الإمام موسى الكاظم (ع)
بين قضبان سجن البصرة

الاستاذ جواد كاظم النصر الله

المقدمة

  الحمد لله الذي هدانا لولاية أهل البيت (ع) ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، والصلاة والسلام على من خلقت الأفلاك لأجلهم محمد المصطفى ، وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، أما بعد : لقد تشرفت البصرة أن وطئ ترابها أقدام خمسة من الأئمة المعصومين (ع) إذ تشرفت البصرة بقدوم أمير المؤمنين ومعه ولديه الحسن والحسين (ع) ، وغدت أشبه بعاصمة الدولة الإسلامية إذ أمضى أمير المؤمنين ع فيها ما يقرب من (72) يوما ، وقدمها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) سجينا ما يقارب سنة ، وكذلك الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قدمها مرتين الأولى حينما جاء بسبب فرقة الواقفة ، والثانية حينما مر بها لما استدعاه المأمون إلى خراسان في مسألة ولاية العهد.
  لما قامت الدولة العباسية ووجدت البصرة من أكثر الأمصار الإسلامية خطورة أولتها اهتماما ، فاخذ الخلفاء يولون عليها أفرادا من الأسرة العباسية ، ومن بينهم الأمير عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور ، من هنا جاءت خطوة هارون العباسي عند اعتقاله للإمام موسى بن جعفر (ع) وتسييره للبصرة إذ قضى ما يقرب من عام كامل فيها تحت وطأة السجن والتعذيب النفسي ، والمراقبة الشديدة.
  لكن ما أسباب اعتقال الإمام (ع) ؟ ولماذا البصرة؟ وكيف قضى الإمام (ع) مدة سجنه فيها ؟ وهل اتصل بالبصريين ؟ ولماذا بعدها نقل إلى بغداد؟ لقد تعرض أهل البيت (ع) ، وأتباعهم على مر العصور ، لشتى صنوف التنكيل والبطش بالقتل ، والحبس ، والتشريد ، من السلطات التي توالت على رقاب المسلمين ، وأمسى أهل بيت الرسالة (ع) يعانون الأمرين في كنف هذه الحكومات التي سلبتهم حقوقهم السياسية والاقتصادية بل حتى حقهم في الحياة ، إذ صبت جام غضبها وتنكيلها بأئمة أهل البيت (ع) ، وباقي العلويين وأتباعهم ، وهكذا قضى الأئمة (ع) نحبهم شهداء بالسيف أو السٌم ، حتى قال الإمام الحسن المجتبى ع : ( ما منا إلا مقتول أو مسموم " ، ولم تقف جرائم السلطات عند هذا الحد بل استمرت جيلا بعد جيل ، وتنوعت الأساليب وتفنن الحكام في طرق التنكيل والبطش ، وكان السجن أسلوباً من تلك الأساليب الدنيئة التي طالت أئمة أهل البيت (ع) كمحاولة لمنعهم من ممارسة دورهم الرسالي ، وفصلهم عن أتباعهم ، وعموم الأمة حتى يتحقق للسلطة ما تريد ، وقد تفاوتت فترات السجن ، وكان اشد حبس وأطوله ما تعرض له الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) أيام العباسيين .
  هو أبو الحسن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين الشهيد بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، ولد في الأبواء في السابع من شهر صفر عام 128هـ من أم ولد تدعى ( حميدة ) ، عاش (ع) عقدين من عمره الشريف في كنف أبيه الإمام جعفر الصادق ( ع ) متفيئا بظلال علومه ، ومدرسته الربانية ، لقد كان الإمام موسى بن جعفر ( ع ) أعبد أهل زمانه حتى لقب بـ ( العبد الصالح ) ، وكان في طليعة الزهاد في الدنيا ، ومضرب المثل في السخاء ، والكرم حتى بلغ به الحال انه إذا بلغه أن أحدا يسيء إليه ويؤذيه بعث إليه بصّرة فيها مبلغ من المال ، فغدت صراره التي يبعث بها إلى الفقراء ـ مضربا للمثل حتى قيل : ( عجبا لمن جاءته صرة موسى بن جعفر (ع) فشكا القلة ) ، ومن صفاته الحلم فتحولت هذه الصفة إلى لقب له ، فعرف بـ " الكاظم الغيظ " ، أما عن الظروف السياسية التي عاصرها الإمام (ع) ، فقد ولد في 128 هـ فعاش أربع سنوات في أيام الحكم الأموي .
  ولما تولى السفاح العباسي انشغل طوال فترة حكمه بتصفية خصومه الأمويين ، وغفل عن العلويين لضعف سلطته آنذاك ، ولأن الحكم قام باسمهم ، وتولى من بعده المنصور ، الذي اتضحت معالم السياسة العباسية للناس في عهده ، إذ لم تختلف عن سياسة الأمويين لا سيما في الموقف المتشدد من العلويين ، إن لم تكن أشد ، حتى قال الشاعر : تالله ما فعلت أمية فيهم معشـار ما فعلت بنو العباس لقد اتسمت سياسة المنصور بالبطش والتنكيل حتى امتلأت سجونه بالعلويين ، وقتل تحت وطأة سيفه كثيراً منهم ، وأتباعهم بعد أن قضى على ابرز ثوراتهم في عهده وهي ثورة محمد ذي النفس الزكية وأخيه إبراهيم ولدا عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين (ع) ، ولم يقتصر قمع سلطة المنصور على من اشترك بالثورة بل تجاوزه لينال كل العلويين ، وبهذا بدأت الضغوط تتوالى على الإمام جعفر الصادق (ع) إذ كانت السلطة تحمله مسؤولية تلك الثورات ، ثم تسلم الإمام موسى الكاظم (ع) مهمة الإمامة بعد أبيه ، في جو حانق إذ عاش طوال حكم المنصور أي قرابة العشر سنوات بحذر وحكمة.
  ولما تولى ابنه محمد الملقب بالمهدي العباسي ، اختلفت سياسته نوعا ما عن سياسة أبيه المنصور ، فابتدأ عهده بإصدار عفو عن المعتقلين ، ورد بعض الأموال المصادرة إلى أهلها ، وعلى الرغم من اختلاف سياسته عن أبيه ، إلا انه ورث عنه العداء لآل البيت النبوي(ع) فما أن ذاع صيت الإمام موسى الكاظم (ع) واشتهر أمره ، استدعاه محمد المهدي إلى بغداد ، فكان هذا أول اعتقال للإمام ، إذ أرسل فرقة من جنده لتأتيه بالإمام موسى الكاظم (ع) ، وفور وصول الإمام موسى (ع) إلى بغداد أمر المهدي العباسي بإيداعه في السجن ، ولكنه ما لبث أن أطلق سراحه في الليلة نفسها على أثر رؤيا رأى فيها الخليفة العباسي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، ويبدو أن المهدي قد استدعى الإمام موسى الكاظم ( ع ) أكثر من مرة ، وتولى الحكم بعد المهدي ولده موسى الملقب بالهادي العباسي الذي حكم سنة واحدة ، ورغم قصر مدة حكمه إلا أن هذه السنة تركت آثارا سلبية على أهل البيت (ع) وأتباعهم ، فقد نكل بالعلويين ، ونشر الخوف والرعب في صفوفهم ، وقطع ما أجراه لهم أبوه المهدي من الأرزاق والأعطيات ، وكتب إلى جميع الآفاق في اعتقالهم وحملهم إليه ، وكان الحدث الأبرز في عهده قيام الحسين بن علي الحسني بالثورة التي انتهت بمقتله وأصحابه في واقعة ( فخ ) المشهورة.
  ويظهر أن القائد العباسي موسى بن عيسى وضع الإمام موسى الكاظم (ع) تحت الإقامة الجبرية ، وربما تهدده ، وحمله مسؤولية ثورة الحسين بن علي ، لذا أشارت الرواية أن الإمام كان في مجلس موسى بن عيسى وقت وصول الرؤوس ، ولما وصلت الرؤوس إلى الخليفة العباسي الهادي وجه اتهامه على الفور للإمام موسى الكاظم ( ع ) متوعدا إياه بالقتل قائلا : ( والله ما خرج الحسين إلا عن أمره ، ولا اتبع إلا محبته ، لأنه صاحب الوصية في أهل البيت ، قتلني الله أن أبقيت عليه ) ، إلا أن الهادي مات قبل أن ينفذ تهديده سنة 170 هـ ، ولما تولى هارون اتسمت سياسته بأشد أنواع البطش ، والتنكيل بالعلويين ، إذ توعدهم بالقتل ، واقسم أن يستأصلهم ، فقال : ( والله ! لأقتلنهم ، ولأقتلن شيعتهم ) ، ثم اصدر مرسوما بنفيهم من بغداد إلى المدينة المنورة ، وصادر أموالهم ، ونكل بهم اشد تنكيل بالقتل والسجن والتشريد ، وقد نال الإمام موسى الكاظم ( ع ) من هذا العداء ، والتنكيل ، والتضييق ، وتنقل في سجون هارون لسنين عدة ، وانتهت حياته الشريفة في غياهب السجن بعد أن ضاق هارون ذرعا بالدور القيادي الفذ الذي مارسه الإمام (ع) في قيادة الأمة ، وتوجيه مسارها بالاتجاه الصحيح الذي أراده الله ورسوله الكريم (ص) ، فلم يستطع هارون على الرغم من كل محاولاته أن يوقف هذا المدد الإلهي الذي تحتاجه الأمة, فأودع الإمام (ع) عدة مرات في سجونه دون جدوى إذ لم تحجبه (ع) القضبان والقيود عن تأدية دوره ، وفي الواقع أن الإمام موسى الكاظم ( ع ) قد تعرض لعدة اعتقالات في عهد هارون كان أولها الاعتقال الذي تم في المدينة ، ومنها أرسله إلى سجن البصرة ، لقد تعرض الإمام موسى الكاظم (ع) للاعتقال مرات عدة ، وغيب في غياهب السجون لفترات طويلة حتى لقب ( حليف السجون ) ، وقد مرت الإشارة إلى الاعتقال الأول من قبل محمد المهدي العباسي, إلا أنه في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد تنوعت أساليبه في التضييق على الإمام (ع), مابين الاعتقال ، والإقامة الجبرية إلى التغييب الطويل في المطامير حتى استشهاده في السجن ، وهنا نحن بصدد دراسة الاعتقال الأول الذي تعرض له الإمام (ع) على يد الخليفة العباسي هارون الرشيد عام 179 هـ في المدينة ، ثم أُمر هارون بنقله إلى البصرة ليسجن فيها.
  وهنا يجب أن نتساءل عن أسباب هذا الاعتقال ودوافعه ؟ لقد تبين من خلال الروايات التي تناولت حادثة سجن الإمام موسى الكاظم (ع) إن هناك دوافع متعددة تقف وراء اعتقاله من السلطة, وينبغي أن نفرق بين الأسباب الواقعية والأسباب التي كان يتذرع بها هارون لتبرير سلوكه العدائي مع الإمام ( ع ) ، لقد كان هارون يكن عداءً وحسدا وحقدا على الإمام الكاظم (ع) لمكانته بين المسلمين ، وتوجسه خيفة منه على سلطانه وملكه إذ يمكن أن يعد ذلك من أهم الدوافع التي تقف وراء سجنه للإمام ( ع ) ولكن لابد من الوقوف على الأسباب الأخرى التي شجعت هارون على الإقدام على اعتقاله ( ع ) التي تتلخص بـالوشاية من قبل عدد من المقربين ، والوزراء ، فضلا عن مقام الإمام ( ع ) في المجتمع ، ونلاحظ أن الساعين بالإمام ( ع ) قد ضربوا على هذا الوتر الذي يثير حفيظة هارون مما دعاه لاعتقال الإمام ( ع ) ، وكان الإمام الكاظم (ع) احتج على هارون بأنه الأقرب إلى رسول الله (ص) فقد جاء : ( انه لما حج الرشيد ، ونزل في المدينة اجتمع إليه بنو هاشم ، وبقايا المهاجرين والأنصار ، ووجوه الناس ، وكان في الناس الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقال لهم الرشيد : قوموا بنا لزيارة رسول الله (ص) ، ثم نهض معتمدا على يد أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليهما حتى انتهى إلى قبر رسول الله (ص) ، فوقف عليه ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ! السلام عليك يا ابن عم ! ، افتخارا بذلك على قبائل العرب الذين حضروا معه ، واستطالة عليهم بالنسب ، قال : فنزع أبو الحسن موسى (ع) يده من يده ، وقال : السلام عليك يا رسول الله ! السلام عليك يا أبه ! ، فتغير وجه الرشيد ، ثم قال : يا أبا الحسن ! إن هذا لهو الفخر ).
  ونلاحظ على الروايات ما يلي :
  أولا: أن موقف الإمام ( ع ) في هذه الحادثة بدا واضحا من انه أراد أن ينوه بأنه الأولى بالنبي الأعظم ( ع ) من هارون والناس جميعا ، وانه الأحق بمقامه ، ونلاحظ أن الإمام ( ع ) أبى أن يتقدم قبل هارون وعيسى بن جعفر والي البصرة ، وكذلك جعفر بن يحيى البرمكي وزير هارون ، فتركهم ليدلو كل منهم بدلوه لعله أدرك أن قصد هارون هو الافتخار والاستطالة بالنسب على جميع الناس ، لذا قطع الإمام ( ع ) عليه ذالك ، وأحرج موقفه ببيان انه الأولى منه ، وما نزع يده الشريفة من يد هارون ـ لحظة تقدمه لإلقاء التحية على النبي (ص) ـ إلا دليل واضح على ذلك .
  ثانيا : بدا واضحا من رد فعل هارون وتغير لونه بأنه امتلأ حقدا على الإمام بهذا الافتخار إلا أن نفسه انطوت على مكامن الشر للإيقاع به ( ع ) وبالفعل فان انتقامه كان سريعا لم يتجاوز ليلة واحدة.
  ثالثا : أكد الذهبي أن سبب اعتقال هارون للإمام (ع) يعود للحادثة أعلاه قائلا : ( ولعل الرشيد ما حبسه إلا لقولته تلك : السلام عليك يا أبه ! ، فان الخلفاء لا يحتملون مثل هذا ).
  ولا بد من الإشارة إلى أن بعض المؤرخين أضاف تفصيلات لهذه الحادثة ، منها : ( أن هارون الرشيد حج ، واتى قبر النبي (ص) وسلم ، وحوله قريش ورؤوس القبائل ، ومعه موسى بن جعفر ، فقال : السلام عليك يا ابن عم! ، افتخارا على من حوله ، فقال موسى بن جعفر : السلام عليك يا أبت ! ، فتغير وجه هارون ، وقال: هذا الفخر جدا يا أبا الحسن ، وقال له الرشيد : انك تزعم انك ابن رسول الله ((ص) ) ؟ فقال ... ، لو أن رسول الله ((ص)) نُشر ، فخطب منك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال : وهل افتخر على العرب والعجم إلا به ، قال: لكنه لا يخطب إلي ، ولا أزوجه لأنه ولدني ولم يلدك.

ظـروف الاعتقـال
  بدءا لابد من بيان تاريخ وقوع حادثة الاعتقال إذ اختلفت الروايات في ذلك فبعضها أشار إلى أن الحادثة كانت في عمرة هارون في شهر رمضان من عام 179 هـ ، في حين أشارت الروايات الأخرى إلى أن ذلك وقع في حجة للرشيد في السنة نفسها ، وقد حل هذا الإشكال إشارة الطبري ، إذ ذكر في حوادث سنة تسع وسبعين ومائة قائلا : ( واعتمر الرشيد في هذه السنة في شهر رمضان ... فلما قضى عمرته انصرف إلى المدينة فقام بها إلى وقت الحج ، ثم حج بالناس ... ثم انصرف على طريق البصرة ) ، وقال الأشعري والنوبختي ( وحمله الرشيد من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة ، وقد قدم هارون الرشيد المدينة منصرفا من عمرة شهر رمضان ثم شخص هارون إلى الحج وحمله معه ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ... ) ، وقد مر بنا كيف أن هارون كان قاصدا المدينة لأجل اعتقال الإمام ، والتخلص منه لأجل إحكام الأمر لابنه الأمين ، وبعد وقوع حادثة لقاء الإمام ( ع ) بهارون عند قبر النبي (ص) وسلم ، ومضى كلٌ إلى سبيله ذهب الإمام ( ع ) على جاري عادته إلى مسجد النبي (ص) ، وأقام هارون إلى الليل ، وصار إلى قبر النبي (ص) ، فوجه خطابه إلى النبي الأعظم (ص) ، قائلا : ( يا رسول الله ! إني اعتذر إليك من أمر أريد أن افعله وهو أن احبس موسى بن جعفر ، فانه يريد التشتيت بين أمتك وسفك دمائهم ) وفي نص ( واني أريد حقنها ) ، فأمر به ، فاخذ من المسجد مقيدا إذ ( قبض عليه ، وهو عند رأس النبي (ص) قائما يصلي ، فقطع عليه صلاته وحمل ، وهو يبكي ، ويقول : أشكو إليك يا رسول الله! ما ألقى ، واقبل الناس من كل جانب يبكون ويصيحون ، فلما حمل بين يدي الرشيد شتمه وجفاه ).
  ومن الغريب أن نجد هارون يستأذن النبي (ص) في انتهاك حرمته ، والتنكيل بفلذة كبده ، فهل ظن أن هذا الاعتذار يعفيه من المسؤولية في يوم يخسر فيه المبطلون؟! ونلاحظ القسوة والغلظة التي مارسها هارون وأتباعه مع الإمام ساعة اعتقاله ، إذ قطعوا عليه صلاته ، ولم يمهلوه لإكمالها ، وقيدوه ، وهو يشكو لجده باكيا من انتهاك حرمته ، ثم أن هارون أغلظ له القول لما مثل بين يديه وشتمه ... مما يفضي عن حقده الدفين تجاه أهل البيت (ع) ، وكان كل ذلك أمام مسمع ومرأى من الناس حتى أن الرواية أشارت للهيجان العام الذي أحدثه اعتقال الإمام ( ع ) ، مما حدا بهارون انتظار الليل ليهيئ قبتين ، فجعل الإمام ( ع ) في إحداهما ، وغطاهما بالسقلاط ووجه مع كل واحد منهما خيلا ، فاخذوا بواحدة على طريق البصرة ، والأخرى على طريق الكوفة ، ليعمي على الناس أمره ، وكان الإمام موسى (ع) في التي مضت إلى البصرة .
  وقد روي أن هارون اخرج قافلة البصرة سرا لان الإمام ( ع ) كان فيها ، أما قافلة الكوفة فأخرجها علنا أمام الناس ، ويلاحظ إن هارون مارس التمويه من خلال القافلتين ، فضلا عن ذلك أنه غطى القافلة التي فيها الإمام بالسقلاط ، وهي ثياب رومية تكون كحلية اللون أو فستقية ليموه على الناس أنها قافلة تجارية ، أما عن الذي رافق الإمام ( ع ) إلى البصرة في هذه الرحلة فهو ( حسان السروي ) الذي أمره هارون الرشيد أن يسلم الإمام الكاظم إلى واليها عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور ، ولكن من هو حسان السروي هذا الذي كلف بهذه المهمة الخطيرة من قبل الخليفة ؟ في الواقع لم نجد له ذكرا في المصادر إلا في هذه الرواية ، ويظهر أنه من الثقات المأمونين لدى هارون حتى تناط به هكذا مهمة من قبله ، ويبقى سؤال : هل أن عيسى بن جعفر صحب الإمام ( ع ) في رحلته هذه ؟ فرواية الكليني أشارت بوضوح إلى أن عيسى شهد حادثة لقاء الإمام ( ع ) بهارون عند قبر النبي (ص) ! ولكن مع هذا فان الروايات تظهر أن هارون قد أمر من رافق الإمام تسليمه إلى عيسى بن جعفر ، وبالفعل سلموه إليه قبل التروية بيوم ! فكيف يمكن الجمع بين الأمرين ؟! إلا باحتمال عدم حضور عيسى في تلك الفترة مع هارون أو انه عاد قبل اعتقال الإمام ( ع ) مع أن ذلك مستبعد لان الاعتقال وقع بعد الحادثة مباشرة بيوم واحد فقط.
  يمكن القول أن هارون الرشيد قدم مكة لأداء العمرة ، ثم قدم المدينة لزيارة ضريح النبي (ص) ، وبالتأكيد التقى بكبار رجالات المدينة ، وفي مقدمتهم الإمام الكاظم (ع) ، وقد حدث ما أغاض الخليفة مما صدر من الإمام (ع) من مواقف تؤكد أنه الأقرب للنبي (ص) من الخليفة نفسه ، مما جعل الخليفة محرجا أمام كبار رجالات المدينة وغيرهم ممن حضروا زيارة ضريح النبي (ص) مع الخليفة ، هذا فضلا عما يحمله الخليفة من مواقف مسبقة من الإمام موسى الكاظم بسبب الوشاية والحسد والحقد ، لذا قرر الخليفة اصطحاب الإمام معه إلى الحج ، ومن ثم عرج نحو البصرة بنفسه ، وسلمه إلى عيسى بن جعفر حسبما يتضح من روايات الأشعري والنوبختي والطبري ، أو إن هارون سيره مباشرة نحو البصرة لتسليمه إلى والي البصرة عيسى بن جعفر الذي كان مع الخليفة عند زيارته لمرقد النبي (ص) ، وتم الاتفاق مع الخليفة لإرسال الإمام إليه ، لذا عجل عيسى بن جعفر بالرجوع إلى البصرة .
  ولم تفصح المصادر عن تفاصيل تلك الرحلة من المدينة إلى البصرة التي استغرقت ( 47 يوما ) من ( 20 شوال لغاية 7 ذو الحجة ) إلا عن حادثة واحدة ، وهي لقاء احد أصحاب الإمام ( ع ) عبد الله بن مرحوم بالإمام الكاظم ( ع ) ، وهو في طريقه إلى البصرة ، إذ روى عبد الله بن مرحوم ، قائلا : ( خرجت من البصرة أريد المدينة ، فلما صرت في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم (ع) ، وهو يذهب به إلى البصرة ، فأرسل إلي ، فدفع إلي كتبا ، وأمرني أن أوصلها بالمدينة ، فقلت: إلى من ارفعها جعلت فداك ؟ قال : إلى ابني علي ، فانه وصيي والقيم بأمري ، وخير بنيّ ).
  هنا لدينا وقفة مع الراوي ونصه ! فمن هو الراوي ؟ وما علاقته بالإمام ع ؟ وما ذا يعني ما جاء في نصه ، هو عبد الله بن مرحوم الأزدي الكوفي ، سمع من الإمام الصادق ع وروى عنه تارة مباشرة ، وتارة عن ابن سنان ، وروى عن حاتم بن إسماعيل ، روى عنه الحسن بن محبوب ، يعُد عبد الله بن مرحوم من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام.
  ويظهر من هذا النص :
  1 ـ أن الإمام (ع) لم يُمنح فرصة توديع عياله وأهل بيته (ع) أو الوصية لهم ، حتى انه لم يلتق بهم.
  2 ـ إن إشارة الإمام (ع) كانت واضحة لأتباعه بان الإمام من بعده هو علي بن موسى الرضا (ع) ، وربما أدرك الإمام ع أن مدة سجنه ستطول لذا أوعز لأتباعه بالرجوع لولده الرضا (ع).
  3 ـ ولكن كيف تمكن الإمام من الحديث مع ابن مرحوم وإعطائه الكتب ؟ يظهر أن المرافقين للإمام لم يكونوا من الشدة معه ، إذ سمحوا له الالتقاء بمن يريد كما هو الحال مع ابن مرحوم.
  4 ـ لكن ما المقصود بالكتب هنا ؟ هل هي مؤلفات تعود لأهل البيت عليهم السلام ؟ أو هي رسائل لوصيه الإمام الرضا (ع ) ؟ .
  وهناك تساؤل جدير بالطرح ألا هو : لماذا أختار هارون البصرة دون غيرها مكانا لاعتقال الإمام الكاظم ع ؟ هل يعود ذلك لتمكن العباسيين من البصرة ؟ فقد كان يتولاها أحد أفراد الأسرة العباسية ، ألا وهو عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور الذي يعد من كبار وجهاء الأسرة العباسية ، ومن هناك يتم قتله (ع) بعيداً عن أهله وأنصاره .
  وصل الإمام ( ع ) إلى مدينة البصرة قبل التروية بيوم – أي في ( 7 ذو الحجة عام 179 هـ) – فتم تسليمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك وشاع خبره ، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه واقفل عليه ، ويبدو من النص أعلاه أن موقع السجن الذي حُبس فيه الإمام ( ع ) قد يكون تابعا لقصر عيسى بن جعفر ، الذي كان في منطقة الخريبة ، وذكر الشهرستاني أن هارون حمله من المدينة وحبسه عند عيسى بن جعفر ، وقد ضيق عيسى بن جعفر على الإمام ( ع ) اشد التضييق حتى انه لما حبس الإمام ( ع ) ( شغله العيد عنه ، فكان لا يفتح عنه الباب إلا في حالتين ، حالة يخرج فيها إلى الطهور ، وحالة يدخل فيها الطعام ... ) ، بل أن الإمام ( ع ) تعرض لما هو اشد عليه من الحبس والتضييق ، إذ يروي النوفلي ( قال لي الفيض بن أبي صالح ، فقال : يا أبا عبد الله ! لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما اعلم ولا اشك انه لم يخطر بباله ).
  ومن مظاهر التضييق عليه ( ع ) أن الوالي عمد إلى وضع الجواسيس والعيون عليه لمراقبة تحركات الإمام ( ع ) إذ جاء في رسالة الوالي إلى هارون : ( وقد اختبرته طوال مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا عليه لتنظروا حيلته وأمره ، وطويته بمن له المعرفة والدراية ، ويجري من الإنسان مجرى الدم ) ، ونلاحظ هنا أن الوالي هيأ لمهمة التجسس من كان مختصا في هذا الأمر لأجل التعرف على حقيقة ما ينطوي عليه الإمام ( ع ) بنظر السلطة التي عدته خصما لها ومتمردا يهدد كيانها .
  والذي يمكن أن نستشفه أن الوالي لم يضع الإمام في السجون العامة ، وإنما وضعه تحت الرقابة المباشرة ، وذلك لأن مكانة الإمام (ع) تستدعي تأثر الناس به من السجناء ، فضلا عن إمكانية تواصل الإمام مع أصحابه ، لذا وضعه الوالي في مكان تابع لقصره ، وما يدل على ذلك ما أشار إليه كاتب عيسى بن جعفر بأن الإمام سمع من ضروب الفاحشة ما لم يكن يخطر بباله ، ويظهر من رواية الطبري إن هارون بعد أن أكمل حجه قصد البصرة ، ونزل في قصر عيسى بن جعفر بالخريبة ، ومن هنا يمكن الاستدلال على أن القصد من هذه الزيارة مناقشة أمر الإمام موسى بن جعفر مع والي البصرة عيسى بن جعفر ، إذ يظهر أن هارون نزل المكان نفسه الذي سجن فيه الإمام (ع).
  لقد قضى الإمام ( ع ) عاما كاملا في سجن البصرة ، وعلى الرغم من أن هذا الوجود المبارك قد قيد وراء قضبان السجن ، وغيّب في ظلماته إلا أن الإمام ( ع ) تمكن من إيصال عطائه منطلقا من وراء تلك القيود ليعم خيره على أهل البصرة ، ويمكن إيجاز الملامح البارزة لوجوده المبارك ( ع ) وتلخيص ذلك النشاط من خلال النقاط الآتية :
  1 ـ انقطاع الإمام ( ع ) للعبادة ، فكان قد دأب على طاعة الله يصوم نهاره ويقوم ليله ، وقضاء جل وقته بالدعاء والصلاة والسجود إذ لم يسأم من السجن بل عده من أعظم النعم ، وقد سمعه احد الجواسيس يقول في دعائه : ( اللهم انك تعلم إني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت فلك الحمد ) إذ كان الدعاء والعبادة سلاحا ارهب أعداءه ، وقد خلف لنا تراثا ضخما في هذا المجال.
  2 ـ لما انتشر خبر اعتقال الإمام ( ع ) بين أهالي البصرة ، هب إليه الناس من العلماء وغيرهم ، لغرض الاتصال به سرا وجهرا ، كياسين الزيات الضرير الذي روى عنه ، وصنف كتابا نهل محتواه من لقائه بالإمام (ع) ، وممن اتصل بالإمام محمد بن سليمان النوفلي راوي حادثة القبض على الإمام ع في المدينة ، وتسييره إلى البصرة ، وسجنه فيها ، ويظهر أنه أخذ تفاصيل ذلك من الإمام (ع).
  ولم ينج الإمام ع من الوشاية في البصرة ، فقد روى محمد بن سليمان النوفلي أن أحد الشخصيات العباسية المناوئة له وهو علي بن يعقوب الذي كتب لعيسى بن جعفر يعاتبه على تقديمه النوفلي ، ويتهم النوفلي بأنه من أتباع الإمام موسى بن جعفر (ع) ، إلا أن عيسى بن جعفر لم يحفل بذلك ، وعد ما صدر عن علي بن يعقوب هو الحسد للنوفلي ، ويظهر من خلال حوار الفيض بن أبي صالح مع عيسى حول هذه التهمة ، أن عيسى ينفي ذلك عنه ، إذ أنه لم يجد عنده ما يشير لذلك على الرغم من أن عيسى لا يخلو بأحد قدر ما يخلو بالنوفلي ، وهذا يشير إلى مدى السرية التي يعمل بها أصحاب الإمام (ع) في البصرة خوفا من السلطة العباسية التي لا تألو جهدا في الضرب بيد من حديد على كل خارج عن سلطتها وفكرها .
  قال القرشي : ( ولما شاع اعتقال الإمام (ع) في البصرة أقبل علماؤها ورواة الحديث إلى الإمام ، فاتصلوا به من طريق خفي ، وقد رووا عنه بعض العلوم والأحكام ... واتصل به جماعة من العلماء البارزين فرووا عنه الشيء الكثير مما يتعلق بالتشريع الإسلامي ) ، ويظهر أن أخبار حال الإمام (ع) كانت تصل إلى هارون أولا بأول ، ولا بد أنه علم بموقف الوالي منه ، ولقائه بالبصريين ، ولا نستبعد الوشايات والسعايات ضد الإمام (ع) ، وكذلك ضد الوالي ممن يتمنى عزله عن منصبه ، وتوليه مكانه ، فيجعلون من تساهله مع الإمام عذرا للوشاية لدى هارون ، فعندها أمر الوالي بقتل الإمام (ع) ، إلا أن الوالي استشار خواصه في ذلك ، فحذروه من مغبة هكذا فعل ، فاستصوب آراءهم ، وكتب إلى هارون يستعفيه من ذلك قائلا : (( كتبت إلي في هذا الرجل ، وقد اختبرته طول مقامه بمن حبسته معه عينا عليه ، لينظروا حيلته ، وأمره وطويته ممن له المعرفة والدراية ، ويجري من الإنسان مجرى الدم ، فلم يكن منه سوء قط ، ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير ، ولم يكن عنده تطلع إلى ولاية ، ولا خروج ولا شيء من أمر الدنيا ، ولا دعا قط على أمير المؤمنين ، ولا على أحد من الناس ، ولا يدعو إلا بالرحمة والمغفرة له ولجميع المسلمين مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني ، أو ينفذ من يتسلمه مني ، وإلا سرحت سبيله ، فإني منه في غاية الحرج )) ، عند ذلك سارع هارون ، وأمر عيسى بن جعفر إرسال الإمام إلى بغداد فورا خوفا من إطلاق سراحه ، فحمل الإمام بطريقة قاسية إلى بغداد ، وفي بغداد بدأت رحلة جديدة لحليف السجون من سجن إلى سجن حتى أستشهد بالسم في سجن السندي بن شاهك في 25 رجب سنة 183 هـ.
  ختاما يمكن القول : أن مدينة البصرة تشرفت أن وطئ ترابها أقدام الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) ، وذلك عام 179 ـ 180 هـ ، إلا أنه من المؤلم أن ذلك حصل قسرا على الإمام (ع) ، وأنه جاء للبصرة سجينا ، قد غيبته قضبان السجون ، فعاش أياما حالكة تحت وطأة التعذيب النفسي عاما كاملا ، وتم ذلك أيام هارون الذي كثر ما يشار إلى عصره أنه العصر الذهبي للدولة الإسلامية ، لكنه في الواقع كان من أسوء العصور على أئمة أهل البيت (ع) وشيعتهم ، إذ كان يتحين الفرص للإيقاع بالإمام موسى بن جعفر الكاظم ع بدافع الغيرة ، والحسد ، والحقد ، لعلمه بالمكانة المتميزة لهذا الإمام في نفوس أبناء الأمة الإسلامية ، فتذرع بأقوال الوشاة واتهاماتهم للإمام بأن له أتباع يدعون له ، وأن الأموال تجبى إليه من شتى الأصقاع ، فقام سنة 179 هـ بالسفر إلى بيت الله الحرام بقصد الحج ظاهرا ، ولكنه كان مبيتاً القبض على الإمام موسى الكاظم ع ، وإيداعه السجن ، وقد فوجئ بمكانة الإمام ، ورباطة جأشه ، فازداد عليه غيضا وحنقا ، وكان قد حج معه عدد من أفراد البيت العباسي وولاتهم ، ومنهم عيسى بن جعفر والي البصرة ، ويظهر أنه تم تداول الرأي فيما يخص الإمام ، فكان الرأي تسييره إلى البصرة .
  وقد وصل الإمام إلى البصرة في 7 ذي الحجة سنة 179 هـ ، وتم إيداعه في سجن خاص تابع لقصر عيسى بن جعفر ، ووضع تحت المراقبة الشديدة ، فكان لا يفتح له الباب إلا مرتين في اليوم ، وأدخل معه الجواسيس يحصون عليه أنفاسه ، فضلا عن التعذيب النفسي إذ كان يسمع ألوان من الفاحشة حيث تقام حفلات الطرب والفواحش بمسمع الإمام (ع) ، إيغالا منه بتعذيبه نفسيا ، إلا أن الوالي لم يجد ثمة شيء لدى الإمام وكان جواسيسه يعودون خائبين لا يجدون عند الإمام سوى العبادة والدعاء لسائر المسلمين ، وقضاء أوقاته بالصيام والصلاة وتلاوة القرآن ، فأدرك الوالي أن التهم الموجهة للإمام (ع) ليست صحيحة ، مما دفعه لأن يوسع على الإمام ، ويفسح المجال له في استقبال زائريه ، فكانت مناسبة للمجتمع البصري للاستفادة من علوم الإمام ، فاستقبل عدد من البصريين الذين نهلوا من علمه حتى أن أحدهم ألف كتابا كانت مادته مما استقاه من الإمام موسى الكاظم (ع) لكن عيون هارون العباسي كانت تكتب له بكل شاردة وواردة ، فعلم بتوسعة الوالي على الإمام ، حينها أرسل للوالي يأمره بقتل الإمام (ع) ، لكن الوالي لم يجد مسوغا لذلك ، وكتب لهارون يشرح له جهوده التي بذلها من أجل استحصال المعلومات حول تحركات الإمام ضد الدولة فلم يجد من ذلك شيئا ، رغم المراقبة الشديد وكثرة الجواسيس ، وخلص الوالي في كتابه للخليفة أنه بين أن يطلق الإمام أو يرسله للخليفة في بغداد ، لكن الخليفة سارع وطالب الوالي بإرساله إلى بغداد ، وهناك بدأت صفحة جديدة من صفحات حليف السجون حيث من سجن لآخر حتى انتهى إلى سجن السندي بن شاهك الذي وضع نهاية لحياة الإمام بأن دس له السم سنة 183 هـ برطب مسموم.
  لقد أمضى الإمام موسى بن جعفر (ع) عاما كاملا في أرض البصرة لكن مما يؤسف له لن تجد الآن أي أثر لذلك على الواقع البصري ؟ فأين هو المكان الذي ضم الإمام سنة كاملة ألا يستحق هذا المكان أن يكرم وينشئ مكانه مقرا علميا وسياحيا يخلد ذكرى إماما من أئمة أهل البيت (ع) سيما وأن البصريين معروفين بتخليد كثير من رجالاتهم كالحسن البصري وابن سيرين ومالك بن أنس وبدر شاكر السياب.
  إنها دعوة إلى البصرة حكومة ومؤسسات علمية وشعبا للنهوض بذلك وأنها جزء من مودة أهل البيت (ع) الذين ألزمنا بوجوب مودتهم عقلا وشرعا.

BASRAHCITY.NET