استحباباً أن يستبرىء رحمها بحيضة واحدة فلا يجامعها إلاّ بعد الحيضة كي يطمئن من خلوّ رحمها من ماء الفجور ، وكذلك لا يجوز على الأحوط وجوباً زواج المرأة من الرجل المشهور بالزنا إلاّ بعد توبته .

احكام المرأة والأسرة 127
الاعتداد
  إنّ مسألة الاعتداد من المسائل الفقهيّة المهمّة التي شغلت حيّزاً في الرسائل العمليّة وكُتب الفقهاء، والمراد منه صبر المرأة بعد الطلاق أو الوفاة مدّة معيّنة شرعاً ، فلا يجوز لها الزواج في هذه المدّة، مضافاً إلى الحداد الذي يجب على المرأة المتوفى زوجها ـ والذي هو عبارة عن ترك التزيّن في اللباس والبدن ـ كما سيأتي ، وقد يقال : إن العلّة في صبر المرأة عن الزواج ـ هذه المدّة ـ هو الاطمئنان من عدم وجود جنين في رحمها ، ولكن نجد في بعض الأحيان جريان هذا الحكم حتى على من يتيقّن من عدم قدرتها على الحمل لمرض مثلا ، ولذا نستطيع أن نقول : إنّه لم يخلُ حكم في الشريعة من وجود مصلحة وترك مفسدة ، فالغاية من تشريع هذا الحكم احترام كيان الزوج، وتقديس العلاقة والرابطة التي بنيت بين الزوجين ، ولذا فانّ انفكاك هذه العلقة يترتّب عليه حكم العدّة ، وصبر المرأة عن الزواج وعدم التسرّع في قطع جميع الأواصر التي كانت بين الزوجين.
  وكما احترم الإسلام العلاقة بين الزوجين فقد حفظ المرأة من الوقوع في أشراك المعصية ، فحلّل لها الزواج بعد انقضاء عدّتها خلافاً لما نرى في المجتمعات التي تتظاهر بالإسلام وخصوصاً العربيّة منها فقد جعلت الزواج على المرأة بعد موت زوجها أو طلاقها منه عاراً وشناراً ، حتّى أدّى ذلك إلى كثرة الفساد في أجواء غير المتديّنات ، ووجود العقد النفسيّة والأمراض الروحيّة عند المتديّنات.

احكام المرأة والأسرة 128
  وأُريد أن أسأل هؤلاء الذين يسمّون أنفسهم بأصحاب الغيرة ، أليست الغيرة موضوعاً من صلب الإسلام ، أترانا نحرّم شيئاً حلّلته الشريعة ، أم أنّنا نقدّر المصالح والضرورات أكثر من أئمتنا(عليهم السلام) وساداتنا ؟ لماذا نحرّم شيئاً أحلّه الله تعالى ، ونحمل على المرأة التي تريد الزواج بكلّ موضوعيّة ومع حفظ وصون شخصيّتها ، ومع اتّزان تصرّفها وكونه وفقاً للمعايير الإلهيّة ؟
  وهل يستطيع الأب أو الأخ أو الابن أن يقوم مقام الزوج الذي يعتبر وجوده ظّلا وارفاً على رأس المرأة، وسؤدداً ترتفع به شخصيتها ، وتشيّد به كرامتها ؟ ناهيك عن هؤلاء النسوة اللاتي لم يبق لهن حتى أخ أو ابن أو أب!!
  أسأل الله تعالى أن تكون جميع تصرّفاتنا وفقاً لما تريده الشريعة السمحاء لنا إن شاء الله.

أحكام الاعتداد
  1 ـ يحرم الزواج بالمرأة دواماً أو متعةً في عدّتها من الغير، رجعيّة كانت أو بائنة ، عدّة الوفاة أو غيرها(1) ، من نكاح دائم أو منقطع أو من وطء شبهة أو غيرها ، فلو علم الرجل أو المرأة بأنّها في العدّة وبحرمة الزواج فيها وتزوّج بها حرمت عليه أبداً وإن لم يدخل بها بعد العقد ، وإذا كانا جاهلين (2) بأنّها في العدّة أو بحرمة الزواج فيها وتزوّج بها بطل العقد، فإن كان قد دخل بها ـ ولو دبراً ـ حرمت عليه مؤبّداً أيضاً ، وإلاّ جاز الزواج بها بعد اتمام العدّة.
  2 ـ إذا وكّل أحداً في تزويج امرأة ولم يعيّن الزوجة ، فزوّجه امرأة ذات عدّة

(1) أي سواء كانت في عدة الطلاق الرجعي أم البائن، في عدة الوفاة أو غيرها.
(2) أي إذا جهل الرجل والمرأة كون المرأة ذات عدّة.

احكام المرأة والأسرة 129
  وقع العقد فضوليّاً متوقّفاً على إجازة الموكِّل لهذا العقد ، فلو أمضاه قبل خروجها من العدّة جرى عليه حكم الزواج في العدّة ، فيجري فيه التفصيل الذي ذكرناه في الفرع السابق ، وإن لم يمضه قبل خروجها من العدّة كان العقد لغواً ولا يوجب الحرمة ، ولو زوّج الصغيرَ وليّه من امرأة ذات عدّة فلا يوجب الحرمة إلاّ إذا أمضى العقد بعد البلوغ والرشد قبل انقضاء عدّتها وحرمت عليه على التفصيل المذكور ، ولا فرق في ذلك سواء كان الوكيل والوليّ عالماً بالحال أو لا.
  3 ـ لو وكّل أحداً في تزويج امرأة معيّنة في وقت معيّن ، فزوّجه إيّاها في ذلك الوقت وهي ذات عدّة ، فإن كان الزوج الموكِّل عالماً بالحكم والموضوع(1) حرمت عليه أبداً وإن كان الوكيل جاهلا بهما .
  أما لو كان الموكّل (الزوج) جاهلا بهذين الأمرين وإن كان الوكيل عالماً بهما فإنّها لا تحرم عليه، إلاّ مع الدخول بها أو أنها كانت عالمةً بالحال .
  3 ـ ليس الزواج في حال العدّة كالوطء شبهةً ، أو الزنى بالمرأة المعتدّة ، فلو زنى بإمرأة أو وطئها شبهةً في حال عدّتها لم تحرم عليه مؤبّداً ، أيّة عدّة كانت ، إلاّ العدّة الرجعيّة فإذا زنى بها فيها فإنّه يوجب الحرمة على الأحوط وجوباً .
  4 ـ يعتبر في الدخول ـ الذي هو شرط للحرمة الأبديّة في صورة الجهل ـ أنَّ يكون في العدّة ، فلا يكفي وقوع العقد في العدّة ، إذا كان الدخول قد تحقّق بعد انقضائها .
  6 ـ لو شكّ الرجل في كون المرأة التي يريد الزواج منها أنّها في العدّة أو لا جاز له أن يتزوّجها ، وأن يبني على كونها غير ذات عدّة ، ولا يجب عليه الفحص عن

(1) علمه بالحكم : أيّ بحرمة الزواج بذات العدّة ، وعلمه بالموضوع : أي بكونها ذات عدّة.

احكام المرأة والأسرة 130
  حالها ، وكذلك يجوز له الزواج منها لو علم بأنّها كانت في العدّة وإذا أخبرت هي بالانقضاء مالم تكن متهمة(1)، وإلاّ فالأحوط لزوماً تركه ، مالم يتمّ التحقّق من صدقها .
  7 ـ لا يجوز التصريح بالخطبة ـ أيّ الدعوة إلى الزواج صريحاً ـ ولا التعريض بها ـ بمعنى أنّه يشعرها برغبته في تزويجها بالكلام من دون تصريح بالخطبة ـ لذات البعل ، ولذات العدّة الرجعيّة مع عدم الأمن من كون التعريض سبباً لنشوزها ، وخروجها عن طاعة الزوج ، والأحوط وجوباً ترك التعريض حتّى لو أمن النشوز ، وأمّا ذات العدّة البائنة ، سواء كانت عدة الوفاة أم غيرها فيجوز ـ لمن لا مانع شرعاً من زواجه منها لولا كونها معتدّة ـ التعريض لها بالخطبة بغير الألفاظ المستهجنة المنافية للحياء ، بل لا يبعد جواز التصريح لها بذلك ولو من غير زوجها السابق.
  8 ـ من كان عنده أربع زوجات دائمة تحرم عليه الخامسة ، ما دامت الأربع في عصمته الزوجيّة ، فلو طلّق إحداهنّ طلاقاً رجعيّاً لم يجز له الزواج بالأُخرى إلاّ بعد خروجها من العدّة، وانقطاع عصمة الزوجيّة بينهما ، وأمّا لو طلّقها طلاقاً بائناً فالمشهور عند الفقهاء جواز التزويج بالخامسة قبل انقضاء عدّتها ، والأحوط وجوباً أن يصبر الزوج حتى انتهاء العدّة ، وهكذا لو ماتت إحداهن فإنّ الأحوط وجوباً أن يصبر على التزويج من الخامسة بعد انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام من موتها ، وأمّا لو فارق إحداهنّ بفسخ العقد (2)، أو بطروء شيء أدّى إلى انفساخ العقد (3) فالأظهر عدم وجوب الصبر إلى انقضاء المدّة، ولو لم تكن عليها(4) كغير المدخول بها

(1) أي مالم يُشكّ في صدق ادّعائها انقضاء العدة.
(2) كما إذا فسخه أحد الزوجين لعيب أو نحوه.
(3) كالارتداد أو الرضاع أو غير ذلك.
(4) أي كانت ممن ليس عليها عدّة.

احكام المرأة والأسرة 131
  واليائسة فلا موضوع لوجوب الصبر.
  9 ـ إذا عقد من له زوجات ثلاث على زوجتين اثنتين مرتّباً ـ أي بالتوالي لا بعقد واحد ـ بطل عقد الثانية، وأمّا لو عقد عليهما معاً في وقت واحد فالعقد باطل .
  10 ـ يجوز الجمع بين أكثر من أربع زوجات إذا كان عقد عليهن بالعقد المؤقت، وان كان عنده أربع زوجات دائميّات .

احكام المرأة والأسرة 132
الكفر وعدم الكفاءة
  لقد جاء الكتاب الكريم حاملا لواء الدفاع عن كرامة المرأة المسلمة ، فما أراد أن تقع تحت سيطرة الكافر بأيّ نحو تتصوّر فيه السيطرة، وهكذا كلّ فرد من المسلمين، ولهذا يشير قوله تعالى : {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا}(1) ، وبما أنّ الزواج يحمل في طيّاته ولايةً على المرأة كما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " النكاح رقّ، فإذا أنكح أحدكم وليدةً فقد أرقّها ، فلينظر أحدكُم لمن يرق كريمته " (2) لذا حرّم الاسلام زواج المسلمة من الكافر، سواء كان الزواج دائماً أم مؤقتاً ، وسواء كان الكافر كتابيّاً كاليهودي والمسيحي والمجوسي، أم لم يكن كذلك ، أو كان مرتّداً عن فطرة أي أنّ أحد أبويه أو كليهما كانا مسلمين ، وأظهر إسلامه بعد التمييز ثمّ خرج عن الإسلام واختار الكفر، أو عن ملّة وهو من يقابل الفطري ، وكذا لا يجوز للمسلم أن يتزوّج غير الكتابيّة من أصناف الكفّار، ولا المرتدّة ، سواء كانت عن فطرة أو عن ملّة ، وأما النصرانيّة واليهوديّة فيجوز له أن يتزوّجها متعة (3) ، والأحوط وجوباً أن لا يتزوّجها دواماً .

(1) النساء 4:141.
(2) وسائل الشيعة 20:79، الحديث 8.
(3) ولا يجوز الزواج من الكتابيّة إلاّ بعد الاستئذان من زوجته المسلمة ـ إن كان له زوجة ـ سواء كان الزواج دائماً أم مؤقتاً ، بل الاحوط وجوباً ترك التزويج منها مؤقتاً حتى مع اذن الزوجة المسلمة كما سيأتي .

احكام المرأة والأسرة 133
  1 ـ الأحوط وجوباً ترك زواج المسلم من المجوسيّة حتّى لو كان الزواج مؤقتاً ، وأما الصابئة فلم يعرف حقيقة دينهم ، وقد يقال : إنّهم على قسمين : الصابئة الحرّانيين وهم الوثنية فلا يجوز الزواج منهم ، والصابئة المندلائيين: وهم طائفة من النصارى فيكون حكمهم حكم النصارى ، هذا إذا ثبت كونهم منهم ، وان لم يثبت فالأحوط وجوباً ترك الزواج منهم مطلقاً من أي فرقة كانوا.
  2 ـ لو كان عنده زوجة مسلمة فلا يجوز له أن يتزوّج بالكتابيّة حتّى مؤقتاً إلاّ بإذنها ، بل الأحوط وجوباً ترك التزويج مؤقتاً حتّى مع إذن المسلمة.
  3 ـ لو كان عنده أكثر من أربع زوجات غير كتابيات وأسلم على هذه الحالة وأسلمنّ معه أيضاً فيختار أربعاً منهنّ وينفسخ نكاح الأُخريات، ولو أسلم وعنده أربع زوجات كتابيّات بقي معهنّ على النكاح وثبت عقده الأوّل ولم يبطل ، ولو كن أكثر اختار أربعاً وبطل عقد الباقي.
  4 ـ إذا ارتدّ الزوج عن ملّة أو ارتدّت الزوجة عن ملّة أو عن فطرة ـ وقد مرّ بيان معنى هذين النوعين من الارتداد ـ فان كان الارتداد قبل الدخول بها ، أو كانت الزوجة يائسة أو صغيرة بطل نكاحها وليس عليها عدّة ، وأمّا إن كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سنّ من تحيض وجب عليها أن تعتدّ عدّة الطلاق، وتوقّف بطلان نكاحها عل انقضاء العدّة ، فإذا رجع المرتد عن ارتداده إلى الإسلام قبل انقضاء العدّة بقي الزواج على حاله ، والاّ انكشف بطلانه من حين الارتداد.
  5 ـ إذا ارتدّ الزوج عن فطرة ـ حرمت عليه زوجته ، ووجب عليها أن تعتدّ عدّة الوفاة ، والأحوط لزوماً ثبوت الحكم لها حتّى إذا كانت يائسة أو صغيرة أو غير مدخول بها ، وأمّا إذا رجع إلى الإسلام قبل انقضاء العدّة فالأحوط لزوماً عدم ترتّب

احكام المرأة والأسرة 134
  آثار الزوجيّة أو الفراق إلاّ بعد تجديد العقد أو الطلاق.
  6 ـ العقد الواقع بين الكفّار لو وقع عندهم صحيحاً ، وعلى طبق مذهبهم تترتّب عليه آثار العقد الصحيح عندنا، فلا يجوز الزواج من زوجاتهم ، إلى غير ذلك من الآثار، سواء كانا كتابيّين أم غير ذلك ، أم كان أحدهما كتابيّاً والآخر غير كتابيّ .
  ولو أسلما معاً دفعةً واحدة أُقرّا على نكاحهما ، ولا حاجة لعقد جديد على طبق مذهبنا ، بل وكذا لو أسلم أحدهما أيضاً في بعض الحالات التي سيأتي بيانها ، نعم لو كان نكاحهم مشتملا على ما يقتضي الفساد عندنا ابتداءً ـ كنكاح اُمّ الزوجة مثلا ، أو أنّه عرض عليه ما أفسده كما لو عقد على أُخت زوجته ـ جرى على زواجهما هذا حكم الإسلام بعد إسلامهما أو إسلام أحدهما.
  7 ـ إذا أسلم زوج الكتابيّة بقيا على نكاحهما الأوّل، ولا حاجة لعقد جديد ، سواء كان قبل إسلامه كتابيّاً أم لم يكن ، وسواء كان إسلامه قبل الدخول بها أم بعده ، وأمّا إذا أسلم زوج غير الكتابيّة ـ سواء كان كتابيّاً أم لا ـ فإن كان إسلامه قبل الدخول بها انفسخ النكاح فوراً ، وإن كان إسلامه بعد الدخول بها يفرّق بينهما وينتظر إلى إنتهاء عدّتها ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما ، وإن لم تسلم انفسخ العقد وتبيّن انفساخه من حين إسلام الزوج.
  8 ـ إذا أسلمت زوجة غير المسلم ، سواء كانت كتابيّة أم غيرها ، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده فالأحوط لزوماً أن يفترقا بالطلاق أو يجدّد العقد إذا أسلم قبل انقضاء العدّة.
  9 ـ لا يجوز للمؤمن ـ وهو الشيعي الاثنا عشري ـ أو المؤمنة أن ينكح ـ مؤقتاً أو دائماً ـ بعض المنتحلين لدين الإسلام ممّن يحكم بنجاستهم كالنواصب وغيرهم .
  10 ـ يجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبيّة ، كما يجوز زواج المؤمنة

احكام المرأة والأسرة 135
  من المخالف غير الناصبي على كراهة، ولو خيف على الزوج أو الزوجة الضلال والانحراف عن العقيدة الحقّة حرم الزواج.

احكام المرأة والأسرة 136
مسائل تتعلّق بالزواج
  1 ـ لا يتشرط في صحة الزواج تمكّن الزوج من النفقة ـ نعم لو زوّج الولي البنت الصغيرة بغير القادر على الإنفاق عليها وكان في ذلك مفسدة بالنسبة إلى الصغيرة من دون مزاحمة تلك المفسدة لمصلحة غالبة عليها ، وقع العقد فضولياً فيتوقّف على إجازتها بعد كمالها .
  2 ـ القدرة على الإنفاق وإن لم تكن شرطاً في صحة العقد ولا في لزومه ، فلا يثبت الخيار(1) للمرأة لو تبيّن عدم تمكّن الزوج منها حين العقد، فضلا عمّا لو تجدّد عجز الزوج عن النفقة بعد ذلك ، ولكن لو دلّس الرجل نفسه على المرأة وأظهر نفسه بأنّه غنيّ قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثمّ وقع العقد مبنيّاً عليه ، ثمّ تبيّن خلافه ثبت الخيار لها ، فضلا عمّا لو ذكر اليسار والقدرة على الإنفاق بنحو الاشتراط أو التوصيف في متن العقد ثمّ تبيّن عدمه .
  3 ـ يصح نكاح المريض بالمرض المتصل بموته بشرط الدخول ، فإذا مات ولم يدخل بها بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث ولا عدّة عليها بعد موته ، وكذا لو ماتت المرأة في أيام مرض زوجها ـ المتصل بموته ـ قبل أن يدخل بها فإنّه يبطل نكاحها .

(1) اي ليس لها أن تختار البقاء على العقد أو فسخه لأن هذا المورد ليس من الموارد التي يثبت فيها الخيار.

احكام المرأة والأسرة 137
  4 ـ المرض الذي تحدّثنا عنه هو خصوص مرض الموت ـ الذي يكون معه المريض في معرض الهلاك ـ فلا يشمل مثل حمّى يوم خفيف اتفق إن مات بها على خلاف العادة.
  5 ـ ورد عنوان الكفؤ في باب ولاية الأب والجدّ للأب على البنت الباكرة الرشيدة، ويكفي فيه أن يكون الخاطب مؤمناً عاقلا ، فالمؤمن كفؤ المؤمنة حتّى لو كان أعجميّاً(1) وكانت هي عربيّة ، أو كان عاميّاً وكانت هاشميّة أو بالعكس ، وكذلك لو كانت تنحدر من بيوتات شريفة ومعروفة اجتماعياً وكان هو ممّن له صنعة وحرفة دنيئة عرفاً كالكنّاس وغيره ، وهذا الأمر يدلّ على أنّ الإسلام لا يعتبر هذه القضايا العرفيّة، والمدار عنده في الكفاءة الإيمان والعقل الذان يوصلان الإنسان لكلّ شيء ، وينال بهما خير الدنيا والآخرة .

(1) المقصود من الأعجمي هو غير العربي.

احكام المرأة والأسرة 138
الزواج المؤقت

إباحة المتعة
  قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}(1).
  جاء في تفسير هذه الآية الكريمة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن المتعة ؟ فقال : " نزلت في القرآن " ، وتلا هذه الآية الكريمة (2).
  وفي عيون الأخبار عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا (عليه السلام) في كتابه إلى المأمون : " محض الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله ـ إلى أن قال ـ : وتحليل المتعتين اللّتين أنزلهما الله في كتابه ، وسنّهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) : متعة النساء ، ومتعة الحجّ " (3).
  ولكننا ـ مع الأسف ـ نرى البعض ممّن يتخذها غاية لا وسيلة ، ويستغلّ هذا الأمر المشروع لأجل أغراضه الشخصيّة ، ولذا نرى أئمتنا (عليهم السلام) قد وضعوا لهذا الأمر ضوابط وشرائط ينبغي للمؤمن تطبيقها .
  فقد جاء عن الفتح بن يزيد قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المتعة فقال : " هي حلال مباح مطلق لمن لم يغنه الله بالتزويج فليستعفف بالمتعة ، فإن استغنى عنها

(1) النساء 4:24.
(2) وسائل الشيعة 21:5، الحديث1.
(3) وسائل الشيعة 21:9، الحديث 15.

احكام المرأة والأسرة 139
  بالتزويج فهي مباح له إذا غاب عنها"(1).
  وعن الحسن بن شمون قال : كتب أبو الحسن (عليه السلام) إلى بعض مواليه : " لا تلحّوا على المتعة إنّما عليكم إقامة السنّة ، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم ، فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنونا " (2).

استحباب المتعة
  جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : " يستحب للرجل أن يتزوّج المتعة ، وما أُحبّ للرجل منكم أن يخرج من الدنيا حتى يتزوّج المتعة ولو مرّة ".
  وكذلك ما جاء عنه (عليه السلام) في رواية أُخرى وهو يسأل أحد أصحابه ـ محمد بن مسلم ـ قال له : " تمتّعت ؟ ".
  قال : لا ، قال (عليه السلام) : " لا تخرج من الدنيا حتّى تحيي السنّة " (3).
  وممّا سبق تبيّن إباحة المتعة ومشروعيّتها فضلا عن استحبابها والإثابة على القيام بها إحياءً للسنّة .
  ولكن المشكلة التي يعاني منها مجتمعنا وبالخصوص معشر النساء هو الأثر السلبي الذي تتركه المتعة على نفوس الرجال ، ممّا يؤدّي إلى تهديد بناء الأُسرة بالسقوط والانهيار ، والجواب على هذا الإشكال واضح ، لأنّ الشريعة لا تقرّ بشيء يكون مصدراً للمفسدة ، ولا تقبل بعمل يؤدّي إلى انحطاط كيان المرأة، والتلاعب

(1) وسائل الشيعة 21:22، الحديث 2.
(2) وسائل الشيعة 21:23، الحديث 4.
(3) وسائل الشيعة 21:15، الحديث 11.

احكام المرأة والأسرة 140
  بشخصيتها ، ولا يسمح لأيّ فرد سواء من داخل الأُسرة أم من خارجها أن يحول بين استحكام ورّص العلاقة بين الزوجين، بل الذي نشاهدُه في الكتاب الكريم وكلمات المعصومين (عليهم السلام) هو التأكيد على حفظ البيت المسلم ، وإعطاء المرأة المكانة اللائقة بها .
  ولم تشرّع المتعة إلاّ لغرض السير على الجادة المستقيمة التي رسمها لنا الشارع المقدّس.

أحكام زواج المتعة
  1 ـ وهو النكاح المؤجّل، والذي يتمّ العقد فيه لمدّة معيّنة زمناً ، وهو كالعقد الدائم من حيث توقّفه على الإيجاب والقبول اللفظيّين، فلا يكفي في وقوع العقد مجرّد الرضى القلبي من الطرفين ، كما لا يكفي المعاطاة ولا الكتابة ولا الإشارة إلاّ للأخرس، والأحوط وجوباً أن يكون لفظ الإيجاب والقبول باللغة العربية لمن يتمكّن منها ، وأمّا الذي لا يتمكّن فيكفية اللغة المفهِمة للطرف المقابل وإن كان قادراً على أن يوكّل أحداً غيره .
  2 ـ ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة : (متَّعتُ) ، و (زوَّجْت) ، و (أنكحت) ، فأيّ واحد من هذا الألفاظ حصل ، وقع الإيجاب، ولا ينعقد بغير هذه الألفاظ كلفظ (ملّكت) أو (وهبتُ) او (أجّرتُ).
  وأمّا القبول فإنّه يتحقّق بكل لفظ دالّ على إنشاء الرضى بذلك الإيجاب كقوله : (قبِلتُ المتعة ، أو التزويج ، أو النكاح) ولو قال : (قبلتُ) أو (رضيتُ) واقتصر كفى ذلك .
  3 ـ إذا باشر الزوجان العقد المؤقت وعقدا لأنفسهما من دون وكالة إلى أحد

احكام المرأة والأسرة 141
  وبعد تعيين المدّة والمهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنكحتك نفسي ، أو أنكحت نفسي منك أو لك في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل : (قبلت النكاح) صح العقد ، وكذا إذا قالت المرأة: (زوّجتك نفسي ، أو زوّجت نفسيّ منك في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت التزويج) وهكذا إذا قالت المرأة: (متّعتك نفسي إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت المتعة).
  4 ـ لو وكّلا غَيرهما وكان اسم الرجل أحمد و اسم المرأة فاطمة مثلا ، فقال وكيل المرأة: (أنكحتُ موكِّلَك أحمد موَكّلَتي فاطمة، أو أنكحت موَكّلَتي فاطمة موكِّلِك ، أو من موكِّلِك ، أو لموكِّلِك أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج : (قبلت النكاح لموكّلي أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) صح العقد.
  وكذا لو قال وكيلها : (زوّجت موكِّلَك أحمد موكِّلَتي فاطمة، أو زوّجت موكِّلَتي فاطمة موكّلَك ، أو من موكّلِك ، أو بموكّلِك أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم) فقال وكيله: (قبلت التزويج لموكّلي أحمد في المدّة المعيّنة على الصداق المعلوم).
  وهكذا لو قال وكيلها : (متّعتُ موكَّلَك أحمد موَكّلَتي فاطمة إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم)، فقال وكيل الزوج: (قبلتُ المتعة لموكّلي أحمد إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم).
  ولو كان المباشر للعقد وليهما، فقال ولي المرأة : (أنكحت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة ، أو أنكحت ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنك أو

احكام المرأة والأسرة 142
  حفيدك ، أو من ابنك أو حفيدك ، أو لإبنك أو حفيدك أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) أو قال ولي المرأة: (زوّجت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة ، أو زوّجت ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنك أو حفيدك ، أو من ابنك أو حفيدك أو بابنك أو حفيدك أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) أو قال ولي المرأة : (متّعتُ ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وليّ الزوج : (قبلت النكاح أو التزويج أو المتعة لابني أو لحفيدي أحمد في المدّة المعلومة على الصداق المعلوم) صح العقد.
  5 ـ كلّ من لا يجوز نكاحها دواماً ، سواء كان عيناً كالزواج من أُم الزوجة ، أو جمعاً كالزواج من الأُختين ، ذاتاً كالأُخت والعمّة والخالة ، أو عرضاً كالتي تَحرم بالرّضاعة مثلا لا يجوز نكاحها متعة حتّى بنت أخ الزوجة أو بنت أختها فلا يجوز التمتع بهما من دون إذن الزوجة التي تكون عمّتها أو خالتها ، نعم لا بأس بالتّمتع بالنصرانيّة واليهوديّة متعة(1) وإن كان لا يجوز الزواج منهما دواماً على الأحوط وجوباً كما مر .
  6 ـ يشترط في النكاح المؤقّت ذكر المهر ، فلو عقد بلا ذكر في العقد عمداً أو جهلا أو نسياناً أو غفلة ، أو لغير ذلك بطل ، وكذا لو جعل المهر ممّا لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير وكذلك لو جعله من مال الغير مع عدم إذنه وردّه بعد العقد.
  7 ـ يجوز أن يجعل المهر عيناً خارجيةً كقطعة أرض مثلا، أو كليّاً في الذمّة كألف دينار ، كما يصح أن يجعل المهر منفعة كإجارة بيت أو محلّ عمل ، أو أن يكون المهر عملا محلّلا صالحاً للعوضيّة وإعطاء الأُجرة ، وكذلك يجوز أن يكون حقّاً من

(1) ويشترط فيه إذن الزوجة المسلمة بل الأحوط وجوباً الترك حتى مع رضاها كما مر .

احكام المرأة والأسرة 143
  الحقوق الماليّة القابلة للانتقال ، كحقّ التحجير مثلا ، كما إذا وجد أرضاً مواتاً فجعل لها جداراً حتّى لا يتصرّف فيها أحد فعملُه هذا مقدّمة لإحياء هذه الأرض.
  8 ـ يعتبر أن يكون المهر في الزواج المؤقّت معلوماً ، فلا تصح المتعة بالمهر المجهول ، فالأحوط وجوباً أن يكون معلوماً على النحو المعتبر في المعاوضات ، بأن يكن معلوماً بالكيل إذا كان مكيلا ، وبالوزن إذا كان موزوناً ، وبالعدّ كذلك إذا كان معدوداً ، وبالمشاهدة فيما يعتبر فيه المشاهدة .
  9 ـ لا تقدير للمهر شرعاً بل يصح بأيّ مقدار تراضيا عليه، قليلا كان أم كثيراً ، ولو كان كفّاً من الطعام.
  10 ـ تملك المرأة المتمتّع بها تمام المهر بالعقد ، ولكن استقراره بتمامه مشروط بعدم إخلالها بالتمكين الواجب عليها بمقتضى العقد ، فلو أخلّت به ولم تمكّنه من نفسها في بعض المدّة ، فيحقّ له أن ينقص من مقدار المهر بنسبة ما أخلّت من المدّة ، فإذا أخلّت مثلا بنصف مدّة نكاحها فينقص النصف ، وإذا كان ثلثاً من المدّة فينقص الثلث من المهر ، وهكذا .
  وأمّا الأيام التي يحرم عليها التمكين بالوطء فيها كالحيض ، وكذا ما يحرم فيه الوطء على الزوج دونها كحال إحرامه فلا ينقص من المهر شيء ، وكذا فترات عدم تمكينها لعذر يتعارف حصوله للمرأة خلال المدّة المعيّنة للعقد من مرض مدنف (1) أو سفر لازم أو غيرهما.
  11 ـ لو خاف الزوج من تخلّف الزوجة المتمتّع بها عن التمكين في تمام المدّة ، جاز له تقسيط المهر ودفعه إليها أقساطاً حسبما تمكّنه من نفسها .

(1) مدنف ، من دَنِفَ المريض بالكسر ، أي ثقل ، فهوُ مدنِف ومُدْنَف ، الصحاح 4:1361 "دنف".

احكام المرأة والأسرة 144
  12 ـ لو حُبس الزوج أو سافر أو مرض مثلا أو مات أو تركها اختياراً حتى مضت المدّة المحدّدة للنكاح حين العقد ولو بتمامها ، لا يسقط من المهر شيء وإن كان ذلك قبل الدخول، وكذا لا يسقط من المهر شيء لو ماتت هي أثناء المدّة على الأحوط وجوباً .
  13 ـ لو وهبها المدّة ولم يكملها معها ، فإن كان ذلك قبل الدخول يجب عليه أن يعطي نصف المهر ، وإن كان بعده أعطى جميع المهر حتّى وإن مضت من المدّة ساعة وبقيت منها شهور أو أعوام.
  14 ـ لو تبيّن فساد العقد بأن ظهر للمرأة المتمتّع بها زوج ، أو كانت أُخت زوجة الرجل الذي يريد أن يتمتّع بها أو أمّها مثلا ، فلا تستحقّ المهر قبل الدخول ، ولو كانت قد أخذته المرأة أرجعته إليه ، ولو تلف وجب عليها إعطاء بدله ، وكذلك الحال لو دخل بها وكانت عالمة بفساد العقد ، وأمّا إن كانت جاهلة بفساد العقد فلها أقلّ الأمرين من المهر المسمّى ومهر المثل في الزواج المؤقت لا الدائمي ، فلو كان المهر المسمّى خمسة آلاف ديناراً ومهر المثل الذي يعطى للمرأة المتمتّع بها عادة أربعة آلاف ديناراً مثلا فيعطيها أربعة آلاف، فإن كان الذي أخذته أكثر من المقدار أرجعت الباقي .
  15 ـ يشترط في النكاح المؤقت ذكر المدّة ، فلو لم يذكرها عمداً أو نسياناً أو غفلةً أو حياءً أو لسبب آخر، بطل العقد متعة بل ودائماً أيضاً.
  16 ـ لا تقدير للأجل في العقد المؤقت شرعاً ، بل هو إليهما يتراضيان على ما أرادا ، طال أو قصر ، نعم لا يجوز جعله أزيد من محتمل عمر أحد الزوجين أو عمرهما معاً ، ولو جعلاه أزيد من ذلك بطل العقد ، كما يشكل جعله أقلّ من مدّة تسع شيئاً من الاستمتاع بالنسبة إليهما ، ومن هنا يشكل العقد على الصغير أو الصغيرة مع

احكام المرأة والأسرة 145
  عدم قابلية المدّة المعيّنة للاستمتاع فيها من الصغيرة، أو لاستمتاع الصغير فيها بوجه .
  17 ـ لا بدّ في الأجل أن يكون معيّناً بالزمان بنحو لا يحتمل الزيادة ولا النقصان ، فلو كان مقدّراً بالمرّة أو المرّتين من دون تقدير بالزمان ، أو كان مقدّراً بزمان مجهول ، كشهر من السنة أو يوم من الشهر ، أو كان مردّداً بين الأقلّ والأكثر كشهر أو شهرين أو قدوم الحاج أو نضوج الثمرة بطل العقد ، نعم لا بأس بما يكون مضبوطاً في نفسه وإن توقّف تشخيصه على الفحص.
  18 ـ بعض الأشهر الهلاليّة تنقص عن الثلاثين يوماً ، وهذا لا يؤدّي إلى بطلان العقد فيما لو جعل المدّة شهراً هلاليّاً مع أنّه مردّد بين الثلاثين والتسعة والعشرين يوماً ، وكذلك لا بأس لو جعل المدّة إلى آخر هذا الشهر ، أو آخر هذا اليوم مع عدم معرفة ما بقي منهما .
  19 ـ لو قالت المرأة المتمتّع بها : (زوّجتك نفسي شهراً ، أو إلى مدّة شهر) مثلا وأطلقت ولم تعيّن أيّ شهر هو ، أو إلى أيّ شهر ، بدأ الحساب من حين العقد ، ولا تنفصل المدّة عنه ، ولا يجوز على الأحوط وجوباً أن تُجعل المدّة منفصلة عن العقد ، بأن يكون مبدؤها بعد أُسبوع من حين وقوعه ، نعم لا مانع من اشتراط تأخير الاستمتاع مع كون التزويج من حال العقد .
  20 ـ لو جعل للعقد مدّة معيّنة ثمّ شكّ في انتهائها، فيبني على عدم انتهائها حتّى يتيقّن من الانتهاء.
  21 ـ لا يصح تجديد العقد على المرأة المتمتّع بها ، سواء أراد أن يجعل العقد الجديد دائماً أم منقطعاً ، قبل أن تنقضي المدّة السابقة ، أو قبل أن يهبها لها ، فلو كانت المدّة شهراً وأراد أن تكون شهرين فلا بدّ أن يهبها المدّة أوّلا ثمّ يعقد عليها مرةً

احكام المرأة والأسرة 146
  أُخرى، ويجعل المدّة شهرين ، ولا يجوز أن يعقد عليها عقداً آخر ويجعل المدّة شهراً آخر بعد الشهر الأوّل فيكون المجموع شهرين .
  22 ـ لا طلاق في المتعة ، وإنّما تبين المرأة المتمتّع بها عن الرجل بانقضاء المدّة المذكورة في العقد ، أو أن يهبها لها ، فإذا انفصلت عنه وجبت عليها العدّة ، ولا رجعة الزوج في عدّتها وإنّما يجوز أن يرجع عليها بعقد جديد فقط .
  23 ـ إذا كان الزوج صغيراً فيحقّ للولي أن يهبّ المدّة لزوجته المتمتّع بها قبل انتهائها إذا كان في الإبراء مصلحةً للصبيّ، وإن كانت المدّة تزيد على زمن صباه كما إذا كان عمر الصبيّ سنتان وكانت مدّة المتعة أربع عشرة سنة مثلا .
  24 ـ لا يثبت بالنكاح المنقطع التوراث بين الزوجين ، ولو شرطا التوارث بينهما أو خصوص توريث أحدهما كتوريث المرأة ففي نفوذ الشرط إشكال ، فالأحوط وجوباً تصالح الورثة معها ، أو الرجوع في هذه المسألة إلى الغير مع رعاية الأعلم فالأعلم .
  25 ـ لا تجب نفقة الزوجة المتمتّع بها على زوجها وإن حملت منه، ولا تستحقّ من زوجها المبيت عندها الاّ إذا اشترطت ذلك في العقد، أو شرطته عليه في ضمن عقد آخر لازم كعقد البيع مثلا .
  26 ـ لو جهلت الزوجة بعدم استحقاقها النفقة والمبيت لا يؤثّر جهلها هذا على صحة العقد ، ولا يثبت لها حقّ على الزوج من جهة جهلها ، ويحرم عليها الزوج من الدار بغير إذن زوجها إذا كان خروجها منافياً لحقّ الاستمتاع ، والأحوط استحباباً أن لا تخرج من دون إذنه حتى إذا لم يكن الخروج منافياً لحقّه أيضاً.
  27 ـ إذا انقضت مدّة المتعة أو وهبها للمرأة قبل الدخول بها فلا عدّة عليها ، وإن وهبها المدّة بعد الدخول ولم تكن صغيرة أو يائسة فيجب عليها أن تعتدّ ،

احكام المرأة والأسرة 147
  ومقدار عدّتها حيضتان كاملتان ، ولا تكفي فيها حيضة واحدة على الأحوط وجوباً، وإن كانت لا تحيض لمرض أو سبب آخر وهي في سنّ من تحيض وليست في سنّ اليأس فعدّتها خمسة وأربعون يوماً ، ولو حلّ الأجل أو وهبها المدّة في أثناء الحيض لم تحسب تلك الحيضة من العدّة ، بل لا بدّ من حيضتين تامتين بعد هذه الحيضة إذا لم تكن حاملا ، أما إذا كانت حاملا فعدّتها إلى أن تضع حملها وإن كان الأحوط استحباباً أن تعتدّ بأبعد الأجلين ، والأجلين هما : وضع حملها وانقضاء حيضتين أو مضى خمسة وأربعين يوماً .
  وأما عدّة المتمتّع بها في الوفاة فهي أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملا ، وإن كانت حاملا فتعتدّ بأبعد الأجلين من أربعة أشهر وعشرة أيام ووضع حملها كالدائمة .
  28 ـ يستحب أن تكون المرأة المتمتّع بها مؤمنة عفيفة ، وأن يسأل عن حالها قبل الزواج مع عدم التهمة من أنّها ذات بعل أو ذات عدّة أم لا ، وأمّا بعد الزواج فلا يستحب السؤال ، وليس السؤال عن حالها والفحص شرطاً في الصحة.
  29 ـ يجوز التمتّع بالزانية على كراهة ، نعم إذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط وجوباً ترك التمتّع بها إلاّ بعد توبتها .

احكام المرأة والأسرة 148
في المهر
  لقد احترم الإسلام المرأة وجعل لها كياناً واستقلاليّة ، بخلاف ما يدّعيه البعض من حجبها وعدم الاعتراف بشخصيّتها، لذا شرّع لها المهر الذي تأخذه من الزوج مقابل ما تقدّم له من طاقات أفنت في طلبها عمرها ، وليس ذلك ثمناً لأن العمر لا يثمّن ، ولكنّها سنّة إلهيّة جعلها الإسلام شرطاً في الزواج الذي هو أسمى من أن يقيّم بالمادّيات ، وممّا يؤسف له أنّ البعض حوّلوا المهور إلى تجارة والمرأة إلى بضاعة ، فأضاعوا الهدف السامي الذي سُنّ الزواج لأجله وشُرّع المهر لِسببه .
  وقد يكون التعامل السلبي لبعض الرجال مع زوجاتهم أدّى بالأولياء أن ينظروا للمهر هذه النظرة ، والحقّ معهم لأنّهم أرادوا أن يضمنوا مستقبل بناتهم ، ويجعلوهنّ في أمان من تهوّر بعض الأزواج، ولكن لا يُقطع دابر المعروف بسبب عدم أهليّة البعض له ، ولا نجعل غلاء المهور سبباً مخوّفاً للشباب ورادعاً إيّاهم عن الزواج ، بل كما قال (عليه السلام) : إعمل المعروف مع أهله فإن لم يكن له أهل فانت أهله.

بعض المسائل التي ترتبط بالمهر
  1 ـ ويسمّى المهر الصداق أيضاً : وهو ما تستحقّه المرأة بجعله في العقد أو بتعيّنه بعده أو بسبب الوطىء ، أو ما هو بحكمه من مبلغ أو شيء آخر يمكن أن يملكه المسلم ، بشرط أن يكون قابلا للانتقال عرفاً على الأحوط لزوماً ، سواء كان ديناً في ذمّة الزوج ، أو عيناً يملكها كدار مثلا ، أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار

احكام المرأة والأسرة 149
  أو حيوان أو نحوهما ، وكذلك يصح أن يكون المهر عمل الزوج نفسه كتعليمها قراءة سورة من القرآن الكريم مثلا أو تعليمها صنعة وحرفة، وهكذا كلّ عمل محلّل ، بل ويجوز أن يجعله حقّاً ماليّاً قابلا للنقل والانتقال كحقّ التحجير(1).
  2 ـ لا يوجد مقدار معيّن للمهر شرعاً من جانب القلّة ، ويكفي ما تراضيا عليه الزوجان ولو كان حبّة حنطة ، وكذلك لا تقدير له من جانب الكثرة ، ولكن يستحب أن لايجوز مهر السّنّة ، وهو المهر الذي كان لمولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) ومقداره خمسمائة درهم ، فلو أراد أن يجعله أكثر جعل الزائد عن مهر السنّة هدية لها .
  3 ـ لا بدّ من تعيين المهر بما يخرجه عن الإبهام والترديد ، فلو أمهرها أحد شيئين مردّداً أو خياطة أحد ثوبين بطل المهر ولم يبطل العقد وكان بهاء (2) الدخول بها مهر المثل وهو مهر النساء اللواتي مثلها بحسب شأنها إلاّ إن يزيد على أقلهما قيمة فيتصالحان في مقدار التفاوت ، ولا يعتبر أن يكون المهر معلوماً على النحو المعتبر في البيع وشبهه من المعاوضات ، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وإن جهل كيلها أو وزنها، أو الصبرة من الطعام أيّ (الكومه) منه ، أو قطعة من الذهب ، أو طاقة (طول) مشاهدة من القماش أو صبرة حاضرة من الجوز ، وأمثال ذلك.
  4 ـ لو تزوّج كافران من أهل الذمّة وكان المهر في زواجهما خمراً أو خنزيراً صحّ العقد والمهر ، ولو أسلما قبل القبض فللزوجة قيمته عند مستحليّه (3) ، ولو أسلم أحدهما قبله فلا يبعد لزوم القيمة أيضاً.

(1) وقد مرّ بيان المقصود من حقّ التحجير في أحكام زواج المتعة المسألة رقم (7).
(2) البهاء هو الثمن.
(3) أي عند من يعتقد صحّة تملّك الخمر والخنزير.

احكام المرأة والأسرة 150
  ولو تزوّج المسلم على أحدهما(1) صحّ العقد وبطل المهر ، وللمرأة ـ إذا دخل بها ـ مهر المثل ، إلاّ أن يكون المسمّى أقلّ قيمة منه فيتصالحا في مقدار التفاوت.
  5 ـ ذكر المهر ليس شرطاً في صحة العقد الدائم ، فلو عقد على امرأة ولم يذكر لها مهراً أصلا، بأن قالت الزوجة للزوج مثلا : (زوجّتك نفسي) ، أو قال وكيلها : (زوجت موكّلتي فلانه) ، فقال الزوج : (قبلت) صحّ العقد ، بل لو صرّحت الزوجة بعدم المهر بأن قالت : (زوّجتك نفسي بلا مهر) فقال الزوج (قبلت) صحّ العقد ، ويقال لذلك تعويض المبلغ.
  6 ـ لو عقد المرأة ولم يعيّن لها مهراً جاز أن يتراضيا بعد العقد على شيء ، سواء كان المقدار الذي يتراضيا عليه بمقدار مهر أمثالها أو أقلّ منه أو أكثر ، فيصبح ذلك مهراً لها كالمهر المذكور في العقد.
  7 ـ لو عقد على المرأة ولم يسمّ لها مهراً ، ولم يتفقا على تعيينه بعده لم تستحقّ المرأة شيئاً قبل الدخول ، إلاّ إذا طلّقها فحينئذ تستحقّ أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الفقر والغنى واليسار والإعسار ، ويسمّى ذلك الشيء الذي يعطى (بالمتعة) ولهذا يشير قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (2).
  أمّا لو انفصلا قبل أن يدخل بالمرأة بأمر غير الطلاق لم تستحقّ المرأة شيئاً عليه بسبب عدم الدخول ، وهكذا لو مات أحدهما قبل الدخول ، أمّا لو دخل بها

(1) أي لو جعل المسلم المهر في زواجه خمراً أو خنزيراً.
(2) البقرة 2:236.