|
|
|
|
( كلية الأداب)
الدكتور فيصل السامر
الاستاذ طالب جاسم الغريب
هو فيصل جرئ مري نعمة مرزوق السامر من عشيرة السيامر الساكنة في المدينة احد نواحي البصرة ، ولد في (12/1/1924) ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة فيها ، وكان من المتفوقين في امتحان (البكالوريا) اذ التحق في كلية الملك فيصل ببغداد ، وكانت آنذاك (مدرسة ثانوية خاصة للمتفوقين والموهوبين) وبعد تخرجه أوفد الى مصر فأنتسب الى كلية الاداب بجامعة القاهرة على البكالوريوس (1947)، الماجستير (1950)، وكانت رسالته بعنوان "حركة الزنج" .
بعد عودته الى البصرة عمل فيصل السامر بعد حصوله على الليسانس والماجستير مدرساًَ في دار المعلمين الابتدائية ، وفي ثانوية البصرة ، ثم انتقل ليصبح مدرساً لمادة التأريخ الاسلامي في دار المعلمين العالية (كلية التربية حالياً) ببغداد .
وفي سنة 1953 اكمل الدكتوراه من الجامعة ذاتها وكانت رسالته بعنوان :"الدولة الحمدانية في الموصل وحلب " عمل استاذاً ورئيساً لقسم التأريخ بكلية الآداب / جامعة بغداد مطلع السبعينات من القرن العشرين ... وقد حظي بحب طلبته وزملائه ، فكان بحق علماً من اعلام العراق المعاصر ، وصاحب منهج واضح في كتابة التأريخ ، تتلمذ على يديه أجيال كثيرة ، وتعلمت منه الصدق ، التسامح ، المحبة ،والتواضع ،والبساطة ،وحب فعل الخير مع من يستحق ومن لا يستحق ... كان الدكتور فيصل مؤرخاً ،وأستاذاً جامعياً ،وسياسياً ،وباحثاً متميزاً ، له ( رحمة الله) حضوراً متميزاً على الساحة الثقافية العراقية المعاصرة .
كما كان لإسهاماته في مجال منهج البحث في الدرس والفكر التاريخيين في العراق منذ الخمسينيات من القرن الماضي اثر كبير في رفعة شأن المدرسة التأريخية العراقية المعاصرة .
اتجه العمل السياسي وكان يسارياً وتقدمياً في تفكيره وتوجيهه ، وليس ثمة دلائل على انتماءه الى الحزب الشيوعي ، على الرغم من انه أحد مؤسسي مجلة "الثقافة الجديدة" التي صدر عددها الاول في تشرين الاول 1953 .
في بداية الخمسينيات ـ أيضاً ـ أسهم بفاعلية في حركة السلم التي انطلقت آنذاك ، وحضر مؤتمرها السري الاول عام 1954 ، وفي العام نفسه اصبح مرشح الجبهة الوطنية الانتخابية عن البصرة الى البرلمان ، لكن موافقة المناوئة للحكم الملكي أدت الى ان يفصل من الخدمة الحكومية مع عدد من زملائه ولم يكتف النظام السياسي السائد آنذاك بفصله بل ألحقه وزملائه بالخدمة العسكرية الالزامية وأدخل دورة ضباط الاحتياط العاشرة التي خصصت للمفصولين سنة 1955 ، وبعد تسريحه اضطر للسفر الى الكويت للتدريس في بعض معاهدها التعليمية ولم يعد الى العراق الا بعد قيام ثورة تموز 1958 ، أذ أصبح الدكتور السامر (رحمة الله) ،من الشخصيات المهمة بعد الثورة ،فتسنم مناصب عديدة منها (مدير التعليم العام) في وزارة التربية (المعارف) ،وهو من الداعين لتأسيس نقابة لهم ،ولما تشكلت أول نقابة بعد 14 تموز 1958 ،صار أول رئيس لها .
وفي سنة 1959 اختاره عبد الكريم قاسم القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء ،وزيراً للارشاد (الاعلام) ... وخلال الحقبة الوزارية اسس وكالة الانباء العراقية ، والفرقة السمفونية ،ودار الاوبرا .
وبعد انقلاب 8 شباط 1963 ترك السامر العراق وذهب الى (جيكوسلوفاكيا) السابقة اذ أسقطت حكومة انقلاب شباط الجنسية والجواز عنه وعن أفراد أسرته ، حيث عمل أستاذاًُ في أكادمية العلوم في براغ عرضت عليه الحكومة التشيكية جنسيتها له ولاسرته ،فاعتذر عن قبولها .
وفي تموز 1968 عاد الى العراق والتحق بأعضاء هيئة التدريس بكلية التربية ، ثم أعيد الى قسم التاريخ بكلية الآداب ليعمل أستاذاً ، وقد انتخبه زملائه رئيساً للقسم ، وبقي كذلك سنوات ، ثم تفرغ للبحث العلمي والتدريسي والاشراف على طلبة الدراسات العليا ، تميز انتاجه العلمي شكلا ومضمونا ، ومن اصدارات السامر كتاب نشر سنة 1948 بعنوان : "صوت التأريخ" وضم الكتاب مضوعات عن اثينا والديمقراطية ،والاسلام ،والحركة البروتستانتية ، الثورة الفرنسية ، فضلاً عن رسالتيه الماجستير (ثورة الزنج) التي طبعت اكثر من مرة أولها ببغداد سنة 1954 وآخرها ببيروت سنة 1971 وللدكتوراه (الدولة الحمدانية في الموصل وحلب) ،وقد طبعت مرتين الاولى في بغداد سنة 1953 والثانية في القاهرة سنة 1970 ، ويقع الكتاب في جزأين وأهم انجازاته العلمية فضلاً عن ذلك هي :
اولاً ـ مؤلفاته
1 ـ الاصول التاريخية للحضارة العربية الاسلامية في الشرق الاقصى ،بغداد ،1977 .
2 ـ العرب والحضارة العربية ،بغداد 1977 .
3 ـ ابن الاثير ،بغداد ،1983 .
ثانياً ـ بحوثه المنشورة :
1 ـ موقفنا من المدينة الغربية ، الكويت ، 1959 .
2 ـ السفارات العربية الى الصين في العصور الوسطى الاسلامية ، بغداد ،1971 .
3 ـ ملاحظات في الاوزان والمكاييل وأهميتها ، بغداد 1971 .
4 ـ التسامح الديني والعنصري في التأريخ العربي الاسلامي ، بغداد 1972 .
5 ـ الفكر العربي في مواجهة الفكر الغربي ، بغداد ، 1972 .
6 ـ حركة التجديد الديني والعلماني في أندونيسيا ،بغداد ،1972 .
7 ـ خواطر وذكريات عن طه حسين ، بغداد ، 1974 .
8 ـ الاهمية الاجتماعية والاقتصادية للمكاييل والاوزان الاسلامية ، باريس ، 1975 .
9 ـ جوانب جديدة من حياة الملك فيصل الاول ، باريس ، 1976 .
10 ـ اليهود لعراقيين ، لمحات تأريخية ، بغداد ، 1977 .
11 ـ مواد الكتابة عند العرب ، تونس ، 1979 .
12 ـ العراق ، اكستر ، 1981 .
13 ـ نهضة التجارة العربية في العصور الوسطى ، بغداد ، 1981 .
14 ـ الحياة الحزبية في الوطن العربي بعد الحرب العالية الثانية ، بغداد ،1978 .
ثالثاً ـ تحقيق الكتب كما انصرف لتحقيق بعض كتب التراث منها :
ـ كتاب (عيون التواريخ ، لابن عساكر ،ثلاثة أجزاء ) وطبع ببغداد بين سنتي 1977 و 1984 .
رابعاً ـ الترجمة وله ترجمات عن اللغتين الفرنسية والانكليزية منها :
1 ـ كتاب (أزمة الحضارة) لجوزيف أ. كاميليرس ،غ .د يمومبين .
وقد اثني عليه الاستاذ حميد المطبعي في موسوعته (اعلام العراق في القرن العشرين) الجزء الثاني السمر حيث قال انه "عالم بالتأريخ" كانت له "واقف وطنية" وقد "اسهم في الحياة الثقافية إسهاماًُ لامعاً " ونقل عنه رأيه في التأريخ والمؤرخين وقال "ان المؤرخ ، في رأي الدكتور السامر ، لا يكون مجرد رواية أمين لاحداث الماضي فقط ، فهذا واجب من واجباته فحسب ، ان الواجب الاكثر أهمية واصالة في أن يكون المؤرخ طرفاً نشيطاً تفسير أحداث عصره تفسيراً واعياً .
وفي رأيه أيضاً "اذا كان من واجب المؤرخ أن يكون بين القوى المنظمة للحياة الحاضرة والمساعدة على دفعها الى الامام ، فأن مؤرخينا مدعوون الى ان يسلطوا الضوء على الحلقات المضيئة والعلامات الدالة على حيوية الحضارة العربية كي نجعل التأريخ حافزاً من حوافز نضالنا ونهوضنا الحديث" .
لقد كان هم السامر هو ان يطلع القاصي والداني على منجزات العرب والمسلمين في حقول الحضارة والثقافة والأدب والفنون ،كثيراً من هذه المنجزات ذات علاقة مباشرة بحمية المسلمين في نشر دينهم في كل بقعة يستطيعون الوصول إليها بأعتبار ذلك جزءاً من رسالة الاسلام ،كما أن تلك المنجزات ، برأي الدكتور السامر ارتبطت بهدف ثان هو النشاط الاقتصادي الذي رافق توسع الدولة العربية الاسلامية ، وامتداد أقاليمها ،فمع أن التاجر العربي كان يسعى للحصول على الربح ، الا انه لم يأل جهداً في نقل عقيدته وأيصالها الى جميع اولئك الذين يقدر له أن يتعرف عليهم في رحلاته في الاقاليم التي يذهب اليها .
توفي (رحمه الله)، صباح يوم 14 كانون الاول سنة 1982 في لندن وترك ثلاثة بنات هن سوسن دكتوراه في الادب الانكليزي في كلية الاداب جامعة بغداد وياسمين مهندسة معمارية في أبو ظبي ولبنى خريجة جامعة بغداد التكنولوجية في بغداد الان هي في كندا ، خلف بيننا ثروة علمية تعطي الدليل على أنه كان مؤرخاً شجاعاً ومنصفاً وصادقاً الى جانب كونه أنساناً وطنياً أفاد بلده والعالم أجمع ... كان الدكتور فيصل السامر مؤرخ لامع لأنه كان شجاعاً منصفاً صادقاً ، ليست هذه الصفات بغريبة عن وطني كان يرى نفسه ليس رواية للاحداث ، بل طرف نشيط في تفسيرها وبوعي ، لان المؤزخ الموضوعي ـ حسب رأيه ـ فضلاً عن واجبه أن يكون من القوى المنظمة للحياة الحاضرة ومساعداً على دفعها الى الامام فأنه ـ أي مؤرخ ـ مدعو أن يسلط الضوء على الحلقات والعلامات الدالة في الحضارة ، كي يكون التأريخ حافزاً من حوافز نهوضنا الجديد .
|
|
|
|
|
|