( علوم الأدب والفلسفة )
ابراهيم النظام
الاستاذ حيدر عبد الحسين قصير


   ولد ابو أسحاق بن يسار بن هاني النظام نحو 160 هـ (777 م) في البصرة ،وفيها نشأ فقيراً ينظم الخرز ، ومن هذا العمل الوضيع جاء لقبه وكثرت اسفار (النظام) :زار الاحواز طلبا للرزق ، ثم زار الكوفة وبغداد مراراً ، وذهب الى الحج .
   وأخذ (النظام) مذهب الاعتزال عن خاله العلاف ، ثم اتسعت احاطته بفنون الادب والعلم والفلسفة والفقه حتى اصبح من كبار المعتزلة وفرسان اهل النظر والكلام .
   توفي في بغداد على الارجح سنة 231 هـ (845 م) .
  مقامه وآراءه
   النظام اديب بارع ومفكر ناقد ومتكلم مقتدر ومتفلسف ، وهو مادي التحليل للوجود ، اتباعاً لارسطو ، الا للالوهية ، ثم ان له باعا طويلة في العلوم الطبيعية ، وفي جانبها التجريبي خاصة ، وفي علوم الحيوان على الاخص ومع (النظام) اكتسب مذهب الاعتزال مظهره البارز .
   كان (النظام) يأخذ القرآن الكريم وبالسنة النبوية ولا يرى الاخذ بالحديث الضعيف شأنه في ذلك شأن المعتزل ، وهو يرفض الاجماع لان الاجماع ليس دليلاً على صحة الحكم المجمع عليه ، وان كان يلزم الناس بالعمل بذلك الحكم ، وهو يرفض القياس الفقهي لكنه يقبل القياس المنطقي .
   ولقد كان للنظام وقفات مشهورة في الرد على مخالفي الاسلام من الدهرية والمانوية والديصانية وغيرهم .
   وكان (النظام) اكثر أخذاً عن الفلاسفة ، من خاله وأستاذه العلاف ، وأحسن فهماً لما يأخذ عنهم ، ويبدو ان ذلك هو السبب الذي حمل المتكلمين والفلاسفة على اتهام (النظام) بالكفر ، فمن آراء (النظام) في الكلام والفلسفة (الانسان مخير تخيراً كاملاً ـ ان الله لا يقدر على فعل الجور والظلم وانما يقدر على ما فيه صلاح المخلوقين فقط ـ قال بابطال النبوات ، وقال ان اعجاز القرآن ليس في نظمه (اسلوبه) ،وانما في اخباره عن الغيب .
   ثم انكر المعجزات ـ ان الله خلق الموجودات كلها دفعة واحدة ما هي عليه الان :ـ معادن ونباتاً وحيواناً وانساناًُ ـ الانسان الحقيقي هو النفس لا الجسد ، والنفس جسم لطيف مداخل للجسد ـ ابطال الجزء الذي لا يتجزأ وقال ان كل جزء ينقسم اجزاء اصغر منه ـ قال بالفطرة ، ذلك ان الجسم يقطع مسافة ما من غير ان يمر بجميع مراحلها _ وقال ان جميع المعارف واجبة بالعقل وغيرها من الاراء التي أشتهر بها (النظام) في عصره .