جماليات المكان في شوارع البصرة

الاستاذ جواد باقر جعفر

   المقدمة

  تخترق بصرتنا شوارع عدة يتم التنقل عبرها الى مركز واقضية المدينة ، والشوارع الرئيسية منها عادة ما تكون مزدحمة طوال الوقت بالمتجولين والطلبة أوقات الدراسة أو الموظفين بعد انتهاء عملهم ، والزائرين الذين يبحثون عن الاماكن الخلابة وعلى عكس تلك الشوارع المزدحمة هناك بعض الشوارع الهادئة الساكنة لكن هدوءها ليس مؤشر موت أو ريبة وانما تبعث في من يزورها الاحساس بالراحة والابتعاد عن صخب المدينة ومن تلك الشوارع شارع الطيران نسبة الى احدى ساحاته التي تحوي نصب يمثل الخطوط الجوية العراقية فهو شارع يبعث للراحة والاطمئنان لاسيما انه محاذي لشط الخورة وتزين أرصفته أشجار الكالبتوس والزهور ، وفي نهاية هذا الشارع شارع الخورة المؤدي بدوره الى شارع الجزائر المركز التجاري الجميل بأسواقه ونبضه بالحياة حتى وقت متأخر من الليل ويعد هذا الشارع مقصد الزائرين من أهالي البصرة والوافدين اليها لجمالية عمارة المحلات والاسواق فيه ، ومما يلفت الانتباه في هذا الشارع صرح معماري إسلامي كبير ألا وهو مسجد الموسوي الكبير بقببه الجميلة وساعته الضخمة وهو معلم كبير من معالم البصرة .
  ثم يستقبلنا شارع الخليج العربي الممتد من ساحة سعد حتى مركز المدينة (العشار) ، ساحة سعد بن ابي وقاص هي نقطة مشتركة بين كثير من شوارع البصرة فهي تقع باقرب من (الكراج الموحد) الرئيسي لسيارات نقل المسافرين الى محافظات العراق .
  ومن خلالها تمر السيارات الذاهبة الى الزبير ونواحيه جنوباً والى أبي الخصيب ونواحيه والفاو شرقاً ومناطق كرمة علي والقرنة والمدينة غرباً والبصرة القديمة والعشار شمالاً فهي موزع المحافظة .
  وقد كان لشركة نفط الجنوب دور كبير في إعادة الجمالية الى هذا الشارع وإظهار المدينة بالمظهر الائق فقد قامت بتزيين وتشجير وترميم هذا الشارع وشوارع أخرى من المدينة بجهود مباركة وبتمويل ذاتي من قبل الشركة نفسها .
  وتفتقر هذه المنطقة الى اي معلم من المعالم يدل على البصرة سوى جدارية أقامتها حركة سيد الشهداء تمثل صورة لشناشيل البصرة ونخيلها وقبة مسجد الموسوي الكبير وبيتين من الشعر :
بصرتنا  دار لمن iiزارها      نحن فيها سواء والطارق
وكـل  ما فيها حلال iiله      سـوى ما حرمه iiالخالق
  ولو توجهنا نحو مركز المدينة ونمر عبر الصناعية القديمة ومحلات الانشائيات ، ثم سوق البصرة القديمة ذلك السوق الشعبي الذي يحمل عبق السنوات بفروعه الضيقة وانحناءاته الجميلة التي لم تتغير عبر السنين الا بعض التغيرات البسيطة .
  وعلى الجانب الاخر من السوق تستقبلنا المكتبة الاهلية لصاحبها غازي فيصل تلك المكتبة من اقدم المكتبات في البصرة وكانت ملتقى الادباء والشعراء في أربعينات وخمسينات القرن الماضي .
  ثم ساحة محلة السيف حيث أصبح تقاطع بعد إزالة النافورة الجميلة من جانبه والان اصبح ساحة (علوه) لبيع الخضروات رغم وجود مصرف الرشيد ومقهى الشناشيل التراثي وجامع البصرة الكبير ،وخلفها منطقة الشناشيل الاثرية الجميلة والبيوت التراثية الفريدة من نوعها بطريقة بنائها مما جعلها طابعا مميزاً لمدينة البصرة .
  ومروراً بمديرية الوقف الشيعي ودائرة ماء ومجاري البصرة حيث يرافقنا نهر العشار الفرع الثاني لشط العرب ومنطقة السيمر مروراً بديوان السيد عبد الله الموسوي وساعته الجميلة وهي أحدى الساعات الخمسة في البصرة بعد ساعة سورين التي هدمت دون سبب مسوغ وساعة شركة الموانيء العراقية وساعة مسجد الموسوي وساعة لم تبق منها طويلاً في شارع مالك بن دينار .
  ثم يلاقينا تقاطع الجزائر بتمثال عتبة بن غزوان ونافورات أنشئت حديثاً على الجانبين والشارع المؤدي الى العشار مروراً بساحة عبد الكريم قاسم وتبرز أهمية وجمالية هذه الشوارع في أنها ترافق نهراً معيناً ، قال الحريري ( يا أهل البصرة بلدكم أوفى البلاد طهره وازكاها فطره وأوسعها دجلة واكثرها نهراً ونخله واحسنها تفصيلاً وجمله) ووصفتها الرحاله (مدام ديو لافوا) ببندقية الشرق ذات البيوت المخفية تحت ظلال النخيل .
  فلكل شارع من شوارع البصرة وكل ساحة من سوحها جماليته وخصوصيته التي تجعل من هذه المدينة اجمل المدن رغم الإهمال .

BASRAHCITY.NET