مدينة الزبير على لسان اهل الزبير
الاستاذ عبد اللطيف خلف مبارك
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
احببت ان اكتب اشياء عن قضاء الزبير ، هذا القضاء العريق بتاريخه وتراثه والذي يقع غرب محافظة البصرة ، وهو اكبر قضاء في هذه المحافظة وذلك دون الرجوع للمصادر المطبوعة او المكتوبة ودون الرجوع الى موسوعات التاريخ ( تاريخ البصرة القديم ) بل احببت ان اكتب عن هذا القضاء نقلا عن لسان كبار السن عن اهل هذا القضاء والذين لايزال تدب فيهم الحياة وان انقل احاديثهم ومشاهدهم التي يستأنس بها المستمع ويتلذذ بطريقة اروائهم لها .
لهذا اخترت احد الشيوخ المعاصرين وهو الحاج ابو وسام وبعد ان القيت التحية وجلست وعرفته بهدف زيارتي له ، تبسم ابتسامة حقيقية وصمت قليلا وكانه يعيد شريط ذكرياته الى الماضي القريب ويستجمع الكلمات فقال .
قضاء الزبير يا ولدي قضاء جميل في كل شئ في موقعه الجغرافي وتاريخه وناسه وتقاليد وطباع اهله فهذا القضاء كانت تسكنه ولا زالت طبقات مختلفة من الناس وكانت جميع هذه الطبقات تعيش بسعادة وهناء ويسود بينهم روح الحب والتعاون ويتأثر الجار بحزن جاره ويفرح بفرحه وكانت ايادي الخير تمتد الى الضعفاء لتعينهم على العيش بسعادة دون اشعارهم بفقرهم المادي .
سور الزبير :
كان الزبير يحاط بسور كبير يحاط به من جميع جهاته وكان لهذا السور ابواب مفتوحة ، وكان له نقاط حراسة منتشرة على جميع جهاته وتسمى هذه النقاط بالمنظر تحسبا لاي هجوم يعرض له الزبير من الخارج ، اما الباب الرئيسي الذي كان يربط الزبير بالبصرة كان موقعه حاليا في منطقة الزهيرية وهي منطقة قرب مسجد الامام علي ( عليه السلام ) وكانت قرب هذا الباب مقهى يرتاده الزائرين وكان بعضهم يبيت فيها عندما يأتون في وقت متأخر من الليل وتكون ابواب اسوار قد اغلقت حتى الصباح الباكر حيث تفتح هذه الابواب فيدخل الحماره والذين يجلبون البضائع والخضار من منطقة البصرة او ابى الخصيب والمناطق الاخراى.
دواوين اهل الزبير :
تكثر في الزبير الدواويين المنتشرة في جميع انحاء القضاء وهي اماكن يجتمع بها الرجال لتبادل الاحاديث وعقد بعض الاتفاقيات لبعض الاعمال وتزدهر هذه الدواويين في بعض المواسم حيث يجمع رواد هذه الدواويين ليلا للسهر وتبادل الاحاديث وممارسة انواع الالعاب مثل الدامة ولعبة المحيبس الشعبية والتي تختلف في بعض الشيء في اسلوب ادائها عن مناطق البصرة الاخرى ومن اشهر الدواويين في الزبير ديوان معارج وديوان النقيب وديوان العون ودواويين اخرى كثيرة .
السكيك :
ومن المشاهد الجميلة في الزبير هي السكيك وهي الازقة الضيقة المحصورة بين الابنية والمنازل العالية المبنية من الطين والمطلية بالجص ويتكون لكل سكة اسم خاص بها مشتق من اسم عائلة او مهنة او شخصية مثل سكت العبيد لان جميع سكان هذه السكة من البشرة السوداء وسكة البشر نسبة الى بيت البشر الذين كانوا يملكون اكثر البيوت فيها ، وسكة المجصة نسبة الى المهنة التي كانوا يمارسونها سكان هذه السكة .
وتكون بعض هذه السكيك مسقفة بالطابوق والجص ويطلق عليها الميبب وتكون هذه السقوف على شكل اقواس ، ومن اشهر ميبب بيت العوف والذي هو سوق البنات حاليا ، وتكون سطوح هذه السقوف واسطة لانتقال النساء من بيت لاخر دون النزول الى الشارع عند التزاور بينهن .
بعض تقاليد اهل الزبير
من التقاليد الجميلة ايضا التي كانت سائدة ولاتزال في الزبير هي موائد صباح اول يوم العيد حيث انه بعد قضاء صلاة العيد في المساجد يتجه الرجال الى السكيك حيث تنصب الموائد الكبيرة المتكونة من اللحم او الدجاج او الرز واصناف اخرى من الطعام يشارك فيها الجميع دون التمييز بين فئة واخرى وتكون المشاركة ولو بطبق واحد ويبدأ الرجال والاولاد بتناول الطعام وتذوق جميع انواع الاطباق الموجودة على المائدة وسط ابتسامات وفرح الجميع بهذه المناسبة وبعد هذا يذهب الرجال الى مساكنهم ويرتدون اجمل الملابس والتعطر بالعطر والبخور ومن ثم الانتقال من منطقة الى اخرى لتبادل التهاني بهذه المناسبة السعيدة مثل منطقة الرشيدية والزهيرية والجمهورية ... الخ.
ختاما وبعد ان وجدنا بان الشيخ ابو بسام قد اجزل لنا العطاء من معلوماته الخاصة بخصوص هذا القضاء العريق قدمنا له شكرنا وتقديرنا ودعواتنا له بالعمر المديد .
|
|
|
|