(الشعر والادب)
ابن لنكك البصري
 



ومضات من سيرة
الشاعر ابن لنكك البصري (ت 360 هـ)


  شاعر واديب لا يعرف عنه الكثير، وعلى الرغم من ان اغلب شعره في الشكوى والهجاء، فقد كان أديباً ظريفاً صاحب نوادر يحسن معاملة الناس، ويحرص على أصدقائه من الأدباء والشعراء، فيتهافتون على مجلسه، ويبادلونه الشعر والمُلح، انه الأديب النحوي الشاعر الجريئ أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر البصري المشهور بـ ( ابن لنكك ) وحسب تتبعي فان كلمة (لنك) او (لنكي) هي كلمة فارسية و تعني (الأعرج)، و (لنكك) هي تصغير كلمة (لنك) .
  نشأ (ابن لنكك) في البصرة، وحفظ لطائف الأدب وظرائفه وسافر الى بغداد ، فحصل ثقافة جيدة، وألمّ بمعارف عصره وبرع في الشعر، وكان تلميذ المفجع البصري ت 327 هـ.
  روى الأخبار والأشعار، وأخذ عنه أهل اللغة والأدب، وكان عالي القدر عند معاصريه، فتطلعت نفسه إلى المزيد، لكنه لم يصل الى ما تصبو اليه نفسه إذ كان التقدم في أيامه لأبي الطيب المتنبي ولأبي رياش اليمامي.
  كان ذا اسلوب متفاوت في شعره، فتراه يتبع أسلوباً مباشراً واضحاً في الشكوى والهجاء، لا يلتفت إلى تجويده وتصنيعه. ولكنه يميل إلى شيء من الصنعة والتأنق في أغراض الشعر الأخرى. ومعظم شعره مقطوعات قصيرة يجيد سبكها وبناءها، فإذا أطال لم يُحسن وانخفض مستوى نظمه. ومع ذلك فإن مصنفي كتب الأدب حرصوا على إيراد أمثلة كثيرة من شعره.
  كان جريئاً في شعره حتى انه هجا المتنبي في مقطوعة شعرية قال فيها :
  (ما أوقح المتنبّي، فيما حكى وادعاه) وهو يشير الى ادعاء المتنبي للنبوة قال فيه الصاحب ابن عباد :
  (شعرُ الظريفِ ابن لنكك، مهذّبٌ ومحكّكْ مذهَّبٌ ومُمسَّك، بمثلهِ يُتمسَّك) .
  وقد اتبع في مقطوعاته نهج السخرية التي تميل إليها النفوس، فكان شاعر العامة، في حين كان المتنبي شاعر الحكام ومجالس العلم، وقد عبر شعره عن أحوال كثير من الناس الذين يظنون أنهم ظلموا ولم يصلوا إلى حقهم من الاعتراف بفضلهم ، لذلك كثر التمثل بشعره عند الحديث عن الشكوى من الزمان ومعاندة الدهر للأفاضل وقد أفاد شعراء العصور المتأخرة من شعر ابن لنكك، فعارضوه وأفادوا من معانيه وصوره .
  ذكر لابن لنكك إضافة إلى ديوان شعره وجمعه لديوان الخبز أزري رسالة في فضل الورد على النسرين، وهذا يدل على أنه كان ناثراً من شعره في حقيقة الزمان وأهله :
يـعيبُ  الناسُ كلُّهمُ الزَّمانَا      ii
ومـا لِـزماننَا عَيبٌ iiسِوَانَا      ii
نَـعِيْبُ زمانَنا والعيب iiفِيْنَا      ii
وَلَوْ نَطَقَ الزَّمانُ إِذَنْ هجَانَا      ii
ذِئَـابٌ كـلُّنا في زيّ iiنَاسٍ      ii
فَـسُبْحَانَ الـذي فيه iiبَرَانَا      ii
يَعَافُ الذئبُ يأكلُ لَحْمَ iiذِئْبٍ      ii
ويَـأْكلُ بَعْضُنَا بَعْضَاً عِيَانَا      ii