الافتداء بماله فبذلته لزوجها ليطلّقها، أو قام الغير ببذل الفداء له من ماله على وجه مضمون عليها ، كما لو قالت لشخص: (أبذل لزوجي ألف دينار ليطلّقني) فبذل

احكام المرأة والأسرة 244
  له ذلك فطلّقها ، فإنّه يصحّ البذل والطّلاق، ويحقّ للباذل الرجوع به عليها لوقوع البذل منه بطلبها ـ أي يحقّ للباذل بعد ذلك أن يأخذ الفداء منها .
  10 ـ لو جعلت الفداء مال الغير من دون إذنه، أو مالا يملكه المسلم كالخمر مع العلم ـ أي مع علمها بأنّه مال الغير، أو أنّه ممّا لا يملكه مسلم بذلك بطل البذل فيبطل الخلع بل يبطل مطلقاً حتى الطّلاق، إلاّ إذا كان بصيغة الطّلاق، أو أتبعه بها قاصداً ـ في الحقيقة ـ طلاقها من غير عوض فإنّه يصحّ حينئذ رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد.
  ولو جعلت الفداء مال الغير مع الجهل بأنّه مال الغير فالمشهور صحّة الخلع وضمانها للمثل أو القيمة، وفيه إشكال، بل لايبعد بطلانه مطلقاً ، أي يبطل الطلاق والبذل ولايترتّب عليها أيّ أثر.
  وكذا لوجعلت الفداء خمراً بزعم أنّها خلّ ـ أي لايصحّ الخلع ولا الطّلاق ولا البذل ، لأنّ ما وقع لم يقصد ـ ثمّ بان الخلاف إلاّ إذا كان المقصود جعل ذلك المقدار من الخلّ فداء فيصحّ خلعاً .
  11 ـ إذا خالعها على عين معيّنة فتبيّن أنّها معيبة، فإن رضي بها صحّ الخلع، وإلاّ ـ أي وإن لم يرض بها ـ ففي صحته إشكال وإن كان لايخلو من قوة ، والأحوط لهما ـ أي للزوجين ـ المصالحة في الفداء ولو بدفع الأرش ـ أي الغرامة ـ أو تعويضه بالمثل أو القيمة ـ أي لو كان له مثل فيعطى للزوج وإن لم يكن له مثل فتعطى القيمة .
  12 ـ إذا قال أبوها للزوج : (طلّقها وأنتَ بريء من صداقها)، أي من مهرها وكانت بالغة رشيدة، فطلّقها لم تبرأ ذمّته من صداقها ، وهل يصحّ طلاقها رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف الموارد؟ فيه إشكال، والأقرب البطلان ـ أي لايقع الطلاق ـ

احكام المرأة والأسرة 245
  نعم إذا كان عالماً بعدم ولاية أبيها على إبرائه من صداقها فطلّقها بصيغة الطّلاق ـ أي قال : (أنتِ طالق)، أو قال: خلعتك على كذا فأنت طالق ـ أو أتبعه بها قاصداً في الحقيقة طلاقها من غير عوض صحّ كذلك، أي صح الطلاق .
  13 ـ الخلع وإن كان قسماً من الطّلاق وهو من الإيقاعات إلاّ أنّه ـ كما عرفت ـ يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين وإنشاءين: بذل شيء من طرف الزوجة ليطلّقها الزوج، وإنشاء الطّلاق من طرف الزوج بما بذلت، ويقع ذلك على نحوين:
  الأوّل: أن يقدّم البذل من طرفها على أن يطلّقها، فيطلّقها على ما بذلت .
  الثاني: أن يبتدىء الزوج بالطّلاق مصرّحاً بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، والأحوط أن يكون الترتيب على النحو الأوّل.
  14 ـ يعتبر في صحّة الخلع الموالاة بين إنشاء البذل والطّلاق، بمعنى تعقّب أحدهما بالآخر قبل انصراف صاحبه عنه منه، فلو بذلت المرأة فلم يبادر الزوج إلى إيقاع الطّلاق حتى انصرفت المرأة عن بذلها لم يصح الخلع، واشترط بعض الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ الفوريّة العرفيّة بين البذل والطّلاق، ولكن لا دليل على اعتبارها وإن كانت رعايتها أحوط (1).
  15 ـ يجوز أن يكون البذل والطّلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف ـ أي توكّل المرأة غيرها في البذل مثلا ويباشر الزوج الطّلاق بنفسه ـ ويجوز أن يوكّلا شخصاً واحداً ليبذل عنها ويطلّق عنه ، بل الظاهر أنّه يجوز لكلّ منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه ، فيكون أصيلا فيما يرجع إليه، ووكيلا فيما يرجع إلى الطرف الآخر.

(1) الاحتياط هنا استحبابي.

احكام المرأة والأسرة 246
  16 ـ يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلّق به من شرط العوض وتعيينه ، وقبضه وإيقاع الطّلاق، أي يصحّ أن يوكّل غيره في جميع هذه الأُمور، ومن المرأة في جميع ما يتعلّق بها من استدعاء الطّلاق وتقدير العوض وتسليمه .
  17 ـ إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين ، فإمّا أن تبدأ الزوجة وتقول: (بذلتُ لكَ ، أو أعطيتُكَ ما عليك من المهر، أو الشيء الكذائيّ لتطلِّقني)، فيقول الزوج : (أنتِ طالق ، أو مختلِعة ـ بكسر اللام ـ على ما بذلتِ ، أو على ما أعطيتِ) وإمّا أن يبتدىء الزوج ـ بعد ما تواطئا ـ أي اتّفقا ـ على الطّلاق بعوض ـ فيقول : (أنتِ طالق أو مختلِعة بكذا أو على كذا) فتقول الزوجة: (قبلتُ أو رضيتُ).
  وإن وقع البذل والطّلاق من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطباً وكيل الزوج: (عن قِبَل موكّلتي فلانه بذلتُ لموكِّلِكَ ما عليه من المهر أو المبلغ الكذائيّ ليخلعها أو ليطلِّقَها) فيقول وكيل الزوج: (زوجة موكِّلي طالق على ما بذَلَتْ) أو يقول : (عن قِبلِ موكّلي خلعتُ موكِّلَتَكَ على ما بَذَلَتْ).
  وإن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر ، كوكيل الزوجة مع الزوج، يقول وكيلها مخاطباً الزوج : (عن قِبَل موكِّلتي فلانة ، أو زوجَتك بَذلتُ لك ما عليك من المهر، أو الشيء الكذائيّ على أن تطلّقها) فيقول الزوج : (هي أو زوجتي طالق على ما بَذَلَتْ) ـ اي الزوجة ـ أو يبتدىء الزوج مخاطباً وكيلها : (موكِّلتكَ أو زوجتي فلانه طالق على كذا) فيقول وكيلها: (عن قِبَل موكِّلَتي قبلتُ ذلك).
  وإن وقع ممّن كان وكيلا عن الطّرفين يقول : (عن قِبَل موكّلتي فلانة بذلت لموكّلي فلان الشيء الكذائيّ ليطلّقها) ، ثم يقول : (زوجة موكّلي طالق على ما بذلتْ)، أو يبتدىء من طرف الزوج ويقول : (زوجة موكّلي طالق على الشيّ

احكام المرأة والأسرة 247
  الكذائيّ)، ثمّ يقول من طرف الزوجة : (عن قِبَل موكّلتي قبلتُ).
  ولو فرض أنّ الزوجة وكّلت الزوج في البذل يقول : (عن قِبَل موكّلتي زوجتي بذلتْ لنفسي كذا لأطلّقها) ، ثمّ تقول : (هي طالق على ما بَذَلَتْ).
  18 ـ إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت له : (طلّقني أو اخلعني بكذا)، فقال الزوج: (أنت طالق أو مختلِعة بكذا) ففي وقوعه إشكال فالأحوط اتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلك : (قبلت).
  19 ـ طلاق الخلع بائن لايقع فيه الرجوع مالم ترجع المرأة فيما بذلتْ ، ولها الرجوع فيه مادامت في العدّة، فإذا رجعت كان له الرجوع اليها.
  20 ـ الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها ، فلولم يجز له الرجوع بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً ، أو كانت الزوجة ممّن لاعدّة لها كاليائسة وغير المدخول بها ، أو كان الزوج قد تزوّج بأختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل ، أو نحو ذلك لم يكن لها الرجوع فيما بذلتْ ، وهكذا الحال فيما لو لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى فات زمان الرجوع، كما لو رجعت عند نفسها ولم يطلّع عليه الزوج حتى انقضت العدّة، فإنّه لا أثر لرجوعها حينئذ .
  21 ـ لا توارث بين الزوج والمختلِعة لومات أحدهما في العدّة، إلاّ إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك قبل انقضائها.
  22 ـ المباراة كالخلع في جميع ما تقدّم من الشروط والأحكام ، وتختلف عنه في اُمور ثلاثة :
  1 ـ أنّها تترتّب على كراهة كلّ من الزوجين لصاحبه ، بخلاف الخلع فإنّه يترتّب على كراهة الزوجة دون الزوج كما مر .

احكام المرأة والأسرة 248
  2 ـ أنّه يشترط فيها أن لايكون الفداء أكثر من مهرها، بل الأحوط الأولى أن يكون أقلّ منه ، بخلاف الخلع فإنّه فيه على ما تراضيا به، ساوى المهر أم زاد عليه أم نقص عنه .
  3 ـ أنّه إذا أوقع إنشاءها بلفظ (بارأتُ) فالأحوط لزوماً أن يتبعه بصيغة الطّلاق، فلا يجتزيء بقوله : (بارأتُ زوجتي على كذا) حتى يتبعه بقوله (فأنت طالق ، أو هي طالق)، بخلاف الخلع إذ يجوز أن يوقعه بلفظ الخلع مجرّداً ، أي بدون أن يذكر لفظ الطّلاق.
  ويجوز في المباراة ـ كالخلع ـ إيقاعها بلفظ الطّلاق مجرّداً بأن يقول الزوج ـ بعد ما بذلت له شيئاً ليطلّقها : (أنت طالق على ما بذلت).
  23 ـ طلاق المباراة بائن كالخلع لايجوز الرجوع فيه للزوج مالم ترجع الزوجة في الفدية قبل انتهاء العدّة ، فإذا رجعت فيها في العدّة جاز له الرجوع إليها على نحو ما تقدّم في الخلع.

الظّهار
  الظّهار لغة: هو قول الزوج لزوجته: (أنت عليّ كظهر أُمّي) (1) (أو أنت عليّ كظهر ذات رحم) والظّهار كان في الجاهلية طلاقاً، فلمّا جاء الإسلام نهى عنه وأوجب على مرتكبه الكفّارة.
  وأصله مأخوذ من الظّهر، وأخذ من الظهر لأنّه موضع الركوب، واُقيم الظّهر هنا مقام الرّكوب لأنّه مركوب ، وأقام الرّكوب مقام النّكاح لأن الناكح راكب ، وهو من

(1) الصحاح 2:732، "ظهر".

احكام المرأة والأسرة 249
  لطيف الاستعارات للكناية .
  وقيل : إنّ إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان حراماً عندهم في الجّاهلية، وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول، فلقصد الرجل ـ المطلِّق ـ منهم التغليظ في تحريم امراته عليه شبّهها بالظّهر ، ثمّ لم يقنع بذلك حتى جعلها كظهر أمّه، وكان الرجل عندهم إذا ظاهر المرأة تركها وتجنّبها، لذا تضمّن الظّهار معنى التباعد (1).
  1 ـ الظّهار حرام ، وموجب لتحريم الزوجة المظاهَر منها ، ولزوم الكفّارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله .
  صيغة الظّهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة : (أنت عليّ كظهر اُمّي)، أو يقول بدل أنت: (هذه) مشيراً إليها ، أو (زوجتي)، أو (فلانة). ويجوز تبديل (عليّ) بقوله: (منّي)، أو (عندي)، أو (لديّ)، بل الظّاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (عليّ) وأشباهها أصلا، بأن يقول : (أنت كظهر اُمّي).
  3 ـ لو شبّه زوجته بجزء آخر من أجزاء الاُمّ ـ كرأسها أو يدها أو بطنها ـ قاصداً به تحريمها على نفسه ، ففي وقوع الظّهار به قولان ، أظهرهما عدم الوقوع وإن كان الاحتياط (2) في محلّه .
  4 ـ لو شبّهها باُمّه جملة بأن قال : (أنت كأُمّي)، أو (أنت اُمّي) قاصداً به التّحريم لا علو المنزلة والتعظيم ، أو كبر السنّ وغير ذلك ، فالأظهر عدم وقوع الظّهار به وإن كان الأحوط استحباباً خلافه .
  5 ـ لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الاُمّ كالبنت والاُخت والعمّة والخالة

(1) لسان العرب: 8:280 "ظهر".
(2) الاحتياط هنا استحبابي.

احكام المرأة والأسرة 250
  فقال : (أنت عليّ كظهر اُختي) فالأقرب وقوع الظهار به ، وفي إلحاق المحرّمات بالرّضاع وبالمصاهرة بالمحرّمات النسبيّة في ذلك إشكال، فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، أي لو قال للزوجة : (أنت عليّ كأختي من الرّضاعة ، أو كخالتي ، أو كأختك) مثلا فالأحوط وجوباً أن يعتبر هذا الظّهار، ولو قال لها : (أنت عليّ حرام) من غير أن يشبّهها ببعض محارمه لم تحرم عليه ولم يترتّب عليه أثر أصلا.
  6 ـ الظّهار الموجب للتحريم ماكان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها : (أنت عليّ كظهر أبي أو أخي) لم يؤثّر شيئاً .
  7 ـ يعتبر في الظّهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطّلاق ، ويعتبر في المظاهِر ـ أي في الزوج الذي يظاهر زوجته ـ البلوغ والعقل والاختيار ـ أي لايكون الزوج مجبراً ـ والقصد ـ أي لايكون هازلا ـ وعدم الغضب، وأن لا يكن ـ أي الغضب ـ سالباً للقصد والاختيار على الأقوى.
  ويعتبر في المظاهَر منها ـ وهي الزوجة ـ خلوّها عن الحيض والنفاس ، وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المتقدّم في المطلّقة، وكونها مدخولا بها على الأصحّ ، وهل يعتبر كونها زوجة دائميّة فلا يقع الظّهار على المتمتع بها؟ فيه إشكال ، فالاحتياط لايترك ، أي أنّ الأحوط وجوباً وقوع الظّهار حتى على الزوجة المؤقّتة.
  8 ـ لايقع الظّهار إذا قصد به الإضرار بالزوجة ، كما لايقع في يمين بأن كان غرضه زجر نفسه عن فعل كما لو قال : (إن كلّمتك فأنت عليّ كظهر اُمّي)، أو بعث نفسه على فعل كما لو قال : (إن تركتُ الصلاة فأنتِ عليّ كظهر اُمّي).
  9 ـ يقع الظّهار على نحوين : مطلق ، ومعلّق ، والأوّل مالم يكن منوطاً بوجود