احكام المرأة والأسرة 163 10 ـ إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويظلمها دون مبرر شرعيّ، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي لينهاه عن الإيذاء والظلم ، ويأمره بحسن المعاشرة، فإن غيّر أُسلوبه معها ونفعت فيه الموعظة فبها ونعمت ، وإن لم تنفع عزّره وضربه بالمقدار الذي يراه كافياً ، فإن لم ينفع التعزير جاز للمرأة أن تطلب الطلاق من الزوج، فلو امتنع عنه طلّقها الحاكم الشرعيّ. 11 ـ يجوز للمرأة أن تبذل مالا للزوج أو تتنازل عن بعض حقوقها من المبيت والنفقة لجلب رضاه ، ولكي يسمح لها بالخروج من الدار للنزهة أو زيارة العتبات المقدّسة مثلا ، أو طلبها للعلوم المفيدة أو لقيامها ببعض العبادات المستحبة كصوم المستحب فيما لوكان الزوج مخالفاً لذلك ، أو غيره من الحقوق الغير واجبة عليه، أو كان يحدّث نفسه بطلاقها لأنّه يكرهها ، أو أراد الزواج عليها بمرأة اُخرى، ويحلّ له التصرّف بهذا المال وترك الحقوق التي وهبتها إليه لهذه الأسباب. أمّا لو ترك بعض حقوقها الواجبة ، أو آذاها بالضرب أو الشتم أو غير ذلك ، فبذلت له مالا لإرجاع حقّها إليها وترك أذاها ، أو ليطلّقها فتتخلّص من يده فيحرم عليه أخذه ، حتّى لوكان يظلمها لا لغرض حصوله على هذا المال وإلجائها إلى بذله إياه. 12 ـ لو حصل خلاف شديد وشقاق ومنافرة بين الزوجين فلا يمكن التسرّع في الطلاق ـ الذي هو أبغض حلال عند الله تعالى ـ بل ينبغي التأنّي فيه ومحاولة حلّ المشاكل الزوجيّة بما هو أحسن ، فلو رفع الأمر إلى الحاكم الشرعيّ يقوم الحاكم احكام المرأة والأسرة 164 14 ـ الأحوط وجوباً أن يكون الحكمان من أهل الزوج والزوجة ، فإن لم يكن لهما أهل ، أو لم تكن لهم الأهليّة والقدرة على أن يكون منهم حكم تعيّن الحَكَم من غيرهم ، ولا يعتبر أن يكون من جانب كلّ منهما حَكَم واحد بل لو اقتضت المصلحة بعث أكثر من واحد تعيّن . احكام المرأة والأسرة 166 يكون المؤلِّف والمولَّف شيئاً واحد. وقال آخر : إنّ في الرحم قالب يصوّر الجنين ، فيقال لهم : هل شاهدتم قطعة من الطين توضع في القالب ثمّ تقذف بعد تسعة أشهر ؟ وهل في البيضة قالب يتصوّر فيه الفرخ ؟ وهل توجد قوالب في أجواف الغنم وأرحام إناثها التي تمّ تشريحها على يد الأخصائيّين؟ هذا إذا قيل بعدم إمكان تشريح رحم المرأة ، الذي صار ممكناً مع تقدّم العلم وتطوّره . وقال ثالث : إنّ الجنين بمنزلة النبات. ونقول في جوابه : وهل يمكن أن يبقى إذا قطع رأسه ، كما يبقى النبات لو قطعت أُصوله ، أو قُصّرت أغصانه فإنّ ذلك يؤدّي إلى حيويّته . وكذلك قالوا : إنّ كلّ عضو يتخلّق من مثيله ، بمعنى أنّ كلّ جزء من أجزاء (الأب) يخرج منه جزءاً شبيهاً له ، ولو صحّ هذا لخرج من الأب الأعمى ولد أعمى مثله ، وهكذا باقي العاهات الموجودة في بدن الأبوين ، وها هو القرآن الكريم يعطي الجواب الفصل بقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الاَْرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1).
احكام المرأة والأسرة 168 والاُنثى على الأحوط وجوباً (1). 3 ـ يجوز للمرأة استعمال مايمنع الحمل من العقاقير المعدّة لذلك بشرط أن لا يلحق بها ضرراً بليغاً ، بلا فرق في ذلك بين رضى الزوج وعدمه . في أحكام الولادة وما يلحقها للولادة والمولود سنن وآداب بعضها واجبة وبعضها مستحبة ، وأهمها مايلي : 1 ـ ينبغي مساعدة المرأة عند ولادتها بل يجب ذلك كفاية ، بمعنى أنّه إذا قام به شخص سقط عن الآخرين ، هذا إذا خيف على المرأة أو على جنينها من التلف ، أو ما بحكمه ، كالضرر الذي يلحق بأحدهما نتيجة عدم مساعدة المرأة ، ولو توقّفت ولادة المرأة على النظر أو اللمس المحرّمين على الرجال الأجانب لزم أن يتكفّلها الزوج ، أو النساء ، أو محارمها من الرجال. ولو توقّفت الولادة على النظر أو اللمس من غير الزوج وكان متمكّناً من توليدها من دون عسر ولا حرج فلا يبعد تعيّن اختياره ، إلاّ أن تكون القابلة أرفق بحالها ، فيجوز للمرأة حينئذ أن تختار القابلة كي تولّدها ، هذا في حال الاختيار ، أمّا في حال الاضطرار فيجوز أن يولّدها الأجنبي ، بل قد يجب ذلك ، نعم لا بدّ معه من الاقتصار في كلّ من اللمس والنظر على مقدار الضرورة ، فإنّ الضرورات تقدّر بقدرها . 2 ـ يستحب غسل المولود عند وضعه ، مع الأمن عليه من الضرر ، والأذان في أُذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، فإنّه عصمة من الشيطان الرجيم كما ورد في الخبر ، ويستحب أيضاً تحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين (عليه السلام) ، والتحنيك هو : أن يدلك
احكام المرأة والأسرة 170 أسماء الأنبياء " (1) صلوات الله عليهم ، وكذا أسماء الأئمة (عليهم السلام) ، وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " من ولد له أربعة أولاد لم يسمّ أحدهم بأسمي فقد جفاني " (2). وجاء عن أبي هارون مولى آل جعدة قال : كنت جليساً لأبي عبدالله (عليه السلام) بالمدينة ، ففقدني أيّاماً ، ثم إنّي جئتُ إليه فقال : " لم أرك منذ أيام يا أبا هارون " ؟ فقلت : وُلد لي غلام ، فقال : " بارك الله لك ، فما سمّيته " ؟ قلت : سمّيته محمّداً ، فأقبل بخدّه نحو الأرض وهو يقول : " محمّد محمّد محمّد " ، حتّى كادّ يلصق خدّه بالأرض ، ثمّ قال : " بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبويَّ ، وبأهل الأرض كلّهم جميعاً الفداء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لا تسبّه ، ولا تضربه ، ولا تسىء إليه ، وأعلم أنّه ليس في الأرض دار فيها اسم محمّد الاّ وهي تقدَّس كلّ يوم " (3). ولا يخفى تكريم الله تعالى لاسم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقد روي أيضاً عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : " ما من قوم كانت لهم مشورة فحضرها من إسمه محمّد أو أحمد فأدخلُوه في مشورتهم إلاّ كان خيراً لهم (4)". وكذلك ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) استحباب التسمية بعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ، ونهي عن ضرب وسب البنت التي سميّت بفاطمة . كما وجاء عنهم (عليهم السلام) استحباب تغيير اسم الولد أو البنت إن لم يكونا
احكام المرأة والأسرة 172 وغير ذلك ، ولكنّه شرط في صحة الطواف ، واجباً كان أم مندوباً ، عدا طواف الصبيّ غير المميّز الذي يطوّفه وليّه . ولا فرق في الطواف الواجب بين ماكان جزءاً لحجّ أو عمرة ، واجبين أو مندوبين ، وليس الختان شرطاً في صحة الصلاة فضلا عن سائر العبادات. 8 ـ لا بأس أن يكون الختّان كافراً حربيّاً أو ذميّاً، فلا يعتبر فيه الإسلام. 9 ـ لو ولد الصبيّ مختوناً سقط الختان عنه وإن استحب إمرار الموسى على المحلّ لإصابة السنّة. 10 ـ يستحب للولي أن يختن الصبيّ في اليوم السابع من ولادته، ولا بأس بتأخيره عنه ، ويجوز له أن يترك ختانه حتى يبلغ ، ولكن الأحوط استحباباً عدم تأخيره حتّى البلوغ ، وإذا لم يُختَن الصبيّ حتى بلغ وجب عليه أن يختن نفسه ـ بمعنى أنّه يذهب إلى الختّان كي يختنه ، لا أن يختن نفسه بنفسه ـ حتّى الكافر إذا أسلم وهو غير مختون فيجب عليه الختان وإن طعن في السنّ مالم يتضرّر به . كلام في الختان ليس الختان سنّة إسلامية فحسب ، بل هو من سوابق عقائد اليهود كما دلّ على ذلك كتابهم المقدّس ، فالقاعدة الأساسيّة في التوراة هي وجوب الختان لكلّ مولود ذكر يهوديّ في يومه الثامن ، وحملت هذه القاعدة في طياتها عدّة مشاكل : أوّلها : تعيين مَن هو اليهودي ؟ والثانية : هل يختن الذكر إذا وقع موعد الختان يوم السبت ؟ والثالثة : هل يمكن تأخير الختان أو تركه في حالة المرض والخوف من خطر احكام المرأة والأسرة 174 لختن الثاني ، أي ختن الطفل الثاني يوم السبت وختن الأوّل قبله أو بعده ، يأثم ويجب عليه إعطاء الكفّارة. وكانت شريعة اليهود تقدّس يوم السبت وتحتّرمه ، وتعاقب من يستبيح حرمته بالقتل ، وكما مر في ختن الأطفال الأحرار عند اليهود كذلك فرض على اليهوديّ أن يختن عبيده ، وكانت العادة أنّهم يختنوهم عند شرائهم ، ولكن لا يمكن ختانهم يوم السبت إذ أنّ للسبت حرمة لا تخرق . ولا يسمح بالختان إلاّ لطفل يكون يومه الثامن يوم السبت. وأمّا المسيحيّون فقد رفضوا سنّة الختان التي ورثت من اليهود ، رغم أنّ بعضهم كان يمارسها!! ولكن رفضهم للختان لا ينطلق من دليل منطقي كاحترام الجسد وعدم إيصال الأذى إليه ، كما يتصوّر البعض من كون الختان جرحاً مضرّاً لطفل برىء ، غافلين عن الفوائد الصحيّة والأثار الإيجابيّة التي تترتّب عليه ، بل ألغوه عن منطق لاهوتي سياسي (كي يجذبوا الوثنين للدخول في الدين الجديد) ، ومن العجيب أنّ المسيح الذين رفضوا الختان آمنوا ببتر الأعضاء وإخصاء الذكر. فتروي الاُسطورة المسيحيّة أن " أتيس " عشيق أحد الآلهة قد بتر أعضاءه الجنسيّة في حمية الشوق ، ومات من نزيف الدم تحت شجرة ، وكلّ من يريد أن يصبح خادماً لـ (سيبيل) وهو أحد الآلهة كان عليه أن يبتر أعضاءه الجنسيّة مثل عشيقها ضمن احتفالات دينيّة صاخبة، ويرميها على جموع الحاضرين!! ومع إنكار المسيح للختان فإنّهم يحتفلون باليوم الأوّل من السنة لذكرى اليوم الثامن من ميلاد المسيح ، وهو يوم ختانه ، ولتكريم العذراء مريم (عليه السلام) ، ولا يعرف دقيقاً تاريخ دخول هذا الحدث في شعائرهم ، وأوّل من ذكره هو المجمع الذي عقد |